الطعن 93 لسنة 30 قضائية "دستورية
" جلسة 2/4/2016
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثاني من إبريل سنة 2016م،
الموافق الرابع والعشرين من جمادى الآخرة سنة 1437هـ.
برئاسة السيد المستشار/ عدلي محمود منصور رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفي علي جبالي ومحمد خيري طه
النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمي إسكندر وحاتم حمد بجاتو والدكتور محمد
عماد النجار نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان رئيس هيئة
المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 93 لسنة 30
قضائية "دستورية".
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق -
في أن المدعى عليها الأولى كانت قد أقامت ضد المدعي الدعوى رقم 177 لسنة 2006 أسرة
مركز المنصورة، أبدت فيها أنها زوجة له بموجب العقد المؤرخ 12/8/2005، بيد أن
المدعي أساء عشرتها؛ بأن ضربها وسبها، وبدد منقولات الزوجية، فضلاً عن امتناعه عن
الإنفاق عليها، وطلبت في ختام صحيفة دعواها تطليقها منه طلقة بائنة.
وأثناء نظر الدعوى أقام المدعي ضد المدعى عليها الأولى دعوى فرعية طلب
فيها فسخ عقد الزواج؛ على سند من مرض المدعية، قبل العقد، بمرض لا يمكن الشفاء
منه، وأثناء نظرها دفع بعدم دستورية نص المادة (9) من القانون رقم 25 لسنة 1929، وإذ
قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعي برفع الدعوى الدستورية، أقام الدعوى
الماثلة.
وحيث إن المدعي وان دفع أمام محكمة الموضوع بعدم دستورية المادة (9)
من القانون رقم 25 لسنة 1929 المعدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1985, وعاود المطالبة
في ختام صحيفة دعواه الدستورية بعدم دستورية هذه المادة، بيد أنه وقد أثبت بمتن
صحيفة الدعوى الدستورية نص المادة (9) من القانون 25 لسنة 1920، ووجه مناعيه لتلك
المادة، فيما زعمه من إخلالها بالمساواة بين الزوج والزوجة، حين منحت الزوجة، دون
الزوج، الحق في طلب فسخ عقد الزواج للعيب المستحكم, ومن ثم يكون حقيقة نعي المدعي
منصبا على طلب عدم دستورية نص المادة (9) من القانون رقم 25 لسنة 1920 المعدل
بالقانون رقم 100 لسنة 1985.
وحيث إنه من المقرر أن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول
الدعوى الدستورية - مناطها قيام علاقة منطقية بينها وبين المصلحة القائمة في
الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في
الطلبات المطروحة على محكمة الموضوع، ولا تتحقق المصلحة الشخصية المباشرة إلا
باجتماع شرطين: أولهما: أن يقوم الدليل على أن ضرراً واقعيا مباشرا ممكنًا تداركه
قد لحق بالمدعي، وثانيهما: أن يكون مرد هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون فيه.
وحيث إن المادة (9) من القانون رقم 25 لسنة 1920 المشار إليه تنص على
أن "للزوجة أن تطلب التفريق بينها وبين زوجها إذا وجدت به عيبًا مستحكمًا لا
يمكن البرء منه أو يمكن بعد زمن طويل ولا يمكنها المقام معه إلا بضرر كالجنون
والجذام والبرص سواء كان ذلك العيب بالزوج قبل العقد ولم تعلم به أم حدث بعد العقد
ولم ترض به. فإن تزوجته عالمة بالعيب أو حدث العيب بعد العقد ورضيت به صراحة أو
دلالة بعد علمها، فلا يجوز التفريق"، وواضح من هذا النص أنه قد رخص للزوجة في
طلب التفريق للعيب، وقد أورد النص أمثلة للعيوب التي تجيز لها ذلك، إلا أنه يجمعها
أنها من العيوب المَرَضية المستحكمة التي لا يمكن البرء منها أو يمكن ذلك بعد زمن
طويل، بحيث لا يمكنها معها المقام معه إلا بضرر، لما كان ذلك، وكانت الدعوى
الموضوعية التي أقامتها المدعى عليها الأولى ضد زوجها المدعي قد انصبت على طلب
القضاء بتطليقها منه طلقة بائنة للضرر، لأسباب حصرتها في إساءة عشرتها بتعديه
عليها بالسب والقذف والضرب وامتناعه عن الإنفاق عليها وتبديده لمنقولات الزوجية
وتهديده إيّاها، وهو ما يخضع لحكم المادة (6) من القانون رقم 25 لسنة 1929 ببعض
أحكام الأحوال الشخصية، حال أن نص المادة (9) من القانون رقم 25 لسنة 1920 قد
تناول حق الزوجة في طلب التفريق للعيوب المَرَضية المستحكمة، ولم يتناول بالتنظيم
مسألة تخويل الزوج خيار فسخ عقد الزواج للعيب المستحكم في الزوجة أو للغش والتدليس
والآثار المترتبة على ذلك، ومن ثم يكون المرجع في شأن هذا الأمر وقد سُكِت عنه إلى
أرجح الأقوال في مذهب الإمام أبى حنيفة، طبقًا للمادة الثالثة من القانون رقم 1
لسنة 2000 بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال
الشخصية التي تنص على أن "تصدر الأحكام طبقًا لقوانين الأحوال الشخصية والوقف
المعمول بها، ويعمل فيما لم يرد بشأنه نص في تلك القوانين بأرجح الأقوال من مذهب
الإمام أبى حنيفة "باعتباره النص الحاكم لهذا الموضوع، وتبعًا لذلك فإن الفصل
في دستورية نص المادة (9) من القانون رقم 25 لسنة 1920 المار ذكره، لا يكون ذا أثر
أو انعكاس على الطلبات المطروحة أمام محكمة الموضوع، وقضاء تلك المحكمة فيها، ولا
يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني عما كان عليه قبل
رفع الدعوى الدستورية الماثلة، أو يحقق له مراميه في الدعوى الموضوعية أو دعواه
الفرعية المرتبطة بها، مما تنتفي معه مصلحته الشخصية في الطعن على هذا النص، الأمر
الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول هذه الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة وألزمت المدعي
المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق