الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الأربعاء، 9 يوليو 2025

الطعن 85 لسنة 1 ق جلسة 17 / 12 / 1955 إدارية عليا مكتب فني 1 ج 1 ق 36 ص 301

جلسة 17 من ديسمبر سنة 1955

برئاسة السيد/ السيد علي السيد وعضوية السادة الإمام الإمام الخريبي وحسن جلال وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

----------------

(36)
القضية رقم 85 لسنة 1 القضائية

معاش 

- القانون رقم 22 لسنة 1922 - اشتراطه لحساب مدة الخدمة المؤقتة في المعاش أن تكون قد دفعت ماهيتها مشاهرة - المقصود بالمشاهرة أن يدفع للموظف راتب ثابت بتمامه في مواعيده الدورية دون انتقاص أيام منه بسبب غياب أو عطلة أو عيد ودون إخلال بالدورية.

-----------------
نص القانون رقم 22 سنة 1922 في الفقرة الأولى من مادته الأولى على أنه "ابتداء من نشر هذا القانون كل موظف أو مستخدم من موظفي الحكومة ومستخدميها يكون مقيداً من قبل أو يعين فيما بعد في سلك المستخدمين الدائمين الذين يجرى عليهم حكم استقطاع الخمسة في المائة من ماهيتهم يجوز أن يدخل في حساب معاشه طبقاً لأحكام المواد الآتية مدد خدماته السابقة التي لم يستقطع عنها شيء مما ذكر على شرط أن تكون تلك المدد قد دفعت ماهيتها مشاهرة، وأن يكون قد قام بتلك الخدمات في السن المشترطة في المادة 8 من القانون رقم 5 لسنة 1909". واستلزم الماهية الشهرية معناه تطلب وجود درجة محدد لها في الميزانية مرتب شهري، فإنه يخرج من نطاق تطبيق هذا الحكم من كان يتقاضى أجره باليومية وتقوم علاقته بالحكومة على أساس أجر محدد عن كل يوم بذاته يؤدي فيه عملاً أسند إليه باعتبار اليوم هو الوحدة الزمنية لاستحقاقه هذا الأجر، والمناط في تحديد مدى العلاقة التي تربطه بالحكومة وهي العلاقة التي قد تتجدد بعد ذلك بالمثل يوماً بيوم الأمر الذي يتنافر مع طبيعة المشاهرة ويسم هذا الوضع بطابع التوقيت المغاير لما انصرف إليه قصد الشارع في حساب مدد الخدمة السابقة. ومقتضى المشاهرة أن يدفع للموظف راتب ثابت بتمامه في مواعيده بصفة دورية دون انتقاص أيام منه بسبب غياب أو عطلة أو عيد ودون إخلال بهذه الدورية. كما أن الراتب الشهري يختلف في طبيعته عن الأجر اليومي. وحكمة اشتراط الماهية الشهرية هي الاستيثاق من أن المدة التي ستحسب في المعاش هي مدة خدمة حقيقية مستمرة لها صفة الثبات والاستقرار ومن أن عمل الوظيفة الذي أدى خلالها هو بطبيعته عمل دائم لا طارئ ولا متقطع. أما دفع مقابل الخدمة على غير هذا النحو فيفقده الخصائص المتطلبة لضم مدة هذه الخدمة، ويخرجه من عداد المرتب الشهري إلى صفة المكافأة أو الأجر عن الخدمة المؤداة بوجه عارض أو لأجل مسمى أو على اعتماد غير دائم، ومن ثم يتخلف فيه الشرط المنصوص عليه في المادة سالفة الذكر. إذ هذا الشرط يستلزم أمرين: (أولهما) أن تكون هناك ماهية دفعت، بتشخيصها القانوني الصحيح، فيخرج بذلك الأجر والمكافأة وكل ما لا تتوافر فيه صفات الماهية ومقوماتها. (والثاني) أن يكون الدفع قد تم مشاهرة، وهذا تأكيد للمعنى الأول من وجوب أن يتعلق الدفع بماهية لا بأجر ولا بمكافأة أو ما أشبه. ومدلول هذا وذاك أن تكون هناك درجة محدد لها في الميزانية مرتب شهري ثابت باستبعاد العلاقة القائمة على أجر يومي وإن تجدد.


إجراءات الطعن

في 16 من يوليه سنة 1955 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال العمومية والحربية بجلسة 18 من مايو سنة 1955 في الدعوى رقم 4639 لسنة 2 لجان قضائية المقامة من السيد/ حسن سالم ضد وزارة الأشغال العمومية، والقاضي: "باستحقاق المدعي لأن تضم إلى مدة خدمته المحسوبة في المعاش مدة خدمته بالمياومة في مصلحة المساحة من 23 من سبتمبر سنة 1922 إلى 30 من إبريل سنة 1924 نظير دفع الاحتياطي عنها وما يترتب على ذلك من آثار". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في عريضته "الحكم بقبول هذا الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض طلب المتظلم وإلزامه بالمصروفات". وقد أعلنت عريضة الطعن إلى كل من وزارة الأشغال والمطعون عليه في 24 و27 من يوليه سنة 1955 على التوالي. وقد قدم المطعون عليه في 23 من أغسطس سنة 1955 مذكرة بملاحظاته في الميعاد القانوني. وقد عين لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 26 من نوفمبر سنة 1955، وأخطر الطرفان بموعد هذه الجلسة في 13 من نوفمبر سنة 1955. وبالجلسة سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة الإدارية، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون عليه قدم في 20 من فبراير سنة 1954 تظلماً إلى اللجنة القضائية لوزارة الأشغال العمومية قيد برقم 4639 لسنة 2 القضائية (لجان) ذكر فيه أنه التحق بخدمة مصلحة المساحة في 23 من سبتمبر سنة 1922 بالأجرة اليومية حتى يوم 30 من إبريل سنة 1924 بأقسام الرسم والطباعة، ثم ثبت في وظيفته ابتداء من أول مايو سنة 1924، ولم تحسب له مدة اليومية المذكورة في معاشه رغم طلبه ذلك من المصلحة. ولما كان قد صدر لزميل له بالمصلحة حكم من محكمة القضاء الإداري بضم مدة خدمته السابقة باليومية وحسابها في معاشه، فإنه يطلب الحكم له بأحقيته ضم المدة المذكورة إلى مدة خدمته وحسابها في معاشه مع استعداده لدفع الاحتياطي عنها. وقد ردت المصلحة على هذا التظلم بأن للمذكور مدة خدمة بالأجرة اليومية من 23 من سبتمبر سنة 1922 إلى 30 من إبريل سنة 1924 لم تحسب له في المعاش عملاً بالقانون رقم 22 لسنة 1922 ومنشور المالية رقم 63 لسنة 1922 الذي اشترط لجواز حساب هذه المدد أن تكون الأجور تصرف مشاهرة دون خصم أيام الجمع والعطلات الرسمية. وهذا الشرط غير متوفر لأن المتظلم لم يكن يتقاضى أثناءها أجرة مشاهرة بل كانت أجرته تصرف على دفعتين في الشهر، وتخصم منها أيام الجمع والعطلات الرسمية، وخلصت المصلحة من هذا إلى طلب رفض التظلم. وبجلسة 18 من مايو سنة 1955 قضت المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال العمومية والحربية التي أحيل إليها هذا التظلم بعد أن حلت محل اللجان القضائية "باستحقاق المدعي لأن تضم إلى مدة خدمته المحسوبة في المعاش مدة خدمته بالمياومة في مصلحة المساحة من 23 من سبتمبر سنة 1922 إلى 30 من إبريل سنة 1924 نظير دفع الاحتياطي عنها وما يترتب على ذلك من آثار". وأقامت قضاءها على أن القانون رقم 22 لسنة 1922 قد نص على أنه يجوز للموظف أن يدخل في حساب معاشه مدد خدماته السابقة على شرط أن تكون تلك المدد قد دفعت مشاهرة، أما القيد الذي أضافه منشور المالية رقم 63 لسنة 1922 ومؤداه أن تكون الأجور قد صرفت مشاهرة دون خصم أيام الجمع والعطلات الرسمية فلم يرد في ذلك القانون، ولما كان هذا المنشور قد أضاف حكماً جديداً لا يجوز تقريره إلا بقانون فإنه يكون عديم الأثر في حقوق الموظفين الذين صدر من أجلهم قرار مجلس الوزراء في 19 من يونيه سنة 1938 مشترطاً أن يكون حساب كل ما لهم من مدد سابقة وفقاً لما نص عليه في ذلك القانون. والمقصود من اشتراط أن يكون صرف الأجور مشاهرة هو الحرص على أن يكون ضم مدد الخدمة مقصوراً على الموظفين الذين لهم خدمة مستقرة باستبعاد من كان منهم لا يشتغل إلا مدداً متقطعة. وقد كان لموظفي مصلحة المساحة وضع خاص لم يكن من الجلاء بحيث يمكن أن تطلق عليهم التسميات الإدارية المتعارفة من مستخدم دائم أو مؤقت أو خارج عن هيئة العمال. وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بعريضة أودعت سكرتيرية هذه المحكمة في 16 من يوليه سنة 1955، واستند في هذا الطعن إلى أن الحكم أخطأ في قياس حالة المطعون عليه على من يقبض أجرته مشاهرة، في حين أن المذكور كان يقبضها على دفعتين في الشهر الواحد، وإلى أنه يبين من قرار مجلس الوزراء الصادر في 21 من يونيه سنة 1938 ومن المادة الأولى من القانون رقم 22 لسنة 1922 أن الشرط الجوهري لإدخال مدد الخدمة السابقة في حساب المعاش للفئة التي ينتمي إليها المطعون عليه هو أن تكون تلك المدد قد دفعت ماهيتها مشاهرة، وهو ما لا يتوافر في حالة المذكور؛ إذ كان يقبض أجرته على دفعتين في الشهر الواحد خلال المدة التي يطالب بإدخالها في حساب معاشه، وهذا بغض النظر عن خصم أيام الجمع والعطلات الرسمية. وتقتضي المشاهرة أن تدفع الماهية بالكامل دون خصم أيام العطلات والأعياد الرسمية، والحكمة في ذلك هي الاستيثاق من أن المدة المحسوبة في المعاش هي مدة خدمة حقيقية مستمرة وغير متقطعة. ولما كان الحكم المطعون فيه قد ذهب غير هذا المذهب فإنه يكون قد بني على مخالفة القانون والخطأ في تأويله وتطبيقه، وتكون قد قامت به حالة من أحوال الطعن في الأحكام أمام المحكمة الإدارية العليا. وانتهى السيد رئيس هيئة المفوضين من هذا إلى طلب "الحكم بقبول هذا الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض طلب المتظلم وإلزامه بالمصروفات". وقد أودع المطعون عليه سكرتيرية المحكمة في 22 من أغسطس سنة 1955 مذكرة بملاحظاته قال فيها إن اشتراط أن تكون الماهية قد دفعت مشاهرة لم يرد في القانون رقم 22 لسنة 1922، وإنما استحدثه منشور المالية رقم 63 لسنة 1922 ومن ثم يكون هذا الشرط عديم الأثر لعدم استناده إلى نص في القانون. أما الاستيثاق من أن المدد المحسوبة في المعاش هي مدد خدمة حقيقية مستمرة وغير متقطعة فالمرجع فيه إلى ما هو ثابت من أن خدمته لم تنقطع لأي سبب من الأسباب. وخلص من هذا إلى طلب الحكم برفض الطعن وبتأييد حكم المحكمة الإدارية المطعون فيه.
ومن حيث إنه في 15 من إبريل سنة 1909 صدر القانون رقم 5 لسنة 1909 الخاص بالمعاشات الملكية، ونص في الفقرة الأولى من مادته التاسعة على أن "الخدمات التي لم يجر على مرتبها حكم الاستقطاع لا تحسب في تسوية المعاش في أي حال من الأحوال". وفي 8 من مايو سنة 1922 صدر القانون رقم 22 لسنة 1922 بوضع القواعد الواجب اتباعها في دفع الاحتياطي المتأخر عن معاشات الموظفين الذين رخص لهم في حساب مدة خدمتهم المؤقتة في المعاش، وجاء في ديباجته أنه "لما كان يوجد من بين الموظفين والمستخدمين المدنيين في الحكومة المقيدين الآن في سلك المستخدمين الدائمين والذين يجرى على ماهيتهم حكم استقطاع الاحتياطي البالغ خمسة في المائة طائفة من الموظفين والمستخدمين لهم قبل انتظامهم في ذلك السلك مدد خدمة ذات ماهية شهرية وكانوا مقيدين في غضونها في سلك المستخدمين المؤقتين فلم يكن يجرى عليهم حكم الاستقطاع. وكان لا يجوز بمقتضى أحكام المادة 9 من القانون رقم 5 لسنة 1909 المشار إليه احتساب تلك المدد للمعاش في أي حال من الأحوال. وكان من المناسب تعديل هذا الحكم لفائدة الموظفين والمستخدمين الذين خدموا الحكومة كمستخدمين مؤقتين بماهية شهرية قبل دخولهم في سلك المستخدمين الدائمين". وقد نص هذا القانون في الفقرة الأولى من مادته الأولى على أنه "ابتداء من نشر هذا القانون كل موظف أو مستخدم من موظفي الحكومة ومستخدميها يكون مقيداً من قبل أو يعين فيما بعد في سلك المستخدمين الدائمين الذين يجرى عليهم حكم استقطاع الخمسة في المائة من ماهيتهم، يجوز أن يدخل في حساب معاشه طبقاً لأحكام المواد الآتية مدد خدماته السابقة التي لم يستقطع عنها شيء مما ذكر، على شرط أن تكون تلك المدد قد دفعت ماهيتها مشاهرة، وأن يكون قد قام بتلك الخدمات في السن المشترطة في المادة 8 من القانون رقم 5 لسنة 1909". وتنص المادة 8 المذكورة في فقرتها الأولى على أن "تحسب مدة الخدمة الملكية في تسوية المعاشات أو المكافآت من ابتداء سن الثماني عشرة سنة كاملة". وفي 20 من سبتمبر سنة 1922 صدر منشور المالية رقم 63 لسنة 1922 ملف رقم 34 - 39/ 219 الذي جاء فيه "إيماء إلى المنشور نمرة 46/ 1922 بشأن القانون نمرة 22 لسنة 1922 تحيط وزارة المالية علم وزارات الحكومة ومصالحها أن مدد الخدمة المبينة فيما يلي يجوز أن تحسب للمعاش طبقاً للقانون نمرة 22 لسنة 1922 المتقدم ذكره:... (7) المدد التي قضاها الموظف أو المستخدم بصفة عامل باليومية وإنما كانت أجرته تصرف له مشاهرة وكان يستولى على أجرة عن أيام الغياب". وبجلسة 3 من يناير سنة 1929 وافق مجلس الوزراء على القواعد المبينة بمذكرة اللجنة المالية ملف رقم 13/ 3 في شأن تثبيت الموظفين والمستخدمين المؤقتين، وقد تضمن البند الرابع من هذه القواعد أن "التثبيت جوازي للمصالح لاحق للموظف المؤقت". ثم صدر المرسوم بقانون رقم 39 لسنة 1929 الخاص بوضع قواعد لدفع احتياطي المعاش المتأخر على الموظفين الذين رخص لهم في حساب مدد خدمتهم المؤقتة في المعاش، والذي نشر في الجريدة الرسمية في 4 من يونيه سنة 1929 ونص في مادته الثانية على أن "تدخل فقط في حساب المعاش المدد التي في أثنائها كانت ماهية الموظف أو المستخدم محسوبة على وظيفة دائمة، على أنه إذا تخللت مدة خدمته فترات قيد في أثنائها بمقتضيات مصلحية على وظائف مؤقتة دون أن يغير طبيعة عمله، ثم أعيد قيده على وظيفة دائمة، فهذه الفترات تحسب مدة خدمة في وظيفة دائمة". كما قضى في مادته الثامنة بأن "يلغى القانون رقم 22 الصادر في 8 من مايو سنة 1922". على أن حكم هذا المرسوم بقانون قد شمل فيما بعد "المدد التي قضيت على اعتمادات الأعمال الجديدة أو على الاحتياطي العام بوزارة الأشغال العمومية" وذلك بمقتضى قرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من مارس سنة 1932، وكذا "المدد التي قضيت على وفر الوظائف الدائمة" وذلك بموجب قرار مجلس الوزراء الصادر في 6 من يونيه سنة 1934. ثم ألغي هذان القراران في 2 من يناير سنة 1935، كما ألغى المرسوم بقانون رقم 39 لسنة 1929 بالمرسوم بقانون رقم 30 لسنة 1935 الصادر في 21 من مارس سنة 1935، وذلك بعد وقف التثبيت بقرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من يناير سنة 1935 ومنشور المالية رقم 3 لسنة 1935، فلم يبق بعد ذلك تشريع يجيز حساب المدد المؤقتة للخدمة في تسوية المعاش. وفي 21 من يونيه سنة 1938 صدر قرار مجلس الوزراء بوضع قواعد جديدة لتثبيت موظفي مصلحة المساحة ومن في حكمهم في الوزارات والمصالح الأخرى ويخولهم الانتفاع رجعياً بأحكام القانون رقم 22 لسنة 1922 أو بالمرسوم بقانون رقم 39 لسنة 1929؛ إذ نص في البند أولاً منه الخاص بالتثبيت على أن "يعاد العمل بقراري مجلس الوزراء الصادرين في سنة 1929 وقرار اللجنة المالية الصادر في سنة 1930، وذلك بالنسبة لموظفي مصلحة المساحة الذين استوفوا شرط المدة المبين بهذه القرارات قبل صدور منشور المالية رقم 3 لسنة 1935، وهو المنشور الذي أدرج فيه قرار مجلس الوزراء القاضي بعدم التثبيت". وقد كانت ثمة ثلاث طوائف من الموظفين: (الأولى) طائفة الموظفين الذين ثبتوا قبل صدور المرسوم بقانون رقم 39 لسنة 1929 وحسبت لهم في تسوية المعاش المدد السابقة سواء أكانت بصفة مؤقتة أم خارج الهيئة أم بأجور يومية تصرف مشاهرة. و(الثانية) طائفة الموظفين الذين ثبتوا بعد صدور المرسوم بقانون رقم 39 لسنة 1929 ولم تحسب لهم إلا المدد التي صرفت مرتباتهم عنها على بند وظيفة دائمة أي من أول إبريل سنة 1920 أو من تواريخ تالية بحسب تحويل الوظيفة من مؤقتة إلى دائمة؛ ذلك أن وظائف مصلحة المساحة لم يبدأ تحويلها إلى وظائف دائمة إلا من إبريل سنة 1920. و(الثالثة) طائفة الموظفين في مصلحة المساحة المعينين على وظائف دائمة الذين دخلوا الخدمة قبل صدور قرار مجلس الوزراء في 16 من يناير سنة 1935 الذي قضى بعدم تثبيت الموظفين المؤقتين، ولم يثبتوا حتى 21 من يونيه سنة 1938 والذين ما كانوا يستطيعون قانوناً، حتى بعد تثبيتهم إذا كانوا قد ثبتوا وقتذاك، أن يحسبوا أية مدة من مدد خدمتهم السابقة في تسوية معاشهم؛ إذ لم يبق بعد صدور القانون رقم 30 لسنة 1935 نص يجيز حساب مدد الخدمة المؤقتة في تسوية المعاش. وقد قضى قرار مجلس الوزراء الصادر في 21 من يونيه سنة 1938 في البند الثالث منه الخاص بحساب المدد السابقة للتثبيت في تسوية المعاش بما يأتي "1 - السماح لموظفي الفئة الثانية ولموظفي الفئة الثالثة الذين دخلوا الخدمة قبل صدور القانون رقم 39 لسنة 1929 أن يحسبوا في تسوية المعاش كل ما لهم من مدد سابقة بالشروط التي كان ينص عليها القانون رقم 22 لسنة 1922". كما أقر ما طلبته اللجنة المالية من "تطبيق هذه القواعد بصفة عامة على الحالات المماثلة في سائر الوزارات والمصالح". وتنفيذاً لهذا القرار ولقرارين آخرين مفسرين له صادرين من مجلس الوزراء ومن اللجنة المالية في 30 من أكتوبر سنة 1938 و30 من يونيه سنة 1939 أذاعت وزارة المالية منشوريها رقمي 2 و29 لسنة 1939 بتحديد الشروط والقواعد الواجب مراعاتها لتثبيت الموظفين بناء على القرارات المشار إليها. كما أجملت في منشورها رقم 8 لسنة 1940 ملف رقم ف 234 - 4/ 3 الصادر في 2 من يونيه سنة 1940 الشروط والقواعد التي تحسب على أساسها مدد الخدمة في تسوية المعاش وفقاً للقرارات المتقدم ذكرها. وقد ورد في البند الأول من هذا المنشور "الموظفون الذين دخلوا الخدمة قبل إلغاء القانون رقم 22 لسنة 1922 أي قبل 4 من يونيه سنة 1929 وثبتوا أو يثبتون بعد هذا التاريخ لهم أن يحسبوا في تسوية المعاش كل مدد خدمتهم المؤقتة أو الخارجة عن هيئة العمال أو بالمياومة بالشروط التي كان ينص عليها القانون رقم 22 لسنة 1922". ولما كان من بين قرارات مجلس الوزراء سالفة الذكر ما أفسح المجال أمام الموظفين لإدخال مدد مختلفة في المعاش ما كانت تجيزها القوانين المعمول بها، وكان الأمر يستوجب تصحيح الوضع بنص تشريعي، فقد صدر في 26 من مايو سنة 1951 القانون رقم 86 لسنة 1951 في شأن المدد التي تحتسب في المعاش، ونص في مادته الأولى على أن "تعتبر في حكم الصحيحة القرارات التي صدرت من مجلس الوزراء في المدة من 4 من يونيه سنة 1929 إلى تاريخ العمل بهذا القانون المبينة بالكشف المرافق لهذا القانون، وكذلك القرارات التي تضمنت تدابير خاصة بجواز احتساب مدد في المعاش سواء أكان ذلك بالاستثناء من أحكام القانون رقم 5 لسنة 1909 أم المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 أم من أحكام القانون رقم 22 لسنة 1922 أم المرسوم بقانون رقم 39 لسنة 1929 - وتظل هذه القرارات نافذة منتجة لآثارها". وقد وردت بالكشف المشار إليه قرارات من بينها تلك الصادرة في 30 من مارس سنة 1932 و6 من يونيه سنة 1934 و21 من يونيه سنة 1938 و30 من أكتوبر سنة 1938 التي سلف بيانها.
ومن حيث إنه يبين من استقراء النصوص المتقدمة أن المرجع في حساب مدد الخدمة المؤقتة في تسوية المعاش لفئة الموظفين التي ينتمي إليها المطعون عليه، كان في جميع الأوقات وفي ظل النصوص التشريعية وقرارات مجلس الوزراء ومنشورات المالية المختلفة - على ما مرت به من مراحل وما طرأ عليها من تعديلات - هو إلى الشروط الواردة في القانون رقم 22 لسنة 1922، والجوهري في هذه الشروط هو أن تكون تلك المدد قد دفعت ماهيتها مشاهرة. فطبيعة المقابل الذي يدفع والفاصل الزمني الذي يؤدي فيه هذا المقابل هما مناط استحقاق الموظف لإدخال مدة خدمته المؤقتة في حساب معاشه. ولما كان استلزام الماهية الشهرية معناه تطلب وجود درجة محدد لها في الميزانية مرتب شهري، فإنه يخرج من نطاق تطبيق هذا الحكم من كان يتقاضى أجره باليومية، وتقوم علاقته بالحكومة على أساس أجر محدد عن كل يوم بذاته يؤدي فيه عملاً أسند إليه باعتبار اليوم هو الوحدة الزمنية لاستحقاقه هذا الأجر، والمناط في تحديد مدى العلاقة التي تربطه بالحكومة، وهي العلاقة التي قد تتجدد بعد ذلك بالمثل يوماً بيوم، الأمر الذي يتنافر مع طبيعة المشاهرة، ويسم هذا الوضع بطابع التوقيت المغاير لما انصرف إليه قصد الشارع في حساب مدد الخدمة السابقة. ومقتضى المشاهرة أن يدفع للموظف راتب ثابت بتمامه في مواعيده بصفة دورية، دون انتقاص أيام منه بسبب غياب أو عطلة أو عيد، ودون إخلال بهذه الدورية، كما أن الراتب الشهري يختلف في طبيعته عن الأجر اليومي. وحكمة اشتراط الماهية الشهرية هي الاستيثاق من أن المدة التي ستحسب في المعاش هي مدة خدمة حقيقية مستمرة لها صفة الثبات والاستقرار، ومن أن عمل الوظيفة الذي أدى خلالها هو بطبيعته عمل دائم لا طارئ ولا متقطع. أما دفع مقابل الخدمة على غير هذا النحو فيفقده الخصائص المتطلبة لضم مدة هذه الخدمة، ويخرجه من عداد المرتب الشهري إلى صفة المكافأة أو الأجر عن الخدمة المؤداة بوجه عارض أو لأجل مسمى أو على اعتماد غير دائم. ومن ثم يتخلف فيه الشرط المنصوص عليه في المادة الأولى من القانون رقم 22 لسنة 1922، وهو "أن تكون تلك المدد قد دفعت ماهيتها مشاهرة" والذي أفصح عنه الشارع في ديباجة هذا القانون بإشارته إلى طائفة الموظفين والمستخدمين الذين كانت لهم قبل انتظامهم في سلك المستخدمين الذين يجرى على ماهيتهم حكم استقطاع الاحتياطي "مدد خدمة ذات ماهية شهرية" و"الذين خدموا الحكومة كمستخدمين مؤقتين بماهية شهرية" قبل دخولهم في سلك المستخدمين الدائمين. وهذا الشرط يستلزم أمرين: (أولهما) أن تكون هناك ماهية دفعت، بتشخيصها القانوني الصحيح، فيخرج بذلك الأجر والمكافأة وكل ما لا تتوافر فيه صفات الماهية ومقوماتها. (والثاني) أن يكون الدفع قد تم مشاهرة، وهذا تأكيد للمعنى الأولى من وجوب أن يتعلق الدفع بماهية لا بأجر ولا بمكافأة أو ما أشبه. ومدلول هذا وذاك أن تكون هناك درجة محدد لها في الميزانية مرتب شهري ثابت، باستبعاد العلاقة القائمة على أجر يومي وإن تجدد. وإذا كان قرار مجلس الوزراء الصادر في 21 من يونيه سنة 1938 قد نوه بأن موظفي مصلحة المساحة كان لهم وضع خاص، إذ أرصد لهم في الميزانية العامة عند إنشاء هذه المصلحة اعتماد إجمالي تصرف منه مهاياهم، ولم تكن صفاتهم من الجلاء بحيث تطلق عليهم التسميات الإدارية المتعارفة من مستخدم دائم أو مؤقت أو خارج عن هيئة العمال، فإن هذا القرار ذاته قد أثبت أنه منذ سنة 1920 حولت وظائفهم من مؤقتة إلى دائمة، وأدرجت في الميزانية بعنوان "مستخدمين داخلين في هيئة العمال"، وأخذت المصلحة في طلب تثبيتهم بصفة موظفين دائمين لهم حق في معاش، وتم هذا التثبيت على دفعات. هذا إلى أن القرار المذكور قد عالج الأوضاع الخاصة بهؤلاء الموظفين في الماضي بالقواعد التي تضمنها والتي اقترحتها وزارة المالية لهذا الغرض، سواء من حيث التثبيت، أو من حيث حساب المرتب، أو من حيث حساب المدد السابقة للتثبيت في تسوية المعاش، وذلك بالنص على إعادة العمل ببعض القرارات السابق صدورها من مجلس الوزراء ومن اللجنة المالية، وبتحديد نسبة الفرق بين المرتب الذي يثبت به الموظف والمرتب الذي كان يتقاضاه قبل التثبيت، وبرفع المرتب لمن أصابه تخفيض يجاوز هذه النسبة، وأخيراً بالسماح لبعض الموظفين من الفئات التي عينها بأن يحسبوا في تسوية معاشهم كل ما لهم من مدد سابقة بالشروط التي كان ينص عليها القانون رقم 22 لسنة 1922. وبهذا ناط صراحة هذا التيسير الذي أتاحه لهم من قبيل الإنصاف بسبب أوضاعهم الخاصة وظروفهم السابقة، بوجوب مراعاة الشروط الواردة في القانون رقم 22 لسنة 1922. ومن ثم فليس يمكن القول بأن المشرع قد رتب لهم، استناداً إلى ما تقدم، حقاً على خلاف ما قضى به هذا القانون.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على ملف خدمة المطعون عليه، أنه عين في عمل مساعد فني بأقلام الرسم بمصلحة المساحة المصرية اعتباراً من 23 من سبتمبر سنة 1922 بأجر يومي قدره 150 م لم يكن يدفع له مشاهرة بل كل خمسة عشر يوماً مع خصم أيام الجمع والأعياد، وأن عدد أيام شغله في شهر إبريل سنة 1923 بلغ 7 أيام في النصف الأول من الشهر و12 يوماً في النصف الثاني منه، أي 19 يوماً في الشهر كله، كما وصل في شهور أخرى إلى 23 يوماً، ثم عين بوظيفة رسام خارج الهيئة بماهية قدرها 66 جنيهاً سنوياً على اعتماد نزع الملكية اعتباراً من أول مايو سنة 1924، ونقل إلى الماهية الشهرية من هذا التاريخ ثم ثبت بعد ذلك. ومن ثم يكون الشرط المتطلب بمقتضى القانون رقم 22 لسنة 1922 لضم المدة من 23 من سبتمبر سنة 1922 إلى 30 من إبريل سنة 1924 إلى مدة خدمته المحسوبة في معاشه غير متحقق في حالته، ويكون الحكم المطعون فيه، إذ قضى باستحقاقه لضم هذه المدة، قد خالف القانون وأخطأ في تأويله وتطبيقه، مما يتعين معه الحكم بإلغائه، وبرفض طلبات المدعي.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق