باسم صاحب السمو الشيخ / سعود بن صقر بن محمد القاسمي
حاكم إمارة رأس الخيمة
-------------------------
محكمة تمييز رأس الخيمة
الدائرة المدنية
برئاسة السيد المستشار / محمد حمودة الشريف رئيس الدائرة
وعضوية السيدين المستشارين/ صلاح عبد العاطي أبو رابح ومحمد عبدالعظيم عقبة
وأمين السر السيد/ حسام على
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء بإمارة رأس الخيمة
في يوم الاثنين 23 شعبان 1437 ه الموافق 30 من شهر مايو من العام 2016
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 168 لسنة 10 ق 2015 مدني
الطاعن / .... وكيله المحامي / ....
المطعون ضدهم / 1- .... أصالة وبصفته وكيلاً عن ورثة المرحوم .... وهم أبنائه : ....
2- ورثة المرحوم .... وهم :1/والدته / ....،2/زوجته/.... عن نفسها وبصفتها وصية على القاصر / .... أولاده وبناته ......وكيلهم / الأستاذ .... 3- ..... (زوجة الطاعن)
4- مدير دائرة الأراضي والأملاك برأس الخيمة
5- النيابة العامة بوكالة المحامي / ......
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر/ محمد حمودة الشريف والمرافعة وبعد المداولة.
حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث أن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أنه بموجب دعوى أصلية أقامها المدعي .... عن نفسه وبصفته وكيلاً في مواجهة المدعى عليهم الثلاثة .... و .... ومدير دائرة الأراضي والأملاك برأس الخيمة بصفته القانونية قيدت برقم (52/2012) كلى رأس الخيمة الحكم بعدم نفاذ تصرف المدعى عليه الأول في حق ورثة المتوفى/ .... في بيع قطعة الأرض الكائنة بدفان النخيل والمبينة بوثيقة انتقال الملكية رقم .... قسيمة رقم ... لنفسه واعتبار التسجيل كأن لم يكن وإلزام المدعى عليهما الأول والثاني بالرسوم والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة : على سند من القول بأنه في شهر أكتوبر 1993 أشترى والده ..... قطعة أرض كائنة بمنطقة ..... برأس الخيمة مساحتها (14047 قدم مربع) موضوع القسيمة رقم .... الثابت ملكيتها بالوثيقة رقم ....بثمن قدره خمسمائة ألف درهم من البائع/ .... (المدعى عليه الثاني) لكون هذا الأخير وكيلاً عن المالك الأصلي للأرض المدعو .... مع الاتفاق على أن يعمل البائع المذكور وكالة باسم المدعى عليه الأول .... حتى يتم تسجيل المبيع باسم المشتري مالكه الجديد ووقع إبرام هذه الوكالة واعتقد الجميع بسلامة كل الإجراءات للثقة المطلقة في جهة الوكيل غير أنه بعد وفاة والده خلال سنة 2007 و حصر تركته في سنة 2009 وصدور رسالة دائرة الأراضي برأس الخيمة اتضح أن تلك الأرض المبيعة لم تكن ملكاً مسجلاً باسم والده المشتري الحقيقي لها وبالتحري عن سبب ذلك انكشف قيام المدعى عليه الأول بتسجيل الأرض لنفسه والتوقيع بدائرة الأراضي كبائع ومشتري رغم أن الوكالة الممنوحة له لا تخوله التسجيل باسمه الشخصي فتم فتح بلاغ ضده من أجل خيانة الأمانة فأكد أنه أشترى الأرض فعلاً لعمه .... لكن هذا الأخير أهداها له فبادر بتمليكها لنفسه بموجب الوكالة المحررة بتاريخ 20/7/1999 بعد حصول المبايعة في 25/10/1993 ودفع عمه المذكور للثمن بواسطة شيكين وشهد البائع عند سماعه بأن المتبايع معه كان يشترى الأرض لعمه وأن هذا الأخير هو من دفع ثمن الشراء وكانت الدعوى العمومية رقم (3412/2011) جنح رأس الخيمة التي انتهت ببراءة المتهم بتاريخ 9/8/2011 وإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة وتأيد هذا الحكم أيضاً في الاستئنافين رقمي (687 -691/2011) بتاريخ 2/1/2012 ولأنه لا يجوز لمن كانت له النيابة عن غيره بنص في القانون أو الاتفاق أو أمر من السلطة المختصة أن يشتري لنفسه ما أنيط به بمقتضى هذه النيابة المادة 602 معاملات مدنية وطالما أن والده فوض المدعى عليه الأول في اشتراء الأرض له وأعطاه ثمنها بشيكين وتبعاً لإقرار المدعى عليه بذلك وبالوكالة المسندة له التي تبيح البيع للغير فقط ومع ذلك قام المدعى عليه بالبيع لنفسه وسجل الأرض المبيعة واستصدر لها وثيقة انتقال ملكية باسمه بطريقة غير معروفة متجاوزاً حدود وكالته خاصة إزاء عدم ثبوت الهبة المدعي بها منه فإن هذا البيع غير نافذ في حق والده وورثته من بعده وهو لذلك يتمسك بطلب الحكم لصالح دعواه.
وأقام المدعى عليه .... بدوره الدعوى رقم 179/2012 بمواجهة المدعى عليهم: ..... وذلك بطلب عدم نفاذ تصرف مستنداً للوقائع الواردة بصحيفة الدعوى الأصلية وطلب بعدم نفاذ تصرف المدعى عليه الأول في حق المدعي والمدعى عليهم ثانياً بصفتهم في بيع قطعة الأرض موضوع الدعوى الأصلية واعتبار التسجيل كأن لم يكن والحكم بتسليم الأرض للمدعى عليهم ثالثاً بصفتهم ورثة المشتري/ ..... مع الرسوم والمصاريف.
ومحكمة أول درجة حكمت بتاريخ 27/5/2013 في موضوع الدعويين بعدم نفاذ تصرف المدعى عليه الأول .... في حق الطرف المدعي بصفتهم ورثة المتوفى .... في نقل ملكية قسيمة الأرض رقم .... المشتراة بعقد البيع المبرم بتاريخ 25/10/1993 وتسجيلها باسمه الشخصي بوصف مشترياً لنفسه ضمن وثيقة انتقال الملكية رقم .... 20/7/1990 واعتبار هذا الانتقال لحق الملكية وتسجيله كأن لم يكن وإلزام المدعى عليه الأول بالرسوم والمصاريف ومقابل أتعاب محاماة ورفض الدعوى في حق المدعى عليه الثاني وعدم قبولها في مواجهة المدعى عليه الثالث .
استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 433/2013.
وبتاريخ 14/9/2015 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت المستأنف بالمصروفات.
طعن الطاعن فى هذا الحكم بالطعن رقم 37/2014 وبتاريخ 13/10/2014 حكمت محكمة التمييز بنقض الحكم المطعون فيه بخصوص ما جاء بالرد على أسباب الطعن من عدم إبداء محكمة الاستئناف رأيها في طلب الطاعن سماع شهوده والمستندات الموقعة منهم بمن فيهم المطعون ضدها ( ...) زوجة الطاعن وإحالة الدعوى لمحكمة الاستئناف.
وبتاريخ 14/9/2015 قضت محكمة الإحالة برفض الاستئناف موضوعاً وألزمت المستأنف بالرسوم والمصاريف.
طعن الطاعن في هذا الحكم للمرة الثانية بصحيفة طعن أودعت قلم الكتاب بتاريخ 8/11/2015 وعرض الطعن على المحكمة بغرفة المشورة فحددت جلسة لنظره وفيها أصدرت هذا الحكم.
حيث أن حاصل ما ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع لعدم التزام محكمة الحكم المطعون به بوصفها محكمة إحالة بحكم النقض السابق حيث قررت عدم استجواب المطعون ضدها الثالثة بمقولة أنها خصم في الدعوى لا يجوز سماع شهادتها خلافاً لمقتضيات المادة 78 من قانون الإجراءات المدنية وقضى بتأييد الحكم المستأنف دون الإشارة إلى أي من الشهود الذين قرر بمدوناته أنهم شهدوا جميعاً بأن الطاعن قد اشترى الأرض لصالح والد زوجته مورث المطعون ضدهم الأول والمطعون ضدها الثالثة بل أن الثابت من واقع شهادة شهود الطاعن السبعة أن الطاعن قد اشترى الأرض محل التداعي لنفسه وليس بصفته نائباً عن غيره وأن ثمن هذه الأرض هي هبة من مورث المطعون ضدهم الأول وأن مورث المطعون ضدهم الأول كان حال حياته يتعامل ويتحاكى عن هذه الأرض على أنها ملك للطاعن الذي وهب للطاعن وزوجته ثمنها دون أن تكون له أدنى علاقة بالأرض ذاتها وأفاد بأنه لا يمكن التعويل على شهادة مورث المطعون ضدهم ثانياً لأنه لا يستقى منها أن الطاعن قد اشترى الأرض لصالح والد زوجته كما انتهى الحكم المطعون عليه . كما نعى الطاعن على الحكم المطعون فيه عدم التعرض لما أثاره الطاعن بشأن هبة مورث المطعون ضدهم الأول له ولزوجته المبلغ الذي اشترى به الأرض والذي استدل الطاعن عليها بالعديد من أوجه الإثبات ومنها شهادة شهوده جميعاً سواء الذين تم سماعهم أمام محكمة أول درجة أو الذين استمعت إليهم محكمة الاستئناف بناء على حكم النقض السابق وعلى ذلك فإن الطاعن حينما قرر أنه تحصل على مال الهبة من مورث المطعون ضدهم الأول فإن هذا الإقرار يكون وحده واحدة لا يقبل التجزئة وبه ينتقل على المطعون ضدهم عبء إثبات عدم وجود تلك الهبة وليس العكس . وأضاف الطاعن بأن تعويل الحكم المطعون به على أن وكالة المطعون ضده الثاني للطاعن تسمح له البيع للغير فقط فإن هذه الوكالات مسألة إدارية بحتة متبعة ان لدى دائرة الأراضي وأن بتسجيل الأرض باسم الطاعن رغم هذه الوكالة قرينة على أن صيغة هذه الوكالات دارجة وتبيح البيع للنفس وللغير إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعن بهذا الدفاع ولم يقسطه حقه ولم يورد رداً سائغاً عليه حتى تتمكن محكمة النقض من مراقبة سلامة استدلالاته .
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المدنية فيها واستخلاص ما تراه متفقاً مع واقع الدعوى دون أن تكون ملزمة بتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم ما دام في الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج ولا رقابة عليها من محكمة التمييز متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها . وكان مؤدى نص المادة 78 من قانون الإجراءات المدنية أن سماع الخصوم جوازي للمحكمة لها وحدها تقدير دواعيه ومبرراته فتلتجئ إليه كلما ارتأت ضرورة له ولا تقوم به إذا لم يحوجها النظر في الدعوى إليه . لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيهه والمؤيد لأسبابه بالحكم المستأنف قد تولى سماع بينة الطاعن شهوده المشار إليهم بالحكم الناقض ورفض في نطاق ما تجيزه له أحكام المادة 78 من قانون المرافعات المدنية سماع المطعون ضدها الثالثة ( عائشة) باعتبارها خصماً في الدعوى وكان ما شهد به شهود الطاعن عدا الشاهد .... ، لم يكن بمفيد في خصوص الهبة التي يدعيها الطاعن وشهد لفائدته الشاهد المذكور ... بأن الطاعن استلم من مورث المطعون ضدهم (450,000) درهم تقريباً كما أعلن بذلك المرحوم عدة مرات وذلك لغايات الاستثمار في قطعة الأرض محل التداعي وأن مورث المطعون ضدهم كان ذكر أمامه في الراشدية في عام 2005 أن المبلغ المالي الذي قدره (450,000) درهم تقريباً أعطاه لابنته (....) هبة وكان يحثهم على الاستثمار في قطعة الأرض وكان شهود الطاعن أمام محكمة البداية . لم يشهدوا له بمفيد فأرتأى الحكم المطعون فيه بعد ما توافر لديه من عناصر بينة هي: أولاً : حصول دفع ثمن شراء الأرض محل التداعي إلى المدعو عبد الله علي السعدي البائع بمال مورث المطعون ضدهم بواسطة شيكين من حسابه محررين باسم البائع مباشرة كمستفيد . ثانياً : شهادة البائع المذكور بأن الطاعن كان اشترى الأرض محل التداعي بوصفه مفوضا بالشراء لصالح عمه مورث المطعون ضدهم باعتبار أن هذا الأخير هو المشتري الأصلي . ثالثاً : ثبوت أن الوكالة المسندة له من البائع المذكور لا تخوله البيع لنفسه وإنما للغير فقط إلى ترجيح عناصر بينة المطعون ضدهم على بينة الطاعن واعتبار أن حقيقة الواقع في الدعوى أن شراء الأرض محل التداعي الذي حصل بمال مورث المطعون ضدهم الخالص حسبما دلت عليه كعوب الشيكين موضوع الثمن إنما كان لفائدة هذا الأخير دون الطاعن الذي كانت يده عارية فيه ولا يعدو أن يكون نائباً في هذا البيع عن المشتري الحقيقي مورث المطعون ضدهم الأول وذلك استناداً إلى شهادة البائع الذي لا مصلحة له في الشهادة لأي من طرفي الدعوى والقرينة المستمدة عن مضمون الوكالة المسندة من البائع إلى الطاعن الذي أتم على أساسها إجراءات تسجيل بيع العقار محل التداعي باسمه بدائرة الأراضي بوصفه بائعاً ومشترياً برغم أن هذه الوكالة لا تخوله البيع لنفسه وإنما للغير فقط . وكان هذا الترجيح مما يدخل في مطلق اجتهاد قاضي الموضوع ، ويكفي سنداً له عناصر البينة المذكورة أعلاه بغض النظر عن مضمون شهادة أخوي الطاعن للأب التي يقدح فيها الطاعن - وأياً كان وجه الرأي فيها - فيكون ما قام عليه الحكم المطعون به من أسباب ولو أعوزته الدقة والتفصيل في خصوص تفاصيل شهادة شهود المطعون ضدهم والأوراق وما جاء به من تعميم في هذا الخصوص لا ينفي قيام عناصر بينة المطعون ضدهم الثابتة المفصلة أعلاه على وقوع البيع موضوع النزاع لفائدة مورث المطعون ضدهم الأول وان دور الطاعن فيه لا يعدو أن يكون نائباً عن المورث المذكور بما يكفي لترجيحها على بينة الطاعن فإن ما قام عليه الحكم المطعون فيه من أسباب لترجيح عناصر بينة إثبات المطعون ضدهم شاهداً وسندات وقرينة سائغاً له أصله الثابت بالأوراق بما يكفي لحمله ولا يعدو النعي أن يكون مجرد جدل موضوعي في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وترجيح الدليل فيها مما تنحسر عنه رقابة هذه المحكمة ومن ثم فإنه يكون غير قائم على أساس مستوجب الرفض .