الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 19 فبراير 2022

الطعن 5855 لسنة 52 ق جلسة 18 / 1 / 1983 مكتب فني 34 ق 19 ص 114

جلسة 18 من يناير سنة 1983

برئاسة السيد المستشار/ عادل برهان نور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد يونس ثابت، فوزي المملوك، عبد الرحيم نافع ومحمد حسن.

----------------

(19)
الطعن رقم 5855 لسنة 52 القضائية

 (1)نصب. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جريمة النصب. مناط توافرها؟
عدم تحققها بمجرد الادعاءات والأقوال الكاذبة مهما بالغ قائلها في توكيد صحتها.
وجوب أن يكون الكذب مصحوباً بأعمال مادية خارجية.
 (2)نصب. اشتراك. فاعل أصلي. جريمة "أركانها".
جريمة النصب بالاستعانة بآخر. شرط وقوعها.
تداخل الشخص الآخر بسعي الجاني وتدبيره وإرادته. وإلا يقتصر تأييده على مجرد ترديد لأكاذيب الفاعل.
مثال في ادعاء ببكارة الزوجة.
 (3)إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الخطأ في الإسناد ماهيته؟

-----------------
1 - لما كان من المقرر أن جريمة النصب كما هي معرفة في المادة 336 من قانون العقوبات تتطلب لتوافرها أن يكون ثمة احتيال وقع من المهتم على المجني عليه بقصد خدعه والاستيلاء على ماله فيقع المجني عليه ضحية الاحتيال الذي يتوافر باستعمال طرق احتيالية أو باتخاذ اسم كاذب وانتحال صفة غير صحيحة أو بالتصرف في مال الغير ممن لا يملك التصرف، وكان القانون وإن نص على أن الطرق الاحتيالية تعد من وسائل النصب إلا أنه يجب أن يكون من شأنها الإيهام بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة أو إحداث الأمل بحصول ربح وهمي أو غير ذلك من الأمور المبينة على سبيل الحصر في المادة 336 من قانون العقوبات المشار إليها، كما أن من المقرر أن مجرد الادعاءات والأقوال الكاذبة مهما بالغ قائلها في توكيد صحتها لا تتحقق بها جريمة النصب باستعمال طرق احتيالية - بل يشترط القانون أن يكون الكذب مصحوباً بأعمال مادية خارجية تحمل المجني عليه على الاعتقاد بصحته.
2 - يشترط لوقوع جريمة النصب بطريق الاستعانة بشخص آخر على تأييد الأقوال والادعاءات المكذوبة، أن يكون الشخص الآخر قد تداخل بسعي الجاني وتدبيره وإرادته لا من تلقاء نفسه بغير طلب أو اتفاق - وأن يكون تأييد الآخر في الظاهر لادعاءات الفاعل تأييداً صادراً عن شخصه هو لا مجرد ترديد لأكاذيب الفاعل. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع في الدعوى الراهنة قد استخلصت في حدود سلطتها التقديرية وبالأدلة السائغة أن المطعون ضدها الأولى قد تزوجت بالطاعن بمعاونة المطعون ضدهما الثاني والثالث - زواجاً حقيقياً جدياً، فإن جريمة النصب لا تكون قائمة - حتى لو صح ما ذكره الطاعن من أن المطعون ضدهم قد استولوا منه على هدايا ومبالغ على ذمة هذا الزواج لما هو مقرر شرعاً من أن اشتراط بكارة الزوجة لا يؤثر في صحة عقد الزواج - ما دام الثابت خلو الزوجة من الموانع الشرعية عند العقد - بل يبقى العقد صحيحاً ويبطل الشرط.
3 - من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه من أن الطاعن لم يرفع دعواه إلا بعد أن عاشر زوجته أكثر من عامين بفرض أنه استخلاص ليس له مأخذ من الأوراق - فإنه لا أثر له في جوهر الواقعة كما اقتنعت بها المحكمة إذ يستوي في ذلك أن يكون الطاعن قد دخل بالمطعون ضدها الأولى من تاريخ العقد أو لم يدخل بها، ما دام الحكم قد أثبت بأدلة سائغة لا ينازع الطاعن بأن لها معينها من الأوراق أن الطاعن قد تزوج بالمطعون ضدها بالفعل، وأن أركان جريمة النصب كما هي معرفة به في القانون - غير متوافرة لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


الوقائع

أقام المدعي بالحق المدني دعواه بطريق الادعاء المباشر قبل المطعون ضدهم أمام جنح مصر الجديدة بوصف أنهم: استعملوا طرقاً احتيالية توصلوا بها إلى سلب بعض ثروته وذلك بأن أدلوا بوقائع مزورة حتى تحصلوا على أموال وأمتعة ومجوهرات ونقود تقدر بألفين من الجنيهات وطلب عقابهم بالمادة 336 من قانون العقوبات وبإلزامهم بأن يؤدوا له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأولى والثاني وغيابياً للثالث عملاً بمادة الاتهام بحبس كل منهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات لإيقاف التنفيذ وإلزامهم بدفع مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت
فعارض المحكوم عليه الثالث وقضي في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه.
واستأنف المحكوم عليهم ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهمين مما نسب إليهم وفي الدعوى المدنية برفضها.
فطعن الأستاذ المحامي عن المدعي بالحق المدني في هذا الحكم بطريق النقض ....... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه - إذ قضى ببراءة المطعون ضدهم من تهمة النصب ورفض الدعوى المدنية، فقد أخطأ في تطبيق القانون وشابه الفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد، ذلك بأنه أقام قضاءه بالبراءة على عدم توافر أركان جريمة النصب - مع أن المطعون ضدهم استولوا على بعض ثروة الطاعن باستعمال طرق احتيالية بإيهامه بأن المطعون ضدها الأولى بكراً - لم يسبق لها الزواج - على خلاف الحقيقة وبتدخل من المطعون ضده الثالث مستغلاً صفته كضابط بالقوات المسلحة. كما استند الحكم في قضائه إلى أن الطاعن تزوج بالمطعون ضدها الأولى في 6 - 5 - 1974 وباشرها ولم يرفع الدعوى إلا بعد عامين من معاشرتها - وهو استخلاص لا أصل له في الأوراق وذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بعد أن بين واقعة الدعوى أورد تبريراً لقضائه بالبراءة ورفض الدعوى المدنية قوله "..... وأما بالنسبة لجريمة النصب المعرفة بالمادة 336 عقوبات والمسندة إلى المتهمين فإنه يشترط لتوافر أركانها أن تستعمل طرقاً احتيالية من شأنها الإيهام والإدخال في الروع بأنها صحيحة بقصد الاستيلاء على أموال المجني عليه" ومن المقرر قانوناً أن هذه الطرق الاحتيالية لا تتحقق بمجرد الأقوال والادعاءات الكاذبة ولكن يجب أن يصاحب تلك الأقوال مظاهر مادية وخارجية تكسبها نوع من الحقيقة وتبعث على التصديق فإذا لم يتوافر ذلك الركن فقدت جريمة النصب أركانها.
وحيث إنه متى كان ذلك وكان الثابت أن المدعي قد تزوج بالمتهمة الأولى في 6 - 5 - 1974 ولم يرفع هذه الدعوى إلا بعد مرور أكثر من عامين في 28 - 7 - 1976 ثم بعد أن عاشرها قرابة عامين رفع هذه الدعوى مقرراً أنها وآخرين قد ارتكبوا الجريمة المنصوص عليها في المادة 336 عقوبات فإن ذلك القول لا يمكن قبوله عقلاً ومنطقاً، ولما كان ذلك وكانت الأوراق غير كافية لإثبات التهمة في حق المتهمين وأن المدعي بالحق المدني قد عاشر زوجته زهاء عامين عن قرب ومن ثم لا يمكن له بعد ذلك أن ينفي عليها كونها بكراً أو ثيباً وقد رضي معاشرتها طوال هذه المدة. لما كان ذلك وكان الحكم المستأنف قد جانبه الصواب حين قضى بمعاقبة المتهمين بهذه التهمة المسندة إليهم فإنه يتعين والأمر كذلك إلغاء هذا الحكم والقضاء ببراءة المتهمين....... لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جريمة النصب كما هي معرفة في المادة 336 من قانون العقوبات تتطلب لتوافرها أن يكون ثمة احتيال وقع من المتهم على المجني عليه بقصد خدعه والاستيلاء على ماله فيقع المجني عليه ضحية الاحتيال الذي يتوافر باستعمال طرق احتيالية أو باتخاذ اسم كاذب أو انتحال صفة غير صحيحة أو بالتصرف في مال الغير ممن لا يملك التصرف، وكان القانون وإن نص على أن الطرق الاحتيالية تعد من وسائل النصب إلا أنه يجب أن يكون من شأنها الإيهام بوجود مشروع كاذب أو واقعة مزورة أو إحداث الأمل بحصول ربح وهمي أو غير ذلك من الأمور المبينة على سبيل الحصر في المادة 336 من قانون العقوبات المشار إليها، كما أن من المقرر أن مجرد الادعاءات والأقوال الكاذبة مهما بالغ قائلها في توكيد صحتها لا تتحقق بها جريمة النصب باستعمال طرق احتيالية - بل يشترط القانون أن يكون الكذب مصحوباً بأعمال مادية خارجية تحمل المجني عليه على الاعتقاد بصحته، كما يشترط لوقوع جريمة النصب بطريق الاستعانة بشخص آخر على تأييد الأقوال والادعاءات المكذوبة، وأن يكون الشخص الآخر قد تداخل بسعي الجاني وتدبيره وإرادته لا من تلقاء نفسه بغير طلب أو اتفاق - وأن يكون تأييد الآخر في الظاهر لادعاءات الفاعل تأييداً صادراً عن شخصه هو لا مجرد ترديد لأكاذيب الفاعل. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع في الدعوى الراهنة قد استخلصت في حدود سلطتها التقديرية وبالأدلة السائغة أن المطعون ضدها الأولى قد تزوجت بالطاعن بمعاونة المطعون ضدهما الثاني والثالث - زواجاً حقيقياً جدياً، فإن جريمة النصب لا تكون قائمة - حتى لو صح ما ذكره الطاعن من أن المطعون ضدهم قد استولوا منه على هدايا ومبالغ على ذمة هذا الزواج لما هو مقرر شرعاً من أن اشتراط بكارة الزوجة لا يؤثر في صحة عقد الزواج - ما دام الثابت خلو الزوجة من الموانع الشرعية عند العقد - بل يبقي العقد صحيحاً ويبطل الشرط لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه من أن الطاعن لم يرفع دعواه إلا بعد أن عاشر زوجته أكثر من عامين بفرض أنه استخلاص ليس له مأخذ من الأوراق - فإنه لا أثر له في جوهر الواقعة كما اقتنعت بها المحكمة إذ يستوي في ذلك أن يكون الطاعن قد دخل بالمطعون ضدها الأولى من تاريخ العقد أو لم يدخل بها، ما دام الحكم قد أثبت بأدلة سائغة لا ينازع الطاعن بأن لها معينها من الأوراق أن الطاعن قد تزوج بالمطعون ضدها بالفعل، وأن أركان جريمة النصب كما هي معرفة به في القانون - غير متوافرة لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق