الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 4 أغسطس 2020

الطعن 8406 لسنة 60 ق جلسة 1 / 10 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 132 ص 948

جلسة 1 من أكتوبر سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ حسن غلاب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح عطية نائب رئيس المحكمة ورضوان عبد العليم وبدر الدين السيد وحسين أبو المعالي.

------------

(132)
الطعن رقم 8406 لسنة 60 القضائية

(1) حكم "وضعه وإصداره" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم.
 (2)إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى: موضوعي.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشهود؟
 (4)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ما دام استخلص الحقيقة من تلك الأقوال. بما لا تناقض فيه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(5) استيلاء على مال للدولة بغير حق. جريمة "أركانها". موظفون عموميون. حكم "تسبيبه، تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق المنصوص عليها في المادة 113 عقوبات. متى تتحقق؟
مثال لتسبيب سائغ في جريمة الاستيلاء على مال للدولة بغير حق.
 (6)استيلاء على مال للدولة بغير حق. دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". تفتيش "التفتيش بإذن". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إبداء الدفع ببطلان التفتيش لأول مرة أمام النقض غير جائز. إلا إذا كانت مدونات الحكم تحمل مقوماته. أساس ذلك؟
(7) عقوبة "الغرامة النسبية". استيلاء على مال للدولة بغير حق. شروع.
عدم جواز الحكم بالغرامة النسبية في حالة الشروع في جرائم الاختلاس والاستيلاء. المادتان 46، 118 عقوبات.

----------------
1 - عدم رسم القانون شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليماً متفقاً مع حكم العقل والمنطق وهو الحال في الدعوى المطروحة في شأن استقرار إتيان الطاعن الأول الأفعال المكونة لجريمة الاستيلاء بغير حق على المال العام والشروع فيه اللتين دين بهما.
3 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
4 - لما كان تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه فإن كل ما يثيره الطاعن ينحل إلى جدل موضوعي في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
5 - من المقرر أن جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق المنصوص عليها في المادة 113 من قانون العقوبات تتحقق متى استولى الموظف العام أو من في حكمه على مال للدولة أو لإحدى الهيئات أو المؤسسات العامة أو الشركات أو المنشآت إذا كانت الدولة أو إحدى الهيئات العامة تساهم في مالها بنصيب ما بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة بنية تملكه وتضييع المال على ربه ولا يشترط لقيام هذه الجريمة ما يشترط في جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من ذلك القانون من أن يكون المال مسلماً للموظف بسبب الوظيفة وإذ كان مؤدى ما أثبته الحكم المطعون فيه فيما تقدم أن الطاعن وهو عامل بمؤسسة حكومية (مؤسسة الطباعة والنشر استولى وشرع في الاستيلاء على المبلغ المملوك لشركة النيل للمجمعات الاستهلاكية المملوكة للدولة وكان الطاعن لا يجحد صفته التي أثبتها الحكم من كونه موظفاً عاماً كما لا ينازع في طعنه بشأن ملكية الدولة للمال فإن ما وقع منه تتوافر به - بهذه المثابة الأركان القانونية لجناية الاستيلاء المنصوص عليها في المادة 113 سالفة الذكر وكان الحكم قد التزم هذا النظر القانوني في رده على دفاع الطاعن في شأن تكييف الواقعة فإن النعي على الحكم لهذا السبب لا يكون سديداً.
6 - لما كان يبين من محضر جلسة المحاكم أن الطاعن الثاني لم يدفع ببطلان تفتيشه وكان هذا الدفع من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما دامت مدونات الحكم لا تحمل مقوماته لأنه يقتضي تحقيقاً موضوعياً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة فإن النعي على الحكم بهذا السبب لا يكون سديداً.
7 - من المقرر أن شرعية العقاب تقضي بأن لا عقوبة بغير نص ولم تنص المادة 46 من قانون العقوبات التي طبقتها المحكمة على عقوبة الغرامة النسبية التي يحكم بها في حالة الجريمة التامة في جرائم الاختلاس والاستيلاء والحكمة من ذلك ظاهرة وهي أن تلك الغرامة يمكن تحديدها في الجريمة التامة على أساس ما اختلسه الجاني أو استولى عليه من مال أو منفعة أو ربح وفقاً لنص المادة 118 من قانون العقوبات أما في حالة الشروع فإن تحديد تلك الغرامة غير ممكن لذاتية الجريمة لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بالغرامة النسبية عن جريمة الشروع في الاستيلاء بغير حق على مال عام يكون قد خالف القانون مما يتعين معه تصحيحه بإلغاء الغرامة النسبية المقضي بها عن جريمة الشروع في الاستيلاء وقدرها خمسمائة وسبعون جنيهاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: المتهم الأول: بصفته موظفاً عمومياً "عامل بمؤسسة دار التعاون للطبع والنشر استولى بغير حق على المبلغ النقدي البالغ قدره أربعمائة وعشرين جنيهاً المملوكة لشركة النيل للمجمعات الاستهلاكية. ثانياً: شرع في الاستيلاء على المبلغ النقدي البالغ قدره أربعمائة وعشرين جنيهاً المملوكة لشركة النيل للمجمعات الاستهلاكية. ثانياً: شرع في الاستيلاء على المبلغ النقدي البالغ قدره خمسمائة وسبعين جنيهاً وقد أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو ضبطه والجريمة في حالة تلبس. المتهم الثاني: اشترك وآخر مجهول بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب جنايتي الاستيلاء بغير حق المال العام والشروع فيه المنسوبتين إليه بأن اتفقا معه على ارتكابها وساعداه في ذلك بمرافقته إبان وقوع الجريمة وقيام الثاني بقيادة السيارة التي استعان بها ثلاثتهم في ارتكاب الجريمة. وأحالتهما إلي محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمحاكمتهما طبقاً لقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً 40/ 1 - 3، 41، 113، 118، 118 مكرراً، 119، 119 مكرراً أ - هـ من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة كل متهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمها مبلغ 990 تسعمائة وتسعين جنيهاً وبعزل المتهم الأول من وظيفته.
فطعن كل من المحكوم عليهما والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

أولاً: - عن الطعن المقدم من المحكوم عليهما:
حيث إن مبنى الطعنين هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الأول بجريمتي الاستيلاء على مال عام بغير حق والشروع فيه ودان الثاني بالاشتراك مع الأول في هاتين الجريمتين قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على خطأ في تطبيق القانون - ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى المسندة إلى الأول بياناً كافياً وفق ما تتطلبه المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية وأطرح دفاعه بأن الواقعة لو صحت فإنها لا تعدو أن تكون جنحة شروع في سرقة لأن مناط إعمال المادة 113 من قانون العقوبات أن تكون وظيفة الجاني سهلت له الاستيلاء على المال واعتمد الحكم في إدانته على واقعة ضبط النقود بالسيارة وهي لا تصلح للتدليل على ارتكابه فعل الاستيلاء كما عول في إدانة الطاعنين معاً على أقوال الشهود رغم تعدد رواياتهم وتناقضها بما يبعث على الشك فيها وأخيراً فإن تفتيش الطاعن الثاني وقع باطلاً لحصوله بغير إذن النيابة العامة ولا يصحح هذا البطلان القول بقيام حالة التلبس ذلك أنه وقد أُلغيت المادة 47 من قانون الإجراءات الجنائية فإن توافر هذه الحالة لا يغني عن الحصول على الإذن بالتفتيش من سلطة التحقيق المختصة مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "أنه بتاريخ 28/ 11/ 1989 وأثناء قيام....... العاملة بشركة النيل للمجمعات الاستهلاكية بعملها في بيع الخضروات والفاكهة بمجمع أبو بكر الصديق وما أن بلغت حصيلة البيع ما قيمته مبلغ وقدره 990 جنيه بدرج حصيلة البيع إلا وكانت هدفاً للاستيلاء عليها من قبل المتهم الأول...... العامل بمؤسسة الطباعة والنشر بمشاركة المتهم الثاني..... وآخر مجهول وذلك بأن قدم المتهم الثاني والآخر المجهول للعاملة وقاما بشراء كيساً من...... وآخر من...... وانصرفا ينتظران المتهم الأول بسيارة والذي قدم من بعدهما للعاملة المذكورة وطلب منها أن تنتقي له ثلاث أكياس من اليوسفي مما دعاها للانتقال من أمام درج حصيلة البيع إلى مكان تواجد اليوسفي وقامت بانتقاء الثلاث أكياس التي طلبها وفي تلك الأثناء قام بمغافلتها وأخذ حصيلة البيع. من درجها وما أن اكتشفت العاملة ذلك وهي في سبيل تقاضيها من المتهم الأول لثمن اليوسفي مشتراه استغاثت بزملائها وانصرف المتهم الأول وما أن استقل السيارة التي كان ينتظره المتهم الثاني والآخر المجهول حتى شاهدهم..... وآخر...... رئيس المجمع حيث قام الأخير بمطاردتهم بسيارته إلى أن توقفوا بطريق مغلق وتمكن من الإمساك بالمتهم الأول والثاني حين لاذ الثالث بالفرار وعثر أثناء إبعاد سيارة المتهمين عن نهر الطريق على مبلغ وقدره 570 جنيه ملقاة داخل سيارة المتهمين بطريقة غير منتظمة. لما كان ذلك وكان ما أثبته الحكم على النحو المار بيانه كافياً لتفهم واقعة الدعوى وظروفها حسبما بينتها المحكمة وتتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي الاستيلاء بغير حق على المال العام والشروع فيه اللتين دان الطاعن بهما فإن ذلك يحقق حكم القانون إذ لم يرسم القانون شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها لما كان ذلك وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وأن تطرح ما يخالفها من صورة أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليماً متفقاً مع حكم العقل والمنطق وهو الحال في الدعوى المطروحة في شأن استقراء إتيان الطاعن الأول الأفعال المكونة لجريمة الاستيلاء بغير حق على المال العام والشروع فيه اللتين دين بهما وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مرجعة إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكان تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه فإن كل ما يثيره الطاعن ينحل إلى جدل موضوعي في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض لما كان ذلك وكانت جناية الاستيلاء على مال الدولة بغير حق المنصوص عليها في المادة 113 من قانون العقوبات تتحقق متى استولى الموظف العام أو من في حكمه على مال للدولة أو لإحدى الهيئات أو المؤسسات العامة أو الشركات أو المنشآت إذا كانت الدولة أو إحدى الهيئات العامة تساهم في مالها بنصيب ما بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة بنية تملكه وتضييع المال على ربه ولا يشترط لقيام هذه الجريمة ما يشترط في جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من ذلك القانون من أن يكون المال مسلماً للموظف بسبب الوظيفة وإذ كان مؤدى ما أثبته الحكم المطعون فيه فيما تقدم أن الطاعن وهو عامل بمؤسسة حكومية (مؤسسة الطباعة والنشر) استولى وشرع في الاستيلاء على المبلغ المملوك لشركة النيل للمجمعات الاستهلاكية المملوكة للدولة وكان الطاعن لا يجحد صفته التي أثبتها الحكم من كونه موظفاً عاماً كما لا ينازع في طعنه بشأن ملكية الدولة للمال فإن ما وقع منه تتوافر به - بهذه المثابة الأركان القانونية لجناية الاستيلاء المنصوص عليها في المادة 113 سالفة الذكر وكان الحكم قد التزم هذا النظر القانوني في رده على دفاع الطاعن في شأن تكييف الواقعة فإن النعي على الحكم لهذا السبب لا يكون سديداً لما كان ذلك وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن الثاني لم يدفع ببطلان تفتيشه وكان هذا الدفع من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما دامت مدونات الحكم لا تحمل مقوماته لأنه يقتضي تحقيقاً موضوعياً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة فإن النعي على الحكم بهذا السبب لا يكون سديداً لما كان ما تقدم فإن طعن كل من المحكوم عليهما - يكون على غير أساس متعيناً رفضه.
ثانياً: عن الطعن المقدم من النيابة العامة:
وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون. ذلك بأن المحكمة قضت بالغرامة النسبية المقررة بالمادة 118 من قانون العقوبات عن جريمة الشروع في الاستيلاء التي دانت الطاعنين بها مع مخالفة ذلك لنص المادة 46 من القانون سالف الذكر.
وحيث إن الحكم المطعون فيه خلص إلى إدانة الطاعنين الأول بوصفه موظفاً عمومياً: أولاً: بجريمة الاستيلاء بغير حق على مبلغ 420 جنيه لشركة النيل للمجمعات الاستهلاكية. ثانياً: شرع في الاستيلاء بغير حق على مبلغ 570 جنيه وأوقفت أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيها وهو ضبطه متلبساً كما خلص إلى إدانة الطاعن الثاني بالاشتراك مع الأول في ارتكاب جنايتي الاستيلاء بغير حق على المال العام والشروع فيه المسندتين إليه وقضي بتغريمهما مبلغ 990 جنيه فوق عقوبة الحبس والعزل بالنسبة للمتهم الأول لما كان ذلك وكان من المقرر أن شرعية العقاب تقضي بأن لا عقوبة بغير نص ولم تنص المادة 46 من قانون العقوبات التي طبقتها المحكمة على عقوبة الغرامة النسبية التي يحكم بها في حالة الجريمة التامة في جرائم الاختلاس والاستيلاء والمحكمة من ذلك ظاهر وهي أن تلك الغرامة يمكن تحديدها في الجريمة التامة على أساس ما اختلسه الجاني أو استولى عليه من مال أو منفعة أو ربح وفقاً لنص المادة 118 من قانون العقوبات أما في حالة الشروع فإن تحديد تلك الغرامة غير ممكن لذاتية الجريمة لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بالغرامة النسبية عن جريمة الشروع في الاستيلاء بغير حق على مال عام يكون قد خالف القانون مما يتعين معه تصحيحه بإلغاء الغرامة النسبية المقضي بها عن جريمة الشروع في الاستيلاء وقدرها خمسمائة وسبعون جنيهاً.

الطعن 6840 لسنة 60 ق جلسة 3 / 10 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 133 ص 958

جلسة 3 من أكتوبر سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ محمد الصوفي عبد الجواد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد زايد وأحمد عبد الرحمن وحسين الشافعي نواب رئيس المحكمة ومحمد طلعت الرفاعي.

------------

(133)
الطعن رقم 6840 لسنة 60 القضائية

(1) حكم "بياناته" "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". قتل عمد.
القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها.
(2) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قول متهم على آخر. حقيقته شهادة. للمحكمة التعويل عليها.
تقدير أقوال متهم على آخر إثر إجراء باطل. وتحديد صلتها بهذا الإجراء. موضوعي.
مثال:
 (3)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام" "اعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
خطأ المحكمة في تسمية أقوال المتهم اعترافاً. لا ينال من سلامة الحكم. طالما أنها لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للاعتراف.
 (4)دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثارة أساس جديد للدفع ببطلان الاعتراف لأول مرة أمام النقض. غير مقبول. علة ذلك؟
النعي على المحكمة عدم ردها على دفاع لم يثر أمامها. غير جائز.
 (5)مأمورو الضبط القضائي. استدلالات. قبض. نيابة عامة. تحقيق. إثبات "بوجه عام". دعوى جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". قتل عمد.
الاستدعاء الذي يقوم به مأمور الضبط القضائي إبان جمع الاستدلالات ليس قبضاً.
مباشرة النيابة التحقيق. عدم اقتضائها قعود مأموري الضبط عن القيام بواجباتهم. المادة 24 إجراءات. عليهم إرسال محاضرهم للنيابة لتكون عنصراً من عناصر الدعوى.
(6) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة تقديرها لأدلة الدعوى ومصادرتها في عقيدتها. عدم جواز إثارته أمام النقض.
(7) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفي. لا يدرك بالحس الظاهر. إنما بالظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره.
مثال لتسبيب سائغ لاستظهار نية القتل في حق الطاعن.
 (8)قتل عمد. قصد جنائي. جريمة "أركانها". سبق إصرار.
لا تلازم بين قيام القصد الجنائي وتوافر سبق الإصرار.
جواز نشوء نية القتل. إثر مشادة وقتية.
 (9)حكم "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "المصلحة في الطعن" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". ظروف مشددة. قتل عمد. اقتران.
خطأ الحكم في ذكر مادة الترصد ضمن المواد التي دان الطاعن بمقتضاها رغم عدم توافر هذا الظرف. لا يعيبه. علة ذلك؟
النعي بخطأ الحكم في ذكر مادة تعريفية ضمن مواد العقاب التي دان الطاعن بموجبها. عدم جدواه. ما دامت العقوبة التي أوقعها الحكم تدخل في الحدود المقررة لجريمة القتل العمد المقترن بجناية السرقة في الطريق العام ليلاً مع حمل السلاح التي أثبتها في حقه.
 (10)حكم "بيانات حكم الإدانة". محكمة النقض "سلطتها".
لمحكمة النقض تصحيح الخطأ الذي وقع في أسباب الحكم المطعون فيه باستبدال مادة العقاب التي أغفلها بمادة أخرى أوردها دون مقتضى. أساس ذلك؟

-------------
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون. ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم بالإجمال والتجهيل لا يكون له محل.
2 - من المقرر أن قول متهم على آخر هو في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة وأن تقدير الأقوال التي تصدر من متهم على آخر إثر إجراء باطل وتحديد صلة هذه الأقوال بهذا الإجراء وما ينتج عنه هو من شئون محكمة الموضوع تقدره حسبما يتكشف لها من ظروف الدعوى بحيث إذا قدرت أن هذه الأقوال صدرت منه صحيحة غير متأثر فيها بهذا الإجراء الباطل جاز لها الأخذ بها وكان الحكم المطعون فيه فيما أورده رد على ما أثاره المدافع عن الطاعن من بطلان اعتراف المتهم الثاني قد خلص إلى صحة ما أدلى به - المتهم الثاني من أقوال في حق نفسه وفي حق الطاعن وخلوها مما يشوبها واستقلال هذه الأقوال عن التحريات والاستدلالات التي يزعم الطاعن بطلانها وكان ما أورده الحكم من أقوال المتهم الثاني لا يماري الطاعن في أن له معينه الصحيح من الأوراق فإنه لا تثريب على الحكم إذا هو استمد من تلك الأقوال ما يدعم الأدلة الأخرى التي أقام عليها قضاءه بالإدانة.
3 - لا يقدح في سلامة الحكم خطأ المحكمة في تسمية أقوال المتهم الثاني اعترافاً طالما أن المحكمة لم ترتب عليه وحدة الأثر القانوني للاعتراف.
4 - البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان الاعتراف المنسوب إلى المتهم الثاني على الأساس الذي يتحدث عنه في وجه طعنه لكونه وليد وعد وإغراء فليس له أن ينعى على المحكمة عدم ردها على دفاع لم يثر أمامها كما لا يصح له أن يثير أساساً جديداً للدفع ببطلان الاعتراف لأول مرة أمام محكمة النقض لكونه من أوجه الدفاع الموضوعية التي تتطلب تحقيقاً يخرج عن وظيفة هذه المحكمة ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.
5 - من الواجبات المفروضة قانوناً على مأموري الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم أن يقبلوا التبليغات والشكاوى التي ترد إليهم بشأن الجرائم وأن يقوموا بأنفسهم أو بواسطة مرؤوسيهم بإجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التي يعلمون بها بأي كيفية كانت وأن يستحصلوا على جميع الإيضاحات والاستدلالات المؤدية لثبوت أو نفي الوقائع المبلغ بها إليهم أو التي يشاهدونها بأنفسهم، كما أن المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية تخول مأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك كما أن قيام النيابة العامة بإجراء التحقيق بنفسها لا يقتضي قعود مأموري الضبط القضائي عن القيام إلى جانبها في الوقت ذاته بواجباتهم التي فرض الشارع عليهم أداءها بمقتضى المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية وكل ما في الأمر أن ترسل هذه المحاضر إلى النيابة لتكون عنصراً من عناصر الدعوى تحقق النيابة ما ترى وجوب تحقيقه منها ولما كان استدعاء مأمور الضبط القضائي للطاعن بسبب اتهامه في جريمة قتل لا يعدو أن يكون توجيه الطلب إليه لسؤاله عن الاتهام الذي حام حوله في نطاق يتطلبه جمع الاستدلال والتحفظ عليه منعاً من هروبه حتى يتم عرضه على النيابة العامة في خلال الوقت المحدد قانوناً. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في الرد على الدفع المبدى من الطاعن ببطلان القبض عليه واطمأنت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية إلى أن استدعاء الطاعن لم يكن مقروناً بإكراه ينتقص من حريته فإن رفضها للدفع ببطلان القبض يكون سليماً بما تنتفي معه قالة الخطأ في تطبيق القانون.
6 - لما كانت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية قد اطمأنت إلى سلامة التحريات والإجراءات التي قام بها مأمور الضبط وصحتها فإن ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى ومصادرتها في عقيدتها مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض.
7 - لما كان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية - ولما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعن بقوله "وحيث إنه عن نية القتل فإنها قائمة في حق المتهم الأول من استعمال سلاح قاتل بطبيعته (طبنجة) وتصويبه إلى أماكن قاتلة من جسد المجني عليه وهي منطقة الرأس بما أحدثه فيها من إصابات على مرمى قريب يصل إلى بضعة سنتيمترات حسبما جاء بتقرير الصفة التشريحية من وجود أسوداد بارودي ومن تثنية الإطلاق على المجني عليه كل ذلك تتوافر به لدى المحكمة يقيناً أن المتهم كان يبغي من إطلاق الرصاص على المجني عليه قتلاً وقد تحقق مبتغاه" فإن هذا حسبه للتدليل على نية القتل كما هي معرفة به في القانون.
8 - يعيب الحكم من بعد أن تكون المحكمة قد استبعدت ظرف سبق الإصرار لما هو مقرر من أنه لا تلازم بين قيام القصد الجنائي وسبق الإصرار فلكل مقوماته فقد يتوافر القصد الجنائي وينتفي في الوقت ذاته سبق الإصرار لأنه لا مانع قانوناً من اعتبار نية القتل إنما نشأت لدى الجاني إثر مشادة وقتية وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع بانتفاء نية السرقة وأطرحه بقوله "وحيث إنه عن الدفع بانتفاء نية السرقة لعدم ضبط النقود بمسكن المتهم أو مسكن أحد أقاربه فإنه من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة السرقة ينحصر في قيام العلم لدى الجاني وقت ارتكاب الجريمة أنه يختلس المنقول المملوك للغير رغم إرادة مالكه بنية امتلاكه لنفسه ولما كان ذلك وكان المتهم بعد أن قتل المجني عليه استولى على الحقيبة وما بها من نقود وظل يحتفظ بها حتى مساء يوم 5/ 8/ 1989ثم أودعها لدى المتهم الثاني إلى أن تم ضبطها فإن هذا السلوك من جانب المتهم قاطع في الدلالة على أن اختلاسه للنقود كان بقصد تملكها، وكان ما أورده الحكم رداً على دفاع الطاعن بانتفاء نية السرقة وإثباتاً لتوافرها كافياً وسائغاً فإن ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
9 - لما كانت المادة 232 من قانون العقوبات ليست من مواد العقاب إنما هي مادة تعريفية لظرف الترصد وكان خطأ الحكم في إيرادها ضمن المواد التي دان الطاعن بمقتضاها رغم عدم توافر هذا الظرف لا أثر له في عقيدة المحكمة - ليس للطاعن مصلحة في التمسك بهذا الخطأ ما دامت العقوبة التي أوقعها الحكم تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد المقترن بجناية السرقة في الطريق العام ليلاً مع حمل السلاح التي أثبت الحكم توافرها في حق الطاعن ومن ثم فلا جدوى مما يثيره الطاعن نعياً على الحكم في هذا الخصوص.
10 - لمحكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع في أسباب الحكم المطعون فيه وذلك باستبدال المادة 239 من قانون العقوبات والتي أغفلها الحكم بالمادة 232 من ذات القانون التي أوردها الحكم دون مقتضى وذلك عملاً بالمادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: قتل...... عمداً مع سبق الإصرار بأن عقد العزم وبيت النية على قتله وأعد لهذا الغرض سلاحاً نارياً مششخناً "مسدسه الميري رقم 78862" واصطحبه إلى مكان الحادث وما أن تهيأت له فرصة الإجهاز عليه حتى أطلق عليه عيارين ناريين من السلاح سالف الذكر قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابتين الموصوفتين بتقرير الصفة التشريحية واللتين أوديتا بحياته وقد اقترنت بهذه الجناية جناية أخرى هي أنه في ذات الزمان والمكان سرق مبلغ النقود المبين قدراً بالتحقيقات المملوك للمجني عليه سالف الذكر وكان ذلك في الطريق العام ليلاً حال كونه حاملاً سلاحاً نارياً "مسدس". ثانيا: أحرز بغير ترخيص ودون مسوغ من الضرورة الشخصية أو الحرفية سلاحاً أبيض "سكين". ثالثاً: أخفى ومحكوم عليه آخر - جثة المجني عليه سالف الذكر بأن ألقيا بالجسد في مجرى مائي ووضعا الرأس في إحدى الحفر وهالا عليها التراب. وأحالته إلى محكمة جنايات طنطا لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى والد المجني عليه عن نفسه وبصفته ولياً طبيعياً على أبنائه مدنياً قبل المتهم بمبلغ مائتي ألف جنيه على سبيل التعويض.
والمحكمة المذكور قضت حضورياً عملاً بالمواد 232، 234/ 1 - 2 من قانون العقوبات، 1/ 1، 1/ 25 مكرراً من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 165 لسنة 1981 والجدول رقم (1) المرفق مع تطبيق المادتين 32، 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة عما أسند إليه وفي الدعوى المدنية بإحالتها إلى محكمة طنطا الابتدائية.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطرق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد المقترن بجناية السرقة في الطريق العام ليلاً مع حمل سلاح وإحراز سلاح أبيض بغير ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه جاء مجملاً في بيانه لواقعة الدعوى ومجهلاً للأدلة التي أقام عليها قضاءه، وعول في قضائه - من بين ما عول - على ما أسماه اعترافاً من المتهم الثاني رغم أن ما ذكره لا يعتبر اعترافاً بالمعنى الذي يعنيه القانون، وأطرح الدفع المبدى من الطاعن ببطلان هذا الاعتراف بقالة انتفاء الإكراه المادي دون أن يتفهم ما قصد إليه الطاعن من أن هذا الاعتراف يخالف الحقيقة والواقع وأنه كان وليد وعد وإغراء دلالة ذلك أن المتهم الثاني لم تنسب إليه الجنحة المنصوص عليها في المادة 145 من قانون العقوبات، ورد الحكم على الدفع ببطلان القبض على الطاعن بما لا يصلح، هذا فضلاً عن أن الحكم لم يبين كيف خلص إلى سلامة التحريات وسنده في ذلك ودون أن يعرض لما ساقه الطاعن من قرائن على عدم صحتها، ورد على دفاعه بانتفاء نية القتل واستدل على توافرها بما لا يسوغ خاصة بعد أن استبعدت المحكمة ظرف سبق الإصرار وأن الواقعة كما رواها الشهود ودلت عليها التحريات كانت وقتية، كما أن ما أورده الحكم تدليلاً على توافر نية السرقة ورداً على دفاع الطاعن بانتفائها غير كاف، وأخيراً فقد أورد الحكم المادة 232 من قانون العقوبات الخاصة بتعريف الترصد ضمن مواد القانون التي أنزل بموجبها العقاب على الطاعن رغم أنه وصف التهمة قد خلا من هذا الظرف مما ينبئ عن اختلال فكرة الدعوى في عقيدة المحكمة وعدم استقرارها لديها، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.

وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "إنه في يوم الجمعة 4/ 8/ 1989 توجه المجني عليه...... إلى بور سعيد رفقة المتهم نقيب شرطة....... يستقلان سيارة الأخير لتغيير عملات أجنبية بعملة مصرية وتحصيل قيمة شيك سياحي بالدولار ولدى عودتهما إلى طنطا في ليلة السبت 5/ 8/ 1989 حدثت مشادة بينهما لخلافهما على قيمة ما يستحقه المتهم...... من عمولة لقاء مرافقته للمجني عليه بسيارته الملاكي 103 غربية واحتدم الأمر فاستعمل المتهم سلاحه الأميري وأطلق على رأس المجني عليه عيارين ناريين أثناء تواجدهما بالسيارة قاصداً من ذلك قتله فأصابتاه بالرأس من اليسار لليمين وأحدثتا إصاباته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية واللتين أودتا بحياته. وفي الطريق بين سمنود والمحلة الكبرى تخلص المتهم من الجثة بإلقائها إلى جوار الطريق وتوجه إلى صديقه المتهم...... بمسكنه بطنطا فبلغه في نحو الساعة 1 من صباح نفس اليوم وأنهى إليه أنه قتل المجني عليه بإطلاق عيارين ناريين على رأسه وصحبه إلى مكان السيارة وقاما بتنظيفها مما بها من دماء ثم اتجها إلى مكان الجثة إلى أن عثرا عليها فلفاها ببطانية ووضعاها بحقيبة السيارة واتجها إلى طنطا حيث اتجه المتهم....... إلى طريق فرعي على ترعة القاصد وأنزلا الجثة وقام المتهم....... بفصل الرأس بسكين كان قد أحضره من مسكن المتهم....... ووضعه بكيس بلاستيك ثم وضعه بحقيبة السيارة والقيا الجثة بمجرى الترعة ثم سار في طريق طنطا شبين الكوم على طريق ترعة الملاحة وقام المتهم....... بحفر حفرة على يمين الطريق بالجزء الترابي ودفن بها الرأس، وقد تم العثور على الجثة عصر يوم 5/ 8/ 1989 والعثور على الرأس يوم 8/ 8/ 1989 وتعرف عليها شقيق المجني عليه وفي صباح يوم الحادث 5/ 8/ 1989 توجه المتهم...... رفقة المتهم...... إلى مقر عمل الأخير بميناء القاهرة الجوي لبعض الوقت ثم توجها إلى ورشة سروجي السيارة...... بالقاهرة لاستبدال فرش السيارة الملوث بالدماء بآخر وفي مساء ذات اليوم عادا إلى طنطا وتوجها إلى ورشة إصلاح زجاج السيارة حيث تم تركيب زجاج للباب الأمامي الأيمن بدلاً من الزجاج المهشم وخلال فترة إعداد الزجاج سلم...... حقيبة سامسونايت........ مقرراً له أن بها نقود المجني عليه فأخفاها بمسكنه وإذ علمت والدته بأمرها حطمت الحقيبة ووضعت ما بها من نقود بكيس نايلون سلمته للمقدم...... رئيس مباحث شرطة قسم ثان طنطا وتبين أن به مبلغ واحد وثلاثين ألف جنيه وثبت من تقرير الصفة التشريحية أن الرأس المبتورة وما يتصل بها من جزء من العنق تتحد في الجنس والسن مع جثة المجني عليه وثبت من تشريح الرأس وجود إصابتين ناريتين حيويتين حدثتا من الإصابة بعيار ناري بمقذوف مفرد باتجاه أساسي من اليسار لليمين وكان الإطلاق على مسافة قريبة في حدود ربع متر وقد تصل إلى بضع سنتيمترات وقد حدثت الوفاة نتيجة الإصابتين الناريتين الموصوفتين بالرأس وما صاحبهما من كسور بعظام الجمجمة وتهتك ونزيف دموي بجوهر المخ. ومن الجائز حدوث إصابتي المجني عليه من مثل السلاح الأخير للمتهم والطلقات المضبوطين. وقد استدل الحكم على ثبوت الواقعة وصحة إسنادها للطاعن بأدلة مستمدة من أقوال العميد.....، المقدم......، ......، ......، ......، ...... النقيب، ......، النقيب.....، ومما ثبت من تقرير الصفة التشريحية ومما اعترف به المتهم..... بتحقيقات النيابة العامة. لما كان ذلك، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو كاف وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون. ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم بالإجمال والتجهيل لا يكون له محل. لما كان ذلك وكان من المقرر أن قول متهم على آخر هو في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة وأن تقدير الأقوال التي تصدر من متهم على آخر إثر إجراء باطل وتحديد صلة هذه الأقوال بهذا الإجراء وما ينتج عنه هو من شئون محكمة الموضوع تقدره حسبما يتكشف لها من ظروف الدعوى بحيث إذا قدرت أن هذه الأقوال صدرت منه صحيحة غير متأثر فيها بهذا الإجراء الباطل جاز لها الأخذ بها وكان الحكم المطعون فيه فيما أورده رداً على ما أثاره المدافع عن الطاعن من بطلان اعتراف المتهم الثاني قد خلص إلى صحة ما أدلى به - المتهم الثاني من أقوال في حق نفسه وفي حق الطاعن وخلوها مما يشوبها واستقلال هذه الأقوال عن التحريات والاستدلالات التي يزعم الطاعن بطلانها وكان ما أورده الحكم من أقوال المتهم الثاني لا يماري الطاعن في أن له معينه الصحيح من الأوراق، فإنه لا تثريب على الحكم إذا هو استمد من تلك الأقوال ما يدعم الأدلة الأخرى التي أقام عليها قضاءه بالإدانة، كما لا يقدح في سلامة الحكم خطأ المحكمة في تسمية أقوال المتهم الثاني اعترافاً طالما أن المحكمة لم ترتب عليه وحدة الأثر القانوني للاعتراف. لما كان ذلك وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان الاعتراف المنسوب إلى المتهم الثاني على الأساس الذي يتحدث عنه في وجه طعنه لكونه وليد وعد وإغراء فليس له أن ينعى على المحكمة عدم ردها على دفاع لم يثر أمامها كما لا يصح له أن يثير أساساً جديداً للدفع ببطلان الاعتراف لأول مرة أمام محكمة النقض لكونه من أوجه الدفاع الموضوعية التي تتطلب تحقيقاً يخرج عن وظيفة هذه المحكمة ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من الواجبات المفروضة قانوناً على مأموري الضبط القضائي في دوائر اختصاصهم أن يقبلوا التبليغات والشكاوي التي ترد إليهم بشأن الجرائم وأن يقوموا بأنفسهم أو بواسطة مرؤوسيهم بإجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التي يعلمون بها بأي كيفية كانت وأن يستحصلوا على جميع الإيضاحات والاستدلالات المؤدية لثبوت أو نفي الوقائع المبلغ بها إليهم أو التي يشاهدونها بأنفسهم، كما أن المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية تخول مأموري الضبط القضائي أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك كما أن قيام النيابة العامة بإجراء التحقيق بنفسها لا يقتضي قعود مأموري الضبط القضائي عن القيام إلى جانبها في الوقت ذاته بواجباتهم التي فرض الشارع عليهم أداءها بمقتضى المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية وكل ما في الأمر أن ترسل هذه المحاضر إلى النيابة لتكون عنصراً من عناصر الدعوى تحقق النيابة ما ترى وجوب تحقيقه منها ولما كان استدعاء مأمور الضبط القضائي للطاعن بسبب اتهامه في جريمة قتل لا يعدو أن يكون توجيه الطلب إليه لسؤاله عن الاتهام الذي حام حوله في نطاق يتطلبه جمع الاستدلالات والتحفظ عليه منعاً من هروبه حتى يتم عرضه على النيابة العامة في خلال الوقت المحدد قانوناً. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في الرد على الدفع المبدى من الطاعن ببطلان القبض عليه واطمأنت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية إلى أن استدعاء الطاعن لم يكن مقروناً بإكراه ينتقص من حريته فإن رفضها للدفع ببطلان القبض يكون سليماً بما تنتفي معه قالة الخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك وكانت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية قد اطمأنت إلى سلامة التحريات والإجراءات التي قام بها مأمور الضبط وصحتها فإن ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى ومصادرتها في عقيدتها مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية - ولما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعن بقوله "وحيث إنه عن نية القتل فإنها قائمة في حق المتهم الأول من استعمال سلاح قاتل بطبيعته (طبنجة) وتصويبه إلى أماكن قاتلة من جسد المجني عليه وهي منطقة الرأس بما أحدثه فيها من إصابات على مرمى قريب يصل إلى بضعة سنتيمترات حسبما جاء بتقرير الصفة التشريحية من وجود اسوداد بارودي ومن تثنية الإطلاق على المجني عليه كل ذلك تتوافر به لدى المحكمة يقيناً أن المتهم كان يبغي من إطلاق الرصاص على المجني عليه قتلاً وقد تحقق مبتغاه" فإن هذا حسبه للتدليل على نية القتل كما هي معرفة به في القانون. ولا يعيب الحكم من بعد أن تكون المحكمة قد استبعدت ظرف سبق الإصرار لما هو مقرر من إنه لا تلازم بين قيام القصد الجنائي وسبق الإصرار فلكل مقوماته فقد يتوافر القصد الجنائي وينتفي في الوقت ذاته سبق الإصرار لأنه لا مانع قانوناً من اعتبار نية القتل إنما نشأت لدى الجاني إثر مشادة وقتية. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع بانتفاء نية السرقة وأطرحه بقوله "وحيث إنه عن الدفع بانتفاء نية السرقة لعدم ضبط النقود بمسكن المتهم أو مسكن أحد أقاربه فإنه من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة السرقة ينحصر في قيام العلم لدى الجاني وقت ارتكاب الجريمة أنه يختلس المنقول المملوك للغير رغم إرادة مالكه بنية امتلاكه لنفسه ولما كان ذلك وكان المتهم بعد أن قتل المجني عليه استولى على الحقيبة وما بها من نقود وظل يحتفظ بها حتى مساء يوم...... ثم أودعها لدى المتهم الثاني إلى أن تم ضبطها فإن هذا السلوك من جانب المتهم قاطع في الدلالة على أن اختلاسه للنقود كان بقصد تملكها، وكان ما أورده الحكم رداً على دفاع الطاعن بانتفاء نية السرقة وإثباتاً لتوافرها كافياً وسائغاً فإن ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد لما كان ذلك وكانت المادة 232 من قانون العقوبات ليست من مواد العقاب إنما هي مادة تعريفية لظرف الترصد وكان خطأ الحكم في إيرادها ضمن المواد التي دان الطاعن بمقتضاها رغم عدم توافر هذا الظرف لا أثر له في عقيدة المحكمة - ليس للطاعن مصلحة في التمسك بهذا الخطأ ما دامت العقوبة التي أوقعها الحكم تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة القتل العمد المقترن بجناية السرقة في الطريق العام ليلاً مع حمل السلاح التي أثبت الحكم توافرها في حق الطاعن ومن ثم فلا جدوى مما يثيره الطاعن نعياً على الحكم في هذا الخصوص. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً، وحسب المحكمة أن تصحح الخطأ الذي وقع في أسباب الحكم المطعون فيه وذلك باستبدال المادة 239 من قانون العقوبات والتي أغفلها الحكم بالمادة 232 من ذات القانون التي أوردها الحكم دون مقتض وذلك عملاً بالمادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.

الطعن 7896 لسنة 60 ق جلسة 7 / 10 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 134 ص 973

جلسة 7 من أكتوبر سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: مجدي منتصر وحسن حمزة ومجدي الجندي وحامد عبد الله نواب رئيس المحكمة.

---------------

(134)
الطعن رقم 7896 لسنة 60 القضائية

 (1)إعدام. نيابة عامة. "نظر الطعن والحكم فيه".
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة في قضايا الإعدام غير لازم علة ذلك؟
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها.
 (2)إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
على المحكمة أن تبني حكمها على الوقائع الثابتة في الدعوى ليس لها إقامة اقتناعها على أمور لا سند لها من التحقيقات.
 (3)إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". بطلان.
تمييز الشاهد - مناط الأخذ بشهادته ولو كانت على سبيل الاستدلال. أساس ذلك؟
الطعن على شهادة الشاهد بأنه غير مميز. يوجب على المحكمة التحقق من قدرته على التمييز للاستيثاق من تحمله الشهادة. قعودها عن ذلك وأخذها بشهادته. يعيب الحكم.
تساند الأدلة في المواد الجنائية مؤداه؟
 (4)قتل عمد. إعدام،. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". محكمة النقض "سلطتها".
صدور الحكم القاضي بالإعدام معيباً بأحد العيوب التي أوردتها المادة 30 من القانون 57 لسنة 1959. وجوب نقضه. المادة 46 من ذات القانون.

-----------

1 - لما كانت النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - مشفوعة بمذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام الطاعن دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على إنه قد روعي فيها عرض القضية في ميعاد الأربعين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
2 - الأصل أنه يتعين على المحكمة ألا تبنى حكمها إلا على الوقائع الثابتة في الدعوى وليس لها أن تقيم قضاءها على أمور لا سند لها من التحقيقات.
3 - لما كانت المادة 82 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية التي أحالت إليها المادة 287 من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى نصها على إنه "لا يجوز رد الشاهد ولو كان قريباً أو صهراً لأحد الخصوم إلا أن يكون غير قادر على التمييز بسبب هرم أو حداثة أو مرض أو لأي سبب آخر"، مما مفاده أنه يجب للأخذ بشهادة الشاهد أن يكون مميزاً فإن كان غير مميز فلا تقبل شهادته ولو على سبيل الاستدلال، إلا لا ينفي عن الأقوال التي يدلي بها الشاهد بغير حلف يمين أنها شهادة، وإذ ما كان الطاعن قد دفع ببطلان شهادة الشاهدة المذكورة لعدم التمييز، وكانت المحكمة قد قعدت عن تحقيق قدرتها على التمييز أو بحث إدراكها العام استيثاقاً من قدرتها على تحمل الشهادة وردت على هذا الدفع بما لا يواجهه ولا يصلح رداً عليه، وعولت في قضائها بالإدانة على تلك الشهادة، فإن حكمها يكون معيباً بالفساد في الاستدلال ومخالفة القانون ولا يغني عن ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً، بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة، أو التعرف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه معيباً بالخطأ في الإسناد فضلاً عن الفساد في الاستدلال ومخالفة القانون مما يبطله، ولما كان البطلان الذي لحق بالحكم يندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 39، وكانت المادة 46 من القانون سالف الذكر قد أوجبت على هذه المحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا ما وقع فيه بطلان من هذا القبيل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل.... عمداً مع سبق الإصرار بأن عقد العزم على قتلها وأعد لذلك أداة (حبل) وما أن ظفر بها حتى قام بخنقها قاصداً من ذلك إزهاق روحها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وقد اقترنت هذه الجناية بجنايات أخرى هي أنه في نفس الزمان والمكان سالفي الذكر 1 - قام بخطف المجني عليها سالفة الذكر وكذا..... واللتان لم تبلغا من العمر ست عشرة سنة كاملة وكان ذلك بطريق التحايل بأن قابلهما في الطريق واتجه بهما إلى حديقة موالح بعد أن أوهمهما بشراء ثمار المانجو لهما وإعطائهما الحلوى. 2 - سرق الحلي الذهبية المبينة الوصف والقيمة بالتحقيقات المملوكة للمجني عليها..... 3 - هتك عرض المجني عليها سالفة الذكر والتي لم تبلغ من العمر ست عشرة سنة كاملة بالقوة بأن أمسك بها وطرحها أرضاً ووضع أصبعه في فرجها وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالته إلى محكمة جنايات الزقازيق لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الإحالة. وادعى والد المحني عليها مدنياً قبل المتهم بمبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قررت بإجماع الآراء بإحالة أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتي الجمهورية لاستطلاع رأيه وحددت جلسة...... للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 231، 234، 268، 288، 317 من قانون العقوبات - بإجماع الآراء بمعاقبة المتهم بالإعدام.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض، كما عرضت النيابة العامة القضية على المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها موقعاً عليها رئيسها.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - مشفوعة بمذكرة برأيها طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام الطاعن دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على إنه قد روعي فيها عرض القضية في ميعاد الأربعين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما مفاده أن الطاعن كان قد بيت النية على قتل المجني عليها...... توصلاً إلى سرقة المصوغات التي تتحلى بها، وبتاريخ 1/ 7/ 1989 توجه إلى مدرستها في موعد الانصراف ظهراً حيث وجدها بصحبة زميلتها..... - فلجأ إلى الحيلة لإبعادهما تحقيقاً لقصده - بأن أوهمها بصداقته لوالد كل منهما - مستغلاً عدم بلوغهما درجة التمييز لحداثة سنهما - وطلب منهما مرافقته ليشتري لهما بعض الفاكهة واصطحبهما إلى منطقة زراعية اطمأن إلى خلوها من المارة حيث انتهز فرصة انشغال الطفلة....... باللهو في المياه، وانقض على المجني عليها ولف حول عنقها حبلاً وضغط به إلى أن تيقن من موتها، ثم انتزع القرط والأساور الذهبية منها بأن قصها بمقص كان يحمله ثم قام بهتك عرضها بمحاولة إدخال أصبعه في فرجها، وجلس بعد ذلك بجوار الجثة يتدبر كيفية التخلص منها والإجهاز على الطفلة الثانية، إلا أنه فوجئ بظهور الشاهد الأول...... فبادر بالتخلص من الجثة بإلقائها خلف سور حديقة مجاورة، ثم اصطحب الطفلة الأخرى للهرب من مكان الحادث وتخلص من حلي المجني عليها، وإذ توجه الشاهد المذكور إلى السور لتحري أمر ما ألقى به الطاعن خلفه بعد أن ارتاب في أمره فوجئ بوجود الجثة فاستغاث وتمكن الشاهد الثاني ومن تجمع من الأهالي على صياحه من القبض على الطاعن الذي كان يحمل معه المقص والحقيبتين المدرسيتين الخاصتين بالمجني عليهما، ثم عرض الحكم لأدلة الثبوت التي عول عليها في قضائه ومن بينها شهادة كل من....... و....... بالتحقيقات وبمحضر الجلسة، وحصل شهادة أولهما بما مفاده أنه قد شاهد الطاعن حل قيامه بإلقاء شيء خلف سور حديقة مجاورة، ولما توجه لتحري كنه هذا الشيء وجد جثة المجني عليها فاستغاث، وتمكن الأهالي الذين تجمعوا على صياحه من ضبط الطاعن وفي حوزته حقيبتي المجني عليهما ومقص، وحصل شهادة الثاني بما مؤداه أنه اشترك في مطاردة الطاعن - إثر استغاثة الشاهد السابق - حتى تم ضبطه وفي حوزته المضبوطات سالفة الذكر، لما كان ذلك، وكان البين من المفردات المضمومة أن شهادة الشاهد الأول - سواء بتحقيقات النيابة أو بمحضر جلسة المحاكمة - قد خلت مما يفيد أن الطاعن كان يحمل مقصاً أو كان في حوزته أي حقائب عند ضبطه، كما خلت أقوال الشاهد الثاني من الإشارة إلى وجود مقص مع الطاعن، وكان الأصل إنه يتعين على المحكمة ألا تبني حكمها إلا على الوقائع الثابتة في الدعوى وليس لها أن تقيم قضاءها على أمور لا سند لها من التحقيقات، فإن الحكم إذ بنى قضاءه على أن الشاهدين المنوه عنهما آنفاً قد شهدا بضبط آلة استخدمت في الحادث "مقص" في حوزة الطاعن لحظة ضبطه، وعلى أن الشاهد الأول قد تضمنت شهادته أن الطاعن وقت ضبطه كان يحمل حقيبتي المجني عليهما، مع مخالفة ذلك الثابت بالأوراق فإنه يكون قد استند إلى دعامة غير صحيحة مما يبطله لابتنائه على أساس فاسد، هذا بالإضافة إلى ما هو ثابت من محضر جلسة المحاكمة من أن المدافع عن الطاعن قد دفع ببطلان شهادة المجني عليها...... لعدم قدرتها على التمييز، وكان الحكم المطعون فيه - رغم ما أورده في معرض تحصيله للواقعة من أن المجني عليها المذكورة لم تبلغ درجة التمييز بعد لحداثة سنها وهو ما يظاهر دفع الطاعن - قد عول في قضائه بالإدانة من بين ما عول عليه - على شهادة المجني عليها المذكورة، ورد على الدفع ببطلان تلك الشهادة بقوله "أن عدم تحليف الشاهد اليمين ينفي عن أقواله صفة الشهادة القانونية كدليل إثبات ليجعلها في مصاف الاستدلالات.. التي لا يجوز الاستناد إليها وحدها في الحكم وإنما يلزم تعزيزها بأدلة أخرى أو قرائن قضائية...... وأن من حق المحكمة أن تعتمد في قضائها بالإدانة على أقوال شاهد سمع على سبيل الاستدلال بغير حلف يمين، إذ مرجع الأمر إلى ما تطمئن إليه من عناصر الاستدلال. "لما كان ذلك وكانت المادة 82 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية التي أحالت إليها المادة 287 من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى نصها على أنه "لا يجوز رد الشاهد ولو كان قريباً أو صهراً لأحد الخصوم إلا أن يكون غير قادر على التمييز بسبب هرم أو حداثة أو مرض أو لأي سبب آخر" مما مفاده أنه يجب للأخذ بشهادة الشاهد أن يكون مميزاً فإن كان غير مميز فلا تقبل شهادته ولو على سبيل الاستدلال، إذ لا ينفي عن الأقوال التي يدلي بها الشاهد بغير حلف يمين أنها شهادة، وإذ ما كان الطاعن قد دفع ببطلان شهادة الشاهدة المذكورة لعدم التمييز، وكانت المحكمة قد قعدت عن تحقيق قدرتها على التمييز أو بحث إدراكها العام استيثاقاً من قدرتها على تحمل الشهادة وردت على هذا الدفع بما لا يواجهه ولا يصلح رداً عليه، وعولت في قضائها بالإدانة على تلك الشهادة، فإن حكمها يكون معيباً بالفساد في الاستدلال ومخالفة القانون ولا يغني عن ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً، بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان للدليل الباطل في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة، أو التعرف على ما كانت تنتهي إليه من نتيجة لو أنها فطنت إلى أن هذا الدليل غير قائم، لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالخطأ في الإسناد فضلاً عن الفساد في الاستدلال ومخالفة القانون مما يبطله، ولما كان البطلان الذي لحق بالحكم يندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 39، وكانت المادة 46 من القانون سالف الذكر قد أوجبت على هذه المحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا ما وقع فيه بطلان من هذا القبيل، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية ونقض الحكم المطعون فيه الصادر بإعدام المحكوم عليه والإحالة بغير حاجة إلى بحث أوجه الطعن.

الطعن 7193 لسنة 60 ق جلسة 10 / 10 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 135 ص 981

جلسة 10 من أكتوبر سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ محمد الصوفي عبد الجواد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين محمد زايد وأحمد عبد الرحمن نائبي رئيس المحكمة ومحمد طلعت الرفاعي وأنس عمارة.

------------

(135)
الطعن رقم 7193 لسنة 60 القضائية

 (1)وصف التهمة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تعديل وصف التهمة". نقض "أسباب الطعن، ما لا يقبل منها".
عدم تقيد المحكمة بالوصف الذي تعطيه النيابة العامة للواقعة. من واجبها أن تطبق على الواقعة المطروحة عليها وصفها الصحيح طبقاً للقانون. شرط ذلك؟
بيان المحكمة كيفية ارتكاب الجريمة وحدوث العاهة. لا يعد إضافة منها لوقائع جديدة.
 (2)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
العبرة في المحاكمات الجنائية. هي باقتناع القاضي.
تساند الأدلة في المواد الجنائية. منها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة.
 (3)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
اطمئنان المحكمة إلى أقوال المجني عليها. مفاده إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
 (4)إثبات "اعتراف". حكم "ما لا يعيبه". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
خطأ الحكم في تسمية أقوال المتهم اعترافاً. لا يعيبه. ما دامت المحكمة لم ترتب عليه بذاته الأثر القانوني للاعتراف.
 (5)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق المحكمة في الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر. متى رأت أن هذه الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى.
 (6)دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالرد على كل شبهة يثيرها على استقلال.
 (7)نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب". نيابة عامة.
تقرير الطعن. هو المرجع في تحديد الجزء المطعون فيه من الحكم.
قصر النيابة العامة طعنها على قضاء الحكم المطعون فيه بإدانة المطعون ضده الأول دون ما قضى به الحكم من براءة المطعون ضده الثاني. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للأخير. لا يغير من ذلك أن تكون النيابة قد نعت في أسباب طعنها على هذا القضاء. ما دامت لم تقرر بالطعن فيه.
 (8)نيابة عامة. نقض "المصلحة في الطعن والصفة فيه" "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
النيابة العامة تمثل الصالح العام وتسعى إلى تحقيق موجبات القانون. فهي تختص بمركز قانوني خاص يجيز لها الطعن في الحكم وإن لم يكن لها كسلطة اتهام مصلحة خاصة في الطعن بل كانت المصلحة للمحكوم عليه.
 (9)موظفون عموميون. جريمة "أركانها". استعمال القوة والعنف مع موظف عام. قانون "تفسيره".
متى يعد الشخص موظفاً عاماً؟
اعتبار الشارع أشخاصاً معينين في حكم الموظفين العامين في نطاق معين. إيراده نصاً بذلك.
مثال.
خلو قانون العقوبات وأي قانون آخر من النص على اعتبار العاملين بالشركات في حكم الموظفين العموميين في تطبيق أحكام الباب السابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات والخاصة بمقاومة الحكام وعدم الامتثال لأوامرهم والتعدي عليهم بالسب وغيره.
 (10)استعمال القوة والعنف مع موظف عام. ضرب "أحدث عاهة". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون" "أسباب الطعن. ما يقبل منها" "الحكم في الطعن". محكمة النقض "سلطتها".
تعديل المحكمة وصف التهمة من إحداث عاهة مستديمة إلى مقاومة موظف عمومي بالقوة تخلف من جرائها عاهة وإدانة المطعون ضده بالوصف الأخير رغم أن المجني عليه تنحسر عنه صفة الموظف العام أو من في حكمه. خطأ في القانون.
قصر العيب الذي شاب الحكم على الخطأ في تطبيق القانون. يوجب على محكمة النقض تصحيحه. أساس ذلك؟

-----------

1 - الأصل أن المحكمة غير مقيدة بالوصف الذي تعطيه النيابة العامة للواقعة كما وردت بأمر الإحالة أو بورقة التكليف بالحضور بل أن واجبها أن تطبق على الواقعة المطروحة عليها وصفها الصحيح طبقاً للقانون لأن وصف النيابة ليس نهائي
بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذي ترى أنه الوصف القانوني السليم دون أن يعتبر قيامها بهذا الإجراء إبداء لرأيها في موضوع الدعوى قبل نظرها، كما أن بيان المحكمة لكيفية ارتكاب الجريمة وحدوث العاهة لا يعتبر إضافة منها لوقائع جديدة كما ذهب الطاعن في أسباب طعنه فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون في غير محله.
2 - العبرة في المحاكمة الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناءً على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع بما لها من سلطة تقدير الأدلة أن تأخذ بما ترتاح إليه منها وفي اطمئنانها إلى أقوال المجني عليه ما يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها إذ أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع ولا يجوز الجدل في ذلك أمام محكمة النقض.
4 - خطأ الحكم في تسمية أقوال المتهم اعترفاً - بفرض صحته - لا ينال من صحة الحكم ما دام أنه يتضمن من الدلائل ما يعزز باقي الأدلة والقرائن وما دامت المحكمة لم ترتب عليه بذاته الأثر القانوني للاعتراف.
5 - من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وتمثل الواقع في الدعوى، ولما كان الحكم قد استخلص من أقوال المجني عليه وأقوال الطاعن بمحضر الاستدلالات ومما شهد به الضابط..... صحة ارتكاب الطاعن للواقعة وإحداث إصابة المجني عليه على النحو الذي أوردته في حكمها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة ومنازعة فيما استخلصته المحكمة منها مما لا تجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض.
6 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة بالرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم فإن ما ينعاه الطاعن بخصوص إغفال الحكم رده على دفاعه بعطل السيارة وعدم درايته بقيادتها لا يكون له محل.
7 - تقرير الطعن هو المرجع في تحديد الجزء المطعون فيه من الحكم. ومن ثم فإن النيابة العامة إذ لم تقرر بالطعن في قضاء الحكم بالبراءة فإن طعنها ضد المطعون ضده...... يكون غير مقبول شكلاً ولا يغير من ذلك أن تكون النيابة قد نعت في أسباب طعنها على هذا القضاء ما دامت لم تقرر بالطعن فيه.
8 - النيابة العامة في مجال المصلحة أو الصفة في الطعن هي خصم عادل يختص بمركز قانوني خاص بحسبانها تمثل الصالح العام وتسعى إلى تحقيق موجبات القانون من جهة الدعوى الجنائية. فلها بهذه المثابة أن تطعن في الأحكام وإن لم يكن لها كسلطة اتهام مصلحة خاصة في الطعن بل كانت المصلحة هي للمحكوم عليه، ومن ثم فإن مصلحتها في الطعن الماثل تكون قائمة.
9 - من المقرر أن الموظف العام هو الذي يعهد إليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام، عن طريق شغله منصباً يدخل في التنظيم الإداري لذلك المرفق، وكان الشارع كلما رأى اعتبار أشخاص معينين في حكم الموظفين العامين في موطن ما أورد به نصاً كالشأن في جرائم الرشوة واختلاس الأموال الأميرية. وغيرها من الجرائم الواردة بالبابين الثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات فقد أورد في الفقرة الخامسة من المادة 119 مكرراً منه المقصود بالموظف العام في حكم هذا الباب. لما كان ذلك، وكان قانون العقوبات قد خلا كما خلا أي قانون آخر من نص على اعتبار العاملين بالشركات في حكم الموظفين العموميين في تطبيق أحكام الباب السابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات والخاصة بمقاومة الحكام وعدم الامتثال لأوامرهم والتعدي عليهم بالسب وغيره، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المجني عليه من العاملين بشركة وادي كوم أمبو ومن ثم تنحسر عنه صفة الموظف العام أو من في حكمه.
10 - ولما كانت المحكمة إذ عدلت وصف التهمة التي رفعت بها الدعوى قبل المطعون ضده من إحداث عاهة مستديمة إلى مقاومة موظف عمومي بالقوة تخلف من جرائها عاهة ودانته بالوصف الأخير قد أخطأت في تطبيق القانون. وكان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم - إذ لا محل لاستظهار اختصاص المجني عليه ما دامت صفة الموظف العام قد انحسرت عنه - فإنه يتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تحكم محكمة النقض في الطعن وتصحح الخطأ وتحكم بمقتضى القانون بما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه وتصحيحه بمعاقبة المطعون ضده عن جريمة إحداث العاهة المنصوص عليها في المادة 240/ 1 من قانون العقوبات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من (1) ..... (طاعن) (2) ..... في قضية الجناية رقم.... بأنهما أحدثا عمداً بـ..... الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي قصر حوالي 1.5 سم وضمور حوالي 2 سم وتيبس جزئي بالركبة واستقرار شريحة معدنية موضع الكسر بعظمة الفخذ وتقدر نسبة العجز بنحو 40% على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالتهما إلى محكمة جنايات أسوان لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 137 مكرراً ( أ )/ 1 - 3 من قانون العقوبات أولاً: بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة الجزئية المختصة. ثانياً: بمعاقبة المتهم الأول... بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه. ثالثاً: ببراءة المتهم الثاني.... مما أسند إليه باعتبار أن ما نسب إلى المتهم الأول هو استعمال القوة والعنف مع المهندس..... الموظف بشركة وادي كوم أمبو لحلمه بغير حق على الامتناع عن عمله وتخلف عن ذلك عاهة مستديمة يستحيل برؤها تقدر بنحو 40%.
فطعن كل من المحكوم عليه والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

أولاً: الطعن المقدم من المحكوم عليه:
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة مقاومة موظف عمومي بالقوة والعنف ونشأ عنها عاهة مستديمة قد شابه البطلان والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع. ذلك أن النيابة العامة قد أحالته إلى المحكمة بتهمة إحداث العاهة غير أن المحكمة عدلت وصف التهمة مما يدل على أنها قد كونت رأيها قبل نظر الدعوى كما أسندت إلى الطاعن وقائع لم ترد في أمر الإحالة، وعولت في قضائها بالإدانة على أقوال المجني عليه وما أسمته اعترافاً من الطاعن وما شهد به الضابط..... رغم أن المجني عليه قرر في التحقيقات أنه لا يعرف شخص محدث إصابته، وأن ما صدر من الطاعن من أقوال بمحضر الاستدلالات من إقرار بضرب المجني عليه ومرور السيارة على المجني عليه لا يعني تعمده السير بالسيارة على جسم المجني عليه أو أنه هو قائدها فضلاً عن أن أقوال الضابط لا تعدو أن تكون ترديداً لما أثبته بمحضره على لسان الطاعن، وأخيراً فإن المحكمة لم تعرض لدفاعه بالتحقيقات وبالجلسة من أنه لا دراية له بقيادة السيارات فضلاً عن عطل السيارة في تاريخ الحادث والذي تأيد بأقوال مالكها، فإن ذلك كله مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من المفردات المضمومة أن النيابة العامة قد أقامت الدعوى الجنائية ضد الطاعن - وآخر حكم ببراءته. بوصف أنهما: أحدثا عمداً بـ..... إصابة فخذه الأيمن الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي قصر حوالي 1.5 سم وضمور حوالي 2 سم وتيبس جزئي بالركبة واستقرار شريحة معدنية موضع الكسر بعظمة الفخذ يقدر مداها بنحو 40% أربعين في المائة على النحو المبين بالتحقيقات وطلبت عقابهما بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات. ويبين من محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة قد عدلت وصفة التهمة ونبهت الدفاع إلى المرافعة على أساس أن المتهمين "في الزمان والمكان الواردين بأمر الإحالة استعملا القوة والعنف مع المهندس...... الموظف بشركة وادي كوم أمبو لحمله بغير حق على الامتناع عن أداء عمله فاعتديا عليه بالضرب ومر عليه الأول بسيارته فأحدث إصابة فخذه الأيمن الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها على النحو المبين بالتقرير الطبي الشرعي والتي تقدر بنحو 40% ولم يبلغا بذلك مقصدهما الأمر المعاقب عليه بنص المادة 137 مكرراً فقرة 1، 3 من قانون العقوبات". لما كان ذلك، وكان الأصل أن المحكمة غير مقيدة بالوصف الذي تعطيه النيابة للواقعة كما وردت بأمر الإحالة أو بورقة التكليف بالحضور بل أن واجبها أن تطبق على الواقعة المطروحة عليها وصفها الصحيح طبقاً للقانون لأن وصف النيابة العامة ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذي ترى أنه الوصف القانوني السليم دون أن يعتبر قيامها بهذا الإجراء إبداء لرأيها في موضوع الدعوى قبل نظرها، كما أن بيان المحكمة لكيفية ارتكاب الجريمة وحدوث العاهة لا يعتبر إضافة منها لوقائع جديدة كما ذهب الطاعن في أسباب طعنه فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك. وكانت العبرة في المحاكمة الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناءً على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع بما لها من سلطة تقدير الأدلة أن تأخذ بما ترتاح إليه منها وفي اطمئنانها إلى أقوال المجني عليه ما يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها إذ أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع ولا يجوز الجدل في ذلك أمام محكمة النقض كما أن خطأ الحكم في تسمية أقوال المتهم اعترفاًَ - بفرض صحته - لا ينال من صحة الحكم ما دام أنه يتضمن من الدلائل ما يعزز باقي الأدلة والقرائن وما دامت المحكمة لم ترتب عليه بذاته الأثر القانوني للاعتراف، كما أنه من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وتمثل الواقع في الدعوى، ولما كان الحكم قد استخلص من أقوال المجني عليه وأقوال الطاعن بمحضر الاستدلالات وما شهد به الضابط....... صحة ارتكاب الطاعن للواقعة وإحداث إصابة المجني عليه على النحو الذي أوردته في حكمها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة ومنازعة فيما استخلصته المحكمة منها مما لا تجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة بالرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم فإن ما ينعاه الطاعن بخصوص إغفال الحكم رده على دفاعه بعطل السيارة وعدم درايته بقيادتها لا يكون له محل. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً، وحسب المحكمة أن تشير إلى أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بتهمة مقاومة موظف عمومي قد أخطأ في تطبيق القانون مما كان يوجب عليها التصدي لهذا الخطأ وفقاً لنص المادة 35/ 2 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقص الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 59 إلا أنه مما يغني عن هذا التدخل أن النيابة العامة قد تناولت هذا العيب في أسباب طعنها.
ثانياً: الطعن المقدم من النيابة العامة:
من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 11/ 2/ 1990 فقررت النيابة العامة بالطعن فيه بتاريخ 19/ 3/ 1990 وفي التاريخ ذاته قدمت مذكرة بأسباب طعنها. وكان البين من مطالعة تقرير الطعن بأن النيابة قصرت طعنها على قضاء الحكم المطعون فيه بإدانة المطعون ضده..... دون ما قضى به الحكم من براءة المطعون ضده...... لما كان ذلك، وكان تقرير الطعن هو المرجع في تحديد الجزء المطعون فيه من الحكم. ومن ثم فإن النيابة العامة إذ لم تقرر بالطعن في قضاء الحكم بالبراءة فإن طعنها ضد المطعون ضده...... يكون غير مقبول شكلاً ولا يغير من ذلك أن تكون النيابة قد نعت في أسباب طعنها على هذا القضاء ما دامت لم تقرر بالطعن فيه.
وحيث إن النيابة العامة في مجال المصلحة أو الصفة في الطعن هي خصم عادل يختص بمركز قانوني خاص بحسبانها تمثل الصالح العام وتسعى إلى تحقيق موجبات القانون من جهة الدعوى الجنائية. فلها بهذه المثابة أن تطعن في الأحكام وإن لم يكن لها كسلطة اتهام مصلحة خاصة في الطعن بل كانت المصلحة هي للمحكوم عليه، ومن ثم فإن مصلحتها في الطعن الماثل تكون قائمة وإذ كان ذلك وكان طعنها - بالنسبة للمطعون ضده - ..... قد استوفى الشكل المقرر في القانون فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجريمة مقاومة موظف عمومي بالقوة وتخلف من جرائها عاهة قد شابه خطأ في تطبيق القانون وقصور في التسبيب ذلك أنها كانت قد أقامت الدعوى الجنائية قبل المطعون ضده بتهمة إحداث عاهة مستديمة بالمجني عليه وقد عدلت المحكمة وصف التهمة بجعلها مقاومة موظف عمومي بالقوة وأسبغت على المجني عليه صفة الموظف العام رغم عدم توافر هذه الصفة ودون استظهار ما إذا كان العمل الذي حاول المطعون ضده منعه من تأديته داخلاً في نطاق وظيفته. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن النيابة العامة قد أقامت الدعوى الجنائية ضد المطعون ضده - وآخر - ونسبت إليه تهمة إحداث عاهة مستديمة بالمجني عليه غير أن المحكمة قد عدلت وصف التهمة ودانته عن جريمة مقاومة موظف عمومي بالقوة والعنف والتي تختلف من جرائها عاهة مستديمة وعاقبته بمقتضى الفقرتين الأولى والثالثة من المادة 137 مكرراً "أ" من قانون العقوبات على أساس أن المجني عليه من الموظفين العموميين. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الموظف العام هو الذي يعهد إليه بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة أو أحد أشخاص القانون العام، عن طريق شغله منصباً يدخل في التنظيم الإداري لذلك المرفق، وكان الشارع كلما رأى اعتبار أشخاص معينين في حكم الموظفين العامين في موطن ما أورد به نصاً كالشأن في جرائم الرشوة واختلاس الأموال الأميرية..... وغيرها من الجرائم الواردة بالبابين الثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات فقد أورد في الفقرة الخامسة من المادة 119 مكرراً منه المقصود بالموظف العام في حكم هذا الباب. لما كان ذلك، وكان قانون العقوبات قد خلا كما خلا أي قانون آخر من نص على اعتبار العاملين بالشركات في حكم الموظفين العموميين في تطبيق أحكام الباب السابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات والخاصة بمقاومة الحكام وعدم الامتثال لأوامرهم والتعدي عليهم بالسب وغيره. وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المجني عليه من العاملين بشركة....... ومن ثم تنحسر عنه صفة الموظف العام أو من في حكمه. وتكون المحكمة إذ عدلت وصف التهمة التي رفعت بها الدعوى قبل المطعون ضده من إحداث عاهة مستديمة إلى مقاومة موظف عمومي بالقوة تخلف من جرائها عاهة ودانته بالوصف الأخير - قد أخطأت في تطبيق القانون. لما كان ذلك وكان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم - إذ لا محل لاستظهار اختصاص المجني عليه ما دامت صفة الموظف العام قد انحسرت عنه - فإنه يتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تحكم محكمة النقض في الطعن وتصحح الخطأ وتحكم بمقتضى القانون بما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه وتصحيحه بمعاقبة المطعون ضده عن جريمة إحداث العاهة المنصوص عليها في المادة 240/ 1 من قانون العقوبات.