الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 31 مايو 2016

الطعن 1844 لسنة 52 ق جلسة 17/ 6/ 1990 مكتب فني 41 ج 2 ق 226 ص 310

برئاسة السيد المستشار / جرجس اسحق نائب رئس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / محمد فتحي الجمهودي و عبد الحميد الشافعي نائبي رئيس المحكمة ومحمود رضا الخضيرى وإبراهيم الطويلة.
--------------
- 1  تعويض " الخطأ الموجب للتعويض" مسئولية " المسئولية التقصيرية : عناصر المسئولية . الخطأ".
حصانة النشر اقتصارها على الإجراءات القضائية العلنية والأحكام التي تصدر علنا. عدم امتدادها إلى التحقيقات الأولية أو الإدارية. علة ذلك. ليست علنية أثره نشر وقائعها وما يتخذ بشأنها على مسئولية ناشرها. مادتان 189، 190 عقوبات. حرية الصحفي لا تعد وحرية الفرد العادي ولا تتجاوزها - إلا بتشريع خاص مؤدى ذلك تناول القضايا بالنشر في مرحلة التحقيق الابتدائي أو الأولى باعتبارها من الأحداث العامة. ليس بالفعل المباح على إطلاقه وإنما محدد بالضوابط المنظمة له. مناطة المقومات الأساسية للمجتمع والحفاظ على الحريات والحقوق العامة. المساس بالشرف والسمعة - متى ثبتت عناصره ضرب من ضروب الخطأ الموجب للمسئولية لا يشترط فيه أن يكون المعتدى سيء النية بل يكفي أن يكون متسرعا إذ في التسرع انحراف عن السلوك المألوف للشخص المعتاد وهو ما يتوافر به هذا الخطأ - هذا إلى أن سوء النية ليس شرطا في المسئولية التقصيرية كما هو شرط في المسئولية الجنائية.
دل الشارع بما نص عليه فى المادتين 189 ، 190 من قانون العقوبات على أن حصانة النشر مقصورة على الإجراءات القضائية العلنية و الأحكام التي تصدر علناً و لا تمتد إلى التحقيق الابتدائي و لا إلى التحقيقات الأولية أو الإدارية لأن هذه كلها ليست علنية إذ لا يشهدها غير الخصوم و وكلائهم ، فمن ينشر وقائع هذه التحقيقات أو ما يقال فيها أو ما يتخذ فى شأنها من ضبط و حبس و تفتيش و إتهام و إحالة إلى المحاكمة فإنما ينشر ذلك على مسئوليته إذ أن حرية الصحفي لا تعدو حرية الفرد العادى و لا يمكن أن تتجاوزها إلا بتشريع خاص و من ثم فإنه يلتزم فيما ينشره بالمقومات الأساسية المنصوص عليها فى الدستور ، و أنه و لئن جاز للصحف - و هى تمارس رسالتها بحرية فى خدمة المجتمع - تناول القضايا بالنشر فى مرحلة التحقيق الابتدائي أو الأولى باعتبارها من الأحداث العامة التي تهم الرأي العام إلا أن ذلك ليس بالفعل المباح على إطلاقه و إنما هو محدود بالضوابط المنظمة له و منها أن يكون النشر فى إطار المقومات الأساسية للمجتمع و الحفاظ على الحريات و الحقوق و الوجبات العامة و احترام حرية الحياة الخاصة للمواطنين و عدم الاعتداء على شرفهم و سمعتهم و اعتبارهم أو انتهاك محارم القانون
و لما كان الواقع الثابت في الدعوى أن الصحيفة التى يمثلها المطعون عليه نشرت ما تناوله التحقيق الابتدائي - فى مرحلة من مراحله - عن توجيه الاتهام إلى الطاعنين معرفين بإسميهما و الإفراج عنهما بضمان مالي - و ذلك قبل أن يتحدد موقفهما بصفة نهائية من هذه التحقيقات الجنائية و دون تريث إلى حين التصرف النهائي فيها و أن الطاعنين استندا في دعواهما على أن نشر هذا الخبر على هذه الصورة و بهذا التسرع تضمن مساساً بسمعتهما ، و كان لا مراء فى أن المساس بالشرف و السمعة على هذا النحو - متى ثبتت عناصره - هو ضرب من ضروب الخطأ الموجب للمسئولية لا يشترط فيه أن يكون المعتدى سئ النية بل يكفى أن يكون متسرعاً إذ فى التسرع انحراف عن السلوك المألوف للشخص المعتاد و هو ما يتوافر به هذا الخطأ هذا إلى أن سوء النية ليس شرطاً فى المسئولية التقصيرية كما هو شرط فى المسئولية الجنائية ، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يلتزم هذا النظر و أقام قضاءه برفض الدعوى على ما ذهب إليه من أن سرية التحقيق الابتدائي و حظر إفشائه تقتصر على القائمين عليه و المتصلين به بسبب وظيفتهم أو مهنتهم - و لا تستطيل إلى الصحف طالما لم يثبت صدور قرار من جهة مختصة بحظر النشر ، و أن الصحيفة التى يمثلها المطعون عليه استعملت حقها المباح فى نشر الأخبار - مستهدفة خدمة المصلحة العامة دون سوء نية أو قصد مؤثم ، و بالتالي فلا خطأ يمكن نسبته إليها و لا مسئولية عليها ، يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون ، و قد حجبه هذا الخطأ عن تناول موضوع الدعوى تناولاً صحيحاً و إستظهار قيام التسرع و عدم التريث في نشر الخبر المتعلق باتهام الطاعنين معرفين بإسميهما و أثر ذلك على قيام ركن الخطأ المستوجب للحكم بالتعويض أو انتفائه و هو - ما يعيبه و يوجب نقضه .

---------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعنين أقاما ضد المطعون عليه الدعوى رقم 10260 سنة 1979 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامه أن يؤدي إلى كل منهما مبلغ 251 جنيه تعويضا مؤقتا، وقالا بيانا لذلك أنهما من قدامى العاملين بوزارة الأوقاف ثم الهيئة المصرية للأوقاف وقد شغل أولهما منصب وكيل الوزارة ومدير عام هيئة الأوقاف حتى بلغ سن الإحالة للمعاش في سنة 1973 - وتقرير مدة خدمته لأكثر من مرة مع الإشادة بجهده وتفانيه في عمله، كما أسند للثاني العديد من الوظائف الهامة حتى شغل منصب مدير إدارة – الميزانية والحساب الختامي ثم منصب وكيل الإدارة العامة للشئون المالية والإدارية بالهيئة المذكورة إلى أن كانت التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة في القضية رقم 18 سنة 1976 حصر أموال عامة عليا المقيدة برقم 702 سنة 1977 جنايات الدقي بشأن ما نسب إلى رئيس مجلس إدارة الهيئة من وقائع إضرار بالمال العام، وأيضا التي أجرتها النيابة الإدارية معه في القضية رقم 4 سنة 1976 نيابة إدارية حيث تم سؤالهما في تلك التحقيقات بصفتهما شاهدين، وأنه وإن كانت النيابة العامة قد اتجهت في مرحلة متقدمة من تحقيقاتها إلى محاولة إسناد بعض الأخطاء إلى كل منهما وأمرت بإخلاء سبيلهما بضمان مالي إلا أنها انتهت بعد ذلك إلى استبعادهما من دائرة الاتهام باعتبارهما شاهدين كما انتهت تحقيقات النيابة الإدارية باتهام رئيس مجلس إدارة الهيئة بمفرده والحفظ بالنسبة لمن عداه، غير أنهما فوجئا بأن الصحيفة التي يمثلها المطعون عليه نشرت بعددها الصادر يوم 29/11/1976 خبر تحت عنوان "اتهام وكيل وزارة ومدير ومراقب عام بالاشتراك في تبديد أموال هيئة الأوقاف" ورد به أن رئيس نيابة الأموال العامة وجه إليهما تهمة الاشتراك في تبديد أموال هيئة الأوقاف وتم الإفراج عن كل منهما بضمان 50 جنيه وأن تحقيقات النيابة مع الإدارات المالية والحسابية والاستثمار والاستبدال بهيئة الأوقاف انتهت على ضوء ما ورد لها من تقارير لجنة تقصي الحقائق بمجلس الشعب والرقابة الإدارية والجهاز المركزي للمحاسبات وما استبان من مخالفات جسيمة لقانون إنشاء هيئة الأوقاف، وإذ تضمن نشر هذا الخبر على هذه الصورة – في مسألة كانت حينذاك قيد البحث والتحقيق لم يبت فيها – مساسا بهما وأصابتهما من جرائه أضرار بالغة فقد أقاما الدعوى، وبتاريخ 29/4/1981 حكمت المحكمة بإلزام المطعون عليه أن يؤدي إلى كل من الطاعنين مبلغ 251 جنيه تعويضا مؤقتا. استأنف المطعون عليه هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 4263 سنة 98ق، وبتاريخ 22/4/1982 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الطاعنين. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
---------------------
المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعنان – على الحكم المطعون فيه – الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولان أنهما أقاما طلباتهما في الدعوى على أن قيام الصحيفة التي يمثلها المطعون عليه بنشر الخبر المتعلق بهما متضمنا اتهامهما باسميهما في جريمة كانت وقائعها لا تزال قيد البحث والتحقيق ودون – انتظار البت نهائيا في تحقيقاتها أو صدور حكم بإدانتهما عنها ينطوي على تسرع وعدم تريث بما يتوافر به وصف الخطأ الموجب للمسئولية إلا أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بانتفاء الخطأ على قول منه أن سرية التحقيق وحظر إفشائه تقتصر على القائمين به ومن يتصلون به بحكم وظيفتهم أو مهنتهم ولا يستطيل إلى الصحف التي كفل لها القانون حرية النشر طالما لم يصدر قرار من الجهة المختصة بحظره وأن الصحيفة تجردت من سوء النية أو قصد التشهير والانتقام في حين أنه لا يلزم لقيام المسئولية في هذه الحالة توافر سوء القصد ويكفي لقيامها الرعونة والتسرع وعدم التريث وهو ما لم يعن الحكم المطعون فيه ببحثه وتمحيصه، وفي حين أن الأصل هو سرية التحقيقات الأولية وأن حرية الصحيفة في نشر الخبر مشروطة بالتزامها مبادئ الدستور ونصوص القانون وما توجبه من قيود تكفل عدم المساس بسمعة واعتبار من يتناولهم التحقيق وهو ما لم يلتزمه الحكم المطعون فيه بما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن الشارع قد دل بما نص عليه في المادتين 189، 190 من قانون العقوبات على أن حصانة النشر مقصورة على الإجراءات القضائية العلنية والأحكام التي تصدر علنا ولا تمتد إلى التحقيق الابتدائي ولا إلى التحقيقات الأولية أو الإدارية لأن هذه كلها ليست علنية إذ لا يشهدها غير الخصوم ووكلائهم، فمن ينشر وقائع هذه التحقيقات أو ما يقال فيها أو ما يتخذ في شأنها من ضبط وحبس وتفتيش واتهام وإحالة إلى المحاكمة فإنما ينشر ذلك على مسئوليته إذ أن حرية الصحفي لا تعدو حرية الفرد العادي ولا يمكن أن تتجاوزها إلا بتشريع خاص ومن ثم فإنه يلتزم فيما ينشره بالمقومات الأساسية المنصوص عليها في الدستور، وأنه ولئن جاز للصحف – وهي تمارس رسالتها بحرية في خدمة المجتمع – تناول القضايا بالنشر في مرحلة التحقيق الابتدائي أو الأولي باعتبارها من الأحداث العامة التي تهم الرأي العام إلا أن ذلك ليس بالفعل المباح على إطلاقه وإنما هو محدود بالضوابط المنتظمة له ومنها أن يكون النشر في إطار المقومات الأساسية للمجتمع والحفاظ على الحريات والحقوق والواجبات العامة واحترام حرية الحياة الخاصة للمواطنين وعدم الاعتداء على شرفهم وسمعتهم واعتبارهم أو انتهاك محارم القانون. لما كان ذلك – وكان الواقع الثابت في الدعوى أن الصحيفة التي يمثلها المطعون عليه نشرت ما تناوله التحقيق الابتدائي – في مرحلة من مراحله – عن توجيه الاتهام إلى الطاعنين معرفين باسميهما والإفراج عنهما بضمان مالي – وذلك قبل أن يتحدد موقفهما بصفة نهائية من هذه التحقيقات الجنائية ودون تريث إلى حين التصرف النهائي فيها وأن الطاعنين استندا في دعواهما على أن نشر هذا الخبر على هذه الصورة وبهذا التسرع تضمن مساسا بسمعتهما، وكان لا مراء في أن المساس بالشرف والسمعة على هذا النحو – متى ثبتت عناصره – هو ضرب من ضروب الخطأ الموجب للمسئولية لا يشترط فيه أن يكون المعتدي سيء النية بل يكفي أن يكون متسرعا إذ في التسرع انحراف عن السلوك المألوف للشخص المعتاد وهو ما يتوافر به هذا الخطأ – هذا – إلى أن سوء النية ليس شرطا في المسئولية التقصيرية كما هو شرط في المسئولية الجنائية، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يلتزم هذا النظر وأقام قضاءه برفض الدعوى على ما ذهب إليه من أن سرية التحقيق الابتدائي وحظر إفشائه تقتصر على القائمين عليه والمتصلين به بسبب وظيفتهم أو مهنتهم – ولا تستطيل إلى الصحف طالما لم يثبت صدور قرار من جهة مختصة بحظر النشر، وأن الصحيفة التي يمثلها المطعون عليه استعملت حقها المباح في نشر الأخبار – مستهدفة خدمة المصلحة العامة دون سوء نية أو قصد مؤثم، وبالتالي فلا خطأ يمكن نسبته إليها ولا مسئولية عليها، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، وقد حجبه هذا الخطأ عن تناول موضوع الدعوى تناولا صحيحا واستظهار قيام التسرع وعدم التريث في نشر الخبر المتعلق باتهام الطاعنين معرفين باسميهما وأثر ذلك على قيام ركن الخطأ المستوجب للحكم بالتعويض أو انتفائه وهو – ما يعيبه ويوجب نقضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق