جلسة 22 من يونيه سنة 1981
برئاسة السيد المستشار/ الدكتور مصطفى كيره - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عاصم المراغي، وصلاح عبد العظيم، الدكتور أحمد حسني وحافظ السلمي.
---------------
(342)
الطعن رقم 617 لسنة 48 القضائية
(1) موطن "موطن الأعمال". محكمة الموضوع.
موطن الأعمال، قيامه طالما بقى النشاط التجاري مستمراً وله مظهره الواقعي، تقدير توافر العناصر الواقعية لموطن الأعمال من سلطة محكمة الموضوع.
(2، 3) تقادم "انقطاع التقادم". حكم. استئناف.
(2) زوال التقادم المنقطع، أثره، سريان تقادم جديد مماثل للتقادم الأول في مدته وطبيعته. الاستثناء. صدور حكم نهائي بالدين حائز قوة الأمر المقضي، أثره، بدء سريان تقادم جديد مدته خمس عشرة سنة من وقت صدور هذا الحكم. م 385 مدني.
(3) الحكم الابتدائي الصادر بالدين. أثره، زوال أثر رفع الدعوى في قطع التقادم. وبدء تقادم جديد من تاريخ صدوره مماثل للتقادم الأول - بقاء ميعاد الطعن بالاستئناف مفتوحاً لا يجعل الانقطاع مستمراً. رفع الاستئناف قبل اكتمال مدة التقادم أثره. نشوء سبب جديد لانقطاع التقادم. استمراره حتى صدور حكم نهائي بالدين يبدأ به سريان تقادم جديد مدته 15 سنة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 74 لسنة 1954 تجاري كلي بنها ضد مورث الطاعنين ومحمد صبيح حلوة بطلب ندب خبير لفحص حساباته مع هذين الشخصين إذ كان قد اتفق معهما على أن يشتري قطناً لحسابهما نظير عمولة وكان يقوم بدفع الثمن من ماله الخاص وذلك خلال سنتي 1951 - 1952 و1952 - 1953 الزراعيتين وبتاريخ 12 - 4 - 1957 قضت محكمة بنها الابتدائية بندب خبير حسابي لتصفية الحساب بين الطرفين وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت فقضت بإلزام مورث الطاعنين ومحمد صبيح حلوة بأن يدفعا للمطعون ضده الأول مبلغ 1005 جنيه و124 مليماً. استأنف مورث الطاعنين هذا الحكم بالاستئناف رقم 5 سنة 5 ق تجاري وبتاريخ 12/ 12/ 1972 قضت محكمة استئناف القاهرة (مأمورية بنها) بندب خبير حسابي آخر وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 19 - 2 - 1978 بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب، ينعى الطاعنون بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقولون إن مورثهم تمسك في صحيفة الاستئناف ببطلان إعلانه بصحيفة الدعوى وإعادة إعلانه بمبنى شركة مصر لحليج الأقطان بينها تأسيساً على أنه لا يشارك محمد صبيح حلوة في تجارة الأقطان ولا يتصور أن تكون إقامته بمبنى شركة مصر لحليج الأقطان كما أن ورقة الإعلان سلمت إلى شيخ البلد بالمخالفة لنص المادة 11 من قانون المرافعات الملغي المنطبقة إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع تأسيساً على قيام الشركة بين مورثهم ومحمد صبيح حلوة استناداً إلى التفويض الصادر من مورثهم إلى هذا الأخير وإلى شركة مصر لحليج الأقطان ببنها في استلام القطن ودفع ثمنه وإلى ما شهد به شاهدا المطعون ضده الأول أمام الخبير وما جاء بعقد الرهن الذي يعود تاريخه إلى عشر سنوات سابقة على سنتي النزاع ومن ثم يكون الحكم قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كانت المادة 41 من القانون المدني تجيز اعتبار محل التجارة - بالنسبة للأعمال المتعلقة بها موطناً - للتاجر بجانب موطنه الأصلي للحكمة التي أفصح عنها الشارع من أن قاعدة تعدد الموطن تعتد بالأمر الواقع وتستجيب لحاجة المتعاملين، وكان موطن الأعمال يعتبر قائماً ما بقى النشاط التجاري مستمراً وله مظهره الواقعي الذي يدل عليه والذي تستخلصه محكمة الموضوع من أوراق الدعوى وظروفها - بما لها من سلطة تقديرية - وحسبها أن تورد في حكمها الأدلة المسوغة لاستخلاصها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في أسبابه رداً على الدفع ببطلان الإعلان قوله "إن الثابت من عقد الرهن المقدم من المستأنف عليه الأول (المطعون ضده). وهو عقد موثق لدى مأمورية الشهر العقاري بالزقازيق بتاريخ 20 - 8 - 1952 برقم 4018 - 52 يفيد أن......... (مورث الطاعنين)....... ويعترفان ويقران بمديونيتهما بدين قدره مبلغ مائة ألف جنيه لشركة مصر لحليج الأقطان وأن المستأنف السالف (......) والمستأنف عليه الثاني....... قدما أطيان لهما زراعية لرهنها لدى تلك الشركة لضمان الوفاء بهذا الدين وهذا يفيد بدلالة واضحة أنه تاجر أقطان وشريك للمستأنف عليه الثاني (محمد صبيح حلوة) في تلك التجارة وكما يؤكد ذلك أن السيد الخبير قد ناقش بمحاضر أعماله كلاً من فتحي حسين العطار ومحي حسين العطار ومحي الدين أحمد يعقوب وهما مساعدي ناظر حوش شركة مصر لحليج الأقطان فقررا بأن المستأنف الأصلي إبراهيم الألفي (مورث الطاعنين) شريك للمستأنف عليه الثاني آنذاك (محمد صبيح حلوة) في تجارة الأقطان وكانت تلك الأقطان ترد للشركة باسم إبراهيم الألفي وفي مرات أخرى باسم إبراهيم الألفي وشريكه، وكذلك أثبت الخبير في تقريره وجود تفويض مؤرخ 16 - 9 - 1954 صادر من إبراهيم الألفي لمحمد صبيح حلوة يتضمن تفويض الأخير بصرف المبالغ اللازمة لشراء الأقطان وتوريدها وحلج القطن وبيع شعره وكل ما ينتج من ذلك وكذلك إصدار المخالصات ومن ثم تثبت صفة التاجر لإبراهيم الألفي واشتراكه مع المرحوم محمد صبيح في تجارة الأقطان الكائنة بمبنى شركة مصر لحلج الأقطان ببنها ومن ثم يكون الإعلان الذي تم في هذا المقر إعلاناً صحيحاً قانوناً ومنتجاً لكافة آثاره القانونية"، وكان هذا الذي استخلصه الحكم من الأوراق من اعتبار مقر شركة مصر لحليج الأقطان ببنها موطناً لمورث الطاعنين بالنسبة لأعماله في تجارة القطن يدخل في سلطة محكمة الموضوع التقديرية ومبني على أدلة وأسباب سائغة فإن الجدل في هذا الشأن يعتبر جدلاً موضوعياً حول تقدير العناصر الواقعية لموطن الأعمال وهو ما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض أما عما أثاره الطاعنون بشأن عدم قانونية تسليم ورقة الإعلان لشيخ البلد فهو دفاع جديد لم يسبق لمورثهم أن تمسك به أمام محكمة الموضوع فلا تقبل إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ومن ثم يضحى النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن مبنى النعي بالسبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وفي بيانه يقول الطاعنون إن مورثهم تمسك أمام محكمة الاستئناف بتقادم الدين لمضي أكثر من خمس سنوات من تاريخ استحقاقه في أكتوبر 1953 حتى إعلانه بالحكم الابتدائي في 21 - 2 - 1972 تأسيساً على بطلان إعلانه بصحيفة الدعوى، وأنه بفرض صحة الإعلان فإن الدين يكون سقط بالتقادم لمرور أكثر من خمس سنوات بين تاريخ الحكم الابتدائي في 27 - 1 - 60 وتاريخ إعلانه بهذا الحكم في 21 - 2 - 1972 إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع مما يعيبه بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن النص في المادة 385 من القانون المدني على أنه إذا انقطع التقادم يبدأ تقادم جديد يسري من وقت انتهاء الأثر المترتب على سبب الانقطاع وتكون مدته هي مدة التقادم الأول 2 - على أنه إذا حكم بالدين وحاز الحكم قوة الأمر المقضي... كانت مدة التقادم الجديد خمس عشرة سنة)، يدل على أنه إذا انقطع التقادم زال أثره وحل محله تقادم جديد مماثل للتقادم الأول الذي انقطع في مدته وفي طبيعته يسري من وقت انتهاء الأثر المترتب على سبب الانقطاع إلا إذا صدر بالدين حكم نهائي حائز لقوة الأمر المقضي فيبدأ سريان تقادم جديد من وقت صدور هذا الحكم تكون مدته دائماً خمس عشرة سنة، أما الحكم الابتدائي الصادر بالدين فرغم حجيته المؤقتة فإنه لا يرتب ذات الأثر إلا إذا أصبح نهائياً سواء بفوات ميعاد استئنافه أو بصدور الحكم في الاستئناف بتأييده كما أن بقاء ميعاد الطعن بالاستئناف في الحكم الابتدائي مفتوحاً ليس من شأنه جعل الانقطاع مستمراً وإنما بصدور الحكم الابتدائي بالدين يزول أثر رفع الدعوى في قطع التقادم ويبدأ من تاريخ صدور الحكم تقادم جديد مماثل للتقادم الأول الذي انقطع، فإذا رفع الاستئناف قبل اكتمال مدة التقادم فإنه يتولد عن رفعه سبب جديد لانقطاع التقادم يستمر حتى صدور الحكم النهائي بالدين الذي بصدوره يبدأ سريان تقادم جديد مدته خمس عشرة سنة، لما كان ذلك وكانت المحكمة قد انتهت وهي في سبيل الرد على السبب الأول إلى صحة إعلان مورث الطاعنين بصحيفة الدعوى فإن مؤدى ذلك أن ينقطع التقادم الخمسي للدين بالمطالبة القضائية الحاصلة في 19 - 1 - 1954 ويبقى هذا الانقطاع مستمراً حتى صدور الحكم الابتدائي في 27 - 1 - 1960 وبصدوره تبدأ مدة التقادم جديد مماثلة للتقادم الأول وإذ بقى ميعاد استئناف هذا الحكم مفتوحاً حتى أعلن المورث به في 21 - 2 - 1972 إعمالاً لنص المادة 379 من قانون المرافعات الملغي المنطبقة التي تجعل بداية مواعيد الطعن من تاريخ إعلان الحكم فإن التقادم الخمسي يكون قد اكتمل قبل إعلان الحكم الابتدائي ويكون الدفع بالتقادم الذي أبداه مورث الطاعنين في صحيفة الاستئناف في محله، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى لانقضاء الحق بالتقادم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق