باسم الشعب
محكمـــة النقــــــض
الدائــرة الجنائيـة
الثلاثاء ( ب)
المؤلفة
برئاسة السيد المستشار/ محمد سامـى إبراهيـم نائب رئيس المحكمـة
وعضوية
السادة المستشارين / عابـد
إبراهيـم راشد , هــادى عبد الرحمن
أحمـد محمود شلتوت ,
سامـــح مـروان
نواب
رئيس المحكمـــة
وحضور
رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ أحمد أيمن أحمد .
وأمين
السر السيد / حسين بدرخان .
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمدينة
القاهرة .
فى
يوم الثلاثاء 21 من ذى الحجة
سنة 1433
هـ الموافق 6 من
نوفمبر سنة
2012 م.
أصدرت
الحكم الآتى :
فـى
الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 53868 لسنة 74 القضائية .
المرفوع
مــــن :
............
محكوم عليه
ضــد
النيابـــة العامـــة
"
الوقائــع "
اتهمت النيابـة العامـة الطاعن فى قضية الجناية رقم ..... لسنة 2004 جنايات قسم
..... ( والمقيدة بالجدول الكلى برقم 426 لسنة 2003 كلى) .
بوصف أنه فى يوم 17 من يناير لسنة 2004 بدائرة قسم .... ـ محافظة القاهرة .
أحرز بقصد الإتجار جوهراً مخدراً " أجزاء لنبات الحشيش المجفف "
فى غير الأحوال المصـرح بها قانوناً .
وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين
بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً فى 29 من يونيه سنة 2004 عملاً بالمواد 1 /1,
2 , 7, 38/1 , 42/1 من القانون رقم 82 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمى 61 لسنة
1977, 122 لسنة 1989 والبند رقم 56 من القسم الثانى من الجدول الأول الملحق
بالقانون الأول وقرار وزير الصحة رقم 269 لسنة 2002 بمعاقبة ...... بالسجن المشدد
لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن
الإحراز مجرد من القصود المسماة .
فطعن المحكوم عليه بشخصه من السجن فى هذا الحكم بطريق النقض فى 14 من يوليو
سنة 2004 .
وأودعت مذكرة بأسباب الطعن عن المحكوم عليه فى 24 من أغسطس سنة 2004 موقعاً
عليها من الأستاذ / ..... ( المحامى ) .
وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على
ما هو مبين بمحضر الجلسة .
المحكمــة
بعد
الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر
والمرافعة والمداولة قانوناً .
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر فى القانون .
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم
المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهراً مخدراً "أجزاء لنبات الحشيش المجفف"
بغير قصد من القصود المسماة فى القانون وفى غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد
انطوى على خطأ فى تطبيق القانون وشابه فساد فى الاستدلال , ذلك بأنه انتهى إلى صحة
استيقاف الطاعن والقبض عليه وتفتيشه استناداً إلى مجرد قول ضابط الواقعة بتواجد
الطاعن جالساً بالسيارة الأجرة يتلفت يميناً ويساراً فى حالة ارتباك واضعاً على قدميه
صندوق من الكرتون رغم أن ذلك ليس مبرراً لاستيقاف الطاعن والقبض عليه واصطحابه إلى
مكتب الكمين وتفتيشه , مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فى قوله
:ـ " تخلص فى أنه وفى مساء يوم 17/1/2004 وحال إشراف النقيب / ...... على
أعمال كمين الأميرية توقفت سيارة أجرة للتفتيش على الرخص وشاهد المتهم .......
جالساً بالمقعد الخلفى للسيارة واضعاً كرتونة على قدميه وقد بدت عليه علامات الشك
والريبة وتبين عدم حمله للبطاقة الشخصية فطلب مغادرة السيارة للكشف والتحرى عنه فى
مكتب الكمين ولما استعلم منه عما تحويه الكرتونة التى يحملها ازداد ارتباك وقام
بفتحها مقرراً له أن بداخلها نبات الحشيش المخدر وأبصر بداخلها لفافة كبيرة يظهر
من أحد جوانبها نبات الحشيش المخدر فقام بضبطه والتحفظ على المضبوطات ". وقد
سرد الحكم أقوال ضابط الواقعة وشاهدها الوحيد بما يتطابق مع هذا التصوير ، ثم عرض
للدفع المبدى من الطاعن ببطلان الاستيقاف والقبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس وأطرحه
بقوله :" فإن الثابت فى أوراق الدعوى أنه كانت هناك شبهات ظاهرة عند مرور
السيارة الأجرة أمام الكمين الذى يشرف عليه ضابط الواقعة لدى مشاهدة المتهم جالساً
بالمقعد الخلفى يتلفت يميناً ويساراً فى حالة ارتباك شديد مساء يوم الحادث واضعاً
على قدميه الكرتونة التى تحوى المخدر المضبوط فقد وضع المتهم نفسه موضوع الريبة
والشك اختياراً وطواعية بذلك بحالة تلفت النظر وتثير الشبهة مما يوفر مبرر
الاستيقاف لاستكناه أمره والتحقق من شخصيته ومن ثم فإن طلب رجل الضبط من المتهم
بطاقته الشخصية فى هذه الظروف والذى تبين أنه لا يحمل بطاقة شخصية تكون جريمة عدم
تقديم البطاقة الشخصية متلبساً بها ومن ثم
يحق لرجل الضبط اقتياده إلى مكتب الكمين لاستيضاحه والتحري عن حقيقة أمره ـ وإن
كان قيام ضابط الواقعة بهذا الإجراء رغم أن هذه الجريمة ليس معاقباً عليها بالحبس
مدة تزيد على ثلاثة أشهر ـ يعد مجرد تعرض مادى ـ فضلاً عن أن قيام مسوغ الاستيقاف
فى ذاته يبيح لرجل الضبط ـ كما هو الحال فى الدعوى ـ أن يقتاد المستوقف إلى مكتب
الكمين لتحرى الأمر ـ لما كان ذلك , وكان تفتيش المتهم وقائياً تمهيداً للتحري عن
أمره لازماً لأنه من وسائل التوقي أو التحوط من شر من قبض عليه إذا ما سولت له
نفسه التماساً للفرار أن يعتدى على غيره بما قد يكون محرزاً له من سلاح أو نحوه ـ
وإذ استعلم ضابط الواقعة من المتهم عما تحويه الكرتونة التى يحملها لم يجبه وقام
المتهم بفتحها فأبصر الضابط بداخلها لفافة ورقية يظهر بشق طولى منها أوراق لنبات
الحشيش المخدر فأصبحت الجريمة متلبساً بها وحق القبض على المتهم بدون إذن من
السلطة المختصة لضبط المتهم والجريمة متلبس بها ومن ثم أضحى الدفع على غير سند من
الواقع أو القانون خليقاً برفضه " . لما كان ذلك ، وكانت المادتان 34 ، 35 من
قانون الإجراءات الجنائية ـ المعدلتين بالقانون رقم 73 لسنة 1972 المتعلق بضمان
حريات المواطنين ـ لا تجيز لمأمور الضبط القضائي أن يقبض على المتهم الحاضر إلا فى
أحوال التلبس بالجنايات والجنح المعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر إذا
وجدت دلائل كافية على اتهامه ، وقد خولته المادة 46 من القانون ذاته تفتيش المتهم
فى الحالات التى يجوز فيها القبض عليه قانوناً أياً كان سبب القبض أو الغرض منه ،
وكان سند إباحة التفتيش الوقائى هو أنه إجراء تحفظى يسوغ لأى فرد من أفراد السلطة
المنفذة لأمر القبض القيام به درءاً لما قد يحتمل من أن يلحق المتهم أذى بشخصه من
شئ يكون معه أو أن يلحق مثل هذا الأذى بغيره ممن يباشر القبض عليه ، فإنه بغير
قيام مسوغ القبض القانونى لا يجوز لمأمور الضبط القضائى القيام بالتفتيش كإجراء من
إجراءات التحقيق أو كإجراء وقائى . لما كان ذلك ، وكانت الفقرة الثانية من المادة
50 من القانون رقم 143 لسنة 1994 فى شأن الأحوال المدنية قد أوجبت على كل مواطن
تقديم بطاقته الشخصية إلى مندوبي السلطات العامة متى طلب إليه ذلك ، وكانت الفقرة
الثانية من المادة 68 من القانون ذاته قد عاقبت كل مخالف لذلك النص بعقوبة الغرامة
التى لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد عن مائتى جنيه ، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد
أثبت أن الضابط قبض على الطاعن واصطحبه إلى مكتب الكمين لما طلب إليه تقديم بطاقته
الشخصية ولم يقدمها ، وكانت هذه الجريمة ليست من الجنايات ولا الجنح التى تبرر
القبض والتفتيش ، مما كان لازمه عدم جواز قيام الضابط بالقبض علـى الطاعن وتفتيشه وقائياً
، فإن الحكم إذ خالف هذا النظر وجرى قضاؤه على صحة هذين الإجراءين يكون قد أخطأ فى
تطبيق القانون وتأويله ، أما ما نقله الحكم عن الضابط من أن الطاعن فتح الصندوق الكرتوني
طواعية فإنه لا يتحقق به معنى الرضاء بالتفتيش ، ذلك بأن ما وصفه الضابط بالطواعية
إنما هو فى حقيقته انصياع من الطاعن لأمره إياه بفتح الصندوق ولا يتحقق به معنى
الرضا المعتبر فى القانون ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب
نقضه . لما كان ذلك ، وكان بطلان القبض والتفتيش مقتضاه قانوناً عدم تعويل الحكم
بالإدانة على أى دليل مستمد منهما ، وبالتالى لا يعتد بشهادة من قام بهذين الإجراءين
الباطلين ، ولما كانت الدعوى حسبما حصلها
الحكم المطعون فيه لا يوجد فيها من دليل سوى المستمد من أقوال الضابط الذى قام بالقبض
على الطاعن وتفتيشه على نحو يخالف القانون ، فإنه يتعين القضاء ببراءة الطاعن
عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 فى شأن حالات
وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، وبمصادرة نبات الحشيش المخدر المضبوط عملاً
بالفقرة الأولى من المادة 42 من قانون مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار
فيها المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 .
فلهــذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن مما
أسند إليه ومصادرة المخدر المضبوط .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق