برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة،
وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي،
وعلي عبد الرحمن.
--------------
(1) الدعوي بطلب بطلان عقد البيع لستره وصية
اعتبارها في حقيقتها دعوي بطلب تقرير صورية هذا العقد صورية نسبية .عدم سقوط هذه
الدعوي بالتقادم .
(2) للوارث إثبات طعنه علي العقد بأنه يستر
وصية بكافة طرق الاثبات استمداده حقه في الطعن من القانون مباشرة وليس من المورث
ويعد تحايلا علي القانون .
(3) خضوع الوصية للقانون السارى وقت وفاة
الموصى لا وقت صدور الوصية . القانون رقم 71 لسنة 1946.
--------------
1 - الدعوى بطلب بطلان عقد البيع على أساس أنه يستر وصية و إن وصفت
بأنها دعوى بطلان إلا أنها فى حقيقتها و بحسب المقصود منها إنما هى دعوى بطلب
تقرير صورية هذا العقد صورية نسبية بطريق التستر ، و هذه الدعوى لا تسقط بالتقادم
لأن ما يطلبه رافعها إنما هو تحديد طبيعة التصرف الذى قصده العاقدان و ترتيب
الأثار القانونية التى يجب أن تترتب على النية الحقيقية لهما و إعتبار العقد
الظاهر لا وجود له ، و هذه حالة واقعية قائمة و مستمرة لا تزول بالتقادم فلا يمكن
لذلك أن ينقلب العقد الصورى صحيحا مهما طال الزمن
2 - متى طعن الوارث على العقد بأنه يستر وصية
كان له إثبات طعنه بكافة طرق الإثبات لأن الوارث لا يستمد حقه فى الطعن فى هذه
الحالة من المورث و إنما من القانون مباشرة على أساس أن التصرف قد صدر إضرارا بحقه
فى الإرث فيكون تحايلا على القانون .
3 - تخضع الوصية - على ما جرى عليه قضاء هذه
المحكمة - للقانون السارى وقت وفاة الموصى لا وقت صدور الوصية منه فيسرى القانون
71 لسنة 1946 على كل وصية صدرت من موصى توفى بعد العمل بأحكام هذا القانون ولو كان
تاريخ صدورها سابقا عليه، فتصح وتنفذ فى ثلث التركة من غير إجازة الورثة وذلك
بالتطبيق لنص المادة 37 من قانون الوصية سالف الذكر.
------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق
الطعن – تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 137 سنة 1961 مدني كلي
الزقازيق على الطاعن الأول وشقيقه المرحوم ...... مورث باقي الطاعنين، وقالوا فيها
إن مورثهم المرحوم ...... توفى في سنة 1948 عن ولديه الطاعن الأول ومورث باقي
الطاعنين وعن ابنته المطعون ضدها الأولى وزوجته المرحومة ..... التي توفيت بعده عن
أولادها الثلاثة المذكورين وأنه كان لهذين المورثين ولد وبنت توفيا قبلهما
ولأولادها وصية واجبة في كل من التركتين أما الولد فهو مورث المطعون ضدهما الثاني
والثالث والبنت هي مورثة باقي المطعون ضدهم، ولما كان نصيب هؤلاء الورثة بالوصية
الواجبة ثمانية قراريط في التركة ونصيب المطعون ضدها الأولى ثلاثة قراريط وخمس
قيراط، وكان المورث المرحوم ..... قد تصرف بالبيع فيما كان يملكه وقدره 6 ف و11 ط
و2 س إلى ولديه (الطاعن الأول ومورث باقي الطاعنين) بعقد مشهر في 2 ديسمبر سنة
1945، فقد أقاموا هذه الدعوى وانتهوا فيها إلى طلب الحكم أولا ببطلان عقد البيع
الصادر من مورثهم المرحوم ...... إلى الطاعن الأول ولمورث باقي الطاعنين والمؤرخ
11 نوفمبر سنة 1945 برقم 6253 شرقية ومحو التسجيلات الموقعة بناء عليه ثانيا تثبيت
ملكيتهم إلى حصة مقدارها أحد عشر قيراطا وخمس القيراط من 24 شيوعا في 2 ف و11 ط و2
س مبينة الحدود والمعالم بصدر صحيفة الدعوى وتسليم هذا القدر لهم، وأسسوا هذين
الطلبين على أن عقد البيع المشار إليه صوري صورية مطلقة قصد بها الاحتيال على
قواعد الإرث لحرمانهم من حقهم في الميراث، ودفع الطاعن الأول ومورث باقي الطاعنين
الدعوى بسقوط حق المطعون ضدهم في طلب بطلان عقد البيع لمضي أكثر من خمسة عشر عاما
على تاريخ صدوره، واستندوا في ذلك إلى المادتين 140، و141 من القانون المدني
وبتاريخ 25 من ديسمبر سنة 1961 قضت المحكمة الابتدائية برفض الدعوى تأسيسا على أن
الصورية المدعاة لا يجوز إثباتها بغير الكتابة. استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم لدى
محكمة استئناف المنصورة "مأمورية الزقازيق" بالاستئناف رقم 210 سنة 5 ق
وضمنوا صحيفته أن من حقهم إثبات التحايل على قواعد الإرث بكافة الطرق بما فيها
شهادة الشهود. وبتاريخ 22 فبراير سنة 1964 حكمت محكمة الاستئناف وقبل الفصل في
الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المستأنفون (المطعون ضدهم) بكافة طرق
الإثبات المقررة قانونا بما فيها البينة أن عقد البيع الصادر من مورث الطرفين
للمستأنف عليه الأول ولمورث باقي المستأنف عليهم (الطاعن الأول ومورث باقي
الطاعنين) لم يكن بيعا منجزا وأنه قصد به حرمان المستأنفين (المطعون ضدهم) من
الميراث، وبعد أن تم التحقيق طلب الطاعنون من المحكمة أن تعدل عن حكم التحقيق على
أساس أن دفاع المستأنفين قام على أن عقد البيع صوري صورية مطلقة ولم يدعوا بأنه
يستر وصية، وأنه لا يجوز لهم إثبات الصورية بغير الكتابة. وفي 27 من ديسمبر سنة
1964 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وببطلان عقد البيع الصادر من
المرحوم ...... إلى المستأنف عليه الأول ومورث باقي المستأنف عليهم بتاريخ 11
نوفمبر سنة 1945 والمشهر في 2 ديسمبر سنة 1945 مع محو التسجيلات المتوقعة بناء
عليه وتثبيت ملكية المستأنفين (المطعون ضدهم) لحصة قدرها أحد عشر قيراطا وخمس
القيراط من 24 شيوعا في 6 ف و11 ط و2 س المبينة الحدود والمعالم بصدر صحيفة افتتاح
الدعوى وتسليمهم هذه الحصة وبتاريخ 15 من فبراير سنة 1965 طعن الطاعنون في هذا
الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم في خصوص السبب
الخامس من أسباب الطعن وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت النيابة على هذا الرأي.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بني على خمسة أسباب ينعى الطاعنون في أولها على الحكم
المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون إنهم دفعوا الدعوى بسقوط
الحق في طلب إبطال عقد البيع لانقضاء أكثر من خمس عشرة سنة على صدوره إعمالاً لحكم
المادتين 140/ 2، 141/ 2 من القانون المدني وقد رفض الحكم المطعون فيه هذا الدفع
بمقولة إن العقد مشوب ببطلان أصلي متعلق بالنظام العام ويعتبر ولا وجود له في نظر
القانون فلا يصححه التقادم مهما طال الزمن - وهذا من الحكم خطأ في تطبيق القانون
لأن البطلان بفرض وجوده هو بطلان نسبي تصححه الإجازة وقد سلم الحكم المطعون فيه
بذلك إذ انتهى في الفقرات الأخيرة من أسبابه إلى القول بأن التصرف تبرع مضاف إلى
ما بعد الموت وأنه لهذا يعتبر وصية لوارث لا تصح إلا بإجازة الورثة الآخرين ومتى
كان للورثة أن يجيزوا التصرف فإن البطلان يكون باطلاً نسبياً ولذلك يسقط الحق في
التمسك بهذا البطلان بانقضاء خمس عشرة سنة من وقت تمام العقد إعمالاً لنص المادة
140/ 2 من القانون المدني هذا إلى أن البطلان المطلق تسقط الدعوى به أيضاً بمضي
خمس عشرة سنة أما الدفع به فهو الذي لا يسقط بالتقادم ولما كان البطلان المدعى به
لم يبد في صورة دفع وإنما رفعت الدعوى بطلبه فإنه كان على المحكمة أن تقضي بقبول
الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم إعمالاً للمادة 141 فقرة 2 من القانون المدني وإذ
رفضت هذا الدفع فإنها تكون مخطئة في القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن محكمة الاستئناف انتهت في حكميها
الصادرين في 22 فبراير سنة 1964 و27 ديسمبر سنة 1964 إلى أن المطعون ضدهم رافعي
الدعوى يؤسسون طلب البطلان عقد البيع المسجل في 2 ديسمبر سنة 1945 والصادر من
المورث إلى ولديه الطاعن الأول ومورث باقي الطاعنين على أن هذا العقد يستر وصية،
وقد أقام الحكم المطعون فيه قضاءه ببطلان هذا العقد على هذا الأساس، ولما كانت
الدعوى بطلب بطلان عقد البيع على أساس أنه يستر وصية وإن وصفت بأنها دعوى بطلان
إلا أنها في حقيقتها وبحسب المقصود منها إنما هي دعوى بطلب تقرير صورية هذا العقد صورية
نسبية بطريق التستر، وهذه الدعوى لا تسقط بالتقادم لأن ما يطلبه رافعها إنما هو
تحديد طبيعة التصرف الذي قصده العاقدان وترتيب الآثار القانونية التي يجب أن تترتب
على النية الحقيقية لهما واعتبار العقد الظاهر لا وجود له، وهذه حالة واقعية قائمة
ومستمرة لا تزول بالتقادم فلا يمكن لذلك أن ينقلب العقد الصوري صحيحاً مهما طال
الزمن، وعلى هذا الأساس يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بسقوط حق
المطعون ضدهم في الطعن على العقد بالتقادم قد انتهى إلى نتيجة صحيحة، ولا يؤثر في
سلامته ما ورد في أسبابه من تقريرات قانونية خاطئة في هذا الخصوص إذ لمحكمة النقض
أن تصحح هذه التقريرات دون أن تنقض الحكم، وبالتالي يكون النعي بهذا السبب في جميع
ما تضمنه غير منتج.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق
القانون، ذلك أن المطعون ضدهم أسسوا طلب بطلان التصرف الصادر من مورثهم للطاعن
الأول ولمورث باقي الطاعنين على أنه صوري صورية مطلقة ومقصود به حرمان باقي الورثة
من حقوقهم المشروعة في التركة، وكان يتعين على محكمة الاستئناف أن تلتزم حدود ما
طعنوا به على العقد ولا تجيز لهم إثبات هذه الصورية بغير الكتابة لكنها ذهبت في حكمها
الصادر في 22 فبراير سنة 1964 مذهباً يغاير ما ذهب إليه المطعون ضدهم فأجازت لهم
الإثبات بالبينة تأسيساً على ما قالته من أنهم يهدفون مما ذكروه طعناً على العقد،
إلى اعتباره ساتراً لوصية لأن دفاعهم تضمن أن التصرف تم بغير عوض وأن المورث احتفظ
لنفسه بحقه في الانتفاع في العين المبيعة مدى حياته ثم انتهت المحكمة إلى حالة
الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضدهم أن التصرف لم يكن بيعاً ناجزاً وأنه قصد به
حرمانهم من الإرث، وهذا من الحكم المطعون فيه خطأ في تطبيق القانون، لأن التصرف
غير الناجز والتصرف المقصود به حرمان بعض الورثة أو الإقلال من أنصبتهم لا يقع
باطلاً إلا أن يكون في مرض الموت أو مقصوداً به الوصية وهما الأمران اللذان لم
يدعهما المطعون ضدهم.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن محكمة الاستئناف قالت في حكمها
المؤرخ 22 فبراير سنة 1964 والذي قضى بإحالة الدعوى إلى التحقيق ما نصه "وحيث
إنه عن طلب المستأنفين الحكم بإبطال عقد البيع الصادر من مورثهم إلى المستأنف عليه
الأول ومورث باقي المستأنف عليهم وذلك لصورية السبب الذي قام عليه لأنه إنما قصد
به حرمانهم من الإرث، فإنما يرمون إلى اعتبار العقد ساتراً لوصية بمقولة إنه تم بغير
عوض وقد احتفظ المورث في العقد بحق الانتفاع بالأرض المبيعة مدى حياته". ولما
كان هذا الذي فسرت به محكمة الاستئناف مقصود المطعون ضدهم من طعنهم على العقد هو
تفسير سائغ يؤدي إليه مدلول العبارات الواردة في مذكراتهم أمام محكمة أول درجة وفي
صحيفة استئنافهم وقد أبدى المطعون ضدهم طعنهم في صيغة صريحة بجلسة 20 نوفمبر سنة
1961 حيث رد على لسان وكيلهم بمحضر الجلسة أن عدم قدرة المشترين على دفع الثمن
الوارد في العقد واحتفاظ المورث لنفسه في عقد البيع بريع المبيع قرينة على أن هذا
العقد يعتبر وصية ثم اختتم أقواله بأنه يطرح على المحكمة الطعن بالصورية المطلقة
بقصد التحايل على قواعد الإرث والطعن بأن التصرف في حقيقته وصية، وكانت المحكمة
وقد انتهت بحق إلى أن حقيقة الطعن في العقد هو أنه يخفي وصية فإنها إذ أجازت
للمطعون ضدهم أن يثبتوا بكافة طرق الإثبات المقررة قانوناً بما فيها البينة أن عقد
البيع المطعون عليه لم يكن بيعاً منجزاً وأنه قصد به حرمانهم من الميراث، لا تكون
قد خالفت القانون لأن الوارث متى طعن على العقد بأنه يستر وصية كان له إثبات طعنه
بكافة طرق الإثبات لأن الوارث لا يستمد حقه في الطعن في هذه الحالة من المورث
وإنما من القانون مباشرة على أساس أن التصرف قد صدر إضراراً بحقه في الإرث فيكون
تحايلاً على القانون، ومن ثم فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه خلط بين البطلان
المطلق والبطلان النسبي فتارة يصم التصرف بأنه باطل بطلاناً متعلقاً بالنظام العام
لأنه قصد به التحايل على نظام الإرث وتارة يقطع بأن التصرف في حقيقته وصية لوارث
لا تصح إلا بإجازة باقي الورثة، ولما كان البطلان النسبي تصححه الإجازة بينما
البطلان المطلق لا يزول بها وكان لا يعرف من أسباب الحكم على أيهما أقيم قضاؤه
فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه. ويتحصل السبب الرابع في أن الحكم المطعون فيه
أخطأ في القانون فيما ذهب إليه من أن بطلان التصرف الصادر من المورث لولديه هو
بطلان مطلق لأنه قصد به التحايل على نظام الإرث، ذلك أن للمالك الكامل الأهلية
حرية التصرف في ملكه ولو أدى تصرفه هذا إلى حرمان ورثته أو إلى تعديل أنصبتهم،
وتصرفات المالك لا تقيد إلا ابتداء من مرض الموت، ثم إن أحكام الإرث لا تنطبق إلا
على ما يخلفه المتوفى من الأموال حين وفاته أما ما يكون قد خرج من ملكه حال حياته
فلا حق للورثة فيه ولا سبيل لهم إليه ولو كان المورث قد قصد حرمانهم منه أو إنقاص
أنصبتهم.
وحيث إن النعي بالسبب الثالث غير صحيح، ذلك أن الحكم المطعون فيه قد
استقر في جميع أسبابه على أن التصرف الذي صدر من المورث في صورة عقد البيع والذي
قصد به المورث الاحتيال على أحكام الإرث المقررة شرعاً هو تصرف باطل بطلاناً مطلقاً،
ولم يرد في أسباب الحكم أن هذا التصرف باطل بطلاناً نسيباً وإذا كان الحكم قد قرر
- بعد أن انتهى إلى أن التصرف يستر تبرعاً مضافاً إلى ما بعد الموت وأنه لذلك يكون
وصية - أن الوصية لوارث لا تصح إلا بإجازة الورثة الآخرين فإن هذا القول لا يعني
أنه اعتبر بطلان التصرف بوصفه بيعاً بطلاناً نسبياً لأن هذه الإجازة لا ترد على
عقد البيع الباطل وإنما على الوصية. والنعي بالسبب الرابع مردود بأنه متى كان
الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن التصرف الصادر من المورث لم يكن في حقيقته
منجزاً بل مضافاً إلى ما بعد الموت فإن العين المتصرف فيها لا تكون قد خرجت من مال
المورث أثناء حياته بل بقيت فيه لحين وفاته ولهذا يكون للورثة أن يطعنوا على هذا
التصرف بأنه يمس حقوقهم في التركة، أما ما يقوله الطاعن من أن للمالك الكامل
الأهلية حرية التصرف في ملكه ولو أدى تصرفه هذا إلى حرمان ورثته أو التقليل من
أنصبتهم فإن مناطه أن يكون هذا التصرف منجزاً لا مضافاً إلى ما بعد الموت.
وحيث إن حاصل السبب الخامس أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق
القانون، ذلك أنه مع تقريره بأن التصرف في حقيقته وصية لبعض الورثة فإنه قضى بعدم
نفاذها كلية على أساس أن الورثة الآخرين لم يجيزوها؛ مع أن الوصية تصرف غير لازم
يجوز للمتصرف الرجوع فيه ولا تنفذ إلا بعد وفاته مما مقتضاه أن تخضع الوصية
للقانون الساري وقت وفاة المتصرف، ولما كان المورث قد توفى في سنة 1948 بعد العمل
بالقانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 فإن أحكام هذا القانون تكون هي الواجبة التطبيق،
ومن هذه الأحكام أن الوصية لوارث تنفذ في ثلث مال الموصي دون حاجة إلى إجازة باقي
الورثة، وإذ لم يقض الحكم المطعون فيه بإجازة التصرف الصادر للطاعن الأول ولمورث
باقي الطاعنين في حدود هذا الثلث فإنه يكون مخطئاً في القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن قضاء هذه المحكمة جرى بأن الوصية تخضع
للقانون الساري وقت وفاة الموصي لا وقت صدور الوصية منه فيسري القانون رقم 71 لسنة
1946 على كل وصية صدرت من موصي توفى بعد العمل بأحكام هذا القانون ولو كان التاريخ
صدورها سابقاً عليه. ولما كان الثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه وبإقرار الخصوم
أمام محكمة الموضوع أن المورث الموصي توفى في سنة 1948 بعد العمل بالقانون رقم 71
لسنة 1946 وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى اعتبار التصرف الحاصل بالعقد
المؤرخ 11 نوفمبر سنة 1945 والمسجل في 2 ديسمبر سنة 1945 وصية، فإن هذه الوصية تصح
وتنفذ في ثلث التركة من غير إجازة الورثة وذلك بالتطبيق لنص المادة 37 من قانون
الوصية سالف الذكر، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم نفاذها كلية مستلزماً لنفاذها
في حدود الثلث إجازة الورثة الآخرين وذلك لما ذهب إليه خطأ من عدم انطباق القانون
71 لسنة 1946، فإنه يكون مخطئاً في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص،
ولما كان الفصل في الدعوى على الأساس المتقدم يستلزم الإحاطة بجميع أموال التركة
من عقار ومنقول وكان الحكم المطعون فيه وأوراق الدعوى الأخرى خلواً من هذا البيان
فإنه يتعين بعد نقض الحكم المطعون فيه لهذا السبب إحالة القضية إلى محكمة
الاستئناف.