الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الأحد، 3 أغسطس 2025

الطعن 90 لسنة 51 ق جلسة 21 / 12 / 1987 مكتب فني 38 ج 2 ق 239 ص 1141

جلسة 21 من ديسمبر سنة 1987

برياسة السيد المستشار الدكتور/ عبد المنعم أحمد بركة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد فؤاد بدر نائب رئيس المحكمة، فهمي الخياط، محمد مصباح، ويحيى عارف.

-----------------

(239)
الطعن رقم 90 لسنة 51 القضائية

(1) دعوى "انقطاع سير الخصومة". بطلان "بطلان الإجراءات".
بطلان الإجراءات المترتب على انقطاع سير الخصومة. نسبي. مقرر لمصلحة من شرع الانقطاع لحمايته.
(2، 3) محكمة الموضوع "مسائل الواقع" "تقدير الأدلة". إيجار "إيجار الأماكن".
(2) تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير ما يقدم فيها من أدلة من سلطة محكمة الموضوع. عدم التزامها بتعقب حجج الخصوم والرد عليها استقلالاً. حسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة.
(3) استخلاص ثبوت الضرر المترتب على تغيير الاستعمال أو نفيه. واقع. يستقل به قاضي الموضوع. مثال لتقدير سائغ.
(4 - 7) إيجار "إيجار الأماكن" "أسباب الإخلاء" "التغيير في استعمال العين". قانون "سريان القانون" "القانون الواجب التطبيق". نظام عام.
(4) الإخلاء لمخالفة شروط الإيجار المعقولة أو استعمال المكان المؤجر في غير الأغراض المؤجر من أجلها. م 31/ جـ ق 49 لسنة 1977. شرطه. وجوب إعذار المستأجر بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه.
(5) أحكام القانون الجديد. الأصلي عدم سريانها إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها. الاستثناء. الأحكام المتعلقة بالنظام العام. سريانها بأثر فوري على المراكز والوقائع القانونية ولو كانت ناشئة قبل العمل به. تعلق أحكام الأجرة والامتداد القانوني وأسباب الإخلاء بالنظام العام. أثره.
(6) صدور تشريع لاحق يستحدث حكماً جديداً يتعلق بذاتية القاعدة الموضوعية الآمرة. تعلق التعديل ببعض شروط القاعدة الآمرة دون مساس بذاتيها. عدم سريانه إلا من تاريخ نفاذه على الوقائع التي نشأت في ظله.
(7) اشتراط إعذار المستأجر بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل رفع دعوى الإخلاء. م 31/ جـ ق 49/ 1977. عدم سريانها على الدعاوى التي رفعت قبل العمل بأحكامه. نفاذ القانون أثناء نظر الدعوى. أثره. وجوب عدم الحكم بالإخلاء إذا أعاد المستأجر الحالة إلى ما كانت عليه. علة ذلك.
(8) حكم "التقريرات الخاطئة". نقض "سلطة محكمة النقض".
انتهاء الحكم قضائه إلى النتيجة الصحيحة. لا يبطله. اشتمال أسبابه على أخطاء قانونية. لمحكمة النقض تصحيح هذه الأسباب دون أن تنقضه. مثال.

-------------------
1 - بطلان الإجراءات التي تتم بعد قيام سبب انقطاع الخصومة في الدعوى وهو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بطلان نسبي قرره القانون لمصلحة من شرع الانقطاع لحمايتهم وهو خلفاء المتوفى أو من يقومون مقام من فقد الأهلية أو تغيرت صفته، وذلك حتى لا تتخذ هذه الإجراءات دون علمهم ويصدر الحكم في الدعوى في غفلة منهم، فلا يحق لغيرهم التمسك بهذا البطلان.
2 - لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير ما يقدم لها من أدلة ولا تثريب عليها إن أخذت بأي دليل تكون قد اقتنعت به ما دام هذا الدليل من طرق الإثبات المقررة قانوناً، وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، وهي غير ملزمة بأن تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وترد استقلالاً على كل قول أو حجة ما دام قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج.
3 - استخلاص ثبوت الضرر أو نفيه من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع ما دام الدليل الذي أخذ به مقبولاً قانوناً وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه قد أقام قضاءه بالإخلاء على ما استنبطه مما ثبت من المعاينة التي أجريت بالشكوى الإداري رقم... وأقوال المطعون ضده الثالث وما تضمنه محضر التسليم من أنه تم استقطاع غرفة من الشقة المجاورة أضيفت لعين النزاع التي استعملت في غير الغرض المتفق عليه بقصد الإيجار بالمخالفة للعقد وشروط الإيجار المعقولة بغير موافقة المؤجر، وأن تغيير استعمال العين من مكتب تجاري إلى مصنع للملابس ينطوي على إضرار بها وهي أسباب سائغة لها معينها الثابت بالأوراق وتتضمن الرد على ما يخالفها فإن النعي في حقيقته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للدليل بغية الوصول إلى نتيجة أخرى بما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
4 - مفاد المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 - بشأن إيجار الأماكن الذي رفعت الدعوى في ظله، ونص المادة 31 من القانون رقم 49 لسنة 77 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر والمعمول به اعتباراً من 9/ 9/ 1977. الذي ألغى القانون السابق - أن المشرع تطلب في الفقرة (جـ) من المادة 31 من القانون المذكور - للإخلاء لمخالفة شروط الإيجار المعقولة أو استعمال المكان المؤجر في غير الأغراض من أجلها إعذار المستأجر بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه.
5 - من الأصول الدستورية المقررة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن أحكام القوانين لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، وأنه لا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها، مما مؤداه عدم جواز انسحاب القانون الجديد على ما يكون قد وقع قبل العمل به من تصرفات أو تحقق من أوضاع إذ يحكم هذه وتلك القانون الذي كان معمولاً به وقت وقوعها إعمالاً لمبدأ عدم رجعية القوانين، غير أن ذلك لا ينتقص من سريان أحكام القانون الجديد على ما يقع من تصرفات أو يتحقق من أوضاع ولو كانت مستندة إلى علاقات سابقة عليه إعمالاً لمبدأ الأثر المباشر للقانون، ما دامت تلك القواعد والأحكام الجديدة غير متعلقة بالنظام العام، أما إذا استحدث القانون الجديد أحكاماً متعلقة بالنظام العام فإنها تسري بأثر فوري على المراكز والوقائع القانونية القائمة وقت نفاذه ولو كانت ناشئة قبله، وكان من المقرر في قوانين إيجار الأماكن أن الأحكام الخاصة بتحديد الأجرة والامتداد القانوني وتعيين أسباب الإخلاء قواعد آمرة ومتعلقة بالنظام العام، ومن ثم فإنها تسري بأثر فوري جميع المراكز والوقائع القائمة والتي لم تستقر نهائياً وقت نفاذها ولو كانت ناشئة قبل تاريخ العمل بها.
6 - إذا صدر قانون لاحق تضمن تعديلاً في تشريعات إيجار الأماكن كان من شأنه استحداث حكم جديد متعلق بذاتية تلك القواعد الموضوعية الآمرة سواء بالإلغاء أو التغيير إضافة أو حذفاً فإن هذا التعديل يأخذ حكم القاعدة الآمرة من حيث سريانه بأثر فوري على المراكز والوقائع القائمة وقت نفاذه، أما إذا كان التعديل منصباً على بعض شروط إعمال القاعدة الآمرة - دون مساس بذاتيتها أو حكمها - كما لو استوجب لتطبيقها توافر شروط خاصة أو اتخاذ إجراءات معينة سواء من إجراءات التقاضي أو الإثبات لم تكن مطلوبة ولا مقررة من قبل، فإن التعديل لا يسري في هذه الحالة إلا من تاريخ نفاذه وعلى الوقائع والمراكز التي تنشأ في ظله، دون أن يكون له أثر على الوقائع التي نشأت في ظل القانون السابق، باعتبار أن القانون الذي رفعت الدعوى في ظله هو الذي يحكم شروط قبولها وإجراءاتها وقواعد إثباتها.
7 - إذ كان ما استحدثه القانون رقم 49 لسنة 1977 في الفقرة (جـ) من المادة 31 من اشتراط إعذار المستأجر بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه لا يمس ذاتية القاعدة الآمرة ولا يغير من حكمها بل يضع شرطاً لأعمالها خاصاً بإجراءات قبول الدعوى، وهو ما لم يكن مقرراً في القانون السابق، ومن ثم فإنه لا يسري إلا من تاريخ نفاذ القانون الأخير والعمل به، دون أن يكون له أثر على الوقائع السابقة عليه، وكانت الدعوى قد رفعت ابتداء في 9/ 7/ 1973 في ظل القانون رقم 52 لسنة 1969 فمن ثم يكون هو الواجب التطبيق في هذا الخصوص.
8 - إذ انتهى الحكم صحيحاً في قضائه بالإخلاء استناداً إلى ما استخلصه في حدود سلطته الموضوعية من ثبوت الضرر على ما جاء بالرد على السبب الثاني من أسباب الطعن، فإن تعييبه فيما أقام عليه قضاءه في هذا الخصوص يكون غير منتج، ذلك أنه متى انتهى الحكم صحيحاً في قضائه فإنه لا يبطله ما يكون قد اشتملت عليه أسبابه من أخطاء قانونية بإعماله القانون رقم 52 لسنة 1969 الذي لا ينطبق على الدعوى لإلغائه بالقانون رقم 49 لسنة 1977، وإذ لمحكمة النقض تصحيح هذه الأسباب دون أن تنقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 3121 سنة 1973 مدني كلي جنوب القاهرة على المطعون ضدهما الثاني والثالث بطلب الحكم بفسخ العقد الإيجار المؤرخ 23/ 8/ 1968 وإخلائهما من الشقة المبينة بالصحيفة وتسليمها لها، وقالت بياناً لذلك أن المطعون ضده الثاني يستأجر تلك الشقة بموجب العقد المذكور بقصد استعمالها مكتباً تجارياً وأنها عينت حارسة قضائية على العقار الذي تقع به عين النزاع بمقتضى الحكم الصادر في الدعوى رقم 2692 سنة 1973 مستعجل القاهرة، وقام المطعون ضده الثاني بتأجير تلك العين دون إذن كتابي من المالك للمطعون ضده الثالث الذي حولها إلى مصنع للملابس به ماكينات ضخمة مما نجم عنه هبوط في الأرضية وتصدع بالجدران ونزع بعض الأبواب والأحواض، تدخل الطاعن منضماً للمطعون ضده الثاني طالباً رفض الدعوى على سند من أنه اشترى عين التداعي من الأخير، بتاريخ 17/ 11/ 1973 حكمت المحكمة بندب مكتب الخبراء لمباشرة المأمورية المبينة بالمنطوق، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت بتاريخ 17/ 1/ 1980 بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 23/ 8/ 1968 وإخلاء عين النزاع وتسليمها خالية للمطعون ضدها الأولى، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 842 لسنة 97 ق القاهرة، وبتاريخ 27/ 12/ 1980 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أنه كان يتعين الحكم بانقطاع سير الخصومة لزوال صفة المدعية - المطعون ضدها الأولى - لعزلها من الحراسة منذ 14/ 2/ 1978 إلا أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه رفض الحكم بانقطاع سير الخصومة على سند من أن مهمة الحارس تستمر حتى قيامه بتسليم المال الذي تحت يده، وبذلك يكون قد خلط بين الصفة القانونية للحارس بين استمراره في مباشرة الأعمال المادية اللازمة لحفظ الأموال إلى أن يتم تسليمها لمن يخلفه في الحراسة. وبزوال صفة الحارس تنقطع سير الخصومة في الدعوى، وتقدم أثناء حجز الاستئناف للحكم بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 235 سنة 1979 مستعجل القاهرة كدليل على زوال صفة المطعون ضدها الأولى إلا أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن بطلان الإجراءات التي تتم بعد قيام سبب انقطاع الخصومة في الدعوى هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بطلان نسبي قرره القانون لمصلحة من شرع الانقطاع لحمايتهم وهو خلفاء المتوفى أو من يقومون مقام من فقد الأهلية أو تغيرت صفته وذلك حتى لا تتخذ هذه الإجراءات دون علمهم ويصدر الحكم في الدعوى في غفلة منهم، فلا يحق لغيرهم التمسك بهذا البطلان، لما كان ذلك، فإن الحارس الجديد يكون له وحده دون غيره التمسك بهذا البطلان ولا يجوز للطاعن التحدي به، ويكون ما أبداه الطاعن بسبب النعي - أياً كان وجه الرأي فيه - غير منتج.
وحيث إن مبنى السبب الثاني النعي على الحكم المطعون فيه بالتناقض في التسبيب والخطأ في الإسناد، وفي بيان ذلك يقول الطاعن، أن خبير الدعوى خلص إلى أن شقة النزاع أضيفت إليها حجرة من الشقة المجاورة دون أن يعاين الشقة الأخيرة رغم أن المستندات المقدمة منه تدحض ما انتهى إليه الخبير، وركن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه إلى أوراق من صنع المطعون ضدها الأولى وافترض الإضرار بعين النزاع مع أن التعديلات التي أجريت بها زادت من قيمتها.
وحيث إن هذه النعي مردود، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير ما يقدم لها من أدلة ولا تثريب عليها أن أخذت بأي دليل تكون قد اقتنعت به ما دام هذا الدليل من طرق الإثبات المقررة قانوناً، وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله وهي غير ملزمة بأن تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وترد استقلالاً على كل قول أو حجة ما دام قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج. كما أن استخلاص ثبوت الضرر أو نفيه من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع ما دام الدليل الذي أخذ به مقبولاً قانوناً، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه قد أقام قضاءه بالإخلاء على ما استنبطه مما ثبت من المعاينة التي أجريت بالشكوى رقم 1638 سنة 1973 إداري عابدين وأقوال المطعون ضده الثالث بها وما تضمنه محضر التسليم المؤرخ 27/ 6/ 1973 من أنه تم استقطاع غرفة من الشقة المجاورة أضيفت لعين النزاع التي استعملت في غير الغرض المتفق عليه بعقد الإيجار بالمخالفة للعقد وشروط الإيجار المعقولة بغير موافقة المؤجر، وأن تغيير استعمال العين من مكتب تجاري إلى مصنع للملابس ينطوي على إضرار بها، وهي أسباب سائغة لها معينها الثابت بالأوراق وتتضمن الرد على ما يخالفها، فإن النعي في حقيقته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للدليل بغية الوصول إلى نتيجة أخرى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل السبب الثالث على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه طبق القانون رقم 52 سنة 1969 في حين أن القانون رقم 49 لسنة 1977 الذي أدرك الدعوى هو الواجب التطبيق لتعلقه بالنظام العام، وأوجبت الفقرة (ج) من المادة 31 من القانون الأخير على المؤجر إعذار المستأجر بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه، وعلى فرض استعمال العين في غير الغرض المخصص بعقد الإيجار فإن الطاعن بإعداده تلك العين لتكون مكتباً للاستيراد والتصدير يكون قد أزال المخالفة، ويترتب على ذلك عدم توقيع الجزاء بالإخلاء، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كانت المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 بشأن إيجار الأماكن الذي رفعت الدعوى في ظله تنص على أنه "في غير الأماكن المؤجرة مفروشة لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية:.. (جـ) إذا استعمل المستأجر المكان المؤجر أو سمح باستعماله بطريقة تخالف شروط الإيجار المعقولة أو تضر بمصلحة المؤجر". وإذ صدر القانون رقم 49 سنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر والمعمول به اعتباراً من 9/ 9/ 1977 - الذي ألغى القانون السابق - ونص في المادة 31 منه على أنه "في غير الأماكن المؤجرة مفروشة لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية:.... (جـ) إذا استعمل المستأجر المكان المؤجر أو سمح باستعماله بطريقة تخالف شروط الإيجار المعقولة والمتعارف عليها وتضر بمصلحة المؤجر أو استعمله في غير الأغراض المؤجر من أجلها، وذلك بعد إعذاره بإعادة الحالة ما كانت عليه". بما مفاده أن المشرع تطلب في الفقرة (جـ) من المادة 31 من القانون المذكور - للإخلاء لمخالفة شروط الإيجار المعقولة أو استعمال المكان المؤجر في غير الأغراض المؤجر من أجلها - إعذار المستأجر بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه، وكان من الأصول الدستورية المقررة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن أحكام القوانين لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، وأنه لا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها، مما مؤداه عدم جواز انسحاب القانون الجديد على ما يكون قد وقع قبل العمل به من تصرفات أو تحقق من أوضاع إذ يحكم هذه وتلك القانون الذي كان معمولاً به وقت وقوعها إعمالاً لمبدأ عدم رجعية القوانين، غير أن ذلك لا ينتقص من سريان أحكام القانون الجديد على ما يقع من تصرفات أو يتحقق من أوضاع ولو كانت مستندة إلى علاقات سابقة عليه إعمالاً لمبدأ الأثر المباشر للقانون، ما دامت تلك القواعد والأحكام الجديدة غير متعلقة بالنظام العام، أما إذا استحدث القانون الجديد أحكاماً متعلقة بالنظام العام فإنها تسري بأثر فوري على المراكز والوقائع القانونية القائمة وقت نفاذه ولو كانت ناشئة قبله، وكان من المقرر في قوانين إيجار الأماكن أن الأحكام الخاصة بتحديد الأجرة والامتداد القانوني وتعيين أسباب الإخلاء قواعد آمرة ومتعلقة بالنظام العام. ومن ثم فإنها تسري بأثر فوري جميع المراكز والوقائع القائمة التي لم تستقر نهائياً وقت نفاذها ولو كانت ناشئة قبل تاريخ العمل بها، ومؤدى ذلك أنه إذا صدر قانون لاحق تضمن تعديلاً في تشريعات إيجار الأماكن كان من شأنه استحداث حكم جديد متعلق بذاتية تلك القواعد الموضوعية الآمرة سواء بالإلغاء أو التغيير إضافة أو حذفاً فإن هذا التعديل يأخذ حكم القاعدة الآمرة من حيث سريانه بأثر فوري على المراكز والوقائع القائمة وقت نفاذه، أما إذا كان التعديل منصباً على بعض شروط إعمال القاعدة الآمرة - دون مساس بذاتيتها أو حكمها - كما لو استوجب لتطبيقها توافر شروط خاصة أو اتخاذ إجراءات معينة سواء من إجراءات التقاضي أو الإثبات لم تكن مطلوبة ولا مقررة من قبل، فإن التعديل لا يسري في هذه الحالة إلا من تاريخ نفاذه وعلى الوقائع والمراكز التي تنشأ في ظله، دون أن يكون أثر على الوقائع التي نشأت في ظل القانون السابق باعتبار أن القانون الذي رفعت الدعوى في ظله هو الذي يحكم شروط قبولها وإجراءاتها وقواعد إثباتها، لما كان ما تقدم وكان ما استحدثه القانون رقم 49 سنة 1977 في الفقرة (جـ) من المادة 31 من اشتراط إعذار - المستأجر - بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه لا يمس ذاتية القاعدة الآمرة ولا يغير من حكمها بل يضع شرطاً لإعمالها خاصاً بإجراءات قبول الدعوى، وهو ما لم يكن مقرراً في القانون السابق، ومن ثم فإنه لا يسري إلا من تاريخ نفاذ القانون الأخير والعمل به، دون أن يكون له أثر على الوقائع السابقة عليه وكانت الدعوى قد رفعت في 9/ 7/ 1973 في ظل القانون رقم 52 سنة 1969 فمن ثم يكون هو الواجب التطبيق في هذا الخصوص، أما بصدد ما أثاره الطاعن من أنه أعاد الحالة إلى ما كانت عليه، فإن نص الفقرة (جـ) من المادة 31 من القانون رقم 49 سنة 1977 يكون هو الواجب التطبيق باعتبار أن الحكم الذي أورده ذلك النص في هذا الصدد ينطوي على قاعدة آمرة متعلقة بالنظام العام، مقتضاها عدم الحكم بالإخلاء إذا أعاد المستأجر الحالة إلى ما كانت عليه، ومن ثم فإن تلك القاعدة تسري بأثر فوري على جميع المراكز والوقائع القائمة والتي لم تستقر نهائياً وقت نفاذها ولو كانت ناشئة قبل تاريخ العمل بها، ولئن كان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه قد بنى قضاءه في هذا الشأن على أن إعادة الحالة إلى ما كانت عليه لا تغير من الأمر شيئاً في ظل أحكام القانون رقم 52 لسنة 1969 الذي يحكم واقعة النزاع، وإذ أورد ذلك الحكم بمدوناته على نحو ما سلف أن الضرر قد تمثل في استعمال عين النزاع في غير الغرض المتفق عليه بعقد الإيجار باستعمالها كمصنع للملابس وأنه أضيفت إليها غرفة من الشقة المجاورة، وإذا لم يثبت من الأوراق أن العين أعيدت - وحتى الحكم في الاستئناف - إلى ما كانت عليه من حيث معالمها الأصلية بإعادة الغرفة المستقطعة إلى الشقة المجاورة، فإن الضرر يكون لا زال قائماً، ولا يجدي الطاعن قوله أنه أعد العين لتكون مكتباً للاستيراد والتصدير، لأنه بذلك - وعلى فرض صحته - لا يكون قد أزال المخالفة إزالة كاملة، وإذ انتهى الحكم صحيحاً في قضائه بالإخلاء استناداً إلى ما استخلصه في حدود سلطته الموضوعية من ثبوت الضرر على ما جاء بالرد على السبب الثاني من أسباب الطعن، فإن تعييبه فيما أقام عليه قضاءه في هذا الخصوص يكون غير منتج ذلك أنه متى انتهى الحكم صحيحاً في قضائه فإنه لا يبطله ما يكون قد اشتملت عليه أسبابه من أخطاء قانونية بإعماله القانون رقم 52 سنة 1969 الذي لا ينطبق على الدعوى لإلغائه بالقانون رقم 49 لسنة 1977، إذ لمحكمة النقض تصحيح هذه الأسباب دون أن تنقضه, ومن ثم يكون النعي بهذا السبب في غير محله.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

قرار وزارة الإسكان 154 لسنة 2025 بتشكيل لجان مؤقته لإدارة الجمعيات التعاونية للبناء والإسكان

المنشور بالوقائع المصرية بتاريخ : ۲٥ / ۲ / ۲۰۲٥
وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية
قرار رقم 154 لسنة 2025
وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية
بعد الاطلاع على قانون التعاون الإسكانى الصادر بالقانون رقم 14 لسنة 1981 ؛
وعلى قرار رئيس الجمهورية رقم 193 لسنة 1977 بشأن تنظيم الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان ؛
وعلى قرار رئيس الجمهورية رقم 164 لسنة 1996 بشأن تنظيم وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية ؛
وعلى قرار رئيس الجمهورية رقم 258 لسنة 2024 بتشكيل مجلس الوزراء ؛
وعلى قرار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية رقم 693 لسنة 1981 بشأن القواعد الواجب مراعاتها في إعداد النظام الداخلى للجمعية التعاونية للبناء والإسكان وتعديلاته ؛
وعلى قرار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية رقم 46 لسنة 1982 فى شأن قواعد العمل بالجمعيات التعاونية للبناء والإسكان وتعديلاته ؛
وبناءً علي قرار لجنة التنسيق المشكلة من الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان والاتحاد التعاونى الإسكانى بجلستها المعقودة بتاريخ 11/11/2024 ؛
وعلى ما عرضه السيد اللواء مهندس رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان ؛
قـــــــرر :
(المادة الأولى)
تُشكل لجان مؤقتة لإدارة الجمعيات التعاونية للبناء والإسكان التى تقع فى حالة فراغ إدارى لتعذر انتخاب مجالس إدارات لها ، وفقًا للقواعد الآتية :
1 - تتولى لجنة التنسيق المشكلة من الهيئة العامة لتعاونيات البناء والإسكان والاتحاد التعاونى الإسكانى المركزى تحديد الجمعيات التى ينطبق عليها هذا القرار .
2 - تختص اللجنة المشار إليها فى البند السابق بتعيين لجنة مؤقتة من أعضاء الجمعية العمومية لجمعية البناء والإسكان أو المنتفعين بمشروعاتها وفقًا للقواعد التى تضعها لجنة التنسيق المذكورة .
3 - يكون للجنة المؤقتة كافة اختصاصات مجلس الإدارة الواردة بقانون التعاون الإسكانى الصادر بالقانون رقم 14 لسنة 1981 ، وتقوم اللجنة فى خلال سنة من تاريخ التعيين باتخاذ إجراءات انتخاب مجلس إدارة جديد ، وتنتهى مهمتها بانتخاب المجلس وفى حالة تعذر إجراء الانتخاب يتم العرض على لجنة التنسيق لتجديد المدة لمدة مماثلة .
(المادة الثانية)
ينشر هذا القرار فى الوقائع المصرية ، ويعمل به اعتبارًا من اليوم التالى
لتاريخ نشره .
صدر فى 27/1/2025
وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية
مهندس/ شريف الشربينى

السبت، 2 أغسطس 2025

الدعويان رقمي 3 لسنة 27 و11 لسنة 42 ق دستورية عليا " منازعة تنفيذ" جلسة 5 / 7 / 2025

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من يوليو سنة 2025م، الموافق العاشر من المحرم سنة 1447ه.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعويين المقيدتين بجدول المحكمة الدستورية العليا برقمي 3 لسنة 27 و11 لسنة 42 قضائية "منازعة تنفيذ"
المقامة أولاهما من
.........
ضد
1- رئيس الجمهورية
2- وزير العدل
3- رئيس مجلس الدولة
والمقامة ثانيتهما من
...........
ضد
1- رئيس الجمهورية
2- وزير العدل
3- رئيس مجلس الدولة
4- رئيس هيئة قضايا الدولة
--------------
الإجراءات
بتاريخ الثالث والعشرين من يونيو سنة 2005، أودع المدعي صحيفة الدعوى رقم 3 لسنة 27 قضائية "منازعة تنفيذ" قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم، أولًا: بالاستمرار في تنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا الصادر أولها بجلسة 17/12/1994، في الدعوى رقم 5 لسنة 15 قضائية "تنازع"، وثانيها بجلسة 12/2/1994، في الدعوى رقم 23 لسنة 14 قضائية "دستورية"، وثالثها بجلسة 19/6/1993، في الدعوى رقم 102 لسنة 12 قضائية "دستورية"، وعدم الاعتداد بجميع العوائق القانونية والمادية المقيدة لمداها.
ثانيًا: بضم الحكم الصادر في الطلب رقم 57 لسنة 74 قضائية "دائرة طلبات رجال القضاء" إلى هذه الدعوى.
ثالثًا: استعمال المحكمة رخصة التصدي، للحكم بعدم دستورية قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية، فيما لم يتضمنه من النص على التظلم الاختياري في دعوى الإلغاء واعتباره إجراءً قاطعًا للتقادم، وبعدم دستورية نصوص المواد (77 مكررًا "2" و83 و85) من القرار بقانون ذاته، والمادة (68 مكررًا) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، المضافة بالقانون رقم 136 لسنة 1984، وبعدم دستورية قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 82 لسنة 1969 بشأن المجلس الأعلى للهيئات القضائية.
وبتاريخ الحادي عشر من أبريل سنة 2020، أودع المدعي صحيفة الدعوى رقم 11 لسنة 42 قضائية "منازعة تنفيذ" قلم كتاب هذه المحكمة طالبًا الحكم، أولًا: بعدم الاعتداد بالأحكام الصادرة في الدعاوى أرقام 57 لسنة 74 قضائية "دائرة طلبات رجال القضاء"، و776 لسنة 2005 مدني قسم ثان المنصورة، و783 لسنة 2007 مدني مستأنف المنصورة، وحكم محكمة النقض في الطعن رقم 3699 لسنة 78 قضائية، وبالاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 5 لسنة 15 قضائية "تنازع". ثانيًا: باستخدام المحكمة رخصة التصدي للفصل في دستورية نص المادتين (2/3 و10/ سادسًا) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، والمواد (38/4 و77 مكررًا "2" و83 و85 – قبل تعديلها -) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية، وما لم يتضمنه هذا القانون من تنظيم إجراءات التظلم، وكذا الفصل في دستورية نص المادة (25 مكررًا) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 75 لسنة 1963 في شأن تنظيم هيئة قضايا الدولة، المضافة بالقانون رقم 2 لسنة 2002، والمادة (40 مكررًا/1) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية، وقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 82 لسنة 1969 بشأن المجلس الأعلى للهيئات القضائية، وقانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، فيما لم يتضمنه من حق اللجوء إلى هذه المحكمة بطريق الادعاء المباشر، والمواد (249 و250 و263 و264 و265 و266 و267) من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة في كل من الدعويين، طلبت فيهما الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعويين، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها في كل منهما.
ونُظرت الدعويان على النحو المبين بمحضر الجلسة، فقدم المدعي حافظة مستندات ومذكرة، التفتت عنهما المحكمة لعدم توقيعهما من محام مقيد للمرافعة أمام محكمة النقض، وقررت المحكمة ضم الدعوى الثانية إلى الأولى للارتباط، وليصدر فيهما حكم واحد بجلسة اليوم. وفي أثناء حجز الدعويين للحكم قدم المدعي طلبًا لفتح باب المرافعة فيهما ليقدم مذكرة أخرى بدفاعه، تلتفت عنه هذه المحكمة.
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفتي الدعويين وسائر أوراقهما – في أن المدعي تقدم بطلب للتعيين في وظيفة معاون نيابة عامة؛ لكونه من خريجي كلية الحقوق دفعة 1997 بتقدير عام جيد، إلا أن قرار رئيس الجمهورية رقم 139 لسنة 1998 صدر بتعيين دفعته، دون أن يشمله قرار التعيين، فتظلم من هذا القرار أمام محكمة النقض، ثم أقام أمام المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها الدعوى رقم 366 لسنة 48 قضائية، ضد المدعى عليهما الأول والثاني، طالبًا الحكم بإلغاء القرار المشار إليه، فيما تضمنه من تخطيه في التعيين بوظيفة معاون نيابة عامة دفعة 1997، وتعويضه عن الأضرار التي لحقت به. وبجلسة 27/7/2002، حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائيًّا بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى محكمة النقض "دائرة طلبات رجال القضاء والنيابة العامة"، وقد تأيد هذا القضاء بالحكم الصادر بجلسة 25/1/2004، من محكمة القضاء الإداري – الدائرة الثامنة – في الطعن رقم 678 لسنة 43 قضائية، الذي قضى بقبول الطعن شكلًا ورفضه موضوعًا. كما أقام المدعي أمام محكمة النقض الطلب رقم 57 لسنة 74 قضائية "دائرة طلبات رجال القضاء" ضد المدعى عليه الثاني، طالبًا الحكم بعدم دستورية قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 82 لسنة 1969 بشأن المجلس الأعلى للهيئات القضائية، وبإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 139 لسنة 1998 فيما لم يتضمنه من تعيينه في وظيفة معاون نيابة عامة. وبجلسة 12/4/2005، قضت المحكمة بعدم قبول الطلب.
ومن ناحية أخرى، كان المدعي قد تقدم بطلب لتعيينه في وظيفة مندوب مساعد بهيئة قضايا الدولة، وإذ صدر القرار رقم 43 لسنة 2003 بتعيين أقرانه، ولم يشمله قرار التعيين، فأقام أمام المحكمة الإدارية العليا الطعن رقم 14011 لسنة 49 قضائية، كما أقام الدعويين رقمي 776 لسنة 2005 و463 لسنة 2006 أمام محكمة قسم ثان المنصورة الجزئية، طالبًا رد الرسوم التي تم تحصيلها منه بدون وجه حق في الطعن الذي أقامه أمام المحكمة الإدارية العليا المار بيانه. وبجلسة 30/5/2007، حكمت المحكمة بعدم قبول الدعويين لرفعهما بغير الطريق القانوني. استأنف المدعي ذلك الحكم أمام محكمة المنصورة الابتدائية بالدعوى رقم 783 لسنة 2007 مدني مستأنف المنصورة. وبجلسة 29/1/2008، حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلًا ورفضه موضوعًا وتأييد الحكم المستأنف؛ فأقام المدعي أمام محكمة النقص الطعن رقم 3699 لسنة 78 قضائية. وبجلسة 15/10/2014، قررت محكمة النقض، في غرفة مشورة، عدم قبول الطعن. وقد تراءى للمدعي أن الأحكام سالفة البيان تشكل عقبة تحول دون تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 17/12/1994، في الدعوى رقم 5 لسنة 15 قضائية "تنازع" الذي أكد أن عبارة "أي شأن من شئونهم" تنطبق على حالته، كما تشكل عقبة في تنفيذ مبادئ المساواة الواردة بالحكمين الصادرين من المحكمة الدستورية العليا في الدعويين الدستوريتين رقمي 23 لسنة 14 قضائية و102 لسنة 12 قضائية، اللذين تضمنا في أسبابهما أن الدفع بعدم الدستورية يتعلق بالنظام العام، ويجوز إثارته لأول مرة أمام أي محكمة بما في ذلك محكمة النقض؛ فقد أقام الدعويين المعروضتين بطلباته سالفة البيان.
وحيث إن منازعة التنفيذ - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – قوامها أن التنفيذ لم يتم وفقًا لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق تحول قانونًا- بمضمونها أو أبعادها- دون اكتمال مداه، وتعطل، تبعًا لذلك، أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها، بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان؛ فمن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ أو محلها، تلك المنازعة التي تتوخى في ختام مطافها إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص تشريعي، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي يضمها، والآثار المتولدة عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا - وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - لهدم عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها كاملة، في مواجهة الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين جميعهم، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق - سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها- قد حالت فعلًا أو من شأنها أن تحول دون تنفيذ أحكامها تنفيذًا صحيحًا مكتملًا أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسناد هذه العوائق إلى تلك الأحكام وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعة التنفيذ لا تُعد طريقًا للطعن في الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.

وحيث إن المقرر -كذلك- في قضاء هذه المحكمة أن الخصومة في الدعوى الدستورية، وهى بطبيعتها من الدعاوى العينية، قوامها مقابلة النصوص التشريعية المطعون عليها بأحكام الدستور، تحريًا لتطابقها معها إعلاءً للشرعية الدستورية، ومن ثم تكون هذه النصوص ذاتها هى موضوع الدعوى الدستورية، أو هى بالأحرى محلها، وإهدارها بقدر تهاترها مع أحكام الدستور هو الغاية التي تبتغيها هذه الخصومة، ويقتصر نطاق الحجية المطلقة للأحكام الصادرة في تلك الدعوى على النصوص التشريعية التي كانت مثارًا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلًا حاسمًا بقضائها، ولا تمتد إلى غير تلك النصوص، حتى لو تطابقت معها في مضمونها، كما أن قوة الأمر المقضي لا تلحق سوى منطوق الحكم وما يتصل به من الأسباب اتصالًا حتميًّا، بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها.
وحيث إن الحجية المطلقة لأحكام المحكمة الدستورية العليا في دعاوى التنازع ومنازعات التنفيذ، على ما جرى به نص المادة (195) من الدستور، إنما تلحق – نطاقًا – بما قد تتضمنه هذه الأحكام من تقريرات دستورية، تعرض لنصوص – بذاتها – من الوثيقة الدستورية، لها محل من الإعمال على وقائع النزاع الموضوعي، ومؤدية – لزومًا – إلى الفصل في موضوعه، بما يعكس بيان هذه المحكمة لمؤدى تلك النصوص الدستورية، وإفصاحها عن دلالتها، فيكون إلزامها للكافة وجميع سلطات الدولة، بما أقرته في شأنها من مفاهيم متعينًا. ولا كذلك الحال بالنسبة لغيرها من عناصر الحكم في دعاوى التنازع ومنازعات التنفيذ، التي تقضي المحكمة الدستورية العليا في أولاها بوصفها محكمة تنازع، وفي الأخرى باعتبارها قضاء تنفيذ، وذلك دون إخلال بثبوت قوة الأمر المقضي فيه لمنطوق الحكم الصادر في أي من تلك الدعاوى، والأسباب المرتبطة به ارتباطًا حتميًّا، قبل أطراف خصومة الموضوع، وفي مواجهة جميع المخاطبين بتنفيذه وإعمال آثاره.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قد قضت بجلسة 17/12/1994، في الدعوى رقم 5 لسنة 15 قضائية "تنازع"، بتعيين جهة القضاء العادي "دائرة طلبات رجال القضاء بمحكمة النقض" جهة مختصة بنظر النزاع، وكان هذا القضاء صدر بشأن الطعن على قرارات التعيين في وظيفة معاون نيابة عامة ممن تم استبعادهم من التعيين بهذه الوظيفة، وذلك تأسيسًا على أن هذا الاختصاص لا يقتضى بالضرورة أن يكون مقدمًا من أحد رجال القضاء والنيابة العامة، بل يكفي لقيام هذا الاختصاص أن يؤول طلب الإلغاء إلى التأثير في المركز القانوني لأحدهم، ولو كان مقدمًا من غيرهم؛ إذ يعتبر الطلب في هاتين الحالتين كلتيهما متصلًا بشأن من شئونهم. متى كان ما تقدم، وكان الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها في الدعوى رقم 366 لسنة 48 قضائية، سالف البيان، والقاضي بعدم اختصاص المحكمة ولائيًّا بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى محكمة النقض دائرة طلبات رجال القضاء، وكذلك الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 678 لسنة 43 قضائية "استئنافية" طعنًا على القضاء سالف البيان، والقاضي بقبول الطعن شكلًا ورفضه موضوعًا، قد التزما قضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 5 لسنة 15 قضائية "تنازع" سالفة البيان، والشأن ذاته بالنسبة لقضاء محكمة النقض الصادر بجلسة 12/4/2005، في الطلب رقم 57 لسنة 74 قضائية "دائرة طلبات رجال القضاء" بعدم قبول الطلب، مما مؤداه: أن تلك الأحكام لا تُعد عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا سالف البيان، ويتعين القضاء بعدم قبول الدعويين في هذا الشق منهما، ويغدو – من ثم – طلب ضم الحكم الصادر في الطلب رقم 57 لسنة 74 قضائية "دائرة طلبات رجال القضاء والنيابة العامة" لا سند له، خليقًا بالالتفات عنه.
وحيث إن الحكم الصادر من محكمة قسم ثان المنصورة الجزئية في الدعويين رقمي 776 لسنة 2005 و463 لسنة 2006، وكذلك الحكم الصادر من محكمة المنصورة الابتدائية في الاستئناف رقم 783 لسنة 2007 مدني مستأنف المنصورة، وحكم النقض الصادر في الطعن رقم 3699 لسنة 78 قضائية، قد انصبت على طلب استرداد الرسوم القضائية التي أداها المدعي وهو بصدد الطعن على قرار عدم تعيينه مندوبًا مساعدًا بهيئة قضايا الدولة، ولما كان البين من مطالعة مدونات حكم هذه المحكمة في الدعوى رقم 5 لسنة 15 قضائية "تنازع"، المشار إليه – المنازع في تنفيذه – عدم انطوائه على تقرير دستوري في شأن تلك الرسوم توافرت في شأنه شرائط الاحتجاج به، وتبعًا لذلك فإن الأحكام الصادرة في مواجهة المدعي، المطلوب عدم الاعتداد بها، لا تُعد عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المار ذكره؛ الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى رقم 11 لسنة 42 قضائية "منازعة تنفيذ" في هذا الشق منها.
وحيث إنه عن طلب الاستمرار في تنفيذ مقتضى الحكمين الصادرين من المحكمة الدستورية العليا في الدعويين رقمي 23 لسنة 14 قضائية "دستورية" بجلسة 12/2/1994 و102 لسنة 12 قضائية "دستورية"، بجلسة 19/6/1993، فلما كان أولهما قد قضى بعدم دستورية ما تضمنته الفقرة الثالثة من المادة (82) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 من الاعتداد بملاءة الموكل كأحد العناصر التي تدخل في تقدير أتعاب محاميه، وكذلك ما قررته من أن لا تقل الأتعاب المستحقة عن 5٪ من قيمة ما حققه من فائدة لموكله في العمل موضع طلب التقدير، بينما صدر الحكم الآخر برفض الدعوى المقامة طعنًا على نص الفقرة الثالثة من المادة الثالثة عشرة من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 55 لسنة 1960 بقسمة الأعيان التي انتهى فيها الوقف. ولما كانت الأحكام التي يطلب المدعي عدم الاعتداد بها تتعلق بالطعن على قرار رئيس الجمهورية بعدم تعيينه في وظيفة معاون نيابة عامة، فلا يكون لها من صلة بالحكمين المنازع في تنفيذهما؛ ومن ثم فإن ما يدعيه المدعي من أن الأحكام المنازع في تنفيذها تشكل عقبة في المبادئ التي أرستها المحكمة الدستورية العليا في الحكمين المنازع في تنفيذهما، لا يستند إلى صحيح القانون؛ مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى رقم 3 لسنة 27 قضائية "منازعة تنفيذ" في هذا الشق منها.
ولا ينال مما تقدم ما أثاره المدعي من مناع بشأن التفات محاكم الموضوع عن الدفع المبدى منه بعدم دستورية بعض النصوص القانونية، وعدم اعتباره من النظام العام؛ ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه ولئن كان الفصل في اتصال النص المطعون فيه بالنزاع الموضوعي من مسائل القانون التي لا ترخص فيها، فإن تقدير محكمة الموضوع جدية المطاعن الموجهة إليه هو مما يدخل في نطاق سلطتها التقديرية، التي تباشر من خلالها نوعًا من التقييم المبدئي لمضمون هذه المطاعن وسلامة أسسها، فإذا لم تقل محكمة الموضوع كلمتها في شأن جديتها دلَّ ذلك على انتفاء تلك الجدية، التي يُعد تسليمها بها شرطًا أوليًّا لاتصال الدعوى الدستورية بالمحكمة الدستورية العليا. متى كان ذلك، فإن استعمال محكمة الموضوع لسلطتها التقديرية في شأن الدفع بعدم الدستورية لا يُعد عقبة في تنفيذ أحكام المحكمة الدستورية العليا المنازع فيها، ولا يعدو ما أثاره المدعي في الشأن السالف أن يكون تجريحًا لمسلك محاكم الموضوع، بما تنحسر عنه ولاية هذه المحكمة التي تباشرها وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979.
وحيث إنه عن طلب المدعي إعمال المحكمة الدستورية العليا رخصة التصدي لدستورية النصوص التشريعية التي تمسك بها بصحيفتي دعواه، فإن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إعمال رخصة التصدي المخولة لها، طبقًا لنص المادة (27) من قانونها، منوط بها أن يكون النص الذي يرد عليه التصدي متصلًا بنزاع مطروح عليها، فإذا انتفى قيام النزاع أمامها فإنه لا يكون لرخصة التصدي سند يسوغ إعمالها. متى كان ذلك، وكانت المحكمة قد انتهت فيما تقدم إلى الحكم بعدم قبول الدعويين المعروضتين، فإن طلب التصدي المبدى فيهما لا يكون له محل، ويغدو طرحه متعينًا.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعويين، وألزمت المدعي المصروفات.

الطعن 1605 لسنة 53 ق جلسة 21 / 12 / 1987 مكتب فني 38 ج 2 ق 238 ص 1135

جلسة 21 من ديسمبر سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ محمد إبراهيم خليل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ زكي المصري نائب رئيس المحكمة، منير توفيق، عبد المنعم إبراهيم ومحمد السكري.

----------------

(238)
الطعن رقم 1605 لسنة 53 القضائية

(1) حكم "الطعن في الحكم". استئناف "الأحكام غير الجائز استئنافها".
قبول الحكم المانع من استئنافه. جواز أن يكون ضمنياً يستفاد من كل فعل أو عمل قانوني ينافي الرغبة في رفع الاستئناف.
(2، 3) الأمر على عريضة.
(2) الأوامر على العرائض. ماهيتها. صدورها بإجراء وقتي أو تحفظي دون مساس بأصل الحق. مؤدى ذلك. عدم حيازتها للحجية وجواز مخالفتها بأمر جديد مسبب.
(3) الأمر الوقتي بتسوية الرسوم الجمركية على أساس السعر الرسمي التشجيعي. ماهيته. قضاء فاصل في أصل الحق يخرج عن ولاية قاضي الأمور الوقتية.
(4) دعوى "المسائل التي تعترض سير الخصومة: وقف الدعوى".
الوقف التعليقي للدعوى. م 129 مرافعات. جوازي للمحكمة حسبما تستبينه من جدية المنازعة في المسألة الأولية الخارجة عن اختصاصهما أو عدم جديتها.

------------------
1 - قبول الحكم المانع من استئنافه كما يكون صريحاً يكون ضمنياً يستفاد من كل فعل أو عمل قانوني ينافي الرغبة في رفع الاستئناف ويشعر بالرضا بالحكم والتخلي عن حق الطعن فيه.
2 - الأوامر على العرائض وعلى ما يبين من نصوص الباب العاشر من الكتاب الأول من قانون المرافعات هي الأوامر التي يصدرها قضاة الأمور الوقتية بما لهم من سلطة ولائية وذلك بناء على الطلبات المقدمة إليهم من ذوي الشأن على عرائض وتصدر تلك الأوامر في غيبة الخصوم ودون تسبيب بإجراء وقتي أو تحفظي في الحالات التي تقتضي بطبيعتها السرعة أو المباغتة دون مساس بأصل الحق المتنازع عليه، ولذا لا تحوز تلك الأوامر حجية ولا يستنفد القاضي الآمر سلطته بإصدارها إذ يجوز له مخالفتها بأمر جديد مسبب.
3 - الأمر الوقتي - المتظلم منه - والصادر للطاعن من قاضي الأمور الوقتية بمحكمة عابدين بتسوية الرسوم الجمركية المستحقة على البضاعة الواردة له على أساس السعر الرسمي للعملة الأجنبية وبصرف الفرق المترتب على احتسابها بالسعر التشجيعي لم يكن بإجراء وقتي أو تحفيظي بل كان في حقيقته قضاء فاصلاً في أصل الحق المتنازع عليه وهو ما يخرج عن ولاية قاضي الأمور الوقتية.
4 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الوقف التعليقي للدعوى - طبقاً لنص المادة 129 من قانون المرافعات - هو أمر جوازي متروك لمطلق تقدير المحكمة حسبما تستبينه من جدية المنازعة في المسألة الأولية الخارجة عن اختصاصها أو عدم جديتها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن مصلحة الجمارك - المطعون ضدها - أقامت على الطاعن الدعوى رقم 474 لسنة 1978 مدني عابدين بطلب الحكم بإلغاء الأمر الوقتي رقم 103 لسنة 1977 عابدين وبياناً لذلك قالت إنه بتاريخ 20/ 12/ 1977 استصدر الطاعن أمراً على عريضة من قاضي التنفيذ بمحكمة عابدين بتسوية الرسوم الجمركية المستحقة على البضاعة التي استوردها على أساس السعر الرسمي للعملة الأجنبية ويصرف الفرق المترتب على احتسابها بالسعر التشجيعي ولما كان قاضي التنفيذ غير مختص بإصدار مثل هذا الأمر فإنها تتظلم منه بهذه الدعوى وبتاريخ 15/ 3/ 1981 حكمت محكمة عابدين بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية حيث قيدت بجدولها تحت رقم 3314 لسنة 1981 مدني كلي وبتاريخ 14/ 4/ 1981 حكمت تلك المحكمة برفض التظلم وتأييد الأمر المتظلم منه استأنفت مصلحة الجمارك هذا الحكم بالاستئناف رقم 4147 لسنة 98 ق القاهرة - وبتاريخ 18/ 4/ 1983 حكمت المحكمة (أولاً) برفض الدفع بعدم جواز الاستئناف وبجوازه (ثانياً) بقبول الاستئناف شكلاً (ثالثاً) برفض طلب وقف السير في الاستئناف (رابعاً) بإلغاء الحكم المستأنف وبإلغاء الأمر المتظلم منه - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن وقد عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول أنه دفع بعدم جواز الاستئناف لقبول المطعون ضدها الحكم المستأنف بتنفيذها الأمر المتظلم منه غير أن الحكم انتهى إلى رفض هذا الدفع على سند من القول بأن قيام مصلحة الجمارك بتنفيذ الأمر المتظلم منه لم يكن اختياراً بل كان امتثالاً للنفاذ المعجل المشمول به ذلك الأمر توقياً من ارتكاب الجريمة المعاقب عليها بالمادة 123 من قانون العقوبات وإذ كان الثابت في الدعوى أن تنفيذ مصلحة الجمارك للأمر المذكور قد تم طواعية واختياراً وبدون تحفظ قبل قيامها بالتظلم منه وكانت أركان الجريمة المشار إليها بنص المادة 123 من قانون العقوبات غير متوافرة فإن الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض الدفع السابق يكون قد شابة القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي في غير محله - ذلك أن البين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض الدفع بعدم جواز الاستئناف على أن تنفيذ الأمر المتظلم منه والذي قامت مصلحة الجمارك بتنفيذه قد تم امتثالاً لشمول الأمر بالنفاذ المعجل وبلا كفالة وتقديم صورة تنفيذية للمصلحة ودون مساس بالتظلم المقام من المصلحة على الأمر محل النزاع ومنعاً من الوقوع تحت طائلة المادة 123 من قانون العقوبات ولذلك فلا يعتبر تنفيذ الأمر الحالي قد تم عن قبول له أو للحكم، لما كان ذلك وكانت المادة 211 من قانون المرافعات تقضي بأنه لا يجوز الطعن في الأحكام ممن قبلها - وكان قبول الحكم المانع من استئنافه كما يكون صريحاً يكون ضمنياً يستفاد من كل فعل أو عمل قانوني ينافي الرغبة في رفع الاستئناف ويشعر بالرضا بالحكم والتخلي عن حق الطعن فيه وكانت الأسباب التي أوردها الحكم المطعون فيه على النحو السالف كافية ولها أصلها الثابت بالأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها فإن النعي عليه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني - على الحكم المطعون فيه - مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقول أنه لما كانت المادة 22 من القانون رقم 66 لسنة 1963 لم تحدد سعر الصرف الذي يعتد به عند تقرير القيمة للأغراض الجمركية وكان الأصل في حساب هذه القيمة هو السعر الرسمي للعملة الأجنبية ومن ثم فإن ما ورد بقرار وزير المالية رقم 123 لسنة 1976 من حساب قيمة البضائع الواردة على أساس السعر التشجيعي للعملة الأجنبية يكون مخالفاً لقانون الجمارك المشار إليه مما كان يقتضي عدم تطبيقه وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك واعتد بالقرار المذكور وطبقه على النزاع المعروض فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك إنه لما كانت الأوامر على العرائض وعلى ما يبين من نصوص الباب العاشر من الكتاب الأول من قانون المرافعات هي الأوامر التي يصدرها قضاة الأمور الوقتية بما لهم من سلطة ولائية وذلك بناء على الطلبات المقدمة إليهم من ذوي الشأن على عرائض، وتصدر تلك الأوامر في غيبة الخصوم ودون تسبيب بإجراء وقتي أو تحفيظي في الحالات التي تقتضي بطبيعتها السرعة أو المباغتة دون مساس بأصل الحق المتنازع عليه - ولذا لا تحوز تلك الأوامر حجية ولا يستنفد القاضي الآمر سلطته بإصدارها إذ يجوز له مخالفتها بأمر جديد مسبب - وكان الأمر الوقتي المتظلم منه - والصادر - للطاعن على قاضي الأمور الوقتية لمحكمة عابدين بتسوية الرسوم الجمركية المستحقة على البضاعة الواردة له على أساس السعر الرسمي للعملة الأجنبية وبصرف الفرق المترتب على احتسابها بالسعر التشجيعي لم يكن بإجراء وقتي أو تحفظي بل كان في حقيقته قضاء فاضلاً في أصل الحق المتنازع عليه - وهو ما يخرج عن ولاية قاضي الأمور الوقتية - وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى إلغائه فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة في القانون ولا يبطله ما ساقه تبريراً لقضائه من تعرضه للموضوع عند نظر التظلم من الأمر الوقتي وهو غير جائز - إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذا الخطأ دون أن تنقض الحكم - ومن ثم يكون ما ورد بسبب الطعن أياً كان وجه الرأي فيه غير منتج.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أنه طلب وقف السير في الاستئناف حتى تفصل المحكمة الدستورية في الطعن بعدم دستورية قرار وزير المالية رقم 123 لسنة 1976 وقد رفض الحكم هذا الطلب على أساس أنه غير جدي لأن القرار المذكور صدر في حدود التفويض المشار إليه بنص المادة 22 من القانون رقم 66 لسنة 1963 - وإذ كان ذلك الأمر - وعلى ما سلف بيانه في السبب الثاني من أسباب الطعن - مجاوزاً حدود التفويض فإن رد الحكم على الدفاع السابق يكون غير سائغ مما يعيبه بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في غير محله - ذلك أنه لما كان مؤدى نص المادة 29 فقرة ب من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا أن لمحكمة الموضوع - إذا أثير أمامها دفع بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة السلطة التقديرية بشأنه فإن هي قدرت جديته وضرورة حسم النزاع على الدستورية قبل الحكم في الدعوى كان عليها أن تؤجل نظر الدعوى وتحدد أجلاً لصاحب الدفع لرفع الدعوى خلاله أمام المحكمة الدستورية العليا أما إذا رأت عدم جدية الدفع أغفلته وحكمت في موضوع الدعوى وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن الوقف التعليقي للدعوى - طبقاً لنص المادة 129 من قانون المرافعات - هو أمر جوازي متروك لمطلق تقدير المحكمة حسبما تستبينه من جدية المنازعة في المسألة الأولية الخارجية عن اختصاصها أو عدم جديتها - لما كان ذلك وكانت المحكمة قد انتهت - وعلى ما سلف بيانه في الرد على السبب الثاني من أسباب الطعن إلى أن الأمر الوقتي المتظلم منه قد صدر خارجاً عن اختصاص قاضي الأمور الوقتية لمساسه بأصل الحق المتنازع عليه ومن ثم يكون النزاع حول عدم دستورية قرار وزير المالية رقم 123 لسنة 1976 - غير مؤثر ولازم للفصل في الدعوى - ولا على الحكم المطعون فيه إن هو رفض طلب وقف السير في الاستئناف لحين الفصل في عدم دستورية القرار المذكور - ويكون ما ورد بسبب الطعن على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 701 لسنة 56 ق جلسة 1 / 10 / 1986 مكتب فني 37 ق 126 ص 662

جلسة أول أكتوبر سنة 1986

برياسة السيد المستشار: محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم حسين رضوان ومحمد ممدوح سالم ومحمد رفيق البسطويسي (نواب رئيس المحكمة) وفتحي خليفة.

---------------

(126)
الطعن رقم 701 لسنة 56 القضائية

(1) محكمة الجنايات "نظرها الدعوى والفصل فيها". إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أقوال شهود الإثبات كما تضمنتها قائمة شهود الإثبات المقدمة من النيابة العامة ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة.
(2) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إحالة الحكم في بيان أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه، متى كانت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
(3) جريمة "أركانها". قصد جنائي. تعدي على موظفين عموميين. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "المصلحة في الطعن".
كفاية استعمال القوة أو العنف أو التهديد مع الموظف المجني عليه لتوافر الجريمة المنصوص عليها في المادة 137 مكرراً عقوبات. حدوث إصابة بالمجني عليه. غير لازم.
(4) إثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني. غير لازم كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
(5) تعدي على موظفين عموميين. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الركنان المادي والأدبي في الجريمة المنصوص عليها في المادة 137 مكرراً أ عقوبات. متى يتحققا؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
مثال.

--------------------
1 - لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أقوال شهود الإثبات كما تضمنتها قائمة شهود الإثبات المقدمة من النيابة العامة، ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة.
2 - لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر، ما دامت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها وهو ما لا يماري فيه الطاعنان، فإن النعي عليه في هذا يكون غير سديد.
3 - لما كان الحكم وقد دان الطاعنين طبقاً للفقرة الأولى من المادة 137 ( أ ) من قانون العقوبات، وهي لا تستلزم لانطباقها إحداث إصابات بالموظف المعتدى عليه، بل يكفي استعمال القوة أو العنف أو التهديد، ومن ثم فلا على المحكمة إن هي لم تورد في حكمها سبب إصابة المجني عليه، ولا مصلحة للطاعنين في النعي على الحكم في هذا الصدد، ما دام أن الحكم قد أثبت - على ما سلف بيانه - واقعة التعدي بالضرب على المجني عليه الثاني، وهي ضرب من ضروب القوة أو العنف المؤثم في صورة الدعوى، يستوي في ذلك أن يحدث أيهما إصابات أم لا.
4 - الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني، بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي، كما أخذت به المحكمة، غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان مؤدى ما حصله الحكم من أقوال المجني عليهما أن الطاعن الثاني تعدى بالضرب على المجني عليه الثاني، لا يتعارض، ما نقله الحكم عن تقرير الكشف الطبي الخاص بالمجني عليه آنف الذكر، الذي أثبت إصابته بجرحين بالرقبة وكدمات متفرقة بالوجه والصدر، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا المنحى يكون غير سديد.
5 - لما كان الركن المادي في الجريمة المنصوص عليها في المادة 137 مكرراً ( أ ) من قانون العقوبات يتحقق بما يصدر عن الجاني من أعمال القوة أو العنف أو التهديد قبل الموظف العام، أياً كانت درجة القوة أو العنف أو التهديد، يستوي في ذلك أن تترك القوة أو العنف أثراً أم لا وكان ما صدر من الطاعن الأول من اعتراض على توقيع الحجز ثم انتزاعه أوراق الحجز من المحضر المكلف بالتنفيذ، ثم الشروع في تمزيقها مع توجيه الشتائم والسباب المقذع إليه، يتضمن معنى القوة أو العنف أو بالقليل التهديد بالإيذاء إذا ما استمر المذكور في أداء عمله، وهو ما يتحقق به الركن المادي في الجريمة فإن النعي عليه في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الركن الأدبي في الجناية بادية الذكر لا يتحقق إلا إذا توافرت لدى الجاني نية خاصة بالإضافة إلى القصد الجنائي العام، تتمثل في انتواء الحصول من الموظف المعتدي عليه على نتيجة معينة، هي أن يؤدي عملاً لا يحل له أن يؤديه، أي أن يستجيب لرغبة المعتدي، فيمتنع عن أداء عمل كلف به، وقد أطلق الشارع حكم هذه المادة لينال بالعقاب كل من يستعمل القوة أو العنف أو التهديد مع الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة، متى كانت غايته من الاعتداء أو التهديد حمل الموظف أو المكلف بالخدمة العامة على قضاء أمر غير حق أو اجتناب أداء عمله المكلف به، يستوي في ذلك أن يقع الاعتداء أو التهديد أثناء قيام الموظف بعمله لمنعه من المضي في تنفيذه، أو في غير حالة قيامه به لمنعه من أدائه في المستقبل، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر في مدوناته - على ما سلف البيان - استظهاراً سليماً وسائغاً من ظروف الواقعة وملابساتها أن نية الطاعنين مما وقع منهما من أعمال مادية، قد انصرفت إلى منع المحضر والخفير النظامي المصاحب له من أداء عمل من أعمال وظيفتيهما، هو تنفيذ أولهما توقيع الحجز التحفظي على منقولات والد الطاعن الثاني وقريب الأول، ومنع الثاني من مساعدته في أداء عمله وتمكينه منه، فإن الحكم يكون قد أثبت قيام الركن الأدبي للجناية التي دان الطاعنين بها، ويضحى منعى الطاعنين بعدم توافر الركن الأدبي، مجرد جدل في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: استعملا القوى والعنف مع موظفين عموميين هما... المحضر بمحكمة دشنا و... الخفير النظامي بمركز دشنا لحملهما بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتيهما هو توقيع الحجز التحفظي رقم 14 لسنة 1982 بأن تعديا عليهما بالضرب بعصي فحدثت بالخفير النظامي المذكور الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي وقد بلغا من ذلك مقصدهما على النحو المبين بالأوراق. وطلبت إحالتهما إلى محكمة جنايات قنا لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الاتهام والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 137 مكرر أ فقرة أولى من قانون العقوبات بمعاقبتهما بالسجن لمدة ثلاث سنوات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة استعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين لحملهما على الامتناع عن عمل من أعمال وظيفتيهما، وبلوغهما بذلك مقصدهما، قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وانطوى على خطأ في القانون، ذلك بأنه لم يبين مضمون الأدلة التي استند إليها في قضائه، إذ سردها كما هي واردة بقائمة أدلة الإثبات المقدمة من النيابة العامة، وأحال في بيان شهادة الشاهد الثاني، إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول، كما عول في الإدانة على التقرير الطبي المثبت لإصابة المجني عليه الثاني، دون أن يستظهر رابطة السببية بين إصابته ووقائع الاعتداء المسند إلى الطاعن الثاني، ولم يعرض للدفاع بتناقض الدليل القولي مع الدليل الفني في شأن ما ورد بالتقرير الطبي من إصابة المجني عليه بجرح رغم شهادة المجني عليهما من أن التعدي كان بعصا، وهي لا يمكن أن تحدث إلا كدمات ورضوضاً كما أن الشروع في تمزيق محضر الحجز التحفظي أو توجيه عبارات السباب أو الشتائم إلى الموظف العام، لا يتحقق به الركن المادي للجريمة موضوع الاتهام، خاصة أنه لا يوجد اتفاق على الجريمة بين الطاعنين، هذا إلى أن الجريمة تتطلب فوق القصد الجنائي العام قصداً خاصاً لم يستظهره الحكم. كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات وتحريات الشرطة والتقرير الطبي، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أقوال شهود الإثبات كما تضمنتها قائمة شهود الإثبات المقدمة من النيابة العامة، ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة - وهو الحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي على حكمها في هذا الصدد - بفرض صحته - يكون على غير سند. لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر، ما دامت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها وهو ما لا يماري فيه الطاعنان، فإن النعي عليه في هذا يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته ما يفيد أن الطاعن الثاني تعدى بالضرب على المجني عليه الثاني فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الكشف الطبي، وأنه بمسلكه هذا حال بين المجني عليهما وأداء عملهما المكلفين به قانوناً، فإن النعي عليه في هذا يكون على غير أساس، هذا فضلاً، عن أن الحكم وقد دان الطاعنين طبقاً للفقرة الأولى من المادة 137 مكرر ( أ ) من قانون العقوبات، وهي لا تستلزم لانطباقها إحداث إصابات بالموظف المعتدى عليه، بل يكفي استعمال القوة أو العنف أو التهديد، ومن ثم فلا على المحكمة أن هي لم تورد في حكمها سبب إصابة المجني عليه، ولا مصلحة للطاعنين في النعي على الحكم في هذا الصدد، ما دام أن الحكم قد أثبت - على ما سلف بيانه - واقعة التعدي بالضرب على المجني عليه الثاني، وهي ضرب من ضروب القوة أو العنف المؤثم في صورة الدعوى، يستوي في ذلك أن يحدث أيهما إصابات أم لا لما كان ذلك، وكان الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني، بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي، كما أخذت به المحكمة، غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان مؤدى ما حصله الحكم من أقوال المجني عليهما أن الطاعن الثاني تعدى بالضرب على المجني عليه الثاني، لا يتعارض، ما نقله الحكم عن تقرير الكشف الطبي الخاص بالمجني عليه آنف الذكر، الذي أثبت إصابته بجرحين بالرقبة وكدمات متفرقة بالوجه والصدر، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا المنحى يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بقوله أنها "تتحصل في أن... المحضر بمحكمة دشنا الجزئية قد توجه يوم 8/ 11/ 1982 إلى ناحية عزازية دشنا لتنفيذ بعض المهام الموكولة إليه بصفته سالفة البيان، وكان بصحبته الخفير النظامي....، وإذ كانت من بين هذه المهام، مهمة تنفيذ الحجز التحفظي رقم 14 لسنة 1982، ضد.... الشهير...، والد المتهم الثاني وقريب المتهم الأول، وكان المحضر ومرافقه قد وصلا منزل المدين سالف الذكر، وما إن هما بتنفيذ الحجز... آنف الذكر حتى اعترض المتهمان على التنفيذ، وحالا بينهما بالقوة والعنف وبين التنفيذ، بأن اختطف المتهم الأول أوراق الحجز وأسرع يشرع في تمزيقها وهو ينهال سباً وشتائم بأفزع الألفاظ على المحضر المنفذ، بينما اعتدى المتهم الثاني بالضرب على الخفير النظامي المرافق محدثاً به تلك الإصابات التي أورى التقرير الطبي وصفاً كاملاً لها". لما كان ذلك، وكان الركن المادي في الجناية المنصوص عليها في المادة 137 مكرراً ( أ ) من قانون العقوبات يتحقق بما يصدر عن الجاني من أعمال القوة أو العنف أو التهديد قبل الموظف العام، أياً كانت درجة القوة أو العنف أو التهديد، يستوي في ذلك أن تترك القوة أو العنف أثراً أم لا وكان ما صدر من الطاعن الأول من اعتراض على توقيع الحجز ثم انتزاعه أوراق الحجز من المحضر المكلف بالتنفيذ، ثم الشروع في تمزيقها مع توجيه الشتائم والسباب المقذع إليه، يتضمن معنى القوة أو العنف أو بالقليل التهديد بالإيذاء إذا ما استمر المذكور في أداء عمله، وهو ما يتحقق به الركن المادي في الجريمة فإن النعي عليه في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الركن الأدبي في الجناية بادية الذكر لا يتحقق إلا إذا توافرت لدى الجاني نية خاصة بالإضافة إلى القصد الجنائي العام، تتمثل في انتواء الحصول من الموظف المعتدي عليه على نتيجة معينة، هي أن يؤدي عملاً لا يحل له أن يؤديه، أو أن يستجيب لرغبة المعتدي، فيمتنع عن أداء عمل كلف به، وقد أطلق الشارع حكم هذه المادة لينال بالعقاب كل من يستعمل القوة أو العنف أو التهديد مع الموظف العام أو المكلف بخدمة عامة، متى كانت غايته من الاعتداء أو التهديد حمل الموظف أو المكلف بالخدمة العامة على قضاء أمر غير حق أو اجتناب أداء عمله المكلف به، يستوي في ذلك أن يقع الاعتداء أو التهديد أثناء قيام الموظف بعمله لمنعه من المضي في تنفيذه، أو في غير حالة قيامه به لمنعه من أدائه في المستقبل، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر في مدوناته - على ما سلف البيان - استظهاراً سليماً وسائغاً من ظروف الواقعة وملابساتها أن نية الطاعنين مما وقع منهما من أعمال مادية، قد انصرفت إلى منع المحضر والخفير النظامي المصاحب له من أداء عمل من أعمال وظيفتيهما، هو تنفيذ أولهما توقيع الحجز التحفظي على منقولات والد الطاعن الثاني وقريب الأول، ومنع الثاني من مساعدته في أداء عمله وتمكينه منه، فإن الحكم يكون قد أثبت قيام الركن الأدبي للجناية التي دان الطاعنين بها، ويضحى منعى الطاعنين بعدم توافر الركن الأدبي، مجرد جدل في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الدعوى رقم 218 لسنة 23 ق دستورية عليا " دستورية " جلسة 5 / 7 / 2025

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الخامس من يوليو سنة 2025م، الموافق العاشر من المحرم سنة 1447ه.

برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 218 لسنة 23 قضائية "دستورية"

المقامة من

رئيس مجلس إدارة نادي هليوبوليس الرياضي

ضد

1- رئيس مجلس الوزراء

2- وزير الشباب

3- ..........

4- ..........

----------------

الإجراءات

 بتاريخ الثامن من أغسطس سنة 2001، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية قرار رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رقم 39 لسنة 1980، المعدل بالقرار رقم 77 لسنة 1993.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرتين، طلبت فيهما الحكم، أصليًّا: بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

 ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

---------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل -على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- في أن المدعى عليهما الثالث والرابع –عضوان بجهة قضائية– أقاما أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية الدعوى رقم 4741 لسنة 1998 مدني كلي، ضد المدعي؛ طلبًا للحكم بإلزامه بقبول عضويتهما بنادي هليوبوليس الرياضي مع إعفائهما وأسرتيهما من رسوم الالتحاق والإعانة الإنشائية، ونصف الاشتراك السنوي الفردي أو العائلي للعضو العامل، وذلك إعمالًا لنص المادة (1) من قرار رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رقم 39 لسنة 1980، وإذ امتنع النادي -على الرغم من إنذاره- عن إجابة طلبيهما الحاصلين في 13/12/1997؛ فكانت الدعوى. وفي أثناء نظرها، دفع المدعي بعدم دستورية نص المادة (1) من قرار رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رقم 39 لسنة 1980، فيما تضمنه من إعفاء رجال القضاء من رسوم الالتحاق والإعانة الإنشائية، ونصف قيمة الاشتراك السنوي في الأندية. وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية؛ فأقام الدعوى المعروضة.

وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم اختصاص هذه المحكمة بنظر الدعوى، بقالة إن اللائحة المطعون فيها تخاطب الأندية الرياضية، وهي من أشخاص القانون الخاص، ولا تخاطب أية جهة عامة، وإن صدرت من الوزير المختص، الأمر الذي تندرج معه ضمن اللوائح الخاصة التي تخرج الرقابة على دستوريتها عن ولاية هذه المحكمة، فإن هذا الدفع غير سديد؛ ذلك أن القانون رقم 77 لسنة 1975 بإصدار قانون الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة قد ناط في المادة (8) منه بالوزير المختص سلطة إصدار القرارات اللازمة لتنفيذه، وتحديد الجهة الإدارية المختصة، كما عهد إليه في صدر المادة (4) من القانون اعتماد النظم الأساسية النموذجية التي تضعها الجهة الإدارية المركزية المختصة للهيئات الخاضعة لأحكامه، ونفاذًا لذلك صدر القرار المطعون فيه - قرار رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رقم 39 لسنة 1980 - ونص في المادة (1) منه على أن " ........، ومع عدم الإخلال أو المساس بالامتيازات والإعفاءات المقررة للاشتراك في الأندية الرياضية بالتطبيق لحكم الفقرة الأولى من المادة المذكورة لأية فئة من الفئات بموجب القرارات الإدارية السابق صدورها في هذا الشأن، يتمتع ضباط القوات المسلحة وأعضاء الهيئات القضائية وأعضاء المجلس الأعلى للشباب والرياضة وأعضاء مجلس إدارة اللجنة الأوليمبية المصرية وأفراد أسرهم جميعًا بالاشتراك المخفض في الأندية الرياضية بنسبة 50٪ من قيمة الاشتراك السنوي الفردي أو العائلي للعضو العامل، وذلك مع الإعفاء من رسوم الالتحاق والإعانة الإنشائية المقررة بالأندية الرياضية". وألزمت المادة (2) من هذا القرار جميع الجهات المختصة والأندية الرياضية بتنفيذه. وقد أُلغي هذا القرار بموجب نص المادة (2) من قرار رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رقم 470 لسنة 1992 بشأن العمل بالنظام الأساسي للأندية الرياضية، الذي أوجبت الفقرة الثانية من المادة (15) منه الالتزام بما يقرره رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة من إعفاءات أو تخفيضات في رسوم الاشتراك أو إعفاءات من رسوم الالتحاق أو أية مبالغ أخرى، ثم أصدر رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة قراره رقم 77 لسنة 1993، ليعيد تنظيم الإعفاءات ذاتها، مقررًا عدم الإخلال أو المساس بالالتزامات والإعفاءات المقررة للاشتراك في الأندية الرياضية لأي فئة من الفئات بموجب القرارات السابقة في هذا الشأن، وحددت المادة (1) منه عددًا من الفئات التي تتمتع بالاشتراك المخفض في الأندية الرياضية، وبالإعفاء من رسوم الالتحاق والإعانة الإنشائية المقررة بها، وألزمت المادة (2) منه الجهات المعنية والأندية الرياضية بتنفيذ هذا القرار. ومؤدى ما تقدم أن القرار المطعون فيه قد صدر إنفاذًا للاختصاص الذي منحه دستور سنة 1971 – المعمول به وقت إصدار هذا القرار - للسلطة التنفيذية بمقتضى نص المادة (144) منه، في إصدار القرارات اللازمة لتنفيذ القوانين. متى كان ذلك، وكانت الرقابة على دستورية القوانين واللوائح التي عهد الدستور إلى المحكمة الدستورية العليا بممارستها تنحصر في النصوص التشريعية، أيًّا كان موضوعها أو نطاق تطبيقها، متى تولدت عنها مراكز قانونية عامة مجردة، سواء وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التي أقرتها السلطة التشريعية، أم تضمنتها التشريعات الفرعية التي أصدرتها السلطة التنفيذية في حدود الصلاحيات التي ناطها بها الدستور؛ وإذ كان القرار المطعون فيه قد تضمن قواعد عامة مجردة، لا تتعلق بأشخاص بذواتهم، ولا بوقائع بعينها، كما تلتزم به جميع الجهات الإدارية والأندية الخاضعة لأحكام القانون رقم 77 لسنة 1975 المشار إليه؛ الأمر الذي تتوافر معه المقومات الدستورية للوائح، التي ينعقد الاختصاص بالرقابة على دستوريتها للمحكمة الدستورية العليا؛ مما يضحى معه الدفع بعدم الاختصاص في غير محله، حريًّا بالرفض.

وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن نطاق الدعوى الدستورية التي أتاح المشرع للخصوم إقامتها، إعمالًا لنص المادة (29/ب) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، يتحدد بنطاق الدفع بعدم الدستورية الذي أثير أمام محكمة الموضوع، وفي الحدود التي تقدر فيها تلك المحكمة جديته، وتصرح بإقامة الدعوى الدستورية بشأنه، وكان الدفع المبدى من المدعي أمام محكمة الموضوع، والتصريح الصادر عنها قد اقتصرا على نص المادة (1) من قرار رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رقم 39 لسنة 1980، فيما قرره من إعفاءات مالية لصالح أعضاء الهيئات القضائية؛ ومن ثم يتحدد الطعن في الدعوى المعروضة في هذا النص وحده، دون تعويل على ما تضمنته الطلبات الختامية في صحيفتها بالمجاوزة لذلك.

وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة، وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية، مناطها –على ما جرى به قضاء هذه المحكمة– قيام رابطة منطقية بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية في الطلبات المرتبطة بها، المطروحة على محكمة الموضوع؛ ومن ثم فلا تقوم هذه المصلحة إلا بتوافر شرطين يحددان بتكاملهما معًا مفهوم المصلحة الشخصية المباشرة كشرط لقبول الدعوى الدستورية، أولهما: أن يقيم المدعي الدليل على أن ضررًا واقعيًّا قد لحق به، ويتعين أن يكون الضرر مباشرًا ومستقلًّا بعناصره، ممكنًا إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية، وليس ضررًا متوهمًا أو نظريًّا أو مجهلًا، وثانيهما: أن يكون مرد هذا الضرر عائدًا إلى النص التشريعي المطعون عليه، بما مؤداه قيام علاقة سببية بينهما تحتم أن يكون مرد الأمر في هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون فيه.

متى كان ما تقدم، وكان النص التشريعي المطعون فيه، الذي تحدد به نطاق هذه الدعوى، هو نص المادة (1) من قرار رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رقم 39 لسنة 1980، فيما تضمنه من تقرير استثناءات مالية متصلة بعضوية الأندية الرياضية لرجال القضاء، وكان هذا النص قد أُلغي بصدور قرار رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رقم 470 لسنة 1992 بشأن العمل بالنظام الأساسي للأندية الرياضية، المعمول به اعتبارًا من تاريخ صدوره في الخامس عشر من يوليو سنة 1992، في وقت سابق على الطلبين المقدمين من المدعى عليهما إلى النادي المذكور بتاريخ 13/12/1997، وإقامة المدعي لدعواه، بما يعني أن المدعي قد استهدف بدعواه الدستورية نصًّا تشريعيًّا لم يجرِ تطبيقه على النزاع الموضوعي؛ مما تنتفي معه أية مصلحة للمدعي في إبطاله، الأمر الذي يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات.

الطعن 689 لسنة 56 ق جلسة 12 / 6 / 1986 مكتب فني 37 ق 125 ص 659

جلسة 12 من يونيه سنة 1986

برياسة السيد المستشار: الدكتور كمال أنور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد نجيب صالح وعوض جادو ومحمد نبيل رياض وعبد الوهاب الخياط.

--------------

(125)
الطعن رقم 689 لسنة 56 القضائية

إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
كفاية الشك في صحة التهمة سنداً للبراءة. ولو تردى الحكم في خطأ قانوني.
مثال لتسبيب سائغ للقضاء بالبراءة في جريمة إحراز مخدر.

------------------
لما كان من المقرر أن الخطأ القانوني في الحكم القاضي بالبراءة لا يعيبه لأنه يكفي أن يتشكك القاضي في صحة إجراءات التفتيش والتهمة كي يقضي بالبراءة إذ ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدانه وما يطمئن إليه ومن ثم فتعييب الحكم في إحدى دعاماته بالخطأ في تطبيق القانون - بفرض صحته - يكون غير منتج، وإذ قضى الحكم المطعون فيه ببراءة المطعون ضده تأسيساً على الشك وعدم الاطمئنان إلى إجراءات التفتيش التي باشرها ضابط الواقعة ضده، وعدم الاطمئنان إلى أقوال ذلك الضابط لتعارضها مع أقوال الشاهد الثاني فإنه لا يجدي النيابة العامة الطاعنة النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون فيما أورده من نفي حالة التلبس بالجريمة والكشف عن المخدر عوضاً نتيجة القانون فيما أورده لأنه استند في قضائه بالبراءة على أسباب أخرى مبناها التشكك في صحة الإجراءات التي اتبعت أثناء التفتيش وعدم اطمئنان المحكمة إلى أدلة الثبوت في الدعوى بعد أن ألم بها ولم يطمئن وجدانه إلى صحتها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: أحرز بقصد التعاطي جوهراً مخدراً "حشيش" دون أن يكون مرخصاً له بذلك وأحالته إلى محكمة جنايات دمنهور لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون العقوبات والمادة 30 من قانون العقوبات ببراءة المتهم مما هو منسوب إليه ومصادرة المخدر المضبوط.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه برر قضاءه بتبرئة المطعون ضده من تهمة إحراز مخدر الحشيش بقصد التعاطي، بعدم اطمئنان المحكمة إلى ما طلبه ضابط الواقعة بمحضر تحرياته من الإذن له بتفتيش المطعون ضده ومسكنه لضبط ما يحوزه أو يحرزه من أسلحة نارية وذخيرة بدون ترخيص أو أية ممنوعات أخرى، إذ بإيراده للعبارة الأخيرة بالمحضر يكون قد استبق الحوادث لأن العثور على ممنوعات أثناء التفتيش جائز قانوناً، كما أنه تعسف في تنفيذ الإذن بالسعي في البحث عن جريمة أخرى لا علاقة لها بالجريمة الصادر إذن التفتيش بضبطها، بأن فتش ملابس المطعون ضده مرتين عثر في الأولى منها على المطواة، وأخرج في المرة الثانية المخدر المضبوط مختلقاً بذلك حالة التلبس بالجريمة. وما انتهى إليه الحكم فيما تقدم غير سائغ ويخالف القانون، إذ الثابت من محضر التحريات أن المطعون ضده يحوز أسلحة نارية وذخيرة بدون ترخيص كما اعتاد إخفاء المسروقات بمنزله وقد صدر إذن النيابة بضبطه وتفتيش شخصه ومسكنه لضبط ما يحوزه من تلك الأسلحة أو الذخيرة أو ما يظهر عرضاً من ممنوعات أخرى، وبتنفيذ الضابط لهذا الإذن فقد عثر بجيب الصديري الأيمن الذي يرتديه المطعون ضده على المخدر المضبوط كما عثر بالجيب ذاته على مطواة قرن غزال ومن ثم لم يكن ضبط هذا المخدر نتيجة سعي الضابط للبحث عنه وإنما جاء عرضاً وفي حدود نطاق إذن التفتيش بالبحث عن الأسلحة والذخيرة وبذلك تكون إجراءات العثور على هذا المخدر صحيحة وتتفق وأحكام القانون باعتبار أن جريمة إحرازه كان متلبساً بها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض أدلة الثبوت التي استندت إليها سلطة الاتهام والتي تنحصر في أقوال النقيب... والرائد... وفي تقرير التحليل، أفصح عن عدم اطمئنانه إلى سلامة هذه الأدلة وإجراءات التفتيش وخلص إلى أنها محاطة بالشك لأسباب عددها في قولة "أن المحكمة لا تطمئن وجدانها إلى ما اتخذه ضابط الواقعة من إجراءات تنفيذاً للإذن فضلاً عن أنه كان يستبق الحوادث بدليل أنه يطلب من وكيل النيابة أن يشتمل إذنه على ضبط ما عساه أن يظهر لأن ذلك الأمر هو من البديهيات التي نظمها القانون واستقرت عليها الأحكام فإن الضابط قد تزيد في تنفيذ الإذن وصور الواقعة على أن المخدر قد ظهر عرضاً ولم يسع هو لإيجاد هذه الحالة والثابت أنه فتش ملابس المتهم ثم وجد المطواة وقد تم تنفيذ الإذن فليس له أن يضع يده مرة أخرى في جيب المتهم ليخرج منه المخدر إذ أن ذلك إيجاد لحالة من حالات التلبس بالجريمة وهو الأمر الذي يمتنع على الضابط خلقها سيما وأن الشاهد الأخر للواقعة قد اختلفت روايته مع ضابط الواقعة. وأكد أن المخدر لم يظهر عرضاً كما زعم الأول. ولقد استقرت الأحكام على أن مثل هذه الحالة لا تعد من الحالات التي تبيح القبض والتفتيش لأنها ليست من الحالات التي تعرض لمأمور الضبط القضائي فتحمله على أن يقبض ويفتش. وحيث إنه والحالة هذه فإن المحكمة ترى أن ما أتاه الضابط من خلف لحالة التلبس بالجريمة لا يقوم على سند صحيح من القانون ومن ثم يتعين تبرئة المتهم منها عملاً بالمادة 304/ 1 أ ج". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الخطأ القانوني في الحكم القاضي بالبراءة لا يعيبه لأنه يكفي أن يتشكك القاضي في صحة إجراءات التفتيش والتهمة كي يقضي بالبراءة إذ ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدانه وما يطمئن إليه ومن ثم فتعييب الحكم في إحدى دعاماته بالخطأ في تطبيق القانون - بفرض صحته - يكون غير منتج، وإذ قضى الحكم المطعون فيه ببراءة المطعون ضده تأسيساً على الشك وعدم الاطمئنان إلى إجراءات التفتيش التي باشرها ضابط الواقعة ضده، وعدم الاطمئنان إلى أقوال ذلك الضابط لتعارضها مع أقوال الشاهد الثاني فإنه لا يجدي النيابة العامة الطاعنة النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون فيما أورده من نفي حالة التلبس بالجريمة والكشف عن المخدر عوضاً نتيجة القانون فيما أورده لأنه استند في قضائه بالبراءة على أسباب أخرى مبناها التشكك في صحة الإجراءات التي اتبعت أثناء التفتيش وعدم اطمئنان المحكمة إلى أدلة الثبوت في الدعوى بعد أن ألم بها ولم يطمئن وجدانه إلى صحتها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 90 لسنة 2025 تمييز دبي عقاري جلسة 28 / 4 / 2025

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 28-04-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 90 لسنة 2025 طعن عقاري

طاعن:
ش. ك. ا. ل. ا. ذ.

مطعون ضده:
ب. ه. ا. ل. ش.
م. ص.

الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/989 استئناف عقاري بتاريخ 17-02-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق في الملف الإلكتروني وسماع التقرير الذي أعده وتلاه بالجلسة السيد القاضي المقرر/ياسر أبو دهب وبعد المداولة. 
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية. 
وحيث إن الوقائع ـ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـ تتحصل في أن المطعون ضده الأول " مهدي صداقتى " أقام على الطاعنة " شركة كونسوليديتد اوربن للتطوير العقاري ذ.م.م " ، والمطعون ضدها الثانية " بست هومز الامارات للانشاءات ش.م.ح " الدعوى رقم 1282 لسنة 2023 عقاري بطلب الحكم بإلزامهما متضامنتين بأن تردا له مبلغ 2,054,218 درهم ، والفوائد القانونية بواقع 9% من تاريخ الاستحقاق الحاصل في 11/12/2007 وحتى تمام السداد ، وإلزامهما متضامنتين بأن تؤديا له مبلغ 2,000,000 درهم كتعويض ، وقال بياناً لذلك أنه بموجب عدد سبعة استمارات حجز وحدات سكنية مؤرخة في 11/12/2007 تعاقد مع المطعون ضدها الثانية على شراء الوحدات أرقام 2103 ، 2105 ، 2106 ، 2110 ، 2111 ، 2113 ، 2114 بمشروع جلوبال جولف ريزيدنس ــ بمدينة دبي الرياضية ــ بإمارة دبي وسدد من إجمالي ثمن تلك الوحدات مبلغ مالي مقداره 2,054,218 درهم إلا أنها لم تف بالتزاماتها وتعثرت في إنجاز المشروع ، وقامت الطاعنة بالحلول محلها في تنفيذ المشروع ، وبتاريخ 29/4/2021 أبرمت معه الطاعنة بصفتها المطور الجديد للمشروع اتفاقية تعويض اتفقا فيها على إلغاء شرائه الوحدات سالفة البيان ، وتحويل كافة المبالغ المالية التي قام بسدادها للمطعون ضدها الثانية كثمن خالص لشراء الوحدة رقم 2103 ، إلا أن الطاعنة قد أخلت بالتزاماتها التعاقدية ولم تنجز المشروع حتى الأن ، مما ألحق به الضرر ومن ثم أقام الدعوى ، وجهت الطاعنة طلباً عارضاً ( دعوى متقابلة ) بطلب الحكم بفسخ وإنهاء اتفاقية التعويض المؤرخة 29/4/2021 المحررة فيما بينها وبين المطعون ضده الأول واعتبارها كأن لم تكن ، وذلك على سند من إخلال المطعون ضده الأول بالتزاماته التعاقدية في الاتفاقية ، ندبت المحكمة خبيراً ، وبعد إيداع التقرير حكمت بقبول الدعوى المتقابلة شكلاً، وفى موضوعها بفسخ وإنهاء اتفاقية التعويض المؤرخة 29/4/2021 واعتبارها كأن لم تكن ، وفي الدعوى الأصلية بإلزام الطاعنة بأن ترد للمطعون ضده الأول مبلغ 2,054,218 درهم وفوائده القانونية بواقع (5%) سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد، وإلزام الطاعنة بأن تؤدى للمطعون ضده الأول مبلغ 30.000 درهم كتعويض ، ورفضت ماعدا ذلك من طلبات ، استأنف المطعون ضده الأول ذلك الحكم ــ في شقه المتعلق بالتعويض ـــ بالاستئناف رقم 926 لسنة 2024 عقاري ، كما استأنفته الطاعنة ــ في شقه المتعلق بالدعوى الأصلية ــ بالاستئناف رقم 989 لسنة 2024 عقاري ، ضمت المحكمة الاستئنافين للارتباط ، وبتاريخ 17/2/2025 قضت برفضهما وبتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة على هذا الحكم بالطعن بالتمييز رقم 90 لسنة 2025بموجب صحيفة أودعت إلكترونياً بتاريخ 3/3/2025 طلب فيها نقض الحكم، وقدم محامي المطعون ضده الأول مذكرة بدفاعه ـ في الميعاد ـ طلب فيها رفض الطعن. وإذ عٌرض الطعن على هذه المحكمة ـ في غرفة مشورة ـ فقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم بغير مرافعة. 
وحيث أقيم الطعن على خمسة أسباب تنعي الطاعنة بالأسباب من الأول إلى الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ، والخطأ في تطبيقه ، والقصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، ومخالفة الثابت في الأوراق وفي بيان ذلك تقول إن الحكم إذ ألزمها برد المبالغ المسددة عن وحدات النزاع بموجب استمارات الحجز ، دون أن يقضي بفسخ استمارات الحجز ، وبالرغم من خلو طلبات المطعون ضده الأول من طلب بفسخ استمارات الحجز ، ورغم أن الثابت من تقرير الخبرة أن الاستمارات لم تُفسخ وأن الوحدات ما زالت مسجلة باسم المطعون ضده الأول ، كما وأنه وإذ ألزمها الحكم بالمبلغ المقضي به في الدعوى الأصلية تأسيساً على كونها خلف للمطور السابق للمشروع ، وأن المبالغ المدفوعة من المطعون ضده الأول موجودة في حساب الضمان وتأخرها في إنجاز المشروع ، بالرغم من أن الثابت من أوراق الدعوى وتقرير الخبرة أن هذه المبالغ لم تودع حساب الضمان ، ومن ثم تنتفي ضوابط الخلف الخاص بينها وبين المطور السابق للمشروع وتنتفي مسئوليتها عن هذه المبالغ وفقاً لكتاب مؤسسة التنظيم العقاري المؤرخ 3/3/2019 الذي حصر نطاق مسئوليات المطور الجديد ( الطاعنة ) في إتمام الأعمال الإنشائية وتسليم الوحدات للمستثمرين المسجلين على النظام ، والمبالغ المودعة حساب ضمان المشروع فقط دون غيرها ، وبالرغم من تمسكها بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان كون الثابت من الأوراق ، وتقرير مؤسسة التنظيم العقاري المؤرخ 12/6/2024 المقدم لمحكمة الاستئناف أنها لم تتأخر في الإنجاز لأن تاريخ الإنجاز المحدد في التقرير 31/12/2024 لم يكن قد حل وقت رفع الدعوى وأن نسبة الإنجاز بلغت في تاريخ تقرير المؤسسة 90.4% ، وقد تخطت الآن 99.9% ومن ثم فإن الحكم يكون معيباً بما يستوجب نقضه. 
وحيث إن النعي غير مقبول ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن طلب المشتري الحكم له باسترداد ما عجله من الثمن بسبب عدم تنفيذ البائع لالتزاماته بتسليم المبيع يتضمن حتماً وبطريق اللزوم طلب فسخ العقد ، وإذا انفسخ العقد أو فُسخ تعيَّن إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد ، ومن المقرر أن قضاء الحكم يكون في منطوقه وفي أسبابه المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمنطوقه ، كما من المقرر أن المادة 251 من قانون المعاملات المدنية إذ نصت على أنه " إذا أنشأ العقد حقوقا شخصية تتصل بشيء انتقل بعد ذلك إلى خلف خاص فإن هذه الحقوق تنتقل إلى هذا الخلف في الوقت الذي ينتقل فيه الشيء إذا كانت من مستلزماته وكان الخلف الخاص يعلم بها وقت انتقال الشيء إليه " مما مؤداه أن أثر العقد لا يمتد إلى الغير طالما لم يكن طرفاً في التعاقد الذي تم إلا إذا كان العقد قد أنشئ حق شخصي انتقل إلى خلف خاص فينتقل الحق معه حال توافر شرطين الأول أن يكون من مستلزماته والثاني أن يعلم الخلف الخاص بذلك الحق وقت انتقاله الشيء إليه، وإذ كان ذلك وكان عقد البيع علي الخارطة قبل التسجيل المبدئي هو منشئ لحق شخصي ما بين البائع المطور والمشتري فإن انتقال ملكية المبيع من المطور البائع إلى مطور أخر-- باستحواذه علي المشروع -- لا يلزم المستحوذ بأي عقد سابق مبرم بين مشتر وبين المطور السابق إلا بعلمه بوجوده ولا يتحقق ذلك -- حال إنكاره المعرفة -- إلا بتمام التسجيل المبدئي أو بإيداع ما سدد من ثمن حساب ضمان المشروع ، أو كان ضمن المسجلين في سجلات دائرة الأراضي والأملاك ، مما مؤداه أنه على المشتري إثبات حقه على الوحدة العقارية محل التداعي ، وعلم المستحوذ بذلك الحق أو قبوله له أو يقدم ما يفيد التسجيل المبدئي أو إيداع ما سدد من ثمن حساب ضمان المشروع أو أنه ضمن المسجلين في سجلات دائرة الأراضي والأملاك عن الوحدة المتنازع عليها وفي جميع الأحوال يشترط أن يكون العقد مازال سارياً عند الاستحواذ ، كما من المقرر أن عدم تنفيذ المدين لالتزاماته الناشئة عن العقد أو الأخلال بتنفيذها أو التأخير فيه بغير مبرر يعد خطأ يوجب مسئوليته عن تعويض الضرر الناتج عنه ، كما من المقرر أيضاً أن فهم واقع الدعوى واستخلاص ثبوت التأخير في الوقت في تنفيذ العقد ومداه ومبرراته والذي يرقى الى مستوى التقصير الذي يعطي الحق لأحد المتعاقدين في طلب فسخ العقد ، واستخلاص تقصير المطور في تنفيذ العقد الذي يفضى إلى إجابة المشتري إلى طلبه بفسخ العقد من عدمه ، وثبوت أو نفي الضرر وتقدير التعويض الجابر له ، وتقدير الأدلة والمستندات وتقارير الخبرة المقدمة في الدعوى والأخذ بما تطمئن إليه منها وطرح ما عداه مما تستقل به محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، وأنها غير ملزمة من بعد ذلك بتتبع الخصوم في شتى حججهم ، ومناحي دفاعهم طالما قد أوردت في حكمها ما يتضمن الرد المسقط لتلك الحجج وأوجه الدفاع ، لما كان ذلك وكان الثابت من ملف الطعن أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه سالف البيان في الدعوى الأصلية على سند مما خلص إليه من أوراق ومستندات الدعوى وتقرير الخبرة المنتدبة وأورده بمدوناته من أن " .... وحيث أنه عن الدعوى الأصلية وطلب المدعى إلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يردا للمدعى مبلغ وقدره مبلغ وقدره 2,054,218 درهم .... وحيث انه لما كان طلب المدعى استرداد ماسدده من ثمن الوحدات موضوع الدعوى يتضمن طلباَ ضمنيا بفسخ استمارات الحجز موضوع الدعوى، وكان الثابت وفقا لما سلف ان المدعى عليها الثانية قد حلت محل المدعى عليها الأولى وأصبحت هي المطور للمشروع، وكان التاريخ المحدد لانجاز المشروع عقب اسناده للمطور الجديد وفقا لقرار مؤسسة التنظيم العقاري هو 28-2-2024، وكان الثابت من تقرير الخبير بناء على المعاينة التي تمت بتاريخ 21/02/2024وفقا للتقرير الصادر عن مؤسسة التنظيم العقاري بتاريخ 20/03/2024 أن نسبة إنجاز المشروع التي وصل لها المطور المدعى عليه الثاني / شركة كونسوليديتد اوربن للتطوير العقاري ذ.م.م هي 72.02% ومن ثم يكون المطور الثانى ( المدعى عليها الثانية ) قد اخلت بالتزامها التعاقدى ويتعين معه والحال كذلك فسخ نماذج حجز الوحدات أرقام 2103 ، 2105 ، 2106 ، 2110 ، 2111 ، 2113 ، 2114 بمشروع جلوبال جولف ريزيدنس ـ بمدينة دبي الرياضية ـ بإمارة دبي دون الحاجة الى النص على ذلك في المنطوق. أما عن رد المبلغ المدفوع من المدعى، وكان من المقرر- في قضاء محكمة التمييز- أن المادة 251 من قانون المعاملات المدنية قد نصت على أنه .... وكان الثابت من مطالعة الملف الالكتروني للدعوى وتقرير الخبرة المقدم في الدعوى الماثلة الذي تطمئن إليه المحكمة لسلامة الأسس التي بني عليها- والمستندات المقدمة في الدعوى ومنها استمارات الحجز ، وصورة التقرير المالى الصادر من مؤسسة التنظيم العقاري أن علاقة المدعي بالمدعى عليه الأول علاقة تعاقدية تمثلت برغبة المدعي بشراء عدد 7 وحدات عقارية رقم (2103-2105-2106-2110-2112113-2114) عبارة عن شقق سكنية بمساحات مختلفة في مشروع جلوبال جولف ريزيدنس ـ مدينة دبي الرياضية الذي يقوم بتطويره المدعى عليه الأول، لذلك قام المدعي بالتوقيع على 6 استمارات حجز وحدات عقارية لشرائها رقم (2103-2105-2106-2111-2113-2114) وان المدعى قد سدد للمدعى عليها الأولى ( المطور الأول ) مبلغ وقدره 2,054,218 درهم إماراتي من ثمن الوحدات ، وأنه لم يتم سداد أي مبلغ في حساب الضمان من قبل المدعي ، وان الشركة المدعى عليها الأولى قد توقفت عن إتمام المشروع الذى تقع به أعيان التداعي وتم الغاء المشروع واسناد المشروع الى المطور الجديد ( المدعى عليها الثانية) الذي حل محل المطور القديم والذي هو المدعى عليه الأول لإنجاز مشروع " جلوبال جلف ريزيدنس " الذي سمي فيما بعد " برج أمل " وبالتالي انتقلت العلاقة التعاقدية التي كانت بين المدعي والمدعى عليه الأول لتصبح بين المدعي والمدعى عليه الثاني . كما ان الوحدات موضوع التداعي مسجلة باسم المدعى أصلياً في السجل العقاري المبدئي وهو ايضاً الثابت من شهادة من يهمه الأمر الصادرة من دائرة الأراضي والاملاك، وحيث انه ولما كانت تلك الوحدات موضوع الدعوى مسجلة مبدئياً في السجل العقاري المبدئي وكان الثابت ان البيوع التي تمت بموجب استمارات الحجز سالفة البيان بين المطور الأول والمدعى هي بيوع على الخارطة لكون المشروع العقاري مازال في مرحلة البناء وكان التسجيل لتلك العقود يفيد علم المدعى عليها الثانية ( المطور الجديد ) باستمارات الحجز المحررة عن تلك الوحدات موضوعها وكانت استمارات الحجز سالفة البيان مازالت قائمة حتى إقامة الدعوى الراهنة وقد قضت المحكمة في الدعوى المتقابلة بفسخ اتفاقية التعويض ، كما قضت بفسخ استمارات حجز الوحدات المشار اليها سلفاً فيتعين معه كأثر من آثار الفسخ إعادة الحال الى ماكان عليه وإعادة المبالغ المسددة من المدعى كجزء من ثمن تلك الوحدات، ومن ثم فيلزم المطور الجديد بكافة الالتزامات المالية التي كان ملزماً بها المطور الأول لكونه قد حل محله حلولا قانونيا واصبح الخلف الخاص له، وكان الثابت قيام المدعى بسداد المبالغ المطالب بها للمطور الأول على النحو السالف بيانه، ومن ثم تكون المدعى عليها الثانية هي الملزمة برد تلك المبالغ الى المدعى على النحو الذى سيرد بالمنطوق، .... أما عن طلب المدعي إلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يؤديا للمدعى مبلغ وقدره 2,000,000 درهم ( اثنان مليون درهم ) تعويضاً مادياً وأدبياً عن الأضرار التي لحقته من جراء إخلال المدعى عليهما فى تنفيذ التزاماتها التعاقدية ....واعمالاً لما انتهت اليه المحكمة من أن المدعى عليها الثانية قد حلت محل المدعى عليها الأولى في كل الحقوق والالتزامات وقد توافرت أركان المسئولية بتحقق الخطأ في جانب المدعى عليها الثانية المتمثل في إخلالها بالتزاماتها التعاقدية بإنجاز الأعيان المبيعة في الموعد المحدد وهو ما ترتب عليه فسخ استمارات الحجز وقد سبب ذلك ضرراً بالمدعي وهو منعه من استغلال الاعيان خلال تلك الفترة واحتجاز المبالغ المسددة منه وحرمانه من الربح الذي كان يأمله وهو الدافع له ، وارتبط الخطأ بالضرر ارتباط السبب بالمسبب ومن ثم تستحق عنه التعويض وتتولى المحكمة تقدير التعويض الجابر عن الضرر الذي أصابه عن الربح الفائت آخذة في الاعتبار حسن النية في تنفيذ العقود وان المطور الثاني قد حل محل المطور الأول الذى تم الغاء المشروع دون قيام الأخير بأي أعمال تذكر وأن المطور الثاني قام بكافة الأعمال حتى وصل الى نسبة انجاز تقارب 80% ومن ثم تعوض المحكمة المدعى بمبلغ وقدره " ثلاثين ألف درهم " تلزم المدعى عليها الثانية بأدائها له على النحو الذي سيرد بالمنطوق . " وإذ كان هذا من الحكم استخلاصاً سائغاً له معينه من الأوراق ولا مخالفة فيه للقانون في ضوء السياق المتقدم سرده ويكفي لحمل قضائه في هذا الشأن ويتضمن الرد المسقط لما تثيره الطاعنة بالنعي من حجج على خلافه بغية تعييب هذا الاستخلاص توصلاً إلى نتيجة مغايرة، لا سيما مع قضاء الحكم ـــ الغير مطعون عليه ـــ باعتبار اتفاقية التعويض المؤرخة 29/4/2021 كأن لم تكن ، كما وأن الثابت من صحيفة استئناف الطاعنة استلامها المشروع من قبل مؤسسة التنظيم العقاري في غضون عام 2016 ، كما وأن في قيام الطاعنة بإبرام اتفاقية التعويض سالفة البيان مع المطعون ضده الأول وما ورد بها من مبالغ مدفوعة من المطعون ضده الأول من ثمن وحدات النزاع ما يدل على علم الطاعنة بهذه المبالغ والتعاقدات السابقة المبرمة بشأن تلك الوحدات ، كما لا يغير من الحكم ما تثيره الطاعنة بالنعي بشأن تقرير مؤسسة التنظيم العقاري المقدم إلى محكمة الاستئناف والمتعلق بالأعمال الإنشائية للمشروع إذ أن الثابت فيه عدم تمام الإنجاز ، ومن ثم فإن النعي لا يعدو أن يكون محض مجادلة موضوعية غير جائزة أمام محكمة التمييز، ومن ثم يضحى غير مقبول . 
وحيث تنعي الطاعنة بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة حجية الأحكام وفي بيان ذلك تقول إن الحكم إذ الزمها برد المبالغ المسددة من المطعون ضده الأول برغم صدور أحكام نهائية في الاستئناف رقم 364 لسنة 2020 عقاري ، والاستئناف رقم 820 لسنة 2020 عقاري والاستئناف رقم 403 لسنة 2021 عقاري عن وحدات أخرى بالمشروع وقد تضمنت تلك الأحكام قصر مسئوليتها كمطور جديد للمشروع على المبالغ المودعة بحساب ضمان المشروع فقط إعمالاً لكتاب مؤسسة التنظيم العقاري المؤرخ 3/3/2019 سالف البيان ، فإن الحكم يكون معيباً بما يستوجب نقضه. 
وحيث إن النعي مردود ذلك أنه ولما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يشترط لإعمال حجية الشيء المحكوم فيه وحدة الخصوم والموضوع والسبب ، وكان البين من ملف الطعن أن الأحكام المنوه عنها بالنعي صادرة في دعاوى تتعلق بوحدات أخرى غير وحدات النزاع وتخص أشخاص آخرين غير المطعون ضده الأول ، ومن ثم فلا تتوافر لتلك الأحكام شرائط الحجية في الدعوى الماثلة ولا على الحكم المطعون فيه ان لم يأبه بها لا سيما مع ثبوت تسجيل وحدات النزاع على نحو ما تقدم بيانه ، ومن ثم يضحى النعي على غير أساس ، ويتعين رفض الطعن. 
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة برفض الطعن ، وألزمت الطاعنة المصروفات ، ومبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة ، مع مصادرة التأمين.