جلسة 30 من مايو سنة 1985
برياسة السيد المستشار/
حسن جمعه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ احمد أبو زيد، مصطفى طاهر،
حسن عميرة وصلاح البرجي.
-------------------
(128)
الطعن رقم 273 لسنة 55
القضائية
(1) إجراءات "إجراءات
المحاكمة". محاكم عادية. محاكم أمن دولة. إحالة. خلو رجل.
الأصل أن كل إجراء تم
صحيحاً في ظل قانون يظل صحيحاً وخاضعاً لأحكام هذا القانون. مثال.
(2)قانون "سريانه" "تفسيره". محاكم أمن الدولة.
دعوى مدنية "الاختصاص بنظرها". خلو رجل. إحالة.
إحالة الدعوى إلى محكمة
أمن الدولة الجزئية المختصة وفقا للقانون 105 لسنة 1980. اختصاصها بنظر الدعوى
المدنية المرفوعة بالتبعية للدعوى الجنائية قبل سريان القانون المذكور. أساس ذلك؟
لا يصح تخصيص عموم النص بغير مخصص.
(3) دعوى مدنية. دعوى جنائية. اختصاص. قوة الأمر المقضي.
إحالة.
صدور حكم بالبراءة يمس
أسس الدعوى المدنية بما يقيد حرية القاضي المدني. عدم جواز إحالة الدعوى المدنية
إلى المحكمة المختصة. أساس ذلك؟
قوة الأمر المقضي للحكم
الجنائى الصادر في موضوع الدعوى الجنائية. المحاجة به تكون أمام المحاكم المدنية
وليس أمام المحاكم الجنائية نفسها عند نظر الدعوى المدنية التابعة. المادة 456
إجراءات.
(4)محكمة أول درجة. محكمة استئنافية. استئناف "نظره والحكم
فيه". دعوى مدنية. نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
قضاء محكمة أول درجة في الدعوى
المدنية التابعة للدعوى الجنائية بعدم الاختصاص والإحالة إلى المحكمة المدنية. خطأ
في تطبيق القانون. وجوب الحكم في الاستئناف بإلغائه وإعادة القضية إلى محكمة أول
درجة للفصل فيها. مخالفة ذلك. خطأ في القانون. أساس ذلك؟
2 - لما كان الأصل أن قوانين الإجراءات تسري من يوم نفاذها على الإجراءات التي لم تكن قد تمت ولو كانت متعلقة بجرائم وقعت قبل نفاذها وقد جرى قضاء محكمة النقض على أن القوانين المعدلة للاختصاص تطبق بأثر فورى شأنها في ذلك شأن قوانين الإجراءات. ولما كانت الدعوى الراهنة قد أضحت بين يدى القضاء وغدت منظورة أمام محكمة أمن الدولة الجزئية المختصة بنظرها وفقا للقانون المعمول به فإنها تظل مختصة بنظر الدعوى المدنية المرفوعة بالتبعية للدعوى الجنائية ولا يحول بينها وبين بقاء هذا الاختصاص لها ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الخامسة من القانون رقم 105 لسنة 1980 سالف الذكر من عدم قبول الادعاء بالحقوق المدنية أمامها إذ أن هذا الحكم لا يسري إلا على الدعوى المدنية التي ترفع أمامها وقت العمل بهذا القانون دون الدعاوى التي رفعت بإجراءات صحيحة قبل سريانه وسعت إليها بعد ذلك طبقا لأحكامه - كما هو الحال في الدعوى المدنية المطروحة - ذلك بأن الإحالة في مفهوم حكم المادة التاسعة لها القانون سالف الذكر تشمل الدعوى الجنائية والدعوى المدنية التابعة لها ومبناها دلالة صريحة من الشارع عبر عنها في تلك المادة بعبارة "بالحالة التي تكون عليها" فلا مجال معها للاحتجاج بأن الإحالة تكون قاصرة على الدعوى الجنائية وحدها دون الدعوى المدنية المرفوعة بالتبعية لها على اعتبار أنها أصبحت غير مقبولة أمام محاكم أمن الدولة، إذ أنه لو كان ذلك هو مراد الشارع لكان قد نص عليه صراحة ومن المقرر أنه لا يصح تخصيص عموم النص بغير مخصص.
3 - لما كان حق المحكمة الجنائية في الإحالة إلى المحكمة المدنية يجب أن يساير حجية الأحكام الجنائية أمام المحاكم المدنية بمعنى أنه لا تجوز إحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة اذا كان حكم البراءة يمس أسس الدعوى المدنية مساسا يقيد حرية القاضي المدني - كما هو الشأن في الدعوى المطروحة - ذلك بأن قضاء الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه ببراءة المطعون ضده من التهمتين المسندتين إليه لعدم ثبوتهما في حقه مؤثر حتما في رأى المحكمة المدنية التي أحيلت إليها الدعوى المدنية مما يتعين عليها أن تقضى برفضها إعمالا لنصوص القانون وقواعد قوة الشيء المقضي به جنائيا أمام المحاكم المدنية وفق حكم المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والأمر يختلف بالنسبة للمحاكم الجنائية ذلك بأن المحاجة بقوة الأمر المقضي للحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية لا تكون لدى المحاكم الجنائية نفسها وهى تنظر الدعوى المدنية بالتبعية للدعوى الجنائية.
4 - لما كان لزاما على محكمة أول درجة أن تفصل في الدعوى المدنية أما وهى لم تفعل وقضت بعدم اختصاصها بنظرها وبإحالتها إلى المحكمة المدنية فإن حكمها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما كان يتعين معه على المحكمة الاستئنافية أن تقضى في الاستئناف المرفوع عن هذا الحكم بإلغائه وبإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في الدعوى المدنية لأنها لم تستنفد ولايتها بالفصل فيها وحتى لا تفوت احدى درجتي التقاضي على الطاعن أما وقد قضت بتأييد الحكم المستأنف فأنها تكون بدورها قد أخطأت في تطبيق القانون مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا وتصحيحه.
الوقائع
اتهمت النيابة العام
المطعون ضده وأخرى بأنهما تقاضيا مبلغ ستة آلاف جنيه خارج نطاق عقد الإيجار على
سبيل خلو الرجل وامتنعا عن تحرير عقد إيجار للمحل موضوع الإيجار على النحو المبين بالأوراق.
وطلبت عقابهما بالمواد 24، 26، 76، 77 من القانون رقم 49 لسنة 1977. وادعى المجنى
عليه (المدعى بالحق المدني) مدنيا قبل المتهم الأول (الطاعن) بمبلغ واحد وخمسين
جنيها على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة مصر الجديدة الجزئية قضت حضوريا للأول
(الطاعن) وغيابيا للأخرى ببراءة المتهمين من تهمة تقاضى خلو الرجل وبحبسهما شهرين
مع الشغل لامتناعهما عن تحرير عقد إيجار للمدعى بالحق المدني وإلزامهما بتحريره
وكفالة خمسين جنيها لوقف تنفيذ عقوبة الحبس وفى الدعوى المدنية بعدم اختصاص المحكمة
نوعيا بنظرها وأحالتها بحالتها إلى محكمة مصر الجديدة للاختصاص بنظرها. فاستأنف
المحكوم عليه (الطاعن) كما استأنف المدعى بالحق المدني. ومحكمة جنوب القاهرة
الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء
الحكم المستأنف وبراءة المتهم من تهمة عدم تحرير عقد إيجار وتأييده فيما عدا ذلك.
فطعن الأستاذ/ ..... المحامي
نيابة عن المدعى بالحق المدني في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن
- المدعى بالحقوق المدنية - على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك
بأنه قضى بتأييد الحكم المستأنف الصادر بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى المدنية وإحالتها
إلى المحكمة المدنية رغم أنه كان يتعين على محكمة أول درجة أن تفصل في موضوعها ما
دام أن الادعاء بالحقوق المدنية قد تم وفق إجراءات صحيحة قبل إحالة الدعوى إلى
محكمة أمن الدولة الجزئية تطبيقا لأحكام القانون رقم 105 لسنة 1980 مما يعيب الحكم
ويستوجب نقضه.
وحيث ان البين من الاطلاع
على الأوراق والمفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقا لوجه الطعن أن النيابة
العامة أقامت الدعوى الجنائية قبل المطعون ضده وأخرى أمام محكمة الجنح المستعجلة
بوصف أنهما في غضون شهر أكتوبر سنة 1978 بدائرة مصر الجديدة. أولا. تقاضيا مبلغ
سته آلاف جنيه خارج نطاق عقد الإيجار على سبيل خلو الرجل. ثانيا: امتنعا عن تحرير
عقد إيجار المحل موضوع الإيجار وطلبت معاقبتهما بمواد القانون رقم 49 لسنة 1977،
وبجلسة 5/ 1/ 1980 ادعى الطاعن مدنيا قبل المطعون ضده بمبلغ واحد وخمسين جنيها على
سبيل التعويض المؤقت كما أعلن المتهمة الثاني بدعواه المدنية بتاريخ 1/ 4/1980،
وبجلسة 3/ 1/ 1981 قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى محكمة أمن الدولة الجزئية بعد
العمل بالقانون رقم 105 لسنة 1980، وبجلسة 9/ 5/ 1981 قضت تلك المحكمة حضوريا
بالنسبة للمتهم الأول - المطعون ضده - وغيابيا بالنسبة للمتهمة الثانية ببراءتهما
من التهمة الأولى وبمعاقبتهما بالحبس شهرا مع الشغل وإلزامهما بتحرير عقد إيجار
للمدعى بالحقوق المدنية عن التهمة الثانية وبعدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظر الدعوى
المدنية وإحالتها إلى المحكمة المختصة (محكمة مصر الجديدة الجزئية) وأسست قضاءها
في الدعوى المدنية على أنها غدت غير مقبولة أمامها فلا تختص بنظرها إعمالا لحكم
المادة الخامسة من القانون رقم 105 لسنة 1980. فأستأنف المطعون ضده هذا الحكم كما
استأنفه المدعى بالحقوق المدنية، وقضت محكمة ثاني درجة حضوريا بتاريخ 30/ 6/ 1982
بقبول الاستئنافين شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إدانة
المتهم المطعون ضده - وبراءته من التهمة الثانية وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا
ذلك. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 105 لسنة 1980 بإنشاء محاكم أمن الدولة الساري
المفعول اعتبارا من 1/6/1980 إذ الغى اختصاص المحاكم العادية بنظر الجرائم المنصوص
عليها في المادة الثالثة منه على سبيل الحصر ومنها الجريمتين موضوع الدعوى الماثلة
وناط ذلك الاختصاص بمحاكم أمن الدولة المشكلة طبقا لأحكامه دون غيرها قد تصدى
لبيان الإجراءات التي تتبع بالنسبة إلى تلك الدعاوى القائمة أمام المحاكم فنص في المادة
التاسعة منه على أنه: "على المحاكم أن تحيل من تلقاء نفسها ما يعرض لديها من
دعاوى أصبحت من اختصاص محاكم أمن الدولة بمقتضى هذا القانون وذلك بالحالة التي تكون
عليها وبدون رسوم". وقد آثر الشارع بمقتضى هذا النص أن تحال القضايا القائمة
أمام المحاكم بحالتها التي بلغتها بعد دخولها في حوزتها إلى نظيرتها في النظام القضائي
المنصوص عليه في هذا القانون، وإذ كانت الدعوى المطروحة قد سعت إلى محكمة الجنح
المستعجلة بإجراءات صحيحة في ظل قانون الإجراءات الجنائية فليس من شأن سلب
اختصاصها بنظرها في تاريخ العمل بالقانون رقم 105 لسنة 1980 نقض هذه الإجراءات أو إهدار
ما تم منها ذلك أن كل إجراء تم صحيحا في ظل قانون يظل صحيحا وخاضعا لأحكام هذا
القانون وليس في قانون الإجراءات الجنائية ما يوجب إبطال إجراء تم وانتهى صحيحا
وفقا للتشريع الذي حصل الإجراء في ظله، وكان الأصل أن قوانين الإجراءات تسري من
يوم نفاذها على الإجراءات التي لم تكن قد تمت ولو كانت متعلقة بجرائم وقعت قبل
نفاذها وقد جرى قضاء محكمة النقض على أن القوانين المعدلة للاختصاص تطبق بأثر فورى
شأنها في ذلك شأن قوانين الإجراءات. ولما كانت الدعوى الراهنة قد أضحت بين يدى
القضاء وغدت منظورة أمام محكمة أمن الدولة الجزئية المختصة بنظرها وفقا للقانون
المعمول به فأنها تظل مختصة بنظر الدعوى المدنية المرفوعة بالتبعية للدعوى
الجنائية ولا يحول بينها وبين بقاء هذا الاختصاص لها ما نصت عليه الفقرة الثانية
من المادة الخامسة من القانون رقم 105 لسنة 1980 سالف الذكر من عدم قبول الادعاء
بالحقوق المدنية أمامها إذ أن هذا الحكم لا يسري إلا على الدعوى المدنية التي ترفع
أمامها وقت العمل بهذا القانون دون الدعاوى التي رفعت بإجراءات صحيحة قبل سريانه
وسعت إليها بعد ذلك طبقا لأحكامه - كما هو الحال في الدعوى المدنية المطروحة - ذلك
بان الإحالة في مفهوم حكم المادة التاسعة لها القانون سالف الذكر تشمل الدعوى
الجنائية والدعوى المدنية بعبارة "بالحالة التي تكون عليها" فلا مجال
معها للاحتجاج بأن الإحالة تكون قاصرة على الدعوى الجنائية وحدها دون الدعوى
المدنية المرفوعة بالتبعية لها على اعتبار أنها أصبحت غير مقبولة أمام محاكم أمن
الدولة، اذ أنه لو كان ذلك هو مراد الشارع لكان قد نص عليه صراحة ومن المقرر أنه
لا يصح تخصيص عموم النص بغير مخصص. لما كان ذلك، وكان حق المحكمة الجنائية في الإحالة
إلى المحكمة المدنية يجب أن يساير حجية الأحكام الجنائية أمام المحاكم المدنية
بمعنى أنه لا تجوز إحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المختصة اذا كان حكم البراءة
يمس أسس الدعوى المدنية مساسا يقيد حرية القاضي المدني - كما هو الشأن في الدعوى
المطروحة - ذلك بأن قضاء الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه ببراءة المطعون ضده
من التهمتين المسندتين إليه لعدم ثبوتهما في حقه مؤثر حتما في رأي المحكمة المدنية
التي أحيلت إليها الدعوى المدنية مما يتعين عليها أن تقضى برفضها إعمالا لنصوص
القانون وقواعد قوة الشيء المقضي به جنائيا أمام المحاكم المدنية وفق حكم المادة
456 من قانون الإجراءات الجنائية والأمر يختلف بالنسبة للمحاكم الجنائية ذلك بأن
المحاجة بقوة الأمر المقضي للحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية لا تكون لدى
المحاكم الجنائية نفسها وهى تنظر الدعوى المدنية بالتبعية للدعوى الجنائية فكان
لزاما على محكمة أول درجة أن تفصل في الدعوى المدنية أما وهى لم تفعل وقضت بعدم
اختصاصها بنظرها وبإحالتها إلى المحكمة المدنية فان حكمها يكون قد أخطأ في تطبيق
القانون مما كان يتعين معه على المحكمة الاستئنافية أن تقضى في الاستئناف المرفوع
عن هذا الحكم بإلغائه وبإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في الدعوى المدنية لأنها
لم تستنفد ولايتها بالفصل فيها وحتى لا تفوت احدى درجتي التقاضي على الطاعن أما
وقد قضت بتأييد الحكم المستأنف فإنها تكون بدورها قد أخطأت في تطبيق القانون مما
يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا وتصحيحه والقضاء في موضوع الاستئناف بإلغاء
الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى المدنية وإعادة القضية على محكمة أول درجة
للفصل في موضوعها وذلك دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن والزام المطعون ضده المصاريف
المدنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق