برياسة السيد المستشار/ حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة, وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينة، ومحمد وهبة، وأحمد طاهر خليل، ومحمد علي بليغ.
" الوقائع "
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدها بأنها عرضت للبيع شيئا من أغذية الإنسان (لبنا) مغشوشا مع علمها بذلك. وطلبت معاقبتها بالمواد 2 و5 و6 و15 من القانون رقم 10 لسنة 1966. ومحكمة جنح شبين الكوم الجزئية قضت حضوريا بإيداع المتهمة إحدى المؤسسات الاجتماعية. فاستأنفت، ومحكمة شبين الكوم الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وإعادة الأوراق إلى النيابة العامة لإجراء شئونها فيها. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ
" المحكمة "
حيث إن مبنى الطعن المقدم من النيابة العامة هو الخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن محكمة الجنح المستأنفة وقد قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبإعادة الأوراق إلى النيابة العامة لإجراء شئونها فيها بناء على ما ارتأته من وقوع بطلان في الحكم وفي إجراءات المحاكمة أثر في الحكم تأسيساً على أن المتهمة حدث وأن الحكم قد صدر من محكمة لم تكن مشكلة وفقاً لقانون الأحداث - فقد كان يجب عليها أن تصحح هذا البطلان، وتحكم في الدعوى عملاً بالمادة 419/1 من قانون الإجراءات الجنائية وهي إذ لم تفعل ذلك يكون حكمها مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه والإحالة.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن الدعوى الجنائية رفعت على المتهمة لعرضها للبيع لبناً مغشوشاً مع علمها بذلك. ومحكمة جنح قسم شبين الكوم قضت حضورياً بجلسة 6/4/1975 بإيداع المتهمة إحدى المؤسسات الاجتماعية، فاستأنفت المتهمة، ومحكمة شبين الكوم الابتدائية قضت - بهيئة استئنافية - بجلسة 18/10/1975 حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبإعادة الأوراق إلى النيابة العامة لإجراء شئونها فيها - استناداً إلى أن الحكم المستأنف قد صدر من محكمة لم تكن مشكلة وفقاً للقانون ولا ولاية لها بالفصل في الدعوى لأن المتهمة حدث وكان يتعين أن تجرى محاكمتها أمام محكمة مشكلة من قاضي يعاونه خبيران من الأخصائيين أحدهما على الأقل من النساء وفق ما تنص عليه المادة 28 من قانون الأحداث رقم 31 سنة 1974 المعمول به اعتباراً من 16/5/1974، لما كان ذلك، وكان هذا الذي أورده الحكم وأسس عليه قضاءه هو في واقعه قضاء بعدم اختصاص محكمة الجنح العادية بنظر الدعوى لخروجها عن ولايتها لأن المتهمة حدث كان يتعين أن تجرى محاكمتها أمام محكمة الأحداث المختصة وفقاً لنص المادة 29 من القانون 31 سنة 1974 في شأن الأحداث الذي جرت المحاكمة في ظله، ذلك أن الشارع إذ نص في المادة المذكورة على أنه "تختص محكمة الأحداث دون غيرها بالنظر في أمر الحدث عند اتهامه في الجرائم وعند تعرضه للانحراف" فقد دل بذلك على أن الاختصاص بمحاكمة الحدث ينعقد لمحكمة الأحداث وحدها دون غيرها ولا يشاركها فيه أي محكمة أخرى سواها - لما كان ذلك - وكانت قواعد الاختصاص في المواد الجنائية من حيث أشخاص المتهمين متعلقة بالنظام العام، وكان البين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن المتهمة المطعون ضدها حدث لم تتجاوز الرابعة عشرة من عمرها وعلى الرغم من ذلك ومن جريان المحاكمة في ظل قانون الأحداث الجديد الذي سبق صدوره واقعة الدعوى وانطبقت عليها أحكامه لم تقدمها النيابة العامة لمحكمة الأحداث المختصة وحدها بمحاكمتها بل قدمتها إلى محكمة الجنح العادية" محكمة جنح قسم شبين الكوم" المشكلة من قاض فرد قضى في الدعوى دون أن تكون له ولاية الفصل فيها فإن محكمة ثاني درجة إذ قضت بإلغاء الحكم المستأنف لانعدام ولاية القاضي الذي أصدره وبإعادة الأوراق إلى النيابة لإجراء شئونها فيها فإنها تكون قد التزمت صحيح القانون" ولا محل لما ذهبت إليه النيابة الطاعنة من أنه كان من المتعين على المحكمة الاستئنافية أن تصحح البطلان الذي شاب حكم محكمة أول درجة وتتصدى للفصل في الدعوى عملاً بالمادة 419/1 من قانون الإجراءات الجنائية - لأن ذلك محله أن تكون لمحكمة أول درجة ولاية الفصل في الدعوى ابتداء، وإذ كانت ولايتها منحسرة عن الحكم في الدعوى فإن قضاءها فيها - ولو بعقوبات مقررة للأحداث - يكون في هذه الحالة معدوم الأثر قانوناً ولا تملك المحكمة الاستئنافية عند رفع الأمر إليها أن تتصدى لموضوع الدعوى وتفصل فيه، بل يتعين عليها أن يقتصر حكمها على القضاء بإلغاء الحكم المستأنف على نحو ما فعل الحكم المطعون فيه لأن القول بغير ذلك معناه إجازة محاكمة المتهمة أمام المحكمة الاستئنافية مباشرة عن واقعة لا تملك محكمة الدرجة الأولى محاكمتها عنها لخروجها عن دائرة ولايتها، فضلاً عن أن ذلك يكون منها قضاء فيما لم تتصل به المحكمة طبقاً للقانون، علاوة على ما فيه من حرمان للمتهمة من درجة من درجات التقاضي. وهذا لتعلقه بالنظام القضائي ودرجاته يعد مخالفاً للأحكام المتعلقة بالنظام العام. لما كان ذلك، وكان الاختصاص بمحاكمة المتهمة - المطعون ضدها - ينعقد لمحكمة الأحداث وحدها على ما سلف بيانه، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى في قضائه إلى إلغاء الحكم المستأنف وبإعادة الأوراق إلى النيابة العامة لإجراء شئونها فيها وفق ما توجبه المادة 414 من قانون الإجراءات الجنائية لا يكون قد خالف القانون في شيء مما ينحسر عنه دعوى الخطأ في تطبيقه. ولما كان هذا القضاء غير منه للخصومة في موضوع الدعوى ولا يبنى عليه منع السير فيها فإن الطعن فيه بطريق النقض يكون غير جائز، لما كان ما تقدم، فإنه يتعين الحكم بعدم جواز الطعن المقدم من النيابة العامة في الحكم المطعون فيه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق