الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 17 فبراير 2020

الطعن 2358 لسنة 54 ق جلسة 24 / 1 / 1985 مكتب فني 36 ق 16 ص 117

جلسة 24 من يناير لسنة 1985
برياسة السيد المستشار/ الدكتور ابراهيم على صالح، نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صفوت القاضى، نائب رئيس، والدكتور كمال أنور، نائب رئيس المحكمة، ومحمد نجيب صالح، ومحمد نبيل رياض.
---------------
(16)
الطعن رقم 2358 لسنة 54 القضائية
 (1)مواد مخدرة. جلب. قصد جنائي. جريمة "أركانها".
الجلب في حكم القانون 182 لسنة 1960. معناه؟
متى يلزم التحدث عن القصد من جلب المخدر إستقلالا؟
 (2)مواد مخدرة. اشتراك. جريمة. قانون "تفسيره".
الوساطة في الأمور المحظور على الأشخاص ارتكابها بالنسبة للجواهر المخدرة. والتي عددتها" المادة الثانية من القانون 182 لسنة 1960. معاقب عليها بالمادة 34 من ذات القانون التي سوت بين الأمور المحظورة وبين الوساطة فيها. وان أغفلت ذكر الأخيرة. علة ذلك؟
 (3)مواد مخدرة. جلب. مسئولية جنائية.
مناط المسئولية في جريمة جلب أو إحراز الجواهر المخدرة. ثبوت اتصال الجاني بالمخدر بالذات أو بالواسطة. بأية صورة عن علم وإرادة.
 (4)مواد مخدرة. جلب. جريمة "اركانها". قصد جنائي. إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
نقل المخدر من الخارج إلى المجال الإقليمي للجمهورية. جلب.
عدم التزام المحكمة بالتحدث عن القصد من جلب المخدر.
 (5)نيابة عامة. دعوى جنائية. جمارك. تهريب جمركي. ارتباط. مواد مخدرة.
قيام النيابة العامة بتحقيق واقعة جلب مخدر. لا يتوقف على صدور إذن مدير الجمارك ولو اقترنت بجريمة من جرائم التهريب الجمركي. أساس ذلك؟
(6) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
استطراد الحكم إلى تقريرات قانونية خاطئة. لا تؤثر في النتيجة التي انتهى اليها لا تعيبه.
 (5)رشوة. جريمة "اركانها". موظفون عموميون.
جريمة الرشوة. لا يؤثر في قيامها وقوعها نتيجة تدبير بضبطها. ولا أن يكون المجنى عليه جاداً في قبولها. مجرد عرض الرشوة. ولو لم تقبل. كاف لقيامها متى كان العرض حاصلا لموظف عمومي أو من في حكمه.
(8) رشوة. جريمة "اركانها". موظفون عموميون.
كفاية كون الموظف له اتصال بالعمل يسمح له بتنفيذ الغرض من الرشوة. وأن يكون الراشي قد اتجر معه على هذا الأساس.
(9) عقوبة "العقوبة المبررة". مواد مخدرة. جلب. رشوة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقضه "المصلحة في الطعن". ارتباط.
انتفاء مصلحة الطاعن في تعييبه الحكم في خصوص جريمة الرشوة. ما دام الحكم قد دانه كذلك بجريمة جلب المخدر وأوقع عليه عقوبة تدخل في نطاق تلك المقررة لها عملا بالمادة 32 عقوبات.
 (10)تفتيش "التفتيش بإذن". "إذن التفتيش. إصداره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". اثبات "بوجه عام". استدلالات. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة. جلب.
تقدير جدية التحريات المسوغة لإصدار إذن التفتيش. موضوعي.
صدور الإذن بالتفتيش. استناداً إلى ما جاء بالتحريات من أن المتهمين شحنوا كمية من المخدرات على مركب وصلت للمياه الاقليمية. الادعاء بان الإذن صدر عن جريمة مستقبلة. غير صحيح.
 (11)دفوع الدفع ببطلان إذن التفتيش". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان إذن التفتيش. لصدوره من المحامي العام. دون بيان أساسه. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(12) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
شرط صحة التفتيش الذى تجريه النيابة أو تأذن به في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه؟
(13) مواد مخدرة. إجراءات "إجراءات التحقيق". إثبات "خبرة". نيابة عامة. مأمورو الضبط القضائي. تحقيق. استدلال. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إيجاب حلف الخبير يمينا أمام سلطة التحقيق.
لعضو النيابة. كرئيس للضبطية القضائية. الاستعانة بأهل الخبرة. بغير حلف يمين. متى يحق لمحكمة الموضوع الاستناد إلى تقرير خبير لم يحلف اليمين؟
(14) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لا ينال من صحة إذن التفتيش. خلو من بيان اسم المأذون بتفتيشه كاملا أو صفته أو صناعته أو محل إقامته.
 (15)تفتيش "إذن التفتيش. تنفيذه". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
انقضاء الأجل المدد للتفتيش. في الإذن الصادر به. لا يترتب عليه بطلانه.
صدور إذن من النيابة العامة بالتفتيش في أجل معيب. لم ينفذ خلاله. صدور إذن لا حق بامتداد الإذن الأول مدة أخرى. إجراء التنفيش في المدة الجديدة. صحيح.
 (16)حكم "بيانات الديباجة". بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خلو الحكم من بيان صدوره باسم الشعب. لا يعيبه.
 (17) حكم "بياناته" "بيانات حكم الادانة" "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
بيانات حكم الإدانة؟
عدم رسم القانون شكلا خاصا لصياغة الحكم.
 (18)إثبات "خبرة" "قرائن" حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". مواد مخدرة.
استناد الحكم إلى ما جاء بتقرير خبير تفريغ الشرائط المسجلة.
كقرينة معززة لأدلة الثبوت الأساسية التي انبنى عليها. لا عيب.
 (19)إثبات "بوجه عام" "شهود". مواد مخدرة.
لا يشترط في الشهادة. أن ترد على الحقيقة المراد اثباتها بأكملها. مؤدى تساند الأدلة في المواد الجنائية؟
(20) مواد مخدرة. قصد جنائي. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تحدث المحكمة استقلالا عن العلم بالجوهر المخدر. غير لازم. طالما كان ما أوردته في حكمها في وقائع وظروف يكفى للدلالة على توافره.
--------------
1 -  من المقرر أن القانون رقم 182 سنة 60 والمعدل بالقانون رقم 40 سنة 66 اذ عاقب في المادة 33 منه على جلب المواد المخدرة فقد دل على ان المراد بجلب المخدر هو استيراده بالذات او بالواسطة ملحوظا في ذلك طرحه وتداوله بين الناس سواء كان الجالب قد استورده لحساب نفسه أو لحساب غيره متى تجاوز بفعله الخط الجمركي قصدا من الشارع الى القضاء على انتشار المخدرات في المجتمع الدولي وهذا المعنى يلابس الفعل المادي المكون للجريمة ولا يحتاج في تقريره الى بيان ولا يلزم الحكم أن يتحدث عنه على استقلال الا اذا كان الجوهر المجلوب لا يفيض عن حاجة الشخص او استعماله الشخصي أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطي لديه أو لدى من نقل المخدر لحسابه وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها يشهد له، يدل على ذلك فوق دلالة المعنى اللغوي والاصطلاحي للفظ الجلب ان المشرع نفسه لم يقرن نصه على الجلب بالإشارة الى القصد منه بعكس ما استنه في الحيازة أو الاحراز لان ذلك يكون ترديدا للمعنى المتضمن في الفعل مما يتنزه عنه الشارع اذ الجلب بطبيعته لا يقبل تفاوت القصود ولا كذلك حيازة المخدر أو احرازه.
 (2)إن المادة الثانية من القانون رقم 182 سنة 60 المعدل في شأن مكافحة المخدرات قد عددت الامور المحظور على الاشخاص ارتكابها بالنسبة للجواهر المخدرة وهى الجلب والتصدير والانتاج والتملك والاحراز والشراء والبيع والتبادل والتنازل بأي صفة كانت والتدخل بصفته وسيطا في شيء من ذلك وكان نص الفقرة الاولى من المادة 34 من القانون المذكور قد جرى على عقاب تلك الحالات وأنه وان كان قد اغفل ذكر الوساطة الا أنه في حقيقة الامر قد ساوى بينهما وبين غيرها من الحالات التي حظرها في المادة الثانية فتأخذ حكمها ولو قيل بغير ذلك لكان ذكر الوساطة في المادة الثانية والتسوية بينها وبين الحالات الاخرى عبثا يتنزه عنه الشارع ذلك لان التدخل بالوساطة من حالات الحظر التي عددتها تلك المادة والمجرمة قانونا لا يعدو في حقيقته مساهمة في ارتكاب هذه الجريمة ما يرتبط بالفعل الإجرامي فيها ونتيجته برابطة السببية ويعد المساهم بهذا النشاط شريكا في الجريمة تقع عليه عقوبتها.
 (3)مناط المسئولية في حكم جلب أو حيازة واحراز الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالا مباشرا أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة عن علم وارادة ولو لم تتحقق له الحيازة المادية.
 (4)لما كان الجلب في حكم القانون رقم 182 سنة 60 المعدل في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها يمتد الى كل واقعة يتحقق بها نقل الجواهر المخدرة من خارج الجمهورية وادخالها الى المجال الخاضع لاختصاصها الإقليمي على خلاف الاحكام المنظمة لجلبها المنصوص عليها في القانون واذ كان ذلك وكان ما أورده الحكم كافيا على ثبوت واقعة الجلب في حق الطاعن وكانت المحكمة غير مكلفة اصلا بالتحدث عن قصد الجاني من فعل الجلب فان ما نعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون على غير اساس.
(5) لما كان الاصل المقرر بمقتضى المادة الاولى من قانون الاجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقا للقانون وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد الا باستثناء من نص الشارع واذ أقامت النيابة العامة الدعوى ضد الطاعن وباشرت التحقيق بوصف انه جلب مخدرا دون الحصول على ترخيص كتابي بذلك من الجهة المختصة وطلبت عقابه بالقانون 182 سنة 60 المعدل بالقانون 40 سنة 66 ودان الحكم الطاعن على مقتضى أحكام هذا القانون الذى خلا من أي قيد على حرية النيابة في رفع الدعوى الجنائية على جلب المخدر أو غيرها من الجرائم الواردة به وهى جرائم مستقلة ومتميزة بعناصرها القانونية عن جرائم التهريب الجمركي المنصوص عليها في القانون 66 سنة 63 فان قيام النيابة بتحقيق واقعة جلب المخدر المنسوبة للطاعن ومباشرة الدعوى الجنائية بشأنها لا يتوقف على صدور اذن من مدير الجمارك ولو اقترنت هذه الجريمة بجريمة من جرائم التهريب الجمركي.
(6) لا يعيب الحكم المطعون عليه ما استطرد اليه من تقرير قانوني خاطئ باستناده الى خطاب مدير الجمارك اللاحق لإجراءات تحريك الدعوى.
 (7)من المقرر أنه لا يؤثر في قيام جريمة الرشوة أن تكون قد وقعت نتيجة تدبير لضبطها ولا يشترط لقيامها أن يكون المجنى عليه جادا في قبولها اذ يكفى لقيامها مجرد عرض المتهم الرشوة ولو لم يقبل منه متى كان العرض حاصلا لموظف عمومي أو من في حكمه.
(8) من المقرر أنه ليس من الضروري في جريمة الرشوة أن تكون الاعمال التي يطلب من الموظف أداؤها داخلة في نطاق الوظيفة مباشرة بل يكفى ان يكون له بها اتصال يسمح بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة وأن يكون الراشي قد أتجر معه على هذا الاساس.
(9) لا مصلحة للطاعن مما ينعاه على الحكم بالنسبة لجريمة الرشوة ما دام البين من مدوناته أنه طبق المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع على الطاعن عقوبة واحدة عن كافة الجرائم التي دانه بها تدخل في حدود العقوبة المقررة لجلب المواد المخدرة.
(10) لما كان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الاذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الامر فيها الى سلطة التحقيق تحت اشراف محكمة الموضوع واذ كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها اذن التفتيش وكفايتها لتسويغ اصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فانه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن استصدار اذن النيابة بالتفتيش تم بعد ان دلت التحريات على ان المتهمين شحنوا كمية من المخدرات على مركب وصلت للمياه الاقليمية فان مفهوم ذلك ان الامر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفيها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة.
 (11)لما كان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن وأن دفع ببطلان الاذن لصدوره من السيد المحامي العام الا أنه لم يبين أساس دفعه بالبطلان الذى يتحدث عنه في وجه طعنه من عدم وجد تفويض له من السيد النائب العام فانه لا يقبل منه اثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه في حقيقته دفع موضوعي أساسه المنازعة في وجود التفويض من عدمه وحدود هذا التفويض مما يكون يقتضى تحقيقا موضوعيا تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة ويكون منعاه في هذا الصدد غير مقبول.
 (12)من المقرر أن كل ما يشترط لأذن النيابة بالتفتيش هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة قد وقعت من شخص معين وأن تكون هناك من الدلائل والامارات - الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التحقيق لحريته أو لحرمه مسكنه.
(13) لئن كان القانون قد أوجب على الخبراء أن يحلفوا يمينا أمام سلطة التحقيق الا أنه من المقرر أن عضو النيابة بوصف كونه صاحب الحق في اجراء التحقيق ورئيس الضبطية القضائية وكانت المادة 29 من قانون الاجراءات الجنائية تجيز لمأموري الضبط القاضي أثناء جمع الاستدلالات أن يستعينوا بأهل الخبرة وأن يطلبوا رأيهم شفاهة أو كتابة بغير حلف يمين فانه ليس ثمة ما يمنع من الأخذ بشهادة الوزن التي حررها من قام بإجرائه الذى ندبته النيابة ولو لم يحلف يمينا على انها ورقة من اوراق الاستدلال في الدعوى المقدمة للمحكمة وعنصرا من عناصرها ما دامت مطروحة على بساط البحث وتبادلها الدفاع بالمناقشة.
 (14)من المقرر أن القانون لا يشترط شكلا معينا لاذن التفتيش فلا ينال من صحته خلوه من بيان اسم المأذون بتفتيشهم كاملا أو صفته أو صناعته أو محل اقامته طالما انه الشخص المقصود بالإذن.
 (15)لما كان ذلك وكان من المقرر ان انقضاء الاجل المحدد للتفتيش في الامر الصادر لا يترتب عليه بطلانه وانما لا يصح التنفيذ بمقتضاه بعد ذلك الى ان يجدد مفعوله والاحالة عليه بصدد تجديد مفعول جائزة ما دامت منصبة على ما لم يؤثر فيه انقضاء الأجل المذكور واصدار - النيابة اذنا بالتفتيش حدد لتنفيذه أجلا معينا لم ينفذ فيه وبعد انقضائه صدر اذن آخر بامتداد الاذن المذكور مدة أخرى فالتفتيش الحاصل في هذه المدة الجديدة يكون صحيحا.
 (16)من المقرر ان خلو الحكم من بيان صدوره باسم الشعب لا ينال من شرعيته أو يمس ذاتيته ولا يترتب بطلانه.
 (17)من المقرر أن القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وأن يورد مؤدى الادلة التي استخلص منها الادانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها ولم يرسم القانون شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة.
(18) لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على فحوى الدليل الناتج من تفريغ الاشرطة وانما استندت الى هذه التسجيلات كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي اوردتها فانه لا جناح على الحكم ان هو عول على تلك القرينة تأييداً وتعزيزاً للأدلة الاخرى التي اعتمد عليها في قضائه ما دام لم يتخذ من نتيجة هذه التسجيلات دليلا اساسيا على ثبوت الاتهام قبل المتهمين.
 (19)من المقرر أنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد اثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكتفى أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدى الى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذى رواه مع عناصر الاثبات الاخرى المطروحة امامها ولا يلزم أن تكون الأدلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى اذ الادلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ولا ينظر الى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الادلة بل يكفى أن تكون الادلة في مجموعها كوحدة مؤدية الى ما قصده الحكم منها منتجة في اقناع المحكمة واطمئنانها.
 (20)لما كانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالا عن العلم بالجوهر المخدر طالما كان ما أوردته في حكمها من وقائع وظروف كافيا في الدلالة على توافره وكان ما ساقه الحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى وظروفها كافيا في الدلالة على أن الطاعنين كانوا يعلمون بما تحويه الأجولة والاطارات فان الحكم يكون قد رد على منعى الطاعن في هذا الشأن بما يدحضه ما دام هذا الذى استخلصته الحكم لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي ويكون منعى الطاعنين في هذا الخصوص غير سديد.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين - وآخر - بأنهم/ أولا: - المتهمين من الاول الى السادس عرضوا رشوه على موظفين عموميين للإخلال بواجبات وظيفتهما بأن عرضوا مبلغ مائة وخمسين ألف جنيه على كل من اللواء..... والنقيب.... دفعوا منها 43460 جنيه (ثلاثة وأربعين ألف جنيه وأربعمائة وستين جنيها) على سبيل الرشوة مقابل تسهيلهما لهم وباقي المتهمين جلب المخدرات (موضوع التهمة الثانية والثالثة) الى داخل البلاد ولكن الموظفين العمومين لم يقبلا الرشوة منهما. ثانيا: المتهمين جميعا ( أ ) قاموا بجلب المخدرات المبينة وزنا ونوعا بالتحقيقات من خارج حدود جمهورية مصر العربية بحرا وقاموا بإدخالها فيها من غير المنافذ الرسمية المحددة قانونا دون اذن كتابي من الجهة المختصة وفى غير الأحوال المصرح بها قانونا. (ب) قاموا بتهريب كمية المخدرات سالفة الذكر بإدخالها الى المياه الاقليمية بعد جلبها من الخارج بحرا وانزالها بالساحل وذلك من غير المنافذ الرسمية المحددة قانونا وبطرق غير مشروعه وبالمخالفة للنظم المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة واحالتهم الى محكمة جنايات أمن الدولة العليا بالإسماعيلية لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا بالنسبة للمتهمين جميعا وغيابيا للمتهم الآخر عملا بالمواد 104، 109 مكررا، 110 من قانون العقوبات والمواد 1، 2، 3، 33/ أ، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 40 لسنة 1966، 61 لسنة 1977 والبند 57 من الجدول رقم واحد الملحق بالقانون الاول المعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 والمواد 1، 2، 3، 4، 15، 121/ 1، 122/ 1، 2، 124 من القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 57 لسنة 1980 مع تطبيق المادتين 17، 32/ 2 من قانون العقوبات أولا: بمعاقبة المتهمين الاول والثاني والرابع والخامس والآخر بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريم كل منهم مبلغ عشرة آلاف جنيه عما أسند اليهم ثانيا: بالنسبة لكل من المتهمين الثالث والسادس بمعاقبة كل منهما بالأشغال الشاقة المؤيدة وبتغريم كل منهما مبلغ عشرة آلاف جنيه عن التهمتين الثانية والثالثة وببراءتهما من التهمة الأولى. ثالثا: بمصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة والمبالغ موضوع الرشوة. رابعا: بالزام جميع المتهمين متضامنين بأن يدفعوا الى مصلحة الجمارك خمسة وثلاثين مليونا وسبعمائة أربعة وتسعين ألفا وثمانمائة وستة جنيهات.
فطعن المحكوم عليهم من الاول الى السادس في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.

المحكمة
أولا عن الطعن المقدم من الطاعن الأول:
وحيث ان مبنى الطعن المقدم من الطاعن الاول.... هو أن الحكم المطعون فيه اذ دانه وآخرين بجرائم عرض رشوة لم تقبل منه وجلبه جوهرا مخدرا (حشيشا) وتهريبه جمركيا قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على اخلال بحق الدفاع وبنى على اجراءات باطلة ذلك ان الحكم لم يستظهر اركان جريمة الجلب ذلك ان الجلب لا يتحقق الا اذا كان الشيء المجلوب يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي كذا لا يتوافر الجلب الا اذا كان الجالب مالكا للمخدر وأن الطاعن لم يكن الا وسيطا ولم يورد القانون 182 سنة 60 نصا خاصا يعاقب على الوساطة كما ان الاذن الصادر بالضبط والتفتيش صدر باطلا لابتنائه على تحريات غير جدية ولصدوره عن جريمة مستقبلة وان ما أورده الحكم المطعون فيه ردا على الدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة للتهمة الثالثة (التهريب الجمركي) لعدم صدور الاذن قبل اجراءات تسيير الدعوى الجنائية امام جهات التحقيق يخالف صحيح القانون ولم يعرض الحكم للدفع ببطلان اذن الضبط والتفتيش لصدوره عن المحامي العام وهو غير مفوض من النائب العام كما أن ما أورده الحكم ردا على الدفع ببطلان اجراءات وزن المخدرات لعدم حضور المتهمين ولعدم حلف الوازن اليمين لا يصلح ردا كما ان جريمة الرشوة مستحيلة لعدم اختصاص الشاهدين المتعاقدين اختصاصا وظيفيا ولا مكانيا بالعمل المطلوب ولم يرد الحكم على الدفع ببطلان الاذن لعدم الاطلاع على التسجيلات الصوتية مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث ان الحكم المطعون فيه قد يبين واقعة الدعوى في قوله "ان اللواء..... مساعد رئيس قوات الامن المركزي للتدريب والعمليات أبلغ بأن المتهم الأول.... عرض عليه بصفته انه اختص بالإشراف على تنفيذ قيام قوات الامن المركزي بحراسة الحدود الغربية مع اسرائيل ومنها المنطقة جـ بالساحل الشمالي بمحافظة شمال سيناء مبلغ مائة وخمسون الف جنيه كرشوة مقابل قيامه بتسهيل له ولشركائه جلب مواد مخدرة من خارج الجمهورية عن طريق انزالها بهذه المنطقة من الساحل الشمالي وانه رفض هذا العرض الا انه تنفيذا لما اتفق عليه مع ضباط الادارة العامة لمكافحة المخدرات ومنهم الشاهد الثالث.... تظاهر بقبول هذا العرض حتى يتم ضبط هذا المتهم وشركائه متلبسين بهذا الجرم وبجلبهم المواد المخدرة لجمهورية مصر العربية واثناء اللقاءات المتعددة بين الشاهد الأول اللواء.... والمتهم الأول..... تعرف الاخير على الشاهد الثاني النقيب.... على أنه الضابط المختص بحراسة المنطقة المحددة لانزال المواد المخدرة بها بالساحل الشمالي كما تعرف الشاهدين الاول والثاني على المتهمين..... و..... و..... و..... و..... وشهرته..... وتم تسجيل هذه اللقاءات بأذن من رئيس محكمة القاهرة الابتدائية وخلالها دفع للشاهدين الاول والثاني مبلغ 43640 جنيه ثلاثة وأربعين ألف وأربعمائة وستون جنيه بواسطة كل من المتهمين الاول...... و..... و.... وبعد ان أكدت تحريات العميد..... مدير ادارة العمليات بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات صحة ما أبلغ به اللواء..... اذ اكدت هذه التحريات أن المتهمين..... و.... و..... و.... و.... اللبناني الجنسية يكونون عصابة لجلب المواد المخدرة من لبنان لمصر وأنهم شحنوا كميات كبيرة منها على مركب وصلت للمياه الاقليمية لجمهورية مصر العربية وفى انتظار اشارات انزالها للساحل الشمالي استصدر اذنا من النيابة بضبط وتفتيش شخص ومسكن كل من المتهمين وتوجه وبرفقته القوة اللازمة من ضبط الادارة وضباط الامن المركزي الى المكان الذى حدده المتهم الاول وبإنزال المواد المخدرة كما توجه الى العريش الشاهد الاول اللواء.... والمتهم الاول.... لمتابعة انزال المواد المخدرة التي أكد المتهم الأول للشاهد الأول وصولها للمياه الاقليمية بعد اتصاله بشركائه بالخارج كما وصل النقيب..... الى منطقة الانزال للتظاهر بمعاونة وتسهيل جلب المواد المخدرة وتقابل مع المتهم..... ومجموعة من الرجال توجهوا أيام 5/ 5، 6/ 5، 7/ 5/ 83 الى المنطقة المحددة لانزال المواد المخدرة وأعطى المتهم..... الاشارات المتفق عليها الا أن أحدا لم يخرج من البحر بالمواد المخدرة مما دعي المتهم الاول ومعه الشاهد الثاني الاتصال تليفونيا بالمتهم.... لاستطلاع الأمر كطلب الشاهد الاول فأكد لهما وجود المركب بالمواد المخدرة بالمياه الاقليمية ثم حضر هذا المتهم الى مدينة العريش ليؤكد ذلك للشاهد الأول وفى يوم 8/ 5/ 83 توجه النقيب..... والمتهم.... يرافقه مجموعة من الرجال الى الساحل بمنطقة الانزال وبعد ان قام المتهم..... بإعطاء الاشارات الضوئية المتفق عليها اقترب من الشاطئ لنش به أحد الاشخاص الذى تحدث مع المتهم.... وسلمه طرف حبل لشده بواسطة مجموعة من الرجال أحضرهم لذلك أحد المتهمين الذين كانوا مع.... والشاهد الثاني وبدأت طرود المواد المخدرة في الوصول الى الشاطئ وكانت 91 طرد أجوله خيش وستة طرود أجوله نايلون كل منها بداخل اطارات كاوتشوك بكل منها طرب الحشيش وبعد ان اعطى النقيب..... الاشارة المتفق عليها تم ضبط المواد المخدرة وكل من المتهمين.... و.... ووجدت جثة..... وأورد تقرير المعامل الكيماوية لمصلحة الطب الشرعي أن ما أخذ من المواد المضبوطة للتحليل لمادة الحشيش وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة مستقاة من أقوال كل من اللواء...... والنقيب.... والعميد.... والعميد.... والمقدم.... والنقيب.... والنقيب..... و..... وما أورده تقرير المعامل الكيماوية لمصلحة الطب الشرعي عن المادة المضبوطة. لما كان ذلك وكان من المقرر أن القانون رقم 182 سنة 60 والمعدل بالقانون رقم 40 سنة 66 اذ عاقب في المادة 33 منه على جلب المواد المخدرة فقد دل على أن المواد بجلب المخدر هو استيراده بالذات أو بالواسطة ملحوظا في ذلك طرحه وتداوله بين الناس سواء كان الجالب قد استورده لحساب نفسه أو لحساب غيره متى تجاوز بفعله الخط الجمركي قصدا من الشارع الى القضاء على انتشار المخدرات في المجتمع الدولي وهذا المعنى يلابس الفعل المادي المكون للجريمة ولا يحتاج في تقريره الى بيان ولا يلزم الحكم ان يتحدث عنه على استقلال الا اذا كان الجوهر المجلوب لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطي لديه او لدى من نقل المخدر لحسابه وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها يشهد له، يدل على ذلك فوق دلالة المعنى اللغوي والاصطلاحي للفظ الجلب ان المشرع نفسه لم يقرن نصه على الجلب بالإشارة الى القصد منه بعكس ما استنه في الحيازة أو الاحراز لان ذلك يكون ترديدا للمعنى المتضمن في الفعل مما يتنزه عنه الشارع اذ الجلب بطبيعته لا يقبل تفاوت القصود ولا كذلك حيازة المخدر أو احرازه ولما كان الحكم المطعون فيه قد اثبت ان المخدر المجلوب عبارة عن 91 طرد أجولة حشيش وسته طرود بكل منها طرب حشيش فان ما أثبته الحكم من ذلك هو الجلب بعينة كما هو معرف به في القانون بما يتضمنه من طرح الجوهر في التعامل ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص على غير اساس - لما كان ذلك، وكانت المادة الثانية من القانون رقم 182 سنة 60 المعدل في شأن مكافحة المخدرات قد عددت الامور المحظور على الاشخاص ارتكابها بالنسبة للجواهر المخدرة وهى الجلب والتصدير والانتاج والتملك والاحراز والشراء والبيع والتبادل والتنازل بأي صفة كانت والتدخل بصفته وسيطا في شيء من ذلك وكان نص الفقرة الاولى من المادة 34 من القانون المذكور قد جرى على عقاب تلك الحالات وأنه وان كان قد اغفل ذكر الوساطة الا انه في حقيقة الامر قد ساوى بينهما وبين غيرها من الحالات التي حظرها في المادة الثانية فتأخذ حكمها ولو قيل بغير ذلك لكان ذكر الوساطة في المادة الثانية والتسوية بينها وبين الحالات الاخرى عبثا يتنزه عنه الشارع ذلك لان التدخل بالوساطة من حالات الحظر التي عددتها تلك المادة والمجرمة قانونا لا يعدو في حقيقته مساهمة في ارتكاب هذه الجريمة مما يرتبط بالفعل الإجرامي فيها ونتيجته برابطة السببية ويعد المساهم بهذا النشاط شريكا في الجريمة تقع عليه عقوبتها هذا فضلا عن انه لما كان مناط المسئولية في حكم جلب أو حيازة واحراز الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالا مباشرا أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة عن علم وارادة ولو لم تتحقق له الحيازة المادية ومن ثم فان ما ينعاه الطاعن من عدم العقاب على الوساطة لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الجلب في حكم القانون رقم 182 سنة 60 المعدل في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها يمتد الى كل واقعة يتحقق بها نقل الجواهر المخدرة من خارج الجمهورية وادخالها الى المجال الخاضع لاختصاصها الإقليمي على خلاف الاحكام المنظمة لجلبها المنصوص عليها في القانون واذ كان ذلك وكان ما أورده الحكم كافيا على ثبوت واقعة الجلب في حق الطاعن وكانت المحكمة غير مكلفة اصلا بالتحدث عن قصد الجاني من فعل الجلب فان ما نعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون على غير اساس. لما كان ذلك وكان الاصل المقرر بمقتضى المادة الاولى من قانون الاجراءات الجنائية أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقا للقانون وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد الا باستثناء من نص الشارع واذ أقامت النيابة العامة الدعوى ضد الطاعن وباشرت التحقيق بوصف انه جلب مخدرا دون الحصول على ترخيص كتابي بذلك من الجهة المختصة وطلبت عقابه بالقانون 182 لسنة 60 المعدل بالقانون 40 سنة 66 ودان الحكم الطاعن على مقتضى أحكام هذا القانون الذى خلا من أي قيد على حرية النيابة في رفع الدعوى الجنائية على جلب المخدر أو غيرها من الجرائم الواردة به وهى جرائم مستقلة ومتميزة بعناصرها القانونية عن جرائم التهريب الجمركي المنصوص عليها في القانون 66 سنة 63 فان قيام النيابة بتحقيق واقعة جلب المخدر المنسوبة للطاعن ومباشرة الدعوى الجنائية بشأنها لا يتوقف على صدور اذن من مدير الجمارك ولو اقترنت هذه الجريمة بجريمة من جرائم التهريب الجمركي ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد على غير سند ولا يعيب الحكم المطعون عليه في هذا الصدد ما استطرد اليه" من تقرير قانوني خاطئ باستناده الى خطاب مدير الجمارك المؤرخ 23/ 10/ 83 اللاحق لإجراءات تحريك الدعوى. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه لا يؤثر في قيام جريمة الرشوة أن تكون قد وقعت نتيجة تدبير لضبطها ولا يشترط لقيامها أن يكون المجنى عليه جادا في قبولها اذ يكفى لقيامها مجرد عرض المتهم الرشوة ولو لم يقبل منه متى كان العرض حاصلا لموظف عمومي أو من في حكمه كما انه من المقرر انه ليس من الضروري في جريمة الرشوة أن تكون الاعمال التي يطلب من الموظف أداؤها داخلة في نطاق الوظيفة مباشرة بل يكفى ان يكون له بها اتصال يسمح بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة وأن يكون الراشي قد أتجر معه على هذا الاساس اذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر صلة الشاهدين التي تسمح بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة من ثم يكون منعى الطاعن في هذا الصدد على غير أساس. هذا فضلا عن أنه لا مصلحة للطاعن مما ينعاه على الحكم بالنسبة لجريمة الرشوة ما دام البين من مدوناته أنه طبق المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع على الطاعن عقوبة واحدة عن كافة الجرائم التي دانه بها تدخل في حدود العقوبة المقررة لجلب المواد المخدرة. لما كان ذلك وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الاذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الامر فيها الى سلطة التحقيق تحت اشراف محكمة الموضوع واذ كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها اذن التفتيش وكفايتها لتسويغ اصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فأنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدونات أن العميد.... قد استصدر اذن النيابة بالتفتيش بعد ان دلت التحريات على ان المتهمين شحنوا كمية من المخدرات على مركب وصلت للمياه الاقليمية فان مفهوم ذلك ان الامر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفيها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة واذ انتهى الحكم الى أن الاذن قد صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل ترجحت نسبتها الى المأذون بتفتيشهم وليس عن جريمة مستقبلة فانه كان قد أصاب صحيح القانون ويكون منعى الطاعن ببطلان الاذن والتفتيش لعدم جدية التحريات ولوروده على جريمة مستقبلة على غير سند من القانون. لما كان ذلك وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن وان دفع ببطلان الاذن لصدوره من السيد المحامي العام الا أنه لم يبين أساس دفعه بالبطلان الذى يتحدث عنه في وجه طعنه من عدم وجود تفويض له من السيد النائب العام فانه لا يقبل منه اثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه في حقيقته دفع موضوعي أساسه المنازعة في وجود التفويض من عدمه وحدود هذا التفويض مما كان يقتضى تحقيقا موضوعيا تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة ويكون منعاه في هذا الصدد غير مقبول. لما كان من المقرر أن كل ما يشترط لأذن النيابة بالتفتيش هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة قد وقعت من شخص معين وأن تكون هناك من الدلائل والامارات - الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التحقيق لحريته أو لحرمه مسكنه لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقر النيابة في شأن اصدارها الاذن وجدية التحريات وكفايتها فان عدم اطلاع النيابة على التسجيلات الصوتية التي اذن السيد رئيس محكمة القاهرة بإجرائها لا ينال من صحة الأذن ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد على غير اساس. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان اجراءات وزن المخدر لعدم حصوله بحضور النيابة والمتهمين بقوله أن الثابت من محضر تحقيق النيابة يوم 10/ 5/ 83 أن اجراءات الوزن والتحريز وأخذ العينة للتحليل قد تمت في مواجهة المتهمين فان ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس. لما كان ذلك ولئن كان القانون قد أوجب على الخبراء أن يحلفوا يمينا أمام سلطة التحقيق الا أنه من المقرر أن عضو النيابة بوصف كونه صاحب الحق في اجراء التحقيق ورئيس الضبطية القضائية وكانت المادة 29 من قانون الاجراءات الجنائية تجيز لمأموري الضبط القاضي أثناء جمع الاستدلالات ان يستعينوا بأهل الخبرة وأن يطلبوا رأيهم شفاهة أو كتابة بغير حلف يمين فأنه ليس ثمة ما يمنع من الأخذ بشهادة الوزن التي حررها من قام بإجرائه الذى ندبته النيابة ولو لم يحلف يمينا على أنها ورقة من أوراق الاستدلال في الدعوى المقدمة للمحكمة وعنصرا من عناصرها ما دامت مطروحة على بساط البحث وتبادلها الدفاع بالمناقشة ومن ثم فان ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ما تقدم فان الطعن برمته يكون على غير اساس متعينا رفضه موضوعيا.
ثانيا: عن الطعن المقدم من الطاعن الثاني:
حيث ان الطاعن الثاني..... ينعى على الحكم المطعون فيه أنه اذ دانه بجرائم عرض رشوة لم تقبل منه وجلب جوهر مخدر (حشيش) وتهريبه جمركيا قد شابه قصور في التسبيب وران عليه البطلان ذلك ان الحكم المطعون فيه لم يتناول الرد على الدفع ببطلان اذن التفتيش لعدم تجديده من النائب العام فضلا عن قصوره في الرد على بطلان الاذن لابتنائه على تحريات غير جدية ولصدوره عن جريمة مستقبله ولم يحدد الاذن مكان الضبط وأشخاص المأذون بتفتيشهم مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث أنه من المقرر أن القانون لا يشترط شكلا معينا لاذن التفتيش فلا ينال من صحته خلوه من بيان اسم المأذون بتفتيشهم كاملا أو صفته أو صناعته أو محل اقامته طالما انه الشخص المقصود بالإذن ولما كان الحكم المطعون فيه قد تناول الرد على الدفاع ببطلان اذن التفتيش على نحو يتفق وصحيح القانون فان ما ينساه الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديدا. لما كان ذلك وكان من المقرر ان انقضاء الاجل المحدد للتفتيش في الامر الصادر لا يترتب عليه بطلانه وانما لا يصح التنفيذ بمقتضاه بعد ذلك الى ان يجدد مفعوله والإحالة عليه بصدد تجديد مفعول جائزة ما دامت منصبة على ما لم يؤثر فيه انقضاء الأجل المذكور واصدار - النيابة اذنا بالتفتيش حدد لتنفيذه أجلا معينا لم ينفذ فيه وبعد انقضائه صدر اذن أخر بامتداد الاذن المذكور مدة أخرى بالتفتيش الحاصل في هذه المدة الجديدة يكون صحيحا واذ كان الثابت عن مذكرة الطعن أن الاذن المؤرخ 21/ 4/ 83 قد صدر من السيد المحامي العام بناء على تفويض من السيد النائب العام وفى 4/ 5/ 83 قام السيد المحامي العام بمد الاذن لمدة خمسة عشرة يوما فان هذا الامر بالامتداد من المحامي العام يترتب عليه بطلان اذن لم يدع الطاعن في أسباب طعنه أن السيد النائب العام قد حدد أجلا معينا لندب المحامي العام لإصدار الاذن ويكون ما نعاه الطاعن في هذا الخصوص قد أقيم على غير أساس. لما كان ذلك، وكان باقي ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من بطلان الاذن الصادر لضبط والتفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة ولعدم جدية التحريات قد سبق تناوله والرد عليه عند بحث اوجه الطعن المقدم من الطاعن الاول. لما كان ما تقدم فان الطعن برمته يكون كسابقة على غير أساس متعينا ورفضه موضوعا.
ثالثا: عن الطعن المقدم من الطاعنين الثالث والرابع والخامس:
حيث ان مبنى الطعن المقدم من الطاعنين الثالث.... والرابع... والخامس...... ان الحكم المطعون فيه اذ داتهم بجرائم عرض رشوه لم تقبل وجلب جوهر مخدر (حشيش) وتهريبه جمركيا قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ذلك أن الحكم قد خلا من تصديره باسم الشعب مما يبطله كما لم يورد الحكم مؤدى الادلة التي استند اليها واستند الى أقوال الشهود دون ان يبين وجه استدلاله بها كما لم يبين الحكم فحوى الدليل الناتج عن تفريغ الاشرطة ولم يعرض للركن المعنوي في جريمة الجلب وهو علم المتهمين بأن المادة لمخدر الحشيش كما ادان الحكم الطاعنين الرابع والخامس دون ان يكون للإدانة معينها وما استند اليه الحكم لا سند له من الاوراق مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث أنه من المقرر ان خلو الحكم من بيان صدوره باسم الشعب لا ينال شرعيته أو يمس ذاتيته ولا يرتب بطلانه فام منعى الطاعنين في هذا الخصوص يكون على غير أساس. لما كان ذلك وكان من المقرر أن القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة ان يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وان يورد مؤدى الادلة التي استخلص منها الادانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها ولم يرسم القانون شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمتي جلب المخدر وتهريبه وعرض الرشوة المسندة الى الطاعنين الرابع والخامس وتهمتي الجلب والتهريب المسندتين للثالث وأورد مؤدى الادلة التي استخلص منها الادانة كما سلف بيانه فانه تنحسر من الحكم قاله القصور في التسبيب ويكون منعى الطاعنين في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه ان المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على فحوى الدليل الناتج من تفريغ الاشرطة وانما استندت الى هذه التسجيلات كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها فانه لا جناح على الحكم ان هو عول على تلك القرينة تأييد او تعزيزا للأدلة الاخرى التي اعتمد عليها في قضائه ما دام لم يتخذ من نتيجة هذه التسجيلات دليلا اساسيا على ثبوت الاتهام قبل المتهمين ومن ثم فان ما ينعاه الدفاع عن الطاعنين من اغفال الحكم المطعون فيه الرد على بطلان تقرير الخبير المنتدب لتفريغ الشرائط يكون على غير اساس ما دام ان هذا الدفع ظاهر البطلان لعدم استناد المحكمة عليه كدليل من أدلة الدعوى - لما كان ذلك وكان من المقرر انه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد اثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفى أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدى الى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجربة محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذى رواه مع عناصر الاثبات الاخرى المطروحة امامها ولا يلزم أن تكون الادلة التي يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى اذ الادلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ولا ينظر الى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الادلة بل يكفى ان تكون الادلة في مجموعها كوحدة مؤدية الى ما قصده الحكم منها منتجة في اقناع المحكمة واطمئنانها واذ كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في منطق سائغ وتدليل مقبول أن الطاعنين الرابع والخامس مع باقي الطاعنين اتفقت كلمتهم وأن كلا منهم اسهم تحقيقا لذلك بالدور الذى أعد له في خطة تنفيذ تلك الجريمة حسبما يبين من أقوال شهود الواقعة على النحو الذى أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى السالف بيانها ورتب عليه أن كلا من الطاعنين قد ارتكب جريمة جلب المخدر فان ما يثيره الطاعنان الرابع والخامس في هذا الخصوص جدل موضوعي في تقدير الدليل يخضع لسلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا تجوز اثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالا عن العلم بالجوهر المخدر طالما كان ما وردته في حكمها من وقائع وظروف كافيا في الادلة على توافره وكان ما ساقه الحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى وظروفها كافيا في الادلة على أن الطاعنين كانوا يعلمون بما تحويه الأجولة والاطارات فان الحكم يكون قد رد على منعى الطاعن في هذا الشأن بما يدحضه ما دام هذا الذى استخلصته الحكم لا يخرج عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطق ويكون منعى الطاعنين في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان باقي ما ينعاه الطاعنون على الحكم سبق تناوله والرد عليه عند بحث أوجه الطعن المقدمة من الطاعنين الاول والثاني. لما كان ما تقدم فان الطعن برمته كسابقة على غير اساس متعينا رفضه موضوعا.
رابعا: عن الطعن المقدم من الطاعن السادس:
حيث ان الطعن السادس..... ينعى على الحكم المطعون فيه أنه اذ دانه بجريمتي جلب جوهر مخدر (حشيش) وتهريبه جمركيا قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على الاخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق ذلك أن الحكم رفض الدفع ببطلان الضبط والتفتيش دون تمحيص بجوانب البطلان انه صدر ممن لا يملكه وعن جريمة مستقبلة ولم يشر الحكم الى بيان الفعل الذى أتاه الطاعن لتوافر في حقه الجريمة بركنيها المادي والمعنوي وما نقله الحكم عن الشاهد الاول في حق الطاعن ليس له أساس من الاوراق مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث انه لما كانت مدونات الحكم واضحة الدلالة على ان ما حصله الحكم من أقوال الشاهد الاول له اصوله الثابتة فيما قرره بمحضر جلسة المحاكمة بتاريخ 11/ 1/ 84 ولم يحد الحكم فيما عول عليه منها عن نص ما أنبأت به أو فحواه ومن ثم فان ما نعاه الطاعن من قالة الخطأ في الاسناد لا أساس له. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن السادس على الحكم من قصور في بيان الفعل المسند اليه وتوافر ركنية المادي والمعنوي ومن بطلان الحكم لصدور الاذن ممن لا يملكه وعن جريمة مستقبلة قد سبق تناوله والرد عليه عند بحث اوجه الطعن المقدمة من الطاعنين الاول والثاني والثالث والرابع والخامس ومن ثم فان تعييب الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون كسابقة على غير اساس متعينا رفضه موضوعا.

الأحد، 16 فبراير 2020

الطعن 13324 لسنة 88 ق جلسة 10 / 6 / 2019


باسم الشعب
محكمــة النقــض
الدائرة الجنائية
الاثنين ( ج )
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد القاضي   /  مـــمـــدوح يـــوســـف     نائب رئيس المحكمـة
وعضوية السادة القضاة  / مــحـــمــــد خـــــالــــــد     و    مــــهــــاد خــــلــــيــــفـــــة         
                           ومــجــدى شــبــانـــه      و  رفـــــــعــــــــت ســـــــــنـــــد
                                             نــواب رئيس المحكمة
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / رائد سمير .  
وأمين السر السيد / على محمود .
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .
في يوم الاثنين 6 من شوال سنة 1440 هـ الموافق 10 من يونيه سنة 2019 م .
أصـدرت الحكم الآتي :
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 13324 لسنة 88 القضائية .
المرفوع مـن :
........                                         " طاعن "
ضــد
النيابة العامة                                                       " مطعون ضدها "
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن في القضية رقم 11010 لسنة 2013 جنايات كرداسة ( والمقيدة برقم 955 لسنة 2014 كلى شمال الجيزة ).
بوصف أنه في الفترة من 3 من يوليو لسنة 2013 حتى 5 من يوليو لسنة 2013 - بدائرة مركز شرطة كرداسة - محافظة الجيزة .
ــــــ دبر وآخرون سبق الحكم عليهم تجمهراً مؤلفاً من أكثر من خمسة أشخاص من شأنه أن يجعل السلم العام في خطر وكان الغرض منه ارتكاب جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والتخريب والإتلاف العمدي والتأثير على رجال السلطة العامة في أداء أعمالهم باستعمال القوة .
ـــــ اشترك وآخرون سبق الحكم عليهم وآخرون مجهولون في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص من شأنها أن يجعل السلم العام في خطر وكان الغرض منه ارتكاب جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والشروع فيه والتخريب والإتلاف العمدي والتأثير على رجال السلطة العامة في أداء أعمالهم باستعمال القوة حال حملهم لأسلحة نارية وبيضاء وأدوات مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص ، وقد وقعت منهم تنفيذاً للغرض المقصود من التجمهر مع علمهم به الجرائم الاتية :ــــ  
1ـــــ قتلوا وأخرون مجهولون المجني عليه / هاني محمود إبراهيم عبد اللطيف عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتل قوات الشرطة المتواجدة بمركز شرطة كرداسة وأعدوا لذلك الغرض أسلحة نارية وبيضاء وأدوات مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص وتوجهوا وآخرون مجهولون للمكان سالف الذكر وأطلق مجهولون من بينهم الأعيرة النارية صوب القوات المكلفة بتأمين المركز قاصدين إزهاق روح أياً منهم فحاد إحداها عن هدفه وأصاب المجني عليه الذي تصادف مروره بمحل الواقعة - فأحدث إصابته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ، وكان ذلك تنفيذاً لغرض إرهابي حال كون المجني عليه لم يبلغ من العمر ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة على النحو المبين بالتحقيقات.
وقد اقترنت بجناية القتل آنفة البيان وتقدمتها وتلتها جنايات أخرى أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر .
ــــ شرع وآخرون سبق الحكم عليهم وآخرون مجهولون في قتل المجني عليهم / علي أحمد مصطفى حسن ، شريف حشمت فهمي محمد إبراهيم ، مصطفى أحمد حسن عمر عدس ، هشام عبد الوهاب محمد إبراهيم ، ياسر عبد الحميد محمد عبد الحميد ، شعبان جمال يونس محمود ، عبد الرحمن صلاح خلف عبد الرحمن ، أحمد إسماعيل دبلان ، أيمن عطا الله أمين حكيم ، إبراهيم عطا الله صموئيل بشاي ، علي نصر عبد الله محمود ، محمد صبحي مصطفى الهيطل ، علي عيد سميح حماد ، أبو زيد جنيدي عبد الله محمد ، أحمد عطا محمد خلف ، أحمد محمد المصري يوسف إبراهيم ، حمادة حامد حامد محمد ، احمد حسنى عبد الحميد أحمد ، عوض كريم صالح كريم ، عبد العزيز محمد عبد العزيز ورضا أحمد قرني عبد الله – من قوات الشرطة – عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتل قوات مركز شرطة كرداسة وأعدوا لهذا الغرض الأسلحة والأدوات سالفة البيان وما إن ظفروا بهم حتى أطلق مجهولون من بينهم صوب المجنى عليهم أعيرة نارية قاصدين إزهاق أرواحهم فأحدثوا بهم إصابتهم الموصوفة بالتقارير الطبية المرفقة بالأوراق ، وقد خاب أثر جريمتهم لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو مداركة المجنى عليهم بالعلاج ، وكان ذلك تنفيذاً لغرض إرهابي على النحو المبين بالتحقيقات .
ـــــ استعمل وآخرون سبق الحكم عليهم وآخرون مجهولون القوة والعنف مع موظفين عموميين وأشخاص مكلفين بخدمة عامة – ضباط وجنود قوات الشرطة المكلفين بتأمين مركز شرطة كرداسة – بأن أطلقوا صوبهم الأعيرة النارية ورشقوهم بالحجارة والزجاجات الحارقة فأحدثوا ببعضهم – المجنى عليهم سالفي الذكر بعالية – إصابتهم الموصوفة بالتقارير الطبية المرفقة بالأوراق ، وذلك لحملهم بغير حق على الامتناع عن عمل من أعمال وظيفتهم ولم يبلغوا بذلك مقصدهم حال حملهم للأدوات والأسلحة سالفة البيان على النحو المبين بالتحقيقات .
ـــــ شرع وآخرون سبق الحكم عليهم وآخرون مجهولون في التخريب العمدي لمباني وأملاك مخصصة لمصالح حكومية ( مبنى قسم شرطة كرداسة ) بأن أطلقوا صوبه وابلاً من الأعيرة النارية ورشقوه بالحجارة وألقوا عبوات مشتعلة ( مولوتوف ) بداخلة فأحدثوا به التلفيات الموصوفة بتقرير مصلحة تحقيق الأدلة الجنائية ونشأ عن ذلك الفعل تعطيل أعمال مصلحة ذات منفعة عامة وقد خاب أثر جريمتهم  لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو تصدي قوات الشرطة المكلفة بتأمين مركز شرطة كرداسة لهم ، وكان ذلك تنفيذاً لغرض إرهابي وبقصد إحداث الرعب بين الناس وإشاعة الفوضى على النحو المبين بالتحقيقات .
ــــــ أتلف وآخرون سبق الحكم عليهم وآخرون مجهولون عمداً أموالاً منقولة لا يمتلكوها وهي سيارات الشرطة أرقام ( 3188/ب 14 ، 7737/ب 11 ، 7228ب /17 ، ب 11/6212، ب 15/8337 ) وعربة خشبية لبيع ثمار الفاكهة ، وسيارة ملاكي ، إبان تواجدها بمحيط مركز شرطة كرداسة - ونشأ عن ذلك الفعل تعطيل أعمال مصلحة ذات منفعة عامة - وجعل الناس وصحتهم وأمنهم في خطر ، وكان ذلك تنفيذاً لغرض إرهابي على النحو المبين بالتحقيقات .
2ــــ حازوا وأحرزوا بالذات والواسطة أسلحة نارية ( بنادق آلية ) مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها وأسلحة نارية مششخنة ( مسدسات وبنادق ( وغير مششخنة ( بنادق وأفرد خرطوش ( بغير ترخيص ، وكان ذلك في أحد أماكن التجمعات وبقصد استعمالها في الإخلال بالنظام والأمن العام على النحو المبين بالتحقيقات .
3ـــ حازوا وأحرزوا بالذات والواسطة ذخائر مما تستعمل على الأسلحة سالفة الذكر حال كون بعضها غير مرخص لأى منهم بحيازتها أو إحرازها والبعض الأخر مما لا يجوز الترخيص بحيازتها او إحرازها وكان ذلك في أحد أماكن التجمعات وبقصد استعمالها في الإخلال بالنظام والأمن العام على النحو المبين بالتحقيقات .
4ـــ  حازوا وأحرزوا أسلحة بيضاء وأدوات مما تستعمل في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ قانوني أو مبرر من الضرورة المهنية أو الحرفية ، وكان ذلك في أحد أماكن التجمعات وبقصد استعمالها في الإخلال بالأمن والنظام العام على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالته إلي محكمة جنايات الجيزة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر
الإحالة .
والمحكمة الذكورة قررت بجلسة 29 من نوفمبر لسنة 2017 بإحالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتى الجمهورية لإبداء الرأي فيها ، وحددت جلسة  14 من يناير لسنة 2018 للنطق بالحكم ، وبالجلسة المحددة قضت حضورياً  وبإجماع الاراء عملاً بالمواد 13، 39، 45/1، 46، 86، 90، 137 مكرر أ/1، 2، 230، 231، 234، 235، 361 من قانون العقوبات والمواد 1، 2، 3، 3 مكرر ، 4 من القانون رقم 10 لسنة 1914 المعدل بالقانون رقم 87 لسنة 1968 بشأن التجمهر والمواد 1، 6، 25 مكرر، 26 من القانون رقم 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة المعدل بالقانون رقم 165 لسنة ۱۹۸۱ والمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 والبند 7 من الجدول رقم 1 والجدول رقم 2 والبندين ( أ، ب ) من القسم الأول والبند " ب " من القسم الثاني من الجدول رقم 3 الملحقين بالقانون الأول والمعدل أولهما بقرار وزير الداخلية ، مع إعمال المادة ۳۲ من قانون العقوبات بمعاقبة أشرف محمد علي
عيد أبو حجازه وصحة اسمه أشرف محمد عيسي علي محمد بالإعدام عما نسب إليه وألزمته المصروفات الجنائية .
فقرر المحكوم عليه بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض في 20 من يناير لسنة 2018 .
وأودعت مذكرة بأسباب الطعن في 26 من فبراير لسنة 2018 موقعاً عليها من الأستاذ / محمد عبد اللطيف إبراهيم المحامي .
كما عرضت النيابة العامة القضية الماثلة على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة بريها طلبت فيها اقرار الحكم بإعدام المحكوم عليه .
وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .
      المحكمـــــة
        بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً .
أولاً : بالنسبة للطعن المقدم من المحكوم عليه:-
        من حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون .
        ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم تدبير تجمهر من شأنه تعريض السلم العام للخطر ووقع منه تنفيذاً لغرضه جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والشروع فيه واستعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء أعمال وظيفتهم دون بلوغ مقصده والشروع في التخريب العمدي لأملاك عامة ( مركز شرطة كرداسة ) والاتلاف العمدي له ولأموال منقولة تنفيذاً لغرض إرهابي وحيازة وإحراز بالذات وبالواسطة أسلحة نارية آلية وذخائرها مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها وأسلحة نارية مششخنة وغير مششخنة وذخائر بغير ترخيص وأسلحة بيضاء وأدوات مما تستعمل في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ وذلك في أماكن التجمعات العامة بقصد استعمالها في الإخلال بالأمن والنظام العام قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والاخلال بحق الدفاع وران عليه البطلان ، ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى بياناً تتحقق به أركان الجرائم التي دانه بها ، ولم يدلل على توافر عناصر المسئولية الجنائية في حقه ، ولم يبين ماهية الأفعال التي قارفها ورابطة السببية بينها وبين ما عاقبه عليه من جرائم ولم يستظهر مدى مشاركته فيها ودوره في ارتكابها ، ولم يدلل على نية القتل وظرفي سبق الإصرار والاقتران ، ولم يستظهر ماهية الضرر الجسيم الذي لحق بالمال العام ، وتساند الحكم إلى أقوال شهود الإثبات رغم ورودها مرسلة مجهلة إذ جرت شهادة الشاهدين الأول والثاني على قولهما "الشيخ أشرف" دون بيان كامل اسمه أو تحديد
أوصافه ، وخلت الأوراق من شاهد رؤية لتعذرها ، فضلاً عن عدم ضبط الطاعن متلبساً، وأسس الحكم قضاءه على الظن والاحتمال إذ عول على تحريات الشرطة التي لا تصلح بذاتها دليلاً على الإدانة فضلاً عن خلو الأوراق عن دليل يؤيدها مطرحاً دفع الطاعن بأنه ليس هو المعنى بالاتهام وأن من توصلت التحريات أنه مرتكب الواقعة هو شخص آخر غيره ولم تجر المحكمة تحقيقاً في ذلك بلوغاً لغاية الأمر فيه ، وعول الحكم في قضائه على التقارير الطبية رغم أنها لا تصلح لنسبة الفعل إلى الطاعن ، الذي أُدين رغم عدم التحقيق معه في أي مرحلة من مراحل الدعوى ، والتفتت المحكمة عن انكاره الواقعة وعن دفاعه المؤيد بمستندات رسمية بعدم وجوده على مسرح الجريمة ولم تحفل بأقوال شهود النفي ، كما لم يعن الحكم بالدفع ببطلان أمر الإحالة لصدوره أمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية بالنسبة لمتهمين آخرين لهم ذات المركز القانوني  للطاعن ، وضرب صفحاً عن الدفع ببطلان المحاكمة لعدم علانية الجلسات وانعقادها بأكاديمية الشرطة دون طلب من رئيس المحكمة أو صدوره قرار من وزير العدل ، وأورد الحكم أسباباً لحكم سبق إصداره على متهمين آخرين مما ينبئ عن أن المحكمة كان لديها الرغبة في الإدانة وتوقيع عقوبة الإعدام على الطاعن ، بل أنها لم تطالع أوراق الدعوى ومفرداتها لوجودها بمحكمة النقض ولعدم وجود نسخة أصلية منها آنذاك ، كما أن مفتي الجمهورية أسس رأيه على الظن والاحتمال ولم يطلع على أوراق الدعوى ، هذا إلى أن الحكم اطرح أوجه دفاع ودفوع الطاعن بردود غير سائغة ولم تجبه المحكمة إلى طلباته ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
        من حيث إن الحكم المطعون فيه – على ما يبين من مطالعة مدوناته – قد حصل واقعة الدعوى بما مفاده أنه بعد خروج مجموع غفيرة من الشعب المصري ضد حكم جماعة الاخوان وعقب إذاعة بيان القوات المسلحة في يوم 3/7/2013 قام المتهم ومن سبق الحكم عليهم ومن والهم من أفراد التنظيم الإخواني والتيارات الاسلامية الأخرى باقتحام مركز شرطة كرداسة ، إلا أن قوات الشرطة تصدت لهم ، وفي يوم 5/7/2013 عقب صلاة الجمعة تجمع عدد من عناصر جماعة الإخوان والتيارات الإسلامية المواليه لهم أمام مركز شرطة كرداسة مرددين هتافات مناهضة للقوات المسلحة وللشرطة ، وقام الطاعن وآخران سبق الحكم عليهما بمقابلة مأمور المركز طالبين منه إخلائه من القوات وتسليمه لهم وللمتجمهرين، فلما رفض طلبهم ، خرج الطاعن من ديوان المركز ومن كانا معه وأشار أحدهم للمتجمهرين بوضع أصبع على رقبته بما يفيد ذبح قوات الشرطة وظل الطاعن بين صفوف المتجمهرين محرضاً لهم على تصعيد الموقف العدائي ضد القوات ، فعلت الهتافات واشتدت وقذف المتجمهرين ديوان المركز بزجاجات المولوتوف والحجارة وتسلقوا سوره ووضعوا عليه علم تنظيم القاعدة وأطلق عدد منهم الأعيرة النارية صوبه من أسلحتهم النارية التي كانوا يحرزونها ويحوزونها ، فألحقوا به وبسيارات الشرطة التلفيات المبينة بالتحقيقات وقتلوا المجني عليه هاني محمود إبراهيم عبد اللطيف عمداً مع سبق الإصرار لإصابته من عيار ناري معمر بمقذوف مفرد بيسار الظهر وما أحدثه من تهتكات بالرئتين والقلب ونزيف دموي غزير مصاحب ، على النحو الوارد بتقرير الصفة التشريحية ، وشرعوا في قتل المجني عليهم من رجال الشرطة الوارد أسماءهم ووصف إصاباتهم بالتحقيقات والتقارير الطبية المرفقة عمداً مع سبق الإصرار . وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه - على هذه الصورة - في حق  الطاعن أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات وتقرير الصفة التشريحية للمجني عليه هاني محمود إبراهيم عبد اللطيف ومن التقارير الطبية للمصابين وتقريري الأدلة الجنائية ومن معاينة النيابة العامة لديوان مركز شرطة كرداسة ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان يبين من مجموع ما سطره الحكم بمدوناته أنه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة تساند قضاؤه مبيناً إياها بصورة وافية ، وجاء استعراض المحكمة للواقعة والأدلة عليها على نحو يدل أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها الماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان مجموع ما ساقه الحكم – على النحو السالف بسطه – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، ومبيناً لفحوى أدلتها ، فإن ذلك يكون محققًاً لحكم القانون . ومن ثم فإن النعي بالقصور في التسبيب لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكانت المادتان الثانية والثالثة من القانون رقم 10 لسنة 1914 في شأن التجمهر ، حددتا شروط قيام التجمهر قانوناً ، في أن يكون مؤلفاً من خمسة أشخاص على الأقل ، وأن يكون الغرض منه ارتكاب جريمة ، أو منع أو تعطيل تنفيذ القوانين واللوائح ، أو التأثير على السلطات في أعمالها ، أو حرمان شخص من حرية العمل باستعمال القوة أو التهديد باستعمالها ، وأن مناط العقاب على التجمهر وشرط تضامن المتجمهرين في المسئولية عن الجرائم التي تقع تنفيذاً للغرض منه ، هو ثبوت علمهم بهذا الغرض ، واتجاه غرضهم إلى مقارفة الجرائم التي وقعت تنفيذاً لهذا الغرض ، وأن تكون نية فيه الاعتداء قد جمعتهم ، وظلت تُصاحبهم حتى نفذوا غرضهم المذكور ، وأن تكون الجرائم التي اُرتكبت قد وقعت نتيجة نشاط إجرامي من طبيعة واحدة ، ولم تكن جرائم استقل بها أحد المتجمهرين لحسابه ، دون أن يؤدي إليها السير الطبيعي للأمور ، وقد وقعت جميعها حال التجمهر ، ولا يشترط لتوافر جريمة التجمهر وجوب اتفاق سابق بين المتجمهرين ، إذ أن التجمع قد يبدأ بريئاً ثم يطرأ عليه ما يجعله معاقباً عليه ، عندما تتجه نية المشتركين فيه إلى تحقيق الغرض الاجرامي الذي يهدفون إليه ، مع علمهم بذلك ، وكان ما سطره الحكم المطعون فيه يُوفر أركان جريمة التجمهر مما يرتب تضامناً في المسئولية الجنائية بالنسبة للطاعن – والمحكوم عليهم الأخرين - سواء عُرف من الذي أطلق الأعيرة النارية على المجني عليهم أو تعدي عليهم بالأسلحة البيضاء أو ألقى الحجارة وزجاجات المولوتوف والتعدي على الممتلكات العامة والخاصة ، أو المتسبب في وفاة القتيل أو السرقة مع حمل سلاح أو لم يُعرف ، وإذ كان الحكم قد التزم صحيح القانون في هذا الشأن ولم يخطئ في تقديره ، فإن هذا حسبه ليستقيم قضاؤه ، هذا إلى أن جناية استخدام القوة ضد المجني عليهم بقصد ترويعهم وتهديدهم بالحاق الأذى المادي والمعنوي بهم والمقترنة بجنايات القتل العمد والشروع فيه التي دان الحكم الطاعن بها - بوصفها الجريمة الأشد - إعمالاً لنص المادة 32 من قانون العقوبات قد وقعت نتيجة نشاط إجرامي من طبيعة واحدة ، وحال التجمهر ، ولم يستقل بها أحد من المتجمهرين لحسابه ، وكان وقوعها بقصد تنفيذ الغرض من التجمهر ، ولم تقع تنفيذاً لقصد سواه ، ولم يكن الالتجاء إليها بعيداً عن المألوف ، بحيث يسوغ محاسبة الطاعن عليه ، باعتباره من النتائج المحتملة للاشتراك في تجمهر محظور عن إرادة وعلم بغرضه ، ومن ثم فلا تثريب على الحكم إن هو ربط تلك الجرائم التي دان الطاعن بها بالغرض الذى قام من أجله هذا الحشد المجتمع أفراده متجمهرين لتنفيذ مقتضاه ، ومن ثم فإن النعى  على الحكم في هذا الصدد لا يكون قويماً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفى لا يُدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم في نفس الجاني ، فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلص منها القاضي مدى توافره ، ما دام موجب هذه الظروف وتلك الوقائع لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج ، ويشترط بتوافره في حق الجاني أن يكون في حالة يتسن له فيها التفكير في عمله والتصميم عليه في روية وهدوء ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه – على ما يبين من مطالعة مدوناته – يكفى في استظهار نية القتل ويتحقق به ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن ، وكان تدليله على توافر نية القتل في حق أحد المشتركين في جريمة التجمهر غير المشروع – كما هي معرفة به في القانون – ما ينعطف حكمه على كل من اشترك في هذا التجمهر ، مع علمه بالغرض منه ، بصرف النظر عن مقارفته هذا الفعل بالذات أو عدم مقارفته – ما دام الحكم دلل تدليلاً سليماً على توافر أركان جريمة التجمهر في حق المتجمهرين جميعاً – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – ومن ثم فإن النعى على الحكم في هذا الشأن يكون غير مقترن بالصواب . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاقتران بتوافر باستقلال الجرائم المقترنة عن جناية القتل العمد وتميزها عنهم وقيام المصاحبة الزمنية بينهم ، بأن تكون الجنايات قد ارتكبت في وقت واحد وفى فترة قصيرة من الزمن ، وتقدير ذلك موضوعي ، وكان ذلك متوافراً في الدعوى المطروحة ، ومن ثم فقد توافر في الدعوى ظرف الاقتران بالمعنى المقصود بالمادة 234/2 من قانون العقوبات ولما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استظهر التلفيات التي لحقت بمبنى ديوان مركز شرطة كرداسة وبسيارات الشرطة وقدرت المحكمة أن ضرراً جسيماً قد لحق بهذه الممتلكات العامة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا المجال لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان وزن أقوال الشهود والتعويل عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه ، وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان لا يشترط في شهادة الشاهدة أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل يكفى أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدى إلى الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذى رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المعروضة أمامها ، وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة ، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، ولا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان الدفع بتعذر الرؤية من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يقول به الطاعن من أن أياً من شهود الإثبات لم ير واقعات الحادث ولم يعاصر أحدهم التعدي على المجنى عليهم وقوله خلو الأوراق من دليل يقيني على إدانته لا يعدو جميعه أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين وتشكيك في أقوال الشهود ينحل إلى جدل موضوعي لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان لا تثريب على محكمة الموضوع إن هي أخذت بتحريات رجال المباحث ضمن الأدلة التي استندت إليها ، لما هو مقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد تصدى لما أبداه الطاعن من دفاع بأنه ليس هو المعنى بالاتهام وقضى برفضه على نحو سائغ ، وكان هذا الدفاع في حقيقته نفى للتهمة يكفى للرد عليه ما ساقته المحكمة من أدلة الثبوت ، كما أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها وسائر الأدلة القائمة في الدعوى التي تكفى لحمل قضائه – كما هو الحال في الدعوى الماثلة – ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد لا يكون قويماً . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب من المحكمة سائر طلبات التحقيق التي أشار إليها في أسباب طعنه ، ومن ثم فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن التقارير الطبية وإن كانت لا تدل على نسبة إحداث الإصابات إلى المتهمين إلا أنها تصلح كدليل مؤيد لأقوال الشهود في هذا الخصوص ، فلا يعيب الحكم الاستناد إليها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان عدم سؤال المتهم في التحقيق لا يترتب عليه بطلان الإجراءات ، إذ لا مانع في القانون يمنع من رفع الدعوى العمومية بدون استجواب المتهم أو سؤاله ، كما أن البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب من المحكمة استجوابه فيما أُسند إليه ، وهو أمر لا يجوز للمحكمة إجرائه من تلقاء نفسها إلا إذا قبل المتهم هذا ، وذلك عملاً بنص المادة 274 من قانون الإجراءات الجنائية ، فليس له من بعد أن يعيب على المحكمة عدم اتخاذ إجراء لم يطلبه منها ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن بعدم ارتكابه الجريمة وعدم وجوده على مسرحها واطرحه برد سائغ ، فإن ما يُثار في هذا الخصوص لا يعدو كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به ، وهى غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها ، وإن في قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها ، ومن ثم فإن النعي على  الحكم في هذا المنحنى لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان يبين من مطالعة جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يثير شيئاً بشأن بطلان أمر الإحالة ، وكان هذا الأمر إجراء سابقاً على المحاكمة ، فإنه لا يقبل من الطاعن إثارة بطلانه لأول مرة أمام محكمة النقض ، ما دام أنه لم يدفع به أمام محكمة الموضوع . لما كان ذلك ، وكان من المقرر طبقاً للمادة الثامنة من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 – أنها اشترطت أن تنعقد محكمة جنايات في كل مدينة بها محكمة ابتدائية – إلا أنها لم تشترط أن تنعقد المحكمة في ذات المبنى الذى تجرى فيه جلسات المحكمة الابتدائية ، وما دامت محكمة الجنايات التي نظرت الدعوى قد انعقدت في مدينة القاهرة – وهو ما لا ينازع فيه الطاعن – فإن انعقادها يكون صحيحاً ، هذا إلى أنه لم يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة والحكم المطعون فيه أنه قد أثبت بهما أن المحاكمة جرت في علنية ، وكان ما أورده الحكم رداً على ما أُبدى في هذا الشأن كافياً وسائغاً ويتفق وصحيح القانون ، ومن ثم فإن النعي عليه ببطلان المحاكمة لعدم علانية الجلسات وانعقادها بأكاديمية الشرطة لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات عند إعادة محاكمة المتهم الذى كان غائباً من أن تورد الأسباب ذاتها التي اتخذها حكم صدر ضد متهمين آخرين أسباباً لحكمها ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – لما كان ذلك ، وكانت حالة الرغبة من إدانة المحكوم عليه من المسائل الداخلية التي تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره ، وترك المشرع أمر تقدير الإدانة لما يطمئن إليه القاضي ويرتاح إليه وجدانه ، ومن ثم فإن ما يُثار في هذا الخصوص لا يصح أن ينبئ عليه وجه الطعن . لما كان ذلك ، وكان ما جاء بمحضر جلسة المحاكمة المؤرخ 28/7/2016 من أن مفردات الدعوى قد ضمت إلى طعن بنظر إلى محكمة النقض لا ينفى بالضرورة أن تلك المفردات أو صورة رسمية منها كانت تحت بصر المحكمة حال نظرها الدعوى حتى الفصل فيها ، لا سيما وأن الحكم المطعون فيه قد أثبت اطلاع المحكمة على أوراق الدعوى ، وإذ كانت ورقة الحكم تعتبر متممة لمحضر الجلسة في إثبات إجراءات المحاكمة ، وكان الأصل في الإجراءات أنها روعيت ، ومتى أثبت الحكم الاطلاع على أوراق الدعوى ، فلا يجوز للطاعن أن يجحد ما أثبته الحكم من تمام هذا الإجراء إلا بالطعن بالتزوير وهو ما لم يفعله ، فإن النعي على الحكم بدعوى البطلان لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون محدداً ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن أوجه الدفوع والدفاع التي اطرحها الحكم برد غير سائغ والأوجه الأخرى التي أغفل الرد عليها والطلبات التي لم تجبه المحكمة إليها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان القانون رقم 11 لسنة 2017 في شأن تعديل بعض أحكام قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد اختص محكمة النقض بنظر موضوع الدعوى إذا نقضت الحكم المطعون فيه ، ولما كان تقدير محكمة الموضوع للعقوبة لا يعدو أن يكون خاتمة مطاف الموضوع ومحصلته النهائية ، ومن ثم فإنه من غير المقبول عقلاً ومنطقاً أن يبقى تقدير العقوبة بمنأى عن رقابة محكمة النقض – بعد التعديل الذى سنه الشارع بالقانون المشار إليه والمعمول به في الأول من شهر مايو سنة 2017 ، ومن ثم فقد بات متعيناً بسط رقابة هذه المحكمة – محكمة النقض – على تقدير محكمة الموضوع للعقوبة ، دون حاجة إلى نقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة لنظر موضوعه . وتأسيساً على ذلك ، فإن هذه المحكمة تقضى – لما ارتأته من ظروف الطعن – بتصحيح الحكم المطعون فيه الساري عليه التعديل المذكور لصدوره في 14 من شهر يناير سنة 2018 ، وذلك بإلغاء عقوبة الإعدام المقضي بها على المحكوم عليه ومعاقبته بالسجن المؤبد بدلاً منها . ورفض الطعن فيما عدا ذلك ، ومن نافلة القول أن ما ينعى به الطاعن بشأن رأى مفتى الجمهورية أصبح ولا محل له .
ثانياً : بالنسبة لعرض النيابة العامة :ـــ
        من حيث إنه لما كانت النيابة العامة قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض – مشفوعة بمذكرة طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم
عليه ، وكانت محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين – من تلقاء نفسها – دون تقيد بمبنى الرأي الذى ضمنته النيابة العامة مذكرتها – ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب ، ويستوى في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة في الميعاد المحدد أو بعد فواته ، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية .
ومن حيث إن هذه المحكمة قد انتهت إلى القضاء بتصحيح الحكم المعروض بإلغاء عقوبة الإعدام المقضي بها على المحكوم عليه ومعاقبته بالسجن المؤبد ، فإن موضوع عرض النيابة العامة للقضية صار لا محل له .  أو بعد فواته
           
        فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :ـــ أولاً : بقبول الطعن المقدم من المحكوم عليه شكلاً وعرض النيابة العامة للقضية .
ثانياً : وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه بإلغاء عقوبة الإعدام المقضى بها عليه ومعاقبته بالسجن المؤبد ، ورفض الطعن فيما عدا ذلك .

الخميس، 13 فبراير 2020

الطعن 124 لسنة 26 ق جلسة 15 / 2 / 1962 مكتب فني 13 ج 1 ق 36 ص 228


جلسة 15 من فبراير سنة 1962
برياسة السيد محمد متولى عتلم المستشار، وبحضور السادة: محمود القاضي، وحسن خالد، ومحمود توفيق اسماعيل، ومحمد عبد اللطيف مرسى المستشارين.
----------
(36)
الطعن رقم 124 لسنة 26 القضائية

(أ) إعلان. "إعلان الشركات التجارية".
وجوب تسليم صورة الإعلان فيما يتعلق بالشركات التجارية في مركز إدارة الشركة لأحد الشركاء المتضامنين أو لرئيس مجلس الإدارة أو للمدير فان لم يكن للشركة مركز تسلم لأحد هؤلاء لشخصه او في موطنه. نص المادة 14 مرافعات فقرة أخيرة لا ينطبق إلا في حالتي الامتناع عن تسلم الصورة أو الامتناع عن التوقيع على أصل الإعلان بالاستلام.
(ب) وكالة. "وكالة ضمنية". إثبات. "الإثبات بالقرائن". نقض. "أسباب موضوعية". محكمة الموضوع.
جواز إثبات الوكالة الضمنية في استلام الرسائل المشحونة من مصلحة السكك الحديدية نيابة عن الشاحن بالقرائن، استخلاص محكمة الموضوع قيام الوكالة الضمنية من وقائع ثابتة بمستندات الدعوى والقرائن وظروف الأحوال استخلاصا سائغا. المجادلة في قيام تلك الوكالة جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.

-----------
1 - تقضى المادة 14 من قانون المرافعات بأن تسلم صورة الإعلان فيما يتعلق بالشركات التجارية في مركز إدارة الشركة لأحد الشركاء المتضامنين أو لرئيس مجلس الإدارة أو للمدير فإن لم يكن للشركة مركز تسلم لواحد من هؤلاء لشخصه أو في موطنه، ومن ثم فإذا كان الثابت من الأوراق أن إعلان تقرير الطعن قد وجه إلى مركز الشركة المراد إعلانها فأجيب بأنه لا وجود لها بمحل الإعلان فوجه الطاعن الإعلان إلى المطعون عليهما بصفتهما مديري الشركة المذكورة، فإن الطاعن يكون قد اتبع الإجراءات المنصوص عليها في المادتين 12 و14 من قانون المرافعات. أما الفقرة الأخيرة من المادة 14 مرافعات التي توجب تسلم صورة الإعلان للنيابة فإنها تطبق في حالتي الامتناع عن تسليم صورة الإعلان أو الامتناع عن التوقيع على أصل الإعلان بالاستلام.
2 - إذا كانت محكمة الموضوع قد استخلصت في حدود سلطتها الموضوعية من المستندات المقدمة لها ومن القرائن وظروف الأحوال قيام الوكالة الضمنية في تسلم مورث المطعون عليهم الرسائل المشحونة - محل النزاع - من مصلحة السكك الحديدية نيابة عن الشاحن، وكانت الوكالة الضمنية في هذا الخصوص مما يجوز إثباته بالقرائن وقد استخلصت المحكمة قيامها من وقائع ثابتة بالأوراق تؤدى عقلا إلى النتيجة التي انتهت إليها فإن المجادلة في تقدير الدليل على قيام تلك الوكالة جدل موضوع لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن النيابة العامة دفعت بعدم قبول الطعن شكلا لعدم تقديم صورة رسمية من التفويض الصادر من مجلس إدارة بنك مصر لكل من رئيس مجلس الإدارة والعضوين المنتدبين لبيان السلطات المخولة لهم منه وما إذا كان من بينها توكيل محامين أمام محكمة النقض أم لا.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على المستندات المقدمة بحافظة الطاعن رقم 17 دوسيه بجلسة أول فبراير سنة 1962 ومن بينها صورة رسمية من محضر جلسة مجلس إدارة بنك مصر المنعقدة في 19/ 4/ 1955 وصورة رسمية أخرى من محضر جلسة في 7/ 5/ 1920 أن التقرير بالطعن بطريق النقض الذى قرر به الأستاذ محمد كامل أحمد المحامي ومدير إدارة قضايا بنك مصر بصفته وكيلا عن بنك مصر شركة مساهمة مصرية يمثلها الأستاذ محمد رشدي رئيس مجلس الادارة بتوكيل رقم 5085 سنة 1955 توثيق عام القاهرة - هو تقرير توافرت فيه شروطه القانونية لأن رئيس مجلس الادارة له سلطة توكيل محامين أمام محكمة النقض ولأن المحامي الذى قرر به هو أحد هؤلاء المحامين الموكلين - لما كان ذلك فإن الدفع الذى أثارته النيابة العامة في هذا الشأن يكون على غير أساس ويتعين رفضه.
وحيث إن المطعون عليه الثاني دفع أيضا بعدم قبول الطعن شكلا لبطلان إعلانه بالنسبة للشركة التجارية ومضارب أرز النيل بإسكندرية وأسس هذا الدفع على أن الفقرة الرابعة من المادة 14 من قانون المرافعات تقضى بأن تسلم صورة الاعلان فيما يتعلق بالشركات التجارية في مركز إدارة الشركة لأحد الشركاء المتضامنين أو لرئيس مجلس الادارة أو للمدير فإن لم يكن للشركة مركز تسلم لواحد من هؤلاء لشخصه أو في موطنه وأن الفقرة الأخيرة من المادة المذكورة تنص على أنه "وإذا امتنع من أعلنت له الورقة عن تسلم صورتها هو أو من ينوب عنه أو امتنع عن التوقيع على أصلها بالاستلام أثبت المحضر ذلك في الأصل والصورة وسلم الصورة للنيابة" وان الطاعن لم يوجه إعلان الطعن إلى مركز الشركة المطعون عليها الثانية وهو 2 طريق الحرية بالإسكندرية وإنما وجهه إلى المنزل الكائن بشارع كلية الطب رقم 12 وأن المحضر عندما وجد المحل المذكور مغلقا أعلن الطعن إلى مأمور القسم فوقع بالإعلان على هذا النحو باطلا.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن الطاعن وجه الاعلان (أولا) للمطعون عليهما محمد أحمد محمد صالح وكامل أحمد محمد صالح بصفتهما مديري الشركة التجارية ومضارب الأرز بالإسكندرية إلى مركزها بشارع الكوبرى بجوار محطة سكة حديد محرم بك بالإسكندرية وهو المركز المبين في الحكم المطعون فيه وفى إعلانه وفى تقرير الطعن فأجيب في 26/ 11/ 1960 على الاعلان المذكور بأنه اتضح أن الشركة المشار إليها لا وجود لها بالمكان المطلوب إعلانها به وأن أرضها حلت بها شركة أخرى فطلب الطاعن إعادة إعلانهما في 27/ 11/ 1960 بصفتهما بشارع كلية الطب رقم 12 بالإسكندرية فأشر على الاعلان بأن الشقة وجدت مغلقة وأنهما سيعلنان بالقسم وقد أعلنا في التاريخ نفسه إلى مأمور القسم وتأشر بالإخطار عنهما في ذات التاريخ وألصق بالإعلان إيصالي البريد - لما كان ذلك وكانت المادة 14 من قانون المرافعات تقضى بأن تسلم صورة الاعلان فيما يتعلق بالشركات التجارية في مركز إدارة الشركة لأحد الشركاء المتضامنين أو لرئيس مجلس الادارة أو للمدير فإن لم يكن للشركة مركز تسلم لواحد من هؤلاء لشخصه أو في موطنه وكانت المادة 12 من قانون المرافعات تنص على أنه "إذا لم يجد المحضر الشخص المطلوب إعلانه في موطنه كان عليه أن يسلم الورقة إلى وكيله أو خادمه أو لمن يكون ساكنا معه من أقاربه أو أصهاره - فإذا لم يجد منهم أحدا أو امتنع من وجده عن تسلم الصورة وجب أن يسلمها على حسب الأحوال لمأمور القسم أو البندر أو العمدة أو شيخ البلد الذى يقع موطن الشخص في دائرته" فإن الطاعن يكون قد اتبع الاجراءات المنصوص عليها في المادتين المشار إليهما - أما الفقرة الأخيرة من المادة 14 من قانون المرافعات فإنها تطبق في حالتي الامتناع عن تسلم صورة الاعلان أو الامتناع عن التوقيع على أصل الاعلان بالاستلام ويترتب على ما تقدم أن يكون الدفع السالف الذكر على غير أساس ويتعين رفضه.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1487 سنة 1950 تجارى كلى مصر على المطعون عليه الأول بصفته وطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع مبلغ 11478 ج و350 م وفوائده بواقع 5% سنويا من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة مع النفاذ وبلا كفالة وأسس الطاعن دعواه على أن بنك مصر(فرع الفيوم) في خلال المدة من 27/ 2/ 1950 حتى 4/ 5/ 1950 سلم أمين مخازن محطة سكة حديد الفيوم 19 رسالة أرز عبارة عن 4050 جوال أرز كارجو زنة كل منها 100 كيلو جرام وذلك لتصديرها باسم البنك إلى محطة محرم بك بالإسكندرية وتسلم البنك بوالص الشحن ولما توجه مندوب البنك إلى محطة محرم بك ومعه البوالص لاستلام الرسائل اتضح له أنها سلمت لشخص آخر دون وجه حق وأنه لما كانت مصلحة السكك الحديدية قد قامت بتسليم الرسائل لغير المرسل إليه دون استلام بوالص الشحن فإنها تكون بذلك مسئولة عن رد البضاعة المسلمة إليه أو دفع ثمنها نقدا وبتاريخ 5/ 4/ 1951 أدخل المطعون عليه الأول أحمد محمد صالح بصفته المدير المسئول عن الشركة التجارية ومضارب أرز النيل بالإسكندرية وطلب إلزامه بما يقضى به عليه مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة مع النفاذ وبلا كفالة - ودفعت مصلحة السكك الحديدية الدعوى بأن أحمد محمد صالح (مورث محمد وكامل مديري الشركة المطعون عليها الثانية) اعتاد استلام رسائل الأرز الخاصة ببنك مصر نيابة عنه وذلك بموجب إيصالات مختومة بختم البنك على أن يتعهد بتقديم البوالص فيما بعد وأن هذا ما حدث بخصوص الرسالة محل النزاع إلا أنه لخلاف ثار بينهما أقام البنك الدعوى وطلب إلزام مصلحة السكك الحديدية بقيمة تلك الرسالة - كما دفع أحمد محمد صالح الدعوى بأن شركة مضارب أرز النيل التى يملكها اعتادت شراء الأرز من تودرى كارنتى على ألا تقوم بسداد الثمن إلا بعد تحققها من مطابقة الأرز لمواصفات معينة لا يمكن اكتشافها إلا بعد ضرب الأرز وأن مهمة البنك كانت قاصرة على تسليم الأرز له واستلام ثمنه منه وأن الشركة بعد أن استلمت الرسائل موضوع الدعوى اكتشفت عدم مطابقة الأرز المذكور للمواصفات المطلوبة فحبست الثمن عملا بالحق المخول لها بموجب المادة 457 فقرة ثالثة من القانون المدني ورفعت دعوى إثبات الحالة رقم 1110 سنة 1950 مستعجل الاسكندرية ثم دعوى الموضوع رقم 1252 سنة 1950 تجارى كلى الاسكندرية - وفى 10 من أبريل سنة 1952 قضت المحكمة حضوريا بإلزام المطعون عليه الأول بصفته بأن يدفع للطاعن مبلغ 11478 ج و350 م والفوائد بواقع 5% سنويا من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 10 من يونيه سنة 1950 لحين السداد مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وشملت الحكم بالنفاذ المعجل بشرط الكفالة وبإلزام الضامن أحمد محمد صالح بأن يدفع للمطعون عليه الأول المذكور مبلغ 11478 ج و350 م والفوائد بواقع 5% سنويا من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 5 من أبريل سنة 1951 لحين السداد مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وشملت الحكم بالنفاذ المعجل بشرط تقديم الكفالة فاستأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف 557 سنة 69 ق كما استأنفه ورثة أحمد محمد صالح بالاستئناف رقم 530 سنة 69 القاهرة وبتاريخ 20 من ديسمبر سنة 1955 قضت تلك المحكمة بقبول الاستئنافين شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى بنك مصر الطاعن وإلزامه بالمصاريف عن الدرجتين وبمبلغ ألف قرش مقابل أتعاب المحاماة لكل من المستأنفين عنهما وبرفض دعوى الضمان الموجهة من وزارة المواصلات إلى أحمد محمد صالح وإلزامها بمصاريفها وبتاريخ 8 من مارس سنة 1956 قرر وكيل الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات عرض الطعن على دائرة فحص الطعون وصممت النيابة على مذكرتها التي طلبت فيها نقض الحكم وقررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وحدد لنظره جلسة أول فبراير سنة 1962 وفيها أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بنى على أربعة أسباب يتحصل أولها في النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والقصور في التسبيب ذلك أن المحكمة أخطأت في تكييف استلام أحمد محمد صالح لمقادير الأرز موضوع الدعوى فوصفته بأنه كان بالوكالة عن الطاعن وهى في تكييفها قيام عقد وكالة صادر من البنك إلى أحمد محمد صالح يخوله استلام مقادير الأرز عن البنك لم تستند إلى أدلة مقدمة في القضية كما أن استنتاجها جاء مجافيا للحقيقة والقانون فليس في أوراق القضية ما يؤيد ما ذهبت إليه المحكمة من أن بنك مصر فرع الاسكندرية كان يخطر أحمد محمد صالح بشحن البضاعة ليقوم باستلامها فلا دليل على حصول مثل هذا الاخطار وإنما هو قول ذكرته المحكمة بغير دليل واستنادها في استخلاص عقد الوكالة من أن أحمد محمد صالح استلم كميات من الأرز في مرات سابقة على استلامه المقادير موضوع الدعوى بناء على إيصالات موقعا عليها منه في أغلب الأحوال وفى القليل موقعا عليها بختم بنك مصر لا ينهض في قيام الوكالة لأن مجرد استلامه مقادير في مرات سابقة لا يخوله صفة الوكالة الدائمة في استلام ما يرد مستقبلا باسم البنك من بضائع وأن الثابت أنه في جميع المرات السابقة التي استلم فيها أحمد محمد صالح بضائع كان يقدم للمصلحة بوالص الشحن وتقديم البوالص هو الذى يدفع المسئولية عن المصلحة أما في حالة الرسائل موضوع الدعوى فإن البوالص لم تقدم للمصلحة ولذا فإن ذمتها لا تبرأ وكان يجب على المصلحة أن تطالب أحمد محمد صالح بتقديم المستندات الدالة على صفة الوكالة المزعومة فإذا أهملت في ذلك فيجب أن تتحمل تبعة إهمالها ولا يسعفها أن تتوسل برسائل سابقة استلمها أحمد محمد صالح لأن الخطأ لا يبرر الخطأ - ويتحصل السبب الثاني في النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب ذلك أن المحكمة أخطأت أيضا في تكييف استلام الرسائل بأنه تم بموافقة البنك استنادا إلى أن الشحن تم في الفترة من 27/ 2/ 1950 إلى 4/ 5/ 1950 وأن الدعوى لم ترفع إلا في يونيه سنة 1950 وأن البنك أرسل إلى المستلم أحمد محمد صالح خطابات مؤرخة 10 و12 و13 و22/ 3/ 1950 يطالبه بدفع قيمة كمبيالات مسحوبة عليه ومقبولة منه لأمر تودرى كارنتى وجاء بهامش أحد الخطابات لفظا 2 بوالص و2 فواتير وما ساقته المحكمة في هذا الصدد لا ينتهى إلى ما يؤيد نظرها - ويتحصل السبب الثالث في النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفته القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والقصور في التسبيب ذلك أن المحكمة أخطأت كذلك في استخلاص تنازل البنك عن الرهن لأن فرع بنك مصر بالفيوم هو الذى تعاقد مع عميله على رهن هذه المقادير من الأرز وأن الفرع المذكور هو الذى تولى شحنها من الفيوم ولا دليل على تنازله عن هذا الرهن، ولا يعقل أن يتنازل عنه وهو ضمانه الوحيد، يؤكد ذلك أنه كان من أثر تسليم المصلحة الأرز إلى الغير أن ضاع ضمان البنك وأصبح دينه قبل عميله بغير سداد - ويتحصل السبب الرابع في النعي على الحكم المطعون فيه بقصوره في التسبيب ذلك أن المحكمة قد أغفلت تحقيق دفاع البنك ولو قامت بتحقيقه لتغير وجه الحكم إذ أن البنك قدم المستندات الدالة على حقوقه قبل عميله تودرى كارنتى ولا يعقل مع وجود هذا الدين الجسيم أن يفرط البنك في الضمان المخول له.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على "أن وزارة الواصلات تدفع الدعوى بأن التسليم إنما تم إلى المرسل إليه ووكيله أحمد محمد صالح وأنه لم يقع منها خطأ أو إهمال يستوجب مؤاخذتها ومساءلتها عن التسع عشرة رسالة موضوع هذه الدعوى وأن هذا الدفاع قد ثبتت للمحكمة صحته من الدلائل الآتية: أولا - أن بنك مصر فرع اسكندرية وهو الدائن المرتهن للأرز المباع من مدينه تودرى كارنتى إلى أحمد محمد صالح قد قبل أن يتخلى عن ضمانته وحيازته لهذا الأرز فكان يقوم فور علمه بشحن أي رسالة من الأرز من الفيوم بإخطار المشترى الذى كان يترقب وصول هذه الرسالة إلى محطة محرم بك فيقوم باستلامها فور وصولها ودون انتظار لورود بوليصة الشحن ويكتفى بأن يقدم مندوبه إيصالا عنها بالاستلام إلى أمين مخازن السكة الحديد بمحرم بك وهذه الإيصالات بعضها كان مبصوما عليها بختم بنك مصر والغالبية العظمى منها غير مبصومة بختم البنك المذكور بل كان عليها ختم الشركة التجارية ومضارب أرز النيل بإسكندرية التي يمثلها أحمد محمد صالح وفى الحافظة المقدمة من وزارة المواصلات بالملف الابتدائي وبالحافظة المقدمة لهذه المحكمة رقم 9 دوسيه عشرات الإيصالات والبوالص الدالة على صحة هذه الواقعة فمن هذا يكون الثابت لدى عمال السكة الحديد أن أحمد محمد صالح عند تسلمه لهذه الرسالات العديدة والتي كانت ترد تباعا طوال عام 1949 إنما كان يعمل كنائب عن بنك مصر المرسل إليه ولم يعترض يوما البنك على هذا التصرف بل كان يقره بعمل إيجابي أحيانا بتوقيعه على بعض هذه الإيصالات بختم البنك فهذا التصرف من جانب البنك إنما هو إقرار لإنابة أحمد محمد صالح في الاستلام ويكون عذر عمال السكة الحديد في تسليم الرسائل الأخرى من الأرز إلى أحمد محمد صالح واضحا جليا - ثانيا - أن مما يؤكد لهذه المحكمة صحة هذا النظر أن الرسائل التسعة عشر موضوع النزاع قد شحنت من محطة الفيوم في خلال المدة من 27/ 2/ 1950 حتى 4/ 5/ 1950 وقد ثبت أنها وردت إلى محطة محرم بك في الفترة من 18/ 3/ 1950 حتى 19/ 5/ 1950 وقد وصلت بوالص الشحن عن هذه التسع عشرة رسالة إلى فرع البنك في الاسكندرية وظل الفرع المذكور محتفظا بها عنده ولم يتقدم بها إلى محطة السكة الحديد يطالبها بالاستلام ولم يرفع البنك دعواه هذه ضد مصلحة السكة الحديد أو وزارة الموصلات إلا في 10 يونيه سنة 1950 - فهل سكوت البنك طوال هذه المدة عن المطالبة باستلام هذه الرسالات من محطة السكة الحديد تصرفا مقبولا وهو يعلم أن في بقاء طرد واحد أزيد من المدة المقررة بمحطة السكة الحديد ما يلزمه بدفع غرامة أرضية عن كل يوم من الأيام يمضى دون استلام فكيف يسكت فرع البنك بإسكندرية عن استلام هذه الآلاف من الطرود طوال هذه الشهور الأربعة وهل كان يجهل بأن ذلك سيكبده آلاف الجنيهات من الغرامة إن ظلت هذه الطرود بمحطة السكة الحديد. إن في هذا التصرف وحده من جانب فرع البنك بإسكندرية ما يؤكد أنه كان يعلم باستلام أحمد محمد صالح لهذه الرسائل فور ورودها بل إنه كان راضيا بهذا الاستلام بدليل أنه أرسل إليه الخطابات المقدمة بالحافظة 6 دوسيه وهى الخطابات الأربعة والمؤرخة 10/ 3 و12/ 3 و13/ 3 و22/ 3/ 1950 والتي فيها يطالب البنك أحمد محمد صالح بدفع قيمة الكمبيالات المسحوبة عليه والمقبولة منه لأمر تودرى كارنتى بائع الأرز وهذه الكمبيالات عددها كما هو ظاهر من الخطابات المذكورة ستة قيمة كل منها 528 جنيها أي أن مجموع قيمتها 3168 جنيها وفى الخطاب المؤرخ 13/ 3/ 1950 يشير البنك إلى رقم عدد 2 بوالص وعدد 2 فواتير فمن هذه الخطابات تبين أن بنك مصر فرع اسكندرية إنما كان يطالب أحمد محمد صالح بثمن الأرز موضوع النزاع والذى قام المذكور باستلامه ولم يدفع ثمنه فورا لما ظهر له من عيوب فيه كما سبق البيان - ثالثا - إن مما يرجح للمحكمة كذلك أن هذا التسليم كان برضاء البنك وبعلمه ونيابة عنه أن البنك حين رفع هذه الدعوى لم يوجه أى طلبات إلى أحمد محمد صالح بل رفعها على وزارة المواصلات وحدها وكيف دعواه على أنها دعوى ضمان ضد أمين النقل عن خطئه ولكن وزارة الموصلات درءا لمسئوليتها أدخلت المذكور ضامنا في الدعوى حتى يقضى عليه بما عساه أن تلزم به الوزارة من التعويضات - ففي تصرف البنك وتكييفه للدعوى على هذا الوجه مع علمه بأن المستلم للرسائل هو أحمد محمد صالح وبالرغم من ذلك لا توجه إليه أى طلبات ما يدل على شعور البنك ويقينه بأن استلام أحمد محمد صالح إنما كان استلاما بالنيابة عنه ولكن البنك وقد احتفظ تحت يده ببوالص الشحن الأصلية رآها فرصة سانحة أن يطالب بتعويض لا يستحقه".
وحيث إنه يبين مما تقدم أن المحكمة قد استخلصت في حدود سلطتها الموضوعية من المستندات المقدمة لها ومن القرائن وظروف الأحوال أن أحمد محمد صالح قد تسلم الرسائل محل النزاع ممن مصلحة السكك الحديدية برضاء البنك وبعلمه ونيابة عنه - ولما كانت الوكالة الضمنية في خصوص هذه الدعوى يجوز إثباتها بالقرائن وكانت المحكمة قد استخلصت قيام تلك الوكالة الضمنية من وقائع ثابتة بالأوراق تؤدى عقلا إلى النتيجة التي انتهت إليها فإن جميع ما ينعاه الطاعن في السببين الأول والثاني لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقرير الدليل مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
أما ما ينعاه الطاعن في السبب الثالث من خطأ الحكم المطعون فيه في استخلاص تنازل البنك عن الرهن فمردود بأنه لا جدوى من إثارة هذا النعي لأن تنازل البنك عن الرهن أو عدم تنازله عنه لا يغير وجه الرأي الذى انتهى إليه الحكم لأنه محمول على أن تسليم الرسائل قد تم برضاء البنك وبعلمه ونيابة عنه.
كما أن ما ينعاه الطاعن في السبب الرابع من أن المحكمة قد أغفلت تحقيق دفاع البنك مردود بأنه نعى مجهل إذ لم يبين الطاعن ما هو ذلك الدفاع الذى أغفلت المحكمة تحقيقه ولم يكشف عن وجه القصور في الحكم المطعون فيه في هذا الشأن كشفا وافيا كما لم يوضح العيب الذى يعزى للحكم وموضعه منه وأثره في قضائه - لما كان ذلك فإن الطعن برمته يكون متعين الرفض.