جلسة 2 أكتوبر سنة 2005
برئاسة
السيد المستشار / مجدي الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / أنور
محمد جبري ، أحمد جمال الدين عبد اللطيف ، وسيد الدليل "نواب رئيس المحكمة"
وعصمت عبد المعوض .
---------
(66)
الطعن 40617 لسنة 74 ق
(1) نقض " أسباب الطعن . توقيعها ".
توقيع
مذكرة الأسباب بإمضاء غير مقروء . أثره : عدم قبول الطعن شكلاً .
(2) تلبس .
محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس " . تفتيش "التفتيش
بغير إذن " . دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . حكم
"تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها . موضوعي . مادام
سائغا . المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض. غير جائزة .
مثال
لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لعدم توافر حالة التلبس .
(3) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة
الصحيحة لواقعة الدعوي "
استخلاص
الصورة الصحيحة لواقعة الدعوي . موضوعي . مادام سائغاً .
(4) إثبات "شهود" . محكمة الموضوع"
سلطتها في تقدير أقوال الشهود " ".
وزن
أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ
المحكمة بأقوال شاهد . مفاده ؟
(5) إثبات "شهود" . محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
إمساك
الضابط عن ذكر أسماء أفراد القوة المرافقة له . لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها
كدليل في الدعوى .
(6) إثبات
"شهود". تفتيش" إذن التفتيش . تنفيذه ". محكمة
الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
نقض" أسباب الطعن. ما لا يقبل منها ".
اطمئنان
المحكمة إلى حدوث التفتيش في مكان معين . موضوعي . المجادلة فى ذلك . غير جائزة
أمام محكمة النقض .
المنازعة
في صورة الواقعة التى اطمأنت اليها المحكمة من اقوال شاهد الاثبات . غير مقبولة .
(7) إثبات "خبرة" . مواد مخدرة . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير
الدليل ". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
مجادلة المتهم بإحراز المخدر فيما اطمأنت إليه المحكمة
من أن العينة المضبوطة هي التي أرسلت للتحليل وأخذها بالنتيجة التي انتهى إليها . غير
مقبولة .
(8) إثبات " بوجه عام ". قبض . نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها"
" المصلحة في الطعن " .
نعي الطاعن بعدم
عرضه على النيابة العامة في خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليه . غير مجد . مادام
انه لا يدعى أن هذا الإجراء قد أسفر عن دليل منتج في الدعوى .إثارة هذا النعي لأول
مرة أمام محكمة النقض . غير جائز .
(9) نيابة عامة. تفتيش " التفتيش بغير إذن " . مواد مخدرة . حكم
" تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " المصلحة فى الطعن " . اجراءات
" اجراءات التحقيق" .
انتفاء مصلحة الطاعن في التمسك ببطلان
إجراءات تفتيشه من النيابة العامة والعثور بحوزته على المخدر. مادام أن الحكم أثبت
مسئوليته عن المخدر المعثور باللفافات الورقية المضبوطة معه .
التفتيش إجراء من إجراءات التحقيق . للنيابة
العامة الحق فى أن تتولى بنفسها تفتيش مسكن المتهم وشخصه وأمتعته .
(10) نيابة عامة . طعن " المصلحة في الطعن " . نقض " المصلحة
في الطعن ".
النيابة العامة في مجال
المصلحة أو الصفة في الطعن خصم عادل تختص بمركز قانوني خاص. لها أن تطعن في الأحكام
لمصلحة المحكوم عليه . علة ذلك ؟
(11) محكمة الموضوع " نظرها الدعوى والحكم فيها " . حكم "
تصحيحه " . محكمة النقض " سلطتها " . قانون " القانون الأصلح "
" تطبيقه ".
القيد الوارد على حق محكمة
الموضوع عند إعادة إجراءات المحاكمة بالنسبة للمحكوم عليه غيابيا وفقا لمفهوم نص
الفقرة الأولى من المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلة بالقانون رقم
95 لسنة 2003 إلا تزيد بالعقوبة التي تحكم
بها عما قضى به الحكم الغيابي. مادام لم يقض في الدعوى بحكم بات باعتبارها اصلح
للمتهم . مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر . يوجب تصحيحه في نطاق العقوبة
المقيدة للحرية والنزول بها الى العقوبة المقضي بها في الحكم الغيابي . أساس وعلة
ذلك ؟
مثال .
ــــــــــــــــــــــــــ
1 -
لما كان الطاعن قد أودع مذكرتين بأسباب طعنه ، الأولى في ..... والثانية في .....
، وأن المذكرة الأولى وإن حملت ما يشير إلى صدورها من الأستاذ/ ..... إلا إنها
وقعت بإمضاء غير مقروء يمكن نسبته إلى محام مقبول أمام محكمة النقض حتى فوات ميعاد
الطعن ، ومن ثم تكون معدومة الأثر في الخصومة، وتلتفت عنها المحكمة .
2 -
لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر
القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من
شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها مستمدة من أقوال شاهد الإثبات ومن تقرير المعامل
الكيماوية عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش ورد عليه بقوله : " وحيث إنه عن
الدفع ببطلان القبض والتفتيش ففي غير محله ذلك أن الضابط شاهد النبات المخدر أثناء
عبث المتهم باللفافة التي ألقاها ومن ثم تكون الجريمة في حالة التلبس الأمر الذي
يبيح لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم وتفتيشه ومن ثم يكون الدفع قائماً على
غير أساس جديراً بالرفض" ، لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القول بتوافر
حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع
بغير معقب عليها مادامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، وكان ما أورده الحكم
تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعن بعدم توافرها وبطلان
القبض والتفتيش كافياً وسائغاً ويتفق وصحيح القانون ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا
الوجه ينحل إلى جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
3 -
من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة
على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى
مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في
الأوراق .
4 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير
الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة
شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم
الأخذ بها .
5
- من المقرر أن إمساك الضابط عن ذكر أسماء
أفراد القوة المرافقة له عند الضبط لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في
الدعوى.
6 -
من المقرر أن اطمئنان المحكمة إلى حدوث التفتيش في مكان معين هو من المسائل
الموضوعية التي تستقل بالفصل فيها ولا تجوز إثارتها أمام محكمة النقض ، ولما كانت
المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة فإن ما يثيره الطاعن من
منازعة في صورة الواقعة وصولاً إلى أن الضابط اختلق حالة التلبس لا يكون له محل.
7 -
لما كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بشأن اختلاف ما تم ضبطه عما تم تحريزه وتحليله
بسبب الفرق فى الوزن واطرحه للأسباب السائغة التى أوردها ، وكان دفاع الطاعن المار
ذكره إنما قصد به تشكيك المحكمة في أن ما تم ضبطه هو ما تم تحليله ، وكان من
المقرر أنه متى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن العينة المضبوطة هي التي أرسلت
للتحليل وصار تحليلها واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل كما هو الحال في الدعوى المطروحة فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على
ذلك ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
8 –
من المقرر أنه لا جدوى مما يثيره الطاعن من عدم عرضه على النيابة في خلال أربع
وعشرين ساعة من القبض عليه بفرض صحته طالما أنه لا يدعي أن هذا الإجراء قد أسفر عن دليل
منتج من أدلة الدعوى ، هذا فضلاً عن أن البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة
أن الطاعن لم يثر شيئاً بهذا الخصوص فلا يحل له من بعد أن يثره لأول مرة أمام
محكمة النقض.
9 -
من المقرر أنه لا مصلحة للطاعن في التمسك ببطلان إجراءات تفتيشه من النيابة العامة
وما أسفر عنه من ضبط آثار النبات المخدر بجيبه مادام أن وصف التهمة التي دين بها
يبقى سليماً لما أثبته الحكم من مسئوليته عن المخدر المضبوط باللفافات الورقية
المضبوطة معه ، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن التفتيش إجراء من إجراءات التحقيق
ضمن حق النيابة العامة وقد خول القانون سلطة التحقيق أن تتولى بنفسها تفتيش مسكن
المتهم وشخصه وأمتعته .
10 –
من المقرر أن النيابة العامة في مجال المصلحة أو الصفة في الطعن خصم عادل تختص
بمركز قانوني خاص لأنها تمثل الصالح العام وتسعى إلى تحقيق موجبات القانون من جهة
الدعوى الجنائية ومن ثم فإن لها بهذه المثابة أن تنهج سبيل الطعن بالنقض لمصلحة
المحكوم عليه كما هو الحال فى الطعن
الماثل ومن ثم فإن مصلحتها في هذا الطعن
تكون قائمة ويكون الطعن وقد استوفى باقي
أوضاعه الشكلية المقررة في القانون مقبولاً شكلاً .
11
- لما كان القانون رقم 95 لسنة 2003 قد صدر بتعديل بعض أحكام قانوني العقوبات
والإجراءات الجنائية وقد نص في المادة الرابعة منه على استبدال الفقرة الأولى من
المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية بجعلها : " إذا حضر المحكوم عليه من
غيبته أو قبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة ، يحدد رئيس محكمة الاستئناف أقرب
جلسة لإعادة نظر الدعوى ، ويعرض المقبوض عليه محبوساً بهذه الجلسة ، وللمحكمة أن
تأمر بالإفراج عنه أو حبسه احتياطياً حتى الانتهاء من نظر الدعوى ، ولا يسقط الحكم
الغيابي سواء فيما يتعلق بالعقوبة أو التعويضات إلا بحضور من صدر ضده الحكم جلسات
المحاكمة، ولا يجوز للمحكمة في هذه الحالة التشديد عما قضى به الحكم الغيابي" ، وكان نص المادة 395 المار ذكره بعد
تعديله وإن كان في ظاهره إجرائي إلا أنه يتضمن قاعدة موضوعية تقيد محكمة الموضوع
عند إعادة الإجراءات بمحاكمة المحكوم عليه غيابيا ألا تزيد بالعقوبة التي تحكم بها
عما قضى به الحكم الغيابي ، وهي قاعدة واجبة الإعمال على واقعة الدعوى طالما لم
يُفصل فيها بحكم بات باعتبارها أصلح للمتهم وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة
الخامسة من قانون العقوبات . لما كان ذلك ، وكان البيَّن من مطالعة المفردات
المضمومة أن محكمة الجنايات سبق وأن قضت غيابيا بتاريخ الثامن والعشرين من فبراير
سنة ألفين وأربعة بمعاقبة المطعون ضده بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات عما أسند
إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بمناسبة إعادة إجراءات محاكمته حضورياً بالسجن
المشدد لمدة ست سنوات ، ومن ثم فإنه يتعين إعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة
39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 بتصحيح الحكم
المطعون فيه في نطاق العقوبة المقيدة للحرية المقضي بها بجعلها السجن المشدد لمدة
ثلاث سنوات .
ــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت
النيابة العامة الطاعن
بأنه : أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً ناتجاً عن تجفيف أوراق أو أزهار أو ثمار
نبات الحشيش – القنب - في غير الأحوال المصرح
بها قانوناً
.
وأحالته إلى محكمة جنايات ...
لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة
المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1،
2، 38 /1 ، 42 /1 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل والبند رقم 56 من القسم الثاني من
الجدول رقم 1 المعدل والملحق به بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ست سنوات وتغريمه
خمسين ألف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط وذلك باعتبار أن الإحراز مجرداً من كافة
القصود .
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض في ..... كما طعنت
النيابة العامة فى هذا الحكم بطريق النقض في ..... إلخ .
ــــــــــــــــــ
المحكمة
أولاً : عن طعن
المحكوم عليه :
حيث
إن الطاعن قد أودع مذكرتين بأسباب طعنه ، الأولى في .... والثانية في ... ، وأن
المذكرة الأولى وإن حملت ما يشير إلى صدورها من الأستاذ ..... إلا أنها وقعت
بإمضاء غير مقروء يمكن نسبته إلى محام مقبول أمام محكمة النقض حتى فوات ميعاد
الطعن ، ومن ثم تكون معدومة الأثر فى الخصومة، وتلتفت عنها المحكمة .
ومن
حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز نبات
الحشيش المخدر مجرداً عن القصود الخاصة جميعاً قد شابه القصور في التسبيب والفساد
في الاستدلال واعتوره البطلان ، ذلك بأن اطرح دفعه ببطلان القبض والتفتيش لكون
الواقعة لم تكن في حالة تلبس بما لا يسوغ ، واستند في قضائه بالإدانة إلى أقوال
ضابط الواقعة رغم عدم صدقها معتنقاً تصويره للواقعة رغم مخالفته للحقيقة والواقع
وعدم معقوليته لطبيعة مكان الضبط ولانفراده بالشهادة دون باقي أفراد القوة ، كما
اطرح دفاعه بشأن اختلاف وزن المخدر عند تحريزه عنه عند التحليل
مما يشكك في أن ما ضبط خلاف ما حلل بما لا يسوغ اطراحه، هذا إلى أن الطاعن لم يُعرض
على النيابة العامة في خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليه ، كما أن التفتيش الذي
أجراه وكيل النيابة أثناء التحقيق معه والذي أسفر عن ضبط آثار المخدر فى جيبه قد
وقع باطلاً لانتفاء ما يسوغه ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن
حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر
القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من
شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها مستمدة من أقوال شاهد الإثبات ومن تقرير المعامل
الكيماوية عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش ورد عليه بقوله : " وحيث إنه عن
الدفع ببطلان القبض والتفتيش ففي غير محله ذلك أن الضابط شاهد النبات المخدر أثناء
عبث المتهم باللفافة التي ألقاها ومن ثم تكون الجريمة في حالة التلبس الأمر الذي
يبيح لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم وتفتيشه ومن ثم يكون الدفع قائماً على
غير أساس جديراً بالرفض" ، لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القول بتوافر
حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع
بغير معقب عليها مادامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، وكان ما أورده الحكم
تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعن بعدم توافرها وبطلان
القبض والتفتيش كافياً وسائغاً ويتفق وصحيح القانون ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا
الوجه ينحل إلى جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان
من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة
على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى
مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في
الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً
لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع
الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن إمساك الضابط عن ذكر
أسماء أفراد القوة المرافقة له عند الضبط لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل
في الدعوى، وإن اطمئنان المحكمة إلى حدوث التفتيش في مكان معين هو من المسائل
الموضوعية التي تستقل بالفصل فيها ولا تجوز إثارتها أمام محكمة النقض ، ولما كانت
المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة فإن ما يثيره الطاعن من
منازعة في صورة الواقعة وصولاً إلى أن الضابط اختلق حالة التلبس لا يكون له محل.
لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بشأن اختلاف ما تم ضبطه عما تم
تحريزه وتحليله بسبب الفرق فى الوزن واطرحه للأسباب السائغة التى أوردها ، وكان
دفاع الطاعن المار ذكره إنما قصد به تشكيك المحكمة في أن ما تم ضبطه هو ما تم
تحليله ، وكان من المقرر أنه متى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن العينة المضبوطة هي
التي أرسلت للتحليل وصار تحليلها واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل كما هو الحال في الدعوى المطروحة فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على
ذلك ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك ، وكان
لا جدوى مما يثيره الطاعن من عدم عرضه على النيابة في خلال أربع وعشرين ساعة من
القبض عليه بفرض صحته طالما أنه لا يدعي أن هذا الإجراء قد أسفر عن
دليل منتج من أدلة الدعوى ، هذا فضلاً عن أن البيَّن من الاطلاع على محضر جلسة
المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً بهذا الخصوص فلا يحل له من بعد أن يثره لأول مرة
أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان لا مصلحة للطاعن في التمسك ببطلان إجراءات
تفتيشه من النيابة العامة وما أسفر عنه من ضبط آثار النبات المخدر بجيبه مادام أن
وصف التهمة التي دين بها يبقى سليماً لما أثبته الحكم من مسئوليته عن المخدر
المضبوط باللفافات الورقية المضبوطة معه ، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أن التفتيش
إجراء من إجراءات التحقيق ضمن حق النيابة العامة وقد خول القانون سلطة التحقيق أن
تتولى بنفسها تفتيش مسكن المتهم وشخصه وأمتعته . لما كان ما تقدم فإن طعن المحكوم عليه يكون على غير أساس
متعيناً رفضه موضوعاً .
ثانياً : عن
طعن النيابة العامة :
حيث
إن النيابة العامة في مجال المصلحة أو الصفة في الطعن خصم عادل تختص بمركز قانوني خاص
لأنها تمثل الصالح العام وتسعى إلى تحقيق موجبات القانون من جهة الدعوى الجنائية
ومن ثم فإن لها بهذه المثابة أن تنهج سبيل الطعن بالنقض لمصلحة المحكوم عليه كما هو الحال في الطعن الماثل ومن ثم فإن مصلحتها في هذا الطعن تكون قائمة
ويكون الطعن وقد استوفى باقي أوضاعه
الشكلية المقررة في القانون مقبولاً شكلاً
.
وحيث
إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجريمة
إحراز نبات الحشيش المخدر مجرداً عن القصود الخاصة جميعاً قد خالف القانون ذلك أنه
قضى بمناسبة إعادة إجراءات محاكمة المطعون ضده بعقوبة أشد من التي أوقعها الحكم
الغيابي عليه بالمخالفة للفقرة الأولى من المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية
المستبدلة بالقانون رقم 95 لسنة 2003، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث
إنه لما كان القانون رقم 95 لسنة 2003 قد صدر بتعديل بعض أحكام قانوني العقوبات
والإجراءات الجنائية وقد نص في المادة الرابعة منه على استبدال الفقرة الأولى من
المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية بجعلها : " إذا حضر المحكوم عليه من
غيبته أو قبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة ، يحدد رئيس محكمة الاستئناف أقرب
جلسة لإعادة نظر الدعوى ، ويعرض المقبوض عليه محبوساً بهذه الجلسة ، وللمحكمة أن
تأمر بالإفراج عنه أو حبسه احتياطياً حتى الانتهاء من نظر الدعوى ، ولا يسقط الحكم
الغيابي سواء فيما يتعلق بالعقوبة أو التعويضات إلا بحضور من صدر ضده الحكم جلسات المحاكمة،
ولا يجوز للمحكمة في هذه الحالة التشديد عما قضى به الحكم الغيابي " ، وكان
نص المادة 395 المار ذكره بعد تعديله وإن كان في ظاهره إجرائي إلا أنه يتضمن قاعدة
موضوعية تقيد محكمة الموضوع عند إعادة الإجراءات بمحاكمة المحكوم عليه غيابيا ألا
تزيد بالعقوبة التي تحكم بها عما قضى به الحكم الغيابي ، وهي قاعدة واجبة الإعمال
على واقعة الدعوى طالما لم يُفصل فيها بحكم بات باعتبارها أصلح للمتهم وفقاً لنص
الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات . لما كان ذلك ، وكان البيَّن
من مطالعة المفردات المضمومة أن محكمة الجنايات سبق وأن قضت غيابيا بتاريخ الثامن
والعشرين من فبراير سنة ألفين وأربعة بمعاقبة المطعون ضده بالسجن المشدد لمدة ثلاث
سنوات عما أسند إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بمناسبة إعادة إجراءات
محاكمته حضورياً بالسجن المشدد لمدة ست سنوات ، ومن ثم فإنه يتعين إعمالاً لنص
الفقرة الثانية من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم
57 لسنة 1959 بتصحيح الحكم المطعون فيه في نطاق العقوبة المقيدة للحرية المقضي بها
بجعلها السجن المشدد لمدة ثلاث سنوات .
ــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق