جلسة 24 من ديسمبر سنة 1955
برئاسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة بدوي إبراهيم حمودة والإمام الإمام الخريبي وحسن جلال ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.
----------------
(40)
القضية رقم 19 لسنة 1 القضائية
ضباط الاحتياط
- شروط إفادتهم من ميزة تعديل الأقدمية - القانون رقم 472 لسنة 1955.
إجراءات الطعن
في 16 من يونيه سنة 1955 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات المالية والتجارة والزراعة والتموين بجلسة 17 من إبريل سنة 1955 في الدعوى رقم 364 لسنة 2 القضائية المقامة من السيد/ علي يوسف ضد مصلحة الضرائب، والقاضي "بأحقية المدعي لتعديل أقدميته في الدرجة الخامسة باعتبارها راجعة إلى أول أغسطس سنة 1948 بدلاً من أول سبتمبر سنة 1951 مع ما يترتب على ذلك من آثار". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين للأسباب التي استند إليها في عريضته "الحكم بقبول هذا الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض طلب المتظلم وإلزامه المصروفات". وقد أعلن كل من الجهة الإدارية والمطعون عليه بعريضة الطعن في 22 من يونيه سنة 1955. وفي 21 من يوليه سنة 1955 أودع المطعون عليه سكرتيرية هذه المحكمة مذكرة بملاحظاته انتهى فيها إلى طلب "الحكم برفض هذا الطعن مع إلزام الطاعنة بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة". ولم تودع الجهة الإدارية مذكرة بملاحظاتها في الميعاد القانوني. وقد عين لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 3 من ديسمبر سنة 1955. وأبلغ الطرفان في 23 من نوفمبر سنة 1955 بميعاد الجلسة، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل، حسبما يبين من أوراق الطعن، في أن المطعون عليه أودع سكرتيرية اللجنة القضائية لوزارة المالية في 10 من نوفمبر سنة 1953 عريضة تظلم ذكر فيها أنه تخرج في كلية التجارة عام 1943، وعين بالحكومة في 10 من نوفمبر سنة 1943 في الدرجة السادسة، ثم رقي إلى الدرجة الخامسة في أول سبتمبر سنة 1951، واستدعى للعمل بالجيش الاحتياطي في المدة من 29 من يونيه سنة 1948 إلى 30 من يونيه سنة 1949، ثم أعيد استدعاؤه بالجيش الاحتياطي من 10 من مارس سنة 1953. ولما كانت مصلحة الضرائب قد رقت السيد جورجي داود مأمور الضرائب الحاصل على بكالوريوس التجارة عام 1943، والذي عين بالحكومة في الدرجة السادسة في 16 من ديسمبر سنة 1943، ثم رقي إلى الدرجة الخامسة في 19 من أغسطس سنة 1948، مع أنه أحدث منه في التعيين، فهو يطلب تعديل أقدميته في الدرجة الخامسة بتقديمه فيها على السيد جورجي داود، مستنداً في هذا إلى قرارات مجلس الوزراء وكتب وزارة المالية الدورية الصادرة في شأن ضباط الاحتياط والتي تخوله هذا الحق. وقد ردت مصلحة الضرائب على هذا التظلم بأن جميع قرارات مجلس الوزراء الصادرة بتسوية حالات ضباط الاحتياط نص بها على كلمة "زميل" مما يستلزم لتسوية حالة ضابط الاحتياط أن تكون المقارنة بينه وبين المتخطي له بمعنى أن يكون الاثنان بمصلحة واحدة، وأن تنتظمهما أقدمية مشتركة؛ لأن لكل مصلحة سجلاً واحداً لتنظيم أقدمية الموظفين بها، ولا يقبل القول بأن الوزارة بجملة مصالحها تعتبر وحدة واحدة في ترتيب أقدميات موظفي هذه المصالح. فكلمة "زميل" لا ينصرف معناها إلا إلى الموظف الذي يعمل مع ضابط الاحتياط في مصلحة واحدة، ولا يمكن أن ينصرف إلى موظف آخر بمصلحة غير تلك التي يعمل بها ضابط الاحتياط، وبمقارنة حالة المتظلم بحالة زملائه بوزارة التجارة والصناعة التي كان موظفاً بها قبل نقله إلى مصلحة الضرائب يبين أن من رقوا من هؤلاء الزملاء كانوا يعملون بمصالح المناجم والمحاجر والكيمياء والوقود التي تعتبر مستقلة بأقدميات موظفيها عن مراقبة الأسعار التي كان هو معيناً على إحدى درجاتها، ولذا لا يمكن تعديل أقدميته بإرجاعها إلى تاريخ ترقية أي من الزملاء المذكورين، ولم يحصل أن زميلاً له أحدث منه رقي قبله في ذات الجهة التي يعمل بها أثناء انتدابه بالجيش الاحتياطي. ولما كان قد نقل إلى مصلحة الضرائب في أول يوليه سنة 1952 أي بعد العمل بقانون نظام موظفي الدولة الذي نسخ في مادته الثانية كل القواعد السابقة، وكانت ترقيته إلى الدرجة الخامسة قد تمت وهو بوزارة التجارة والصناعة قبل هذا النقل، فلا تسري في حقه قواعد ضباط الاحتياط لانتفاء الزمالة بينه وبين موظفي مصلحة الضرائب عند التخطي. وخلصت المصلحة من هذا إلى طلب رفض التظلم. وبجلسة 17 من إبريل سنة 1955 حكمت المحكمة الإدارية لوزارات المالية والتجارة والزراعة والتموين التي حلت محل اللجنة القضائية في هذه الدعوى التي قيدت برقم 364 لسنة 2 القضائية "بأحقية المدعي لتعديل أقدميته في الدرجة الخامسة باعتبارها راجعة إلى أول أغسطس سنة 1948 بدلاً من أول سبتمبر سنة 1951 مع ما يترتب على ذلك من آثار". وأقامت المحكمة قضاءها على أن قراري مجلس الوزراء الصادرين في 19 من سبتمبر سنة 1948 و29 من أكتوبر سنة 1950 لم يرد فيهما ذكر لكلمة "زميل" الواردة بقرار 9 من فبراير سنة 1947، مما يدل على اتجاه إرادة المشرع إلى تعديل أقدميات ضباط الاحتياط حتى لو كان التخطي قد حدث وضابط الاحتياط في مصلحة أخرى. وعلى ذلك يكون قيد الزمالة المقول به تزيداً لا تملكه وزارة المالية بصفتها سلطة أدنى من مجلس الوزراء دون تفويض من هذا الأخير. وذهبت المحكمة إلى أن التخطي ونشوء حق المدعي في تعديل أقدميته بعد أن رقي إلى الدرجة الخامسة في أول سبتمبر سنة 1951 قد تما في تاريخ سابق على العمل بقانون التوظف، ومن ثم فإن هذا القانون لا يؤثر على الحقوق المكتسبة في ظل قوانين وقرارات سابقة ما دام لم يتضمن نصاً صريحاً بسريان أحكامه على الماضي. والحال أن المدعي أقدم من السيد جورج داود في الخدمة ومؤهلاتهما واحدة، ولذا يكون على حق في تعديل أقدميته عليه في الدرجة الخامسة؛ إذ أنه كان في الخدمة العامة بالجيش عند ترقية المذكور في 19 من أغسطس سنة 1948. وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة في 16 من يونيه سنة 1955، واستند في طعنه إلى أنه يبين من قرارات مجلس الوزراء ومن كتب وزارة المالية الدورية الصادرة في شأن ضباط الاحتياط أن الموظف ضابط الاحتياط حتى الذي لم يكن عليه الدور للترقية بالأقدمية وتخطته الوزارة، بأن رقت زميلاً له يقع ترتيبه في الأقدمية بعده، يجب أن تعدل أقدميته على أساس ما ناله زميله الذي كان بعده في الأقدمية ورقي قبله، بشرط أن يكون ضابط الاحتياط في خدمة الجيش أثناء ترقية زميله في الخدمة المدنية. ولا يقع التخطي بالمعنى القانوني إلا إذا كان ضابط الاحتياط وزميله الأحدث منه الذي رقي قبله وهو في الخدمة، ينتميان كلاهما إلى وحدة واحدة من وحدات الميزانية؛ إذ بدون ذلك لا تكون ثمة رابطة قانونية تربط ضابط الاحتياط بالوحدة التي ينتمي إليها من يريد أن يقارن نفسه به، ولا يتصور وقوع التخطي في هذه الحالة. ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون عليه كان في وظيفة بمراقبة الأسعار بوزارة التجارة والصناعة في التاريخ الذي رقي فيه السيد جورجي داود إلى الدرجة الخامسة بمصلحة الضرائب التي هي بلا جدال وحدة مستقلة عن وزارة التجارة والصناعة وقائمة بذاتها وبدرجاتها وترقياتها وأقدميات موظفيها، فلا يقبل قانوناً القول بأن هذا الأخير قد تخطى المطعون عليه في هذه الترقية، ويكون طلب المذكور تعديل أقدميته فاقداً لأحد شرطيه. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب، فإنه يكون قد بني على مخالفة القانون وعلى الخطأ في تأويله وتطبيقه، وتكون قد قامت به حالة من أحوال الطعن في الأحكام أمام المحكمة الإدارية العليا. وانتهى السيد رئيس هيئة المفوضين من هذا إلى طلب الحكم "بقبول هذا الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض طلب المتظلم وإلزامه المصروفات". وفي 21 من يوليه سنة 1955 أودع المطعون عليه سكرتيرية المحكمة مذكرة بملاحظاته ذهب فيها إلى وجوب تفسير القرارات الخاصة بضباط الاحتياط في ضوء البواعث على إصدارها والأغراض التي تستهدفها تفسيراً يقوم على التيسير والتوسع لكونها جاءت مطلقة من كل قيد، ولم تتضمن شرط الزمالة في المصلحة الواحدة. بل إن قرار 19 من سبتمبر سنة 1948 صدر لمعالجة حالة لا يعتبر التخطي فيها قد حصل من زميل في الوزارة أو المصلحة، كما أنه وضع قاعدة عامة تطبق على الحالات المماثلة وتصدق على موظفي المصالح الذين كانوا في جهات أخرى ثم نقلوا إليها قبل أو بعد قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من فبراير سنة 1947 في شأن ضباط الاحتياط. وهذا هو ما أخذت به وزارة المالية في تطبيقها لقواعد ضباط الاحتياط وما جرت على اتباعه في جميع الحالات المشابهة، وخلص من هذا إلى طلب "الحكم برفض هذا الطعن مع إلزام الطاعنة بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة".
ومن حيث إنه يبين من الرجوع إلى القرارات التنظيمية الصادرة في شأن ضباط الاحتياط أن مجلس الوزراء وافق بجلسته المنعقدة في 13 من يناير سنة 1940 على مذكرة لوزير الدفاع الوطني طلب فيها أن يجعل لهؤلاء الضباط "حق الأسبقية على أقرانهم من الموظفين (غير المتطوعين) في الترقي عند خلو درجة إذا تساوت المؤهلات ومدة الخدمة". وفي 22 من يونيه سنة 1942 أبلغت وزارة الدفاع الوطني مجلس الوزراء أن الضباط الاحتياطيين من الموظفين يشكون من تخطي زملائهم لهم في الترقية، فأحال المجلس الموضوع إلى وزارة المالية التي رأت "أن يستصدر قرار من مجلس الوزراء بالاحتفاظ لهؤلاء الضباط بأقدميتهم بين زملائهم الملكيين. فالضابط الذي حل عليه الدور في الترقية لدرجة ما في الوظيفة الملكية وترقى الوزارة أو المصلحة غيره لاعتبارات تتعلق بمصلحة العمل - يحتفظ له بأقدميته في الدرجة قبل زميله". وقد بحثت اللجنة المالية هذا الموضوع ورأت "أن تحسب لهؤلاء الضباط المدد التي قضوها بالاحتياط في أقدميتهم وتقدير ماهياتهم سواء أكان لهم مدد خدمة سابقة في الحكومة أم لا". كما وافقت على "الاحتفاظ للموظفين منهم بأقدميتهم بين زملائهم في الوظائف الملكية". وبجلسة 9 من فبراير سنة 1947 وافق مجلس الوزراء على رأي اللجنة المالية هذا. وتنفيذاً لهذا القرار صدر كتاب وزارة المالية الدوري رقم م 75 - 1/ 237 (3) في 20 من يوليه سنة 1947 متضمناً في البند الثاني منه أن "الموظف الذي حل عليه الدور في الترقية (وهو ضابط احتياط) لدرجة ما في الوظيفة الملكية بحكم الأقدمية ورقت الوزارة أو المصلحة غيره لاعتبارات تتعلق بمصلحة العمل - هذا الضابط، عندما يرقى لدرجة أعلى في وظيفته الملكية، يعتبر من حيث الأقدمية سابقاً على زميله الذي تخطاه". وفي 7 من سبتمبر سنة 1948 تقدمت اللجنة المالية إلى مجلس الوزراء بمذكرة رقم 1/ 546 دفاع ورد بها أنه "التحق حضرة عبد الفتاح السيد علي عزب أفندي بخدمة وزارة الصحة في أول إبريل سنة 1936.... وتطوع في سلك الضباط الاحتياطيين من 27 سبتمبر سنة 1938، ورقي إلى الدرجة السابعة اعتباراً من أول مايو سنة 1944، وأعيد لوظيفته المدنية بوزارة الصحة اعتباراً من 30 من يناير سنة 1945 - وجد بالوزارة المذكورة بعض المستخدمين دخلوا الخدمة بعد حضرة عزب أفندي، ورقوا بمصالح أخرى إلى الدرجة السابعة قبل أول مايو سنة 1944 تاريخ ترقية حضرته إلى هذه الدرجة، ثم نقلوا إلى وزارة الصحة بعد الترقية. ومن بين هؤلاء الآنسة إقبال محمد علي، التي دخلت الخدمة من 6 مارس سنة 1937، ورقيت إلى الدرجة السابعة من أول يونيه سنة 1941. لذلك استفهمت وزارة الصحة عما إذا كان يجوز جعل أقدمية حضرة عزب أفندي في الدرجة السابعة من أول يونيه سنة 1941 مثل الآنسة إقبال محمد علي مع أن الدور لم يحل عليه في الترقية في هذه الدرجة قبل التاريخ المذكور. وبعرض هذا الموضوع على اللجنة المالية رأت بجلستها المنعقدة في 14 يوليه سنة 1947 الموافقة على جعل أقدمية حضرة عزب أفندي للدرجة السابعة من أول يونيه سنة 1941 - وبمناسبة طلب وزارة الصحة إعادة النظر في هذا الموضوع، أعادت وزارة المالية عرضه على اللجنة المالية مرة ثانية لبحثه على ضوء الاعتبارات الجديدة التي بسطتها الوزارة المذكورة، فقررت اللجنة بجلستها المنعقدة في 4 من يناير سنة 1944 التمسك بقرارها المتقدم ذكره. تستفهم بعض الوزارات والمصالح عما إذا كان يمكن تطبيق قرار اللجنة المالية المتقدم ذكره على الحالات المماثلة بها، كما تستفهم عما إذا كان يجوز تطبيقه أيضاً على الموظفين الذين كانوا في مصالح أخرى ثم نقلوا إليها قبل أو بعد قرار مجلس الوزراء الصادر بشأن ضباط الاحتياط في 9 من فبراير سنة 1947 سالف الذكر. هذا وقامت وزارة المالية بتطبيق قرار اللجنة المالية المتقدم ذكره على موظفيها الذين كانوا في سلك ضباط الاحتياط وأعيدوا لخدمتها، أي عدلت أقدمياتهم قبل زملائهم المعينين بعدهم الذين تخطوهم في الترقية رغم أن الدور لم يكن يحل عليهم للترقية. وتقترح وزارة المالية عرض الأمر على مجلس الوزراء لاستصدار قرار بالموافقة على رأي اللجنة المالية الصادر في 14 من يوليه سنة 1947 المؤيد بقرارها في 4 من يناير سنة 1948، وعلى اتخاذ تاريخ 9 من فبراير سنة 1947 موعداً تحدد فيه أقدمية الضباط الاحتياطيين في المصالح التي هم فيها في هذا التاريخ. وقد بحثت اللجنة المالية هذا الموضوع فرأت الموافقة على اقتراح وزارة المالية وعلى إقرار ما تم من تعديل أقديمة بعض ضباط الاحتياط بناء على قرار اللجنة المالية المشار إليه". وقد وافق مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 19 من سبتمبر سنة 1948 على رأي اللجنة المالية الوارد بهذه المذكرة. وقامت وزارة المالية بإبلاغ هذا القرار إلى الوزارات والمصالح بكتابها الدوري رقم ف 234 - 1/ 291 م 1 الصادر في أول فبراير سنة 1949. ثم تقدمت اللجنة المالية بعد ذلك إلى مجلس الوزراء بمذكرة جاء فيها أنه "حصل حضرة محمود حسن مدكور أفندي الموظف بمصلحة الأموال المقررة على شهادة الدراسة الثانوية قسم ثان سنة 1936، والتحق بالخدمة في الدرجة الثامنة من 27 من إبريل سنة 1937، ثم رقى إلى الدرجة السابعة من 19 من إبريل سنة 1947، وقد ندب للتدريب العسكري لمدة شهر وعاد للمصلحة في 13 من مايو سنة 1939، ثم ندب بعد ذلك ضابطاً احتياطياً بالجيش اعتباراً من 24 من مارس 1940، إلى أن عاد للمصلحة في أول يناير سنة 1946 وقد التمس حضرته تعديل أقدميته في الدرجة السابعة بجعلها من 30 سبتمبر سنة 1943 بدلاً من 19 إبريل سنة 1947 تاريخ ترقية حضرة فتوح محمد يوسف أفندي إلى هذه الدرجة عندما كان بمصلحة الضرائب والذي نقل إلى مصلحة الأموال المقررة اعتباراً من أول أغسطس سنة 1946. وتوصى مصلحة الأموال المقررة بالنظر في ملتمسه.... تذكر وزارة المالية بقرار لها تاريخه 6 من سبتمبر سنة 1950 أنه لا يجوز تطبيق القواعد الخاصة بضباط الاحتياط على حضرة محمود حسن مدكور أفندي لأنه رقي إلى الدرجة السابعة في 19 من إبريل سنة 1947 أي بعد 9 من فبراير سنة 1947. غير أنها تلاحظ أن قصر تطبيق القواعد الخاصة بضباط الاحتياط على من رقى منهم لغاية 9 من فبراير سنة 1947 فيه اختلاف في المعاملة، لأن الندب بالجيش الاحتياطي لهم لم ينقطع منذ ذلك التاريخ حتى الآن، ومن الغبن التفرقة في المعاملة خصوصاً ولا يزال بعض الموظفين منتدبين للآن بالخدمة بالجيش الاحتياطي. لذلك تقترح وزارة المالية الموافقة على الاستمرار في معاملة ضباط الاحتياط بالقواعد الخاصة بهم مع عدم التقيد بتاريخ معين. وقد بحثت اللجنة المالية هذا الاقتراح ورأت الموافقة عليه". وقد أقر مجلس الوزراء هذا الرأي بجلسته المنعقدة في 29 من أكتوبر سنة 1950. وصدر بناء على ذلك كتاب وزارة المالية الدوري رقم ف 234 - 1/ 291 في 22 من نوفمبر سنة 1950. وقد صدر بعد ذلك القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة ونص في المادة الأولى من قانون إصداره على أن "يعمل في المسائل المتعلقة بنظام موظفي الدولة بالأحكام المرافقة لهذا القانون...... ويلغى كل حكم يخالف هذه الأحكام". ثم صدر القانون رقم 472 لسنة 1955 في 28 من سبتمبر سنة 1955 في شأن أقدمية ضباط الاحتياط، ونص في مادته الأولى على أنه "استثناء من القانون رقم 210 لسنة 1951 المشار إليه، تعدل أقدمية ضابط الاحتياط الذي تخطى في الترقية بالأقدمية أو بالاختيار حتى أول يوليه سنة 1952، في حالة ترقيته قبل هذا التاريخ أو بعده، بحيث يسبق في أقدمية الدرجة أو الدرجات المرقى إليها من تخطاه إذا تساويا في مدة الخدمة والمؤهل الدراسي. ويسري الحكم المتقدم ولو وقع التخطي في الترقية أثناء قيام الضابط بأعباء وظيفته المدنية، ما دام اسمه مقيداً في كشوف ضباط الاحتياط". كما قضى في مادته الثانية بألا يترتب على تنفيذ المادة الأولى صرف فروق مالية عن الماضي. ونص في المادة الثالثة على أنه "لا يجوز الاستناد إلى الأقدمية الاعتبارية التي يرتبها هذا القانون للطعن في القرارات الإدارية الخاصة بالترقيات التي صدرت إلى حين العمل به".
ومن حيث إنه يبين من المذكرة الإيضاحية للقانون المشار إليه أن الحكمة التشريعية التي دعت إلى إصداره ذات وجهين، الأول: أنه لما كان قرارا مجلس الوزراء الصادران في 9 من فبراير سنة 1947 و19 من سبتمبر سنة 1948 في شأن أقدمية ضباط الاحتياط "قد سقطا في مجال التطبيق القانوني منذ أول يوليه سنة 1952 تاريخ العمل بالقانون رقم 210 لسنة 1951 بنظام موظفي الدولة الذي نظمت أحكامه الترقيات والأقدميات بقواعد منضبطة فإن الأمر يستلزم للخروج عليها في شأن تعديل الأقدميات التي استقرت اتخاذ تدبير تشريعي يعالج هذه الحالة"، والثاني: أن الوزارات والمصالح المختلفة كانت قد تضاربت في مناط تطبيق القرارين المنوه عنهما؛ "إذ رأى البعض أن تطبق أحكامهما متى كان ضابط الاحتياط يقوم فعلاً بخدمة الجيش عند إجراء الترقية وتزول عنه هذه الصفة عند عودته إلى الخدمة المدنية، بينما رأى البعض الآخر أن صفة ضابط الاحتياط تظل ملازمة للموظف ولو كان في وظيفته المدنية ما دام اسمه مقيداً في كشوف ضابط الاحتياط. وقد ترتب على هذا التضارب في التطبيق وجود تفرقة في المعاملة بين أفراد طائفة واحدة إذ استفاد البعض من ميزة تعديل الأقدمية دون البعض الآخر، الأمر الذي ينطوي على إخلال بمبدأ المساواة في المعاملة متى اتحدت الظروف والملابسات. لذلك وسداً لكل ذريعة اتجه الرأي إلى تعميم قاعدة تعديل الأقدمية على جميع أفراد هذه الفئة فيستفيد من الميزة المترتبة على تطبيق هذه القاعدة ضابط الاحتياط الذي يتخطى في الترقية سواء وهو في خدمة الجيش أو في الخدمة المدنية".
ومن حيث إن إفادة ضابط الاحتياط من ميزة تعديل الأقدمية بحسب نصوص القانون المشار إليه في ضوء مذكرته الإيضاحية تستوجب توافر الشروط الآتية: (1) أن يحصل تخطي الضابط في الترقية سواء بالأقدمية أو بالاختيار بزميل أحدث منه في الأقدمية، ولو وقع هذا التخطي أثناء قيام الضابط بأعباء الوظيفة المدنية ما دام اسمه مقيداً في كشوف ضباط الاحتياط. (2) أن يتساويا في مدة الخدمة والمؤهل الدراسي. (3) أن يقع هذا التخطي قبل أول يوليه سنة 1952 وهو تاريخ العمل بالقانون رقم 210 لسنة 1951 بنظام موظفي الدولة. (4) ألا يجرى تعديل أقدمية ضابط الاحتياط إلا عند ترقيته إلى الدرجة أو الدرجات المرقى إليها سواء أكانت ترقيته قبل التاريخ المذكور أم بعده.
ومن حيث إن تخطي ضابط الاحتياط بزميل أحدث منه في الأقدمية لا يتصور أن يقوم إلا إذا اجتمعا كزميلين في وزارة أو مصلحة أو قسم، يعتبر موظفوها وحدة في الترقية وتنتظمهم في هذا الخصوص أقدمية مشتركة على أساسها تجرى الموازنة سواء في الترقية أو في تحديد الأقدمية بين ضابط الاحتياط وغيره، وما دام القانون رقم 472 لسنة 1955 قد اشترط لإمكان إفادة ضابط الاحتياط من ميزه تعديل أقدميته أن يقع التخطي قبل أول يوليه سنة 1952، فلزم - والحالة هذه - أن يتم اجتماعه بزميله على النحو الموضح آنفاً، قبل التاريخ المذكور؛ لأن هذه الزمالة من مقومات التخطي، وركن من أركانه. كما أن هذا القانون قد استهدف - فيما استهدفه - تعديل الأقدميات التي استقرت، بعد إذ تعذر ذلك لسقوط قراري مجلس الوزراء المنوه عنهما في مجال التطبيق القانوني من تاريخ العمل بقانون نظام موظفي الدولة، ولا تعتبر الأقدميات مستقرة إلا إذا تم الاجتماع بالمعنى السالف إيضاحه قبل هذا التاريخ.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق في خصوصية هذه المنازعة أن المطعون عليه لم يجتمع بزميله جورجي إلياس داود في مصلحة الضرائب، وهي الوحدة التي انتظمتهما في أقدمية مشتركة، إلا اعتباراً من أول يوليه سنة 1952 أي مع نفاذ القانون رقم 210 لسنة 1951، بينما يجب أن يكون التخطي واقعاً قبله حسبما سلف بيانه، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه - إذ قضى باستحقاق المطعون عليه للإفادة من تعديل أقدميته بتقديمها على زميله جورجي إلياس داود - قد جاء، والحالة هذه، مخالفاً للقانون متعيناً إلغاؤه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق