جلسة 5 من مارس سنة 1991
برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة/ أحمد نصر الجندي وعضوية السادة المستشارين: حسين محمد حسن عقر نائب رئيس المحكمة، مصطفى حسيب عباس محمود، فتحي محمود يوسف وعبد المنعم محمد الشهاوي.
-----------------
(103)
الطعنان رقما 205، 207 لسنة 59 القضائية "أحوال شخصية"
(1، 2) المسائل الخاصة بالمسلمين "التطليق".
(1) السبب في دعوى التطليق طبقاً للمادة 6 ق 25 لسنة 1929. اختلافه عن السبب في طلب الزوجة التطليق أثناء نظر اعتراضها على دعوة زوجها للعودة إلى منزل الزوجية. م 11 مكرراً ثانياً من ذات القانون. مؤدى ذلك. القضاء برفض الدعوى الأولى ليس له حجية مانعة من نظر الدعوى الثانية. اللجوء إلى التحكيم في الأولى لا يحول دون اللجوء إليه في الثانية متى توافرت شروطه.
(2) استخلاص محكمة الموضوع استحكام الخلاف بين الطاعن والمطعون ضدها، من إصرار الأخيرة على الطلاق وعجز المحكمة عن التوفيق بينهما. سائغ كفايته لحمل قضائها بتطليق المطعون ضدها على الطاعن. المجادلة في ذلك. موضوعية تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
(3) المسائل الخاصة بالمسلمين "التطليق".
التعويض. تقدير مقتضاه. م 11/ 2 ق 25 لسنة 1929. من سلطة محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
(4) دعوى الأحوال الشخصية "الطعن في الحكم: النقض".
عدم تقديم المحامي الموقع على تقرير الطعن التوكيل الصادر من الطاعنة لموكله، أثره. عدم قبول الطعن. لا يغني عن ذلك مجرد ذكر رقمه في توكيل وكيل الطاعنة الذي بموجبه أوكل المحامي الذي قرر بالطعن. علة ذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة في الطعن رقم 207 لسنة 59 ق أقامت الدعوى رقم 1019 لسنة 85 شرعي كلي الجيزة على المطعون ضده للحكم بتطليقها عليه للضرر. وقالت في بيان ذلك أنها زوجته بصحيح العقد الشرعي وإذ اعتدى عليها بالضرب والسب وطردها من منزل الزوجية ورد إليها منقولاتها مما أضر بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالها فقد أقامت الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق، وبعد أن سمعت شاهدي الطاعنة حكمت بتاريخ 23/ 2/ 86 غيابياً بالتطليق، عارض المطعون ضده في هذا الحكم، وبجلسة 12/ 4/ 87 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المعارض فيه وبرفض الدعوى، استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 472 لسنة 104 ق. كما أقامت الطاعنة الدعوى رقم 792 لسنة 89 كلي شرعي الجيزة للحكم بعدم الاعتداد بإعلان المطعون ضده لها لدعوتها للعودة لمنزل الزوجية، وأسست اعتراضها على الوقائع التي أقامت عليها دعواها السابقة، وطلبت التطليق من خلال دعوى الاعتراض. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وندبت محكمين في الدعوى اتبعتهما بثالث، وبعد أن قدم المحكمون تقريرهم وسمعت بينة الطرفين حكمت بتاريخ 17/ 11/ 1988 بتطليق الطاعنة على المطعون ضده مع إسقاط حقوقها المالية. استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 880 لسنة 105 ق كما استأنفته الطاعنة بالاستئناف رقم 884 لسنة 105 ق. ضمت المحكمة الاستئنافات الثلاثة ليصدر فيهم حكم واحد، وبتاريخ 8/ 6/ 1989 حكمت: أولاً: برفض الاستئنافين رقمي 880، 884 لسنة 105 ق وبتأييد الحكم المستأنف.. ثانياً: برفض الاستئناف رقم 470 لسنة 104 ق طعن المطعون ضده على الحكم الصادر في الاستئناف رقم 880 لسنة 105 ق بالطعن رقم 205 لسنة 59 ق، طعنت الطاعنة على الحكم الصادر في الاستئناف رقم 884 لسنة 105 ق بالطعن رقم 207 لسنة 59 ق، قدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن الأول، وبعدم قبول الطعن الثاني وفي الموضوع برفضه. عرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظرهما وبها قررت ضم الطعن الثاني للأول ليصدر فيهما حكم واحد، وفيها التزمت النيابة رأيها.
أولاً: عن الطعن رقم 205 لسنة 59 ق:
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون من وجهين في بيان أولهما يقول إنه تمسك في الدعوى رقم 792 لسنة 86 كلي شرعي الجيزة - أمام محكمة الموضوع - بحجية الحكم الصادر في الدعوى رقم 1019 لسنة 85 كلي أحوال شخصية الجيزة والذي قضى برفض تطليق المطعون ضدها عليه للضرر، وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه حجية هذا الحكم وقضى بتطليق المطعون ضدها عليه فإنه يكون قد أهدر حجية الحكم السابق بما يعيبه بالخطأ في تطبيقه القانون. ويقول في بيان الوجه الثاني أنه لما كانت المادتان السادسة والحادية عشر مكرراً ثانياً من القانون رقم 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 - تضمهما تشريع واحد، فإن مؤدى تفسيرهما وأعمالهما بعد أن قضي برفض دعوى المطعون ضدها رقم 1019 لسنة 85 بطلب تطليقها عليه للضرر ألا تعمل المحكمة إجراءات التحكيم طبقاً للمادة السادسة إلا إذا تكررت شكوى المطعون ضدها كما يمتنع عليها إعمال هذه الإجراءات طبقاً للمادة الحادية عشر مكرراً ثانياً في دعوى الاعتراض، وإذ أعمل حكم محكمة أول درجة - المؤيد بالحكم المطعون ضده - إجراءات التحكيم في الدعوى الأخيرة، فإن هذا الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في الوجه الأول مردود بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن السبب في دعوى التطليق طبقاً المادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 يخالف السبب في طلب الزوجة التطليق أثناء نظر اعتراضها على دعوة زوجها لها للعودة إلى منزل الزوجية الذي تحكمه المادة 11 مكرراً ثانياً من ذات القانون. إذ تقوم الدعوى الأولى على ضرر يقع من الزوج على زوجته بحيث لا يستطاع معه دوام العشرة بينهما، بينما تقوم الثانية على الخلاف المستحكم بينهما. لما كان ذلك فإن القضاء برفض الدعوى الأولى لا يمنع من نظر الدعوى الثانية، وكان يشترط للحكم بعدم جواز الدعوى لسابقه الفصل فيها أن يتحد الموضوع والخصوم والسبب في الدعويين، بحيث إذا تخلف أحد هذه الشروط امتنع تطبيق قاعدة قوة الأمر المقضي، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها طلبت التطليق في الدعوى رقم 1019 لسنة 85 كلي أحوال شخصية الجيزة للضرر الذي تحكمه المادة السادسة. ثم طلبت بعد ذلك التطليق في الدعوى رقم 792 لسنة 1986 كلي أحوال شخصية الجيزة من خلال اعتراضها على إعلان الطاعن لها للعودة إلى منزل الزوجية الذي تحكمه المادة 11 مكرراً ثانياً بما يكون معه السبب في كل من الدعوتين مغايراً للسبب في الدعوى الأخرى، ولا يكون للحكم الصادر برفض الدعوى الأولى حجة مانعة من نظر الثانية، والنعي في وجهه الثاني غير سديد ذلك أن اختلاف السبب في دعوى التطليق للضرر عنه في دعوى التطليق من خلال اعتراض الزوجة على دعوة زوجها لها للعودة إلى منزل الزوجة يجعل لكل من الدعوتين كياناً مستقلاً عن الدعوى الأخرى وتنفرد كل منهما بإجراءاتها، ولا يحول اللجوء إلى إجراءات التحكيم في الدعوى الأولى دون اللجوء إليها في الدعوى الثانية متى توافرت شروطه. وإذ التزم الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر، فإن النعي عليه بهذا السبب بوجهيه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق. وفي بيان ذلك يقول إنه لما كان مناط التطليق من خلال دعوى الاعتراض على إنذار دعوة الزوج زوجته العودة لمنزل الزوجية طبقاً للمادة 11 مكرراً ثانياً من القانون رقم 25 لسنة 29 هو استحكام الخلاف بين الزوجين، وكان المحكمون الذين ندبتهم المحكمة انتهوا إلى إمكان الصلح بين الطرفين، ولم تتمسك المطعون ضدها بتطليقها عليه إلا بعد انقضاء سنة من إقامتها دعواها، هذا إلى أن حكم محكمة أول درجة أورد بأسبابه أنه أمين على نفس ومال المطعون ضدها، وأنه لم يخل بواجباته ومتمسك باستمرار الحياة الزوجية بما ينتفي معه هذا المناط، وكان هذا الحكم - المؤيد بالحكم المطعون فيه - انتهى رغم ذلك إلى تطليق المطعون ضدها عليه دون أن يفصل في دعوى الاعتراض، فإنه يكون معيباً بالفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة على أنه إذا كان ما أورده الحكم المطعون فيه سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق ويكفي لحمل قضائه فإن المجادلة في ذلك لا تعدو أن تكون مجادلة موضوعية فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره وتنحسر عنه رقابة محكمة النقض، لما كان ذلك وكان البين من حكم محكمة أول درجة المؤيد بالحكم المطعون فيه - أنه استخلص استحكام الخلاف بين الطاعن والمطعون ضدها من إصرار الأخيرة على الطلاق وعجز المحكمة عن التوفيق بينهما، وهو استخلاص موضوعي سائغ له أصله الثابت في الأوراق ويكفي لحمل قضائه بتطليق المطعون ضدها على الطاعن، وكان النعي بهذا السبب إذ يدور في هذا الشأن حول تعيب هذا الاستخلاص فإنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة. وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يقبل النعي على الحكم المطعون فيه بطلبات أو دفاع لا مصلحة الطاعنة في إبدائها. لما كان ذلك، وكان الطاعن ليس مدعياً في دعوى الاعتراض، ومن ثم لا تكون له مصلحة شخصية فوتها عليه هذا الحكم بعدم الفصل في اعتراض المطعون ضدها، ويكون النعي بهذا السبب برمته على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه طلب احتياطياً الحكم له بتعويض طبقاً للمادة الحادية عشر من القانون رقم 25 لسنة 29 لتوافر مسوغات الحكم به. وقدم مستندات عدة دالة على استحقاقه له، وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض هذا الطلب على سند من قوله أن المحكمة لا ترى له مقتضى، وهو ما لا يكفي لحمل قضائه، فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن النعي في الفقرة الثانية من المادة 11 من القانون رقم 25 لسنة 1929 على أنه "..... وإن عجزت المحكمة عن التوفيق بين الزوجين وتبين لها استحالة العشرة بينهما وأصرت الزوجة على الطلاق، قضت المحكمة بالتطليق بينهما بطلقة بائنة مع إسقاط حقوق الزوجة المالية كلها أو بعضها وإلزامها بالتعويض المناسب إن كان لذلك كله مقتضى" - مفاده - أن تقدير مقتضى التعويض متروك لتقدير محكمة الموضوع، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه رفض الطلب الاحتياطي بالتعويض على سند من أن المحكمة لا ترى له مقتضى وهو ما مؤداه التفات المحكمة عن المستندات والدلائل التي أثارها الطاعن بسبب النعي لجدل في سلطة محكمة الموضوع في تقدير مقتضى التعويض، مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
ولما تقدم، يتعين رفض الطعن.
ثانياً: عن الطعن رقم 207 لسنة 59 ق:
حيث إنه لما كان يتعين طبقاً للمادة 255 من قانون المرافعات أن يودع الطاعن سند توكيل المحامي الذي قرر بالطعن بالنقض. وكان الثابت بالأوراق أن - المحامي الذي وقع على تقرير الطعن وإن قدم التوكيل الصادر له من الوكيل عن الطاعنة إلا أنه لم يقدم التوكيل الصادر للأخير من الطاعنة لتتحقق المحكمة من وجوده وتستطيع معرفة حدود هذه الوكالة وما إذا كانت تشمل الإذن له في توكيل غيره من المحامين في الطعن بالنقض ولا يغني عن ذلك مجرد ذكر رقم توكيل الطاعنة في توكيل وكيلها الذي بموجبه أوكل المحامي الذي قرر بالطعن، ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق