الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الجمعة، 31 أكتوبر 2025

القضية 47 لسنة 21 ق جلسة 4 / 4 / 2004 دستورية عليا مكتب فني 11 ج 1 دستورية ق 90 ص 543

جلسة 4 إبريل سنة 2004

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي - رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: حمدي محمد علي وماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وسعيد مرعي عمرو وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما - رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

------------

قاعدة رقم (90)
القضية رقم 47 لسنة 21 قضائية "دستورية"

(1) دعوى دستورية "المصلحة الشخصية المباشرة: مناطها".
مناط المصلحة في الدعوى الدستورية أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع.
(2) تنظيم الحقوق "سلطة المشرع التقديرية".
السلطة التقديرية التي يملكها المشرع في مجال تنظيم الحقوق، حدها قواعد الدستور.
(3) حرية التعاقد "حرية شخصية - صلتها بالحق في الملكية".
حرية التعاقد قاعدة أساسية، يقتضيها الدستور صوناً للحرية الشخصية، وهي فوق كونها من الخصائص الجوهرية للحرية الشخصية، فإنها كذلك وثيقة الصلة بالحق في الملكية.
(4) ملكية خاصة "صون الدستور لها - مؤداه".
صون الدستور للملكية الخاصة مؤداه أن المشرع لا يجوز أن يجردها من لوازمها، ولا أن يفصل عنها بعض أجزائها، ولا أن ينتقص من أصلها أو يغير من طبيعتها دون ما ضرورة تقضيها وظيفتها الاجتماعية، وكان صون الملكية وإعاقتها لا يجتمعان، فإن هدمها أو تقويض أسسها من خلال قيود تنال منها، ينحل عصفاً بها منافياً للحق فيها.
(5) حق الملكية "تنظيمه".
التنظيم التشريعي لحق الملكية - وكلما كان متصلاً بما ينبغي أن يعود على أصحابها من ثمارها ومنتجاتها وملحقاتها - لا يجوز أن يقيد مداها، ولا أن يعدل بعض جوانبها إلا بالقدر وفي الحدود التي تقتضيها وظيفتها الاجتماعية، وبما لا ينال من جوهرها.
(6) دستور - تضامن اجتماعي - "مؤداه".
ما نص عليه الدستور في المادة السابعة من قيام المجتمع على أساس من التضامن الاجتماعي، يعني وحدة الجماعة في بنيانها، وتداخل مصالحها لا تصادمها، وإمكان التوفيق بينها ومزاوجتها ببعض عند تزاحمها، واتصال أفرادها وترابطهم فيما بينهم.
(7) دستور "مبدأ المساواة. الحماية القانونية المتكافئة للحقوق جميعاً".
مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون. مؤداه أنه لا يجوز أن تخل السلطتان التشريعية أو التنفيذية في مباشرتهما لاختصاصاتهما التي نص عليها الدستور، بالحماية القانونية المتكافئة للحقوق جميعاً، سواء في ذلك تلك التي نص عليها الدستور أو التي ضمنها المشرع. مؤدى ذلك.

--------------------
1 - مناط المصلحة في الدعوى الدستورية - وهي شرط لقبولها - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان محور النزاع الموضوعي يدور حول أمرين متعارضين: أولهما: - حق المؤجر في زيادة أجرة عين النزاع، وهي مؤجرة مفروشة؛ لاستعمالها مدرسة "دار حضانة" في حالة الاستمرار في العين المقررة بقوة القانون. ثانياً: - حق المستأجر في ثبات الأجرة المنصوص عليها في العقد دون زيادة في تلك الحالة.
ومن ثم، فإن نطاق الدعوى الدستورية الماثلة - وفي حدود ما ارتبط بها من طلبات مطروحة على محكمة الموضوع - يتحدد في مدى أحقية مستأجري المدارس والأقسام الداخلية لإيواء الدارسين بها مفروشة في التمسك بالأجرة المنصوص عليها في العقد دون زيادة، وتتوافر للمدعيين مصلحة مباشرة في هذا النطاق وحده دون باقي ما تضمنه نص المادة (16) المشار إليه من أحكام تجاوز هذا النطاق حيث يظل مجال الطعن فيها مفتوحاً لكل ذي مصلحة.
2 - السلطة التقديرية التي يملكها المشرع في مجال تنظيم الحقوق، حدها قواعد الدستور التي ينافيها أن ينقل المشرع حقوق الملكية أو بعض عناصرها من يد أصحابها إلى غيرهم دون سند صحيح، ويدنيها من أهدافها قدر من التوازن بين القيود عليها، وضرورة ربطها بالأغراض التي تقتضيها وظيفتها الاجتماعية، فلا يكون التدخل لتنظيمها افتئاتاً عليها.
3 - حرية التعاقد قاعدة أساسية، يقضيها الدستور صوناً للحرية الشخصية، التي لا يقتصر ضمانها على تأمينها ضد صور العدوان ضد البدن، بل تمتد حمايتها إلى أشكال متعددة من إرادة الاختيار وسلطة التقرير التي ينبغي أن يملكها كل شخص، فلا يكون بها كائناً يحمل على ما لا يرضاه، بل بشراً سوياً.
وحرية التعاقد، فوق كونها من الخصائص الجوهرية للحرية الشخصية، فإنها كذلك وثيقة الصلة بالحق في الملكية، وذلك بالنظر إلى الحقوق التي ترتبها العقود فيما بين أطرافها، أياً كان الدائن بها أو المدين بأدائها. بيد أن هذه الحرية - التي لا يكفلها انسيابها دون عائق، ولا جرفها لكل قيد عليها، ولا علوها على مصالح ترجحها، وإنما يدنيها من أهدافها قدر من التوازن بين جموحها وتنظيمها - لا تعطلها تلك القيود التي تفرضها السلطة التشريعية عليها بما يحول دون انفلاتها من كوابحها. ويندرج تحتها أن يكون تنظيمها لأنواع من العقود محدداً بقواعد آمرة تحيط ببعض جوانبها، غير أن هذه القيود لا يسعها أن تدهم الدائرة التي تباشر فيها الإرادة حركتها، فلا يكون لسلطانها بعد هدمها من أثر.
4 - صون الدستور للملكية الخاصة مؤداه أن المشرع لا يجوز أن يجردها من لوازمها، ولا أن يفصل عنها بعض أجزائها، ولا أن ينتقص من أصلها أو يغير من طبيعتها دون ما ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية، وكان ضمان وظيفتها هذه يفترض ألا ترهق القيود التي يفرضها عليها المشرع جوهر مقوماتها، ولا أن يكون من شأنها حرمان أصحابها من تقرير الانتفاع بها. وكان صون الملكية وإعاقتها لا يجتمعان، فإن هدمها أو تقويض أسسها من خلال قيود تنال منها، ينحل عصفاً بها منافياً للحق فيها.
5 - التنظيم التشريعي لحق الملكية - وكلما كان متصلاً بما ينبغي أن يعود على أصحابها من ثمارها ومنتجاتها وملحقاتها - لا يجوز أن يقيد مداها، ولا أن يعدل بعض جوانبها إلا بالقدر وفي الحدود التي تقتضيها وظيفتها الاجتماعية، وبما لا ينال من جوهرها.
6 - ما نص عليه الدستور في المادة السابعة من قيام المجتمع على أساس من التضامن الاجتماعي، يعني وحدة الجماعة في بنيانها، وتداخل مصالحها لا تصادمها، وإمكان التوفيق بينها ومزاوجتها ببعض عند تزاحمها، واتصال أفرادها وترابطهم فيما بينهم فلا يكون بعضهم لبعض ظهيراً، ولا يتفرقون بالتالي بدداً، أو يتناحرون طمعاً، أو يتنابذون بغياً، وهم بذلك شركاء في مسئوليتهم قبلها، ولا يملكون التنصل منها أو التخلي عنها. وليس لفريق منهم أن يتقدم على غيره انتهازاً، ولا أن ينال قدراً من الحقوق يكون بها - عدواناً - أكثر علواً، وإنما تتضافر جهودهم وتتوافق توجهاتهم، لتكون لهم الفرص ذاتها التي تقيم لمجتمعاتهم بنيانها الحق، وتتهيأ معها تلك الحماية التي ينبغي أن يلوذ بها ضعفاؤهم، ليجدوا في كنفها الأمن والاستقرار.
7 - مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون - وبقدر تعلقه بالحدود التي تباشر فيها هذه المحكمة ولايتها - مؤداه أنه لا يجوز أن تخل السلطتان التشريعية أو التنفيذية في مباشرتهما لاختصاصاتهما التي نص عليها الدستور، بالحماية القانونية المتكافئة للحقوق جميعاً، سواء في ذلك تلك التي نص عليها الدستور أو التي ضمنها المشرع. ومن ثم كان هذا المبدأ عاصماً من النصوص القانونية التي يقيم بها المشرع تمييزاً غير مبرر، تتنافر به المراكز القانونية التي تتماثل عناصرها، فلا تكون وحدة بنيانها مدخلاُ لوحدة تنظيمها، بل تكون القاعدة القانونية التي تحكمها، إما مجاوزة باتساعها أوضاع هذه المراكز أو قاصرة بمداها عن استيعابها.


الإجراءات

بتاريخ التاسع من مارس سنة 1999، أودع المدعيان صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طلباً للحكم بعدم دستورية نص المادة (16) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعيين أقاما الدعوى رقم 8305 لسنة 1998 إيجارات كلي شمال القاهرة ضد المدعى عليهما الرابعة والخامسة، بطلب الحكم بانتداب مكتب خبراء وزارة العدل ليعهد إلى أحد خبرائه لتحديد القيمة الإيجارية للفيلا المؤجرة مفروشة إلى المدعى عليها الرابعة، وإلزامها بأداء الفروق المستحقة لهما، على سند من القول بأن المدعى عليها الرابعة استأجرت الفيلا الموضحة بعريضة الدعوى مفروشة بمنقولاتها الموضحة بالقائمة المرفقة بعقد الإيجار المؤرخ 10/ 6/ 1973، بقيمة إيجارية قدرها سبعون جنيهاً شهرياً لاستعمالها دار حضانة، وقد تم التنبيه عليها بالرغبة في زيادة الأجرة، إلا أنها ظلت متمسكة بسداد القيمة الإيجارية المحددة في العقد، استناداً إلى نص المادة (16) من القانون رقم 136 لسنة 1981، التي أوجبت الاستمرار في العين المؤجرة مفروشة بالشروط والأجرة المنصوص عليها في العقد، متى كانت مؤجرة لاستعمالها مدارس وأقسام داخلية لإيواء الدارسين بها. وقد دفع المدعيان في صحيفة الدعوى بعدم دستورية تلك المادة، وبعد أن قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، صرحت للمدعيين بإقامة الدعوى الماثلة فأقاماها.
وحيث إن المادة (16) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر تنص على أنه "يحق لمستأجري المدارس والأقسام الداخلية لإيواء الدارسين بها، والمستشفيات وملحقاتهما، في حالة تأجيرها لهم مفروشة، الاستمرار في العين، ولو انتهت المدة المتفق عليها، وذلك بالشروط والأجرة المنصوص عليها في العقد".
وحيث إن من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن مناط المصلحة في الدعوى الدستورية - وهي شرط لقبولها - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان محور النزاع الموضوعي يدور حول أمرين متعارضين: -
أولهما: - حق المؤجر في زيادة أجرة عين النزاع، وهي مؤجرة مفروشة؛ لاستعمالها مدرسة "دار حضانة" في حالة الاستمرار في العين المقررة بقوة القانون.
ثانياً: - حق المستأجر في ثبات الأجرة المنصوص عليها في العقد دون زيادة في تلك الحالة.
ومن ثم، فإن نطاق الدعوى الدستورية الماثلة - وفي حدود ما ارتبط بها من طلبات مطروحة على محكمة الموضوع - يتحدد في مدى أحقية مستأجري المدارس والأقسام الداخلية لإيواء الدارسين بها مفروشة في التمسك بالأجرة المنصوص عليها في العقد دون زيادة، وتتوافر للمدعيين مصلحة مباشرة في هذا النطاق وحده دون باقي ما تضمنه نص المادة (16) المشار إليه من أحكام تجاوز هذا النطاق حيث يظل مجال الطعن فيها مفتوحاً لكل ذي مصلحة.
وحيث إن المدعيين ينعيان على النص المطعون عليه - في النطاق المحدد سلفاً - مخالفته أحكام المواد (7، 32، 34، 40، 41) من الدستور، ذلك أنه أخل بمبدأ المساواة بأن مايز - دون مبرر - بين طائفتين من مؤجري الأماكن المفروشة: - الأولى: مؤجرو المدارس والأقسام الداخلية لإيواء الدارسين بها، وهذه تم تثبيت أجرتها المنصوص عليها في العقد في حالة استمراره. والثانية: - تلك التي يستعملها مستأجروها لغير ذلك من الأغراض حيث يتم تحديد أجرتها باتفاق الأطراف. فضلاً عن إهداره حرية التعاقد وإخلاله بالحماية التي كفلها الدستور لحق الملكية الخاصة بأن حرم المؤجر - في غير ضرورة - من ثمرة ملكه، وذلك بأن فرض عليه ثبات الأجرة المنصوص عليها في العقد، مهدراً بذلك التضامن الاجتماعي بين المؤجرين والمستأجرين.
وحيث إن السلطة التقديرية التي يملكها المشرع في مجال تنظيم الحقوق، حدها قواعد الدستور التي ينافيها أن ينقل المشرع حقوق الملكية أو بعض عناصرها من يد أصحابها إلى غيرهم دون سند صحيح، ويدنيها من أهدافها قدر من التوازن بين القيود عليها، وضرورة ربطها بالأغراض التي تقتضيها وظيفتها الاجتماعية، فلا يكون التدخل لتنظيمها افتئاتاً عليها.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن حرية التعاقد قاعدة أساسية، يقتضيها الدستور صوناً للحرية الشخصية، التي لا يقتصر ضمانها على تأمينها ضد صور العدوان ضد البدن، بل تمتد حمايتها إلى أشكال متعددة من إرادة الاختيار وسلطة التقرير التي ينبغي أن يملكها كل شخص، فلا يكون بها كائناً يُحمل على ما لا يرضاه، بل بشراً سوياً.
وحيث إن حرية التعاقد هذه، فوق كونها من الخصائص الجوهرية للحرية الشخصية، فإنها كذلك وثيقة الصلة بالحق في الملكية، وذلك بالنظر إلى الحقوق التي ترتبها العقود فيما بين أطرافها، أياً كان الدائن بها أو المدين بأدائها. بيد أن هذه الحرية - التي لا يكفلها انسيابها دون عائق، ولا جرفها لكل قيد عليها، ولا علوها على مصالح ترجحها، وإنما يدنيها من أهدافها قدر من التوازن بين جموحها وتنظيمها - لا تعطلها تلك القيود التي تفرضها السلطة التشريعية عليها بما يحول دون انفلاتها من كوابحها. ويندرج تحتها أن يكون تنظيمها لأنواع من العقود محدداً بقواعد آمرة تحيط ببعض جوانبها، غير أن هذه القيود لا يسعها أن تدهم الدائرة التي تباشر فيها الإرادة حركتها، فلا يكون لسلطانها بعد هدمها من أثر.
وحيث إن الحقوق التي يستخلصها مستأجر من الإجارة التي دخل فيها، تقتضي تدخلاً من مؤجرها لإمكان مباشرتها، ولا يجوز بالتالي مزجها بحق الانتفاع كأحد الحقوق العينية الأصلية المتفرعة عن الملكية، ذلك أن هذا الحق يعتبر واقعاً مباشرة على الأشياء التي تعلق بها، مشتملاً على سلطة استعمالها واستغلالها، متسلطاً عليها من هذين الوجهين دون تدخل من أصحابها، الذين لا يملكون كذلك الاعتراض على حصولهم أو زيادة ثمرة ملكهم.
وحيث إن النص المطعون فيه - في النطاق السابق - قد خول مستأجري المدارس والأقسام الداخلية لإيواء الدارسين بها، في حالة تأجيرها مفروشة، الحق في ثبات أجرتها المنصوص عليها في العقد، والمحددة بإرادة طرفيه دون زيادة، ولو كان هذا العقد أو الأوضاع التي لابسته، تفيد شرطاً صريحاً أو ضمنياً مانعاً من هذا الثبات، أو مجيزاً التعديل. وكان هذا النص - وباعتباره واقعاً في إطار القيود الاستثنائية التي نظم بها المشرع العلائق الإيجارية - ما تقرر إلا لإسقاط حق المؤجر في زيادة الأجرة، إذ فرض عليه ثبات الأجرة في التأجير مفروش بقوة القانون في إطار علائق إيجارية شخصية بطبيعتها، مهدراً كل إرادة لمؤجره في مجال القبول أو الاعتراض على هذه الزيادة، في حين أن مكنة استغلال الأعيان ممن يملكونها - من خلال عقود إيجارها مفروشة - إنما تعني حقهم في تحديد الأجرة، وتحريكها زيادة ونقصاً، ليكون العقد وحده - وباعتباره تصرفاً قانونياً وعملاً إرادياً - بديلاً عن التدخل التشريعي في تحديد الأجرة، إذ أن هذا التحديد جزء لا يتجزأ من حق الاستغلال الذي يباشرونه أصلاً عليها. فإن هذا النص يكون متضمناً عدواناً على الحدود المنطقية التي تعمل الإرادة الحرة في نطاقها، والتي لا تستقيم الحرية الشخصية - في صحيح بنيانها - بفواتها، فلا تكون الإجارة إلا إملاءً يناقض أسسها.
وحيث إن المقرر كذلك أن صون الدستور للملكية الخاصة مؤداه أن المشرع لا يجوز أن يجردها من لوازمها، ولا أن يفصل عنها بعض أجزائها، ولا أن ينتقص من أصلها أو يغير من طبيعتها دون ما ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية، وكان ضمان وظيفتها هذه يفترض ألا ترهق القيود التي يفرضها عليها المشرع جوهر مقوماتها، ولا أن يكون من شأنها حرمان أصحابها من تقرير الانتفاع بها، وكان صون الملكية وإعاقتها لا يجتمعان، فإن هدمها أو تقويض أسسها من خلال قيود تنال منها، ينحل عصفاً بها منافياً للحق فيها.
وحيث إن التنظيم التشريعي لحق الملكية - وكلما كان متصلاً بما ينبغي أن يعود على أصحابها من ثمارها ومنتجاتها وملحقاتها - لا يجوز أن يقيد مداها، ولا أن يعدل بعض جوانبها إلا بالقدر وفي الحدود التي تقتضيها وظيفتها الاجتماعية، وبما لا ينال من جوهرها. وليس كذلك النص المطعون فيه، إذ جاوز الحدود التي رسمها الدستور لصون حق الملكية من خلال معاملة خلعها - اعتسافاً - على الأماكن التي حددها، منتقصاً بها من حقوق ملاكها، حيث نقل - وبقاعدة آمرة - استغلال الأعيان المؤجرة إلى المستأجرين بمقابل تأجير ثابت غير قابل للزيادة، وهو بعدُ مقابل يعين المؤجرين في الأعم من الأحوال على إيفاء متطلبات حياتهم في ظل ظروف اقتصادية متغيرة، ليستخلص المستأجرون لأنفسهم العين المؤجرة - مفروشة - انتهاباً لها، فلا تظهر الملكية بوصفها شيئاً مصوناً، بل ركاماً وعبثاً عريضاً، وما الملكية إلا المزايا التي تنتجها، فإذا انقض المشرع عليها، صار أمرها صريماً، ومسها بذلك ضر عظيم.
وحيث إن ما نص عليه الدستور في المادة السابعة من قيام المجتمع على أساس من التضامن الاجتماعي، يعنى وحدة الجماعة في بنيانها، وتداخل مصالحها لا تصادمها، وإمكان التوفيق بينها ومزاوجتها ببعض عند تزاحمها، واتصال أفرادها وترابطهم فيما بينهم فلا يكون بعضهم لبعض ظهيراً، ولا يتفرقون بالتالي بدداً، أو يتناحرون طمعاً، أو يتنابذون بغياً، وهم بذلك شركاء في مسئوليتهم قبلها، ولا يملكون التنصل منها أو التخلي عنها. وليس لفريق منهم أن يتقدم على غيره انتهازاً، ولا أن ينال قدراً من الحقوق يكون بها - عدواناً - أكثر علواً، وإنما تتضافر جهودهم وتتوافق توجهاتهم، لتكون لهم الفرص ذاتها التي تقيم لمجتمعاتهم بنيانها الحق، وتتهيأ معها تلك الحماية التي ينبغي أن يلوذ بها ضعفاؤهم، ليجدوا في كنفها الأمن والاستقرار.
وحيث إن النص المطعون فيه - بالصيغة التي أفرغ فيها - ليس إلا حلقة في اتجاه تبناه المشرع أمداً طويلاً في إطار من مفاهيم جائرة لا يمكن تبريرها منطقياً ولو أجهد الباحثون أنفسهم لبيان وجه الحق فيها، وكان ذلك بكل المقاييس ظلماً فادحاً لمؤجرين ما برح المستأجرون يرجحون عليهم مصالحهم، متدثرين في ذلك بعباءة قوانين استثنائية، جاوز واضعوها بها - في كثير من جوانبها - حدود الاعتدال، فلا يكون مجتمعهم معها إلا متهاوياً عُمداً، متحيفاً حقوقاً ما كان يجوز الإضرار بها، نائياً بالإجارة عن حدود متطلباتها، وعلى الأخص ما تعلق منها بتعاون طرفيها اقتصادياً واجتماعياً، حتى لا يكون صراعهما - بعد الدخول في الإجارة - إطاراً لها.
وحيث إن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون - وبقدر تعلقه بالحدود التي تباشر فيها هذه المحكمة ولايتها - مؤداه أنه لا يجوز أن تخل السلطتان التشريعية أو التنفيذية في مباشرتهما لاختصاصاتهما التي نص عليها الدستور، بالحماية القانونية المتكافئة للحقوق جميعاً، سواء في ذلك تلك التي نص عليها الدستور أو التي ضمنها المشرع. ومن ثم كان هذا المبدأ عاصماً من النصوص القانونية التي يقيم بها المشرع تمييزاً غير مبرر، تتنافر به المراكز القانونية التي تتماثل عناصرها، فلا تكون وحدة بنيانها مدخلاُ لوحدة تنظيمها، بل تكون القاعدة القانونية التي تحكمها، إما مجاوزة باتساعها أوضاع هذه المراكز أو قاصرة بمداها عن استيعابها.
وحيث إن الأماكن المؤجرة مفروشة يجمعها أصل مشترك تتكافأ به تلك الأماكن، وتتماثل المراكز القانونية لمؤجريها ومستأجريها، مما يجب معه أن تعامل معاملة قانونية موحدة، وليس كذلك النص المطعون فيه، إذ فرض على ملاكها - إجحافاً - ثبات أجرتها، دون ما ضرورة، مقيماً بذلك تمييزاً غير مبرر بين أوضاع متماثلة، حيث تظل الأماكن المؤجرة مفروشة غير المنصوص عليها في النص المطعون فيه خاضعة لاتفاق طرفيها في شأن الأجرة.
وحيث إنه لما تقدم، يكون النص المطعون فيه مخالفاً للمواد (7، 32، 34، 40، 41) من الدستور.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة (16) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنه من تثبيت أجرة المدارس والأقسام الداخلية لإيواء الدارسين بها، في حالة استمرار عقودها المفروشة، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

القضية 1 لسنة 21 ق جلسة 4 / 4 / 2004 دستورية عليا مكتب فني 11 ج 1 دستورية ق 89 ص 539

جلسة 4 إبريل سنة 2004

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي - رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: حمدي محمد علي وماهر البحيري وعدلي محمود منصور وعلي عوض محمد صالح وإلهام نجيب نوار ومحمد عبد العزيز الشناوي. وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما - رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

---------------

قاعدة رقم (89)
القضية رقم 1 لسنة 21 قضائية "دستورية"

دعوى دستورية "حجية الحكم فيها - عدم قبول الدعوى".
سابقة الحكم برفض الطعن على دستورية النص الطعين - حجيته مطلقة - عدم قبول الدعوى.

-----------------
سبق للمحكمة الدستورية العليا أن حسمت المسألة الدستورية المثارة في الدعوى الراهنة برفضها، وذلك بحكميها الصادر أولهما بجلسة 11/ 5/ 2003 في القضية رقم 14 لسنة 21 قضائية "دستورية"، والذي نشر في الجريدة الرسمية بالعدد 22 (تابع) بتاريخ 29/ 5/ 2003، والصادر ثانيهما بجلسة 6/ 7/ 2003 في القضية رقم 98 لسنة 21 قضائية "دستورية"، والذي نشر في الجريدة الرسمية بالعدد 30 (مكرر) بتاريخ 26/ 7/ 2003، وكان مقتضى نص المادتين (48، 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، باعتباره قولاً فصلاً في المسألة المقضي فيها، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه، أو إعادة طرحه عليها من جديد، ومن ثم فإن الخصومة في الدعوى الراهنة تغدو غير مقبولة.


الإجراءات

بتاريخ الثالث من شهر يناير سنة 1999، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالباً الحكم بعدم دستورية نص الفقرتين الأخيرتين من المادة الثالثة من القانون رقم 6 لسنة 1997 بتعديل الفقرة الثانية من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 وببعض الأحكام الخاصة بإيجار الأماكن غير السكنية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً: بعدم قبول الدعوى واحتياطياً: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعى عليه الخامس كان قد أقام الدعوى رقم 9030 لسنة 1995 كلي إيجارات جنوب القاهرة، بطلب الحكم بإخلاء المدعي من العين محل التداعي وتسليمها، على سند من أن المذكور يستأجر تلك العين بعقد مؤرخ 1/ 10/ 1990، وقد امتنع منذ 1/ 6/ 1995 وحتى 31/ 7/ 1995 عن أداء القيمة الإيجارية، وبالرغم من تكليفه بالوفاء إلا أنه لم يقم بالسداد، مما حدا به إلى إقامة دعواه. ولدى نظر الدعوى، أقام المدعي دعوى فرعية طلب فيها الحكم بتخفيض القيمة الإيجارية للعين بما يتناسب وحالتها. حكمت المحكمة بجلسة 26/ 2/ 1998 في الدعوى الأصلية بإخلاء المدعي من الشقة موضوع التداعي، وفي الدعوى الفرعية بعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في الدعوى رقم 8636 لسنة 1995 كلي إيجارات جنوب القاهرة المؤيد استئنافياً بالحكم في الاستئناف رقم 12641 لسنة 113 قضائية. استأنف المدعي هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة، بالاستئناف رقم 4952 لسنة 115 قضائية، وأثناء تداوله دفع بعدم دستورية الفقرتين الأخيرتين من المادة الثالثة من القانون رقم 6 لسنة 1997 آنف البيان، وبعد تقدير المحكمة لجدية دفعه والتصريح له بإقامة دعواه الدستورية، فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن هذه المحكمة سبق لها أن حسمت المسألة الدستورية المثارة في الدعوى الراهنة برفضها، وذلك بحكميها الصادر أولهما بجلسة 11/ 5/ 2003 في القضية رقم 14 لسنة 21 قضائية "دستورية"، والذي نشر في الجريدة الرسمية بالعدد 22 (تابع) بتاريخ 29/ 5/ 2003، والصادر ثانيهما بجلسة 6/ 7/ 2003 في القضية رقم 98 لسنة 21 قضائية "دستورية"، والذي نشر في الجريدة الرسمية بالعدد 30 (مكرر) بتاريخ 26/ 7/ 2003، وكان مقتضى نص المادتين (48، 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، باعتباره قولاً فصلاً في المسألة المقضي فيها، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه، أو إعادة طرحه عليها من جديد، ومن ثم فإن الخصومة في الدعوى الراهنة تغدو غير مقبولة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

القضية 46 لسنة 20 ق جلسة 4 / 4 / 2004 دستورية عليا مكتب فني 11 ج 1 دستورية ق 88 ص 531

جلسة 4 إبريل سنة 2004

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي - رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد علي سيف الدين وإلهام نجيب نوار ومحمد عبد العزيز الشناوي والسيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعي عمرو والدكتور عادل عمر شريف وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما - رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن أمين السر.

---------------

قاعدة رقم (88)
القضية رقم 46 لسنة 20 قضائية "دستورية".

(1) دعوى دستورية "المصلحة الشخصية المباشرة: إلغاء القاعدة أو إبدالها: لا يحول دون الطعن عليها".
المصلحة الشخصية المباشرة يحدد للخصومة الدستورية نطاقها؛ فلا تندرج تحتها إلا النصوص التشريعية التي يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها بصفة مباشرة على النزاع الموضوعي دون ما سواها. إلغاء القاعدة القانونية - أو بالأصح إبدالها بمثلها - لا يحول - دون الطعن عليها من قبل من طبقت عليه خلال فترة نفاذها، وترتبت بمقتضاها آثار قانونية بالنسبة له. أساس ذلك، تطبيق.
(2) رقابة دستورية "مناطها تعارض نص تشريعي مع نص في الدستور".
الرقابة على الدستورية - على ما تواتر عليه قضاء هذه المحكمة - مناطها مخالفة النص الطعين لقاعدة تضمنها الدستور، ولا شأن لها بالتعارض بين نصين قانونيين.
(3) مبدأ تكافؤ الفرص "إعماله".
مبدأ تكافؤ الفرص الذي تكفله الدولة للمواطنين وفقاً لنص المادة (8) من الدستور؛ لا يقع إعماله إلا عند التزاحم على هذه الفرص.
(4) مساواة "مراكز قانونية مختلفة".
لا يستقيم القول بمساواة مركز الحاضنة بالحاضن في اختيار المحكمة التي تقام أمامها دعوى الحضانة أو ضم الصغير؛ أساس ذلك.
(5) حق التقاضي "عدم التقيد بأشكال محددة".
سلطة المشرع في تنظيم حق التقاضي سلطة تقديرية ما لم يقيدها الدستور بضوابط معينة تعتبر حدوداً لها. عدم التقيد بأشكال إجرائية محددة تعكس أنماطاً موحدة للخصومات القضائية. ليس للأخصام أصل حق في أن تنظر محكمة معينة نزاعاتهم.

---------------
1 - شرط المصلحة الشخصية المباشرة يحدد للخصومة الدستورية نطاقها؛ فلا تندرج تحتها إلا النصوص التشريعية التي يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها بصفة مباشرة على النزاع الموضوعي دون ما سواها؛ لما كان ذلك، وكانت حضانة الأم لصغيرتيها هي مدار الدعوى الموضوعية، فإن نطاق الدعوى الراهنة ينحصر في قاعدة الاختصاص المحلي بهذه المنازعة كما رسمه النص الطعين؛ ولا يغير من ذلك صدور القانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية؛ والعمل به اعتباراً من أول مارس سنة 2000؛ ونصه في المادة الرابعة من مواد إصداره على إلغاء لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادرة بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 المشار إليها، ذلك أن الأصل المقرر هو سريان قوانين المرافعات، على ما لم يكن فصل فيه من الدعاوى، أو ما لم يكن قد تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها، إلا ما استثنى بنص المادة الأولى من قانون المرافعات، كالقوانين المعدلة للاختصاص. وكان البين من مطالعة نص المادة (15) من هذا القانون أنه لم يعدل قاعدة الاختصاص المحلي التي رفعت في ظلها الدعوى الموضوعية، ومن ثم، فإن إلغاء هذه القاعدة - أو بالأصح إبدالها بمثلها - لا يحول - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - دون الطعن عليها من قبل من طبقت عليه خلال فترة نفاذها، وترتبت بمقتضاها آثار قانونية بالنسبة له إذ تتحقق بإبطالها مصلحته الشخصية المباشرة، حتى ولو تم الطعن على هذه القاعدة بعد إلغائها.
2 - الرقابة على الدستورية - على ما تواتر عليه قضاء هذه المحكمة - مناطها مخالفة النص الطعين لقاعدة تضمنها الدستور، ولا شأن لها بالتعارض بين نصين قانونيين جمعهما قانون واحد أو تفرقا بين قانونين مختلفين؛ ما لم يكن هذا التعارض منطوياً - بذاته - على مخالفة دستورية.
3 - لا محل للتحدي في مجال الاختصاص المحلي للمحاكم بالإخلال بمبدأ تكافؤ الفرص الذي تكفله الدولة للمواطنين وفقاً لنص المادة (8) من الدستور؛ إذ لا يقع إعماله إلا عند التزاحم على هذه الفرص، بغية تقرير أولوية في مجال الانتفاع بها لبعض المتزاحمين على بعض.
4 - لا يستقيم القول بمساواة مركز الحاضنة بالحاضن في اختيار المحكمة التي تقام أمامها دعوى الحضانة أو ضم الصغير؛ إذ يفرض عليها إما الانتقال إلى محكمة موطن المدعى عليه، مهما كبدها من مشقة أو نفقة، وإما الإقامة بالقرب من هذا الموطن، لينحل تعطيلاً لجوهر حريتها في الإقامة داخل بلدها، وهي فرع من حريتها الشخصية، التي كفل الدستور صونها، وضمن عدم المساس بها.
5 - سلطة المشرع في تنظيم الحقوق - ومن بينها حق التقاضي - أنها سلطة تقديرية ما لم يقيدها الدستور بضوابط معينة تعتبر حدوداً لها. وكان المشرع في مجال إنفاذ حق التقاضي غير مقيد بأشكال إجرائية محددة تعكس أنماطاً موحدة للخصومات القضائية، ولم يكن للأخصام - في الوقت ذاته - أصل حق في أن تنظر محكمة معينة نزاعاتهم. ومن ثم، فإذا ما فوض المشرع الأم طالبة الضم في اختيار المحكمة التي تتداعى إليها من بين محكمتين: المحكمة التي تقيم في دائرتها، أو محكمة موطن المدعى عليه، وجعل منه معياراً للاختصاص المحلي بدعوى ضم الصغير إلى حضانة أمه، استجابة منه للحاجات العملية، وتوخياً لمصلحة المحضون؛ فإنه يكون ملبياً أسمى غايات القضاء، وهي حماية الحقوق في أدق صورها لمن يلوذون به.


الإجراءات

بتاريخ الثامن والعشرين من فبراير سنة 1998، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طلباً للحكم بعدم دستورية نص المادة (24) من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادر بها المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت في ختامها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً أصلياً برأيها، أعقبته بتقرير آخر تكميلي تنفيذاً لقرار المحكمة في هذا الشأن.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعى عليها الخامسة، كانت قد أقامت ضد المدعي الدعوى رقم 8 لسنة 1997 ملي جزئي مصر الجديدة، التي استقرت حقيقة الطلبات فيها إلى ضم وتسليم الصغيرتين "جوستينا وكلارا" لحضانتها، ومنع تعرضه لها في ذلك، قولاً منها بأنها كانت زوجة للمدعي بصحيح العقد الشرعي الكنسي المؤرخ 20/ 7/ 1987 ورزقت منه بالصغيرتين المذكورتين، وأنها أحق منه بحضانتهما مما حدا بها إلى إقامة تلك الدعوى؛ وأثناء نظرها دفع المدعي بعدم دستورية نص المادة (24) من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادرة بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931؛ وبعد تقديرها جدية الدفع، أذنت محكمة الموضوع للمدعي برفع دعواه الدستورية، فأقامها.
وحيث إن النص الطعين يجري على النحو التالي:
"ترفع الدعوى أمام المحكمة التي بدائرتها محل إقامة المدعي أو المدعى عليه إذا كانت من الزوجة أو الأم أو الحاضنة في المواد الآتية:
- الحضانة.
- انتقال الحاضنة بالصغير إلى بلد آخر.
- أجرة الحضانة والرضاعة.....".
وحيث إن شرط المصلحة الشخصية المباشرة يحدد للخصومة الدستورية نطاقها؛ فلا تندرج تحتها إلا النصوص التشريعية التي يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها بصفة مباشرة على النزاع الموضوعي دون ما سواها؛ لما كان ذلك، وكانت حضانة الأم لصغيرتيها هي مدار الدعوى الموضوعية، فإن نطاق الدعوى الراهنة ينحصر في قاعدة الاختصاص المحلي بهذه المنازعة كما رسمه النص الطعين؛ ولا يغير من ذلك صدور القانون رقم 1 لسنة 2000 بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية؛ والعمل به اعتباراً من أول مارس سنة 2000؛ ونصه في المادة الرابعة من مواد إصداره على إلغاء لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادرة بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 المشار إليها، ذلك أن الأصل المقرر هو سريان قوانين المرافعات، على ما لم يكن فصل فيه من الدعاوى، أو ما لم يكن قد تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها، إلا ما استثنى بنص المادة الأولى من قانون المرافعات، كالقوانين المعدلة للاختصاص. وكان البين من مطالعة نص المادة (15) من هذا القانون أنه لم يعدل قاعدة الاختصاص المحلي التي رفعت في ظلها الدعوى الموضوعية، ومن ثم، فإن إلغاء هذه القاعدة - أو بالأصح إبدالها بمثلها - لا يحول - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - دون الطعن عليها من قبل من طبقت عليه خلال فترة نفاذها، وترتبت بمقتضاها آثار قانونية بالنسبة له إذ تتحقق بإبطالها مصلحته الشخصية المباشرة، حتى ولو تم الطعن على هذه القاعدة بعد إلغائها.
وحيث إن المدعى ينعى على النص الطعين مخالفته لنصوص المواد (8 و40 و68) من الدستور، فضلاً عن مخالفة الأصل المقرر في قانون المرافعات من عقد الاختصاص المحلي لمحكمة موطن المدعى عليه.
وحيث إن النعي في وجهه الأخير مردود بأن الرقابة على الدستورية - على ما تواتر عليه قضاء هذه المحكمة - مناطها مخالفة النص الطعين لقاعدة تضمنها الدستور، ولا شأن لها بالتعارض بين نصين قانونيين جمعهما قانون واحد أو تفرقا بين قانونين مختلفين؛ ما لم يكن هذا التعارض منطوياً - بذاته - على مخالفة دستورية.
وحيث إنه لا محل كذلك للتحدي في مجال الاختصاص المحلي للمحاكم بالإخلال بمبدأ تكافؤ الفرص الذي تكفله الدولة للمواطنين وفقاً لنص المادة (8) من الدستور؛ إذ لا يقع إعماله إلا عند التزاحم على هذه الفرص، بغية تقرير أولوية في مجال الانتفاع بها لبعض المتزاحمين على بعض.
وحيث إنه لا يستقيم القول بمساواة مركز الحاضنة بالحاضن في اختيار المحكمة التي تقام أمامها دعوى الحضانة أو ضم الصغير؛ إذ يفرض عليها إما الانتقال إلى محكمة موطن المدعى عليه، مهما كبدها من مشقة أو نفقة، وإما الإقامة بالقرب من هذا الموطن، لينحل تعطيلاً لجوهر حريتها في الإقامة داخل بلدها، وهي فرع من حريتها الشخصية، التي كفل الدستور صونها، وضمن عدم المساس بها.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن سلطة المشرع في تنظيم الحقوق - ومن بينها حق التقاضي - أنها سلطة تقديرية ما لم يقيدها الدستور بضوابط معينة تعتبر حدوداً لها. وكان المشرع في مجال إنفاذ حق التقاضي غير مقيد بأشكال إجرائية محددة تعكس أنماطاً موحدة للخصومات القضائية، ولم يكن للأخصام - في الوقت ذاته - أصل حق في أن تنظر محكمة معينة نزاعاتهم. ومن ثم، فإذا ما فوض المشرع الأم طالبة الضم في اختيار المحكمة التي تتداعى إليها من بين محكمتين: المحكمة التي تقيم في دائرتها، أو محكمة موطن المدعى عليه، وجعل منه معياراً للاختصاص المحلي بدعوى ضم الصغير إلى حضانة أمه، استجابة منه للحاجات العملية، وتوخياً لمصلحة المحضون؛ فإنه يكون ملبياً أسمى غايات القضاء، وهي حماية الحقوق في أدق صورها لمن يلوذون به؛ ويغدو النعي بمخالفة النص الطعين للدستور، عارياً عما يسانده من كافة وجوهه؛ متعيناً - والحال كذلك - رفض الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

القضية 134 لسنة 19 ق جلسة 4 / 4 / 2004 دستورية عليا مكتب فني 11 ج 1 دستورية ق 87 ص 527

جلسة 4 إبريل سنة 2004

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي - رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إلهام نجيب نوار ومحمد عبد العزيز الشناوي وماهر سامي يوسف والسيد عبد المنعم حشيش ومحمد خيري طه وسعيد مرعي عمرو وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما - رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

--------------

قاعدة رقم (87)
القضية رقم 134 لسنة 19 قضائية "دستورية"

دعوى دستورية "حجية الحكم فيها - عدم قبول الدعوى".
سابقة الحكم برفض الطعن على دستورية النص الطعين - حجيته مطلقة - عدم قبول الدعوى.

-------------------
سبق للمحكمة الدستورية العليا أن حسمت المسألة الدستورية المثارة في الدعوى الراهنة، بحكمها الصادر بجلسة 11/ 5/ 2003 في القضية رقم 135 لسنة 19 قضائية دستورية والذي قضى برفض الدعوى. وإذ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بعددها رقم 22 (تابع) بتاريخ 29/ 5/ 2003، وكان مقتضى نص المادتين (48، 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، باعتباره قولاً فصلاً في المسألة المقضي فيها، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد مما يكون متعيناً معه - والحال هكذا - الحكم بعدم قبول الدعوى الماثلة.


الإجراءات

بتاريخ الرابع والعشرين من يونيه سنة 1997، أودعت المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طلباً للحكم بعدم دستورية نص المادة (5/ 2) من القانون رقم 10 لسنة 1966 بشأن مراقبة الأغذية وتنظيم تداولها.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن النيابة العامة قدمت المدعية - في الدعوى الدستورية - للمحاكمة الجنائية في القضية رقم 6148 لسنة 1996 جنح دكرنس، بعد أن أسندت إليها أنها بتاريخ 12/ 3/ 1996 عرضت للبيع شيئاً من أغذية الإنسان غير صالح للاستهلاك الآدمي، وبتاريخ 8/ 10/ 1996 قضت المحكمة بمعاقبة المتهمة بالحبس سنة مع الشغل وغرامة عشرة آلاف جنيه، وإذ لم ترتض المحكوم ضدها هذا القضاء فطعنت عليه بالاستئناف رقم 8651 لسنة 1996 جنح مستأنف مأمورية دكرنس، وأثناء نظره دفعت بعدم دستورية نص المادة (5/ 2) من القانون رقم 10 لسنة 1966 المشار إليه، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع وصرحت بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقامت المدعية الدعوى الماثلة خلال الأجل القانوني المقرر.
وحيث إن المادة (5/ 2) من القانون رقم 10 لسنة 1966 بشأن مراقبة الأغذية وتنظيم تداولها - المطعون عليها - تنص على أن: "تعتبر الأغذية فاسدة أو تالفة في الأحوال الآتية:
2 - إذ انتهى تاريخ استعمالها المحدد المكتوب في بطاقة البيان الملصوق على عبواتها".
وحيث إن هذه المحكمة سبق لها أن حسمت المسألة الدستورية المثارة في الدعوى الراهنة، بحكمها الصادر بجلسة 11/ 5/ 2003 في القضية رقم 135 لسنة 19 قضائية دستورية والذي قضى برفض الدعوى. وإذ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بعددها رقم 22 (تابع) بتاريخ 29/ 5/ 2003، وكان مقتضى نص المادتين (48، 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، باعتباره قولاً فصلاً في المسألة المقضى فيها، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد مما يكون متعيناً معه - والحال هكذا - الحكم بعدم قبول الدعوى الماثلة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وبإلزام المدعية بالمصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الخميس، 30 أكتوبر 2025

الطعن 3493 لسنة 91 ق جلسة 4 / 12 / 2024

محكمة النقض
الدائرة المدنية
دائرة الأربعاء (ب)
برئاسة السيد القاضي/ عطاء سليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ د. مصطفى سعفان ، حسن إسماعيل ، رضا سالمان و أحمد عبد الحليم مهنا نواب رئيس المحكمة
وبحضور السيد رئيس النيابة/ محمد أحمد نادر.
وأمين السر السيد/ صلاح علي سلطان.
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
في يوم الأربعاء 2 من جمادى الآخرة سنة 1446 ه الموافق 4 من ديسمبر سنة 2024 م.
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 3493 لسنة 91 ق.
المرفوع من
............. المقيم في ناحية .... - مركز الزرقا - محافظة دمياط.
لم يحضر أحد عنه بالجلسة.
ضد
1- .......
المقيمة ...... - مدينة السلام - ثان المنصورة - محافظة الدقهلية.
2- وزير العدل بصفته.
3- وزير الداخلية بصفته.
4- رئيس مصلحة الأحوال المدنية بصفته.
ويعلنون بموطنهم القانوني بهيئة قضايا الدولة بالمنصورة.
----------------
" الوقائع "
في يوم 28/2/2021 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف المنصورة الصادر بتاريخ 29/12/2020 في الاستئناف رقم 309 لسنة 72 ق، وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه.
وفي 10/3/2021، 18/11/2024 أعلن المطعون ضدهم بصحيفة الطعن.
وفى 24/3/2021 أودعت المطعون ضدها الأولى مذكرة بدفاعها طلبت فيها رفض الطعن.
ثم أودعت النيابة مذكرتها دفعت فيها بعدم قبول الطعن لرفعه على غير ذي صفة بالنسبة للمطعون ضدهم من الثاني حتى الأخير بصفاتهم، وطلبت فيها قبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه.
وبجلسة 6/11/2024 عرض الطعن على المحكمة - في غرفة مشورة - فرأت أنه جدير بالنظر، فحددت لنظره جلسة للمرافعة.
وبجلسة 4/12/2024 سمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة، حيث صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها، والمحكمة أصدرت الحكم بذات الجلسة.
----------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر/ رضا سالمان " نائب رئيس المحكمة " والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى 37 لسنة ۲۰16 أمام محكمة المنصورة لشئون الأسرة "شرعي أجانب" ضد الطاعن وباقي المطعون ضدهم بطلب الحكم بتذييل الحكم الأجنبي رقم 30-99/ 8285 والصادر بتاريخ 18/1/2001 من المحكمة المدنية بفيينا بدولة النمسا بالصيغة التنفيذية، وذلك لتمكينها من تنفيذه وفقا للقانون المصري، وقالت بيانا لها: إنها استصدرت الحكم سالف البيان والذي قضى بانتهاء العلاقة الزوجية بينها وبين الطاعن - خلعا -، وأنها ترغب في تذييل ذلك الحكم بالصيغة التنفيذية، فقد أقامت الدعوى، قضت المحكمة برفض الدعوى بحكم استأنفته المطعون ضدها الأولى، وبجلسة 10/4/2018 قضت المحكمة الاستئنافية بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص محكمة أول درجة نوعيا بنظر النزاع وإحالته لمحكمة المنصورة الابتدائية للاختصاص، حيث قيدت برقم 2520 لسنة 2018 مدني محكمة المنصورة الابتدائية، قضت المحكمة برفض الدعوى، استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم بالاستئناف 309 لسنة 72 ق المنصورة، وبتاريخ 29/12/2020 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بتذييل الحكم الأجنبي الرقيم "30-99/ 8285 " الصادر بتاريخ 18/1/2001 من المحكمة المدنية بفيينا بدولة النمسا بالصيغة التنفيذية بانتهاء علاقتها الزوجية مع الطاعن، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن لرفعه على غير ذي صفة بالنسبة للمطعون ضدهم من الثاني حتى الأخير، وفي موضوع الطعن بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من النيابة العامة بعدم قبول الطعن لرفعه على غير ذي صفة بالنسبة للمطعون ضدهم من الثاني حتى الأخير، فهو في محله؛ ذلك أن المقرر- في قضاء هذه المحكمة - أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون خصما في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، بل يجب أن يكون قد نازع خصمه في طلباته أو نازعه خصمه في طلباته هو، وأن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم المطعون فيه حين صدوره، فإذا لم توجه إليه طلبات ولم يقض له أو عليه بشيء، فإن الطعن بالنسبة له يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضدهم من الثاني حتى الأخير لم توجه إليهم ثمة طلبات في الدعوى ووقفوا منها موقفا سلبيا ولم يقض لهم أو عليهم بشيء ولم تتعلق أسباب الطعن بهم، فيكون اختصامهم في الطعن غير مقبول.
وحيث إن الطعن - فيما عدا ما تقدم - استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول: إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بعدم جواز الأمر بوضع الصيغة التنفيذية على الحكم المقدم من المطعون ضدها الأولى، والصادر من المحكمة المدنية بفيينا بدولة النمسا لانتفاء كافة الشروط المنصوص عليها بالمادة 298 من قانون المرافعات واللازمة للأمر بتنفيذ الأحكام والأوامر الصادرة في بلد أجنبي في مصر؛ حيث إن النزاع متعلق بمسألة من مسائل الأحوال الشخصية - طلاق - بين زوجين مصريين، مما ينعقد الاختصاص بنظره للمحاكم المصرية دون غيرها فضلا عن أنه لم يمثل تمثيلا صحيحا بتلك الدعوى؛ إذ لم يتم إعلانه بها إعلانا قانونيا صحيحا، كما أنه لا توجد ثمة اتفاقية تعاون قضائي بين دولة مصر ودولة النمسا، إلا أن الحكم لم يبحث في توافر أي من هذه الشروط قبل الأمر بوضع الصيغة التنفيذية ورد عليها بما لا يواجهها ولا يصلح ردا عليها، وهو مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله؛ ذلك أن النص في المادة 296 من قانون المرافعات على أن "الأحكام والأوامر الصادرة في بلد أجنبي يجوز الأمر بتنفيذها بنفس الشروط المقررة في قانون ذلك البلد لتنفيذ الأحكام والأوامر المصرية فيه"، وفي المادة 298 من ذات القانون على أن "لا يجوز الأمر بالتنفيذ إلا بعد التحقق مما يأتي: (1) أن محاكم الجمهورية غير مختصة بالمنازعة التي صدر فيها الحكم أو الأمر وأن المحاكم الأجنبية التي أصدرته مختصة بها طبقا لقواعد الاختصاص القضائي الدولي المقررة في قانونها. (2) أن الخصوم في الدعوى التي صدر فيها الحكم قد كلفوا بالحضور ومثلوا تمثيلا صحيحا. (3) أن الحكم أو الأمر حاز قوة الأمر المقضي طبقا لقانون المحكمة التي أصدرته. (4) أن الحكم أو الأمر ... لا يتضمن ما يخالف النظام العام أو الآداب فيها"، يدل وعلى - ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه يمتنع على المحكمة المطلوب منها إصدار الأمر بتنفيذ الحكم الأجنبي إصدار هذا الأمر في حالة تخلف أي شرط من الشروط التي نصت عليها المادة 298 سالفة البيان، وأنه يجب على المحكمة من تلقاء نفسها أن تتحقق من هذه الشروط جميعا قبل إصدار الأمر بالتنفيذ. لما كان ذلك، وكان الاختصاص بنظر المنازعة التي صدر فيها الحكم الأجنبي المراد تنفيذه في مصر يستلزم التأكد من أمرين: أولهما: سلبي وهو أن محاكم جمهورية مصر العربية ليست مختصة بالمنازعة التي صدر فيها الحكم، وثانيهما: إيجابى وهو أن محاكم البلد الأجنبي التي صدر فيها الحكم مختصة بالمنازعة التي صدر فيها الحكم أو الأمر طبقا لقواعد الاختصاص القضائي الدولي المقررة في قانونها دون النظر لقواعد الاختصاص الداخلي النوعي أو المحلي، ولا يعتد بموافقة الخصوم على قبول اختصاص المحكمة الأجنبية دوليا بالفصل في النزاع، إلا إذا وافق ذلك قبولا من المشرع في البلد الأجنبي، وفى حالة الاختصاص المشترك فقد استقر الأمر في مصر على قبول اختصاص المحاكم الأجنبية التي رفع إليها الأمر أولا، وصدر منها الحكم إعمالا لدواعي المجاملة ومقتضيات الملائمة وحاجة المعاملات الدولية، كما وأن التأكد من صحة إعلان وتمثيل الخصوم في الدعوى أمام المحكمة الأجنبية يتم وفقا لقانون البلد الذي صدر فيه الحكم عملا بالمادة 22 من القانون المدني التي تخضع جميع الإجراءات لقانون البلد الذي صدر فيه الحكم وتجرى مباشرتها فيه، كما يشترط أن يحوز الحكم الأجنبي قوة الأمر المقضي طبقا لقانون المحكمة التي أصدرته. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بعدم اختصاص قضاء دولة النمسا بنظر النزاع المطروح، ولم يعرض الحكم لبحث هذا الدفاع لبيان ما إذا كان هذا القضاء مختصا بنظر النزاع طبقا لقواعد الاختصاص القضائي الدولي المقررة في قانون الدولة الأجنبية للمحكمة مصدرة الحكم، ولا يكفى في ذلك قالة الحكم المطعون فيه بمدوناته من أن الحكم المطلوب تذييله بالصيغة التنفيذية صادر من جهة قضائية مختصة - محاكم فيينا - بحسب قانونها وبمقتضى القانون الدولي الخاص، وذلك دون أن يبين سنده في ذلك، كما وأن الحكم المطعون فيه لم يتحقق من صحة إعلان الطاعن في الدعوى الصادر فيها الحكم المطلوب الأمر بتنفيذه، وكذا صحة تمثيله في الدعوى ومدى حيازة هذا الحكم لقوة الأمر المقضي طبقا لقانون المحكمة التي أصدرته مكتفيا بالقول بأن الحكم المطلوب تذييله بالصيغة التنفيذية لا يخالف النظام العام بجمهورية مصر العربية بما يجوز الأخذ به أمام المحاكم المصرية، ولو لم يكن قد أعطى الصيغة التنفيذية في مصر ولو كان شرط التبادل غير متوافر؛ إذ إن ذلك لا يفيد بالقطع أنه نهائي حائزا لقوة الأمر المقضي ولا يقطع بصحة تمثيل الطاعن تمثيلا صحيحا في الدعوى طبقا لقانون المحكمة مصدرة الحكم، وهو مما يعيب الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون فضلا عن قصوره في التسبيب وفساده في الاستدلال بما يعيبه ويوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل، فيه ولما تقدم، وكان الحكم المستأنف قد انتهى سديدا إلى رفض الدعوى، بما يتعين معه رفض الاستئناف رقم 309 لسنة 72 ق "المنصورة" وتأييد الحكم المستأنف.
لذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وألزمت المطعون ضدها الأولى المصروفات ومائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة، وحكمت في موضوع الاستئناف 309 لسنة 72 ق "المنصورة" برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وألزمت المطعون ضدها الأولى المصروفات ومائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الطعن 11516 لسنة 91 ق جلسة 1 / 1 / 2023 مكتب فني 74 ق 9 ص 71


جلسة الأول من يناير سنة 2023
برئاسة السيـد القاضي / منصور العشري "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة / محمد خلف، بهاء صالح، وليد رستم ومحمد العبد "نواب رئيس المحكمة".
-----------------
(9)
الطعن رقم 11516 لسنة 91 القضائية
(1) عمل "علاقة عمل: العاملون بشركات قطاع الأعمال العام".
قانون شركات قطاع الأعمال العام رقم 203 لسنة 1991 ولائحته التنفيذية ولوائح العاملين بشركات قطاع الأعمال العام. اعتبارها الأساس في تنظيم علاقات العاملين بهذه الشركات. عدم ورود نص خاص بها. أثره. الرجوع إلى أحكام قانون العمل.
(3،2) عمل "سلطة جهة العمل: وقف العامل: العاملون في شركة مصر للطيران" "سحب القرار الصادر من جهة العمل واختلافه عن الإنهاء".
(2) تحويل مؤسسة مصر للطيران إلى شركة قابضة وتبعية الشركة الطاعنة لها. أثره. وجوب تطبيق ما تصدره الأخيرة من لوائح متعلقة بنظام العاملين بها. وقف الشركة للعامل. شرطه. توافر إحدى حالاته. لازمه. وجوب عرض الأمر على المحكمة العمالية المختصة للتصديق على قرار الوقف أو رفضه. علة ذلك. موافقتها على الوقف. مؤداه. صرف نصف الأجر للعامل. عدم موافقتها. مؤداه. للشركة أن تأخذ بقرارها وتعيد العامل لعمله أو أن تستمر في إيقافه مع صرف أجره كاملًا.
(3) سحب القرار الصادر من جهة العمل. مفاده. تجريده من قوته وآثاره القانونية بأثر رجعي من وقت صدوره واعتباره كأنه لم يكن. اختلافه عن إنهاء القرار الذي يعني زواله بالنسبة للمستقبل فقط من تاريخ صدور قرار الإنهاء.
(4) حكم "عيوب التدليل: مخالفة الثابت بالأوراق: ما يعد كذلك".
مخالفة الثابت في الأوراق التي تبطل الحكم. ماهيته. ابتناء الحكم على تحصيل خاطئ للمحكمة لما هـو ثابت بالأوراق أو تحريف للثابت ماديًا في الأوراق.
(5) عمل "سلطة جهة العمل: سحب القرار الصادر من جهة العمل واختلافه عن الإنهاء".
إصدار الطاعنة قرارًا بإنهاء قرار إيقاف المطعون ضدهما عن العمل. قضاء الحكم المطعون فيه برفض دعواها بوقفهما عن العمل معتبرًا أن عدول الطاعنة عن قرار الوقف سحبًا له وليس إنهاءً مما حجبه عن بحث مدى مشروعية قرار الوقف قبل إنهائه. فساد وخطأ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر- في قضاء محكمة النقض - أن النص في الفقرة الأولى من المادة ٤٢، والفقرة الثالثة من المادة ٤٨ من قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم ۲۰۳ لسنة ۱۹۹۱ - يدل أن أحكام قانون قطاع الأعمال المشار إليه واللائحة التنفيذية الصادرة نفاذًا له بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم ١٥٩٠ لسنة ۱۹۹۱ وأحكام لوائح العاملين التي تصدر إعمالًا لحكم المادة ٤٢ من قانون قطاع الأعمال سالف الذكر هي الأساس في تنظيم علاقات العاملين بشركات قطاع الأعمال وأن الرجوع إلى أحكام قانون العمل لا يكون إلا عند خلو القانون واللوائح من أي نص بشأنه.
2- مفاد النص في المادتين الأولى والتاسعة من قرار رئيس الجمهورية رقم ۱۳۷ لسنة ۲۰۰۲ - بشأن تحويل مؤسسة مصر للطيران إلى شركة قابضة - أن ما تصدره الشركة الطاعنة (شركة مصر للطيران للخطوط الجوية التابعة لشركة مصر للطيران القابضة) من لوائح متعلقة بنظام العاملين بها هي الواجبة التطبيق وكانت الطاعنة قد أصدرت لائحة المخالفات والجزاءات التأديبية للعاملين بالشركة ويدل نص المادة ٤٢ منها على أنه يجوز للطاعنة وقف العامل إذا توافرت إحدى حالاته، وأنه خشية من استعمالها لهذه الرخصة على نحو غير صحيح أوجبت اللائحة عرض الأمر على المحكمة العمالية المختصة للتصديق على قرار الوقف أو رفضه، فإذا وافقت على الوقف فيُصرف للعامل نصف أجره، أما إذا لم توافق عليه فإن ذلك لا يؤدي بالضرورة إلى إلغاء قرار الوقف، إذ يكون لها أن تأخذ بقرارها وتعيد العامل لعمله أو أن تستمر في إيقافه مع صرف أجره كاملًا.
3- إذ كان سحب القرار الصادر من جهة العمل يعني تجريده من قوته وآثاره القانونية بأثر رجعي من وقت صدوره واعتبار القرار كأنه لم يكن، وهو يختلف عن إنهاء القرار والذي يعني زوال القرار بالنسبة للمستقبل فقط من تاريخ إصدار قرار الإنهاء.
4- المقرر- في قضاء محكمة النقض - أن مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم هي أن يكون الحكم قد بني على تحصيل خاطئ لما هو ثابت بالأوراق أو على تحريف للثابت ماديًا ببعض هذه الأوراق.
5- إذ كان الثابت بالأوراق أن الطاعنة أصدرت القرار رقم ٢ لسنة ٢٠٢٠ بعد صدور قرار نيابة الأموال العامة بحبس المطعون ضدهما احتياطيًا على ذمة القضية رقم .... لسنة ۲۰۱۹ أموال عامة، ثم أصدرت القرار رقم ٢٩٤ لسنة ٢٠٢٠ بتاريخ 19/3/2020 بإنهاء قرار الإيقاف، وكان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدعوى (دعوى وقف المطعون ضدهما عن العمل) على سند من أن الطاعنة عدلت عن قرار الوقف، وكان هذا الذي ذهب إليه لا تحتمله عبارات القرار الأخير والتي حصلها الحكم المطعون فيه بمدوناته من أنه نص في المادة الأولى منه على إنهاء العمل بالأمر الإداري رقم ۲ لسنة ۲۰۲۰ - وليس سحبه - وهو ما حجبه عن بحث مدى مشروعية القرار رقم ٢ لسنة ٢٠٢٠ قبل إنهائه بتاريخ 19/3/2020، فإنه يكون معيبًا بالفساد في الاستدلال الذي جره للخطأ في تطبيق القانون.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن الطاعنة - شركة مصر للطيران للخطوط الجوية - أقامت الدعوى رقم.... لسنة ۲۰۲۰ عمال شمال القاهرة الابتدائية على المطعون ضدهما بطلب الحكم بإيقافهما عن العمل وعدم صرف نصف أجر كل منهما الموقوف صرفه، وقالت بيانًا لدعواها إن المطعون ضدهما من العاملين لديها، وصدر قرار من نيابة الأموال العامة بحبسهما على ذمة القضية رقم .... لسنة ۲۰۱۹ حصر أموال عامة عليا فأوقفتهما عن العمل مع صرف نصف أجرهما، وأقامت دعواها للحكم بطلبها سالف البيان. أجابتها المحكمة لطلباتها بحكم استأنفه المطعون ضده الثاني لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم .... لسنة ٢٤ ق واستأنفته المطعون ضدها الأولى لدى ذات المحكمة بالاستئناف رقم .... لسنة ٢٤ ق، ضمت المحكمة الأخير للأول وبتاريخ 5/5/2021 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك تقول إن المطعون ضدهما اتهما في الجناية رقم .... لسنة ۲۰۱۹ أموال عامة عليا فأصدرت القرار رقم ٢ لسنة ۲۰۲۰ وفق لائحتها الواجبة التطبيق بوقفهما عن العمل وعرض الأمر على المحكمة العمالية، ثم أصدرت القرار رقم ٢٩٤ لسنة ۲۰۲۰ -وفق سلطتها- بإنهاء قرار الوقف رقم 2 لسنة ۲۰۲۰ بداية من تاريخ 19/3/2020 إلا أن الحكم المطعون رفض طلبها بقالة أنها عدلت عن قرار الإيقاف رغم أنها لم تعدل عن القرار وإنما أنهته من تاريخ صدور القرار اللاحق وهو مما يعيب الحكم ويستوجب نقضـه.
وحيث إن هذا النعي في محله؛ ذلك أن من المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن النص في الفقرة الأولى من المادة ٤٢ من قانون شركات قطاع الأعمال العام الصادر بالقانون رقم ۲۰۳ لسنة ۱۹۹۱ على أن " تضع الشركة بالاشتراك مع النقابة العامة المختصة اللوائح المتعلقة بنظام العاملين بها. وتتضمن هذه اللوائح على الأخص نظام الأجور والعلاوات والبدلات والإجازات طبقًا للتنظيم الخاص بكل شركة، وتعتمد هذه اللوائح من الوزير المختص ...."، وفي الفقرة الثالثة من المادة ٤٨ من ذات القانون على أنه " كما تسري أحكام قانون العمل على العاملين بالشركة فيما لم يرد بشأنه نص خاص في هذا القانون أو اللوائح الصادرة تنفيذًا له." يدل أن أحكام قانون قطاع الأعمال المشار إليه واللائحة التنفيذية الصادرة نفاذًا له بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم ١٥٩٠ لسنة ۱۹۹۱ وأحكام لوائح العاملين التي تصدر إعمالًا لحكم المادة ٤٢ من قانون قطاع الأعمال سالف الذكر هي الأساس في تنظيم علاقات العاملين بشركات قطاع الأعمال، وأن الرجوع إلى أحكام قانون العمل لا يكون إلا عند خلو القانون واللوائح من أي نص بشأنها، وأن قرار رئيس الجمهورية رقم ۱۳۷ لسنة ۲۰۰۲- بشأن تحويل مؤسسة مصر للطيران إلى شركة قابضة - بعد أن نص في المادة الأولى منه على أن " تحول مؤسسات مصر للطيران إلى شركة قابضة تسمى (الشركة القابضة لمصر للطيران) وفقًا لأحكام القانون ۲۰۳ لسنة ۱۹۹۱ وتتبعها الشركات الآتية: ١- شركة مصر للطيران للخطوط الجوية. ٢-..."، وأوجب في المادة التاسعة منه على اتخاذ الإجراءات اللازمة لنقل العاملين الذين يصدر بتحديدهم قرار من وزير الطيران المدني إلى الشركة القابضة والشركات التابعة لها بذات أوضاعهم الوظيفية، ويستمر العمل باللوائح المنظمة لشئونهم، وذلك إلى أن تصدر لوائح أنظمة العاملين بالشركات المنقولين إليها طبقًا لأحكام قانون شركات قطاع الأعمال العام ، فإن مفاد ذلك أن ما تصدره الشركة الطاعنة من لوائح متعلقة بنظام العاملين بها هي الواجبة التطبيق وكانت الطاعنة قد أصدرت لائحة المخالفات والجزاءات التأديبية للعاملين بالشركة ونصت في المادة ٤٢ منها -على نحو ما أثبت الحكم المطعون فيه بمدوناته- على أنه " إذا اتهم العامل بارتكاب جناية أو بارتكاب جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة أو اتهم بارتكاب جنحة داخل دائرة العمل جاز لرئيس مجلس الإدارة وقفه مؤقتًا، وعليه أن يعرض الأمر على المحكمة العمالية خلال ثلاثة أيام من تاريخ الوقف، وعلى المحكمة أن تبت في الحالة المعروضة عليها خلال سبعة أيام من تاريخ العرض، فإذا وافقت على الوقف يصرف للعامل نصف أجره، أما في حالة عدم الموافقة على الوقف يُصرف أجر العامل كاملًا من تاريخ وقفه." يدل على أنه يجوز للطاعنة وقف العامل إذا توافرت إحدى حالاته، وأنه خشية من استعمالها لهذه الرخصة على نحو غير صحيح أوجبت اللائحة عرض الأمر على المحكمة العمالية المختصة للتصديق على قرار الوقف أو رفضه، فإذا وافقت على الوقف فيُصرف للعامل نصف أجره، أما إذا لم توافق عليه، فإن ذلك لا يؤدي بالضرورة إلى إلغاء قرار الوقف، إذ يكون لها أن تأخذ بقرارها وتعيد العامل لعمله أو أن تستمر في إيقافه مع صرف أجره كاملًا، ولما كان من المقرر أن سحب القرار الصادر من جهة العمل يعني تجريده من قوته وآثاره القانونية بأثر رجعي من وقت صدوره واعتبار القرار كأنه لم يكن، وهو يختلف عن إنهاء القرار والذي يعني زوال القرار بالنسبة للمستقبل فقط من تاريخ إصدار قرار الإنهاء، وكان من المقرر أيضًا-في قضاء هذه المحكمة- أن مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم هي أن يكون الحكم قد بني على تحصيل خاطئ لما هو ثابت بالأوراق أو على تحريف للثابت ماديًا ببعض هذه الأوراق؛ لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعنة أصدرت القرار رقم ٢ لسنة ٢٠٢٠ بعد صدور قرار نيابة الأموال العامة بحبس المطعون ضدهما احتياطيًا على ذمة القضية رقم .... لسنة ۲۰۱۹ أموال عامة، ثم أصدرت القرار رقم ٢٩٤ لسنة ٢٠٢٠ بتاريخ 19/3/2020 بإنهاء قرار الإيقاف، وكان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدعوى على سند من أن الطاعنة عدلت عن قرار الوقف، وكان هذا الذي ذهب إليه لا تحتمله عبارات القرار الأخير والتي حصلها الحكم المطعون فيه بمدوناته من أنه نص في المادة الأولى منه على إنهاء العمل بالأمر الإداري رقم ۲ لسنة ۲۰۲۰ -وليس سحبه- وهو ما حجبه عن بحث مدى مشروعية القرار رقم ٢ لسنة ٢٠٢٠ قبل إنهائه بتاريخ 19/3/2020، فإنه يكون معيبًا بالفساد في الاستدلال الذي جره للخطأ في تطبيق القانون بما يعيبه ويستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن على أن يكون مع النقض الإحالة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشروط الواجب توفرها في الأسرة البديلة لرعاية الطفل

من فتاوى: فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد

تاريخ الفتوى: 22 مارس 2007 م
رقم الفتوى: 6771
التصنيف: آداب وأخلاق
السؤال:

سؤال عن النظام المتبع بشأن الأسر البديلة في إحدى البلدان؛ حيث تقوم الدولة بتسليم الأسرة البديلة طفلًا لرعايته في حالة ما إذا كانت الأم داخل هذه الأسرة البديلة أو شقيقتها مرضعًا؛ بحيث يصبح وجود الطفل داخل هذه الأسرة البديلة بشكل يتوافق مع الشريعة الإسلامية، فما الحكم في ذلك.
الجواب:

يُشتَرَط فيمن يريد رعاية طفل مع أسرته سواء أكان له أولاد أم لا ألا يَنْسِب الطفل إلى نفسه؛ لأن هذا من الكبائر.

ويُشتَرَط أن يكون الولد في سنّ الرضاعة؛ وهي سنتان قمريتان.

وإذا كان الولد ذكرًا فينبغي له حينئذٍ أن يجعله يَرْضَع من زوجته -الأم البديلة- أو أمها أو أختها أو بنتها أو زوجة ابنها أو زوجة أخيها، وإذا كان أنثى فينبغي أن تَرضَعَ من زوجة أخرى له إن كان أو من أمه أو أخته أو ابنته أو زوجة أخيه أو زوجة ابنه إن كان في ثدي المرضعة ما ترضعه به، وإلَّا تناولت من المواد غير الضارة ما يساعدها على إدرار اللبن فترضعُهُ خمسَ رضعات متفرقات على الأقل؛ حتى يمكن أن يُقِيم مع هذه الأسرة بلا حرج من المعيشة مع الذكور فيها -إن كان الولد أنثى- أو المعيشة مع الإناث فيها -إن كان الولد ذكرًا-.
ويُشْتَرَط كون الأسرة البديلة من المسلمين، وألا تكون بهم أمراض مُعْدِية يُخْشَى انتقالها إلى الطفل الذي يرغبون في رعايته واستضافته.

ويُشْتَرَط السماح برقابة خارجية ومتابعة دورية؛ للتأكد من عدم الإساءة للطفل أو استغلاله استغلالًا محرمًا شرعًا أو قانونًا.

والنظام المُتبَّع المذكور بالسؤال لا بأس به، باستثناء مسألة كون شقيقة الأم في الأسرة البديلة مرضعًا، ففيه قصور وعدم استيعاب، فهذا يكون مجديًا فيما لو كان الولد ذكرًا كما بينَّا آنفًا، أمَّا إن كان أنثى فغاية الأمر أن تكون الطفلة الرضيعة بنتًا لأخت الأم البديلة، فالحرمة بين الأب البديل وبين الطفلة محلّ الرعاية حرمة مؤقتة وليست مؤبدة، فلا يتحقق المقصود الشرعي حينئذٍ.

وما نقترحه نرجو أن يكون مستوعبًا ووافيًا بالمطلوب.

والله سبحانه وتعالى وأعلم.

الطعن 431 لسنة 95 ق جلسة 22 / 5 / 2025

باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
دائرة الخميس ( د )
المؤلفة برئاسة السيد القاضي / محمد العكازي " نائب رئيس المحكمة " وعضوية السادة القضاة / علاء البغدادي و عصام إبراهيم محمد رشاد و محمد الدخميسي " نواب رئيس المحكمة "
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / محمد عزوز .
وأمين السر السيد / ياسر حمدي .
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .
في يوم الخميس 24 من ذي القعدة سنة 1446 ه الموافق 22 من مايو سنة 2025 م .
أصدرت الحكم الآتي :
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 431 لسنة 95 القضائية .
المرفوع من
......... " المحكوم عليه - الطاعن "
ضد
النيابة العامة
----------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم ٣٦٥١ لسنة ٢٠٢٣ مركز ناصر ( المقيدة بالجدول الكلي برقم ٦٤٨٦ لسنة ۲۰٢٣ بني سويف ) بأنه في 20 من فبراير سنة 2023 - بدائرة مركز ناصر - محافظة بني سويف .

- أحرز جوهرا مخدرا ( الترامادول ) بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وفي غير الأحوال المصرح بها قانونا 
وأحالته إلى محكمة جنايات بني سويف - بدرجتها الأولى - لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضوريا بجلسة ١٧ من يوليو سنة ٢٠٢٤ ، وعملا بالمواد ١/١ ، 2 ، 38 /1 ، 42 /1 من القانون رقم ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ المعدل بالقانون رقم ١٢٢ لسنة ۱۹۸۹ والبند رقم (۱۱۷) من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار هيئة الدواء المصرية رقم ٦٠٠ لسنة ۲۰۲۳ ، بمعاقبة / عبد الرحمن عبد الغفار محمد عبد الحق بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيها وألزمته المصروفات الجنائية وأمرت بمصادرة الجوهر المخدر المضبوط .
وإذ لم يلق ذلك القضاء قبولا لدى المحكوم عليه فطعن عليه بطريق الاستئناف ، وقيد استئنافه برقم 769 لسنة 2024 جنايات مستأنف بني سويف .
ومحكمة جنايات بني سويف – بهيئة استئنافية – قضت حضوريا بجلسة 21 من أكتوبر سنة 2024 ، بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف المصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في 24 من أكتوبر سنة 2024 ، وأودعت مذكرة بأسباب طعنه بالنقض في 12 من ديسمبر سنة 2024 موقعا عليها من الأستاذ / ...... المحامي .
وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانونا :
حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون .
ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة جوهر الترامادول المخدر بغير قصد من الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وفي غير الأحوال المصرح بها قانونا ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع وران عليه البطلان ؛ ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى بيانا تتحقق به أركان الجريمة التي دانه بها ومؤدى الأدلة التي أقام عليها قضاءه ووجه استدلاله بها في الإدانة ، ولم ينشأ لنفسه أسبابا منطقية ، ولم يحفل بدفاعه القائم على انتفاء الركنين المادي والمعنوي ، ورد قاصرا على الدفع ببطلان إجراءات التفتيش لمخالفته للمادة ٣٤ من قانون الإجراءات الجنائية والمادة ٨٥ من القانون رقم ١٢٧ لسنة ١٩٥٥ في شأن مزاولة مهنة الصيدلة لعدم وجود إذن من النيابة العامة ولانتفاء حالة التلبس فضلا عن ضبط المخدر في مكان مغلق دون أن يدرك مأموري الضبط القضائي - مفتشي الصيدلة - كنه ما بداخله بما ينبئ عن تجاوزهما حدود التفتيش الإداري ، ويبطل معه الدليل المستمد من تلك الإجراءات وشهادة القائمين بها ، وعول الحكم في قضائه بالإدانة على أقوال مفتشي الصيدلة والضابط مجري التحريات رغم أن أيا منها لا يرقى إلى مرتبة الدليل ودون دليل مادي أو فني أو شاهد رؤية يؤيدها ومع أن أقوال مفتشي الصيدلة جاءت متناقضة مع بعضها البعض استدلالا وبالتحقيقات كما أنها أقوالا مرسلة أرادا بها الزج به في الاتهام ، فضلا عن أن تحريات المباحث جاءت مكتبية وترديدا لأقوالهما وهي لا تعدو مجرد قرينة لا تعبر إلا عن رأي مجريها مطرحا بما لا يصلح ردا الدفع بعدم جديتها وانعدامها ، والتفت عن دفوعه بانعدام سيطرته على مكان العثور على المخدر وخضوعه لسيطرة الطبيبة مالكة الصيدلية بدلالة أقوالها بالتحقيقات ، واختلاف ما تم ضبطه عما تم عرضه على النيابة العامة وجرى فحصه ، وبطلان محضر الضبط لشواهد عددها ، وخلا محضر الجلسة والحكم مما يفيد اطلاع المحكمة على المستندات المقدمة منه وإثبات مضمونها ، وأخيرا لم تعن المحكمة بتحقيق أوجه دفاعه ؛ كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات وضابط التحريات وتقرير المعامل الكيماوية والإقرار الموثق بالشهر العقاري الصادر من المتهم ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققا لحكم القانون ؛ ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد .لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة الاستئنافية إذا ما رأت تأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بني عليها فليس في القانون ما يلزمها أن تذكر تلك الأسباب في حكمها بل يكفي أن تحيل عليها إذ الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيرادها وتدل على أن المحكمة اعتبرتها كأنها صادرة منها . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة الاستئنافية رأت - وبحق - كفاية الأسباب التي بني عليها الحكم المستأنف بالنسبة لبيان الواقعة المستوجبة للعقوبة وثبوتها في حق الطاعن ؛ فإن ذلك يكون منها تسبيبا كافيا ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالا مباشرا أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأي صورة عن علم وإرادة أما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ، ولو لم تتحقق الحيازة المادية ، كما أن القصد الجنائي يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحوزه من المواد المخدرة ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالا عن أي من الركنين بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف كافيا في الدلالة على قيامهما ، وإذا كان ما أورده الحكم المطعون فيه كافيا في الدلالة على حيازة الطاعن للمخدر المضبوط وعلى علمه بكنهه ، هذا فضلا عن أن البين من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه قد عرض للدفع بانتفاء أركان الجريمة في حقه ، ورد عليه برد سائغ ويتفق وصحيح القانون ؛ فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان يبين من نص المادة ۲۳ من قانون الإجراءات الجنائية أن مأموري الضبط القضائي ذوي الاختصاص العام ، بعضهم ذو اختصاص خاص مقصور على جرائم معينة تحددها طبيعة وظائفهم ، والحكمة التي من أجلها أسبغ القانون عليهم وعلى الهيئات التي ينتمون إليها كيانا خاصا يميزهم عن غيرهم ، وهم الذين عنتهم المادة ٢٣ عندما أوردت بعد وضع قائمة مأمور الضبط السالف ذكرهم قولها : ( ويجوز بقرار من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص تخويل بعض الموظفين صفة مأموري الضبط القضائي بالنسبة إلى الجرائم التي تقع في دائرة اختصاصهم وتكون متعلقة بأعمال وظائفهم .... ) . كما أن القانون ١٥١ لسنة ٢٠١٩ بإصدار قانون إنشاء هيئة الدواء المصرية قد صدر ونشر بالجريدة الرسمية في 25/8/2019 ونص في المادة الثانية منه : ( بأن تحل هيئة الدواء المصرية محل وزارة الصحة والسكان في الاختصاصات المنصوص عليها في القانون رقم ١٢٧ لسنة ١٩٥٥ في شأن مزاولة مهنة الصيدلية ونصت المادة ۲۸ منه أيضا على أن يكون للعاملين بهيئة الدواء المصرية الذين يصدر بتحديدهم قرار من وزير العدل بالاتفاق مع رئيس مجلس إدارة الهيئة صفة الضبطية القضائية وذلك بالنسبة للجرائم المنصوص عليها في القانون ١٢٧ لسنة ١٩٥٥ - آنف الذكر - ولهم في سبيل ذلك دخول أي منشأة تخضع لرقابتها وتفتيشها .... ) وذلك كله على النحو الذي تبينه اللائحة التنفيذية لهذا القانون . ثم صدرت - تبعا لذلك - اللائحة التنفيذية بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم ۷۷۷ لسنة ۲۰۲۰ والتي عمل بها اعتبارا من 30/3/2020 وجاء بالمادة 17/2 منها ( تباشر هيئة الدواء المصرية الاختصاصات الرقابية الآتية ٢- الرقابة والمتابعة والتفتيش على جميع أنواع المنشآت الصيدلية وعلى العاملين فيها واتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالفين .... ) ، ونصت المادة ۳۱ من ذات اللائحة على أن ( .... يكون للعاملين بالهيئة القائمين على تنفيذ أحكام القانون والقوانين واللوائح التي تدخل في نطاق عمل الهيئة الذين يصدر بتحديدهم قرار من وزير العدل بالاتفاق مع رئيس مجلس إدارة الهيئة دون غيرهم صفة مأموري الضبط القضائي في إثبات الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام تلك القوانين والقرارات الصادرة تنفيذا لها ) . لما كان ما تقدم ، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان إجراءات التفتيش واطرحه برد مفاده أن شاهدي الإثبات الأول والثانية من مفتشي الصيدليات بهيئة الدواء المصرية هما من أجريا تفتيش الصيدلية وضبط المادة المخدرة ، وأنهما من المختصين بذلك وفقا للقانون ، وهو رد يتفق وصحيح القانون ، ولا محل لما يثيره الطاعن بشأن التفتيش الإداري وتجاوز مأموري الضبط حدوده بعد أن انتهى الحكم إلى قيام حالة التلبس التي تبيح القبض والتفتيش ، ولا على مأمور الضبط القضائي إن هو لم يسع للحصول على إذن من النيابة العامة بذلك ، إذ لم يكن في حاجة إليه ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أثبت صحة إجراءات تفتيش الصيدلية الخاضعة لإدارة الطاعن ، فإن في هذا ما يتضمن بذاته الرد على ما أثاره الطاعن في شأن بطلان الدليل المستمد مما أسفر عنه التفتيش بما يدل على اطراحه ، وكان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ، ولا يكون ذلك إلا عند قيام البطلان وثبوته ، ومتى كان لا بطلان فيما قام به مأموري الضبط القضائي من تفتيش الصيدلية الخاضعة لإدارة الطاعن ، فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي عولت على أقوالهما في إدانته ؛ ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير قويم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير الدليل موكول لمحكمة الموضوع وأنه متى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، ولما كانت الأدلة التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجريمة التي دين بها ؛ ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى - ولا يماري في ذلك الطاعن - ، كما أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه ، فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين ، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وهي متى أخذت بشهادته ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ولها أن تعول على شهادته دون أن يسانده شاهد رؤية آخر لما هو مقرر من أن الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وهو ما لا ينازع فيه الطاعن ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شاهدي الإثبات والتي تأيدت بتحريات الشرطة وما ثبت بتقرير المعمل الكيماوي والإقرار الموثق بالشهر العقاري الصادر من المتهم والتي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجريمة التي دين بها ؛ فإن ما كل ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى بما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان تقدير جدية التحريات هو من المسائل الموضوعية التي تخضع لإشراف محكمة الموضوع ، وأن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، وكان لا ينال من صحتها أن تكون ترديدا لما أبلغ به القائمين بالضبط لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ ، وكانت المحكمة قد أبدت اطمئنانها إلى تحريات الشرطة بجانب ما ساقته من دليل أساسي في الدعوى ؛ فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل جدل موضوعي في تقدير دليل الدعوى ولا يجوز مصادرتها فيه أمام محكمة النقض ، وفضلا عن ذلك ، فإن الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم جدية التحريات واطرحه استنادا إلى اطمئنان المحكمة إلى صحة هذه التحريات وجديتها ، وهو ما يعد كافيا للرد على ما أثير في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يشترط لاعتبار الجاني حائزا لمادة مخدرة أن يكون محرزا للمادة المضبوطة بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطا عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصا غيره ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالا عن هذا الركن بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه ، وكان الدفع بعدم سيطرة المتهم على مكان الضبط وانتفاء صلته بالواقعة وأن مرتكب الجريمة شخصا آخر لا سيما أنه ليس مالك الصيدلية من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة ردا خاصا اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها بما يفيد اطراحها ، وكان الحكم قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة المحكمة من انبساط سلطان الطاعن على المخدر المضبوط تأسيسا على أدلة سائغة وتتفق والاقتضاء العقلي ؛ فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ولا عليها إن هي التفتت عن أي دليل آخر لأن في عدم إيرادها له ما يفيد اطراحه وعدم التعويل عليه ؛ ومن ثم فإن نعي الطاعن على الحكم إغفاله أقوال الطبيبة مالكة الصيدلية لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكانت إجراءات التحريز إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلانا بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل ، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن المخدر المضبوط لم يمتد إليه يد العبث ، وكان جدل الطاعن والتشكيك في انقطاع الصلة بين المواد المخدرة المضبوطة المثبتة بمحضر الشرطة عن تلك المقدمة للنيابة والتي أجري عليها التحليل إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال شاهدي الإثبات وفي عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في عقيدتها في ذلك وهو من إطلاقاتها ، ولا جناح عليها إن هي التفتت عن الرد على دفاعه هذا - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ما دام أنه ظاهر البطلان . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من نعي على الحكم لعدم رده على دفعه ببطلان محضر الضبط فمردودا بأن الحكم قد بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ، ولم يعول على أي دليل مستمد من محضر الضبط ؛ ومن ثم فإنه قد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالا على هذا الدفع . لما كان ذلك ، وكان ينبغي لقبول وجه الطعن أن يكون واضحا محددا ، وكان الطاعن لم يفصح عن ماهية المستندات التي لم يعرض لها الحكم حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى ، هذا فضلا عن أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد اطلعت على حوافظ المستندات المقدمة من الطاعن والتي طويت على صورة من حكم استرشادي وقيد زواج الطاعن وقيد ميلاد أبناءه وشهادات تقدير حاصل عليها من جهة عمله ، ولم تر فيها ما يغير وجه الرأي لديها فاطرحتها ؛ فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إجراء تحقيق معين في شأن ما أثاره من دفاع ، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه .لما كان ما تقدم ؛ فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه .

القضية 63 لسنة 25 ق جلسة 7 / 3 / 2004 دستورية عليا مكتب فني 11 ج 1 دستورية ق 86 ص 522

جلسة 7 مارس سنة 2004

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي - رئيس المحكمة وبحضور السادة المستشارين: ماهر البحيري وعدلي محمود منصور وعلي عوض محمد صالح وعبد الوهاب عبد الرازق والدكتور عادل عمر شريف وتهاني محمد الجبالي. وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما - رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

----------------

قاعدة رقم (86)
القضية رقم 63 لسنة 25 قضائية "دستورية"

دعوى دستورية "حجية الحكم فيها - اعتبار الخصومة منتهية".
سابقة الحكم بعدم دستورية النص الطعين - حجيته مطلقة - انتهاء الخصومة.

---------------
سبق أن حسمت المحكمة الدستورية العليا المسألة الدستورية المثارة في الدعوى الماثلة بحكمها الصادر بجلسة 3/ 11/ 2002 في القضية رقم 70 لسنة 18 قضائية "دستورية"، وكان محل الطعن فيها نص الفقرتين الأولى والثالثة من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 سالف الذكر، وقضى هذا الحكم أولاً: بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه فيما لم يتضمنه من النص على انتهاء عقد الإيجار الذي يلزم المؤجر بتحريره لمن لهم الحق في شغل العين بانتهاء إقامة آخرهم بها، سواء بالوفاة أو الترك، ورفض ما عدا ذلك من طلبات (وهذا قضاء برفض الطعن على الفقرة الأولى من المادة "29" من القانون سالف الذكر وقضاء بدستوريته) ثانياً: بتحديد اليوم التالي لنشر هذا الحكم تاريخاً لإعمال أثره. وإذ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بعددها رقم 46 بتاريخ 14/ 11/ 2002، وكان مقتضى نص المادتين (48، 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولاً فصلاً لا يقبل تأويلاً ولا تعقيباً من أي جهة كانت، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد لمراجعته، فإن الخصومة في الدعوى الراهنة تكون منتهية القضاء برفض الدعوى بالنسبة لنص الفقرة الأولى من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر.


الإجراءات

بتاريخ الخامس من شهر فبراير سنة 2003، ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الاستئنافين رقمي 3644، 3720 لسنة 4 قضائية (استئناف القاهرة) بعد أن قضت أولاً: في الاستئناف الأول برفضه وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى الأصلية المستأنفة وألزمت المستأنف المصاريف، ثانياً. : . بوقف الاستئناف رقم 3720 لسنة 4 قضائية وإحالته إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما نصت عليه من أنه لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر إذا بقى فيه أولاده الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - تتحصل في أن المستأنف في الاستئناف الأول سبق وأقام الدعوى رقم 1606 لسنة 1997 كلي إيجارات أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية، ضد السيد/ عبد الوهاب مرسي سليمان ومدبولي أحمد حسين، طالباً الحكم بإلزامهما بتحرير عقد إيجار له عن عين النزاع الكائنة بالعقار رقم 5 عطفة شعراوي حارة علي عبد الرحيم روض الفرج القاهرة امتداداً لعقد جده لأمه "المستأجر الأصلي" بموجب عقد الإيجار المؤرخ 1/ 2/ 1962، تدخلت المستأنف ضدها الثالثة انضمامياً للمدعى عليهما بطلب الحكم برفض الدعوى، كما تدخلت المستأنف ضدها الرابعة هجومياً بطلب الحكم بإلزام المدعى عليهما بتحرير عقد الإيجار لصالحها تأسيساً على أنها كانت تقيم مع والدها - "المستأجر الأصلي" - إقامة مستقرة حتى وفاته، وأثناء تداول الدعوى الابتدائية أقام المدعى عليه الأول دعوى فرعية، طالباً إنهاء عقد الإيجار وتسليمه عين التداعي خالية. وبجلسة 27/ 3/ 2000 حكمت محكمة أول درجة برفض الدعوى الأصلية وقبول الدعوى الفرعية شكلاً وفي موضوعها بإنهاء عقد الإيجار المؤرخ 1/ 2/ 1962، مؤسسة قضاءها على أن المدعي في الدعوى الأصلية حفيد المستأجر الأصلي ومن ثم لا يستفيد من الامتداد القانوني بعد أن قضى بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977، كما رفضت تدخل المستأنف ضدها الرابعة هجومياً لعدم وجود دليل على إقامتها مع المستأجر الأصلي بعين التداعي، وإذ لم يرتض المستأنف هذا القضاء فقد طعن عليه بالاستئناف رقم 3644 لسنة 4 قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة، كما طعنت عليه المتدخلة هجومياً بالاستئناف رقم 3720 لسنة 4 قضائية، فضمت المحكمة الاستئنافين معاً وبجلسة 20/ 3/ 2002 أصدرت حكمها برفض الاستئناف الأول وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى الأصلية المستأنفة، ووقف الاستئناف الثاني وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية الفقرة الأولى من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 - لما تراءى لها من مخالفتها لأحكام المواد (7، 32، 40) من الدستور.
وحيث إن هذه المحكمة سبق لها أن حسمت المسألة الدستورية المثارة في الدعوى الماثلة بحكمها الصادر بجلسة 3/ 11/ 2002 في القضية رقم 70 لسنة 18 قضائية "دستورية"، وكان محل الطعن فيها نص الفقرتين الأولى والثالثة من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 سالف الذكر، وقضى هذا الحكم أولاً: بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه فيما لم يتضمنه من النص على انتهاء عقد الإيجار الذي يلزم المؤجر بتحريره لمن لهم الحق في شغل العين بانتهاء إقامة آخرهم بها، سواء بالوفاة أو الترك، ورفض ما عدا ذلك من طلبات (وهذا قضاء برفض الطعن على الفقرة الأولى من المادة "29" من القانون سالف الذكر وقضاء بدستوريته) ثانياً: بتحديد اليوم التالي لنشر هذا الحكم تاريخاً لإعمال أثره. وإذ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بعددها رقم 46 بتاريخ 14/ 11/ 2002، وكان مقتضى نص المادتين (48، 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولاً فصلاً لا يقبل تأويلاً ولا تعقيباً من أي جهة كانت، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد لمراجعته، فإن الخصومة في الدعوى الراهنة تكون منتهية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة باعتبار الخصومة منتهية.

القضية 62 لسنة 25 ق جلسة 7 / 3 / 2004 دستورية عليا مكتب فني 11 ج 1 دستورية ق 85 ص 518

جلسة 7 مارس سنة 2004

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي - رئيس المحكمة وبحضور السادة المستشارين: ماهر البحيري وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح والدكتور عادل عمر شريف وتهاني محمد الجبالي. وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما - رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

----------------

قاعدة رقم (85)
القضية رقم 62 لسنة 25 قضائية "دستورية"

دعوى دستورية "حجية الحكم بدستورية النص المحال - اعتبار الخصومة منتهية".
سابقة الحكم بدستورية - النص المحال - حجيته مطلقة - اعتبار الخصومة منتهية.

--------------------
المحكمة الدستورية العليا سبق لها أن حسمت المسألة الدستورية المثارة في الدعوى الماثلة بحكمها الصادر بجلسة 3/ 11/ 2002 في القضية رقم 70 لسنة 18 قضائية "دستورية"، وكان محل الطعن فيها نص الفقرتين الأولى والثالثة من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 سالف الذكر، وقضى هذا الحكم أولاً: بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه فيما لم يتضمنه من النص على انتهاء عقد الإيجار الذي يلزم المؤجر بتحريره لمن لهم الحق في شغل العين بانتهاء إقامة آخرهم بها سواء بالوفاة أو الترك، ورفض ما عدا ذلك من طلبات (وهذا قضاء برفض الطعن على الفقرة الأولى من المادة "29" من القانون سالف الذكر وقضاء بدستوريته) - ثانياً بتحديد اليوم التالي لنشر هذا الحكم تاريخاً لإعمال أثره، وإذ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بعددها رقم 46 بتاريخ 14/ 11/ 2002، وكان مقتضى نص المادتين (48، 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولاً فصلاً لا يقبل تأويلاً ولا تعقيباً من أي جهة كانت، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد لمراجعته، فإن الخصومة في الدعوى الراهنة تكون منتهية.


الإجراءات

بتاريخ الخامس من شهر فبراير سنة 2003، ورد إلى قلم كتاب المحكمة ملف الاستئناف رقم 3914 لسنة 5 قضائية بعد أن قضت محكمة استئناف القاهرة بوقفه وإحالته إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر فيما نصت عليه من أنه لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر إذا بقى فيه أولاده الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - تتحصل في أن المستأنف ضده الأول أقام الدعوى رقم 2706 لسنة 1999 كلي إيجارات أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية، ضد المستأنف وباقي المستأنف ضدهم بطلب الحكم بإخلائهم من الشقة محل النزاع (الدور الأرضي بالعقار رقم (3) شارع اسطفانوس - قسم عين شمس - القاهرة) والمؤجرة لمورثهم بموجب عقد الإيجار المؤرخ 4/ 9/ 1984، كما أقام المستأنف دعوى فرعية أمام محكمة أول درجة طالباً الحكم بإلزام المستأنف ضده الأول (المدعي في الدعوى الابتدائية) بتحرير عقد إيجار له عن شقة التداعي، وبجلسة 27/ 6/ 2001 حكمت محكمة أول درجة برفض الدعوى الفرعية وبإخلاء الشقة عين النزاع، وإذ لم يرتض المستأنف هذا القضاء فطعن عليه بالاستئناف رقم 3914 لسنة 5 قضائية أمام محكمة استئناف القاهرة طالباً الحكم بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام المستأنف ضده الأول بتحرير عقد إيجار له امتداداً لعقد مورثه، وبجلسة 23/ 4/ 2002 حكمت المحكمة بوقف الاستئناف وإحالته إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية حكم الفقرة الأولى من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 لمخالفته أحكام المواد 7، 32، 40 من الدستور.
وحيث إن هذه المحكمة سبق لها أن حسمت المسألة الدستورية المثارة في الدعوى الماثلة بحكمها الصادر بجلسة 3/ 11/ 2002 في القضية رقم 70 لسنة 18 قضائية "دستورية"، وكان محل الطعن فيها نص الفقرتين الأولى والثالثة من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 سالف الذكر، وقضى هذا الحكم أولاً: بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه فيما لم يتضمنه من النص على انتهاء عقد الإيجار الذي يلزم المؤجر بتحريره لمن لهم الحق في شغل العين بانتهاء إقامة آخرهم بها سواء بالوفاة أو الترك، ورفض ما عدا ذلك من طلبات (وهذا قضاء برفض الطعن على الفقرة الأولى من المادة "29" من القانون سالف الذكر وقضاء بدستوريته) - ثانياً بتحديد اليوم التالي لنشر هذا الحكم تاريخاً لإعمال أثره، وإذ نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بعددها رقم 46 بتاريخ 14/ 11/ 2002، وكان مقتضى نص المادتين (48، 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولاً فصلاً لا يقبل تأويلاً ولا تعقيباً من أي جهة كانت، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد لمراجعته، فإن الخصومة في الدعوى الراهنة تكون منتهية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة باعتبار الخصومة منتهية.


أصدرت المحكمة الدستورية العليا بذات الجلسة حكمين مماثلين في القضيتين رقمي 25، 64 لسنة 25 قضائية "دستورية".

الطعن 7483 لسنة 91 ق جلسة 2 / 6 / 2024

محكمة النقض
الدائرة المدنية
دائرة الأحد ( ه ) المدنية
محضر جلسة
برئاسة السيد القاضي/ محمد بدر عزت نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ عز الدين عبد الخالق ، محمد محمد الصياد ، هاني محمد صميدة ومحمد علي عبيد " نواب رئيس المحكمة " وأمين السر الأستاذ/ مجدي حسن علي.
في الجلسة المنعقدة في غرفة مشورة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
أصدرت القرار الآتي:
في يوم الأحد 25 من ذو القعدة سنة 1445 ه، الموافق 2 من يونيو سنة 2024 م.
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 7483 لسنة 91 ق.
-المرفوع من
........... المقيم/ .... - مصر الجديدة - محافظه القاهرة.
ضد
........ المقيمة/ .... - مصر الجديدة - محافظه القاهرة.
---------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
لما كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة الثالثة من قانون المرافعات رقم ١٣ لسنة ١٩٦٨ المعدلة بالقانون ۸۱ لسنة ۱۹۹٦ على أن " لا تقبل أي دعوى كما لا يقبل أي طلب أو دفع ... لا يكون لصاحبه فيه مصلحة شخصية ومباشرة وقائمة يقرها القانون، ومع ذلك تكفي المصلحة المحتملة إذا كان الغرض من الطلب الاحتياط لدفع ضرر محدق أو الاستيثاق لحق يخشی زوال دليله عند النزاع فيه " يدل على أن المشرع قرر قاعدة أصولية تقضي بأنه لا دعوى ولا دفع بغير مصلحة، ومؤداها أن الفائدة العملية هي شرط لقبول الدعوى أو أي طلب أو دفع فيها، وذلك تنزيها لساحة القضاء عن الانشغال بدعاوى وطلبات لا فائدة عملية منها، إذ إن المصلحة هي مناط الدعوى وحيث تنعدم المصلحة تنعدم الدعوى، وكان الثابت من الأوراق أن طلب الطاعن في الدعوى هو تذييل الحكم الصادر بتاريخ 17/9/2015 من دولة الامارات العربية المتحدة بالصيغة التنفيذية بتطليق المطعون ضدها منه خلعا وهو حكم ليس قابلا للتنفيذ الجبري طالما أنه لم يقرر له بشيء يمكن للسلطة العامة تنفيذه قهرا باستعمال القوة الجبرية وإنما اقتصر على انشاء مركز قانوني للمطعون ضدها، وما أثاره الطاعن من وجود مصلحه محتمله له من الحصول على الصيغة التنفيذية للحكم المشار إليه تتمثل في حقه في رفع دعاوى تخفيض نفقة الصغار ورؤيتهم وإسقاط حضانتهم عن المطعون ضدها وضمهم إلى حضانته، فإنه فضلا عن أنه لا يلزم لإقامة الدعاوى سالفة البيان الاستناد إلى ذلك الحكم الأجنبي مذيلا بالصيغة التنفيذية، فإنه يجوز الاحتجاج به أمام المحاكم المصرية ولو لم يكن قد أعطى الصيغة التنفيذية في مصر طالما لم يصدر حكم من المحاكم المصرية واجب التنفيذ في نفس الموضوع بين الخصوم أنفسهم، وهو ما خلت منه الأوراق، كما أن ما أثاره من أنه يرغب في الحصول على الصيغة التنفيذية لإثبات انتهاء العلاقة الزوجية بينه وبين المطعون ضدها بسجلات الأحوال المدنية بمصر، فإنه لما كان الحكم بالنسبة للطاعن حكم تقريري غير قابل للتنفيذ الجبري فلا محل لمهره بالصيغة التنفيذية وفقا لطلبه، ومن ثم فقد انتهت مصلحة الطاعن في إقامة الدعوى الراهنة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، وخلص إلى انتفاء مصلحة الطاعن في إقامة الدعوى الراهنة، وقضى بتأييد الحكم الابتدائي برفضها وهو ما يستوى مع القضاء بعدم قبولها، فإن النعي عليه بسببي الطعن يضحي على غير أساس، ومن ثم يكون الطعن غير مقبول.
لذلك
أمرت المحكمة - في غرفة مشورة - بعدم قبول الطعن، وألزمت الطاعن المصاريف، مع مصادرة الكفالة.