الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 5 فبراير 2022

الطعن 438 لسنة 42 ق جلسة 29 / 5 / 1972 مكتب فني 23 ج 2 ق 193 ص 855

جلسة 29 من مايو سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمود الغمراوي، ومحمود عطيفة، ومصطفى الأسيوطي، وحسن المغربي.

-----------------

(193)
الطعن رقم 438 لسنة 42 القضائية

(أ، ب) ارتباط. عقوبة: "عقوبة الجرائم المرتبطة". ضرب: "ضرب بسيط". "ضرب أفضى إلى موت". محكمة الموضوع: "سلطتها في تقدير قيام الارتباط". نقض: "حالات الطعن. مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه". "الحكم في الطعن". محكمة النقض. "سلطة محكمة النقض". حكم: "تسبيبه. تسبيب معيب".
(أ) الارتباط بين الجرائم. تقدره. في الأصل محكمة الموضوع. حد ذلك؟
كون الواقعة. كما أثبتها الحكم تخالف ما انتهى إليه من عدم قيام الارتباط. خطأ قانوني يوجب تدخل محكمة النقض.
(ب) معاقبة الطاعن بعقوبة مستقلة عن كل من جريمتي الضرب المفضي إلى الموت والضرب البسيط بالرغم مما تنبئ عنه الواقعة. كما أثبتها الحكم. من قيام الارتباط الوارد في المادة 32/ 2 بينهما. خطأ. وجوب نقضه وتصحيحه بالقضاء بعقوبة الجريمة الأولى الأشد.
(جـ) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". محكمة الموضوع: "سلطتها في تقدير قيام الدفاع الشرعي. "حكم": تسبيبه تسبيب غير معيب. نقض: أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها. تفصل فيها محكمة الموضوع بلا معقب ما دام استخلاصها سائغا. عدم جواز مجادلتها في ذلك أمام محكمة النقض.
(د) محكمة النقض "سلطة محكمة النقض".
حق محكمة النقض في نقض الحكم لمصلحة المتهم.

-----------------
1 - أنه وأن كان الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع إلا أنه متى كانت وقائع الدعوى كما أوردها الحكم المطعون فيه لا تتفق قانونا مع ما انتهى إليه من عدم قيام الارتباط بين الجرائم وتوقيعه عقوبة مستقلة عن كل منها، فان ذلك يكون من قبيل الأخطاء القانونية التي تستوجب تدخل محكمة النقض لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح.
2 - متى كان الحكم قد قضى بمعاقبة الطاعن بعقوبة مستقلة عن كل من جريمتي الضرب المفضي إلى الموت والضرب البسيط اللتين دانه بهما رغم ما تنبئ عنه صورة الواقعة كما أوردها الحكم على نحو ما سلف من أن الجريمتين قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض فتكونت منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم الوارد بالفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات، فإن ذلك كان يوجب الحكم على الطاعن بعقوبة الجريمة الأشد وحدها وهى العقوبة المقررة للجريمة الأولى. لما كان ذلك، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا وتصحيحه بإلغاء عقوبة الحبس المقضي بها عن الجريمة الثانية المسندة إلى الطاعن.
3 - الأصل أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها يتعلق بموضوع الدعوى ولمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب ما دام استدلالها سليما يؤدي إلى ما انتهى إليه. ومتى كان النعي لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلا موضوعيا لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض فإنه يتعين رفضه.
4 - لمحكمة النقض عملا بالحق المخول لها بالمادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم إذا تعلق الأمر بمخالفة القانون ولو لم يرد هذا الوجه في أسباب الطعن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 7 مايو سنة 1969 بدائرة مركز كوم حمادة محافظة البحيرة: (أولا) أحدث عمدا بـ...... الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الإصابات أفضت إلى موته. (ثانيا) أحدث عمدا بـ....... الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرير لعلاجها مدة تزيد على عشرين يوما. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 236/ 1 و242/ 1 من قانون العقوبات. فقرر ذلك في 2 ديسمبر سنة 1969، وادعى والد المجنى عليه مدنيا بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهم. ومحكمة جنايات دمنهور قضت حضوريا بتاريخ 3 مايو سنة 1971 عملا بمادتي الاتهام بمعاقبة العفيفي مصيلحي السيد بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات عن التهمة الأولى وإلزامه أن يدفع للمدعى المدني مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت ومصروفات الدعوى المدنية ومبلغ جنيه مقابل أتعاب المحاماة وبمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور عن التهمة الثانية. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ذلك بأن الطاعن دفع بقيام حالة الدفاع الشرعي إذ ثبت قيام منازعات بينه وبين أسرة المجنى عليهما بشأن الحديقة التي اشترى ثمارها انتهت بتمكينه من البقاء بها وفى مساء يوم الحادث وكان الطاعن بمفرده بالحديقة فوجئ بالمجنى عليهما وثلاثة من شباب الأسرة بالحديقة وقد قدموا إليه يسبونه ويمسكون به ويطردونه من أرضه فتوهم أنهم ينوون قتله فقام بضرب المجنى عليهما بمطواة دفاعا عن نفسه وقد عرض الحكم لهذا الدفاع وأطرحه بما يخالف الفهم الصحيح لشروط قيام حالة الدفاع الشرعي ورد عليه بما لا يؤثر على جوهره، كما أغفل الحكم تقدير الظروف التي كانت تحيط بالطاعن وقت الحادث مما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مجمله أن المجنى عليهما واثنين آخرين كانوا بالحديقة المملوكة لوالد المجنى عليه الأول والتي اشترى الطاعن ثمارها وبها منزل يتوسط تلك الحديقة يخص مالكها - يستذكرون دروسهم وأن الطاعن أراد طردهم من الحديقة فلما رفضوا أخرج سكينا من جيبه وطعن بها ذلك المجنى عليه في صدر فسقط على الأرض وتوفى على الأثر وحين حضر المجنى عليه الآخر بعد ذلك وحاول الإمساك بالطاعن ضربه بالسكين فأحدث إصاباته. وكان الحكم قد أورد على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها مستمدة من أقوال شهود الإثبات وأقوال الطاعن أمام النيابة وبجلسات المعارضة في أمر حبسه وما ثبت من المعاينة ومن التقارير الطبية الابتدائية والشرعية ثم عرض الحكم لدفاع الطاعن بأنه كان في حالة دفاع شرعي ورد عليه وفنده قائلا "أولا: أن المتهم (الطاعن) لم يذكر أن أحدا من شهود الإثبات أو المجنى عليه (الأول) كان معه سكين عندما سئل لأول مرة بمحضر جمع الاستدلالات كما أنكر عند سؤاله أمام النيابة في البداية أنه قابل هؤلاء الشهود ثم عاد وقرر أن..... ومعه خمسة عشر شخصا منهم هؤلاء الشهود والمجنى عليه كانوا موجودين بالمشاجرة ولم يذكر أن أحدا من المجنى عليهما ضربه وان ادعى أن عبد العظيم خلف هو الذي ضربه بقبضة يده. (ثانيا) أنه قرر في طلب المعارضة في أمر حبسه أن السكين كانت مع القتيل محمد عبد الوهاب خلف ولما سئل أمام النيابة مرة أخرى قرر أنه أخذها من محمد حامد خلف ولم يذكر أن عبد العظيم خلف كان موجودا مع الخمسة أشخاص الذين ادعى أنهم أوقعوه على الأرض. (ثالثا) أنه قرر أن هؤلاء الخمسة الذين أوقعوه على الأرض انهالوا عليه بالضرب بالعصى وبقبضة اليد والرأس ولم توجد به سوى إصابات بسيطة لاحظها رئيس النقطة ووكيل النيابة وأثبتها الكشف الطبي المتوقع عليه وهى عبارة عن كدمة راضة بالشفة العليا وسحجات بسيطة بالخد الأيمن وتحدث من جسم صلب راض ولو صحت روايته هذه لوجدت به إصابات متعددة بأجزاء أخرى من جسمه كما أن التقرير الطبي المتوقع عليه نفى أن إصابته تحدث عن سكين مما يكذب ادعاءه أخيرا بأن المجنى عليه محمد عبد الوهاب خلف أو المجنى عليه محمد حامد خلف كان معه سكين وضربه بها. (رابعا) أن المتهم قرر أنه ذهب إلى النقطة من تلقاء نفسه وقابله هناك شيخ الخفراء ووضعه في حجرة بها في حين أن الثابت من أقوال شيخ الخفراء بمحضر جمع الاستدلالات وشهادته أمام النيابة أنه علم بالحادث فأخذ يبحث عن المتهم وقابله بالطريق وأخذه إلى النقطة وقد اعترف المتهم في النيابة أن شيخ الخفراء قابله في الطريق ثم حاول بعد ذلك إنكار هذه الواقعة وقرر أنه قابله بالنقطة ولو صحت روايته من أنه أخذ منهم السكين لذكر ذلك لشيخ الخفراء عندما قابله ولم يذكر هذا الأخير شيئا من ذلك. (خامسا) بأنه قرر أنه ألقى بالسكين إليهم بعد أن قام من الأرض ولو صح ذلك لوجدت بمكان الحادث ولأخذها أحدهم وقدمها لرجال الشرطة والنيابة كما أن طبيعة الأمور تقضى إذا صحت الرواية التي يدعيها بأن يأخذ السكين معه ويقدمها لشيخ الخفراء الذي قابله أو لرئيس النقطة بعد توصيله إليها. (سادسا) أنه لو صحت جدلا دعوى المتهم من وجود السكين مع المجنى عليه محمد عبد الوهاب أو محمد حامد خلف وكانوا قد أوثقوه هم الخمسة لضربوه بها ولو وجدت به إصابة أو إصابات قطعية ولم يثبت التقرير الطبي وجود أية إصابة من آلة حادة كالسكين فضلا عن أنه لو صحت روايته وهم خمسة أشخاص وفى رواية أخرى له خمسة عشر شخصا لما أمكنه أخذ السكين أو الإفلات منهم". ثم استطرد الحكم قائلا "وحيث إن المحكمة لذلك تطرح دفاع المتهم بعدم ثبوت وقوع أى خطر حال على نفسه أو ماله أو وجود أسباب معقولة على اعتقاده بوجود مثل هذا الخطر حتى يباح له ضرب المجنى عليه بالسكين في صدره على هذه الصورة التي أثبتها تقرير الصفة التشريحية أو ضرب المجنى عليه محمد حامد خلف بالسكين في ذراعه وظهره وقد قرر هذا الأخير بأنه ضرب المتهم بقبضة يده في وجهه عندما اعتدى عليه بالسكين عندما حاول الإمساك به على أثر طعنه المجنى عليه محمد عبد الوهاب خلف وتطمئن المحكمة كل الاطمئنان إلى رواية شهود الإثبات للواقعة على الصورة السالف بيانها ويبين منها إنه هو البادئ بالعدوان" وما أورده الحكم فيما تقدم سائغ ويكفى لتقدير ما انتهى إليه من انتفاء حالة الدفاع الشرعي طالما أنه خلص - بما له أصل في الأوراق - أنه هو الذي بدأ بالعدوان إذ الأصل أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها يتعلق بموضوع الدعوى ولمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب ما دام استدلالها سليما يؤدى إلى ما انتهى إليه. لما كان ذلك فان منعى الطاعن لا يكون له محل إذ هو لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلا موضوعيا لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ويتعين رفض الطعن موضوعا. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه وإن كان الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع إلا أنه متى كانت وقائع الدعوى كما أوردها الحكم المطعون فيه لا تتفق قانونا مع ما انتهى إليه من عدم قيام الارتباط بين الجرائم وتوقيعه عقوبة مستقلة عن كل منها فان ذلك يكون من قبيل الأخطاء القانونية التي تستوجب تدخل محكمة النقض لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح. ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بعقوبة مستقلة عن كل من جريمتي الضرب المفضي إلى الموت والضرب البسيط اللتين دانه بهما رغم ما تنبئ عنه صورة الواقعة كما أوردها الحكم على نحو ما سلف من أن الجريمتين قد انتظمتهما خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض فتكونت منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم الوارد بالفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات مما كان يوجب الحكم على الطاعن بعقوبة الجريمة الأشد وحدها وهى العقوبة المقررة للجريمة الأولى. لما كان ذلك فانه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا وتصحيحه بإلغاء عقوبة الحبس المقضي بها عن الجريمة الثانية المسندة إلى الطاعن عملا بالحق المخول لمحكمة النقض بالمادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض من نقض الحكم لمصلحة المتهم إذا تعلق الأمر بمخالفة القانون ولو لم يرد هذا الوجه في أسباب الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق