الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 31 يناير 2021

نقض جنائي الطعن 1635 لسنة 42 ق جلسة 26 / 2 / 1973 مكتب فني 24 ج 1 ق 58 ص 261

جلسة 26 من فبراير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمود عباس العمراوي، وسعد الدين عطيه، وإبراهيم أحمد الديواني، ومصطفى محمود الأسيوطي.

------------

(58)
الطعن رقم 1635 لسنة 42 القضائية

 (1)تنازع اختصاص. "التنازع السلبى". مستشار الإحالة. محكمة الجنح. اختصاص.
صيرورة كل من أمر مستشار الإحالة بإحالة القضية إلى محكمة الجنح والحكم الصادر من محكمة الجنح بعدم اختصاصها بنظر تلك القضية نهائيا. يتوافر به التنازع السلبى.
 (2)تنازع اختصاص.
وقوع التنازع بين جهتين إحداهما من جهات الحكم والأخرى من جهات التحقيق. جائز.
 (3)تنازع اختصاص. اختصاص. محكمة النقض. "اختصاصها".
طلب تعيين الجهة المختصة. وجوب تقديمه إلى الجهة التي يرفع إليها الطعن في أحكام وأوامر الجهتين المتنازعتين أو إحداهما.
كون التنازع السلبى واقعا بين محكمة الجنح المستأنفة وبين مستشار الإحالة. اختصاص محكمة النقض بتعيين الجهة المختصة.
وجوب تعيين محكمة الجنايات للفصل في الدعوى. المادة 180 أ.ج. لا يغير من ذلك أن المتهم وحده هو الذى استأنف حكم محكمة الجنح بعدم الاختصاص. ذلك لا يعتبر تسويئا لمركزه.

---------------
1 - متى كان حكم محكمة الجنح المستأنفة بتأييد حكم عمل الاختصاص الصادر من المحكمة الجزئية قد أصبح نهائيا، كما أصبح نهائيا من قبل أمر مستشار الإحالة بإحالة الدعوى إلى محكمة الجنح بعدم قبول الطعن بالنقض المرفوع عنه من النيابة العامة شكلا، فإن كلتا الجهتين أصبحتا متخليتين حتما عن نظر القضية وبذا يقوم التنازع السلبى الذى رسم القانون الطريق لتلافى نتائجه.
2 - جرى قضاء محكمة النقض على أنه لا يشترط لاعتبار التنازع قائما أن يقع بين جهتين من جهات الحكم أو جهتين من جهات التحقيق، بل يصح أن يقع بين جهتين إحداهما من جهات الحكم والأخرى من جهات التحقيق.
3 - مؤدى نص المادتين 226 و227 من قانون الإجراءات الجنائية أن طلب تعيين المحكمة المختصة يقدم إلى الجهة التي يرفع إليها الطعن في أحكام وأوامر الجهتين المتنازعتين أو إحداهما، وبالتالي فإن محكمة النقض هي صاحبة الولاية في تعيين الجهة المختصة بالفصل في الدعاوى عند قيام التنازع بين محكمة الجنح المستأنفة وبين مستشار الإحالة باعتبارها الجهة التي يطعن أمامها في أحكام المحكمة المذكورة وأوامر مستشار الإحالة، ومن ثم فإن الفصل في التنازع موضوع الطلب المقدم من النيابة العامة ينعقد لمحكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين قبول الطعن وتعيين محكمة جنايات القاهرة للفصل في الدعوى – عن التهمة الثانية التي انصب عليها – ولو أن المتهم وحده هو الذى استأنف حكم محكمة الجنح بعدم الاختصاص، ذلك بأن المقام في الطلب المقدم لمحكمة النقض هو مقام تحديد المحكمة ذات الاختصاص وليس طعنا من المحكوم عليه وحده يمنع القانون من أن يسوء مركزه بهذا الطعن، ولا سبيل للفصل في الطلب المقدم من النيابة إلا تطبيق نص المادة 180 من قانون الإجراءات الجنائية التي توجب الإحالة إلى محكمة الجنايات في جميع الأحوال.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 3 من أبريل سنة 1966 بدائرة قسم شبرا محافظة القاهرة: (أولا) ضرب....... عمدا بمطواة في صدره فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية، ولم يكن يقصد من ذلك قتلا ولكن الضرب أفضى إلى موته (ثانيا) ضرب....... عمدا بمطواة في رأسه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يكن يقصد من ذلك قتلا، ولكن الضرب أفضى إلى موته. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات فقرر بتاريخ 4 ديسمبر سنة 1968 (أولا) بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية بالنسبة إلى التهمة الأولى. (ثانيا) بإحالة الدعوى بالنسبة للتهمة الثانية إلى محكمة جنح شبرا الجزئية. فطعنت النيابة العامة في هذا القرار بطريق النقض، وقضى فيه بتاريخ 22 ديسمبر سنة 1969 بعدم قبوله شكلا. نظرت محكمة جنح شبرا الجزئية الدعوى وبتاريخ 16 ديسمبر سنة 1970 قضت حضوريا بعدم اختصاصها بنظر الدعوى لأنها جناية وإحالة الأوراق إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت غيابيا بتاريخ 2 مارس سنة 1971 بقبول الاستئناف شكلا. وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بلا مصاريف جنائية. عارض المتهم, وقضى في معارضته بتاريخ 13 أبريل سنة 1971 بقبولها شكلا ورفضها موضوعا وتأييد الحكم المعارض فيه بلا مصاريف جنائية. وبتاريخ 10 يونيه سنة 1972 قدمت النيابة العامة إلى محكمة النقض طلبا بتعيين المحكمة المختصة بنظر الدعوى موقعا عليه من رئيس نيابة استئناف القاهرة. وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.


المحكمة

حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن النيابة العامة وجهت إلى...... تهمتي ضرب كل من.... و.... ضربا أفضى إلى الموت، وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات. وبجلسة 4 من ديسمبر سنة 1968 أمر مستشار الإحالة (أولا) بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية بالنسبة للتهمة الأولى. (ثانيا) بإحالة الدعوى بالنسبة للتهمة الثانية إلى محكمة جنح شبرا الجزئية. فطعنت النيابة العامة في هذا الأمر بطريق النقض. وحكم بتاريخ 22 من ديسمبر سنة 1969 بعدم قبول الطعن شكلا، فقدمت النيابة العامة القضية إلى محكمة شبرا الجزئية وقضت المحكمة بجلسة 16 من ديسمبر سنة 1970 بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالة الأوراق إلى النيابة العامة لإجراء شئونها فيها، نظرا لما تبين لها من أن الواقعة جناية. فاستأنف المتهم هذا الحكم، ومحكمة ثاني درجة قضت غيابيا في 2 من مارس سنة 1971 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف فعارض وقضى في معارضته بتاريخ 13 من أبريل سنة 1971 برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فتقدمت النيابة العامة بالطلب الحالي إلى هذه المحكمة لتعيين المحكمة المختصة بالفصل في الدعوى. لما كان ذلك، وكان حكم محكمة الجنح المستأنفة بتأييد حكم عدم الاختصاص الصادر من المحكمة الجزئية قد أصبح نهائيا، كما أصبح نهائيا من قبل أمر مستشار الإحالة بإحالة الدعوى إلى محكمة الجنح بعدم قبول الطعن بالنقض المرفوع عنه من النيابة العامة شكلا، فإن كلتا الجهتين أصبحتا متخليتين حتما عن نظر القضية وبذا يقوم التنازع السلبى الذى رسم القانون الطريق لتلافى نتائجه. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه لا يشترط لاعتبار التنازع قائما أن يقع بين جهتين من جهات الحكم أو جهتين من جهات التحقيق، بل يصح أن يقع بين جهتين إحداهما من جهات الحكم والأخرى من جهات التحقيق، وكان مؤدى نص المادتين 226 و227 من قانون الإجراءات الجنائية أن طلب تعيين المحكمة المختصة يقدم إلى الجهة التي يرفع إليها الطعن في أحكام وأوامر الجهتين المتنازعتين أو إحداهما، وبالتالي فان محكمة النقض هى صاحبة الولاية في تعيين الجهة المختصة بالفصل في الدعاوى عند قيام التنازع بين محكمة الجنح المستأنفة وبين مستشار الإحالة باعتبارها الجهة التي يطعن أمامها في أحكام المحكمة المذكورة وأوامر مستشار الإحالة، ومن ثم فإن الفصل في التنازع موضوع الطلب المقدم من النيابة العامة ينعقد لمحكمة النقض. لما كان ما تقدم، فانه يتعين قبول الطلب وتعيين محكمة جنايات القاهرة للفصل في الدعوى – عن التهمة الثانية التي انصب عليها، ولو أن المتهم وحده هو الذى استأنف حكم محكمة الجنح بعدم الاختصاص، ذلك بأن المقام في الطلب المقدم لمحكمة النقض هو مقام تحديد المحكمة ذات الاختصاص وليس طعنا من المحكوم عليه وحده يمنع القانون من أن يسوء مركزه بهذا الطعن، ولا سبيل للفصل في الطلب المقدم من النيابة العامة إلا تطبيق نص المادة 180 من قانون الإجراءات الجنائية التي توجب الإحالة إلى محكمة الجنايات في جميع الأحوال.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطلب وتعيين محكمة جنايات القاهرة للفصل في الدعوى.

نقض جنائي الطعن 1008 لسنة 43 ق جلسة 10 / 12 / 1973 مكتب فني 24 ج 3 ق 244 ص 1201

جلسة 10 من ديسمبر سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوي رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، وحسن أبو الفتوح الشربيني، وإبراهيم أحمد الديواني، وحسن على المغربي.

----------

(244)
الطعن رقم 1008 لسنة 43 القضائية

(1) حكم. "تحريره". "إصداره".
العبرة الحكم بنسخته الأصلية التي يحررها الكاتب ويوقع عليها القاضي وتحفظ ملف الدعوى وتكون المرجع أخذ الصورة التنفيذية وفى الطعن فيه. ورقة الحكم قبل التوقيع - أصلاً أو مسودة - لا تعدو مشروعاً.
 (2)دعوى جنائية. "القيود التي ترد على تحريكها". جمارك. تهريب جمركي. تبغ. دخان. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". قانون. "تفسيره".
الأصل أن حق النيابة العامة رفع الدعوى الجنائية ومباشرتها مطلق. حالات الطلب من القيود التي ترد على حقها استثناء.
صدور طلب بإقامة الدعوى الجنائية طبقاً للقانون 92 لسنة 1964. أثره استرداد النيابة حريتها كاملة. مباشرتها الإجراءات من بعد ذلك قبل شخص معين ورفع الدعوى عليه. لا صلة لها بالطلب. وجوب تمام هذه الإجراءات طبقاً لقواعد الاختصاص التي نظمها القانون بغض النظر عن الاختصاص المكاني لعضو النيابة الذى وجه إليه الطلب.
(3) محكمة الموضوع. "سلطتها تقدير الدليل". إجراءات المحاكمة. طعن. "الطعن بالتزوير". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الطعن بالتزوير ورقة من أوراق الدعوى. من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع دون التزام منها بإجابته.
تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى. من حق محكمة الموضوع. هي الخبير الأعلى فيما تستطيع الفصل فيه بنفسها أو بالاستعانة بخبير يخضع رأيه لتقديرها.

------------------
1 - من المقرر أن العبرة الحكم هي بنسخته الأصلية التي يحررها الكاتب ويوقع عليها القاضي وتحفظ ملف الدعوى وتكون المرجع أخذ الصورة التنفيذية وفى الطعن عليه من ذوى الشأن، وأن ورقة الحكم قبل التوقيع - سواء كانت أصلاً أو مسودة - لا تكون إلا مشروعاً للمحكمة كامل الحرية تغييره وفى إجراء ما تراه شأن الوقائع والأسباب مما لا تحدد به حقوق الخصوم عند إرادة الطعن. ولما كان يبين من مراجعة النسخة الأصلية للحكم الغيابي الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه أنه صدر باسم الأمة وحمل تاريخ إصداره كما استوفى كافة شرائط الصحة التي يتطلبها القانون، فإن ما ينعاه الطاعن هذا الصدد يكون غير ذي وجه.
2 - إن الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون وأن اختصاصها هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلا استثناء من نص الشارع، وأحوال الطلب هي من تلك القيود التي ترد على حقها استثناء من الأصل المقرر مما يتعين الأخذ تفسيره بالتضييق، وأن أثر الطلب متى صدر رفع القيد عن النيابة رجوعاً إلى حكم الأصل الإطلاق. لما كان ذلك، وكانت المادة 4 من القانون رقم 92 لسنة 1964 تنص على أنه: "لا يجوز رفع الدعوى العمومية أو اتخاذ أية إجراءات الجرائم المنصوص عليها هذا القانون إلا بطلب مكتوب من وزير الخزانة أو من ينيبه". والبين منها أن كل ما اشترطه الشارع بالنسبة لجريمة تهريب التبغ موضوع الاتهام هو أن يسبق اتخاذ الإجراءات فيها أو رفع الدعوى العمومية عنها طلب ثابت بالكتابة من وزير الخزانة أو من ينيبه، أما مباشرة الإجراءات بعد ذلك قبل شخص معين وإسناد التهمة إليه ورفع الدعوى عليه فهي إجراءات تالية ولا اتصال لها بالطلب الصادر عن الجريمة. ويترتب تفريعاً على ما تقدم أنه متى قدم الطلب ممن يملكه قانوناً إلى النيابة العامة - بصرف النظر عن الاختصاص المكاني لمن وجه إليه الطلب - استردت النيابة حقها كاملاً اتخاذ ما تراه من إجراءات وفقاً للقواعد العامة الاختصاص التي ينظمها القانون ولا يلزم بحال من الأحوال أن يقوم بذلك عضو النيابة الذى وجه إليه الطلب وإنما يكفى بل ويتحتم أن يباشر تلك الإجراءات عضو النيابة المختص. والقول بغير ذلك، فيه تخصيص بغير مخصص وإلزام بما لا يلزم. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت مدوناته أن النيابة العامة لم تباشر حقها رفع الدعوى الجنائية على الطاعن إلا بعد صدور طلب من مدير جمرك القاهرة الذى يملك إصداره بناء على القرار الوزاري رقم 13 لسنة 1965، وكان الطاعن لا ينازع فيما أورده الحكم من ذلك فإن ما يثيره من قالة الخطأ تطبيق القانون لا يكون له محل.
3 - من المقرر أن الطعن بالتزوير ورقة من أوراق الدعوى المقدمة فيها هو من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع التي لا تلتزم بإجابته لأن الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث وهى الخبير الأعلى كل ما تستطيع أن تفصل فيه بنفسها أو بالاستعانة بخبير يخضع رأيه لتقديرها ما دامت المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحتة التي لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقها لإبداء الرأي فيها. ولما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب الطاعن الطعن بالتزوير الفاتورة التي قدمها المتهم الآخر وأطرحه استناداً إلى ما قرره الأخير من أنه اشترى من الطاعن بمقتضاها عبوات الدخان مثار الاتهام، فضلاً عن أن هذه الفاتورة وتلك العبوات تحمل اسمه، وهو الأمر الذى لا يدحضه الطاعن، وكانت المحكمة لم تر - للأسباب السائغة التي ساقتها وبما لها من حرية تقدير الطعن بالتزوير وأدلته - ما يوجب عليها إحالة الطعن إلى النيابة العامة أو تحقيقه بنفسها فإن ما يثيره الطاعن هذا الشأن لا يعدو أن يكون طلباً للتأجيل لاتخاذ إجراء لا تلتزم المحكمة الأصل بالاستجابة إليه ما دامت قد استخلصت من وقائع الدعوى عدم الحاجة إليه ولا يصح أن يلعب عليها التفاتها عنه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما يوم 25 أبريل سنة 1972 بدائرة بندر دمياط محافظة دمياط. الأول: (أولاً) حاز دخاناً مغشوشاً على النحو المبين بالأوراق. (ثانياً) عرض للبيع الدخان الليبي المشار إليه بالأوراق على خلاف القانون (ثالثاً) هرب التبغ المشار إليه بالأوراق بأن حازه وتداوله مغشوشاً مع علمه بذلك. الثاني: (أولاً) أنتج دخاناً مغشوشاً على النحو المبين بالأوراق. (ثانياً) تداول الدخان المشار إليه بالأوراق على خلاف القانون (ثالثاً) هرب التبغ المشار إليه بالأوراق بأن استورده وتداوله مغشوشاً مع علمه بذلك. وطلبت عقابهما بالمواد 1 و2 و3 و6/ 1 من القانون رقم 74 لسنة 1933 المعدل بالقانون رقم 79 لسنة 1944 و86 لسنة 1948 والقانون 92 لسنة 1964، وادعت مصلحة الجمارك مدنياً قبل المتهمين متضامنين بمبلغ تسعمائة وأربعة وثلاثين جنيهاً وأربعمائة وثمانين مليماً على سبيل التعويض، ومحكمة بندر دمياط الجزئية قضت الدعوى بتاريخ 10 نوفمبر سنة 1969 غيابيا عملا بمواد الاتهام بتغريم كل من المتهمين مائة جنيه وألزمتهما بأن يدفعا متضامنين لمصلحة الجمارك مبلغ تسعمائة وأربعة وثلاثين جنيها وأربعمائة وثمانين مليماً ومصادره العينات. فعارض الثاني، وقضى معارضته بتاريخ 9 فبراير سنة 1971 بقبولها شكلاً وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. فاستأنف، ومحكمة دمياط الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت الدعوى بتاريخ 27 يونيه سنة 1972 حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الوكيل عن المحكوم عليه هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الطاعن بجريمة تهريب التبغ وغيرها قد شابه بطلان وخطأ تطبيق القانون وتأويله كما انطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم الغيابي الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المستأنف والمكمل بالحكم المطعون فيه لم يستوف شرائط صحته من حيث وجوب صدوره ظل دستور 25 مارس سنة 1964 باسم الأمة واستكماله بيانات الديباجة وتاريخ الإصدار إذ لم تحو الأوراق سوى مسودة لأسبابه كتبت بشكل غير منتظم ولم تأخذ شكل تحرير الأحكام. ثم إن الطلب الصادر من مدير جمارك القاهرة بتحريك الدعوى العمومية وفقا للمادة الرابعة من القانون رقم 92 لسنة 1964 - شأن تهريب التبغ - وجه إلى وكيل نيابة الأزبكية حين أن من تولى رفع الدعوى العمومية هو وكيل نيابة دمياط، ومن ثم تكون الدعوى قد حركت بغير الطريق القانوني. وأخيراً فإن المحكمة رفضت تمكين الطاعن من الطعن بالتزوير على الفاتورة المنسوب صدورها إليه والتي ادعى المتهم الآخر إنه اشترى منه بمقتضاها التبغ موضوع الاتهام، وردت على هذا الطلب الجوهري بما لا يصلح رداً.
وحيث إنه لما كان من المقرر أن العبرة الحكم هي بنسخته الأصلية التي يحررها الكاتب ويوقع عليها القاضي وتحفظ ملف الدعوى وتكون المرجع أخذ الصورة التنفيذية وفى الطعن عليه من ذوى الشأن، وأن ورقة الحكم قبل التوقيع - سواء كانت أصلاً أو مسودة - لا تكون إلا مشروعاً للمحكمة كامل الحرية تغييره وفى إجراء ما تراه شأن الوقائع والأسباب مما لا تحدد به حقوق الخصوم عند إرادة الطعن، وكان يبين من مراجعة النسخة الأصلية للحكم الغيابي الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه أنه صدر باسم الأمة وحمل تاريخ إصداره كما استوفى كافة شرائط الصحة التي يتطلبها القانون، من ثم فإن ما ينعاه الطاعن هذا الصدد يكون غير ذي وجه. لما كان ذلك، وكان الأصل المقرر بمقتضى المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون، وأن اختصاصها هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلا استثناء من نص الشارع، وأحوال الطلب هى من تلك القيود التي ترد على حقها استثناء من الأصل المقرر، مما يتعين الأخذ تفسيره بالتضييق، وأن أثر الطلب متى صدر رفع القيد عن النيابة رجوعاً إلى حكم الأصل الإطلاق. لما كان ذلك وكانت المادة 4 من القانون رقم 92 لسنة 1964 سالف الذكر تنص على أنه: "لا يجوز رفع الدعوى العمومية أو اتخاذ أية إجراءات الجرائم المنصوص عليها هذا القانون إلا بطلب مكتوب من وزير الخزانة أو من ينيبه". والبين منها أن كل ما اشترطه الشارع بالنسبة لجريمة تهريب التبغ موضوع الاتهام هو أن يسبق اتخاذ الإجراءات فيها أو رفع الدعوى العمومية عنها طلب ثابت بالكتابة من وزير الخزانة أو من ينيبه، أما مباشرة الإجراءات بعد ذلك قبل شخص معين وإسناد التهمة إليه ورفع الدعوى عليه فهى إجراءات تالية ولا اتصال لها بالطلب الصادر عن الجريمة. ويترتب تفريعاً على ما تقدم أنه متى قدم الطلب ممن يملكه قانوناً إلى النيابة العامة - بصرف النظر عن الاختصاص المكاني لمن وجه إليه الطلب - استردت النيابة حقها كاملاً اتخاذ ما تراه من إجراءات وفقاً للقواعد العامة الاختصاص التي ينظمها القانون ولا يلزم بحال من الأحوال أن يقوم بذلك عضو النيابة الذى وجه إليه الطلب وإنما يكفى بل ويتحتم أن يباشر تلك الإجراءات عضو النيابة المختص. والقول بغير ذلك، فيه تخصيص بغير مخصص وإلزام بما لا يلزم، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت مدوناته أن النيابة العامة لم تباشر حقها رفع الدعوى الجنائية على الطاعن إلا بعد صدور طلب من مدير جمرك القاهرة الذى يملك إصداره بناء على القرار الوزاري رقم 13 لسنة 1965 وكان الطاعن لا ينازع فيما أورده الحكم من ذلك فإن ما يثيره من قالة الخطأ تطبيق القانون لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب الطاعن الطعن بالتزوير الفاتورة التي قدمها المتهم الآخر وأطرحه استناداً إلى ما قرره الأخير من أنه اشترى من الطاعن بمقتضاها عبوات الدخان مثار الاتهام، فضلاً عن أن هذه الفاتورة وتلك العبوات تحمل اسمه، وهو الأمر الذى لا يدحضه الطاعن. ولما كان من المقرر أن الطعن بالتزوير ورقة من أوراق الدعوى المقدمة فيها هو من وسائل الدفاع التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع التي لا تلتزم بإجابته لأن الأصل أن المحكمة لها كامل السلطة تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة على بساط البحث وهى الخبير الأعلى كل ما تستطيع أن تفصل فيه بنفسها أو بالاستعانة بخبير يخضع رأيه لتقديرها ما دامت المسألة المطروحة ليست من المسائل الفنية البحتة التي لا تستطيع المحكمة بنفسها أن تشق طريقها لإبداء الرأي فيها، وكانت المحكمة لم تر - للأسباب السائغة التي ساقتها وبما لها من حرية تقدير الطعن بالتزوير وأدلته - ما يوجب عليها إحالة الطعن إلى النيابة العامة أو تحققه بنفسها فإن ما يثيره الطاعن هذا الشأن لا يعدو أن يكون طلباً للتأجيل لاتخاذ إجراء لا تلتزم المحكمة الأصل بالاستجابة إليه ما دامت قد استخلصت من وقائع الدعوى عدم الحاجة إليه ولا يصح أن يعاب عليها التفاتها عنه، ومن ثم يكون النعي على الحكم هذه الخصوصية غير قويم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الثلاثاء، 26 يناير 2021

منشور فني رقم 3 بتاريخ 26 / 1 / 2021 بشأن بيع ورثة الوكيل بصفته وكيلا عن الموكل في البيع للنفس والغير

 وزارة العدل

مصلحة الشهر العقاري والتوثيق

الإدارة العامة للبحوث القانونية

-----------------------

منشور فني رقم 3 بتاريخ 26 / 1 / 2021
إلى مكاتب الشهر العقاري ومأمورياتها ومكاتب التوثيق وفروعها
والإدارات العامة بالمصلحة

---------------------

إلحاقا بالمنشور 15 المؤرخ 18/12/2006 بشأن عدم جواز إلغاء التوكيلات العامة والخاصة التي تتضمن شرطاً بعدم جواز إلغائها إلا بحضور الطرفين أو عدم إلغائها نهائياً وكذلك التوكيلات المذكورة المتضمنة شرطاً باستمرار التوكيل بعد وفاة الموكل أو فقده أهليته ويسري ذلك على التوكيلات المذكورة التي تتضمن مصلحة للوكيل أو الغير كحق البيع للنفس أو للغير.

وإلحاقاً بالمنشور الفني رقم 5 لسنة 2012بشأن استثناء التوكيلات التي يتعلق فيها مصلحة للوكيل أو الغير وتكون منتجة لآثارها بعد وفاة الموكل من أن يتضمن الإقرار الذي يحررها الوكيل تعهداً بأن الموكل مازال على قيد الحياة.

ولما كانت المادة 715 /2 من القانون المدني والتي تنص على أنه : " 2- إذا كانت الوكالة صادرة لصلح الوكيل أو لصالح أجنبي فلا يجوز للموكل أن ينهي الوكالة أو بقيدها دون رضا، من صدرت لصالحه.

وحيث اتفق فقهاً وقضاء على أن الوكالة في بيع مال معين بالذات من أموال الموكل للنفس أو للغير، الأصل فيها أن تسرى في حق الخلف العام إعمالاً لمقتضيات الوكالة وللاتفاق المسمى بين طرفيها ما لم يتم النص على خلاف ذلك.

وحيث أن الوكيل عندما ينقل ملكية الى نفسه أو غيره وفقا لمقتضيات الوكالة إنما يقوم بذلك على سبيل تنفيذ التزام بنقل الملكية أنابه الموكل في القيام به قبل وفاته، أما بعد وفاة الموكل فهو التزام يمكن للوكيل القيام به بنفسه أو ورثته.

بناء عليه

أولا: جواز قبول إتمام الإجراءات بتوكيل في مال معين بالذات من أموال الموكل بعد وفاته إذا كان منصوصاً فيه على " البيع للنفس والغير " مالم يوجد اتفاق على خلاف ذلك، وفي حال وفاة الوكيل يتم التوقيع من جميع ورثة الوكيل باعتبارهم خلفاً عاماً للأخير بصفته وكيلا عن الموكل.

ثانيا: على الإدارات العامة للتفتيش الفني الثلاث والسادة أمناء المكاتب والأمناء المساعدين والجهاز الإشرافي مراعاة ذلك.

التوقيع : رئيس قطاع الشهر العقاري والتوثيق

 




الاثنين، 25 يناير 2021

الطعن 33163 لسنة 85 ق جلسة 7 / 12 / 2016 مكتب فني 67 ق 109 ص 884

جلسة 7 من ديسمبر سنة 2016
برئاسة السيد القاضي / مجدي أبو العلا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / قدري عبد الله ، أشرف محمد مسعد ، خالد حسن محمد وشعبان محمود نواب رئيس المحكمة .

---------

(109)

الطعن رقم 33163 لسنة 85 القضائية

(1) تظاهر . اشتراك . حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب معيب " . بطلان .

وجوب اشتمال حكم الإدانة على الأسباب التي بُني عليها وإلَّا كان باطلًا. أساس ذلك؟

المراد بالتسبيب المعتبر؟

إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة . لا يحقق غرض الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام .

المادة الرابعة من القانون 107 لسنة 2013 بشأن تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية . مفادها ؟

عدد الأشخاص المشاركين في التظاهرة . شرط مفترض لقيام جريمة الاشتراك في تظاهرة دون إخطار الجهات المختصة . إغفال الحكم هذا الشرط وماهية الأفعال التي قارفها الطاعنون . قصور وفساد في الاستدلال .

(2) مفرقعات . إثبات " خبرة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره " . حكم " ما يعيبه في نطاق التدليل " .

صحة الحكم بالإدانة في جريمة حيازة المواد المفرقعة . شرطه : أن تكون المادة المضبوطة في حكم المواد المفرقعة المبينة حصراً بالقانون .

القطع بماهية المادة المضبوطة . لا يصلح فيه غير الفحص والتحليل . خلو الحكم من بيان الدليل الفني الذي يستقيم به قضاؤه . قصور وإخلال بحق الدفاع .

(3) دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . تلبس . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس " .

تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وكفايتها لقيام حالة التلبس . موضوعي . حد ذلك ؟

مجرد قول الشاهد أنه تمكن من ضبط الطاعنين حال ارتكابهما للجريمة في حالة تلبس دون استظهار الأفعال التي ارتكبها كل منهما والتدليل على توافر هذه الحالة . غير كافٍ .

مثال لتسبيب معيب في الرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس .

(4) إثبات " أوراق رسمية " " خبرة " . طفل . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير سن المتهم " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها ".

المواد 2/2 ، 101 ، 111/4 من القانون 12 لسنة 1996 بإصدار قانون الطفل المعدل بالقانون 126 لسنة 2008 . مفادهم ؟

تقدير سن الطفل استناداً إلى الأوراق الرسمية في الأصل دون عداها . أثره : تعيين ما إذا كان يحكم عليه بإحدى العقوبات المنصوص عليها في قانون العقوبات ومنها الحبس . استظهاره في الحكم . لازم .

تقدير سن الطفل . موضوعي . عدم جواز تعرض محكمة النقض له . ما دامت تناولته محكمة الموضوع بالبحث والتقدير .

إغفال الحكم المطعون فيه استظهار سن الطاعن . قصور . علة ذلك ؟

مثال .

(5) مفرقعات . عقوبة " تطبيقها " . ظروف مخففة . نقض " حالات الطعن . خطأ في تطبيق القانون " .

إفصاح المحكمة عن أخذها المتهم بالرأفة ومعاملته طبقاً للمادة 17 عقوبات . وجوب ألَّا توقع العقوبة إلَّا على الأساس الوارد بها . علة ذلك ؟

إدانة المحكمة للمطعون ضده بجريمة حيازة وإحراز مواد في حكم المفرقعات وإعمالها في حقه المادة 17 عقوبات وتوقيعها عليه عقوبة السجن المشدد المقررة في القانون 107 لسنة 2013. خطأ في تطبيق القانون . يوجب نقضه والإعادة . لا يغير من ذلك أن تكون العقوبة الموقعة صحيحة طبقًا لأي قانون آخر . علة وأساس ذلك ؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الشارع أوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بُني عليها وإلَّا كان باطلاً ، والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي انبنى عليها الحكم والمنتجة له سواء من حيث الواقع أو القانون ، ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل ، بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به ، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام ، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، وكان مفاد نص المادة الرابعة من القانون رقم 107 لسنة 2013 بشأن تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية هو أن التظاهرة هي كل تجمع لأشخاص يقام في مكان عام أو يسير في الطرق والميادين العامة يزيد عددهم على عشرة للتعبير سلمياً عن آرائهم أو مطالبهم أو احتجاجاتهم السياسية ، وقد حظرت المادة السابعة من هذا القانون على المشاركين في التظاهرة الإخلال بالأمن أو النظام العام أو تعطيل الإنتاج أو الدعوة إليه .... ، لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يبين سواء فيما استخلصه في صورة الواقعة أو فيما أورده من بيان مؤدى الأدلة التي عوّل عليها عدد الأشخاص المشاركين في التظاهرة – هو شرط مفترض لقيام الجريمة التي دين بها الطاعنان – كما لم يستظهر ماهية الأفعال التي قارفها كل منهما بما تفصح - في غير غموض - عن كونها إخلالاً بالأمن أو النظام العام ، ولم يكشف عن دور الطاعنين فيها على نحو جلي مفصل ، إذ اكتفى في ذلك كله بعبارات عامة مجملة ومجهلة لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض الذي هو مدار الأحكام ولا يتحقق به الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيبها ، فإنه يكون مشوباً بالقصور في البيان والفساد في الاستدلال .

2- لما كان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه رد الواقعة إلى أن ما ضبط مع الطاعن الأول من مواد تعتبر في حكم المفرقعات ، وقعدت المحكمة عن تقصي هذا الأمر عن طريق الخبير الفني ، مع وجوب ذلك عليها حتى تقف على ما إذا كانت المواد المضبوط تعتبر في حكم المفرقعات من عدمه ، إذ يشترط لصحة الحكم بالإدانة في جريمة حيازة وإحراز مادة تعتبر في حكم المفرقعات أن تكون المادة المضبوطة من المواد المبينة حصراً في قرار وزير الداخلية رقم 7330 لسنة 1994 الصادر بتاريخ 24/7/1994 بشأن تحديد المواد التي تعتبر في حكم المفرقعات ، والملحق بالقانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر ، وأن الكشف عن كنه المواد المضبوطة ، والقطع بحقيقتها لا يصلح فيه غير الفحص والتحليل ، فإذا خلا الحكم من الدليل الفني الذي يستقيم به قضاؤه ، فإنه يكون قد تعيب بالقصور ، وانطوى على الإخلال بحق الدفاع .

3- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس وسوغهما قانوناً في قوله : " .... وهدياً بما بتقدم ، وكان الثابت للمحكمة بعد أن اطمأنت لأدلة الثبوت في الدعوى والتي اتخذتها المحكمة عماداً لقضائها توافر حالة التلبس للمتهمين بالأوراق ، ووفق ما استخلصته المحكمة منها وعلى النحو السالف بيانه ، ويكون ضبط المتهمين بمعرفة الضابط شاهد واقعة الضبط وحال ارتكابهما للجرائم المسندة إليهما وفي حالة تلبس بها ، الأمر الذي يكون معه الدفع على غير أساس من الواقع والقانون وترفضه المحكمة " . لما كان ذلك ، ولئن كان تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها أو بعد ارتكابها وتقدير كفايتها لقيام حالة التلبس أمراً موكولاً إلى تقدير محكمة الموضوع ، إلَّا أن ذلك مشروط بأن تكون الأسباب والاعتبارات التي بنت عليها المحكمة هذا التقدير صالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها ، وكانت صورة الواقعة كما حصلها الحكم لا تنبئ بذاتها عن أن جريمة الاشتراك في تظاهرة كانت في حالة من حالات التلبس المبينة على سبيل الحصر في المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية لمجرد القول أن الشاهد الأول تمكن من ضبط الطاعنين حال ارتكابهما للجريمة المسندة إليهما وفي حالة تلبس بها ، دون أن يستظهر في مدوناته الأفعال التي ارتكبها كل منهما وتدل على توافر حالة التلبس بالجريمة ، وذلك وفقاً لما سلف بيانه في الرد على الوجه الأول من أوجه الطعن ، إذ وردت عبارته وما ساقه من أدلة في هذا الخصوص عامة مجملة ، كما ران عليه الغموض والإبهام في رده على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ، ومن ثم فإنه يكون مشوباً بالقصور الذي يبطله ويعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم وصحة اطراحه الدفع المار بيانه ، وهو ما يعيب الحكم ويبطله .

4- لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن الثاني بجريمة الاشتراك في تظاهرة من شأنها الإخلال بالأمن العام – وبعد أن أثبت في مدوناته ضم تقرير الباحث الاجتماعي وثبت منه أن الطاعن الثاني تجاوز الخامسة عشر سنة – قضى بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات عملاً بالمادة التاسعة عشرة من القانون رقم 107 لسنة 2013 سالف الذكر . لما كان ذلك ، وكانت العقوبة المقررة لتلك الجريمة طبقاً للمادة آنفة الذكر هي الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنين ، وبالغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف جينه ولا تجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين ، وكانت المادة رقم 2/2 من القانون رقم 12 لسنة 1996 بإصدار قانون الطفل المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 تنص على أنه : " وتثبت السن بموجب شهادة الميلاد أو بطاقة الرقم القومي أو أي مستند رسمي آخر " كما نصت المادة 101 منه على أنه " يحكم على الطفل الذي لم تجاوز سنه خمس عشرة سنة ميلادية كاملة ، إذا ارتكب جريمة بإحدى التدابير الآتية 1- التوبيخ ، 2- التسليم ، 3- الالتحاق بالتدريب والتأهيل ، 4- الإلزام بواجبات معينه ، 5- الاختبار القضائي ، 6- العمل للمنفعة العامة بما لا يضر بصحة الطفل ... ، 7- الإيداع في إحدى المستشفيات المتخصصة ، 8- الإيداع في إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية ... " ، كما نصت المادة 111/4 منه على : " أما إذا ارتكب الطفل الذي تجاوزت سنه خمس عشرة سنة جنحة معاقب عليها بالحبس جاز للمحكمة بدلاً من الحكم بالعقوبة المقررة لها أن تحكم بإحدى التدابير المنصوص عليها في البنود 5 ، 6 ، 8 من المادة 101 من هذا القانون " ، وهو ما يضحى معه تحديد السن بالركون في الأصل إلى الأوراق الرسمية قبل ما عداها – ذات أثر في تعيين ما إذا كان يحكم على الطفل بإحدى العقوبات المنصوص عليها في قانون العقوبات ، ومنها الحبس ، ومن ثم يتعين على المحكمة استظهار هذا السن في هذه الحالة في حكمها على نحو ما ذكر . لما كان ذلك ، ولئن كان الأصل أن تقدير السن أمر متعلق بموضوع الدعوى ولا يجوز لمحكمة النقض أن تعرض له ، إلَّا أن محل ذلك ، أن تكون محكمة الموضوع قد تناولت مسألة السن بالبحث والتقدير ، وأتاحت للمتهم والنيابة العامة إبداء ملاحظاتهما في هذا الشأن ، وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يستظهر – على النحو الذي نص عليه القانون – سن الطاعن الثاني رغم أنه أمر لازم لتعيين العقوبة التي توقع عليه قانوناً – على السياق المتقدم – فإنه يكون معيباً بدوره بالقصور الذي يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وما قضى به من عقاب ، وهو ما يتسع له وجه الطعن .

5- لما كان ذلك ، وكانت العقوبة المقررة لجريمة حيازة وإحراز مواد تعتبر في حكم المفرقعات بغير ترخيص التي دين بها الطاعن الأول – بعد إعمال حكم المادة 32 من قانون العقوبات – هي السجن المشدد مدة لا تقل عن سبع سنين ، وبالغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ، ولا تجاوز ثلاثمائة ألف جنيه ، أو بإحدى هاتين العقوبتين ، وكانت المادة 17 من قانون العقوبات التي أعملها الحكم في حق الطاعن تبيح النزول بعقوبة السجن المشدد إلى عقوبة السجن أو الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن ستة أشهر ، وأنه وإن كان نص المادة 17 من قانون العقوبات يجعل النزول بالعقوبة المقررة للجريمة إلى العقوبة التي أباح النزول إليها جوازياً ، إلَّا أنه يتعين على المحكمة إذا ما رأت أخذ المتهم بالرأفة ومعاملته ، طبقاً للمادة 17 المذكورة ألَّا توقع العقوبة إلَّا على الأساس الوارد في هذه المادة باعتبار أنها حلت بنص القانون محل العقوبة المنصوص عليها في الجريمة . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد دانت الطاعن الأول بجريمة حيازة وإحراز مواد نارية تعتبر في حكم المفرقعات بغير ترخيص وذكرت في حكمها أنها رأت معاملته طبقاً للمادة 17 من قانون العقوبات ، ومع ذلك أوقعت عليه عقوبة السجن المشدد ، وهي العقوبة المقررة لهذه الجريمة ، طبقاً للمادة السابعة عشرة من القانون رقم 107 لسنة 2013 بتنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية ، فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون ، إذ كان عليها أن تنزل بعقوبة السجن المشدد إلى عقوبة السجن أو الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن ستة أشهر ، ولما كان هذا الخطأ مع كونه خطأ في القانون إلَّا أنه متصل بتقدير العقوبة اتصالاً وثيقاً مما حجب محكمة الموضوع عن إعمال هذا التقدير في الحدود القانونية الصحيحة ، فإنه يتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه ، وذلك عملاً بالحق المخول لمحكمة النقض بمقتضى المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 ، ولا يغير من ذلك أن تكون العقوبة التي أوقعها الحكم على الطاعن مع استخدام المادة 17 من قانون العقوبات صحيحة طبقاً لأي قانون آخر يعاقب على تلك الجريمة ، إذ إن المحكمة لم تفصح في أسباب حكمها عن أخذها بأي قانون آخر خلاف مواد القانون رقم 107 لسنة 2013 سالف الذكر .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابـة العامـة الطاعنين بأنـهما:

1- اشتركا وآخران مجهولان في تظاهرة من شأنها تكدير الأمن ، وإلقاء الرعب بين المواطنين ، وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة ، ودون إخطار الجهات المختصة على النحو المبين بالتحقيقات .

المتهم الأول : حازا وآخر موادًا نارية تعتبر في أحكام المفرقعات " صاروخاً " يدخل تركبيها كلورات البوتاسيوم ، وبعض أكاسيد المعادن قبل الحصول على ترخيص بقصد استعمالها في نشاط يخل بالأمن والنظام العام وبقصد المساس بمبادئ الدستور والسلام الاجتماعي على النحو المبين بالتحقيقات .

وأحالتـهما إلى محكمة جنايات .... لمعـاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحـالة .

والمحكمة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 ، 4 ، 7 ، 8 ، 16 ، 18 ، 19 ، 21 من القانون رقم 107 لسنة 2013 بشأن تنظيم الحق في الاجتماعات والتظاهرات السليمة والمواد 2 ، 95 ، 111 ، 1 ، 2 ، 140 من القانون رقم 12 لسنة 1996 ، والمعدل بالقانون 126 لسنة 2008 بشأن الطفل ، مع إعمال المادتين 32 ، 17 من قانون العقوبات ، أولاً : بمعاقبة / .... بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه ، ثانياً : بمعاقبة المتهم / .... بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه .

فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

 ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة الاشتراك في تظاهرة من شأنها الإخلال بالأمن العام دون إخطار الجهات المختصة ، ودان الأول بجريمة حيازة وإحراز مواد تعتبر في حكم المفرقعات بغير ترخيص بقصد استعمالها فيما يخل بالأمن والنظام العام ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، وانطوى على الإخلال بحق الدفاع ، واعتوره الخطأ في القانون ، ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى بياناً واضحاً تتحقق به أركان الجريمتين اللتين دانهما بهما ، وسوغ الحكم إجراءات القبض والتفتيش رغم بطلانهما لانتفاء حالة التلبس بما لا يتفق وصحيح القانون ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

ومن حيث إن الشارع أوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بُني عليها وإلَّا كان باطلاً ، والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي انبنى عليها الحكم والمنتجة له سواء من حيث الواقع أو القانون ، ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل ، بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به ، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام ، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ، وكان مفاد نص المادة الرابعة من القانون رقم 107 لسنة 2013 بشأن تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية هو أن التظاهرة هي كل تجمع لأشخاص يقام في مكان عام أو يسير في الطرق والميادين العامة يزيد عددهم على عشرة للتعبير سلمياً عن آرائهم أو مطالبهم أو احتجاجاتهم السياسية ، وقد حظرت المادة السابعة من هذا القانون على المشاركين في التظاهرة الإخلال بالأمن أو النظام العام أو تعطيل الإنتاج أو الدعوة إليه .... ، لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يبين سواء فيما استخلصه في صورة الواقعة أو فيما أورده من بيان مؤدى الأدلة التي عوّل عليها عدد الأشخاص المشاركين في التظاهرة – هو شرط مفترض لقيام الجريمة التي دين بها الطاعنان – كما لم يستظهر ماهية الأفعال التي قارفها كل منهما بما تفصح - في غير غموض - عن كونها إخلالاً بالأمن أو النظام العام ، ولم يكشف عن دور الطاعنين فيها على نحو جلي مفصل ، إذ اكتفى في ذلك كله بعبارات عامة مجملة ومجهلة لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض الذي هو مدار الأحكام ولا يتحقق به الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيبها ، فإنه يكون مشوباً بالقصور في البيان والفساد في الاستدلال ، هذا إلى أنه لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه رد الواقعة إلى أن ما ضبط مع الطاعن الأول من مواد تعتبر في حكم المفرقعات ، وقعدت المحكمة عن تقصي هذا الأمر عن طريق الخبير الفني ، مع وجوب ذلك عليها حتى تقف على ما إذا كانت المواد المضبوط تعتبر في حكم المفرقعات من عدمه ، إذ يشترط لصحة الحكم بالإدانة في جريمة حيازة وإحراز مادة تعتبر في حكم المفرقعات أن تكون المادة المضبوطة من المواد المبينة حصراً في قرار وزير الداخلية رقم 7330 لسنة 1994 الصادر بتاريخ 24/7/1994 بشأن تحديد المواد التي تعتبر في حكم المفرقعات ، والملحق بالقانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر ، وأن الكشف عن كنه المواد المضبوطة ، والقطع بحقيقتها لا يصلح فيه غير الفحص والتحليل ، فإذا خلا الحكم من الدليل الفني الذي يستقيم به قضاؤه ، فإنه يكون قد تعيب بالقصور ، وانطوى على الإخلال بحق الدفاع . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس وسوغهما قانوناً في قوله : " .... وهدياً بما بتقدم ، وكان الثابت للمحكمة بعد أن اطمأنت لأدلة الثبوت في الدعوى والتي اتخذتها المحكمة عماداً لقضائها توافر حالة التلبس للمتهمين بالأوراق ، ووفق ما استخلصته المحكمة منها وعلى النحو السالف بيانه ، ويكون ضبط المتهمين بمعرفة الضابط شاهد واقعة الضبط وحال ارتكابهما للجرائم المسندة إليهما وفي حالة تلبس بها ، الأمر الذي يكون معه الدفع على غير أساس من الواقع والقانون وترفضه المحكمة " . لما كان ذلك ، ولئن كان تقدير الظروف التي تلابس الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها أو بعد ارتكابها وتقدير كفايتها لقيام حالة التلبس أمراً موكولاً إلى تقدير محكمة الموضوع ، إلَّا أن ذلك مشروط بأن تكون الأسباب والاعتبارات التي بنت عليها المحكمة هذا التقدير صالحة لأن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها ، وكانت صورة الواقعة كما حصلها الحكم لا تنبئ بذاتها عن أن جريمة الاشتراك في تظاهرة كانت في حالة من حالات التلبس المبينة على سبيل الحصر في المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية لمجرد القول أن الشاهد الأول تمكن من ضبط الطاعنين حال ارتكابهما للجريمة المسندة إليهما وفي حالة تلبس بها ، دون أن يستظهر في مدوناته الأفعال التي ارتكبها كل منهما وتدل على توافر حالة التلبس بالجريمة ، وذلك وفقاً لما سلف بيانه في الرد على الوجه الأول من أوجه الطعن ، إذ وردت عبارته وما ساقه من أدلة في هذا الخصوص عامة مجملة ، كما ران عليه الغموض والإبهام في رده على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ، ومن ثم فإنه يكون مشوباً بالقصور الذي يبطله ويعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم وصحة اطراحه الدفع المار بيانه ، وهو ما يعيب الحكم ويبطله ، وفضلاً عن ذلك فإنه لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن الثاني بجريمة الاشتراك في تظاهرة من شأنها الإخلال بالأمن العام – وبعد أن أثبت في مدوناته ضم تقرير الباحث الاجتماعي وثبت منه أن الطاعن الثاني تجاوز الخامسة عشر سنة – قضى بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات عملاً بالمادة التاسعة عشرة من القانون رقم 107 لسنة 2013 سالف الذكر . لما كان ذلك ، وكانت العقوبة المقررة لتلك الجريمة طبقاً للمادة آنفة الذكر هي الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنين ، وبالغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف جينه ولا تجاوز مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين ، وكانت المادة رقم 2/2 من القانون رقم 12 لسنة 1996 بإصدار قانون الطفل المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 تنص على أنه : " وتثبت السن بموجب شهادة الميلاد أو بطاقة الرقم القومي أو أي مستند رسمي آخر " كما نصت المادة 101 منه على أنه " يحكم على الطفل الذي لم تجاوز سنه خمس عشرة سنة ميلادية كاملة ، إذا ارتكب جريمة بإحدى التدابير الآتية 1- التوبيخ ، 2- التسليم ، 3- الالتحاق بالتدريب والتأهيل ، 4- الإلزام بواجبات معينه ، 5- الاختبار القضائي ، 6- العمل للمنفعة العامة بما لا يضر بصحة الطفل ... ، 7- الإيداع في إحدى المستشفيات المتخصصة ، 8- الإيداع في إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية ... " ، كما نصت المادة 111/4 منه على : " أما إذا ارتكب الطفل الذي تجاوزت سنه خمس عشرة سنة جنحة معاقب عليها بالحبس جاز للمحكمة بدلاً من الحكم بالعقوبة المقررة لها أن تحكم بإحدى التدابير المنصوص عليها في البنود 5 ، 6 ، 8 من المادة 101 من هذا القانون " ، وهو ما يضحى معه تحديد السن بالركون في الأصل إلى الأوراق الرسمية قبل ما عداها – ذات أثر في تعيين ما إذا كان يحكم على الطفل بإحدى العقوبات المنصوص عليها في قانون العقوبات ، ومنها الحبس ، ومن ثم يتعين على المحكمة استظهار هذا السن في هذه الحالة في حكمها على نحو ما ذكر . لما كان ذلك، ولئن كان الأصل أن تقدير السن أمر متعلق بموضوع الدعوى ولا يجوز لمحكمة النقض أن تعرض له ، إلَّا أن محل ذلك ، أن تكون محكمة الموضوع قد تناولت مسألة السن بالبحث والتقدير ، وأتاحت للمتهم والنيابة العامة إبداء ملاحظاتهما في هذا الشأن ، وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يستظهر – على النحو الذي نص عليه القانون – سن الطاعن الثاني رغم أنه أمر لازم لتعيين العقوبة التي توقع عليه قانوناً – على السياق المتقدم – فإنه يكون معيباً بدوره بالقصور الذي يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وما قضى به من عقاب ، وهو ما يتسع له وجه الطعن . لما كان ذلك ، وكانت العقوبة المقررة لجريمة حيازة وإحراز مواد تعتبر في حكم المفرقعات بغير ترخيص التي دين بها الطاعن الأول – بعد إعمال حكم المادة 32 من قانون العقوبات – هي السجن المشدد مدة لا تقل عن سبع سنين ، وبالغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ، ولا تجاوز ثلاثمائة ألف جنيه ، أو بإحدى هاتين العقوبتين ، وكانت المادة 17 من قانون العقوبات التي أعملها الحكم في حق الطاعن تبيح النزول بعقوبة السجن المشدد إلى عقوبة السجن أو الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن ستة أشهر ، وأنه وإن كان نص المادة 17 من قانون العقوبات يجعل النزول بالعقوبة المقررة للجريمة إلى العقوبة التي أباح النزول إليها جوازياً ، إلَّا أنه يتعين على المحكمة إذا ما رأت أخذ المتهم بالرأفة ومعاملته ، طبقاً للمادة 17 المذكورة ألَّا توقع العقوبة إلَّا على الأساس الوارد في هذه المادة باعتبار أنها حلت بنص القانون محل العقوبة المنصوص عليها في الجريمة . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد دانت الطاعن الأول بجريمة حيازة وإحراز مواد نارية تعتبر في حكم المفرقعات بغير ترخيص وذكرت في حكمها أنها رأت معاملته طبقاً للمادة 17 من قانون العقوبات ، ومع ذلك أوقعت عليه عقوبة السجن المشدد ، وهي العقوبة المقررة لهذه الجريمة ، طبقاً للمادة السابعة عشرة من القانون رقم 107 لسنة 2013 بتنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية ، فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون ، إذ كان عليها أن تنزل بعقوبة السجن المشدد إلى عقوبة السجن أو الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن ستة أشهر ، ولما كان هذا الخطأ مع كونه خطأ في القانون إلَّا أنه متصل بتقدير العقوبة اتصالاً وثيقاً مما حجب محكمة الموضوع عن إعمال هذا التقدير في الحدود القانونية الصحيحة ، فإنه يتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه ، وذلك عملاً بالحق المخول لمحكمة النقض بمقتضى المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 ، ولا يغير من ذلك أن تكون العقوبة التي أوقعها الحكم على الطاعن مع استخدام المادة 17 من قانون العقوبات صحيحة طبقاً لأي قانون آخر يعاقب على تلك الجريمة ، إذ إن المحكمة لم تفصح في أسباب حكمها عن أخذها بأي قانون آخر خلاف مواد القانون رقم 107 لسنة 2013 سالف الذكر . لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 31278 لسنة 85 ق جلسة 7 / 12 / 2016 مكتب فني 67 ق 108 ص 878

 جلسة 7 من ديسمبر سنة 2016

برئاسة السيد القاضي / مجدي أبو العلا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / قدري عبد الله ، أشرف محمد مسعد ، شعبان محمود وخالد الشرقبالي نواب رئيس المحكمة .
------------

(108)

الطعن رقم 31278 لسنة 85 القضائية

(1) ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . أسباب الإباحة وموانع العقاب " الدفاع الشرعي " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما يقبل منها " .

إيراد الحكم المطعون فيه لدى تحصيله واقعة الدعوى أن الطاعن كان في حالة رد للعدوان الحاصل من المجني عليه ونفيه نية إزهاق الروح . مفاده : أن قصده الضرب فقط . انتهاء الحكم إلى رفض الدفع بتوافر حالة الدفاع الشرعي لتجاوز الطاعن له ومعاقبته بالسجن ثلاث سنوات . تناقض . يوجب نقضه والإعادة . علة ذلك ؟

تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها . موضوعي . لمحكمة النقض رقابتها . شرط ذلك ؟

مثال .

(2) غرامة . سلاح . ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . عقوبة " تطبيقها " " عقوبة الجريمة الأشد " . ارتباط . محكمة النقض " سلطتها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " .

توقيع الحكم المطعون فيه الغرامة المقررة لجريمة إحراز السلاح الناري غير المششخن ذات العقوبة الأخف بعد قضائه بالعقوبة الأشد المقررة لجريمة الضرب المفضي إلى الموت إعمالاً للمادة 32 عقوبات . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . علة وأثر ذلك ؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه بيّن الواقعة بما مفاده - حدوث مشادة كلامية بين المتهم والمجني عليه تطورت إلى مشاجرة فقام الثاني بالتوجه ناحية الأول حاملاً سلاحاً أبيض - سكين - فأراد المتهم درء الاعتداء عنه ، فقام بإخراج سلاح ناري – فرد – وأطلق منه عياراً نارياً باتجاه المجني عليه فأحدث به إصابته الموصوفة بتقرير الطب الشرعي ، ولم يقصد من ذلك قتله ، ولكن الضرب أفضى لموته ، واعترف المتهم بارتكاب الواقعة بالسلاح المضبوط .... " ، وفي معرض حديثه عن نية القتل لدى الطاعن فقد اطرحها قائلاً : " ومن كل ذلك يتوافر لدى المحكمة قناعة كاملة بانتفاء نية إزهاق الروح لدى المتهم وأنه قصد فقط الاعتداء عليه وإيذائه بقصد إبعاده عنه دون قتله ... " ، مما مفاده أنه لم ينتو قتلاً ، بل مجرد الضرب لدفع الأذى ، ثم عرض الحكم للدفع بتوافر حالة الدفاع الشرعي فاطرحه في قوله : " وحيث إنه عن الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي في حق المتهم استناداً إلى قوله بأن الــمـجـني علـيه هـو من بادر بالــتعـدي ، فمردود عليه بأن حق الدفاع الشرعي لم يشرع إلَّا لرد الاعتداء عن طريق الحيلولة بين من يباشر الاعتداء وبين الاستمرار فيه وشرطه تناسب الدفاع مع الاعتداء بأن يبذل المدافع قدراً من القوة لرد الاعتداء يكون متناسباً مع الاعتداء ذاته . ولما كان ذلك ، وكان الثابت من أوراق الدعوى أن المجني عليه توجه ناحية المتهم حاملاً سكيناً بقصد الاعتداء عليه فما كان من المتهم إلَّا أن أخرج سلاحه الناري ، وأطلق منه طلقة استقرت برأس المجني عليه ، وأحدثت إصابته التي أودت بحياته ، وكانت المسافة بين المتهم والمجني عليه ليست ببعيده ، وذلك من أقوال الشهود ، فإن المحكمة ترى من ذلك أن المتهم كان في مكنته تصويب سلاحه الناري إلى أجزاء من جسد المجني عليه غير المنطقة العليا من الجسد لكي يتناسب الدفاع مع الاعتداء بقصد منع المجني عليه من مباشرة الاعتداء عليه ، أما وقد صوب سلاحه الناري إلى الأجزاء العليا من جسد المجني عليه ، فإنه بذلك يكون تجاوز حق الدفاع الشرعي لأنها أجزاء قاتلة بطبيعتها حتى مع خوفه من تعديه عليه بالسلاح الأبيض ، فإن المحكمة لا ترى مبرراً للتعدي على المجني عليه بهذه الصورة ، ويكون معه الدفع في غير محله تلتفت عنه المحكمة ، كما تتجاوز عن حقها الجوازي المنصوص عليه بالمادة 251 من قانون العقوبات بالنزول بالعقوبة إلى حد الحبس وتكتفي بعقابه بالقدر الوارد بمنطوق هذا الحكم " . لما كان ذلك ، وكان يبين من سياق مدونات الحكم على النحو السالف أنه بينما يثبت في تحصيله لواقعة الدعوى أن الطاعن كان في حالة رد للعدوان الحاصل من المجني عليه ، وفي موضع آخر ينفي عنه نية إزهاق الروح بما مفاده أنه لم يقصد حسبما أفصح الحكم سوى الضرب فقط ، ثم يخلص إلى رفض الدفع بتوافر حالة الدفاع الشرعي لتجاوز الطاعن له – الذي يفيد توافرها بداءة – ثم انتهى في منطوقه إلى معاقبته بالسجن ثلاث سنوات ، وهو ما يكون معه الحكم المطعون فيه قد جاء مضطرباً ومتناقضاً في أسبابه ولم يستقر على رأي ثابت يمكن معه لهذه المحكمة – محكمة النقض- مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما أثبتها ، ولا يغير من ذلك ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن الدفاع الشرعي هو حالة تقوم في الواقع على أمور موضوعية بحتة لقاضي الموضوع وحده سلطة بحثها ، وتقدير ما يقوم عليها من الأدلة فيثبتها أو ينفيها بدون أن يكون لقضائه معقب من رقابة محكمة النقض ، إلَّا أنه في حالة وجود غموض وتناقض ظــاهــر بين موجب الوقائع والظروف المادية التي يثبتها وبين النتيجة القانونية التي يستخلصها منها - كالحال في الدعوى – فإن محكمة النقض لا يكون في وسعها أن تتعرف على حقيقة الأساس القانوني الذي بنت عليه محكمة الموضوع معتقدها في الدعوى وأساس تقديرها مسئولية الطاعن ، وما أنزلته به من عقاب ، وهو ما يوجب نقض الحكم المطعون فيه والإعادة .

2- لما كان ما تردى فيه الحكم من خطأ إذ قضى بتوقيع الغرامة المقررة لجريمة إحراز السلاح الناري غير المششخن ، وهي الجريمة ذات العقوبة الأخف ، رغم أنه قضى بتوقيع العقوبة المقررة لجريمة الضرب المفضي إلى الموت – وهي الأشد – عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات ، ويكون قد خالف القانون ، مما كان يؤذن لهذه المحكمة أن تصحح هذا الخطأ إلَّا أنه إزاء ما انتهت إليه فيما تقدم من نقض الحكم لما شابه من غموض وتناقض لهما الصدارة على أوجه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون ، فإنه لا يكون للتصحيح محل ، بل إن على محكمة الإعادة – إن رأت إدانة الطاعن – أن تطبق صحيح القانون ، وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابـة العامـة الطاعن بأنـه :

1- قتل المجني عليه / .... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية ، وعقد العزم على قتله ، وأعد لذلك سلاحاً نارياً " فرد خرطوش " وتوجه إليه بالمكان الذي أيقن سلفاً تواجده فيه ، وما أن ظفر به حتى أطلق صوبه عياراً من السلاح الناري إحرازه استقرت برأسه ، فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية المرفق ، والتي أودت بحياته قاصداً قتله .

2- أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخنٍ " فرد خرطوش " .

3- أحرز ذخائر مما تستخدم على السلاح الناري آنف البيان دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه .جله مع علمهما بتزوير  

وأحالتـه إلى محكمة جنايات .... لمعـاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحـالة .

والمحكمة قضت حضورياً عملاً بالمادة 236/1 من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ، 6 ، 26/1-4 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل ، والجدول رقم 2 الملحق بالقانون الأول ، مع إعمال المادة 32/2 من قانون العقوبات ، بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسة آلاف جنيه عما نسب إليه للارتباط ، وألزمته بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ خمسة آلاف جنيه وواحد تعويضاً مدنياً مؤقتاً ، وألزمته بمصاريف الدعويين الجنائية والمدنية في الدعوى الأخيرة ، ومصادرة السلاح الناري المضبوط ، بعد أن عدلت وصف التهمة الأولى بجعلها ضرب أفضي إلي موت .

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الضرب المفضي إلى الموت ، وإحراز سلاح ناري غير مششخن ، وذخائره بدون ترخيص قد شاب القصور ، والتناقض في التسبيب ؛ ذلك أن المحكمة في مقام تحصيل الواقعة وفي الرد على دفاعه بانتفاء ظرف سبق الإصرار وتوافر حالة الدفاع الشرعي ، قد استقر في عقيدتها أن الطاعن كان في حالة دفاع شرعي ، وهو ما ترشح له ظروف الواقعة وملابساتها بيد أنها انتهت إلى أن الطاعن تجاوز حق الدفاع الشرعي ودون أن تطبق المادة 251 من قانون العقوبات ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن الواقعة بما مفاده - حدوث مشادة كلامية بين المتهم والمجني عليه تطورت إلى مشاجرة فقام الثاني بالتوجه ناحية الأول حاملاً سلاحاً أبيض - سكين - فأراد المتهم درء الاعتداء عنه ، فقام بإخراج سلاح ناري – فرد – وأطلق منه عياراً نارياً باتجاه المجني عليه فأحدث به إصابته الموصوفة بتقرير الطب الشرعي ، ولم يقصد من ذلك قتله ، ولكن الضرب أفضى لموته ، واعترف المتهم بارتكاب الواقعة بالسلاح المضبوط .... " ، وفي معرض حديثه عن نية القتل لدى الطاعن فقد اطرحها قائلاً : " ومن كل ذلك يتوافر لدى المحكمة قناعة كاملة بانتفاء نية إزهاق الروح لدى المتهم وأنه قصد فقط الاعتداء عليه وإيذائه بقصد إبعاده عنه دون قتله ... " ، مما مفاده أنه لم ينتو قتلاً ، بل مجرد الضرب لدفع الأذى ، ثم عرض الحكم للدفع بتوافر حالة الدفاع الشرعي فاطرحه في قوله : " وحيث إنه عن الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي في حق المتهم استناداً إلى قوله بـــأن الــمـجــنـي عــلــيــه هـــو مـــن بــادر بــالــتــعـدي ، فمردود عليه بأن حق الدفاع الشرعي لم يشرع إلَّا لرد الاعتداء عن طريق الحيلولة بين من يباشر الاعتداء وبين الاستمرار فيه وشرطه تناسب الدفاع مع الاعتداء بأن يبذل المدافع قدراً من القوة لرد الاعتداء يكون متناسباً مع الاعتداء ذاته . ولما كان ذلك ، وكان الثابت من أوراق الدعوى أن المجني عليه توجه ناحية المتهم حاملاً سكيناً بقصد الاعتداء عليه فما كان من المتهم إلَّا أن أخرج سلاحه الناري ، وأطلق منه طلقة استقرت برأس المجني عليه ، وأحدثت إصابته التي أودت بحياته ، وكانت المسافة بين المتهم والمجني عليه ليست ببعيده ، وذلك من أقوال الشهود ، فإن المحكمة ترى من ذلك أن المتهم كان في مكنته تصويب سلاحه الناري إلى أجزاء من جسد المجني عليه غير المنطقة العليا من الجسد لكي يتناسب الدفاع مع الاعتداء بقصد منع المجني عليه من مباشرة الاعتداء عليه ، أما وقد صوب سلاحه الناري إلى الأجزاء العليا من جسد المجني عليه ، فإنه بذلك يكون تجاوز حق الدفاع الشرعي لأنها أجزاء قاتلة بطبيعتها حتى مع خوفه من تعديه عليه بالسلاح الأبيض ، فإن المحكمة لا ترى مبرراً للتعدي على المجني عليه بهذه الصورة ، ويكون معه الدفع في غير محله تلتفت عنه المحكمة ، كما تتجاوز عن حقها الجوازي المنصوص عليه بالمادة 251 من قانون العقوبات بالنزول بالعقوبة إلى حد الحبس وتكتفي بعقابه بالقدر الوارد بمنطوق هذا الحكم " . لما كان ذلك ، وكان يبين من سياق مدونات الحكم على النحو السالف أنه بينما يثبت في تحصيله لواقعة الدعوى أن الطاعن كان في حالة رد للعدوان الحاصل من المجني عليه ، وفي موضع آخر ينفي عنه نية إزهاق الروح بما مفاده أنه لم يقصد حسبما أفصح الحكم سوى الضرب فقط ، ثم يخلص إلى رفض الدفع بتوافر حالة الدفاع الشرعي لتجاوز الطاعن له – الذي يفيد توافرها بداءة – ثم انتهى في منطوقه إلى معاقبته بالسجن ثلاث سنوات وهو ما يكون معه الحكم المطعون فيه قد جاء مضطرباً ومتناقضاً في أسبابه ولم يستقر على رأي ثابت يمكن معه لهذه المحكمة – محكمة النقض- مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما أثبتها ، ولا يغير من ذلك ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن الدفاع الشرعي هو حالة تقوم في الواقع على أمور موضوعية بحتة لقاضي الموضوع وحده سلطة بحثها ، وتقدير ما يقوم عليها من الأدلة فيثبتها أو ينفيها بدون أن يكون لقضائه معقب من رقابة محكمة النقض ، إلَّا أنه في حالة وجود غموض وتناقض ظــاهــر بين موجب الوقائع والظروف المادية التي يثبتها وبين النتيجة القانونية التي يستخلصها منها - كالحال في الدعوى – فإن محكمة النقض لا يكون في وسعها أن تتعرف على حقيقة الأساس القانوني الذي بنت عليه محكمة الموضوع معتقدها في الدعوى وأساس تقديرها مسئولية الطاعن ، وما أنزلته به من عقاب ، وهو ما يوجب نقض الحكم المطعون فيه والإعادة ، هذا فضلاً عما تردى فيه الحكم من خطأ إذ قضى بتوقيع الغرامة المقررة لجريمة إحراز السلاح الناري غير المششخن ، وهي الجريمة ذات العقوبة الأخف ، رغم أنه قضى بتوقيع العقوبة المقررة لجريمة الضرب المفضي إلى الموت – وهي الأشد – عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات ، ويكون قد خالف القانون ، مما كان يؤذن لهذه المحكمة أن تصحح هذا الخطأ إلَّا أنه إزاء ما انتهت إليه فيما تقدم من نقض الحكم لما شابه من غموض وتناقض لهما الصدارة على أوجه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون ، فإنه لا يكون للتصحيح محل ، بل إن على محكمة الإعادة – إن رأت إدانة الطاعن – أن تطبق صحيح القانون ، وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ