جلسة 21 من مايو سنة 1987
برياسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة، محمد فؤاد شرباش، عبد البر حسين سالم ومحمد محمد طيطه.
---------------
(155)
الطعن رقم 1251 سنة 50 القضائية
إيجار "إيجار الأماكن" "التأجير من الباطن". "التأجير المفروش".
التأجير من الباطن مفروشاً للطلبة دون إذن المالك. م 40/ جـ ق 49 سنة 1977. مناطه. أن يكونوا في مرحلة يحتملون فيها الاغتراب عن أسرهم. علة ذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الطاعنات أقمن على المطعون ضدهما الدعوى رقم 8771 لسنة 1977 كلي شمال القاهرة بطلب الحكم بإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة وبعقد الإيجار المؤرخ 1/ 10/ 1957 وتسليمها لهن، وذلك على سند من أن المطعون ضده الأول استأجر منهن الشقة محل النزاع استعمالها سكناً خاصاً له إلا أنه قام بتأجيرها من باطنه مفروشة للمطعون ضده الثاني دون إذن منهن، وبتاريخ 29/ 5/ 1979 حكمت المحكمة بإخلاء الشقة محل النزاع وتسليمها للطاعنات. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 4423 سنة 96 ق القاهرة، وبتاريخ 23/ 3/ 1980 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعنت الطاعنات في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنات على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله، وفي بيان ذلك يقلن أن الحكم أسس قضاءه برفض دعواهن على سند من نص المادة 40/ جـ من القانون رقم 49 لسنة 1977 التي تجيز للمستأجر أن يؤجر من باطنه المكان المؤجر له للطلاب الذين يدرسون في غير المدن التي تقيم فيها أسرهم، اعتباراً بأن المطعون ضده الثاني إنما استأجر الشقة محل النزاع لسكنى ابنتيه اللتين ألحقهما بإحدى مدارس القاهرة بعيداً عن محل إقامته بمدينة الفيوم، بينما إحدى هاتين الابنتين ملحقة بمرحلة الحضانة والثانية بالروضة، وهما لا تعتبران من الطلبة الذين عناهم النص المشار إليه والذي استهدف في الأصل حل مشكلة إسكان طلاب الجامعات والمعاهد.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن النص في المادة 40 من القانون رقم 49 سنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أنه "لا يجوز للمستأجر في غير المصايف والمشاتي المحددة وفقاً لأحكام هذا القانون أن يؤجر المكان المؤجر له مفروشاً أو خالياً إلا في الحالات الآتية... (جـ) إذا أجر المكان المؤجر له كله أو جزءاً منه للطلاب الذين يدرسون في غير المدن التي تقيم فيها أسرهم"، يدل على أن المشرع استهدف مواجهة أزمة الإسكان التي تصادف قطاعاً كبيراً من الطلاب وهم هؤلاء الذين يضطرون إلى ترك البلاد التي يقيمون فيها مع أسرهم إلى أخرى تقع بها المعاهد العلمية التي يتم إلحاقهم بها، فيسعون إلى البحث عن مساكن لهم في هذه البلاد، وغالباً ما لا يوفقوا، فأتاح لهم المشرع بموجب هذا النص، وتحقيقاً للمصلحة العامة - الاستئجار من الباطن دون إذن يصدر للمستأجر الأصلي بذلك من المالك، مما لازمه أن يكون هؤلاء الطلاب في مرحلة يحتملون فيها الاغتراب عن أسرهم والقيام على أمور أنفسهم دون حاجة إلى إشراف أو معاونة من ذويهم، ولا يحاج في ذلك بأن النص وقد أطلق في صياغته فقط "الطلاب" إنما استهدف كل من التحق بمعهد دراسي أياً كان سنه أو المرحلة الدراسية المؤهل لها، لمجافاة ذلك للمحكمة من التشريع، ووروده استثناء من القواعد العامة في قوانين إيجار الأماكن التي تحظر على المستأجر - دون إذن صريح من المالك - تأجير المكان المؤجر له من الباطن، مما يتعين أخذه بقدره وعدم التوسع في تفسيره حتى لا يتخذ سبيلاً لمخالفة الحظر المشار إليه في غير موضعه. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن إحدى ابنتي المطعون ضده الثاني مقيدة بإحدى مدارس الحضانة، والثانية بالروضة في العام الدراسي 77/ 1978 بما لا يتصور معه إمكانية إقامتها بعيداً عن أحضان أسرتهما، فإنهما لا تعتبران من الطلاب اللذين عناهم المشرع بالنص المشار إليه، ولا يعد إلحاقهما بإحدى مدارس القاهرة مسوغاً لإعمال حكم النص المشار إليه. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدعوى باعتبار أن تأجير المطعون ضده الأول (المستأجر الأصلي) الشقة محل النزاع من باطنه للمطعون ضده الثاني دون إذن كتابي صريح إنما هو استعمال لحقه المنصوص عليه في المادة 40/ جـ من القانون سالف الذكر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، وكان لا خلاف بين طرفي الخصومة في أن المطعون ضده الأول قد أجر الشقة المؤجرة له إلى المطعون ضده الثاني بالعقد المؤرخ 22/ 11/ 1977 دون إذني كتابي صريح من الطاعنات، فإن قضاء محكمة أول درجة بإخلاء العين محل النزاع لهذا السبب يكون في محله للأسباب التي بني عليها مما يتعين معه رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق