الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 20 أبريل 2020

الطعن 5092 لسنة 61 ق جلسة 4 / 11 / 1991 مكتب فني 42 ج 2 ق 155 ص 1119


جلسة 4 من نوفمبر سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/ نجاح سليمان نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي منتصر وحسن حمزة ومجدي الجندي نواب رئيس المحكمة ومصطفى كامل.
----------------
(155)
الطعن رقم 5092 لسنة 61 القضائية

(1) محضر الجلسة. تزوير "الطعن بالتزوير". إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأصل في الإجراءات أنها روعيت. المادة 30 من القانون رقم 57 سنة 1959.
إثبات عكس ما أثبت بمحضر الجلسة أو الحكم. لا يكون إلا بالطعن بالتزوير.
(2) أسباب الإباحة "الدفاع الشرعي". دفوع "الدفع بتوافر حالة الدفاع الشرعي". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استطاعة الاستعانة برجال السلطة العامة لحماية الحق المهدد تحول دون إباحة فعل الدفاع الشرعي أساس ذلك؟
تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي وانتفائها. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ لانتفاء حالة الدفاع الشرعي من الطاعن.
 (3)دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب. نقض" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الطلب الجازم. ماهيته؟
(4) إثبات "شهود". إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن، ما لا يقبل منها".
إعراض المحكمة عن سماع شهود نفي لم يعلنوا وفقاً للمادة 214 مكرراً المضافة بالقانون 170 لسنة 1981 إجراءات. لا تثريب عليها.
 (5)إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. شرط ذلك؟
اختلاف الشهود في بعض التفصيلات لا يؤثر في سلامة الحكم.
(6) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لمحكمة الموضوع أن تستخلص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفه من صورة أخرى، شرط ذلك؟
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بأقوال الشاهد؟
 (7)إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات. موضوعي.
لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الخبير.
 (8)إثبات "بوجه عام". حكم "ما لا يعيبه".
أخذ الحكم بدليل احتمالي. غير قادح في سلامته. ما دام قد أسس الإدانة على اليقين.
 (9)جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
آلة الاعتداء ليست من الأركان الجوهرية للجريمة. الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. عدم جواز إثارته أمام النقض.

-----------------
1 - الأصل طبقاً للمادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن الإجراءات قد روعيت فلا يجوز للطاعن أن يدحض ما ثبت بمحضر الجلسة من أن النيابة والدفاع اكتفيا بتلاوة أقوال الشهود الواردة بالتحقيقات والجلسة وأن المحكمة أمرت بتلاوتها وتليت، إلا بالطعن بالتزوير، وهو ما لم يفعله، فإنه لا يقبل منه ما يثيره في هذا الخصوص.
2 - إن المادة 246 من قانون العقوبات بعد أن قننت حق الدفاع الشرعي عن النفس والمال، جاءت المادة 247 من ذات القانون ونصت على أنه "وليس لهذا الحق وجود متى كان من الممكن الركون في الوقت المناسب إلى الاحتماء برجال السلطة العمومية" وهو ما يعني أن استطاعة الاستعانة بالسلطات العمومية لحماية الحق المهدد تحول دون إباحة فعل الدفاع، ويتضح بذلك أن للدفاع الشرعي صفة احتياطية باعتباره لا محل له إلا عند عجز السلطات العمومية عن حماية الحق، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن وأطرح في منطق سائغ دعواه - أنه كان في حالة دفاع شرعي - وخلص إلى أن الثابت من أقوال الطاعن ووالده التي أوردها، ومن ظروف الدعوى، أنها كانت تسمح لهما بالتوجه إلى نقطة الشرطة المختصة وإخطارها بما علما به من توجه المجني عليهما لإقامة القنطرة وأن الوقت والزمن يسمح بذلك دون إهدار لحقوقهما، وكانت وقائع الدعوى كما أوردها الحكم في مدوناته ترشح لما انتهى إليه في هذا الشأن، فإن ذلك ينطوي على انتفاء حالة الدفاع الشرعي بجميع صوره المبينة في القانون، وإذ كان من المقرر أن حق قاضي الدعوى في تقدير ما إذا كان من استعمل القوة للدفاع عن المال في إمكانه أن يركن في الوقت المناسب إلى رجال السلطة، وفي تقدير ما إذا كان ممكناً له أن يمنع الاعتداء الواقع على المال بطريقة أخرى غير القوة - هو على حسب ما يؤخذ من نص المادتين 246، 247 من قانون العقوبات - مما يدخل في سلطته المطلقة - لتعلقه بتحصيل فهم الواقع في الدعوى، فيكفي لسلامة الحكم أن تبين المحكمة كيف كان صاحب المال في مقدوره دفع الاعتداء بالالتجاء للسلطة لتصل من ذلك إلى القول بأن ارتكاب صاحب المال الجناية التي وقعت منه لم يكن له مبرر، وهو ما لم يقصر الحكم في بيانه وتقديره، وإذ كان تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أن انتفاؤها يعلق بموضوع الدعوى، ولمحكمة الموضوع وحدها الفصل فيه بلا معقب متى كان استدلال الحكم سليماً ويؤدي إلى ما انتهى إليه، كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فلا يقبل من الطاعن معاودة الجدل فيما خلصت إليه المحكمة في هذا الخصوص، ويضحى كل ما يثيره الطاعن بأسباب الطعن بصدد الدفاع الشرعي لا محل له.
3 - من المقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه، ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية.
4 - لما كان الطاعن لم يتبع الطريق الذي رسمه قانون الإجراءات الجنائية في المادة 214 مكرراً المضافة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 لإعلان الشاهد الذي يطلب المتهم سماع شهادته أمام محكمة الجنايات ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إذ هي أعرضت عن طلب سماع شاهد النفي - ضابط النقطة - الذي طلب سماعه بجلسة المحاكمة ولم تستجب إليه.
5 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم، ذلك بأن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها.
6 - من المقرر أن الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفه من صورة أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهاداتهم فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
7 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوى التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها، وأن لمحكمة الموضوع سلطة الجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره.
8 - من المقرر أن أخذ الحكم بدليل احتمالي غير قادح فيه ما دام قد أسس الإدانة على اليقين.
9 - لما كانت آلة الاعتداء ليست من الأركان الجوهرية للجريمة وإذ نقل الحكم عن التقرير الطبي الشرعي أن إصابات كل من المجني عليهما تحدث من عيار ناري خرطوش، وعن تقرير فحص البندقية المضبوطة أنها خرطوش عيار 12 بماسورة واحدة غير مششخنة ذات خزينة ثابتة وصالحة للاستعمال وسبق إطلاقها، فمن ثم فإن ما يسوقه الطاعن من مطاعن حول أقوال شهود الإثبات وصور الواقعة والتقرير الطبي الشرعي وتقرير فحص السلاح لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة القائمة في الدعوى واستنباط معتقدها، وهو من إطلاقاتها التي لا تجوز مصادرتها فيها لدى محكمة النقض.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: (1) ضرب المجني عليهما..... و ...... بسلاح ناري (بندقية خرطوش) بأن قام بإطلاق عيارين ناريين على المجني عليه الأول فأصابه في إبهام يده اليمنى وجانبه الأيسر مما أدى إلى إصابته على النحو المبين بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف ليده من جرائهما عاهة مستديمة هي بتر السلامية الطرفية لأصبع إبهام اليد اليمنى وتقدر نسبة 15% بينما قام بإطلاق عيارين ناريين أخريين على المجني عليه الثاني فأصابه في ساعده الأيسر أدى إلى إصابته على النحو المبين بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة هي بتر الساعد الأيسر أسفل المرفق وتقدر العاهة بنسبة 60% وهو ما يقلل من كفاءة المصابين على العمل (2) أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن (بندقية خرطوش) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وأحالته إلى محكمة جنايات الزقازيق لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة وادعى المجني عليهما مدنياً قبل المتهم بمبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت لكل منهما، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 26/ 1، 5، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والجدول رقم (2) الملحق مع إعمال المادتين 32، 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبمصادرة السلاح المضبوط عما أسند إليه وبإلزامه بأن يؤدي لكل من المدعين بالحق المدني مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذا دانه بجريمتي إحداث عاهة وإحراز سلاح ناري بدون ترخيص قد ران عليه البطلان وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون وانطوى على الإخلال بحق الدفاع والخطأ في الإسناد، ذلك بأن أثبت على خلاف الحقيقة والواقع موافقة الدفاع على تلاوة أقوال الشهود رغم إصراره على سماعهم، وأطرح ما أثاره المدافعون عن الطاعن من أنه كان في حالة دفاعه شرعي عن النفس والمال، ورد على ذلك بما لا يصلح رداً ودون تحقيق ما ساقه من أدلة تؤيد هذا الدفاع، ولم يستظهر ظروف الدعوى ووقائعها التي ترشح لما خلص إليه من إمكان لجوء الطاعن ووالده إلى السلطات العامة، وأغفل طلبه سماع شهادة رئيس نقطة الشرطة، هذا إلى أن الحكم لم يورد أقوال الرائد...... وأحال بشأنها إلى أقوال المجني عليهما رغم اختلاف أقواله عنهما حيث لم يذكر أن الأرض مكان الحادث ملك المذكورين، كما اعتنق الحكم صورة للحادث غير صورته الحقيقية التي تفصح عن إصابة المجني عليهما إنما حدثت من أسلحة المتجمهرين وأن البين من أقوال المجني عليهما أن الطاعن لم يحدث إصابة أيهما على خلاف ما حصله الحكم، وأخيراً عول الحكم على تقرير فحص السلاح رغم أنه لم يحدد تاريخ الإطلاق وعدد طلقات خزينة البندقية وأخذ بالتقرير الطبي الشرعي حال أنه خلا من أن إصابات المجني عليهما تحدث من البندقية المضبوطة وتاريخ حدوثها ونوع السلاح المستخدم أو عياره وقطعت المحكمة في ذلك جميعه على غير سند، كل هذا مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من التقرير الطبي الشرعي وتقرير فحص السلاح المضبوط، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك، وكان الأصل طبقاً للمادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن الإجراءات قد روعيت فلا يجوز للطاعن أن يدحض ما ثبت بمحضر الجلسة من أن النيابة والدفاع اكتفيا بتلاوة أقوال الشهود والواردة بالتحقيقات والجلسة وأن المحكمة أمرت بتلاوتها وتليت، إلا بالطعن بالتزوير، وهو ما لم يفعله، فإنه لا يقبل منه ما يثيره في هذا الخصوص لما كان ذلك، وكانت المادة 246 من قانون العقوبات بعد أن قننت حق الدفاع الشرعي عن النفس والمال، جاءت المادة 247 من ذات القانون ونصت على أنه "وليس لهذا الحق وجود متى كان من الممكن الركون في الوقت المناسب إلى الاحتماء برجال السلطة العمومية" وهو ما يعني أن استطاعة الاستعانة بالسلطات العمومية لحماية الحق المهدد تحول دون إباحة فعل الدفاع، ويتضح بذلك أن للدفاع الشرعي صفة احتياطية باعتباره لا محل له إلا عند عجز السلطات العمومية عن حماية الحق، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن وأطرح في منطق سائغ دعواه - أنه كان في حالة دفاع شرعي - وخلص إلى أن الثابت من أقوال الطاعن ووالده التي أوردها، ومن ظروف الدعوى، أنها كانت تسمح لهما بالتوجه إلى نقطة الشرطة المختصة وإخطارها بما علما به من توجه المجني عليهما لإقامة القنطرة وأن الوقت والزمن يسمح بذلك دون إهدار لحقوقها، وكانت وقائع الدعوى كما أوردها الحكم في مدوناته ترشح لما انتهى إليه في هذا الشأن، فإن ذلك ينطوي على انتفاء حالة الدفاع الشرعي بجميع صوره المبينة في القانون، وإذ كان من المقرر أن حق قاضي الدعوى في تقدير ما إذا كان من استعمل القوة للدفاع عن المال في إمكانه أن يركن في الوقت المناسب إلى رجال السلطة، وفي تقدير ما إذا كان ممكناً له أن يمنع الاعتداء الواقع على المال بطريقة أخرى غير القوة - هو على حسب ما يؤخذ من نص المادتين 246، 247 من قانون العقوبات - مما يدخل في سلطته المطلقة - لتعلقه بتحصيل فهم الواقع في الدعوى، فيكفي لسلامة الحكم أن تبين المحكمة كيف كان صاحب المال في مقدوره دفع الاعتداء بالالتجاء للسلطة لتصل من ذلك إلى القول بأن ارتكاب صاحب المال للجناية التي وقعت منه لم يكن له مبرر، وهو ما لم يقصر الحكم في تبيانه أو تقديره، وإذ كان تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها يتعلق بموضوع الدعوى، ولمحكمة الموضوع وحدها الفصل فيه بلا معقب متى كان استدلال الحكم سليماً ويؤدي إلى ما انتهى إليه، كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فلا يقبل من الطاعن معاودة الجدل فيما خلصت إليه المحكمة في هذا الخصوص، ويضحى كل ما يثيره الطاعن بأسباب الطعن بصدد الدفاع الشرعي لا محل له. لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن المدافعين عن الطاعن قد اختتم كل منهم مرافعته بطلب الحكم ببراءته مما أسند إليه دون التمسك بسماع شهود أو إجراء معاينة أو أي من طلبات التحقيق التي أثارها في طعنه، فلا على المحكمة إن هي التفتت عنها، لما هو مقرر أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه، ولا ينفك عن التمسك به والإضرار عليه في طلباته الختامية، ومع ذلك فقد عرض الحكم لطلب الطاعن سماع شهود الواقعة وإجراء المعاينة، تدليلاً على حقه في الدفاع الشرعي، وأطرحه سائغاً، فإن منعاه في هذا الصدد لا يكون سديداً، لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يتبع الطريق الذي رسمه قانون الإجراءات الجنائية في المادة 214 مكرراً المضافة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 لإعلان الشاهد الذي يطلب المتهم سماع شهادته أمام محكمة الجنايات ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إذ هي أعرضت عن طلب سماع شاهد النفي - ضابط النقطة - الذي طلب سماعه بجلسة المحاكمة ولم تستجب إليه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ذلك بأن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها وإذا كان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن أقوال الرائد....... التي أحال الحكم في شأنها إلى أقوال المجني عليهما - تتفق في جملتها وجوهرها مع ما حصله الحكم من أقوالهما وإن ادعى الطاعن باختلافها في غير ذلك، فإن نعيه في هذا الخصوص يكون على غير أساس لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه انتهى في تدليل سائغ لا قصور فيه إلى أن الطاعن على سبيل الاستقلال والانفراد أطلق أعيرة نارية على المحني عليهما من بندقية خرطوش يحملها فأحدث بهما الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف عن بعضها عاهة مستديمة بكل منهما، وذلك أخذاً بشهادة الشهود والتي اطمأن إليها وما خلص إليه التقرير الطبي الشرعي، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفه من صورة أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهاداتهم فإن ذلك يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوى التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها، وأن لمحكمة الموضوع سلطة الجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره. كما أن أخذ الحكم بدليل احتمالي غير قادح فيه ما دام قد أسس الإدانة على اليقين، والبين من مدونات الحكم أنه انتهى إلى بناء الإدانة على يقين ثبت لا على افتراض لم يصح، وكانت آلة الاعتداء ليست من الأركان الجوهرية للجريمة وإذ نقل الحكم عن التقرير الطبي الشرعي أن إصابات كل من المجني عليهما تحدث من عيار ناري خرطوش، وعن تقرير فحص البندقية المضبوطة أنها خرطوش عيار 12 بماسورة واحدة غير مششخنة ذات خزينة ثابتة وصالحة للاستعمال وسبق إطلاقها، فمن ثم فإن ما يسوقه الطاعن من مطاعن حول أقوال شهود الإثبات وصورة الواقعة والتقرير الطبي الشرعي وتقرير فحص السلاح لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة القائمة في الدعوى واستنباط معتقدها، وهو من إطلاقاتها التي لا تجوز مصادرتها فيها لدى محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 6944 لسنة 61 ق جلسة 16 / 12 / 1991 مكتب فني 42 ج 2 ق 185 ص 1342

جلسة 16 من ديسمبر سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين مجدي منتصر وحسن حمزة ومجدي الجندي نواب رئيس المحكمة ومصطفى كامل.
--------------
(185)
الطعن رقم 6944 لسنة 61 القضائية
(1) محضر الجلسة. حكم "بياناته" "بيانات الديباجة" "بطلانه". بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ذكر اسم المستشار في الحكم سهواً بدلاً من آخر ورد اسمه في محضر الجلسة. لا يعيبه.
تصحيح هذا الخطأ. يعول فيه على ما أثبت بمحضر جلسة النطق بالحكم. علة ذلك؟
 (2)إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
سقوط الحق في التمسك ببطلان إجراء من إجراءات التحقيق بالجلسة. بعدم اعتراض محامي المتهم رغم حصوله في حضوره. المادة 333 إجراءات.
 (3)إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إعادة إجراءات المحاكمة أو سماع الشهود عند تغيير هيئة المحكمة. غير واجب. ما لم يصر المتهم أو المدافع عنه على ذلك أو ترى المحكمة محلاً لهذه الإعادة.
تنازل المتهم أو المدافع عنه عن طلب إعادة الإجراءات صراحة أو ضمناً. الحكم في الدعوى دون إعادة. لا عيب.
مثال.
 (4)محضر الجلسة. تزوير "الطعن بالتزوير". إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأصل في الإجراءات أنها روعيت. المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959.
إثبات عكس ما أثبت بمحضر الجلسة أو بالحكم. لا يكون إلا بالطعن بالتزوير.
(5) محاكم أمن الدولة. اختصاص "الاختصاص الولائي". دفوع "الدفع بعدم الاختصاص". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" ارتباط. رشوة. تربح. كسب غير مشروع. إضرار عمدي.
اختصاص محاكم أمن الدولة العليا دون غيرها بنظر الجنايات المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني والثاني مكرراً والثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات والجرائم المرتبطة بها. المادة 3/ 1 من القانون رقم 105 لسنة 1980.
تقدير توافر الارتباط. موضوعي.
مثال.
 (6)وصف التهمة. بطلان. محكمة الموضوع "سلطتها في تعديل وصف التهمة". إجراءات "إجراءات المحاكمة". رشوة. تربح.
المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة على الفعل. لها أن ترد الواقعة إلى الوصف القانوني السليم.
(7) وصف التهمة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التغيير في التهمة المحظورة على المحكمة. هو الذي يقع في الأفعال المؤسسة عليها.
 (8)إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي.
 (9)إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود. موضوعي؟
مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشاهد؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
 (10)إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خصومة الشاهد للمتهم. لا تمنع من الأخذ بشهادته.
(11) إثبات "خبرة" "قرائن". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
استناد الحكم إلى ما جاء بتقرير خبير تفريغ الشرائط المسجلة كقرينة معززة لأدلة الثبوت الأساسية التي انبنى عليها. لا عيب.
 (12)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام". دفوع "الدفع ببطلان الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "المصلحة في الطعن".
عدم جدوى النعي على الحكم بالقصور على الرد على دفع ببطلان تقرير لجنة الجهاز المركزي للمحاسبات. طالما لم يتساند الحكم في الإدانة إلى دليل مستمد من هذا التقرير.
 (13)ارتباط "عقوبة الجرائم المرتبطة". عقوبة "تطبيقها" "عقوبة الجريمة الأشد".
مناط تطبيق كل من فقرتي المادة 32 عقوبات وأثر التفرقة بينهما في تحديد العقوبة؟
(14) نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". محكمة النقض "سلطتها".
حق محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم تلقائياً من نفسها. متى تبين أنه بني على خطأ في تطبيق القانون. المادة 35 من القانون 57 لسنة 1959.
(15) عقوبة "العقوبة المبررة". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". رشوة. كسب غير مشروع. الإضرار العمدي. تربح. ارتباط.
اعتبار الحكم جرائم الكسب غير المشروع والإضرار العمدي والتربح والرشوة مرتبطة ببعضها ومعاقبة المتهم بالعقوبة المقررة للجريمة الأخيرة لم يقبل نعيه بشأنها. انعدام مصلحته فيما يثيره بشأن الجرائم الأخرى.
------------------
1 - لما كان البين من الاطلاع على محاضر الجلسات أن الدعوى كانت مؤجلة إلى دور فبراير الذي نظرت فيه اعتباراً من 21/ 2/ 1991 بتشكيل. المستشار/ ..... عضو يسار به، بدلاً من المستشار/ .....، وقامت المحكمة في هذا الدور بسماع الشهود ومرافعات النيابة والدفاع حتى جلسة 28/ 2/ 1991 التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، مما يقطع بأن الهيئة التي سمعت المرافعة وأصدرت الحكم كانت بعضوية المستشار/ .....، وبأن ذكر اسم المستشار/ ..... بديباجة الحكم كان وليد سهو وقع فيه الكاتب، ولما كان المعول عليه في تصحيح هذا الخطأ هو بما يستمد من محضر جلسة النطق بالحكم باعتباره مكملاً له فإن الطعن على هذا السهو لا يكون له محل.
2 - لما كان الثابت أن الدفاع قد أتيح له مجال المرافعة على مدى جلسات متعددة تناول فيها المراحل التي مرت بها الدعوى وما قدم فيها من مستندات وأدلة فإن اختتامه مرافعته بعد ذلك بطلب القضاء بالبراءة مفاده أنه قد أصبح على قناعة بأن الدعوى قد أضحت صالحة للفصل فيها من الهيئة التي أبدى أمامها دفاعه، وكان الدفاع لا يدعي أن حقه في المرافعة قد حجر عليه، فإن منازعته في كفاية ما أتيح لعضو اليسار من وقت للإحاطة بوقائع الدعوى تكون غير مقبولة، إذ كان في إمكانه إيضاح ما يهمه إيضاحه من وقائع خلال المرافعة فضلاً أن هذا المنعى لا يتصل بصحة تشكيل المحكمة أو بولايتها أو باختصاصها مما هو متعلق بالنظام العام وإنما يتصل بإجراءات التحقيق بالجلسة التي يسقط الحق في التمسك ببطلانها متى كان للمتهم محام وحصل الإجراء بحضوره ودون اعتراض منه طبقاًَ لنص المادة 333 من قانون الإجراءات الجنائية، وإذ كان الدفاع عن الطاعن لم يعترض على قيام المحكمة بتحقيق الدعوى وسماع الشهود قبل إتاحة الفرصة لعضو اليسار للإحاطة بالمستندات ولم يطلب التأجيل لهذا الغرض فإن ما يثيره في هذا الخصوص يكون في غير محله.
3 - من المقرر أن القانون لم يوجب عند تغير هيئة المحكمة إعادة الإجراءات أمام الهيئة الجديدة أو تلاوتها إلا إذا أصر المتهم أو المدافع عنه على ذلك أما إذا تنازل عن ذلك صراحة أو ضمناً ولم تر المحكمة من جانبها محلاً لذلك، فلا عليها إن هي قضت في الدعوى واعتمدت في حكمها على الإجراءات المتخذة في مرحلة سابقة ما دامت مطروحة على بساط البحث أمامها، وإذ كان الثابت أن الدفاع عن الطاعن لم يطلب إعادة أي إجراء سبق اتخاذه من هيئة أخرى أو تلاوته فإن منعاه في هذا الشأن يكون على غير أساس.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته ما يفيد تمام المداولة بين أعضاء الهيئة التي أصدرته - على خلاف ما ورد بمذكرة الأسباب - وكان الأصل - طبقاً لنص المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 - أن الإجراءات قد روعيت فلا يجوز دحض ما أثبته الحكم من تمام المداولة إلا بالطعن بالتزوير - وهو ما لم يفعله الطاعن - ومن ثم لا يقبل منه ما يثيره في هذا الشأن.
5 - إن القانون رقم 105 لسنة 1980 قد نص في الفقرة الأولى من مادته الثالثة على أن (تختص محاكم أمن الدولة العليا - دون غيرها - بنظر الجنايات المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني والثاني مكرراً والثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات والجرائم المرتبطة بها) ومن ثم فإن الجرائم المرتبطة تأخذ حكم الجرائم المنصوص عليها في تلك المادة من حيث انفراد محكمة أمن الدولة العليا بنظرها، وكان من المقرر أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام قد أقام قضاءه على ما يحمله، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى بأسباب سائغة إلى توافر الارتباط بين جريمة الكسب غير المشروع وبين جرائم الرشوة والتربح والأضرار المنسوبة إلى الطاعن، وكانت كلتا القضيتين منظورة أمام المحكمة، فإن الاختصاص بنظرهما يكون منعقداً لمحكمة أمن الدولة العليا، ويكون ضم المحكمة لهما وفصلها فيهما - باعتبارها محكمة أمن دولة - بحكم واحد إجراء يتفق وصحيح القانون، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
6 - من المقرر أن محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم بل من واجبها أن تمحص الواقعة المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً، ذلك أنها وهي تفصل في الدعوى غير مقيدة بالواقعة في نطاقها الضيق المرسوم في وصف التهمة المحالة إليها، بل إنها مطالبة بالنظر في الواقعة الجنائية على حقيقتها كما تبين من عناصرها المطروحة عليها ومن التحقيق الذي تجريه بالجلسة، هذا فضلاً عن أن وصف النيابة لا يعدو أن يكون إيضاحاً عن وجهة نظرها، فهو غير نهائي بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذي ترى أنه الوصف القانوني السليم.
7 - لما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى التي استمدها من جماع الأدلة والعناصر المطروحة أمام المحكمة على بساط البحث وانتهى إلى أن ما حصل عليه الطاعن من الشركة آنفة الذكر يندرج تحت وصف الرشوة وليس تربحاً، ودانه عن هذا الفعل على هذا الأساس فإنه لم يتعد بذلك الحق المخول له بالمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية، ذلك أن ما انتهى إليه من تعديل للوصف لم يتضمن تحويراً في كيان الواقعة أو بنيانها القانوني أو إسناد أفعال إلى المتهم غير التي رفعت به الدعوى، إذ أن التغيير المحظور عليه هو الذي يقع في الأفعال المؤسسة عليها الدعوى، والثابت أن الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة وتناولتها التحقيقات والتي كانت مطروحة بالفعل على المحكمة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به والذي دارت على أساسه المرافعة ومن ثم تنحسر عن الحكم دعوى الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع في هذا الخصوص.
8 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال، إذ الرد مستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم.
9 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من المطاعن وحام حولها من الشبهات، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهاداتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان الطاعن لا ينازع في أن ما حصله الحكم من أقوال شهود الإثبات له أصله الثابت بالأوراق، فإن ما يثيره بشأن تعويل الحكم على أقوالهم رغم عدم صحتها يتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
10 - من المقرر أن للمحكمة أن تأخذ بشهادة الشاهد ولو كان بينه وبين المتهم خصومة قائمة متى اطمأنت إليها.
11 - لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على فحوى الدليل الناتج عن هذه التسجيلات، وإنما استندت إليها كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها فإنه لا جناح على الحكم إذ هو عول على تلك القرينة تأييداً وتعزيزاً للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه، ما دام لم يتخذ من نتيجة هذه التسجيلات دليلاً أساسياً على ثبوت الاتهام قبل الطاعن، ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يكون مقبولاً.
12 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه ومن استدلاله أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من تقرير لجنة الجهاز المركزي للمحاسبات ومن ثم فإنه لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان هذا التقرير أو الاعتراضات التي أبداها الطاعن على عملها.
13 - إن المادة 32 من قانون العقوبات إذ نصت في فقرتها الأولى على أنه (إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب اعتبار الجريمة التي عقوبتها أشد والحكم بعقوبتها دون غيرها) فقد دلت بصريح عبارتها على أنه في الحالة التي يكون فيها للفعل الواحد عدة أوصاف يجب اعتبار الجريمة التي تمخض عنها الوصف أو التكييف القانوني الأشد للفعل والحكم بعقوبتها دون غيرها من الجرائم التي تتمخض عنها الأوصاف الأخف والتي لا قيام لها البتة مع قيام الجريمة ذات الوصف الأشد، وذلك على خلاف حالة التعدد الحقيقي للجرائم المرتبطة بعضها ببعض بحيث لا تقبل التجزئة التي اختصت بها الفقرة الثانية من المادة المذكورة، إذ لا أثر لاستبعاد العقوبات الأصلية للجرائم الأخف في وجوب الحكم بالعقوبات التكميلية المتعلقة بهذه الجرائم ضرورة أن العقوبة التكميلية إنما تتعلق بطبيعة الجريمة ذاتها لا بعقوبتها وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى توافر الارتباط بموجب الفقرة الأولى من المادة سالفة الذكر بين جميع الجرائم التي دان الطاعن بها عدا جريمة الإضرار العمدي التي تشكل حالة تعدد حقيقي مع الجرائم الأخرى يخضع لحكم الفقرة الثانية من تلك المادة، وكانت جريمة الرشوة هي الجريمة ذات العقوبة الأشد فإن العقوبة الأصلية والتكميلية المقررة لهذه الجريمة تكون هي وحدها الواجبة التطبيق.
14 - من المقرر أن الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 تجيز للمحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين مما هو ثابت فيه أنه بني على خطأ في تطبيق القانون.
15 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن توافر جريمة الرشوة -ذ وهي الجريمة التي خلصت هذه المحكمة إلى أن ما أثاره الطاعن من مناع على الحكم المطعون فيه بشأنها إنما هي مناع غير مقبولة - وأوقعت عليه - بعد إعمال المادة 17 من قانون العقوبات - عقوبة واحدة عن جميع الجرائم موضوع الاتهام التي دارت عليها المحاكمة، وذلك بالتطبيق للمادة 32/ 1 من قانون العقوبات وهي عقوبة مقررة لجريمة الرشوة التي ثبتت في حق الطاعن على نحو ما سلف، لما كان ذلك، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: 1 - بصفته موظفاً عمومياً "خبير التخطيط والمشروعات والمشرف على الإدارة العامة للأمن الصناعي وحماية البيئة بالهيئة المصرية العامة للبترول" حصل لنفسه على ربح من أعمال وظيفته بأن حصل على مبلغ وقدره 103128.7 دولاراً أمريكياً من شركة أي سي أي الإنجليزية المتعاقدة مع الهيئة المصرية العامة للبترول لتوريد معدات ومهمات الأمن الصناعي وذلك كعمولة نسبتها 6% من قيمة الاعتمادات المستندية المفتوحة لاستيراد مادة المونكس، 5% من قيمة الاعتمادات المستندية المفتوحة لاستيراد مادة البي سي أف حال كونه مختصاً بتحديد كمياتها ومواصفاتها، كما حصل من شركة نيت الكندية على مبلغ 21500 دولار أمريكي، 10000 جنيه مصري مستغلاً في ذلك المعلومات والأبحاث الخاصة بمواجهة التلوث بالشواطئ المصرية والمتوافرة لديه بحكم عمله في هذا المجال وأمد بها الشركة سالفة الذكر حال كونه ممثلاً للهيئة المصرية العامة للبترول في التعاقد معها ومختصاً بالإشراف على ما تقدمه من دراسات وتقيم ما تؤديه من أعمال وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. 2 - بصفته سالف الذكر أضر عمداً بأموال مصالح شركات مصر للبترول والجمعية التعاونية للبترول والسويس للبترول وأنابيب البترول والنصر للبترول والغازات البترولية والمناطق الجغرافية لهذه الشركات والتابعة للهيئة المصرية العامة للبترول والتي يتصل بها بحكم عمله كخبير للتخطيط والمشروعات ومشرف على الإدارة العامة للأمن الصناعي وحماية البيئة بأن طلب استيراد ثماني سيارات إطفاء تلسكوبين وكميات من مواد الإطفاء "85 طن مونكس"، "40 طن فلور وبروتين فوم 20 طن ماء خفيق" وسيارات ورشة متنقلة، بلغت قيمتها 2346831.46 جنيهاً مصرياً وذلك كله رغم عدم طلبها من الشركات سالفة الذكر والتي لم تقم باستخدامها لعدم الحاجة إليها قاصداً زيادة حجم المشتريات لرفع قيمة العمولة التي حصل عليها على النحو المبين بالتحقيقات. وأضافت النيابة العامة تهمة ثالثة إليه بجلسة المرافعة هي أنه بصفته سالفة الذكر طلب وأخذ عطية للقيام بعمل من أعمال وظيفته بأن طلب من جوان انتوني بنيت نسبة 3% من قيمة العقد المبرم بين شركتي رنين وشركة بنيت والبالغة قيمته مليون دولار وأخذ منها 21500 دولار وعشرة آلاف مصري وذلك للقيام بعمل من أعمال وظيفته وهي اعتماد وتقييم الأعمال المقدمة من شركة بنيت في مشروع مكافحة تلوث البيئة وذلك من النحو المبين بالتحقيقات. ثانياً: 1 - بصفته سالفة الذكر حصل على كسب غير مشروع نتيجة ارتكابه لنص عقابي بأن أخذ مبلغ 124628.7 دولار أمريكياً كعمولة في القضيتين موضوع الاتهام المسند إليه في الجناية رقم..... لسنة..... جنايات مدينة نصر السابقة على النحو المبين بالتحقيقات 2 - بصفته آنفة الذكر طرأت زيادة في ثروته لا تتناسب مع موارده المالية قدرها ثمانية وأربعون ألف دولار أمريكي وخمسة وتسعين ألف جنيه ومائة جنيه وقد عجز عن إثبات مصدر مشروع لها على النحو المبين بالتحقيقات، وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة بعد أن قررت ضم الجناية رقم..... لسنة..... مدينة نصر إلى الجناية رقم...... مدينة نصر قضت حضورياً في...... عملاً بالمواد 115، 116/ 1 مكرراً، 118، 118 مكرراً، 119/ ب، 119 مكرراً من قانون العقوبات والمواد 1/ 2، 2/ 5، 10/ 1، 14/ 2، 18/ 3 من القانون 62 لسنة 1975 أولاً: بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات عما أسند إليه. ثانياً: بتغريمه عن موضوع التهمة الأولى المسندة إليه في الجناية رقم..... لسنة...... مدينة نصر وموضوع التهمة المسندة إليه في الجناية...... لسنة...... مدينة نصر وتهمة الرشوة المضافة إليها مبلغ مائة واثنين وسبعون ألف وستمائة وثمانية وعشرون دولار وسبعة سنت وخمسة وتسعون ألف جنيه مصري ومائة جنيه وإلزامه برد مثل هذا المبلغ للجهة التي يعمل بها "الهيئة العامة للبترول".
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم الرشوة والتربح والإضرار العمدي والكسب غير المشروع قد ران عليه البطلان والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق، وشابه التناقض والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه صدر من هيئة مغايرة للهيئة التي سمعت المرافعة إذ أثبت بديباجته أن عضو اليسار بالهيئة التي أصدرته هو المستشار/ ........ بينما أثبت بمحاضر الجلسات أن عضو اليسار بالهيئة التي سمعت المرافعة هو المستشار/ .......، كما أن الأخير لم يلحق بالهيئة إلا اعتباراً من الجلسات التي جرت فيها المرافعة مما لا يتيح له فرصة الإحاطة بوقائع الدعوى وما قدم فيها من مذكرات ومستندات، فضلاً عن عدم مشاركته في الإجراءات السابقة اتخاذها في الدعوى والتي لم تجر تلاوتها بالجلسة وخلا الحكم ومحضر الجلسة مما يفيد حصول المداولة بين أعضاء الهيئة التي سمعت المرافعة وصدر الحكم من محكمة غير مختصة، إذ ضمت المحكمة قضية الكسب غير المشروع إلى القضية الخاصة بباقي الجنايات المنسوبة إلى الطاعن وفصلت فيهما - باعتبارها محكمة أمن دولة - بحكم واحد للارتباط، رغم أن القضية المنضمة كانت محالة إليها كمحكمة جنايات عادية مما يجعل الاختصاص بنظر القضيتين منعقد لمحكمة الجنايات وليس أمن دولة، ودانه الحكم عن تهمة الرشوة رغم أن النيابة كانت قد وجهت إليه تلك التهمة عن واقعة حصوله على مبلغ 70/ 128/ 13 دولاراً من شركة أي سي أي ولكنها لم توردها في أمر الإحالة وأدرجت المبلغ المنوه عنه ضمن المبالغ المكونة لجريمة التربح، وهو ما يشكل أمراً ضمنياً من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية عن جريمة الرشوة، وهو ما تمسك به الدفاع إلا أن الحكم رد على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى بالنسبة لهذه الجريمة بما لا يسوغ إطراحه، كما أطرح دفاعه بأن مبلغ 21.500.00 دولاراً ومبلغ 10.000.000 جنيهاً مصرياً اللذين حصل عليهما من شركة بينيت الكندية كانا أجراً له عن الدراسة التي أعدها لحساب تلك الشركة - عن التلوث البترولي - والتي قام بها في غير أوقات العمل مما يبعد الواقعة عن نطاق التجريم لأن مخالفة ما تفرضه اللوائح من قيود على عمل الموظف لحساب الغير لا يرتب أكثر من المساءلة الإدارية، وقد خلط الحكم بين هذه الدراسة وبين دراسة الجدوى التي قدمتها الشركة المذكورة بعد ذلك والتي أبرم بمقتضاها عقد مشروع مكافحة التلوث الذي وقع عليه بتفويض من وزير البترول، وعول الحكم، على أقوال شهود الإثبات رغم صحتها ولم يفطن إلى الخلاف بينه وبين جون بينيت على المبالغ المستحقة له في ذمة الأخير عن هذه الدراسة، والتفت عن الدفع ببطلان التسجيلات الهاتفية لإجرائها قبل صدور الأمر بالمراقبة ولتجاوزها حدود هذا الأمر الذي اقتصر على تسجيل محادثاته مع ممثلي ووكلاء الشركات الأجنبية وعول على تسجيل محادثاته مع الشاهد/ ....... - الذي لم يكن وكيلاً عن شركة أي. سي. أي في تاريخ التسجيل ورغم عدم مطابقة أرقام الإشعارات التي وردت بأقواله لأرقام إشعارات الإضافة بحساب الدكتور/ ....... - شريك الطاعن - ببنك دي روما بسويسرا، ورد على الدفع ببطلان تقرير لجنة الجهاز المركزي للمحاسبات لعدم حلف أعضائها اليمين وخلو تشكيلها من خبير في الأمن الصناعي برد غير سائغ متلفتاً عن الاعتراضات التي أبداها....... على عملها، هذا فضلاً عن تناقض الحكم في أسبابه إذ أورد في تحصيله للواقعة أن الطاعن فرض على الشركات التابعة للهيئة شراء خمسة عشر سيارة إطفاء تليسكوبية ثم انتهى إلى استبعاد قيمة تلك السيارات من جريمة الإضرار، وخلا الحكم من أسباب تحمل قضاءه بالإدانة عن جريمة الكسب غير المشروع، والتفت - إيراداً ورداً عن المستندات التي قدمها والمثبتة لمصادر دخله، وأخطأ الحكم في مقدار العمولة التي نسب إلى الطاعن الحصول عليها من شركة أي. سي. آي فأورد أنها 70/ 128/ 103 دولاراً وليس 70/ 128/ 13 دولاراً كما ورد بالتحقيقات مما أدى إلى خطئه في العقوبات التكميلية التي ألزم الطاعن بها، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى فيما مفاده أن الطاعن يعمل مديراً لإدارة الأمن الصناعي وحماية البيئة بالهيئة العامة للبترول التي تتولى الإشراف على جميع شركات البترول العاملة بالبلاد، وكان يتبع في استيراد احتياجات تلك الشركات من مواد الإطفاء (نظام التجميع) بأن ترسل كل منها إلى الطاعن بياناً بما تحتاج إليه من هذه المواد، وبعد تجميع هذه البيانات وعرضها على لجنة الدراسة - التي كان الطاعن يسيطر عليها - يتم العرض على لجنة البت بمذكرة من الطاعن تتضمن التوصية بإرساء العطاء على إحدى الشركات المتقدمة بعطاءات، وأن الطاعن كان على صلة ببعض هذه الشركات ومنها سافال الهولندية وآي. سي. آي البريطانية وبينيت الكندية ويحصل منها على نسبة تتراوح بين 5، 6% من قيمة ما يتم توريده منها من مواد الإطفاء حسب نوع المادة وإلا أفشى عرضها مما يحول دون فوزها بالعطاء، وكان يضيف كميات أكثر مما طلبته الشركات من هذه المواد مما كان يؤدي إلى فسادها لطول مدة التخزين، وفرض على شركات البترول سيارات إطفاء تليسكوبية استورد خمسة عشر سيارة منها - رغم عدم توافر إمكانيات تشغلها - بلغت قيمتها 460/ 831/ 346/ 3 جنيهاً، وذلك لزيادة ما يحصل عليه من عمولات كانت تدفع إليه إما بإيداعها في حساب صديقه......، لدى أحد بنوك سويسرا - ثم يتولى الأخير تحويلها إلى حساب الطاعن أو نجله.......، وقد بلغ جملة ما حول إليه بهذا الطريق ../ 219/ 70 دولار، ../ 895/ 15 جنيهاً استرلينياً وإما بدفعها إلى الطاعن نقداً، كما تقدمت شركة بينيت بمشروع لمكافحة التلوث البترولي بالمياه الإقليمية، ساهمت فيه الحكومة الكندية بمبلغ ../ .../ 459 دولاراً كمنحة مشروطة بأن تقدم تلك الشركة بعمل الدراسات وبرامج التنفيذ، وبلغت حصة مصرفي التكلفة ../ .../ 2.856 دولاراً، ../ .../ 92 جنيهاً مصرياً، وكان الطاعن هو ممثل مصر في التوقيع على عقد المشروع والمشرف على تنفيذه، وقد طلب لنفسه نسبة 3% من تكلفة المشروع ومبلغ ../ .../ 400 دولاراً مقابل اعتماد مستحقات الشركة المذكورة حصل منها على مبلغ ../ 5000/ 21 دولاراً سلمها إليه جون انتوني بنيت - صاحب الشركة المذكورة نقداً - ومبلغ ../ .../ 10 جنيهاً مصرياً حول إلى حسابه لدى بنك مصر بالشيك رقم...... بتاريخ 12/ 4/ 1988، ولما شاعت سمعة الطاعن في تقاضي العمولات والرشاوى أبعده رئيس الهيئة عن العمل بها وألغى نظام تجميع الاحتياجات وبلغ ما حققه الطاعن من كسب غير مشروع 70/ 628/ 124 دولاراً فضلاً عن مبلغ ../ .../ 48 دولاراً أخرى ومبلغ ../ .../ 95 جنيهاً مصرياً. وقد ساق الحكم على صحة إسناد هذه الجرائم إلى الطاعن وثبوتها في حقه أدلة استمدها من أقوال كل من....... عضو الرقابة الإدارية، و....... رئيس هيئة البترول، و........ نائب رئيس تلك الهيئة، و....... رئيس شركة "أنابيب البترول"، و......... رئيس شركة انبى، و....... رئيس شركة بترول بلاعيم، و........ رئيس شركة ويبكو، و....... وكيل أول وزارة البترول، و.......... مدير البنك التجاري الدولي، و........ مديرة الموافقات الاستيرادية بالهيئة والمهندس....... بشركة بينيت، وكل من......، و.......، و.........، و........، و........، و.........، و.........، و.......... مديري إدارات الأمن الصناعي بالهيئة والشركات التابعة لها، ومما قرره كل من.......، و........ نائب مدير شركة أي. سي. أي و.........، ومن الأوراق المضبوطة مع الطاعن وبمسكنه ومما ورد باعترافه، ومما ثبت بالتسجيلات الهاتفية المأذون بإجرائها، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها، وحصل الحكم مؤدى كل منها في بيان واف. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محاضر الجلسات أن الدعوى كانت مؤجلة إلى دور فبراير الذي نظرت فيه اعتباراً من 21/ 2/ 1991 بتشكيل المستشار/ ...... عضو يسار به، بدلاً من المستشار/ ......... وقامت المحكمة في هذا الدور بسماع الشهود ومرافعات النيابة والدفاع حتى جلسة 28/ 2/ 1991 التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، مما يقطع بأن الهيئة التي سمعت المرافعة وأصدرت الحكم كانت بعضوية المستشار/ ...... وبأن ذكر اسم المستشار/ ......... بديباجة الحكم كان وليد سهو وقع فيه الكاتب، ولما كان المعول عليه في تصحيح هذا الخطأ هو بما يستمد من محضر جلسة النطق بالحكم باعتباره مكملاً له، فإن الطعن على هذا السهو لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الدفاع قد أتيح له مجال المرافعة على مدى جلسات متعددة تناول فيها المراحل التي مرت بها الدعوى وما قدم فيها من مستندات وأدلة فإن اختتامه مرافعته بعد ذلك بطلب القضاء بالبراءة مفاده أنه قد أصبح على قناعة بأن الدعوى قد أضحت صالحة للفصل فيها من الهيئة التي أبدى أمامها دفاعه، وكان الدفاع لا يدعي أن حقه في المرافعة قد حجز عليه، فإن منازعته في كفاية ما أتيح لعضو اليسار من وقت للإحاطة بوقائع الدعوى تكون غير مقبولة. إذ كان في إمكانه إيضاح ما يهمه إيضاحه من وقائع خلال المرافعة فضلاً أن هذا المنعى لا يتصل بصحة تشكيل المحكمة أو بولايتها أو باختصاصها مما هو متعلق بالنظام العام وإنما يتصل بإجراءات التحقيق بالجلسة التي يسقط الحق في التمسك ببطلانها متى كان للمتهم محام وحصل الإجراء بحضوره ودون اعتراض منه طبقاًَ لنص المادة 333 من قانون الإجراءات الجنائية، وإذ كان الدفاع عن الطاعن لم يعترض على قيام المحكمة بتحقيق الدعوى وسماع الشهود قبل إتاحة الفرصة لعضو اليسار للإحاطة بالمستندات ولم يطلب التأجيل لهذا الغرض، فإن ما يثيره في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان القانون لم يوجب عند تغيير هيئة المحكمة إعادة الإجراءات أمام الهيئة الجديدة أو تلاوتها إلا إذا أصر المتهم أو المدافع عنه على ذلك أما إذا تنازل عن ذلك صراحة أو ضمناً ولم تر المحكمة من جانبها محلاً لذلك، فلا عليها إن هي قضت في الدعوى واعتمدت في حكمها على الإجراءات المتخذة في مرحلة سابقة ما دامت مطروحة على بساط البحث أمامها، وإذ كان الثابت أن الدفاع عن الطاعن لم يطلب إعادة أي إجراء سبق اتخاذه من هيئة أخرى أو تلاوته فإن منعاه في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته ما يفيد تمام المداولة بين أعضاء الهيئة التي أصدرته - على خلاف ما ورد بمذكرة الأسباب - وكان الأصل - طبقاً لنص المادة 30 من القانون 57 لسنة 1959 - أن الإجراءات قد روعيت فلا يجوز دحض ما أثبته الحكم من تمام المداولة إلا بالطعن بالتزوير - وهو ما لم يفعله الطاعن - ومن ثم لا يقبل منه ما يثيره في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 105 لسنة 1980 قد نص في الفقرة الأولى من مادته الثالثة على أن (تختص محاكم أمن الدولة العليا - دون غيرها - بنظر الجنايات المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني والثاني مكرراً والثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات والجرائم المرتبطة بها) ومن ثم فإن الجرائم المرتبطة تأخذ حكم الجرائم المنصوص عليها في تلك المادة من حيث انفراد محكمة أمن الدولة العليا بنظرها، وكان المقرر أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام قد أقام قضاءه على ما يحمله، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى بأسباب سائغة إلى توافر الارتباط بين جريمة الكسب غير المشروع وبين جرائم الرشوة والتربح والأضرار المنسوبة إلى الطاعن، وكانت كلتا القضيتين منظورة أمام المحكمة، فإن الاختصاص بنظرهما يكون منعقداً لمحكمة أمن الدولة العليا، ويكون ضم المحكمة لهما وفصلها فيهما - باعتبارها محكمة أمن دولة - بحكم واحد إجراء يتفق وصحيح القانون، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه لم يعدل الوصف الذي أقيمت به الدعوى عن واقعة حصول الطاعن على عمولة من شركة آي. سي. آي وهو التربح، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من سبق صدور أمر ضمني من النيابة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى بتهمة الرشوة عن تلك الواقعة وما ينعاه على رد الحكم على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى بشأنها يكون في غير محله، لأن الحكم دانه بتهمة الرشوة عن واقعة أخرى هي حصوله من شركة بينيت على مبلغ 21.500.000 دولار ومبلغ 10.000 جنيهاً، وهي واقعة لم يدع الطاعن بأنه قد صدر بشأنها أي أمر - صريح أو ضمني - من النيابة بأوجه لإقامة الدعوى الجنائية عنها، ولا يمارى في أن تحقيقات النيابة قد شملتها وأن الدعوى الجنائية عنها قد أقيمت فعلاً من النيابة بوصف أنها تشكل جريمة التربح وأصبحت - من ثم - مطروحة على المحكمة، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم بل من واجبها أن تمحص الواقعة المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً، ذلك أنها وهي تفصل في الدعوى غير مقيدة بالواقعة في نطاقها الضيق المرسوم في وصف التهمة المحالة إليها، بل إنها مطالبة بالنظر في الواقعة الجنائية على حقيقتها كما تبين من عناصرها المطروحة عليها ومن التحقيق الذي تجريه بالجلسة، هذا فضلاً عن أن وصف النيابة لا يعدو أن يكون إيضاحاً عن وجهة نظرها، فهو غير نهائي بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذي ترى أنه الوصف القانوني السليم، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى التي استمدها من جماع الأدلة والعناصر المطروحة أمام المحكمة على بساط البحث وانتهى إلى أن ما حصل عليه الطاعن من الشركة آنفة الذكر يندرج تحت وصف الرشوة وليس تربحاً، ودانه عن هذا الفعل على هذا الأساس فإنه لم يتعد بذلك الحق المخول له بالمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية، ذلك أن ما انتهى إليه من تعديل للوصف لم يتضمن تحويراً في كيان الواقعة أو بنيانها القانوني أو إسناد أفعال إلى المتهم غير التي رفعت به الدعوى، إذ أن التغيير المحظور عليه هو الذي يقع في الأفعال المؤسسة عليها الدعوى، والثابت أن الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة وتناولتها التحقيقات والتي كانت مطروحة بالفعل على المحكمة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به والذي دارت على أساسه المرافعة ومن ثم تنحسر عن الحكم دعوى الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال، إذ الرد مستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، فإن ما يثيره الطاعن بشأن التفات الحكم عن دفاعه بأن ما حصل عليه من شركة بينيت كان أجراً له عن الدراسة التي قام بها لحسابها في غير أوقات العمل، والخلط بينها وبين دراسة الجدوى التي قدمتها الشركة بعد ذلك، لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح، وهو ما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض. لما كان ذلك وكان المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من المطاعن وحام حولها من الشبهات، كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهاداتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان الطاعن لا ينازع في أن ما حصله الحكم من أقوال شهود الإثبات له أصله الثابت بالأوراق، فإن ما يثيره بشأن تعويل الحكم على أقوالهم رغم عدم صحتها يتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تأخذ بشهادة الشاهد ولو كان بينه وبين المتهم خصومة قائمة متى اطمأنت إليها. فإن ما يثيره الطاعن بشأن تعويل الحكم على شهادة....... يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان الإذن بالتسجيل وبطلان التسجيلات في قوله (أن تحريات الرقابة الإدارية كانت جادة بصدد ما ارتكبه المتهم وقد أوردت بصدد محاضر جمع الاستدلالات الوقائع المنسوبة إلى المتهم دون أن تختلف في شيء عما ثبت في حق المتهم، ومن ثم يكون الدفع ببطلان إذن النيابة بتسجيل المحادثات على تليفون المتهم في غير محله لأنه بني على إجراءات صحيحة وتحريات جادة، وكذلك الدفع ببطلان محادثات غير المتهم من تليفونه، ذلك أن الإذن بتسجيل المحادثات يرد على ما يجري من محادثات على التليفون الموضوع تحت الرقابة فيما يختص ويتصل بوقائع الاتهام ومنها حديث........ الذي كان ممثلاً لشركة آي. سي. آي في مصر والذي بان منه نسبة العمولة وما سدد منها، وقد كان مع المتهم شخصياً، أما التسجيلات التي لا صلة لها بالاتهام فلا محل للقول ببطلانها لعدم جدوى ذلك أما عن الدفع ببطلان ترجمة المحادثات......) وهو رد سائغ من شأنه أن يؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه، هذا فضلاً عما هو ثابت من مدونات الحكم المطعون فيه من أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على فحوى الدليل الناتج عن هذه التسجيلات، وإنما استندت إليها كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها فإنه لا جناح على الحكم إذ هو عول على تلك القرينة تأييداً وتعزيزاً للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه، ما دام لم يتخذ من نتيجة هذه التسجيلات دليلاً أساسياً على ثبوت الاتهام قبل الطاعن، ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه ومن استدلاله أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من تقرير لجنة الجهاز المركزي للمحاسبات ومن ثم فإنه لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان هذا التقرير أو الاعتراضات التي أبداها الطاعن على عملها. لما كان ذلك، وكانت المادة 32 من قانون العقوبات إذ نصت في فقرتها الأولى على أنه (إذ كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب اعتبار الجريمة التي عقوبتها أشد والحكم بعقوبتها دون غيرها) فقد دلت بصريح عبارتها على أنه في الحالة التي يكون فيها للفعل الواحد عدة أوصاف يجب اعتبار الجريمة التي تمخض عنها الوصف أو التكييف القانوني الأشد للفعل والحكم بعقوبتها دون غيرها من الجرائم التي قد تتمخض عنها الأوصاف الأخف والتي لا قيام لها البتة مع قيام الجريمة ذات الوصف الأشد، وذلك على خلاف حالة التعدد الحقيقي للجرائم المرتبطة بعضها ببعض بحيث لا تقبل التجزئة التي اختصت بها الفقرة الثانية من المادة المذكورة، إذ لا أثر لاستبعاد العقوبات الأصلية للجرائم الأخف في وجوب الحكم بالعقوبات التكميلية المتعلقة بهذه الجرائم ضرورة أن العقوبة التكميلية إنما تتعلق بطبيعة الجريمة ذاتها لا بعقوبتها، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى توافر الارتباط بموجب الفقرة الأولى من المادة سالفة الذكر بين جميع الجرائم التي دان الطاعن بها عدا جريمة الإضرار العمدي التي تشكل حالة تعدد حقيقي مع الجرائم الأخرى يخضع لحكم الفقرة الثانية من تلك المادة، وكانت جريمة الرشوة هي الجريمة ذات العقوبة الأشد فإن العقوبة الأصلية والتكميلية المقررة لهذه الجريمة تكون هي وحدها الواجبة التطبيق، إزاء ما هو ثابت من أن الحكم المطعون فيه لم يوقع على الطاعن العقوبة التكميلية المقررة لجريمة الإضرار العمدي والتي لا تجبها العقوبة المقررة للجريمة ذات العقوبة الأشد - ولا محل لإيقاعها حتى لا يضار الطاعن بطعنه - وكانت المادة 103 من قانون العقوبات قد حددت العقوبة التكميلية المقررة لجريمة الرشوة وهي الغرامة التي لا تقل عن 1000 جنيه ولا تزيد على ما أعطى للجاني أو وعد به وكان الحكم قد أثبت أن ما أعطي للطاعن على سبيل الرشوة هو مبلغ 21.500.000 دولاراً ومبلغ 10.000.00 جنيه مصري، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه فيما تجاوز فيه هذين المبلغين من غرامة - وهما فقط الجائز الحكم بإلزام الطاعن بهما باعتبار أنهما العقوبة التكميلية لجريمة الرشوة ذات العقوبة الأشد - وفيما قضى به من الرد قد أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بعقوبات تكميلية مقررة للجرائم ذات العقوبة الأخف جبتها العقوبة المقررة لجريمة الرشوة ذات العقوبة الأشد. لما كان ذلك، وكانت الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 تجيز للمحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين مما هو ثابت فيه أنه بني على خطأ في تطبيق القانون، فإنه يتعين - إعمالاً لما تقدم - نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء عقوبة الرد وقصر مبلغ الغرامة المقضى بإلزام الطاعن بها على مبلغ 21.500.000 دولاراً ومبلغ 10.000.000 جنيه مصري، لما كان ما تقدم، فإنه لا مصلحة للطاعن - من بعد - فيما يثيره بخصوص جرائم التربح والإضرار العمدي والكسب غير المشروع، طالما أن الحكم المطعون فيه قد أثبت في حقه توافر جريمة الرشوة - وهي الجريمة التي خلصت هذه المحكمة إلى أن ما أثاره الطاعن من مناع على الحكم المطعون فيه بشأنها إنما هي مناع غير مقبولة - وأوقعت عليه - بعد إعمال المادة 17 من قانون العقوبات - عقوبة واحدة عن جميع الجرائم موضوع الاتهام التي دارت عليها المحاكمة، وذلك بالتطبيق للمادة 32/ 1 من قانون العقوبات وهي عقوبة مقررة لجريمة الرشوة التي ثبتت في حق الطاعن على نحو ما سلف. لما كان ذلك، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 5555 لسنة 59 ق جلسة 28 / 11 / 1991 مكتب فني 42 ج 2 ق 175 ص 1265


جلسة 28 من نوفمبر سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/ محمد الصوفي عبد الجواد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة ومحمد طلعت الرفاعي ومحمد عادل الشوربجي ومحمود شريف فهمي.
------------
(175)
الطعن رقم 5555 لسنة 59 القضائية

نقض "ما لا يجوز الطعن فيه من أحكام". استئناف. نيابة عامة.
عدم طعن النيابة العامة بالاستئناف في الحكم الصادر من محكمة أول درجةيمنعها من الطعن بالنقض. علة ذلك: النقض طريق استثنائي للطعن في الأحكام لتدارك خطأ الأحكام النهائية في القانون.
ليس للخصم الطعن بالنقض بعد ما أوصد على نفسه باب الاستئناف.

---------------
من المقرر أن المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قصرت الطعن بطريق النقض من النيابة العامة والمحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية والمدعى بها على الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح دون غيرها، ومعنى كون الحكم قد صدر انتهائياً أنه صدر غير مقبول الطعن فيه بطريق عادي من طرق الطعن، ومن ثم فمتى كان الحكم الصادر من محكمة أول درجة قد صار انتهائياً بقبوله ممن صدر عليه أو بتفويته على نفسه استئنافه في ميعاده فقد حاز قوة الأمر المقضي ولم يجز من بعد الطعن فيه بطريق النقض - والعلة في ذلك أن النقض ليس طريقاً عادياً للطعن على الأحكام وإنما هو طريق استثنائي لم يجزه الشارع إلا بشروط مخصوصة لتدارك خطأ الأحكام النهائية في القانون فإذا كان الخصم قد أوصد على نفسه باب الاستئناف - وهو طريق عادي - حيث كان يسعه استدراك ما شاب الحكم من خطأ في الواقع أو في القانون لم يجز له من بعد أن ينهج سبيل الطعن بالنقض، وإذ كان الثابت من مطالعة الحكم المطعون فيه أن المدعي بالحقوق المدنية، وحده هو الذي استأنف حكم محكمة أول درجة دون النيابة العامة أو المتهمة وأن قضاء الحكم المطعون فيه قد جرى على تأييد الحكم المستأنف فيصدق القول بأن الحكمين الابتدائي والاستئنافي قد اندمجا وكونا قضاءً واحداً. الأمر الذي يجعل طعن النيابة العامة غير جائز.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدها بأنها - أولاً: تهربت من أداء ضريبة الاستهلاك المقررة قانوناً بأن حازت سلعة (عدد 460 شريط فيديو مسجل) خاضعة للضريبة على الاستهلاك بغرض التجارة دون أن تكون مصحوبة بمستندات أو مواصفات أو أختام تفيد سداد الضريبة المستحقة عليها على النحو الثابت بالأوراق. ثانياً: بصفتها ملتزمة بالضريبة على الاستهلاك لم تقدم بياناً بالرصيد الموجود لديها من سلع (عدد 460 شريط فيديو مسجل خاضع للضريبة على الاستهلاك) وذلك خلال الميعاد المحدد على النحو المقرر قانوناً، وطلبت عقابها بالمواد 1، 2، 3، 4، 4 مكرراً، 6، 45، 54، 54 مكرراً، 57 من القانون رقم 133 سنة 1981 المعدل بالقانون رقم 102 لسنة 1982 والبند 54 "ب" من الجدول المرفق المعدل بقرار رئيس الجمهورية رقم 360 لسنة 1982. وادعى وزير المالية بصفته مدنياً قبل المتهمة بمبلغ 32010 جنيهاً مقابل الضريبة المستحقة وثلاث أمثالها وبدل المصادرة. ومحكمة جرائم الشئون المالية بالقاهرة قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهمة ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسمائة جنيه لوقف التنفيذ وإلزامها بأداء الضريبة المستحقة وتعويض يعادل ثلاثة أمثالها. استأنف وزير المالية بصفته ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة
من حيث إن المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - قصرت الطعن بطريق النقض من النيابة العامة والمحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية والمدعى بها على الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح دون غيرها، ومعنى كون الحكم قد صدر انتهائياً أنه صدر غير مقبول الطعن فيه بطريق عادي من طرق الطعن، ومن ثم فمتى كان الحكم الصادر من محكمة أول درجة قد صار انتهائياً بقبوله ممن صدر عليه أو بتفويته على نفسه استئنافه في ميعاده فقد حاز قوة الأمر المقضي ولم يجز من بعد الطعن فيه بطريق النقض، والعلة في ذلك أن النقض ليس طريقاً عادياً للطعن على الأحكام وإنما هو طريق استثنائي لم يجزه الشارع إلا بشروط مخصوصة لتدارك خطأ الأحكام النهائية في القانون، فإذا كان الخصم قد أوصد على نفسه باب الاستئناف - وهو طريق عادي - حيث كان يسعه استدراك ما شاب الحكم من خطأ في الواقع أو في القانون لم يجز له من بعد أن ينهج سبيل الطعن بالنقض، وإذ كان الثابت من مطالعة الحكم المطعون فيه أن المدعي بالحقوق المدنية، وحده هو الذي استأنف حكم محكمة أول درجة دون النيابة العامة أو المتهمة وأن قضاء الحكم المطعون فيه قد جرى على تأييد الحكم المستأنف فيصدق القول بأن الحكمين الابتدائي والاستئنافي قد اندمجا وكونا قضاءً واحداً. الأمر الذي يجعل طعن النيابة العامة غير جائز.