الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 15 أبريل 2020

الطعن 3888 لسنة 58 ق جلسة 11/ 12/ 1988 مكتب فني 39 ج 2 ق 197 ص 1289


جلسة 11 من ديسمبر سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ مسعد الساعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وعادل عبد الحميد وأحمد عبد الرحمن وحسين الشافعي.
-----------------
(197)
الطعن رقم 3888 لسنة 58 القضائية

 (1)محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي في المادة 378 إجراءات على وجوب أن يكون تأجيل نظر القضية ليوم معين سواء في ذات الدور أو دور مقبل من قبيل الأحكام التنظيمية. لا بطلان على مخالفتها.
الدفع ببطلان قرار المحكمة بإعادة الدعوى للمرافعة لدور مقبل غير معين مع استمرار حبس المتهمين. تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام النقض.
 (2)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
لا عبرة بما اشتمل عليه بلاغ الواقعة. إنما العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة.
 (3)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود".
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشهود؟
 (4)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تأخر الشاهد في الإدلاء بشهادته أو قرابته للمجني عليه. لا يمنع المحكمة من الأخذ بها. ما دامت قد اطمأنت إليها. علة ذلك؟
الجدل الموضوعي. لا على المحكمة إن هي التفتت عنه. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
 (5)إثبات "شهود" "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تطابق الدليل القولي مع الدليل الفني ليس بلازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملائمة والتوفيق.
 (6)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بتتبع مناحي دفاع المتهم والرد عليها استقلالاً. طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها.
 (7)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق المحكمة في الأخذ بالشهادة السماعية. حد ذلك؟
 (8)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي.
 (9)سلاح. محكمة الموضوع. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خلوص الحكم إلى ثبوت تهمتي إحراز سلاح ناري وذخيرة في حق الطاعنين استنتاجاً من ثبوت ارتكابهما واقعة قتل المجني عليهما عمداً مع سبق الإصرار بإطلاق مقذوفات نارية عليهما أحدثت إصاباتهما التي أودت بحياتها. استنتاج لازم في منطق العقل. النعي على الحكم بالقصور في الاستدلال لإغفاله التحدث عن تقرير فحص السلاح المضبوط الذي أثبت عدم صلاحيته في غير محله.
 (10)ظروف مشددة. سبق إصرار. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير سبق الإصرار".
تقدير توافر سبق الإصرار. موضوعي.
 (11)قتل عمد. جريمة "أركانها". سبق إصرار. عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن".
القضاء بعقوبة تدخل في حدود العقوبة المقررة للقتل العمد بغير سبق إصرار. النعي على الحكم في شأن الظرف المشدد. غير مقبول.
 (12)دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
نفي التهمة. دفاع موضوعي. لا يستأهل رداً.
 (13)حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم قبول النعي على الحكم خطأه في الإسناد. متى أقيم على ما له أصل في الأوراق.

-------------------
1 - لما كانت الفقرة الثانية من المادة 378 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 107 لسنة 1962 قد أوجبت عند تأجيل نظر القضية لأسباب جدية أن يكون التأجيل ليوم معين سواء في ذلك الدور أو في دور مقبل، إلا أن ذلك ليس إلا من قبيل الأحكام التنظيمية التي لا يترتب البطلان على مخالفتها فضلاً عن أن منعى الطاعنين ببطلان قرار المحكمة بإعادة الدعوى للمرافعة لدور مقبل غير معين مع استمرار حبس المتهمين إنما ينطوي على تعييب للإجراءات التي جرت في المرحلة السابقة على المحاكمة بما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
2 - من المقرر أنه لا عبرة بما اشتمل عليه بلاغ الواقعة وإنما العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة مما استخلصته من التحقيقات.
3 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
4 - من المقرر أن تأخر الشاهد في أداء شهادته أو قرابته للمجني عليه لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد اطمأنت إليها، ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع، وكل جدل يثيره الطاعنان في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ولا على الحكم إذ التفت عن الرد عليه ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله.
5 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني في كل جزئية بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملائمة والتوفيق.
6 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
7 - من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى، إذ المرجع في تقدير قيمة الشهادة ولو كانت منقولة هو إلى محكمة الموضوع وحدها فمتى صدقتها واطمأنت إلى صحتها ومطابقتها للحقيقة فلا تصح مصادرتها في الأخذ بها والتعويل عليها.
8 - من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وتفصيلها في كل جزئية منها وبيان العلة فيما أعرضت عنه من شواهد النفي أو أخذت به من أدلة الثبوت ما دام لقضائها وجه مقبول.
9 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يسند إلى الطاعنين إحراز السلاح المضبوط، وإنما أسند إلى كل منهما إحراز السلاح الناري والذخيرة التي استعملها في الحادث واعتمد في ذلك على أقوال الشهود وما أسفر عنه تقرير الصفة التشريحية من أن إصابات المجني عليهما حدثت من أعيرة نارية معمرة بمقذوفات مفرد مما يلزم عنه إحراز كل منهما للسلاح الناري الذي أحدث تلك الإصابات والذخيرة، ولم يعرض الحكم للسلاح المضبوط إلا بصدد القضاء بمصادرته، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور والفساد في الاستدلال لعدم التعرض إلى ما ثبت من تقرير فحص السلاح المضبوط من أنه غير صالح للاستعمال يكون في غير محله ذلك أن الحكم بعد أن أثبت تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بجانب شروع في قتل في حق الطاعنين وأنها حصلت من مقذوفات نارية خلص إلى ثبوت تهمتي إحراز السلاح والذخيرة في حقهما استنتاجاً من أن إصابات المجني عليهما والتي أودت بحياتهما نتجت من مقذوفات نارية أطلقها الطاعنان من بندقيتهما وهو استنتاج لازم في منطق العقل. كما لا يقدح في سلامة الحكم إغفاله التحدث عن السلاح المضبوط وما جاء في شأنه بتقرير الفحص لأنه لم يكن ذي أثر في عقيدة المحكمة ولم تعول عليه في قضائها ومحكمة الموضوع لا تلتزم في أصول الاستدلال بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
10 - من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لهذا الظرف وكشف توافره وساق لإثباته من الدلائل والقرائن ما يكفي لتحققه طبقاً للقانون.
11 - لما كان الحكم قد قضى على الطاعنين بعقوبة داخلة في حدود العقوبة المقررة للقتل العمد بغير سبق إصرار فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.
12 - من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
13 - لما كان ما حصله الحكم من أدلة الثبوت له أصله الثابت بالأوراق فإن النعي على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد لاستناده في قضائه إلى قائمة أدلة الثبوت دون الرجوع إلى التحقيقات لا يكون مقبولاً.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين - وآخر - أولاً: قتلوا..... و...... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتلهما وأعدوا لذلك أسلحة نارية معمرة وانتظروهما في الطريق الذي أيقنوا مرورهما فيه وما أن ظفروا بهما حتى أطلق عليهما المتهمان الأول والثاني عدة أعيرة نارية قاصدين قتلهما بينما وقف المتهم الآخر بمكان الحادث يشد من أزرهما فأحدثا بهما الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها - وقد تقدمت هذه الجناية جناية أخرى هي أنهم في الزمان والمكان سالفي الذكر شرعوا في قتل..... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك أسلحة نارية وما أن ظفروا به حتى أطلق عليه المتهمان الأول والثاني عدة أعير نارية قاصدين قتله بينما وقف المتهم الآخر بمكان الحادث يشد من أزرهما كما تلت تلك الجناية جناية أخرى أنهم في الزمان والمكان سالفي الذكر شرعوا في قتل...... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وتوجهوا إلى مكان تواجده أمام مسكنه وأطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين قتله وقد خاب أثر الجريمتين لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو فرار المجني عليهما. ثانياً: أحرز كل منهم سلاحاً نارياً مششخناً "بندقية" بدون ترخيص من الجهة المختصة. ثالثاً: أحرز كل منهم ذخائر "طلقات" مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه. وأحالتهم إلى محكمة جنايات شبين الكوم لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى كل من..... والد المجني عليهما....... و....... مديناً قبل المتهمين متضامنين بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45، 46/ 1، 32، 231، 232، 234 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 2، 5، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند (ب) من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق بالقانون المذكور مع إعمال المادتين 32، 17 من قانون العقوبات. أولاً: بمعاقبة المتهمين الأول والثاني بالأشغال الشاقة المؤبدة عما أسند إليهما ومصادرة المضبوطات وبراءة المتهم الآخر مما أسند إليه. ثانياً: في الدعوى المدنية بإلزامها متضامنين بأن يؤديا للمدعيين بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بجناية شروع في قتل وإحراز سلاح ناري بغير ترخيص قد شابه بطلان في الإجراءات وقصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع وخطأ في الإسناد، ذلك بأن الحكم خلا من بيان المحكمة التي أصدرته. كما أن المحكمة بهيئة سابقة قررت بجلسة...... حجز الدعوى للحكم لجلسة..... مع استمرار حبس المتهمين وبتلك الجلسة الأخيرة قررت إعادة الدعوى للمرافعة لدور مقبل، وقد جاء هذا القرار باطلاً ومخالفاً لقانون الإجراءات الجنائية الذي استوجب أن يكون التأجيل ليوم محدد في دور محدد ما دام أن المتهمين محبسون. هذا إلى أن دفاع الطاعنين قام على أساس التأخير في الإبلاغ عن الحادث وخلو البلاغ من ذكر أسماء المتهمين وأن أياً من الشهود لم ير واقعة إطلاق النار على المجني عليهما وأن الشاهد...... لم يكن بمكان الحادث ولم يتقدم للشهادة إلا بعد مضي مدة طويلة من بداية التحقيق وأن الشاهدة..... تربطها بالمجني عليهما صلة القربى، وأن الشهود أجمعوا على أن إطلاق الأعيرة النارية كان في مواجهة المجني عليهما في حين أن الثابت من التقرير الطبي الشرعي أن جميع إصاباتهما من الخلف، وأن المحكمة عولت على أقوال الشهود رغم أن شهادتهم سماعية خاصة وقد أكد شهود النفي براءة الطاعنين، وأن السلاح المضبوط ثبت أنه غير صالح للاستعمال فضلاً عن عدم توافر ظرف سبق الإصرار لدى الطاعنين وانتفاء الجريمة في حقهما إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع إيراداً له ورداً عليه واعتمد كلية في قضائه على قائمة أدلة الثبوت التي طوت مسخاً وتحريراً لأقوال الشهود دون الرجوع إلى التحقيقات، وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بجنايتي شروع في قتل وإحراز سلاح ناري وذخيرة بغير ترخيص التي دان الطاعنين بها، وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات والتقارير الطبية الشرعية، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أن ديباجته قد اشتملت على بيان المحكمة التي أصدرته - خلافاً لما يزعم الطاعنان فإن النعي عليه في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، ولئن كانت الفقرة الثانية من المادة 378 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 107 لسنة 1962 قد أوجبت عند تأجيل نظر القضية لأسباب جدية أن يكون التأجيل ليوم معين سواء في ذات الدور أو في دور مقبل، إلا أن ذلك ليس إلا من قبيل الأحكام التنظيمية التي لا يترتب البطلان على مخالفتها فضلاً عن أن منعى الطاعنين ببطلان قرار المحكمة بإعادة الدعوى للمرافعة لدور مقبل غير معين مع استمرار حبس المتهمين إنما ينطوي على تعييب للإجراءات التي جرت في المرحلة السابقة على المحاكمة بما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا عبرة بما اشتمل عليه بلاغ الواقعة وإنما العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة مما استخلصته من التحقيقات، وكان من المقرر أيضاً أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه. وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. كما أن تأخر الشاهد في أداء شهادته أو قرابته للمجني عليه لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد اطمأنت إليها، ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع، وكل جدل يثيره الطاعنان في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ولا على الحكم إذ التفت عن الرد عليه ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل أقوال شاهدة الإثبات...... بما مفاده أنه في صباح يوم الحادث تناهى إلى سمعها صوت إطلاق أعيرة نارية فخرجت إلى الطريق الزراعي لاستطلاع الأمر وشاهدت المتهمين "الطاعنين" يخرجان من خلف منزل وأطلقا عدة أعيرة نارية من بندقية كان يحملها كل منهما على المجني عليهما اللذين كان يركبان دراجتهما فسقطا على الأرض، وأرجعت الحادث إلى الأخذ بثأر والد الطاعنين كما حصل أقوال الشاهد...... بما مؤداه أنه كان يستذكر دروسه في صباح يوم الحادث بالطريق الزراعي وإذ بالطاعنين يخرجان من خلف ماكينة دراس ويطلقان عدة أعيرة نارية من مسافة أربعة أمتار على المجني عليهما حال ركوبهما دراجتهما، وكان المجني عليه الثاني يركب الدراجة أمام شقيقه ويواجه ضرب النار، ونقل الحكم عن تقرير الصفة التشريحية أن المجني عليه...... أصيب بالبطن والصدر والإلية والوجه بثلاث طلقات نارية معمر كل منها بمقذوف مفرد، كما أصيب بيسار الظهر في اتجاه أساسي في الوضع الطبيعي القائم للجسم من الخلف واليسار للأمام واليمين قليلاً ويميل من أسفل إلى أعلا وقد أصابه مقذوف آخر أسفل زاوية الفك اليسرى في اتجاه أساسي من اليسار إلى اليمين بمستوى أفقي تقريباً مع الوضع في الاعتبار أن الرأس جزء متحرك يتخذ أوضاعاً شتى بالنسبة للجسم من الإطلاق والمقذوف الثالث أصابه بمنتصف وحشية الإلية اليسرى في اتجاه أساسي في الوضع الطبيعي القائم للجسم من أسفل واليسار ولأعلى أمام الإصابة الموصوفة بوحشية أسفل الفخذ الأيمن فحكما على شكلها فإنها تشير إلى إمكانية حدوثها من عدة طلقات مجتمعة من سلاح ناري ذات سرعة عالية وكان الإطلاق من مسافة جاوزت حدا الإطلاق القريب من 1/ 4 إلى 1/ 2 متر وقد تزيد قليلاً أو كثيراً تبعاً لطول مساورة السلاح المستعمل وحدثت الوفاة من الأعيرة النارية التي أصابته بالظهر والوجه وأسفل الفخذ الأيمن وما أحدثته من تهتك بالأحشاء الباطنية والصدرية وكسور الأضلاع وتهتك العضلات والأوعية الدموية الرئيسة للفخذ الأيمن والنزيف الخارجي والداخلي الغزير والصدمة، وأن المجني عليه...... أصيب بسبعة أعيرة نارية معمرة كل بمقذوف مفرد وقد أصابه مقذوفان منها بالرأس في اتجاه أساسي في الوضع القائم للجسم من اليمين إلى اليسار ومن اليسار إلى اليمين مع الوضع في الاعتبار أن الرأس جزء متحرك وخمسة مقذوفات منها أصاب مقدم وجانبي الصدر مع الوضع في الاعتبار إمكانية إصابة العضد الأيمن وجانب الصدر الأيمن بمقذوف ناري واحد إذا كان العضد الأيمن في يسار المقذوف عند إصابة الجانب الأيمن وكان اتجاه الإطلاق من الأمام واليمين إلى الخلف واليسار قليلاً وكان اتجاه الإطلاق بالنسبة للمقذوف الذي أصاب العضد الأيمن في اتجاه أساسي في الوضع الطبيعي القائم للجسم من اليمين إلى اليسار مع الوضع في الاعتبار أن الطرف العلوي الأيمن يتخذ أوضاعاً متعددة بالنسبة للجسم عند الإطلاق، وكان الإطلاق من مسافة جاوزت حد الإطلاق القريب وأن الوفاة حدثت من الإصابات النارية مجتمعة وما أحدثته من كسور في الجمجمة والعمود الفقري وتهتك الأحشاء والصدر والقلب وجوهر المخ والنزيف الغزير الخارجي والداخلي والصدمة والإصابات جائزة الحدوث حسبما ورد بمذكرة النيابة العامة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني في كل جزئية بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملائمة والتوفيق، لما كان أقوال شاهدي الإثبات كما أوردها الحكم - والتي لا ينازع الطاعنان في أن لها سندها من الأوراق - لا تتعارض بل تتلائم مع ما نقله عن تقرير الصفة التشريحية، وكان الحكم قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني، وكان ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع عن الطاعنين من وجود تناقض بين الدليلين ما دام ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع، إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص ولا محل له. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى، إذ المرجع في تقدير قيمة الشهادة ولو كانت منقولة هو إلى محكمة الموضوع وحدها فمتى صدقتها واطمأنت إلى صحتها ومطابقتها للحقيقة فلا تصح مصادرتها في الأخذ بها والتعويل عليها. أما ما ساقه الطاعنان في شأن إغفال الحكم الرد على دفاعهما من أن شهود النفي أكدوا براءة الطاعنين فمردود بما هو مقرر من أن محكمة الموضوع لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وتفصيلها في كل جزئية منها وبيان العلة فيما أعرضت عنه من شواهد النفي أو أخذت به من أدلة الثبوت ما دام لقضائها وجه مقبول. ومن ثم يضحى ما ينعاه الطاعنان في هذا الخصوص ولا محل له. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يسند إلى الطاعنين إحراز السلاح المضبوط، وإنما أسند إلى كل منهما إحراز السلاح الناري والذخيرة التي استعملها في الحادث واعتمد في ذلك على أقوال الشهود وما أسفر عنه تقرير الصفة التشريحية من أن إصابات المجني عليها حدثت من أعيرة نارية معمرة بمقذوفات مفرد مما يلزم عنه إحراز كل منهما للسلاح الناري الذي أحدثت تلك الإصابات والذخيرة، ولم يعرض الحكم للسلاح المضبوط إلا بصدد القضاء بمصادرته، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور والفساد في الاستدلال لعدم التعرض إلى ما ثبت من تقرير فحص السلاح المضبوط من أنه غير صالح للاستعمال يكون في غير محله ذلك أن الحكم بعد أن أثبت تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بجانب شروع في قتل في حق الطاعنين وأنهما حصلت من مقذوفات نارية خلص إلى ثبوت تهمتي إحراز السلاح والذخيرة في حقهما استنتاجاً من أن إصابات المجني عليهما والتي أودت بحياتهما نتجت من مقذوفات نارية أطلقها الطاعنان من بندقيتهما وهو استنتاج لازم في منطق العقل. كما لا يقدح في سلامة الحكم إغفاله التحدث عن السلاح المضبوط وما جاء في شأنه بتقرير الفحص لأنه لم يكن ذي أثر في عقيدة المحكمة ولم تعول عليه في قضائها ومحكمة الموضوع لا تلتزم في أصول الاستدلال بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لهذا الظرف وكشف عن توافره وساق لإثباته من الدلائل والقرائن ما يكفي لتحققه طبقاً للقانون، وكان الحكم فوق ذلك قد قضى على الطاعنين بعقوبة داخلة في حدود العقوبة المقررة للقتل العمد بغير سبق إصرار فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان النعي بالتفات المحكمة عن الرد على دفاع الطاعنين بعدم ارتكابهما الجريمة مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، لما كان ذلك، وكان ما حصله الحكم من أدلة الثبوت له أصله الثابت بالأوراق فإن النعي على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد لاستناده في قضائه إلى قائمة أدلة الثبوت دون الرجوع إلى التحقيقات لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 5976 لسنة 58 ق جلسة 11/ 12/ 1988 مكتب فني 39 ج 2 ق 198 ص 1303


جلسة 11 من ديسمبر سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ مسعد الساعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وعادل عبد الحميد وأحمد عبد الرحمن وسيمر أنيس.
---------------
(198)
الطعن رقم 5976 لسنة 58 القضائية

 (1)استيلاء على أموال أميرية. تزوير "تزوير أوراق رسمية". اشتراك. حكم "بياناته. بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
وجوب بناء الأحكام في المواد الجنائية على الجزم واليقين.
بيانات حكم الإدانة؟ المقصود من عبارة "بيان الواقعة" الواردة بالمادة 310 إجراءات؟
إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة لا يحقق غرض الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام.
إدانة الطاعنين بجرائم تسهيل الاستيلاء بغير حق على أموال عامة والتزوير في محررات رسمية واستعمالها دون بيان للوقائع والأفعال التي قارفها كل منهم وعناصر الاشتراك في جريمة تسهيل الاستيلاء وطريقته واستظهار قصد ارتكاب الفعل في هذا الشأن ودون بيان العبارات المزورة التي تضمنها تقرير أبحاث التزييف والتزوير الذي استند إليه الحكم في الإدانة. قصور.
(2) عقوبة "تطبيقها" "العقوبة التكميلية". عزل. تسهيل الاستيلاء على أموال أميرية. اشتراك. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
إدانة الطاعنين بجريمة تسهيل الاستيلاء على مال عام ومعاملتهم بالرأفة والقضاء عليهم بعقوبة الحبس. وجوب توقيت عقوبة العزل. المادة 27 عقوبات.
الغرامة المنصوص عليها في المادة 118 عقوبات من الغرامات النسبية. يتعين إلزام المتهمين متضامنين بها. المادة 44 عقوبات. مخالفة ذلك. خطأ في القانون.
القصور في التسبيب - له الصدارة على وجوه الطعن المتعلقة بمخالفة القانون.

-------------------
1 - لما كانت الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم، وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان الحكم قاصراً. وكان المقصود من عبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة 310 من القانون المذكور هو أن يثبت قاضي الموضوع في حكمه الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم...... ولما كان الحكم المطعون فيه لم يبين بوضوح - سواء في معرض إيراده واقعة الدعوى أو في سرده لأدلة الثبوت فيها - تفصيل الوقائع والأفعال التي قارفها كل من الطاعنين والمثبتة لارتكاب جريمة تسهيل الاستيلاء على مال للدولة أو الاشتراك فيها بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهم الخامس، ولم يستظهر الحكم عناصر هذا الاشتراك وطريقته، ولم يبين الأدلة الدالة على ذلك بياناً يوضحها ويكشف عن قيامها وذلك من واقع الدعوى وظروفها، إذا أن ما أورده الحكم من مجرد تقديم المتهم الخامس للمتهم الرابع - الطاعن الثالث - فاتورة على بياض وقيام الأخير بتحديد سعر معين بها أو مجرد كونهم كانوا يعملون سوياً بشركة...... لا يفيد بذاته الاتفاق كطريق من طرق الاشتراك إذ يشترط في ذلك أن تتحد النية على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهو ما لم يدلل الحكم على توافره. كما لم يثبت في حق الطاعنين توافر الاشتراك بأي طريق آخر حدده القانون - وكان استناد الحكم إلى تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير من أن المتهم الرابع....... - الطاعن الثالث - هو الكاتب للبيانات المحررة بالمداد الجاف الأسود بإذني التوريد الخاصين بكل من......، ....... وكذلك البيانات الخاصة بفاتورة الأول المؤرخة........ وعبارة استلمت الأصل وسيتم التوريد يوم الاثنين دون أن يكشف الحكم عن ماهية تلك البيانات المحررة بالمداد الجاف الأسود بإذني التوريد سالفي الذكر أو بالفاتورة المؤرخة...... وعلاقة ذلك كله بالجريمة المسندة إلى الطاعنين فجاءت مدوناته بما تناهت إليه فيما تقدم قاصرة في بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها وفي بيان مؤدى أدلة الثبوت بياناً كافياً يبين فيه مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة فبات معيباً. بما يستوجب نقضه. والإعادة بغير حاجة لبحث باقي ما أثاره الطاعنون في طعنهم.
2 - لما كان صحيحاً ما ذهبت إليه النيابة العامة في طعنها من أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في القانون بعدم توقيته لعقوبة العزل لحكمه بعقوبة الحبس على الطاعنين إعمالاً للمادة 27 من قانون العقوبات فضلاً عن أنه قضى بتغريم كل متهم من المحكوم عليه مبلغ 5285.800 جنيهاً مع أن الغرامة المنصوص عليها في المادة 118 من قانون العقوبات من الغرامات النسبية التي كان يتعين إلزام المتهمين متضامنين بها إعمالاً للمادة 44 من قانون العقوبات مما كان يؤذن لهذه المحكمة أن تصحح هذا الخطأ إلا أنه إزاء ما انتهت إليه. فيما تقدم من نقض الحكم لما شابه من قصور في التسبيب يتسع له وجه الطعن وله الصدارة على وجه الطعن المتعلق بمخالفة القانون فإنه لا يكون للتصحيح محل، ويتعين أن يكون مع النقض الإعادة بالنسبة للطاعنين والمحكوم عليهما.......، ........


الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 -..... 2 -..... 3 -..... 4 -...... 5 -...... بأنهم.
أولاً: المتهمون الأول والثاني والثالث والرابع: بصفتهم موظفين عموميين (الأول مراقب عام الحدائق والثاني والثالث مهندسين زراعيين بحدائق...... والرابع مهندس زراعي بشركة...... إحدى وحدات القطاع العام) سهلوا للمتهم الخامس الاستيلاء على مبلغ 5285.800 جنيهاً (خمسة آلاف ومائتين وخمسة وثمانين جنيهاً وثمانمائة مليماً) المملوكة لحي...... وقد ارتبطت هذه الجريمة بجرائم التزوير والاستعمال موضوع التهمة الثانية والثالثة والرابعة ارتباطاً لا يقبل التجزئة. ثانياً: المتهمون الأول والثاني والثالث: بصفتهم السابقة ارتكبوا تزويراً في محرر رسمي هو محضر لجنة الفحص المؤرخ....... حال تحريرهم المختصين بوظيفتهم بجعلهم واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهم بذلك بأن أثبتوا على خلاف الحقيقة مطابقة النباتات الموردة للمواصفات بنسبة مائة في المائة.
ثالثاً: المتهم الرابع: وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو عرض الأسعار الخاص بالمورد...... بزيادة كلمات بأن جعل قيمة الوحدة من نبات الفيكس 13.5 جنيهاً بدلاً من 3 جنيهات (ثلاثة عشر ونصف جنيهاً بدلاً من ثلاث جنيهات) وقام بتحرير القيمة الأولى كتابة على العرض.
رابعاً: المتهمون الأول والثاني والثالث والرابع: استعملوا المحررين المزورين سالفي الذكر بأن قدموها إلى إدارة النقود والمشتريات بحي....... مع علمهم بتزويرها.
خامساً: المتهم الخامس: اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهمين السابقين في ارتكاب الجريمة الأولى بأن اتفق معهم على ذلك وساعدهم بأن أمد المتهم الرابع بفاتورة على بياض تحمل اسمه لتحرير السعر المتفق عليه بينهم جميعاً كما قام بصرف قيمة النباتات الموردة بالسعر المغالى فيه بالشيك رقم...... فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. وأحالتهم إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 2 -3، 41/ 1، 113/ 1 - 2، 118 مكرراً/ أ، 119 مكرراً/ أ، هـ، 211، 212، 213، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المواد 32/ 2، 17، 55/ 1، 56/ 1 من ذات القانون بمعاقبة كل من المتهمين الخمسة بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وتغريمهم مبلغ خمسة آلاف جنيه ومائتين وخمسة وثمانين جنيهاً وثمانمائة مليماً ويعزل كل من الأربعة الأول من وظيفتهم عما هو منسوب إليهم وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس المقضى بها عليهم لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم.
فطعن المحكوم عليهم الأول والثالث والرابع والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.


المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعنون...... و...... و...... - على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال مملوك لإحدى شركات القطاع العام والتزوير في محررات رسمية واستعمالها قد شابه القصور في التسبيب، ذلك أن الحكم المطعون فيه خلا من بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة وقد جاءت أسبابه مبهمة مجملة لا يمكن الوقوف منها على العناصر سالفة الإشارة - فضلاً عن أنه لم يبين كيف أن الطاعنين سهلوا للمتهم الخامس الاستيلاء على مال للدولة وكيفية قيامه بذلك ومدى اختصاص الطاعنين الأول والثاني بتحرير المحررات المزورة. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "إنه في خلال الفترة من 30/ 8/ 1983 إلى 5/ 12/ 1983 بدائرة قسم باب شرقي محافظة الإسكندرية. 1 - سهل كل من المتهمين....... - مراقب عام حدائق بحي....... و........ المهندسين الزراعيين بالحي - و........ المهندس الزراعي بشركة....... وهي إحدى وحدات القطاع العام - بصفتهم موظفين عموميين - لـ...... الاستيلاء على مبلغ 5285.800 جنيهاً - والمملوك لحي........ 2 - وذلك بأن قام كل من الأول والثاني والثالث....... و...... و...... بصفتهم سالفة الذكر بارتكاب تزوير في محرر رسمي هو محضر لجنة الفحص المؤرخ...... حال تحريرهم المختصين بوظيفتهم بجعلهم واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة - مع علمهم بذلك - بأن أثبتوا على خلاف الحقيقة مطابقة النباتات الموردة للمواصفات والشروط بنسبة مائة في المائة كما قام المتهم الرابع....... في الزمان والمكان سالف الذكر بارتكاب تزوير في محرر رسمي هو عرض الأسعار الخاص بالمورد...... بزيادة كلمات بأن جعل - قيمة الوحدة في نبات الفيكس 13.5 ج (ثلاثة عشر جنيهاً ونصف جنيه) بدلاً من 3 ج (ثلاثة جنيهات) وقام بتحرير القيمة الأولى عن هذا العرض. 4 - ثم قام المتهمون الأربعة سالفي الذكر باستعمال المحررين الرسميين المزورين آنفى البيان بأن قدموها إلى إدارة العقود والمشتريات بحي..... مع علمهم بتزويرها 5 - ثم قام المتهم الخامس....... بالاشتراك مع المتهمين الأربعة الأول السابق ذكرهم - بطريقي الاتفاق والمساعدة في الاستيلاء على المبلغ المذكور وقدره 5285.00 ج المملوك لحي..... بأن اتفق معهم على ذلك وساعدهم بأن أمد المتهم الرابع....... - المهندس الزراعي بشركة...... بفاتورة على بياض تحمل اسمه لتحرير السعر المتفق عليه بينهم جميعاً. كما قام بصرف قيمة النباتات الموردة بالسعر المغالى فيه بالشيك رقم..... فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة". واستند الحكم في إدانة الطاعنين إلى أقوال كل من العقيد...... - رئيس مباحث شرطة المرافق - واللواء...... - رئيس حي........ - والدكتور...... والدكتور...... والمهندس الزراعي...... و...... وتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وكتاب بنك القاهرة المؤرخ...... وما قرره المتهمان الثاني والخامس بالتحقيقات - كما حصل الحكم أقوال كل من العقيد...... - واللواء...... بما مجمله أنه بمراجعة عدد من الأسعار والفواتير المقدمة عن عملية تشجير وتزين الحي تبين أن الأسعار التي تم التعاقد عليها تزيد بنسبة 80% من الأسعار المقدمة وأن هناك تلاعباً في عرض الأسعار المقدم من...... وتم تعديل ثمن الوحدة من 3 ج إلى 13.5 ج. وحصل أقوال كل من الدكتور....... والدكتور...... بما مؤداه أن النباتات الموردة مخالفة للمواصفات المطلوب وأن سعر الوحدة من 180 ج، 220 ج، وحصل أقوال...... بأن المتهم الرابع طلب من الشاهد المذكور عرض أسعار عن نبات الفيكس فلسمه عرضاً ثابت به أن سعر الوحدة 3 ج. وحصل أقوال..... بما مجمله أن المتهم الرابع طلب منه عرض الأسعار عن نبات الفيكس وأورد الحكم مؤدى تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير في قوله "وقد ثبت من تقرير أبحاث التزييف والتزوير أن المتهم الرابع...... هو الكاتب للبيانات المحررة بالمداد الجاف الأسود بإذني التوريد الخاصين بكل من...... و....... وكذلك البيانات الخاصة بفاتورة الأول المؤرخة...... وعبارة استلمت الأصل وسيتم التوريد يوم الاثنين". وحصل الحكم أقوال المتهم الثاني بما مؤداه أن المتهم الأول أرسله مع المتهم الرابع إلى القاهرة لإحضار النباتات وأن هناك علاقة تربط بين المتهمين إذ كان يعملان بشركة...... وأورد الحكم أن المتهم الخامس قرر في التحقيقات أن المتهمين الأول والرابع حضرا إليه وتسلم منه الأخير فاتورة على بياض هي الموجودة بحي وسط..... لما كان ذلك، وكانت الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم، وأن تلتزم بإيراد مؤدى الأدلة التي استخلصت منها الإدانة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان الحكم قاصراً. وكان المقصود من عبارة بيان الواقعة الواردة بالمادة 310 من القانون المذكور هو أن يثبت قاضي الموضوع في حكمه كل الأفعال والمقاصد التي تتكون منها أركان الجريمة، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من استيجاب تسبيب الأحكام ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم...... ولما كان الحكم المطعون فيه لم يبين بوضوح - سواء في معرض إيراده واقعة الدعوى أو في سرده لأدلة الثبوت فيها - تفصيل الوقائع والأفعال التي قارفها كل من الطاعنين والمثبتة لارتكاب جريمة تسهيل الاستيلاء على مال للدولة أو الاشتراك فيها بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهم الخامس، ولم يستظهر الحكم عناصر هذا الاشتراك وطريقته، ولم يبين الأدلة الدالة على ذلك بياناً يوضحها ويكشف عن قيامها وذلك من واقع الدعوى وظروفها، إذا ما أورده الحكم من مجرد تقديم المتهم الخامس للمتهم الرابع - الطاعن الثالث - فاتورة على بياض وقيام الأخير بتحديد سعر معين بها أو مجرد كونهم كانوا يعملون سوياً بشركة...... لا يفيد بذاته الاتفاق كطريق من طرق الاشتراك إذ يشترط في ذلك أن تتحد النية على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهو ما لم يدلل الحكم على توافره. كما لم يثبت في حق الطاعنين توافر الاشتراك بأي طريق آخر حدده القانون - وكان استناد الحكم إلى تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير من أن المتهم الرابع...... - الطاعن الثالث - هو الكاتب للبيانات المحررة بالمداد الجاف الأسود بإذني التوريد الخاصين بكل من......، ...... وكذلك البيانات الخاصة بفاتورة الأول المؤرخة...... وعبارة استلمت الأصل وسيتم التوريد يوم الاثنين دون أن يكشف الحكم عن ماهية تلك البيانات المحررة بالمداد الجاف الأسود بإذني التوريد سالفي الذكر أو بالفاتورة المؤرخة..... وعلاقة ذلك كله بالجريمة المسندة إلى الطاعنين فجاءت مدوناته بما تناهت إليه فيما تقدم قاصرة في بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها وفي بيان مؤدى أدلة الثبوت بياناً كافياً يبين فيه مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة فبات معيباً. بما يستوجب نقضه. والإعادة بغير حاجة لبحث باقي ما أثاره الطاعنون في طعنهم. لما كان ذلك، ولئن كان صحيحا ما ذهبت إليه النيابة العامة في طعنها من أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في القانون بعدم توقيته لعقوبة العزل لحكمه بعقوبة الحبس على الطاعنين إعمالاً للمادة 27 من قانون العقوبات فضلاً عن أنه قضى بتغريم كل متهم من المحكوم عليه مبلغ 5285.800 جنيهاً مع أن الغرامة المنصوص عليها في المادة 118 من قانون العقوبات من الغرامات النسبية التي كان يتعين إلزام المتهمين متضامنين بها إعمالاً للمادة 44 من قانون العقوبات مما كان يؤذن لهذه المحكمة أن تصحح هذا الخطأ إلا أنه إزاء ما انتهت إليه. فيما تقدم من نقض الحكم لما شابه من قصور في التسبيب يتسع له وجه الطعن وله الصدارة على وجه الطعن المتعلق بمخالفة القانون فإنه لا يكون للتصحيح محل، ويتعين أن يكون مع النقض الإعادة بالنسبة للطاعنين والمحكوم عليهما.....، ......

طلب بيان الجهة المختصة بدعاوى استحقاق معاش نقابة المحامين طلب إفتاء لم تخول المحكمة الدستورية العليا بإصدارها .


الدعوى رقم 8 لسنة 40 قضائية " تنازع " جلسة 7 / 3/ 2020
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السابع من مارس سنة 2020م، الموافق الثانى عشر من رجب سنة 1441 هـ.
برئاسة السيد المستشار سعيد مرعى عمرو     رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل        نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع        أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
      في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 8 لسنة 40 قضائية " تنازع ".
المقامة من
نقيـــــــب المحامـــــين
ضــــــد
1- خديجة حلمى راغب
2- مراد شكـــــرى تادرس
3- الهادى السيد على النجار، عن نفسه، وبصفته ولى طبيعي عن أولاده القصر/ أحمد، ومحمود، وأسامة
الإجراءات
بتاريخ الثاني والعشرين من فبراير سنة 2018، أودع نقيب المحامين صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلبًا للحكم، أولاً: بأولوية تنفيــــذ الحكم الصادر من محكمة جنـوب القاهـرة الابتدائيــة، في الدعــوى رقــــم 2611 لسنة 2016 مدنى كلى، الذى صار نهائيًّا بعدم الطعن عليه بالاستئناف. ثانيًّا:    وعلى وجه العموم، الحكم بتحديد الجهة المختصة بدعاوى استحقاق المعاش وفقًا لنص المادة (217) من قانون المحاماة، لأن الأصل انعقاد الاختصاص لمجلس النقابة وحده دون غيره، على نحو ما ورد بالحكم المشار إليه في البند السابق. ثالثًا: عدم الاعتداد بالحكم الصادر في الدعوى رقم 51015 لسنة 67 قضائية، من محكمة القضاء الإداري بجلسة 24/4/2016. رابعًا: عدم الاعتداد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 14069 لسنة 58 قضائية عليا.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم مع التصريح بمذكرات خلال أسبوع، أودع خلاله المدعى مذكرة صمم فيها على الطلبات.

المحكمـــــة

      بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
      حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن نقيب المحامين أقام دعواه المعروضة، بهدف تقرير اختصاص مجلس نقابة المحامين، وحده دون غيره، بالفصل في التظلمات المقدمة لصرف المعاشات المستحقة للمحامين أو ذويهم، إعمالاً لنص المادة (217) من قانون المحاماه الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، وهو ما يستدعى الحكم بأولوية تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بعدم اختصاص، أو عدم قبول الدعوى إعمالاً للنص المشار إليه، وعدم الاعتداد بالأحكام التى فصلت في موضوع منازعات طلب المعاش، سواء بالقبول أو بالرفض. وقد تضمنت صحيفة الدعوى المعروضة، واشتملت حافظة المستندات المرفقة بها عند إيداعها قلم كتاب هذه المحكمة، على الأحكام الآتية:
      الحكم الأول: صـادر في الدعـوى رقـم 51015 لسنة 67 قضائيــة، من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، بجلسة 24/4/2016، بإجابة طلب المدعى عليها الأولى – في الدعوى المعروضة – وأخرى، بصرف معاش مورثهما عبدالموجود أحمد عبد الموجود عطية، الذى كان يزاول مهنة المحاماة حتى وفاته بتاريخ 10/12/2004. وقد ورد في صحيفة الدعوى المعروضة، أنه تم تقديم التماس إعادة نظر عن ذلك الحكم، كما تم الطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا بموجب الطعن رقم 2780 لسنة 71 قضائية عليا. وقد انطوت حافظة المستندات المودعة مع صحيفة الدعوى على شهادة ببيانات الحكم المشار إليه. وبطلب المدعى عدم الاعتداد بذلك الحكم.
      الحكم الثانى: صــادر في الدعوى رقـم 17802 لسنة 59 قضائيـة، من محكمة القضـاء الإداري، بجلســة 4/3/2012، برفض الدعــــوى المقامــــة مــــن المدعى عليه الثانى – في الدعوى المعروضة – بطلب صرف معاش نقابى له حتى تاريخ توقفه عن مزاولة مهنة المحاماه. وتأسس حكم الرفض على عدم ثبوت مزاولته المهنة. وقد تأيد هذا الحكم من المحكمة الإدارية العليا، بموجب حكمها الصادر بجلسة 18/2/2017، في الطعن رقم 14069 لسنة 58 قضائية عليـــا. وقد انطوت حافظة المستندات المودعة مع صحيفة الدعوى المعروضة على صورة طبق الأصل من حكم المحكمة الإدارية العليا المشار إليه. وبطلب المدعى عدم الاعتداد بذلك الحكم.
      الحكم الثالث: في الدعوى رقم 2611 لسنة 2016 مدنى كلى، من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، المقامة من المدعى عليه الثالث في الدعوى المعروضة، وآخرين، بطلب صرف المعاش المستحق لهم، بعد وفاة مورثتهم نهى محمد عبدالمنعم، التى كانت تزاول مهنة المحاماه حتى وفاتها بتاريخ 17/3/2009. قضت المحكمة، بجلسة 31/1/2017، بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الآوان، على سند من أن المادتين (207، 217/1) من قانون المحاماه المشار إليه، توجب أولتهما تقديم طلب ابتداء إلى اللجنة المختصة بنقابة المحامين لصرف المعاش، وناطت ثانيتهما بمجلس النقابة الفصل في التظلمات من قرارات تلك اللجنة. وقد جاءت صحيفة الدعوى المعروضة خلوًا من أى بيان عن تلك الدعوى، سوى ما ورد بالطلبات الختامية من الاعتداد بالحكم الصادر فيها. وقد اشتملت حافظة مستندات المدعى المودعة مع صحيفة الدعوى، على صورة طبق الأصل من ذلك الحكم، وشهادة من محكمة استئناف القاهرة، تفيد عدم الطعن عليه بالاستئناف، من تاريخ صدوره حتى 19/2/2018.



      الحكم الرابع: في الدعوى رقم 240 لسنة 2010 مدنى كلى، من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، المقامة من أرملة المرحوم سامح فرج محمد شرف، عن نفسها وبصفتها وصية على ابنتيها منه، ندى ونادين، بطلب صرف معاش لهم عن مورثهم، الذى كان يزاول مهنة المحاماه حتى وفاته بتاريخ 3/12/2008. قضت المحكمة بجلسة 31/3/2010 بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل تقديم طلب لنقابة المحامين لصرف المعــــاش، إعمالاً لنص المادة (217) من قانون المحاماه المشار إليه، وقد أُلغى هذا الحكـــــــم، بموجب الحكم الصادر في الاستئناف رقم 14534 لسنة 127 قضائية، بجلسة 8/2/2012، من محكمة استئناف القاهرة، وإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة لتفصل في موضوعها، وذلك على سند من أن المادة (217) من قانون المحاماه لم تسلب حق ذوى الشأن في اللجوء مباشرة إلى المحكمة المختصة بطريق الدعوى. وبعد إعادة الدعوى لمحكمة أول درجة، قضت فيها بجلسة 24/9/2014، برفضها، لعدم ثبوت مزاولة المورث للمهنة حتى تاريخ وفاته. فطعنت المدعية، في تلك الدعوى، على ذلك الحكم بالاستئناف رقم 10469 لسنة 131 قضائية، أمام محكمة استئناف القاهرة، وقضت فيه بجلسة 3/6/2015، بإلغاء حكم محكمة أول درجة، والقضاء مجـــددًا بإلزام النقابة بصـــرف معـــاش لها، عن نفسها وبصفتها، اعتبارًا من تاريخ وفاة مورثها. ولم تشتمل حافظة المستندات المودعة مع صحيفة الدعوى المعروضة لأى من الأحكام المشار إليها.



      الحكم الخامس: في الدعـــــوى رقـــــم 2005 لسنة 2014 مدنــــــــــى كلــــــــــى، من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، المقامة من حسين محمدي مرسى البلاط، ضد نقيب المحامين، بطلب صرف المعاش المستحق له عن نجله (أنور) الذى كان يزاول مهنة المحاماة حتى وفاته بتاريخ 11/8/2013. قضت المحكمة بجلسة 31/12/2014، بعدم اختصاصها ولائيًّا بنظر الدعوى، على سند من أن المادة (217) من قانون المحاماة، أوجبت تقديم ذلك الطلب لنقابة المحامين. وقد صار هذا الحكم نهائيًّا بعدم الطعن عليه. وقد خلت حافظة مستندات المدعى من إرفاق أي مستندات عن تلك الدعوى.
      وحيث إنه من المقرر أن المحكمة الدستورية العليا، بما لها من هيمنة على الدعاوى، هي التي تعطيها وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح، محددًا نطاقها على ضوء طلبات الخصوم فيها، مُستظهرة حقيقة أبعادها، مستلهمة معانى عباراتها، غير مقيدة بمبانيها. متى كان ذلك، فإن حقيقة الطلبات الختامية التي أوردها نقيب المحامين في صحيفة الدعوى المعروضة – عدا الطلب الثاني – في وصفها الحق، وتكييفها الصحيح، وعلى ما أفصحت عنه صحيفتهـــا صراحـــةً، تنصـــرف إلى طلب الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، بجلسة 31/1/2017، في الدعوى رقم 2611 لسنة 2016 مدنى كلى، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة، في الدعوى رقم 51015 لسنة 67 قضائية، بجلسة 24/4/2016، والحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا، في الطعن رقم 14069 لسنة 58 قضائية عليا، بجلسة 18/2/2017. ومن ثم، تلتفت المحكمة عما تضمنته صحيفة الدعــــــــوى المعروضة بشأن الحكمين الرابع والخامس آنفى الذكر، لعدم إيرادها ضمن الطلبات الختاميــة في الدعــــوى المعروضة.
وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين، طبقًا للبند "ثالثًا" من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون أحد الحكمين صادرًا من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائى، والآخــــر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد تعامدا على محل واحد، وحسما النزاع في موضوعه، وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معًا، على نحو يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا للفصل في هذا التناقض، بالمفاضلة بين الحكمين على أساس من قواعد الاختصاص الولائى، لتحدد على ضوئها أيهما صدر من الجهة التى لها ولاية الفصل في النزاع، وأحقهما – تبعًا لذلك – بالتنفيذ، فإذا كانا غير متحدين محلاً، أو مختلفين نطاقًا فلا تناقض، وكذلك كلما كان التعارض بينهما ظاهريًّا لا يتعمق الحقائق القانونية، أو كان مما تزول الشبهة فيه من خلال التوفيق بينهما، ذلك أن الأصل في النزاع حول التناقض بين الحكمين النهائيين، الذى يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا للفصل فيه، أن يكون هذا التناقض واقعًا في مجال تنفيذهما، وهو ما يقتضى أن يكون تنفيذهما معًا متصادمًا ويتعذر التوفيق بينهما.



وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى كذلك على أن التناقض بين حكمين نهائيين صادرين من جهتين قضائيتين مختلفتين – في تطبيق أحكام قانون المحكمة الدستورية العليا – تقتضى وحدة موضوعهما محددًا على ضوء نطاق الحقوق التى فصلا فيها. بيد أن وحدة الموضوع لا تفيد بالضـــــرورة تناقضهمـــــا فيمـــــا فصلا فيه، كما أن تناقضهما – إذا قام الدليل عليه – لا يدل لزومًا على تعـــــذر تنفيذهما معًا؛ بما مؤداه أن مباشرة المحكمة الدستورية العليا لولايتها في مجال فض التناقض المدعى به بين حكمين نهائيين تعذر تنفيذهما معًا يقتضيها أن تتحقق أولاً من وحدة موضوعهما، ثم من تناقض قضاءيهما وبتهادمهما معًا فيما فصلا فيه من جوانب ذلك الموضوع، فإذا قام الدليل لديها على وقوع هذا التناقض كان عليها – عندئذ – أن تفصل فيما إذا كان تنفيذهما معًا متعذرًا من عدمه.



      وحيث كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن أحد حدى التناقض المعروض يتمثل في الحكم الصادر من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، في الدعوى رقم 2611 لسنة 2016 مدنى كلى، بجلسة 31/1/2017، بعدم قبول الدعوى المقامة من المدعى عليه الثالث عن نفسه وبصفته ولى طبيعى على أولاده القُصر، بطلب صرف معاش شهرى من نقابة المحامين، عن زوجته وأم أولاده، التى كانت تزاول مهنة المحاماه حتى وفاتها بتاريخ 17/3/2009، وأسست المحكمة قضاءها بعدم قبول الدعوى، لرفعها قبل الآوان، لعدم تقديم طلب صرف المعاش – ابتداء – إلى نقابة المحامين، بالمخالفة لنصى المادتين (207، 217/1) من قانون المحاماه الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983. حال أن الحد الثانى للتناقض، يتمثل في حكمين صادرين من محاكم مجلس الدولة، أولهما صادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة، في الدعوى رقم 51015 لسنة 67 قضائية، بجلسة 24/4/2016، بإجابة طلب المدعى عليها الأولى، وأخرى، بصرف معاش شهرى لهما من النقابة عن مورثهما عبدالموجود أحمد عبدالموجود عطية، الذى كان يزاول مهنة المحاماه حتى وفاته بتاريخ 10/12/2004. وثانيهما صادر من المحكمة الإدارية العليا، بجلسة 18/2/2017، برفض الطعـــــــــــن رقم 14069 لسنة 58 قضائية عليا، المقام من المدعى عليه الثانى، طعنًا على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة 4/3/2012، برفض دعواه رقم 17802 لسنة 59 قضائية، بطلب صرف معاش له من النقابة، وتأسس حكم الرفض على عدم ثبوت مزاولته مهنة المحاماه.
      وحيث إنه يتبين من الأحكام الثلاثة المشار إليها، أنها صدرت في دعاوى مستقل كل منها عن الأخرى، في خصوص اسم طالب المعاش النقابى، وسبب استحقاق المعاش، فورد كل منها على محل يختلف عن محل الدعويين الأخريين، الأمـــــر الذى يتصـــــور معه تنفيذ كـل منها، دون تعارض مـع هذين الحكمين، مما ينتفى معه مناط قبول دعوى فض التناقض المعروضة.
      وحيث إنه عن الطلب الثاني للمدعى ، ببيان الجهة المختصة بدعاوى استحقاق معاش نقابة المحامين، وفقًا لنص المادة (217) من قانون المحاماة المشـار إليه، الذى يرى المدعى انعقاد الاختصاص بشأنـــــه لمجلس النقابة وحـــــده دون غيره، فإن هــذا الطلب، بحسب حقيقته ومرمـــــاه، لا يعـــــدو أن يكون طلـــــب إفتـــــاء من المحكمة الدستوريـة العليا، لم يخولهــا قانونهـــــا إصدارها، مما لزامه – أيضًا – الحكم بعدم قبول هذا الطلب.
فلهذه الأسباب
      حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

هيئات التحكيم بوزارة العدل هيئات ذات اختصاص قضائي


الدعوى رقم 3 لسنة 35 ق " تنازع " جلسة 7 / 3 / 2020
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السابع من مارس سنة 2020م، الموافق الثانى عشر من رجب سنة 1441 هـ.
برئاسة السيد المستشار سعيد مرعى عمرو   رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل            نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى       رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع       أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

      في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 3 لسنة 35 قضائية " تنازع ".
المقامة من
رئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة
ضد
1- رئيس الجمهوريــة
2- رئيس مجلس الــوزراء
3- وزيـر العــــــدل
4- رئيس مجلس إدارة شركة القناة للموانى والمشروعات الكبرى


الإجراءات
      بتاريخ الخامس والعشرين من مارس سنة 2013، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بتحديد جهة القضاء الإدارى كجهة مختصة بنظر النزاع المطروح على محكمة القضاء الإدارى في الدعوى 13618 لسنة 62 قضائية.


      وقدمت هيئة قضايا الدولة نيابة عن المدعى عليهم الثلاثة الأول مذكرة، فوضت فيها الرأى إلى المحكمة.
      وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
      ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة
      بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن الشركة المدعى عليها الرابعة، تقدمت بتاريخ 24/10/1991، بطلب إلى الهيئة المدعية؛ لتخصيص مساحة 20000 م2 (عشرون ألف متر)، على الطريق الدائرى، في المسافة الواقعة بين طريق السويس والمعادى، لإنشاء وتركيب محطة خلط خرسانة مركزية، وبتاريخ 5/1/1992 تمت الموافقة على طلب الشركة ، بعد أن أقر رئيس الإدارة المركزية للتخطيط وإعداد المشروعات، بأنه لا مانع من الناحية الفنية من إقامة هذا المشروع على القطع أرقام (10، 12، 14)، دون التزام الهيئة بتوصيل المرافــــــق. وإذ رأت الهيئة المدعيــــــة، أن الشركــــــة لم تمتثل للشروط، الواردة بالمادتين (16، 17) من اللائحة العقارية، فقد أصدرت قرارًا بإلغاء التخصيص، فضلاً عن إزالة المنشآت التى أقامتها الشركة. الأمر الذى حدا بتلك الشركة، إلى إقامة الدعوى رقم 2016 لسنة 2004 مدنى كلى، أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية، ضد الهيئة المدعية، طالبةً للحكم بصفة مستعجلة: بوقف أعمال هدم المنشآت التى أقامتها الشركة، وندب خبير في الدعوى لحصر المبانى التـى تمت إزالتها، وبيان قيمة التلفيات المترتبة على الإزالة، وفى الموضوع الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الذى حرر على أثر التخصيص الذى أجرته هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة.    وبجلسة 29/3/2007، قضت المحكمة، في شأن الطلب المستعجل بعدم اختصاصها ولائيًّا بنظره، وإحالته إلى مجلس الدولة للاختصاص، وفى الطلب الموضوعى بعدم قبوله شكلاً، لإقامته بالمخالفة لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات، التى تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفًا فيها. وقيدت الدعوى أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة برقم 13618 لسنة 62 قضائية. وبجلسة 29/7/2009 قضت " بعدم اختصاصها ولائيًّا بنظر الدعوى، وإحالتها إلى هيئات التحكيم بوزارة العدل "، تأسيسًا على أن الشركة المدعية إحدى شركات القطاع العام التابعة لهيئة قناة السويس، حال كون الطرف الثانى في المنازعة هو هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وجهاز مدينة القاهرة الجديدة التابع لهذه الهيئة، وهما من الجهات الإدارية بالدولة، ومن ثم يكون السبيل لنظر هذه المنازعة والفصل فيها، هو اللجوء لهيئات التحكيم المنصوص عليها في المادة (56) من القانون رقم 97 لسنة 1983 في شأن هيئات القطاع العام وشركاته، وقُيدت الدعوى بمكتب التحكيم بوزارة العدل برقم 2 لسنة 2012 إدارى، وتم تشكيل هيئة تحكيم لنظرها بالقرار الوزارى رقم 2 لسنة 2012. وبجلسة 4/4/2013، قررت تلك الهيئة وقف نظر طلب التحكيم تعليقًا، لحين صدور حكم المحكمة الدستورية العليا في الدعوى المعروضة.



وإزاء ما تقدم، أقامت الهيئة المدعية، دعوى التنازع المعروضة، على سند من أن كل من جهتي القضاء العادي والإداري، قد تسلبت من اختصاصها الولائي بنظر النزاع، رغم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظره، وفقًا لنص المادة (110) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، في ضوء ما قررته دائرة توحيد المبادئ بمجلس الدولة. فضلاً عمـا قضت به المحكمة الدستورية العليا، في الدعوى رقم 14 لسنة 22 قضائية "تنازع"، بجلسة 13/3/2005، من اختصاص محاكم مجلس الدولة، بنظر المنازعات المتعلقة بالقرارات التي تصدرها هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة. مما حدا بها إلى إقامة الدعوى المعروضة، لتحديد محاكم مجلس الدولة كجهة قضائية مختصة بنظر النزاع.

      وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مناط قبول طلب الفصل في تنازع الاختصاص السلبى، وفقًا للبند "ثانيًّا" من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا، الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن تكون الدعوى، قد طُرحت عن موضوع واحد، أمام جهتين من جهات القضاء، أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، وتخلت كلتاهما عن نظرها، وكان المقرر كذلك، أن الولاية التي أثبتها المشرع للمحكمة الدستورية العليا، دون غيرها، والتي اختصها، بموجبها، بالفصل في التنازع السلبى على الاختصاص، غايتها أن يكون لكل خصومة قضائية قاض، يعود إليه أمر نظرها، بقصد إنهاء النزاع في موضوعها، ضمانًا لفاعلية إدارة العدالة، بما يكفل إرساء ضوابطها، واستيفاء متطلباتها، وتوكيدًا لحق كل فرد في النفاذ إلى القضاء، نفاذًا ميسرًا، لا تثقله أعباء مالية، ولا تقيده عوائق إجرائية. وكان حق التقاضي لا يبلغ الغاية المقصودة منه ما لم توفر جهة القضاء للخصومة، في نهاية مطافها، حلاً منصفًا يمثل التسوية التي يعمد من يطلبها، إلى الحصول عليها، بوصفها الترضية القضائية، التي يسعى إليها، لمواجهـة الإخـلال بالحقوق التي يدعيها. متى كان ذلك، فإن هذه الترضية، وبافتراض مشروعيتها، واتساقها مع أحكام الدستور، تندمج في الحق في التقاضي، لارتباطها بالغاية النهائية، التي يتوخاها، ذلك أن الخصومة القضائية لا تقام للدفاع عن مصلحة نظرية، لا تتمخض عنها فائدة عملية؛ بل غايتها اقتضاء منفعة يقرها القانون، وتتحدد على ضوئها حقيقة المسألة المتنازع عليها وحكم القانون بشأنها.
      وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق أن محكمة شمال القاهرة الابتدائية قد قضت بجلسة 29/3/2007، بعدم اختصاصها ولائيًّا بنظر الدعوى رقم 2016 لسنة 2004 مدنى كلى، في شقها الخاص بطلب وقف أعمال هدم المنشآت التي أقامتها الشركة، وإحالته إلى محاكم مجلس الدولة للاختصاص، وكانت محكمة القضــاء الإداري قد قضت بجلسة 29/7/2009، في الدعوى رقم 13618 لسنة 62 قضائية، بعدم اختصاصها ولائيًّا بنظر الدعوى، وأمرت بإحالتها إلى هيئات التحكيم بوزارة العدل – وهى هيئات ذات اختصاص قضائي – وكانت دعوى تنازع الاختصاص تتوخى أن يكون لكل خصومة قضائية قاض يُمحص جوانبها بقصد إنهاء للنزاع في موضوعها. وإذ كان النزاع المردد بين الهيئة المدعية والشركة المدعى عليها الرابعة مازال مطروحًا على هيئات التحكيم بوزارة العدل نزولاً على حكم المادة (56) من قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983، والحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري السالف الذكر، الأمر الذي تنتفي معه ضوابط تحقق حالة التنازع السلبي التي تستنهض ولاية هذه المحكمة للفصل فيه، وهو ما يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى.
فلهذه الأسباب
      حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.