الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 24 مايو 2016

التأشير بإعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة بالسجل العيني

الطعن 50 لسنة 36 قضائية "دستورية" جلسة 6/2/2016
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من فبراير سنة 2016م، الموافق السابع والعشرين من ربيع الآخر سنة 1437هـ
برئاسة السيد المستشار/ عدلي محمود منصور رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: سعيد مرعي عمرو ورجب عبد الحكيم سليم وبولس فهمي إسكندر ومحمود محمد غنيم وحاتم حمد بجاتو والدکتور محمد عماد النجار نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عبد العزيز محمد سالمان رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 50 لسنة 36 قضائية "دستورية".

الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن كامل أرض وبناء العقار المبين المساحة والحدود والمعالم في صحيفة الدعوى الموضوعية، كان مملوكا على الشيوع لمورث المدعين ومورثة المدعى عليهم رابعا وخامسا، وبموجب عقد مؤرخ 27/9/1967، اتفقا على قسمة العقار بينهما، وتم تنفيذ العقد، وتشييد جدار فاصل بين حصة كل منهما. وإذ نما لعلم المدعين قيام المدعى عليهم رابعًا وخامسا ببيع حصة مورثتهم إلى المدعى عليه السادس، بموجب عقد بيع ابتدائي، لقاء ثمن قدره 36000 جنيه، فقد أعلنوا طرفي التصرف برغبتهم في أخذ العقار بالشفعة، بموجب إنذار على يد محضر، وأودعوا الثمن خزانة المحكمة، وأقاموا ضدهم الدعوى رقم 220 لسنة 2005 مدني، أمام محكمة أشمون الجزئية - والتي قيدت بعد ذلك برقم 491 لسنة 2012 مدني کلي أمام محكمة شبين الكوم الابتدائية – طلبا للحكم بأحقيتهم في أخذ العقار موضوع الدعوى بالشفعة، مقابل ما أودعوه من ثمن ومصاريف إدارية خزانة المحكمة، وما يترتب على ذلك من آثار، ونقل ملكية العقار إليهم، كحصة مفرزة، والتسليم. وبجلسة 26/5/2012، قضت المحكمة بعدم قبول دعوى الشفعة، لعدم التأشير بها في السجل العيني، رغم سريان ذلك النظام على القرية الكائن بها عقار التداعي، قبل رفع الدعوى، بموجب القرار الوزاري رقم 4099 لسنة 2001. وإذ لم يصادف هذا القضاء قبول المدعين، فطعنوا عليه بالاستئناف رقم 658 لسنة 45ق، أمام محكمة استئناف طنطا "مأمورية شبين الكوم"؛ طلبًا للحكم بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجددًا، أصليًا: بإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها، واحتياطيًا: الحكم لهم بطلباتهم المبداة في صحيفة افتتاح الدعوى، وحال نظر الاستئناف، دفع الحاضر عن المدعين بعدم دستورية نص المادتين (32 و33) من القانون رقم 142 لسنة 1964 بنظام السجل العيني، وإذ صرحت لهم المحكمة باتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية، أقاموا الدعوى الماثلة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
وحيث إنه عن الدفع المبدي من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى لعدم اتصالها بالمحكمة الدستورية العليا على النحو المقرر بقانونها، على سند من عدم تقدير محكمة الموضوع لجدية الدفع المبدي أمامها بعدم الدستورية، إذ قرنت تصريحها بإقامة الدعوى الدستورية، بتقديم مذكرات في الدفع، فذلك مردود بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن تقدير محكمة الموضوع لجدية الدفع بعدم الدستورية يفترض أمرين، أولهما: أن يكون النص محل الدفع لازما للفصل في النزاع الموضوعي، وثانيهما: أن يكون للمطاعن الدستورية في شأن هذا النص ما يظاهرها، وهو ما تختص بتقديره محكمة الموضوع. ومن ثم فإن تصريحها بإقامة الدعوى الدستورية، التالي لإبداء الدفع، يُعد بمثابة تقدير لجدية هذا الدفع، لا ينال منه اقتران ذلك التصريح بتقديم مذكرات في الدفع، يؤكد ذلك تعليق محكمة الموضوع حكمها في موضوع الدعوى على الفصل في الدعوى الدستورية التي صرحت بإقامتها
وحيث إن المادة (32) من القانون رقم 142 لسنة 1964 بنظام السجل العيني، تنص على أن: "الدعاوى المتعلقة بحق عيني عقاري أو بصحة أو بنفاذ تصرف من التصرفات الواجب قيدها، يجب أن تتضمن الطلبات فيها إجراء التغيير في بيانات السجل العيني، ولا تقبل الدعوى إلا بعد تقديم شهادة دالة على حصول التأشير في السجل بمضمون هذه الطلبات". 
وتنص المادة (33) من ذلك القانون على أن: "الدعاوى المشار إليها في المادة السابقة، التي تكون منظورة أمام المحاكم وقت العمل بهذا القانون ولم تسجل صحيفتها، لا يجوز الاستمرار في النظر فيها إلا بعد أن تتضمن الطلبات الختامية فيها إجراء التغيير في بيانات السجل، وبعد التأشير فيه بمضمون هذه الطلبات
ويمنح المدعون في الدعوى ميعاد شهرين من تاريخ العمل بهذا القانون لطلب هذا التأشير، فإذا لم تقدم في أول جلسة بعد انتهاء هذا الميعاد شهادة بحصول هذا التأشير، توقف الدعوى". 
وتنص المادة (36) من القانون ذاته على أنه: "يجب التأشير بإعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة في صحف الوحدات العقارية، ويترتب على ذلك، إذا تقرر حق الشفيع بحكم قيد في السجل، أن يكون حجة على من ترتب لهم حقوق عينية ابتداءً من تاريخ التأشير المذكور". 
وحيث إنه يشترط لقبول الدعوى الدستورية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - توافر المصلحة فيها، ومناطها أن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازما للفصل في الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. ومن ثم، لا تقوم هذه المصلحة إلا بتوافر شرطين يحددان بتكاملهما معًا مفهوم المصلحة الشخصية المباشرة كشرط لقبول الدعوى الدستورية، أولهما: أن يقيم المدعي الدليل على أن ضررا واقعيًا قد لحق به، ويتعين أن يكون هذا الضرر مباشرا مستقلاً بعناصره ممكنا إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية، وليس ضررا متوهما أو نظريًا أو مجهلا. وثانيهما: أن يكون مرد الأمر في هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون عليه، بما مؤداه قيام علاقة سببية بينهما تحتم أن يكون الضرر المدعى به ناشئا عن هذا النص، مترتبًا عليه، فإذا لم يكن النص التشريعي المطعون فيه قد طبق أصلاً على المدعي، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدّعيها لا يعود إليه، فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه عند رفعها
وحيث إن نص المادة (33) من القانون رقم 142 لسنة 1964 المشار إليه، ينصرف حكمه إلى ما كان منظورا أمام المحاكم في تاريخ العمل بذلك القانون من الدعاوى المتعلقة بحق عيني عقاري ولم تسجل صحيفتها. متى کان ذلك، وكان المدعون قد أقاموا ابتداء دعواهم الموضوعية في سنة 2005، بعد تاريخ العمل بذلك القانون، ومن ثم لا تسري على دعواهم أحكام تلك المادة، وتنتفي مصلحتهم في الطعن بعدم دستوريتها، لكونهم غير مخاطبين بأحكامها، الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى في هذا الشق منها
وحيث إن المادة (32) من القانون المشار إليه، أوجبت تضمين الطلبات في الدعاوى المتعلقة بحق عيني عقاري، أو بصحة أو نفاذ تصرف من التصرفات الواجب قيدها في السجل العيني، طلب إجراء التغيير في بيانات ذلك السجل، ولا تقبل الدعوى إلا بعد تقديم شهادة دالة على حصول التأشير في السجل بمضمون هذه الطلبات. وكانت رحى النزاع في الدعوى الموضوعية تدور حول طلب المدعين أخذ عقار التداعي بالشفعة، وقد قضت محكمة أول درجة بعدم قبول الدعوى، على سند من أن "دعوى الشفعة أوجب القانون أن يتم التأشير بها في السجل العيني، وأن المدعين لم يقوموا بذلك على الرغم من دخول العين محل التداعي في نظام السجل العيني، قبل رفع الدعوى، بموجب القرار الرقيم 4099 لسنة 2001". ومؤدى ذلك أن المحكمة أعملت حكم المادة (32) من القانون المشار إليه، وإن كانت قد ضمنت أسباب حكمها نص المادة (36) من ذلك القانون، التي توجب التأشير بإعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة في صحيفة الوحدات العقارية. وقد طعن المدعون على ذلك الحكم بطريق الاستئناف، ومن بين ما تأسس عليه طعنهم أن عدم قيد صحيفة دعواهم والتأشير بالطلبات الواردة فيها بالسجل العيني، يرجع إلى إصرار القائمين على ذلك السجل على تعديل المدعين طلباتهم إلى أخذ العقار بالشفعة، كحصة شائعة، وليست مفرزة. ومؤدى ذلك، ولازمه أن إجابة المدعين لطلباتهم في الدعوى الموضوعية، يتوقف ابتداء على مدى التزامهم بأحكام المادة (32) من القانون رقم 142 لسنة 1964 بنظام السجل العيني، ومن ثم تتوافر لهم مصلحة شخصية ومباشرة في الطعن على دستورية ما تضمنه ذلك النص من أحكام، لما للفصل في دستوريته من انعكاس على الطلبات المعروضة على محكمة الموضوع، ويكون الدفع المبدي من هيئة قضايا الدولة في هذا الشأن على غير محل
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق أن باشرت رقابتها القضائية على دستورية کامل أحكام المادة (32) من القانون رقم 142 لسنة 1964 بنظام السجل العيني، فأصدرت بجلستها التي عقدت في الثالث عشر من ديسمبر سنة 2014، حکمها في القضية رقم 36 لسنة 19 قضائية "دستورية" برفض الدعوى. وقد نشر ذلك الحكم في العدد رقم 51 مكرر (ج) من الجريدة الرسمية بتاريخ 22/12/2014. لما کان ذلك، وکانت الخصومة في الدعوى المعروضة تتعلق بالنص التشريعي ذاته، الذي سبق أن قضت المحكمة الدستورية العليا برفض ما أثير في شأنه من مطاعن في الدعوى السابقة. وكان المقرر بقضاء هذه المحکمة أن مقتضى نص المادة (195) من الدستور والمادتين (48 و49) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون للأحكام والقرارات الصادرة منها حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، تحول بذاتها دون المجادلة فيها أو السعي إلى نقضها من خلال إعادة طرحها على هذه المحكمة لمراجعتها من جديد. ومن ثم، تكون الخصومة الدستورية بالنسبة لهذا النص - وهي عينية بطبيعتها – قد انحسمت، مما لزامه الحكم - أيضا - بعدم قبول الدعوى في هذا الشق منها
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة: 

بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعين المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق