باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
دائرة الأحد ( د )
-----
المؤلفة برئاسة السيد القاضي/ منصور القاضي "نائب رئيس المحكمة" وعضوية السادة القضاة/ عزمي الشافعي ومحمد السعدني وائل صبحي ومصطفى محمد سيد "نواب رئيس المحكمة"
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ محمد نايل.
وأمين السر السيد/ علي جوده.
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
في يوم الأحد 2 من رجب سنة 1445 ه الموافق 14 من يناير سنة 2024م.
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 9623 لسنة 92 القضائية.
المرفوع من:
1- ..........
2- .......... " محكوم عليهما – طاعنان "
ضد
النيابة العامة " مطعون ضدها "
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من: ١- ..... "طاعن"، ۲ -......، 3- ...... "طاعن" في قضية الجناية رقم ۱۲۹ لسنة ۲۰۲۱ اقتصادية مركز تلا (والمقيدة برقم 29 لسنة ۲۰۲۱ كلي اقتصادية شبين الكوم) والمقيدة برقم ۱۱۰ لسنة ۲۰۲۱ جنايات اقتصادية طنطا) بأنهم في يوم 19/12/2020 وبتاريخ سابق عليه - بدائرة مركز تلا - محافظة المنوفية:
أولا: تعاملوا في النقد الأجنبي على خلاف الشروط المقررة قانونا، بأن أجروا عمليات استبدال العملات الأجنبية بما يعادلها من النقد المصري دون أن يكون ذلك عن طريق البنوك المعتمدة والجهات المرخص لها قانونا بذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
ثانيا: باشروا ما جرى العرف المصرفي على اعتباره عملا من أعمال البنوك في غير الأحوال المصرح بها قانونا بأن تعاملوا في النقد الأجنبي والمصري بيعا وشراء دون أنا يكونوا مسجلين في البنك المركزي لممارسة ذلك النشاط على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالتهم إلى محكمة جنايات طنطا الاقتصادية لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريا للمتهمين الأول والثالث وغيابيا للمتهم الثاني بتاريخ ۱۹ من فبراير سنة ٢٠٢٢، عملا بالمواد 63 /1 ، 225 /1 ، 233 /1، 4 ، 236 من قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد الصادر بالقانون رقم ١٩٤ لسنة ۲۰۲۰ ، مع إعمال نص المادتين 30، 32 من قانون العقوبات، بمعاقبة كلا من ..... ، .....، ..... بالسجن لمدة خمس سنوات، وبتغريم كل منهم مبلغ وقدره مليون جنيه عما أسند إليهم من اتهام، وأمرت بمصادرة المبالغ المالية، والهاتف المحمول المضبوط وألزمتهم بالمصروفات الجنائية.
وبتاريخ ١٧ من أبريل سنة ۲۰۲۲ قرر الأستاذ/ ...... "المحامي" بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض بصفته وكيلا عن المحكوم عليه الأول/ ....، والثالث/ ...... بموجب توكيل خاص رقم ۱۷۷/ م لسنة ۲۰۲۲ توثيق قطور - مرفق بملف الطعن - ويبيح له ذلك الحق.
وبذات التاريخ أودع المحكوم عليهما الأول/ .....، والثالث/ ..... مذكرة بأسباب طعنهما موقعا عليها من ذات الأستاذ المحامي المقرر بالطعن، والمقبول للمرافعة أمام محكمة النقض.
وبجلسة اليوم نظرت المحكمة الطعن حيث سمعت المرافعة كما هو مبين بمحضر الجلسة.
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة والمداولة قانونا: -
حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمتي التعامل في النقد الأجنبي على خلاف أحكام القانون، والقيام بمباشرة عمل من أعمال البنوك على خلاف الشروط المقررة قانونا، قد شابه القصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال؛ ذلك بأنه خلا من بيان الأركان القانونية للجريمتين التي دانه بهما، وعول في قضائه بالإدانة على تحريات مباحث الأموال العامة رغم خلو الأوراق من أي دليل على ارتكابهما أي جرائم، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استدل على ثبوت واقعات الاتهام – في حق الطاعنين - أخذا بما ورد بتحريات مباحث الأموال العامة. لما كان ذلك، وكان الطاعنان قد قدما للمحاكمة بوصف التعامل في النقد الأجنبي المبين بالأوراق على خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانونا، وكان البين من تشريع الرقابة على عمليات النقد الأجنبي عموما ومن مذكرته التفسيرية وأعماله التحضيرية أن الرقابة على عمليات النقد تنصب على كل عملية من أي نوع أيا كان الاسم الذي يصدق عليها في القانون يكون موضوعها نقدا أجنبيا مادام من شأنها أن تؤدي بطريق مباشر أو غير مباشر إلى ضياع نقد أجنبي كان من حق الدولة أن تحصل عليه، وإذ أن الشارع فرض نوعا من الحجز أو الاستيلاء أو التجميد على النقد الأجنبي كله، ووضعه تحت تصرف الدولة المهيمنة على الاقتصاد القومي لا يباح لأي شخص أن يتصرف في مبلغ منه إلا بإذنها وكل إخلال بالتجميد الذي فرضه الشارع في هذا الشأن يقع حتما في نطاق التأثيم والعقاب، كما أنه من المقرر أن النشاط المادي في كافة جرائم التعامل بالنقد الأجنبي يتمثل في القيام بعملية من عمليات النقد الأجنبي أيا كان نوعها سواء أكان تعاملا أو تحويلا أو تعهدا أو مقاصة أو غير ذلك من العمليات التي بين النص نوعها، أو غيرها مما لم ينص عليها، ما دام قوامها جميعا التعامل بالنقد الأجنبي. لما كان ذلك، وكان ما ساقه الحكم لا يكفي لإثبات تعامل الطاعنين في أوراق النقد الأجنبي على خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانونا وعن غير طريق المصارف المرخص لها بذلك. لما كان ذلك، وكانت الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال، كما أنه من المقرر أن الأحكام يجب أن تبنى على الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته، صادرا في ذلك عن عقيدة يحصلها هو مما يجريه من تحقيق، مستقلا في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره، ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام عليها قضاءه أو بعدم صحتها حكما لسواه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تحريات الشرطة ليست كلها صحيحة وليست كلها لها سند من الأوراق وليس كل ما يشاع عن الناس يصادف الحقيقة والصدق فالواقعة الواحدة يختلف الناس في تفسيرها وفى رؤاهم عنها، وكان من المقرر كذلك أنه وإن كان يجوز للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات بحسبانها قرينة تعزز ما ساقته من أدلة، إلا أنها لا تصلح بمجردها أن تكون دليلا كافيا بذاته أو قرينة مستقلة على ثبوت الاتهام ، وهي من بعد لا تعدو أن تكون مجرد رأي لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب، إلى أن يعرف مصدرها ويتحدد، حتى يتحقق القاضي بنفسه من هذا المصدر ويستطيع أن يبسط رقابته على الدليل ويقدر قيمته القانونية في الإثبات. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه، أن المحكمة قد اتخذت من التحريات دليلا أساسيا في ثبوت الاتهام قبل الطاعن دون أن تورد من الأدلة والقرائن ما يساندها، فإنها بهذه المثابة لا تعدو أن تكون مجرد رأي لصاحبها يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب إلى أن يعرف مصدره ويتحدد كنهه، ويتحقق القاضي منه بنفسه حتى يستطيع أن يبسط رقابته على الدليل ويقدر قيمته من حيث صحته أو فساده وإنتاجه في الدعوى أو عدم إنتاجه، فإن حكمها يكون قد تعيب بالفساد في الاستدلال، والقصور في التسبيب بما يبطله، ولا يعصم الحكم من هذا البطلان ما أورده من أدلة - على نحو ما سلف ذكره – ذلك أن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه والمفردات - التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقا لوجه الطعن – أن أقوال ضابط مباحث الأموال العامة التي عول عليها الحكم في إدانة الطاعنين قد خلت من أي دليل يمكن التعويل عليه في إدانة الطاعنين بجريمتي التعامل في النقد الأجنبي على خلاف أحكام القانون، والقيام بمباشرة عمل من أعمال البنوك على خلاف الشروط المقررة قانونا، هذا إلى أن الحكم - على ما سلف - لم يورد أية شواهد أو قرائن تؤدي بطريق اللزوم إلى ثبوت مقارفة الطاعن لواقعة التعامل في النقد الأجنبي أو القيام بعمل من أعمال البنوك، فإن الحكم يكون فوق ما تقدم أخطأ في تطبيق القانون، ولما كانت الدعوى صالحة للفصل فيها، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعنين مما أسند إليهما عملا بالفقرة الأولى من المادة ۳۹ من القانون رقم ٥٧ لسنة ۱۹٥۹ في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء ببراءة الطاعنين مما أسند إليهما.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق