بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود حسام الدين رئيس مجلس
الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السيد الأستاذ المستشار / أشرف خميس محمد محمد بركات
نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ المستشار / سعيد حامد شربينى قلامى
نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ المستشار /محمد محمد السعيد محمد نائب
رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ سامح جمال وهبة نصر نائب رئيس
مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار / رجب عبد الهادي تغيان نائب رئيس مجلس
الدولة مفوض الدولة
وسكرتارية السيد / وائل محمود مصطفى أمين السر
أصدرت الحكم الآتي:
------------------
الإجراءات
بتاريخ 14/4/2016 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين بصفاتهم
قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن الماثل قيد بجدولها تحت رقم 49573
لسنة 62 قضائية عليا، طعنًا في الحكم المشار إليه عاليه، والقاضي منطوقه بقبول
الدعوى شكلا، وفي الموضوع بإلزام جهة الإدارة المدعى عليهما الأول والرابع (وزارة
التموين) بأن تؤدي للمدعين تعويضاً مقداره خمسون ألف جنيه، وألزمت الجهة الإدارية
المصروفات.
وطلبت الجهة الإدارية الطاعنة في ختام تقرير الطعن - للأسباب الواردة
به - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً أصلياً:
بعدم قبول الدعوى لرفعها دون العرض على لجان التوفيق في بعض المنازعات، واحتياطيًا
: برفض الدعوى، وبإلزام المطعون ضدهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي
التقاضي .
وجرى إعلان تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق .
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسببًا بالرأي القانوني في الطعن .
وتدوول نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو المبين بمحاضر
الجلسات، والتي أحالته بجلسة 16/4/2018 إلى الدائرة الأولى - موضوع - بالمحكمة
الإدارية العليا لنظره بجلسة 26/5/2018 ، حيث تدوول نظره أمامها بتلك الجلسة وما
تلاها من جلسات على النحو المبين بمحاضر جلساتها، وبجلسة 21/12/ ۲۰۱۹ قضت هذه
المحكمة بوقف الطعن جزاءً لمدة شهر، وبعد انتهاء مدة الوقف الجزائي قدمت الجهة
الإدارية الطاعنة طلبًا بتعجيل الطعن من الوقف الجزائي مرفقاً به حافظة مستندات
طويت على إعلان المطعون ضدهم بتقرير الطعن الراهن إعلاناً منفذًا ، فحددت المحكمة
جلسة 7/3/ ۲۰۲۰ لنظر الطعن بعد تعجيله من الوقف الجزائي، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 20/6/ ۲۰۲۰ مع التصريح للخصوم بالاطلاع وإيداع
مستندات ومذكرات خلال أسبوعين، وانقضى الأجل المضروب دون إيداع أية مستندات أو
مذكرات من الخصوم، وبجلسة 20/6/ ۲۰۲۰ قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة
اليوم لإتمام المداولة في الطعن ، حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على
أسبابه لدى النطق به .
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا .
وإذ استوفى الطعن كافة أوضاعه الشكلية المقررة قانونا .
وتتحصل وقائع النزاع المعروض في أنه بتاريخ 8/12/ ۲۰۰۹ أقام المطعون
ضدهم الدعوى رقم 2950 لسنة ۳۲ق أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة طالبين في
ختام صحيفتها الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وبإلزام الطاعنين بصفاتهم متضامنين بأن
يؤدوا لهم التعويض المناسب لجبر الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به ، مع إلزام
جهة الإدارة المصروفات .
وذكروا شرحًا لدعواهم، أنه في الساعة السابعة صباحًا يوم 9/4/ ۲۰۰۸
توجهت مورثتهم : آمال حسن أحمد الدسوقي إلى مخبز رمزي درويش - أحد المخابز المدعمة
- بمدينة محلة دمنة التابعة لمركز المنصورة بمحافظة الدقهلية لشراء عشرة أرغفة من
الخبز المدعم لإفطار أسرتها (المطعون ضدهم) ، إلا أنه نتيجة تزاحم المواطنين على
منفذ توزيع الخبز سقطت مورثة المطعون ضدهم المذكورة على الأرض وفقدت وعيها نتيجة
دهس الأهالي المتزاحمين على شراء الخبز لها بعد سقوطها، فتم نقلها إلى مستشفى
التكامل الصحي بمحلة دمنة إلا أن المستشفى لم يكن متواجداً به أطباء لإنقاذها
واستمرت مورثة المطعون ضدها تنازع الموت لمدة ثلاث ساعات حتى نقلها بسيارة إسعاف
إلى المنصورة للعلاج حيث توفت أثناء نقلها، وتحرر محضر بذلك قيد برقم ۹۳۸ لسنة ۲۰۰۸
جنح - محلة دمنة، وأصدرت مديرية الشئون الصحية بمحافظة الدقهلية قرارها - بعد
التحقيق في الواقعة وثبوت إهمال المسئولين عن مستشفى التكامل الصحي بمحلة دمنة -
بنقل مدير المستشفى المذكورة، الأمر الذي يثبت معه الخطأ المرفقي في جانب الجهة
الإدارية والذي ترتب عليه وفاة ربة العائلة مورثة المطعون ضدهم، وقد لحق بالمطعون
ضدهم أضرار مادية وأدبية نتيجة هذا الخطأ، فمن ثم يحق لهم المطالبة بالتعويض محل
دعواهم، وخلصوا في ختام صحيفة دعواهم إلى طلب الحكم بطلباتهم آنفة البيان .
وبجلسة22/2/ ۲۰۱6 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بقبول الدعوى
شكلاً، وفي الموضوع بإلزام جهة الإدارة المدعى عليهما الأول والرابع ) وزارة
التموين ( أن تؤدي للمدعين تعويضاً مقداره خمسون ألف جنيه ، وألزمت الجهة الإدارية
المصروفات ، وشيدت قضاءها على أساس ثبوت خطأ جهة الإدارة - ممثلة في المطعون ضدهما
الأول والرابع بصفتيهما (وزارة التضامن الاجتماعي ، ووزارة التموين - بوصفهما
المنوط بهما اتخاذ الإجراءات اللازمة التي تكفل ضمان النظام والسلامة للمواطنين
أثناء عملية توزيع الخبز المدعم عليهم يوميا، إلا أن الجهة الإدارية المذكورة
تركتهم عرضة للتدافع والتزاحم من أجل الحصول على قوت يومهم، مما أدى إلى وفاة
مورثة المطعون ضدهم نتيجة هذا التدافع أثناء قيامها بشراء الخبز المدعم لأسرتها
يوم 9/4/2008 ، ومن ثم فإن ركن الخطأ ثابت في جانب جهة الإدارة، وقد أصيب المطعون
ضدهم بأضرار مادية تمثلت في فقدان عائلتهم وما تكبدوه من مصروفات في إثبات خطأ جهة
الإدارة وصولاً إلى إثبات حقهم، فضلا عن الأضرار الأدبية التي تمثلت في شعورهم
بالمرارة والحزن والأسى على وفاة مورثتهم، وقد توافرت علاقة السببية بين خطأ جهة
الإدارة والضرر الذي أصاب المطعون ضدهم، ومن ثم فقد اكتملت عناصر مسئولية جهة
الإدارة الوجبة للتعويض والذي تقدره المحكمة بمبلغ مقداره خمسون ألف جنيه، وخلصت
المحكمة إلى قضائها آنف البيان .
وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى الجهة الإدارية فقد أقامت طعنها
الماثل فيه ناعية على الحكم الطعين صدوره مخالفاً القانون ومشوباً بالخطأ في
تفسيره وتطبيقه، لأسباب حاصلها ، أن دعوى التعويض محل الحكم الطعين قد أقيمت دون
عرض النزاع موضوعها على لجنة التوفيق في بعض المنازعات المختصة، ومن ثم كان يتعين
الحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون.
۲- أن أوراق
الدعوى محل الحكم الطعين قد جاءت جميعها خلوا من أي مستند يقطع بأن وفاة مورثة
المطعون ضدهم كانت نتيجة مباشرة لسقوطها بسبب التزاحم أثناء توزيع الخبز المدعم،
الأمر الذي ينتفي معه ركن الخطأ في جانب الجهة الإدارية الطاعنة وتنهار معه أركان
مسئوليتها التقصيرية الموجبة للتعويض المقضي به، وخلصت الجهة الطاعنة إلى طلباتها
آنفة البيان .
وحيث إن حافظة المستندات المقدمة من المطعون ضدهم أمام هيئة مفوضي
الدولة لدى محكمة أول درجة بجلسة التحضير المؤرخة 24/7/۲۰۱۰ قد انطوت على إفادة
صادرة من لجنة التوفيق في بعض المنازعات بمحافظة الدقهلية رقم (8) أن المطعون ضدهم
قد تقدموا بالطلب رقم ۱6۸۹5 لسنة ۲۰۰۹ للمطالبة بالتعويض مثار النزاع المعروض، ومن
ثم يغدو هذا الوجه من الطعن في غير محله متعينًا طرحه والالتفات عنه .
وحيث إن المادة (163) من القانون المدني الصادر بالقانون رقم ۱۳۱ لسنة
1948 تنص على أن: "كل خطأ سبب ضررًا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض..."
وتنص المادة (170) منه على أن : "يقدر القاضي مدى التعويض عن
الضرر الذي لحق المضرور طبقًا لأحكام المادتين ۲۲۱، ۲۲۲ مراعياً في ذلك الظروف
الملابسة .....".
كما تنص المادة) 174) من القانون ذاته على أن: " 1- يكون المتبوع
مسئولًا عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعاً منه حال
تأدية وظيفته أو بسببها. ۲ - تقوم رابطة التبعية ولو لم يكن المتبوع حراً في
اختيار تابعه متى كانت له سلطة فعلية في رقابته وفي توجيهه" .
وحيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد جرى على أن مسئولية الإدارة
عن قراراتها غير المشروعة مناطها أن يكون ثمة قرار مشوب بعيب أو أكثر من العيوب
المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة، وأن يحيق بصاحب الشأن ضرر مادي أو أدبي، وأن
تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر، بأن يكون الخطأ هو الذي أدى إلى وقوع هذا
الضرر.
واستقر قضاؤها كذلك، على أن يكون المتبوع مسئولًا عن الضرر الذي يحدثه
تابعه بعمله غير المشروع، متى كان واقعاً منه حال تأدية وظيفته أو بسببها، وكانت
للمتبوع على التابع سلطة فعلية في توجيهه ورقابته في عمل معين يقوم به التابع
لحساب المتبوع، ولو انحسرت هذه الرقابة في التوجيهات الإدارية، وأساس ذلك أن
مسئولية المتبوع عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع تقوم على خطأ مفترض
من جانب المتبوع فرضاً لا يقبل إثبات العكس، متى كان هذا العمل غير المشروع قد وقع
منه أثناء تأدية وظيفته ، أو بسببها، أو ساعدته هذه الوظيفة أو هيأت له إتيان فعله
غير المشروع، فتقوم علاقة التبعية كلما كان للمتبوع سلطة فعلية على التابع في الرقابة
والتوجيه ولو كانت هذه الرقابة مقصورة على الرقابة الإدارية، كما تقوم علاقة
التبعية على توفر الولاية في الرقابة والتوجيه، بحيث تكون للمتبوع سلطة فعلية في
إصدار الأوامر إلى التابع في طريقة أداء عمله وفي الرقابة عليه في تنفيذ هذه
الأوامر ومحاسبته، سواء في طريق العلاقة العقدية أو غيرها، وسواء استعمل المتبوع
هذه السلطة أو لم يستعملها، ما دام أنه كان في استطاعته استعمالها
(في هذا المعنى حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعنين رقمي
21762 و ۲6۰6۷ لسنة 59 قضائية. عليا بجلسة 19/4/ ۲۰۱5 (
وتطبيقا لما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أنه في الساعة السابعة
صباحا يوم9/4/ ۲۰۰۸ توجهت مورثة المطعون ضدهم : آمال حسن أحمد الدسوقي إلى مخبز
رمزي درويش - أحد المخابز المدعمة - بمدينة محلة دمنة التابعة لمركز المنصورة
بمحافظة الدقهلية لشراء عشرة أرغفة من الخبز المدعم لإفطار أسرتها ) المطعون ضدهم(
، إلا أنه نتيجة تزاحم المواطنين على منفذ توزيع الخبز سقطت مورثة المطعون ضدهم
المذكورة على الأرض وفقدت وعيها نتيجة دهس الأهالي المتزاحمين على شراء الخبز لها
بعد سقوطها، فتم نقلها إلى مستشفى التكامل الصحي بمحلة دمنة إلا أن المستشفى لم يكن
متواجداً به أطباء لإنقاذها واستمرت مورثة المطعون ضدها تنازع الموت لمدة ثلاث
ساعات حتى نقلها بسيارة إسعاف إلى المنصورة للعلاج حيث توفت أثناء نقلها، وتحرر
محضر بذلك قيد برقم ۹۳۸ لسنة ۲۰۰۸
جنح - محلة دمنة، وأصدرت مديرية الشئون الصحية بمحافظة الدقهلية قرارها - بعد
التحقيق في الواقعة وثبوت إهمال المسئولين عن مستشفى التكامل الصحي بمحلة دمنة -
بنقل مدير المستشفى المذكورة، ولما كان ما تقدم كذلك وكان من الواجب على الجهة
الإدارية أن تضطلع بمسئوليتها في اتخاذ الإجراءات اللازمة التي تكفل ضمان النظام
والسلامة للمواطنين أثناء عملية توزيع الخبز المدعم عليهم يومياً، إلا أن الجهة
الإدارية المذكورة تركتهم عرضة للتدافع والتزاحم من أجل الحصول على قوت يومهم، مما
أدى إلى وفاة مورثة المطعون ضدهم نتيجة هذا التدافع أثناء قيامها بشراء الخبز
المدعم لأسرتها يوم 9/4/ ۲۰۰۸ على النحو الثابت من التحقيقات التي حواها الطعن
الراهن بين دفتيه، ومن ثم فإن ركن الخطأ ثابت في جانب جهة الإدارة، وقد أصيب
المطعون ضدهم بأضرار مادية تمثلت في فقدان عائلتهم وما تكبدوه من مصروفات في إثبات
خطأ جهة الإدارة وصولاً إلى إثبات حقهم، فضلاً عن الأضرار الأدبية التي تمثلت في
شعورهم بالمرارة والحزن والأسى على وفاة مورثتهم، وقد توافرت علاقة السببية بين
خطأ جهة الإدارة والضرر الذي أصاب المطعون ضدهم، ومن ثم فقد اكتملت عناصر مسئولية
جهة الإدارة الموجبة للتعويض والذي قدرته محكمة أول درجة بمبلغ مقداره خمسون ألف
جنيه، وكان هذا التقدير سائغاً وسديداً، ومن ثم فلا معقب عليها في هذا الشأن .
وإذ انتهى حكم المطعون فيه إلى النتيجة ذاتها ، فمن ثم يكون قد صادف
صحيح حكم القانون مستوجباً تأييده - للأسباب التي قام عليها هذا الحكم -، ورفض
الطعن الراهن .
وحيث إنه عن المصروفات، فيلزم بها الخاسر عملاً بحكم المادة (184) من
قانون المرافعات المدنية والتجارية .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت جهة الإدارة
الطاعنة مصروفات .
صدر هذا الحكم وتُلى علنًا بالجلسة المنعقدة يوم السبت 27 من ذى
العقدة لسنة 1441 هجرية الموافق 18 من يوليو من إبريل لسنة 2020 ميلادية بالهيئة
المبينة بصدره.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق