الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 31 مايو 2023

الطعن 3973 لسنة 33 ق جلسة 12 / 5 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 128 ص 1228

جلسة 12 من مايو سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فؤاد عبد العزيز عبد الله رجب - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ حسن حسنين علي حسنين ومحمد يسري زين العابدين عبد الله والطنطاوي محمد الطنطاوي وفريد نزيه حكيم تناغو – المستشارين.

-----------------

(128)

الطعن رقم 3973 لسنة 33 القضائية

أ - دعوى - صفة في الدعوى - (هيئة قضايا الدولة) (مرافعات)
الخطأ المادي البحت الذي تقع فيه هيئة قضايا الدولة عند مباشرتها لإجراءات الطعن. متعلقاً بأسماء الأشخاص الاعتبارية العامة التي تنوب عنها الهيئة - لا يؤثر بأي حال من الأحوال على صفة من تمثلها الهيئة بالفعل - أساس ذلك: تنوب الهيئة عن الدولة بكافة شخصياتها الاعتبارية العامة فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها - نتيجة ذلك: إذا ورد اسم الشخص الاعتباري العام الذي تنوب عنه الهيئة في صحيفة الطعن مشوباً بخطأ مادي فإن هذا الخطأ لا يؤثر على الصفة ولا يؤدي إلى اعتبار الطعن مرفوعاً من غير ذي صفة - تطبيق.
ب - عاملون مدنيون بالدولة - مرتب - بدلات - بدل التفرغ للمهندسين الزراعيين.
قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 218 لسنة 1976 بمنح جميع المهندسين الزراعيين أعضاء نقابة المهن الزراعية الذين يتقرر شغلهم لوظائف تقتضي التفرغ وعدم مزاولة المهنة في الخارج بدل تفرغ - صدور قرار وزير الزراعة رقم 5661 لسنة 1976 بتحديد الوظائف التي يستحق شاغلوها البدل - صرف بدل تفرغ المهندسين الزراعيين لمستحقيه فعلاً اعتباراً من أول ابريل سنة 1976 يؤكد توافر الاعتماد المالي اللازم للتنفيذ - القرار الصادر ببدل التفرغ قد استقام واكتملت أركانه بتوافر الصرف المالي بدءاً من 1/ 4/ 1976 بعد تمام الارتباط فعلاً بالمبلغ اللازم لصرف هذا البدل، ونظائره - نتيجة ذلك: لا يجوز إلغاء هذا الارتباط بناء على توصية من مجلس الوزراء ولا تحول هذه التوصيات أو التوجيهات أياً كان مصدرها دون ترتيب آثار القرار على أي وجه - يؤكد استحقاق هذا البدل سبق صرفه في صورة حوافز أو مكافآت تشجيعية لا تستجمع أركان هذه المكافأة أو عناصرها بل لا تعدو في حقيقتها أن تكون بدل التفرغ بذات فئته وقاعدة استحقاقه تحت مسمى آخر - أحقية المهندسين الزراعيين المتوافر فيهم شروط استحقاق البدل في صرفه اعتباراً من 1/ 4/ 1976 على أن يستنزل من متجمده ما صرف بذات فئته تحت مسمى آخر من مكافأة أو حوافز إذ لا يعدو في حقيقته أن يكون البدل ذاته بمسمى آخر - الحق في متجمد البدل يقتصر على السنوات الخمس السابقة على رفع الدعوى مخصوماً منه ما صرف خلالها من مكافآت أو حوافز بديلة لهذا البدل بذات فئته وقاعدة استحقاقه - تطبيق.(1)


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 24/ 8/ 1987 أودعت هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد برقم 3973 لسنة 32 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 25/ 6/ 1987 في الطعن رقم 317 لسنة 18 قضائية استئناف والقاضي بعدم قبول الطعن شكلاً مع إلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات، وطلب السيد المستشار رئيس هيئة مفوضي الدولة في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المدعية وإلزامها المصروفات.
وقدم مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهى فيه إلى أنه يرى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المدعية وإلزامها المصروفات.
ونظرت دائرة فحص الطعون الطعن بجلسة 28/ 1/ 1991 وقررت إحالته إلى هذه المحكمة التي نظرته بجلسة 24/ 3/ 1991 وقررت بعد أن استمعت إلى ملاحظات ذوي الشأن إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 6/ 2/ 1985 أقامت المدعية السيدة/ ....... الدعوى رقم 623 لسنة 32 القضائية أمام المحكمة الإدارية بالإسكندرية بالصحيفة المودعة بقلم كتابها والتي اختصمت فيها وزير الزراعة ووزير المالية ومحافظ الإسكندرية ورئيس القطاع الزراعي بمحافظة الإسكندرية ومدير الإدارة العامة للتقاوي بمحافظة الإسكندرية، وطلبت في ختامها الحكم بأحقيتها في صرف بدل التفرغ المقرر للمهندسين الزراعيين اعتباراً من 1/ 1/ 1978 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وإلزام المدعى عليهم بالمصروفات، وأسست المدعية دعواها على أنها حاصلة على بكالوريوس الزراعة عام 1975 ومقيدة بنقابة المهن الزراعية تحت رقم 122523 لسنة 1975 وتشغل وظيفة مفتشة تقاوي بالإدارة العامة للتقاوي بمحافظة الإسكندرية وتوافرت فيها شروط استحقاق بدل التفرغ المقرر للمهندسين الزراعيين طبقاً لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 218/ 1976 وقرار وزير الزراعة رقم 5661/ 1976، وقد تم صرف لها هذا البدل شهرياً اعتباراً من 1/ 10/ 1976 حتى فوجئت بإيقاف صرفه اعتباراً من 1/ 1/ 1978 دون مبرر قانوني ومن ثم انتهت المدعية إلى طلب الحكم بطلباتها السالفة.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها أشارت فيها إلى عدم توافر الاعتمادات المالية اللازمة لصرف بدل التفرغ المشار إليه، وبذلك افتقد هذا البدل الشرط الأساسي لوضعه موضع التنفيذ مما يتعين معه رفض الدعوى.
وبجلسة 18/ 3/ 1986 قضت المحكمة الإدارية بالإسكندرية بأحقية المدعية في تقاضى بدل التفرغ المقرر للمهندسين الزراعيين بالفئات المحددة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 218/ 1976 مع صرف الفروق المالية اعتباراً من 6/ 2/ 1980 طبقاً لما هو مبين بأسباب هذا الحكم وألزمت الجهة الإدارية المصروفات، وأسست المحكمة حكمها على أن الثابت أن الجهة الإدارية قامت بتدبير الاعتماد المالي اللازم لصرف بدل التفرغ للمهندسين الزراعيين اعتباراً من 1/ 10/ 1976 حتى 31/ 12/ 1977 حسبما هو مستفاد من كتاب وكيل أول الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة المركزية لترتيب الوظائف إلى وكيل أول وزارة المالية للموازنة العامة للدولة المؤرخ في 15/ 9/ 1979 الذي طلب فيه تدبير الاعتماد المالي اللازم للصرف، وما هو مستفاد من كتاب وزير المالية المؤرخ في 24/ 4/ 1977 إلى وزير الزراعة والري الذي تضمن الموافقة على صرف البدل اعتباراً من أول إبريل سنة 1977، وقامت مديريات الزراعة بالأقاليم بصرف البدل للمهندسين الزراعيين المستحقين له حتى 31/ 12/ 1977 الأمر الذي يثبت توافر الاعتماد المالي المطلوب أما تدبيره في السنوات المقبلة فهو مسئولية جهة الإدارة احتراماً لقراراتها، وأضافت المحكمة أنه تتوافر في المدعية شروط صرف هذا البدل اعتباراً من تاريخ وقف صرفه مع مراعاة أحكام التقادم الخمس الأمر الذي تستحق معه الفروق المالية لمدة خمس سنوات فقط سابقة على رفع الدعوى المقامة في 6/ 2/ 1985 مع خصم ما تم الحصول عليه من مكافآت العمل الإضافي أو الجهود غير العادية، ومن ثم انتهت المحكمة الإدارية بالإسكندرية إلى إصدار حكمها المتقدم.
وفي 17/ 5/ 1986 طعنت هيئة قضايا الدولة في هذا الحكم نائبة عن المحافظ ووزير الزراعة ووزير المالية أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بهيئة استئنافية وقيد الطعن برقم 317 لسنة 18 قضائية استئناف، وطلبت في ختام تقرير طعنها الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعية بالمصروفات، استناداً إلى أنه من المقرر أن القرارات التنظيمية العامة في شأن الموظفين العموميين لا تكون نافذة قانوناً إلا باعتماد المال اللازم لتنفيذها وهو الشرط الذي افتقدته القرارات التنظيمية الصادرة بشأن بدل التفرغ، فضلاً عن صدور توجيهات السيد رئيس الجمهورية بعدم صرف بدلات التفرغ للمهنيين.
وبجلسة 25/ 6/ 1987 قضت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بعدم قبول الطعن شكلاً وألزمت الجهة الطاعنة المصروفات وأسست حكمها على أن الحكم المطعون فيه صدر ضد محافظ الإسكندرية باعتباره صاحب الصفة في التقاضي وكان يتعين رفع الطعن فيه دون سواه بوصفه صاحب الصفة في الطعن وإذ رفع الطعن من وزير الزراعة ووزير المالية فإنه يكون قد رفع من غير ذي الصفة الأصيل في الطعن مما يتعين معه الحكم بعدم قبوله شكلاً.
ولقد طعن السيد المستشار رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم وأسس طعنه على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون استناداً أولاً: إلى الثابت من صحيفة الطعن المقام من هيئة قضايا الدولة أمام محكمة القضاء الإداري أنها أقامته نيابة عن محافظ الإسكندرية ووزير الزراعة ووزير المالية، وسقطت كلمة "الإسكندرية" بعد كلمة "محافظ" إلا أن سقوطها لا يغير من الحقيقة شيئاً باعتبار أن الطعن مقام من المحافظ المختص وهو أمر يسهل تبينه وهذا السقوط هو من قبيل السهو الذي يمكن تداركه، وفضلاً عن ذلك فإن هيئة قضايا الدولة التي رفعت الطعن تنوب عن هؤلاء جميعاً محافظ الإسكندرية ووزير الزراعة ووزير المالية وجميعهم من الخصوم ذوي الشأن في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، فوزارة المالية لها صفة أصلية في النزاع باعتبار أن المنازعة تدور حول توافر الاعتمادات المالية اللازمة لتنفيذ القرارات التنظيمية الصادرة بصرف بدل التفرغ، وتلتزم هذه الوزارة بتدبير الاعتماد المالي اللازم للتنفيذ كما أن وزير الزراعة له صفة في هذا النزاع المتعلق بالمهندسين الزراعيين وكان خصماً في الدعوى مع وزير المالية ولها بالتالي صفة في الطعن على الحكم الصادر فيها، ثانياً: عن موضوع بدل التفرغ فإن مجلس الوزراء أصدر قراراً في 13/ 4/ 1978 بوقف صرف بدلات التفرغ للمهنيين نظراً لعدم تمكن وزارة المالية من تدبير الاعتمادات المالية اللازمة للصرف وبذلك يتعين رفض دعوى المدعية لعدم استنادها على أساس صحيح، ومن ثم انتهى رئيس هيئة المفوضين في تقرير الطعن الماثل إلى طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المدعية وإلزامها المصروفات.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من أوجه الطعن والذي ينعى فيه الطاعن على الحكم المطعون فيه ما قضى به من عدم قبول الطعن - أو الاستئناف - شكلاً لرفعه من غير ذي صفة، فإن قضاء هذه المحكمة جرى على أن الخطأ المادي البحت الذي تقع فيه إدارة قضايا الحكومة - هيئة قضايا الدولة عند مباشرتها لإجراءات الطعن، والذي يشوب صحيفة الطعن، متعلقاً بأسماء الأشخاص الاعتبارية العامة التي تنوب عنها هيئة قضايا الدولة، لا يؤثر بأي حال من الأحوال على صفة من تمثلها بالفعل، فالهيئة تنوب عن الدولة بكافة شخصياتها الاعتبارية العامة فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها طبقاً للمادة السادسة من قانون هيئة قضايا الدولة الصادر بالقانون رقم 75/ 1963، فإذا ما ورد اسم الشخص الاعتباري العام الذي تنوب عنه الهيئة في صحيفة الطعن مشوباً بخطأ مادي بحت فإنه لا يؤثر على صفته فلا يؤدي إلى اعتبار الطعن مرفوعاً من غير ذي صفة.
ومن حيث إنه على هذا المقتضى ولما كان الثابت في الطعن الماثل أن هيئة قضايا الدولة أقامت أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية الطعن رقم 317 لسنة 18 قضائية استئناف وأشارت في صدر صحيفة هذا الاستئناف أنها تقيم الطعن نائبة عن "السيد محافظ........ ووزير الزراعة ووزير المالية "ضد........ في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بالإسكندرية في الدعوى رقم 623 لسنة 32 قضائية المقامة من المستأنف ضدها ضد المستأنفين، والثابت أن المدعية اختصمت أمام المحكمة الإدارية بالإسكندرية كلاً من محافظ الإسكندرية، ووزير الزراعة ووزير المالية وآخرين، وقد صدر حكم هذه المحكمة لصالح المدعية ضد المدعى عليهم المذكورين جميعاً وخاصة محافظ الإسكندرية ووزير الزراعة ووزير المالية، فإنه من المقطوع به أن الخطأ الذي وقعت فيه هيئة قضايا الدولة في صحيفة الاستئناف المشار إليه وهي بصدد ذكر المستأنفين الذين تنوب عنهم في هذا الاستئناف وهو محافظ الإسكندرية ووزير الزراعة ووزير المالية هو مجرد خطأ مادي بحت لا يؤثر في حقيقة رفعها هذا الطعن نائبة عن محافظ الإسكندرية، رغم سقوط كلمة "الإسكندرية" على النحو المبين سالفاً، خاصة مع ما هو واضح في صحيفة هذا الاستئناف أن الحكم المستأنف هو الصادر في الدعوى المشار إليها ضد محافظ الإسكندرية ووزير الزراعة ووزير المالية الأمر الذي يزيل أي لبس في حقيقة أن الطاعن الأول هو محافظ الإسكندرية، وبالتالي لا يؤثر مثل هذا الخطأ المادي البحت في صفات الطاعنين ولا يحول دون قبول الطعن شكلاً باعتباره مقاماً من أصحاب الصفة فيه.
وفضلاً عن ذلك فإن وزير المالية يعد من أصحاب الصفة أيضاً في هذا النزاع وهو المنوط به اتخاذ الإجراءات اللازمة لتدبير الاعتماد المالي المتعلق ببدل التفرغ والذي ثار الخلاف حول مدى توافره في النزاع الماثل باعتباره شرطاً لنفاذ القرارات التنظيمية العامة الصادرة بشأن بدل التفرغ المشار إليه، كما تتوافر أيضاً في وزير الزراعة الصفة في النزاع الماثل هو الذي أصدر القرار التنظيمي العام رقم 5661 لسنة 1976 بشأن بدل التفرغ المشار إليه، وأثير الخلاف حول نفاذه من عدمه.
ومن حيث إنه من ناحية أخرى فإن المادة (211) من قانون المرافعات المدنية والتجارية نصت على أنه "لا يجوز الطعن في الأحكام إلا من المحكوم عليه...." وعلى ذلك وقد كان وزير الزراعة ووزير المالية من أطراف الخصومة المشار إليها وقد صدر الحكم المطعون فيه ضدهما - مع محافظ الإسكندرية - فلا ريب تتوافر فيهما الصفة للطعن في هذا الحكم.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه الصادر من محكمة القضاء الإداري قد انتهى إلى عدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه من غير ذي صفة استناداً إلى أن الاستئناف أقيم من وزير الزراعة ووزير المالية فقط دون محافظ الإسكندرية، وهو ما تبين فساد أساسه برمته على النحو السالف، فإن هذا الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وخالفه الأمر الذي يجعله خليقاً بالإلغاء.
ومن حيث إنه عن الوجه الثاني من أوجه القانون والمتعلق ببدل التفرغ ذاته، فإن قضاء هذه المحكمة جرى على أن رئيس مجلس الوزراء، بموجب التفويض الممنوح له بقرار رئيس الجمهورية رقم 619 لسنة 1975، أصدر القرار رقم 218 لسنة 1976 بمنح جميع المهندسين الزراعيين أعضاء نقابة المهن الزراعية الذين يتقرر شغلهم لوظائف تقتضي التفرغ وعدم مزاولة المهنة في الخارج، بدل تفرغ، بالكامل بالفئات المقررة بالمادة الأولى من هذا القرار على أن يصدر الوزير المختص بالاتفاق مع الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة قرار للتحديد تلك الوظائف، وأن وزير الزراعة بالاتفاق مع هذا الجهاز أصدر القرار رقم 5661/ 1976 بتحديدها، وقد أطرد قضاء هذه المحكمة على أن القرار الإداري إذا انطوى على قواعد تنظيمية عامة وكان من شأنه ترتيب أعباء وإليه لا ينتج أثره حالاً ومباشرة إلا إذا كان ذلك ممكناً أو متى أصبح كذلك بوجود الاعتماد المالي اللازم لتنفيذه، وإن الثابت أنه تم صرف هذا البدل فعلاً لمستحقيه وفقاً لأحكام القرارين المشار إليهما اعتباراً من الأول من أبريل سنة 1977 مما يؤكد توافر الاعتماد المالي اللازم للتنفيذ إلى أن أوقف الصرف بتوجيهات من مجلس الوزراء بعدم صرف بدلات تفرغ لأي من قطاعات المهنيين مع اقتراح صرف حوافز عوضاً عنها، ومن ثم يكون القرار الصادر بهذا البدل قد استقام واكتملت أركانه بتوافر المصرف المالي بدءاً من الأول من أبريل عام 1977، يؤكد ذلك ويسانده قضاء هذه المحكمة الصادر بجلسة 18 من ديسمبر عام 1988 في الطعنين رقمي 2214 و2313 لسنة 31 القضائية عليا فيما انطوت عليه مدوناته من أنه تم الارتباط فعلاً بالمبلغ اللازم لصرف هذا البدل ونظائره وأن إلغاء هذا الارتباط كان بناءً على توصية من مجلس الوزراء ولا شأن له باعتبارات مالية. ومن ثم فإن بدل التفرغ المقرر للمهندسين الزراعيين إذ صدر بأداته القانونية السليمة واستقام على صحيح سنده مستكملاً سائر أركانه ومقوماته متوافراً على اعتماداته اعتباراً من الأول من إبريل 1977، فقد أضحى متعين التنفيذ قانوناً بدءاً من هذا التاريخ لا تحول دون نفاذه أو ترتيب آثاره أية توجيهات أياً كان مصدرها طالما لم يتقرر بأداة قانونية صحيحة إلغاءه أو تعديله أو الحيلولة دون ترتيب آثاره على أي وجه، وأنه مما يؤكد استحقاق هذا البدل صرفه في صورة حوافز أو مكافآت تشجيعية لا تستجمع أركان هذه المكافأة أو عناصرها بل لا تعدو في حقيقتها أن تكون بدل التفرغ بذات فئته وقاعدة استحقاقه تحت مسمى آخر.
ومن حيث إنه متى كان ذلك وكان الثابت بالأوراق بلا منازعة من الجهة الإدارية أن المدعية حاصلة على بكالوريوس زراعة ومقيدة بنقابة المهن الزراعية وتشغل وظيفة مفتش تقاوي وهي من الوظائف المشار إليها بقرار وزير الزراعة رقم 5661 لسنة 1976 فإنه يتوافر في حقها شروط استحقاق هذا البدل.
ومن حيث إنه ولئن استحق هذا البدل اعتباراً من التاريخ المذكور إلا أنه متى ثبت أنه صرف بذات فئته وقاعدة استحقاقه تحت مسمى آخر من مكافأة أو حافز فقد غدا متعيناً أن يستنزل عن متجمده ما صرف بهذا الوصف إذ لا يعدو في حقيقته أن يكون البدل ذاته بمسمى آخر.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن التقادم الخمسي فيما يختص بالماهيات وما في حكمها مما تقضي به المحكمة من تلقاء ذاتها، عند توافر شرائطه، وإذ أقيمت الدعوى بتاريخ 6/ 2/ 1985 فإن الحق في متجمد البدل يضحى مقصوراً على السنوات الخمس السابقة على هذا التاريخ مخصوماً منه ما صرف خلال ذات مدة تلك السنوات الخمس من مكافأة أو حوافز بديلة لهذا البدل بذات فئته وقاعدة استحقاقه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبتعديل حكم المحكمة الإدارية بالإسكندرية ليكون بأحقية المدعية في صرف بدل التفرغ المقرر للمهندسين الزراعيين الصادر به قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 218/ 1976 وقرار وزير الزراعة رقم 5661 لسنة 1976 اعتباراً من 6/ 2/ 1980 مخصوماً منه ما صرف من مكافأة أو حوافز بديلة لهذا البدل بذات فئته وقاعدة استحقاقه، وألزمت طرفي الخصومة المصروفات مناصفة.


[(1)] يراجع الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 2214 و2313 لسنة 31 القضائية بجلسة 18 من ديسمبر سنة 1988.

الطعن 387 لسنة 27 ق جلسة 10 / 1 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 10 ص 100

جلسة 10 من يناير سنة 1963

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة, وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي, ومحمد عبد اللطيف مرسي, وأميل جبران, ومحمد ممتاز نصار.

-----------------

(10)
الطعن رقم 387 لسنة 27 القضائية

(أ) نقض. "إعلان الطعن". بطلان.
إغفال المحضر إثبات بعض البيانات اللازمة في صورة الإعلان مما يترتب عليه البطلان, إلا أنه متى كان تقرير الطعن بالنقض قد تم في الميعاد وقدم المطعون عليه دفاعه في الميعاد القانوني فلا يجوز له التمسك بهذا البطلان طالما أنه لم يبين وجه مصلحته في التمسك به.
(ب) دعوى "نطاق الدعوى". "وصف السرعة". استئناف. "ميعاد رفع الاستئناف".
المناط في تحديد الدعاوى التي ترفع على وجه السرعة هو أمر الشارع لا تقدير المحكمة ولا إرادة الخصوم. دعاوى السندات الإذنية ليست من الدعاوى التي تنظر على وجه السرعة وإن لم تكن تخضع لنظام التحضير. أفرد الشارع حكماً خاصاً لمواعيد الاستئناف: ميعاد الاستئناف في الأوراق التجارية عشرون يوماً وفي المواد التي يوجب القانون الفصل فيها على وجه السرعة عشرة أيام.

--------------
1 - إذا كان إغفال المحضر إثبات بعض البيانات اللازمة في صورة الإعلان مما يترتب عليه بطلانه عملاً بالمواد 10 و12 و24 من قانون المرافعات إلا أنه متى كان تقرير الطعن قد تم في الميعاد وكان المطعون عليه قد قدم دفاعه في الميعاد القانوني فإنه لا يجوز له التمسك بهذا البطلان طالما أنه لم يبين وجه مصلحته في التمسك به على ما جري به قضاء محكمة النقض.
2 - المناط في تحديد الدعاوى التي ترفع على وجه السرعة وهو أمر الشارع وليس تقدير المحكمة ولا إرادة الخصوم. وإذا كان القانون قد أدرج دعاوى السندات الإذنية في المادة 118 من قانون المرافعات - قبل تعديلها (1) - ضمن الدعاوى التي لا تخضع لنظام التحضير ورتب على ذلك أحكاماً أخرى, إلا أنه أفرد حكماً خاصاً لمواعيد الاستئناف فنص في المادة 402 من قانون المرافعات - قبل تعديلها - على أن ميعاد رفع الاستئناف في دعاوى الأوراق التجارية هو عشرون يوماً وعشرة أيام في المواد المستعجلة والمواد التي يوجب القانون الفصل فيها على وجه السرعة, ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر الدعوى المرفوعة بموجب سند إذني من الدعاوى التي تنظر على وجه السرعة وأن ميعاد استئناف الحكم الصادر فيها هو عشرة أيام, يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن وقائع النزاع تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الطاعن أقام الدعوى 166 سنة 1956 كلي شبين الكوم بصحيفة معلنة في 30 من إبريل سنة 1956 طلب فيها إلزام المطعون عليه بمبلغ ثلاثمائة جنيه بموجب سند إذني تاريخه 22 يونيه سنة 1955 - وقد طعن المدعى عليه (المطعون عليه) في هذا السند بالتزوير. وأصدرت محكمة شبين الكوم الابتدائية حكمها في 23 مايو سنة 1957 برد وبطلان السند واعتباره كأن لم يكن - وبرفض الدعوى مع إلزامه بالمصاريف وبمبلغ 400 قرش مقابل أتعاب المحاماة - وقد أعلن هذا الحكم إلى الطاعن في 25 يونيه سنة 1957 فاستأنفه لدى محكمة استئناف طنطا بتكليف بالحضور أعلن إلى المطعون عليه في 16 يوليه سنة 1957 وطلب إلغاء الحكم المستأنف والحكم بإلزام المستأنف علية (المطعون عليه) بمبلغ 300 قرش والمصاريف والأتعاب عن الدرجتين وقيد الاستئناف برقم 153 سنة 7 ق مدني - وقد دفع المستأنف عليه (المطعون عليه) بعدم قبول الاستئناف لتقديمه بعد الميعاد وأصدرت محكمة الاستئناف حكمها في 2 أكتوبر سنة 1957 بعدم قبول الاستئناف شكلاً لتقديمه بعد الميعاد وسقوط حق المستأنف فيه مع إلزامه بالمصروفات - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وذلك بتقرير مؤرخ 28 نوفمبر سنة 1957 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فأصدرت قرارها بإحالة الطعن إلى الدائرة المدنية والتجارية وبعد استيفاء الإجراءات اللاحقة لقرار الإحالة حدد لنظر الطعن أمام هذه الدائرة جلسة 27 ديسمبر سنة 1962 وفيها صممت النيابة على مذكرتها المتضمنة طلب نقض الحكم.
وحيث إن المطعون عليه دفع في مذكرته بعدم قبول الطعن شكلاً استناداً إلى أن صورة إعلان تقرير الطعن المسلمة إليه في 24 يناير سنة 1961 لم يبين فيها المحضر اسم المحكمة التي يعمل بها كما أن أسم هذا المحضر لا يمكن قراءته للتحقق من صفة الشخص الذي باشر الإعلان ومدى اختصاصه بإجرائه وكذلك لم يبين في هذه الصورة المقدمة من المطعون عليه الساعة التي تم فيها الإعلان. ولم يثبت المحضر فيها غياب المطعون عليه وقت الإعلان وأن زوجته التي استلمت صورة الإعلان تقيم معه لأن شرط الإعلان إلى أحد أقارب المعلن إليه أن يكون مقيماً معه عند غيابه وقت الإعلان وقد أوجب القانون على المحضر أن يبين بالتفصيل في أصل الإعلان وصورته كل البيانات وإلا كان الإجراء باطلاً وانتهى المطعون عليه من ذلك أن إعلان تقرير الطعن قد وقع باطلاً مما يترتب عليه بطلان الطعن.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأنه وإن كان إغفال المحضر إثبات بعض البيانات اللازمة في صورة الإعلان مما يترتب عليه بطلان الإعلان عملاً بالمواد 10 و12 و24 من قانون المرافعات إلا أنه متى كان إعلان تقرير الطعن قد تم في الميعاد وكان المطعون عليه قد قدم دفاعه في الميعاد القانوني فإنه لا يجوز له التمسك بهذا البطلان طالما أنه لم يبين وجه مصلحته في التمسك به - على ما جري به قضاء هذه المحكمة.
وحيث إن الطعن قد استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه خالف القانون - ذلك أنه أسس قضاءه بعدم قبول الاستئناف شكلاً لتقديمه بعد الميعاد على أن دعاوى السندات الإذنية يفصل فيها على وجه السرعة ويكون ميعاد استئناف الأحكام التي تصر فيها هو عشرة أيام من تاريخ الحكم - وهذا غير صحيح - لأن قانون المرافعات لم ينص في أي مادة من مواده على أن دعاوى السندات الإذنية تنظر على وجه السرعة - وقد خلطت محكمة الاستئناف بين طريقة رفع الاستئناف وميعاد رفعه - وقد حددت المادة 118 مرافعات الدعاوى التي ترفع مباشرة إلى المحكمة ولا تعرض على التحضير ومن بينها دعاوى السندات الإذنية. وهذه الدعاوى يرفع الاستئناف عن الأحكام الصادرة فيها بتكليف بالحضور عملاً بالمادة 405 مرافعات.
وحيث إن هذا النعي صحيح - ذلك أن القانون وإن كان قد أدرج دعاوى السندات الإذنية في المادة 118 مرافعات - قبل تعديلها - ضمن الدعاوى التي لا تخضع لنظام التحضير ورتب على ذلك أحكاماً خاصة إلا أنه أفرد حكماً خاصاً لمواعيد الاستئناف فنصت المادة 402 مرافعات قبل تعديلها بالقانون 100 لسنة 1962 على أنه "ما لم ينص القانون على خلاف ذلك يكون ميعاد الاستئناف عشرين يوماً لأحكام المواد الجزئية وأربعين لأحكام المواد الابتدائية - وينقص هذان الميعادان إلى النصف في مواد الأوراق التجارية - ويكون الميعاد عشرة أيام في المواد المستعجلة والمواد التي يوجب القانون الفصل فيها على وجه السرعة أياً كانت المحكمة التي أصدرت الحكم" ولما كان الثابت من الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه أن الدعوى رفعت بموجب سند إذني مؤرخ 22 يونيه سنة 1956 بموجب صحيفة معلنة في 30 إبريل سنة 1956 - وكان المناط في تحديد الدعاوى التي ترفع على وجه السرعة هو أمر الشارع وليس تقدير المحكمة ولا إرادة الخصوم - وكان القانون قد حدد ميعاداً خاصاً لرفع الاستئناف في دعاوى الأوراق التجارية وهو عشرون يوماً. لما كان ذلك, فإن ما جرى به قضاء الحكم المطعون فيه من اعتبار الحكم الابتدائي صادراً في إحدى الدعاوى التي تنظر على وجه السرعة واعتبار ميعاد استئنافه هو عشرة أيام وما رتبه على ذلك من عدم قبول الاستئناف شكلاً يكون مخالفاً للقانون بما يستوجب نقضه.


(1) تلاحظ التعديلات المستحدثة بالقانون رقم 100 لسنة 1962.

الطعن 982 لسنة 33 ق جلسة 12 / 5 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 127 ص 1223

جلسة 12 من مايو سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فؤاد عبد العزيز عبد الله رجب - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ حسن حسنين علي حسنين ومحمد يسري زين العابدين عبد الله والطنطاوي محمد الطنطاوي وفريد نزيه حكيم تناغو – المستشارين.

-----------------

(127)

الطعن رقم 982 لسنة 33 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - المعاش.
القانون رقم 79 لسنة 1975 بشأن التأمين الاجتماعي معدلاً بالقانون رقم 93 لسنة 1980 - وسع المشرع التأميني من مفهوم أجر الاشتراك فأجاز حساب المدة التي يؤدي عنها اشتراكاً محسوباً بالإنتاج أو العمولة - حدد المشرع إطار هذا التوسع فجعل لكل من المعاش المحسوب عن الأجر حدوداً والمعاش المحسوب عن الحوافز حدوداً أخرى ثم حدد لكليهما إطار هو عدم مجاوزة الحد الأقصى للمعاش المحدد قانوناً - نتيجة ذلك: مدة الاشتراك المحسوبة عن حوافز الإنتاج يتعين ألا تجاوز مدة تطبيق نظام الحوافز بالجهة التي يعمل بها العامل أو مدة اشتراكه في التأمين أيهما أقل - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 15/ 2/ 1987 أودع الأستاذ/ حسين حلمي المحامي بصفته وكيلاً عن السيدين/ ...... و...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 982 لسنة 33 القضائية طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 24/ 12/ 1986 في الدعوى رقم 924 لسنة 35 القضائية المقامة من الطاعنين ضد رئيس مجلس إدارة هيئة التأمين والمعاشات، والذي قضى برفض الدعوى بلا مصروفات.
وطلب الطاعنان للأسباب الواردة بتقرير الطعن قبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والحكم بأحقيتهما في شراء مدة عشر سنوات مدة سابقة حتى يسري في حقهم حكم المادة 30 مكرر من القانون رقم 93 لسنة 1980 وليحاسبوا على حقوقهم التأمينية كاملة.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثانية" حيث حددت لنظره أمامها جلسة 3/ 3/ 1991 واستمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن، وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 3/ 2/ 1981 أقام السادة/ ..... و..... و..... و.... الدعوى رقم 942 لسنة 35 القضائية ضد وزيرة التأمينات الاجتماعية ورئيس مجلس إدارة هيئة التأمين والمعاشات ووزير المالية، طلبوا فيها إلغاء قرار الهيئة العامة للتأمين والمعاشات الذي يقضي بعدم اشتراكهم عن المدة السابقة لتصل مدة اشتراكهم خمسة عشر سنة قبل 31/ 12/ 1980، إعمالاً لحكم المادة 30 مكرراً المعدلة بالقانون رقم 79 لسنة 1975 حتى يحصلوا على حقوقهم التأمينية كاملة مع إلزام المدعى عليهم المصروفات.
وقالوا شرحاً لدعواهم أن القانون رقم 79 لسنة 1975 بشأن التأمين الاجتماعي صدر وقد نص على إمكان حساب حوافز الإنتاج للعاملين بالجهاز الإداري للدولة بشروط معينة ضمن أجر الاشتراك، وفي سنة 1976 وافقت الهيئة العامة للتأمين والمعاشات على ضم الحوافز التي تصرف للعاملين بمصلحة الضرائب إلى أجر الاشتراك الذي يتم حساب المعاش على أساسه وبأثر رجعي اعتباراً من 1/ 9/ 1975 تاريخ نفاذ القانون رقم 79 لسنة 1975، ولما كانوا قد نقلوا إلى مصلحة الضرائب سنة 1975 فقد قامت المصلحة المشار إليها بخصم المبالغ المستحقة عن اشتراكهم في الحوافز إعمالاً لأحكام القانون. وذكر المدعون أنه إعمالاً لحكم المادة 30 مكرراً المضافة للقانون رقم 79 لسنة 1975 المشار إليه، وطبقاً للقانون رقم 93 لسنة 1980، تقدموا إلى مصلحة الضرائب بطلبات للاشتراك عن المدة السابقة، حتى تكون مدة الاشتراك خمسة عشر عاماً حتى 31/ 12/ 1980 لكي يحاسب كل شخص على حوافز الإنتاج كاملاً، إلا أن مصلحة الضرائب امتنعت عن حساب المبالغ التي يتعين عليهم سدادها لشراء المدة تأسيساً على أن التعليمات تقضي بضرورة أن يكون العامل موجوداً بالمصلحة خلال الفترة المطلوب حسابها لاستكمال مدة خمسة عشر سنة، وأضاف المدعون أن حوافز الإنتاج لم يكن لها وجود على الإطلاق في جميع الأجهزة الإدارية للدولة، ولم يتقرر هذا الحق إلا ابتداءً من 1/ 9/ 1975 تاريخ نفاذ القانون رقم 79 لسنة 1975، وهذا ما تؤكده الأعمال التحضيرية للقانون التي تضمنت إمكان الاشتراك بأثر رجعي، إلا أن لجنة فض المنازعات بالهيئة العامة للتأمين والمعاشات ارتأت في 11/ 12/ 1980 عدم أحقية المدعين في ضم مدة اشتراك محسوبة في المعاش تزيد على المدة السابقة على نقلهم إلى مصلحة الضرائب.
وبجلسة 24/ 12/ 1986 حكمت المحكمة برفض الدعوى بلا مصروفات وأسست المحكمة قضاءها على أن المدعين نقلوا إلى مصلحة الضرائب سنة 1975، وكانوا قبل نقلهم بجهات لا تطبق نظام الحوافز الذي يطالبون بالاشتراك عنه.
ومن حيث إن الطعن يتأسس على أن الحكم خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، نظراً لأن نظام الحوافز لم تعرفه الأجهزة الإدارية للدولة إلا سنة 1975، وأن مصلحة الضرائب أيضاً لا تعرفه إلا من التاريخ المشار إليه ولو كان موجوداً قبل هذا التاريخ ما احتاج الأمر إلى نص لشراء مدة عشر سنوات سابقة، ولما سويت معاشات من تركوا الخدمة سنة 1975 دون اشتراك عن الحوافز لأنها كانت غير موجودة.
ومن حيث إن المشرع التأميني وسع مفهوم أجر الاشتراك بحيث أجاز حساب المدة التي يؤدي عنها اشتراكاً محسوباً بالإنتاج أو العمولة، وفي مقام تنظيم ذلك أضاف إلى قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 نص المادة 30 مكرراً (بالقانون رقم 93 لسنة 1980) الذي يقضي بأن:
"يحسب المعاش أو تعويض الدفعة الواحدة للمؤمن عليهم من غير الخاضعين للبند (3) من المادة (19) الذين يتقاضون أجورهم بالمدة وبالإنتاج أو بالعمولة أو الوهبة وفقاً للآتي:
( أ ) يحسب المعاش أو التعويض على أساس مدة الاشتراك في التأمين التي أدى عنها الاشتراك عن الأجر محسوباً بالمدة قائماً بذاته.
(ب) يحسب المعاش أو التعويض على أساس مدة الاشتراك في التأمين التي أدي عنها الاشتراك عن الأجر محسوباً بالإنتاج أو بالعمولة أو الوهبة قائماً بذاته.
(ج) يربط للمؤمن عليه معاش أو تعويض بحسب الأحوال بمجموع المعاش أو التعويض المشار إليهما في البندين السابقين وذلك مع مراعاة حكم الفقرة الأخيرة من المادة (20) (الحد الأقصى للمعاش).
ونصت الفقرة الثانية من المادة 34 على أنه:
"يجوز للمؤمن عليه الذي يتقاضى أجره بالمدة وبحوافز الإنتاج أن يطلب زيادة مدة اشتراكه في التأمين المحسوبة عن حوافز الإنتاج بمدة لا تتجاوز مدة تطبيق نظام الحوافز بالجهة التي يعمل بها أو مدة اشتراكه في التأمين أيهما أقل.......".
والبين من النصين المشار إليهما أن المشرع قد وسع من مفهوم أجر الاشتراك وقد حدد إطار هذا التوسع بحيث جعل لكل من المعاش المحسوب عن الأجر حدوداً والمعاش المحسوب عن الحوافز حدوداً أخرى، ثم حدد لكليهما إطاراً هو عدم مجاوزة الحد الأقصى للمعاش المحدد بنص المادة 20 من القانون رقم 79 لسنة 1975.
ومن حيث إنه متى كان ذلك فإن مدة الاشتراك المحسوبة عن حوافز الإنتاج يتعين ألا تجاوز مدة تطبيق نظام الحوافز بالجهة التي يعمل بها أو مدة اشتراكه في التأمين أيهما أقل، وبالنظر إلى أن الطاعنين وقد ثبت أنهما نقلا إلى مصلحة الضرائب سنة 1975، ولم يكن لهما مدة عمل سابقة على مدة عملهم بمصلحة الضرائب بجهات تطبق نظام حوافز الإنتاج، ومن ثم لا يحق لهما المطالبة بزيادة مدة الاشتراك المحسوبة عن حوافز الإنتاج بمدة تجاوز المدة التالية لنقلهم إلى مصلحة الضرائب.
ومن حيث إن الحكم الطعين أخد بهذا النظر، فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون، مما يتعين معه قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
ومن حيث إنه وفقاً للمادة 137 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 يعفى من الرسوم القضائية في جميع درجات التقاضي الدعاوى التي ترفعها الهيئة المختصة أو المؤمن عليهم أو المستحقون طبقاً لأحكام هذا القانون.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.

الطعن 368 لسنة 27 ق جلسة 10 / 1 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 9 ص 93

جلسة 10 من يناير سنة 1963

برياسة السيد المستشار الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد الحميد السكري، ولطفي علي، وحافظ محمد بدوي.

----------------

(9)
الطعن رقم 368 لسنة 27 القضائية

(أ) عقد "تكييف العقد". بيع. "أركانه". "الرضا بالبيع". محكمة الموضوع.
لا ينعقد البيع إلا باتفاق العاقدين على طبيعة العقد بحيث تتلاقى إرادتها في إيجاب وقبول على حصول البيع. استخلاص المحكمة استخلاصاً سائغاً قانوناً أن نية الطرفين لم تنصرف إلى البيع بل إلى اتفاقهما - وزارة التموين وشركة - على زيادة مقطوعية السكر المقرر لمصنع الشركة مقابل استيراد الأخيرة كمية من السكر من الخارج. لا مخالفة في ذلك القانون.
(ب) تموين "الاتفاق على زيادة مقطوعية السكر".
تكييف العلاقة بين الشركة ووزارة التموين بأنها اتفاق على زيادة مقطوعية السكر المقررة لمصنع الشركة لمواجهة حاجة الاستهلاك الفعلي على أن تصرف من المقادير التي تستورد فعلاً. حق الشركة في تلك الزيادة لا ينشأ إلا من يوم تحقق حاجة الاستهلاك الفعلي للمصنع لا من يوم وصول الكمية المستوردة والمخصصة للصرف.

----------------
1 - لا ينعقد البيع إلا إذا اتفق العاقدان على طبيعة العقد الذي يقصدان إبرامه بحيث يتلاقى الإيجاب والقبول على حصول البيع، فإذا كانت محكمة الموضوع قد استخلصت استخلاصاً سائغاً من الخطابين المتبادلين بين الشركة الطاعنة ووزارة التموين المطعون عليها - المفصحين عن إيجاب الشركة وقبول وزارة التموين هذا الإيجاب - ومن الظروف التي لابست التعاقد أن نية الطرفين لم تنصرف إلى البيع، بل إلى الاتفاق على زيادة "مقطوعية السكر" المقرر لمصنع الشركة مقابل استيراد الأخيرة كمية من السكر من الخارج وكانت الأسباب التي استندت إليها تبرر قانوناً هذا التكييف فإن النعي على الحكم - في هذا الخصوص - بمخالفة القانون يكون في غير محله.
2 - متى كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تكييف العلاقة بين الشركة الطاعنة ووزارة التموين بأنها اتفاق على زيادة مقطوعية السكر المقدرة لمصنع الشركة لمواجهة حاجة الاستهلاك الفعلي على أن تصرف من المقادير التي تستورد فعلاً، فإن من شأن هذا التكييف ألا يتعلق حق الشركة في تلك الزيادة نوعاً، إلا من يوم تحقق حاجة الاستهلاك الفعلي للمصنع مما ينتفي معه القول بتعليق حق الشركة بذات الكمية المستوردة - والمخصصة لذلك - وقت وصولها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع النزاع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة الطاعنة رفعت على المطعون عليها (وزارة التموين) الدعوى رقم 811 سنة 1953 كلى أمام محكمة القاهرة الابتدائية طالبة الحكم - وفق طلباتها الختامية - بإلزامها بدفع مبلغ 3200 جنيه والمصارف ومقابل أتعاب المحاماة قائلة في تبيان دعواها إن شركة الشرق الأوسط للتجارة والأقطان عرضت على المطعون عليها في 12/ 5/ 1950 استيراد خمسة آلاف طن من السكر من بلجيكا بسعر الطن خمسين جنيهاً لكنها - أي الشركة الطاعنة عرضت استيراد نفس الكمية بسعر الطن 49.750 جنيهاً مقابل قيام الوزارة بصرف خمسمائة طن من السكر المستورد لمصنع الشركة الطاعنة زيادة على مقرراتها الرسمية لمواجهة حاجة الاستهلاك الفعلي وقد ردت الوزارة على هذا العرض بالموافقة بخطاب مؤرخ 14/ 5/ 1950 جاء به "أنه لا مانع لدى الوزارة من تخصيص خمسمائة طن من الكمية المعروضة تصرف لمصنعكم علاوة على مقطوعيته المقررة في الوقت الحاضر على أثنى عشر شهراً بشرط أن يكون صرف الكمية المذكورة من المقادير التي تستورد وبنسبتها وأن يثبت من المراجعة الحسابية أن هذه الزيادة في حدود حاجة الاستهلاك الفعلي للمصنع" وتستطرد الشركة الطاعنة قائلة إن الوزارة بخطابها هذا قبلت أن تحتجز عن كل كمية ترد من الخارج عشرها لحساب الشركة على أن يكون صرف هذه الكمية المحجوزة مشروطاً بمقابلة الاستهلاك الفعلي للمصنع وبناء على ذلك تنتقل ملكية الكمية المحجوزة للشركة بمجرد وصولها إلى الميناء وإن تراخى الانتفاع بها إلى قيام حاجة المصنع وقد وردت الكميات المستوردة جميعها إلى مصر وأودعت الخمسمائة طن لحساب الشركة حيث حملتها الوزارة مصاريف نقلها وتخزينها ثم استلمت منها ثلاثمائة طن وظل باقياً لها دون استلام مائتا طن حتى فرضت الحكومة على كل طن من السكر رسم إنتاج قدره ستة عشر جنيهاً فقررت وزارة التموين سريان هذا الرسم على الكمية المتبقاه وترى الشركة الطاعنة أن الرسم لا يسرى على هذه الكمية لفرضه في تاريخ لاحق لاستيرادها - ومن ثم فلا حق للوزارة في المبلغ الذي كانت قد اقتضته من الشركة الطاعنة ويكون من حقها استرداده ومحكمة القاهرة الابتدائية قضت في 13/ 11/ 1951 برفض الدعوى فرفعت الطاعنة استئنافاً عن هذا الحكم قيد برقم 94 سنة 73 ق ومحكمة استئناف القاهرة قضت في 28 من مارس سنة 1957 بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى الدائرة المدنية والتجارية وبالجلسة المحددة لنظرة أمامها صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها.
ومن حيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ انتهى هذا الحكم إلى ما تم بين الشركة الطاعنة ووزارة التموين لا يكون عقد بيع بل هو تعهد من جانب الوزارة بزيادة مقطوعية السكر المقرر للشركة فلا تنتقل ملكية القدر المزيد إلا عند التسليم ويكون الثمن هو سعر يوم التسليم وذلك بناء على أن الشركة استلمت أربعمائة طن من غير السكر البلجيكي المشار إليه بخطاب الوزارة المؤرخ 14/ 5/ 1950 مما مقتضاه عدم تعلق حق الشركة بذات السكر البلجيكي ومما يعتبر عدولاً من الشركة عن هذا الحق - حالة أن تسليم الوزارة إلى الشركة الطاعنة سكراً من نوع آخر غير المنوه عنه بالخطاب المؤرخ 14/ 5/ 1950 يعتبر إخلالاً منها بالتزامها وإذ قبلت الشركة الطاعنة هذا النوع الآخر كتعويض عيني بعد هلاك الشيء محل التعاقد نتيجة تصرف الوزارة فيه فإن ذلك لا يعتبر عدولاً من الطاعنة عن حقها الناشئ بخطابي 12، 15/ 5/ 1950 - وإذ افترض الحكم المطعون فيه جدلاً بأن العلاقة بين الطرفين هي علاقة بيع انصب فيها البيع على مبيع غير معين بالذات لا تنتقل فيه الملكية إلى المشترى إلا بالتسليم فإن ذلك أيضاً منه مخالفة للقانون إذ أن خطاب 14/ 5/ 1950 يدل بلفظه وعبارته على أن البيع انصب على مبيع معين بالذات تنتقل فيه الملكية إلى المشترى فور التعاقد عند وصول الشيء إلى حيازة المتعهد ووضعه تحت تصرف المشترى عند وصوله عملاً بنص المادة 435 من القانون المدني ولا يؤثر في ذلك تراخى التسليم المادي إلى حين التحقق من قيام حاجة المصنع الفعلية - كما أن الحكم المطعون فيه إذ استدل على عدم ملكية الشركة الطاعنة للسكر بخطابها الذي أرسلته إلى وزارة التموين في 12/ 3/ 1952 والذي تتعهد فيه بعدم استعمالها كمية من السكر - استلمتها - إلا بعد الرجوع إلى الوزارة فإنه استدلال بما لا يدل عليه إذ أن هذا التعهد من جانب الشركة شرط من شروط البيع يرجع إلى أن الشيء المبيع مادة تموينية اشترط عدم استعمالها إلا في حدود حاجة المصنع ولا يؤثر ذلك على أن العقد عقد بيع.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم الابتدائي الذي أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه انتهي إلى أن العلاقة التي قامت بين الشركة الطاعنة ووزارة التموين لم يقصد بها إبرام عقد بيع وإنما قصد بها زيادة مقطوعية مصنع الشركة من السكر مقيماً قضاءه على الأسباب الآتية "وحيث إنه لتبيان نية العاقدين وما اتجهت إليه إرادتهما وقت قيام تلك العلاقة يتعين الرجوع إلى الخطابات المتبادلة التي أشارت إلى تلك العلاقة". "وحيث إنه بالرجوع إلى ملف هذه العملية يبين أن شركة الشرق الأوسط للتجارة والأقطان قد عرضت بخطابها المؤرخ 12/ 5/ 1950 على وزارة التموين استيراد خمسة آلاف طن من السكر بالمواصفات المشار إليها بهذا الخطاب بسعر الطن الواحد 49 ج و99 ق ثم تقدمت شركة نادلر إلى وزارة التموين بخطابها المؤرخ 14/ 5/ 1950 والموقع عليه بإمضاء الأستاذ جمعة مدكور عن الشركة تعرض عليها فيه أنه مساهمة منها في استيراد السكر من الخارج تقبل دفع الفرق وهو 24 قرشاً عن كل طن في كمية خمسة آلاف طن من السكر في نظير أخذ كمية منه لمصنع إخوان نادلر فوق الكمية المقررة له وهي 700 طن على ثلاثة أشهر أو رفع الكمية من خمسة وسبعين طناً شهرياً إلى 130 طناً حيث إن المصنع كان قبل الحرب يستورد السكر من الخارج وقوة إنتاجه الحقيقية هي 300 طن شهرياً وعند قيام الحرب كان المصنع يشتغل للجيش الإنجليزي وكان يأخذ كل ما يريده من السكر وبعد انتهائها اشتري من الجيش 500 طن ولأن كل هذه الكميات نفذت فلذلك يطلب إعطاءه 700 طن أو رفع الكمية شهرياً إلى 130 طناً لأن المصنع به 150 عاملاً وعاملة وليتمكن من الاستمرار في العمل وعدم قفل المصنع عشرة أيام كل شهر لذلك يأمل التكرم بإعطائه هذه الكمية" "وقد أجابت وزارة التموين على هذا العرض بخطابها المؤرخ 14/ 5/ 1950 بأنه بالإشارة إلى العرض المتقدم من شركة الشرق الأوسط للتجارة والأقطان بتاريخ 12 / 5/ 1950 الجاري عن استيراد 5000 طن من السكر من بلجيكا بالمواصفات والشروط الموضحة بالعرض المذكور وإلى كتابكم المؤرخ 14 مايو الجاري بشأن استعدادكم لتسليم هذه الكمية للوزارة في ميناء الإسكندرية بالمواصفات والشروط والمواعيد الموضحة بعرض شركة الشرق للتجارة والأقطان المشار إليه بسعر 49 ج 750م للطن في مقابل زيادة حصة مصنعكم من السكر إلى ما يكفي لسد حاجة الاستهلاك كاملة نتشرف بإحاطة جنابكم أنه لا مانع لدى هذه الوزارة من تخصيص 500 طن من الكمية المعروضة تصرف لمصنعكم علاوة على مقطوعيته المقررة في الوقت الحاضر على اثنى عشر شهراً بشرط أن يكون صرف الكمية المذكورة من المقادير التي تستورد فعلاً وبنسبتها وإن يثبت من المراجعة الحسابية أن هذه الزيادة هي في حدود حاجة الاستهلاك الفعلي للمصنع" وقد استطرد الحكم بعد ذلك قائلاً "وحيث إن المحكمة تستخلص من عرض الوقائع السابقة أن الشركة المدعية عندما تقدمت بعرضها لوزارة التموين بخطابها المؤرخ 14/ 5/ 1950 لدفع فرق السعر لكمية السكر المطلوب استيرادها وقدرها 500 طن كان ذلك كقولها بالخطاب المشار إليه في نظير أخذ كمية منه لمصنعها فوق الكمية المقررة له وذلك على ثلاثة أشهر أو رفع الكمية المقررة للمصنع من خمسة وسبعين طناً شهرياً إلى 130 طناً وأسست الشركة عرضها على حاجة المصنع لهذا القدر ليتمكن من الاستمرار في العمل ومفاد ذلك أن هدف الشركة من دفعها فرق السعر المشار إليه إنما تقصد به زيادة مقطوعية المصنع من السكر المقدر له وسواء أكان ذلك بزيادة المقطوعية شهرياً من 75 طناً الحالية إلى 130 طناً أو بزيادتها 700 طن على ثلاثة أشهر أي أن الشركة لم تهدف إلى عقد صفقة بيع لكمية معينة من السكر مقابل ثمن معين". "وحيث إن هذا المعنى الذي جال بخلد الشركة عندما توجهت إلى وزارة التموين قد أجابت عليه الوزارة بمعناه إذ قبلت منها هذا العرض بخطابها المؤرخ 14/ 5/ 1950 مقررة أنه رداً على طلب الشركة بزيادة حصة المصنع من السكر إلى ما يكفي لسد حاجة الاستهلاك كاملة لا مانع لدى الوزارة من تخصيص 500 طن من الكمية المعروضة تصرف للمصنع علاوة على مقطوعيته المقررة في الوقت الحاضر وذلك على 12 شهراً بشرط أن يكون صرف الكمية المذكورة من المقادير التي تستورد فعلاً وبنسبتها وأن يثبت من المراجعة الحسابية أن هذه الزيادة هي في حدود حاجة الاستهلاك الفعلية للمصنع فالوزارة قد استجابت لعرض الشركة وفي الحدود التي ارتأتها مؤكدة أن هذا التصرف إنما ينصرف إلى تنظيم شئون التموين بزيادة كمية مقطوعية مصنع الشركة مقابل ذلك الصنيع الذي تقدمت به الشركة وهو إعفاؤها من دفع الفرق في سعر الطن من السكر المستورد". لما كان ذلك، وكان البيع لا ينعقد إلا إذا اتفق المتعاقدان على طبيعة العقد الذي يقصدان إبرامه فيجب أن يتلاقى الإيجاب والقبول على حصول البيع وكانت محكمة الموضوع قد استخلصت استخلاصاً سائغاً من الخطابين المتبادلين بين الشركة الطاعنة والمطعون عليها والمفصحين عن إيجاب الشركة وقبول الوزارة ومن الظروف التي لابست التعاقد أن نية المتعاقدين لم تنصرف إلى البيع وكيفت علاقة الطرفين بأنها اتفاق على زيادة مقطوعية السكر وكانت الأسباب التي استندت إليها تبرر قانوناً هذا التكييف فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص بمخالفة القانون يكون في محله.
ومن حيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ذلك أنها أقامت دعواها على سببين قانونين الأول سبب أصلي وهو قيام عقد البيع والثاني وهو سبب احتياطي قوامه أن تعاقد الشركة الطاعنة مع وزارة التموين على تخصيص خمسمائة طن من سكر معين للشركة الطاعنة مقابل مبلغ معين هو 1250 جنيهاً يولد للشركة حقاً قانونياً على هذه الكمية يوم وصولها من شأنه أن يلزم الوزارة بحبسها بذاتها لحساب الشركة وعدم التصرف فيها لغيرها ولما كان الحكم المطعون فيه لم يتناول بالرد هذا السبب اكتفاء بالرد على السبب الأول فإنه يكون مشوباً بالقصور.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى تكييف العلاقة بين الشركة الطاعنة ووزارة التموين بأنها اتفاق على زيادة مقطوعية السكر المقررة لمصنع السكر فإن من شأن هذا التكييف ألا يتعلق حق الشركة بتلك الزيادة نوعاً إلا من يوم تحقق حاجة الاستهلاك الفعلي للمصنع مما ينتفي معه القول بتعلق حق الشركة بذات الكمية المخصصة وقت وصولها ومن ثم فلم يكن الحكم بحاجة بعد ذلك إلى أن يرد استقلالاً على ما أبدته الشركة الطاعنة من سبب احتياطي.
ومن حيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والقصور في التسبيب ذلك أن الحكم المطعون فيه أخذها بالتنازل الصادر من مستشارها الفني السيد جمعة مدكور عن اعتراضها على أحقية الوزارة لمبلغ 16 جنيهاً عن كل طن تأسيساً على توافر وكالته الضمنية عن الشركة مع أن التنازل المانع من الرد تحكمه المادة 181 من القانون المدني التي تشترط أن تتوافر في التنازل أهلية التبرع وعلى الرغم من أن الشركة أثارت ذلك بمذكرتها المقدمة بمرحلة التحضير أمام محكمة الاستئناف كما تمسكت بأن هذا التنازل كان وليد إكراه لكن الحكم المطعون فيه قد سكت عن ذلك مما يجعله مخالفاً للقانون ومشوباً بالقصور.
ومن حيث إن هذا النعي غير منتج ما دام أن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى اعتبار العلاقة التي تمت بين الطرفين ليست عقد بيع بل اتفاق على زيادة في المقطوعية ينشأ حق للشركة فيها عند تحقق شرط حاجة الاستهلاك الفعلي وبالسعر السائد وقتها فلاً ينشأ الحق قبل ذلك ومن ثم فإن التنازل وقتئذ لا يصادف محلاً.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 5177 لسنة 89 ق جلسة 16 / 3 / 2022

باسم الشعب
محـكمـــــة النقـــــض
الدائـــــــرة الجنائيــــة
الأربعاء( ج )
المؤلفة برئاسة السيــد القاضي / مجدي عبد الرازق نائب رئيـس المحكمة وعضويـة السادة القضاة / منتصر الصيرفي و إبراهيـم عـوض ولــقـمـان الأحول و محمد عبد الوهاب أبا زيد نواب رئيس المحكمة وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / أحمد فادي . وأمين السر السيد / يسري ربيع .

في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .
في يوم الأربعاء 13 من شعبان سنة 1443 هـ الموافق 16 من مارس سنة 2022 م .
أصدرت الحكم الآتي :
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 5177 لسنة 89 القضائية .

المرفوع من :
...... المحكوم عليهما - الطاعنين
ضـــــــد
النيابـة العامـــة المطعون ضدها

-------------------
" الوقائـــــــع "
اتهمت النيابة العامة الطاعنين في قضية الجناية رقـم ٤٠2٦١ لسنة ٢٠١٥ مركـز بلبيس ( والمقيدة برقم ٣٧٥٤ لسنة ٢٠١٥ کلd جنـوب الزقازيق ) .
بأنهما في يوم 2 مـن سبتمبر سنة ٢٠١٥ بدائرة مركز بلبيس - محافظة الشرقية :-
1- سرقا وآخر مجهـول المنقولات والمبالغ الماليـة المبينـة وصـفاً ومقداراً بالأوراق والمملوكين للمجني عليهمـا / عبد الله كامـل عبد الحميد ، هشـام مـحـمـد الطـاهر وذلـك ليلاً بالطريق العـام بطريـق الإكـراه الواقـع عليهمـا بـأن اعترضـوا طريقهمـا حـال استقلالهما دراجة بخارية وقاموا بتهديدهما بسلاحين ناريين كانـا بحوزتهم متعـدين عليهمـا بالضـرب وتمكنـوا بتلك الوسيلة القسـريـة مـن الإكـراه من شل مقاومتهما وبث الرعب في نفسيهما والاستيلاء على المسروقات على النحو المبين بالأوراق .
۲- حازوا وأحرزوا بغير ترخيص سلاحين ناريين غير مششخنين .
وأحالتهمـا إلـى محكمة جنايــات الزقازيق لمعاقبتهمـا طبقاً للقيـد والوصـف الـواردين بأمر الإحالة .
والمحكمـة المذكورة قضـت حضــورياً بجلسة ۱۸ مـن نـوفمبر سنة ٢٠١٨ عمـلاً بالمـادة 315 مـن قـانون العقوبات ، مع إعمال نص المادة 32 من ذات القانون ، بمعاقبـة كل من / ...... بالسجن لمدة خمس سنوات وتغـريـم كـل منهمـا خمسمائة جنيه عما أسند إليهما وألزمتهما المصروفات الجنائية .
قرر المحكوم عليهما الطعن في هذا الحكم بطريق النقض في 10 ، 30 من ديسمبر سـنه ۲۰۱۸ .
وأودعت مذكرة بأسباب الطعن عن المحكوم عليه الثاني / ...... في 12 من يناير سنة 2019 موقع عليها من المحامي / ...... .
وبجلسة اليوم سَمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبيَّن بمحضر الجلسة .

-----------------------
" المحـكـمـــــة "
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.
أولاً :- عن شكل الطعن المقدم من المحكوم عليه / .......
حيث إن الطاعن وإن قرر بالطعن بطريق النقض في الحكم في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ومن ثم يكون طعنه غير مقبول شكلاً لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن وتقديم الأسباب التي بنى عليها شرط لقبوله ، ولما كان الطعن قد فقد إحدى مقوماته وهو ما يتعين معه الحكم بعدم قبوله شكلاً .
ثانياً :- عن الطعن المقدم من الطاعن / .......
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي السرقة بالإكراه في الطريق العام مع التعدد وحمل سلاح وإحراز سلاح ناري غير مششخن فرد خرطوش دون ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك أن دفاعه المؤيد بالمستندات قام على أنه ليس الشخص المعني بالاتهام والمحاكمة بيد أن المحكمة التفتت عن دفعه ولم تعنِ بتحقيقه وعن مستنداته دون تمحيص لها مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه .
وحيث إنه يبين من محضر جلسة المحاكمة في 21/3/2018 أن المحكمة قررت تأجيل نظر الدعوى بجلسة لاحقه لحضور المجنى عليه شخصياً لمناقشته والتعرف على المتهمان وإذ لم يحضر المجنى عليه وحضر الطاعن بجلسة المحاكمة الأخيرة في 18/11/2018 وأنكر الاتهام المسند إليه وطلب المدافع عنه براءته لأنه ليس المقصود بالاتهام وقدم حافظة مستندات مؤيدة لدفاعه إلا أن المحكمة عدلت عن قرارها بحضور المجنى عليه دون أن تبدى سبباً يبرر هذا العدول . لما كان ذلك ، وكان ما أبداه الطاعن من دفاع في هذا الشأن هاماً وجوهرياً لما يترتب عليه من أثر في تحديد مسئوليته الجنائية وجوداً وعدماً مما كان يتعين معه على المحكمة أن تعنِ بتحقيقه وتمحيص عناصره وأن ترد عليه بما يدفعه إن رأت اطراحه إذ أن البين من الأوراق والمفردات التي ضمت تحقيقاً لوجه الطعن - أنه لم يعرض الطاعن على المجنى عليه عرضاً قانونياً طوال مراحل التحقيق والمحاكمة ، وكان من المقرر - أن من أولويات أصول المحاكمة أنه يجب على المحكمة أن تعنِ بتحقيق مدى مسئولية المعنى بالاتهام وأن تتثبت من أن الشخص الماثل أمامها هو المقصود والمعنى بالاتهام والمحاكمة ، أما وأن المحكمة قد أمسكت عن تحقيق هذا المعنى وتنكبت تحقيق ما تمسك به المدافع عن الطاعن على نحو ما ثبت بمحضر جلسة المحاكمة وما قدمه من مستندات على صدق دفاعه من أنه ليس المعنى بالاتهام - وهو ما ثبت من مطالعة تلك المستندات الموجودة بالمفردات وما قرره المجنى عليه استدلالاً بمحضر الشرطة من اتهامه لمن يدعى أحمد عصـام أحـمـد إبراهيم المقيم بأرض علوان في حين أن من جرت محاكمته هو أحمد عصـام مـحـمـد عبـد العزيز والمقيم منشية سعدون مركز بلبيس شرقية ومن ثم فإن المحكمة وقد أعرضت عن تقدير الأثر المترتب على ذلك فإن حكمها يكون فوق قصوره يكون قد انطوى على إخلال بحق الدفاع مما يوجب نقضه . لما كان ذلك ، وكانت الدعوى صالحة للفصل في موضوعها - بعد ضم المفردات - فقد حددت هذه المحكمة جلسة اليوم للفصل في الموضوع بالنسبة لمن قضى بنقض الحكم بالنسبة له وحده .
ومن حيث إن النيابة العامة أسندت إلى كل من 1- ...... أنهما في يوم 2 /9 / ٢٠١٥ بدائرة مركز بلبيس - محافظة الشرقية :-
- سرقا وآخر مجهـول المنقولات والمبالغ الماليـة المبينـة وصـفاً ومقداراً بالأوراق والمملوكين للمجني عليهمـا / ...... وذلـك ليلاً بالطريق العـام بطريـق الإكـراه الواقـع عليهمـا بـأن اعترضـوا طريقهمـا حـال استقلالهما دراجة بخارية وقاموا بتهديدهما بسلاحين ناريين كانـا بحوزتهم متعـدين عليهمـا بالضـرب فــبثوا الرعب في نفسـيهما وتمكنـوا بتلك الوسيلة القسـريـة مـن الإكـراه إلى الاستيلاء على المسروقات على النحو المبين بالأوراق . 2- حازوا وأحرزوا بغیر ترخیص سلاحين ناريين غير مششخنين وطلبت عقابهم طبقاً لمواد الاتهام وقد ركنت النيابة العامة في إثبات الاتهام قبل المتهم ...... إلى أقوال المجنى عليهما ...... ومما شهد به الرائد محمد السيد عبد القادر غيث رئيس مباحث مركز شرطة بلبيس والملازم أول ياسين محمد أشرف محمود هنداوي معاون مباحث مركز شرطة بلبيس فقد شهد المجنى عليه الأول ...... من أنه وحال استقلاله والشاهد الثاني الدراجة البخارية خاصته بالطريق العام فوجئ بدراجة بخارية يستقلها ثلاثة أشخاص تسببت بسقوطهما على أرض الطريق وترجل منها الثلاثة يشهرون أسلحة نارية خرطوش وهددوهما بالإيذاء وتحصلوا منهما على عدد ثلاث أجهزة محمول ومبلغين من المال منه ومن الشاهد الثاني وتعرف عليهم من صور أرشيف المباحث أثناء عرض الصور الفوتوغرافية عليهما ، وشهد المجنى عليه الثاني ...... بما لا يخرج عن مضمون شهادة الشاهد الأول ، وشهد الرائد محمد السيد عبد القادر بأن تحرياته السرية أسفرت عن حدوث الواقعة على نحو ما ورد بشهادة المجنى عليهما وأن المتهمان هما مرتكبي الواقعة مع آخر مجهول ، كما شهد الملازم أول ياسين محمد أشرف من أنه عقب القبض على المتهمين قام بمواجهتهما فأقرا له بارتكابها .
وحيث إنه بسؤال المتهمان أنكرا ما نسب إليهما بالتحقيقات وبجلسة المحاكمة ، ودفع المدافع عن المتهم ...... بجلسة المحاكمة أنه ليس المعنى بالاتهام والمحاكمة حسبما جاء بأقوال المجنى عليه الأول ...... من تحديد لشخص مرتكب الواقعة ومحل إقامته وتعرفه عليه بصور أرشيف المباحث وقدم حافظة مستندات طوت على صورة ضوئية لبطاقته الشخصية ومثبت بها محل إقامته وكذا صورة من شهادة ميلاده ، وكذا صورة بطاقة شخصية لمن يدعى أحمد عصـام أحـمـد إبراهيم المعنى بالاتهام حسبما قرر المجنى عليه بمحضر جمع الاستدلالات .
وحيث إنه من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية أن العبرة في الإثبات هي باقتناع قاضى الدعوى واطمئنانه إلى الأدلة المطروحة عليه وحسبه أن يتشكك في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكى يقضى له بالبراءة كما أنه من المقرر أن التحريات لا تصلح وحدها أن تكون دليلاً بذاته أو قرينة بعينها على الواقعة المراد إثباتها . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة وهى في مقام وزن الأدلة التي ارتكنت إليها النيابة العامة في إسناد تهمة السرقة بالإكراه وحمل سلاح إلى المتهم ...... أن هذه الدعوى قد تنازعتها روايتين للمجنى عليه ونسجت خيوطها من تحريات الشرطة والتي هوت بها إلى مكان سحيق ، إذ أن دفاع المتهم الماثل قد قام على أنه ليس المعنى بالاتهام بدلالة أقوال المجنى عليه الأول ...... من تحديده لأشخاص مرتكبي الواقعة تحديداً نافياً للجهالة محدداً محل إقامة واسم كل منهم ، وإذ بتحريات الشرطة المحررة بمعرفة الرائد محمد غيث قد سطرت على أن الواقعة حدثت كما قرر المجنى عليه بأشخاصها ثم عاد مجرى التحريات عقب ضبط المتهم الماثل ينادى به كأحد المتهمين في الدعوى وخلت الأوراق مما يفيد ثمة اعتراف للمتهم الماثل أو تعرف للمجنى عليهما على شخصه بحسبانه أحد مرتكبي الواقعة بل جل ما قام به مجرى التحريات المصادقة على قول الضابط القائم بضبط المتهم الماثل وهو ما يجافى ما قدمه دفاع المتهم من مستندات تقطع في عدم صحة تلك التحريات الأمر الذى ترى معه المحكمة اطراح تلك التحريات وعدم التعويل عليها في مقام الإثبات . لما كان ذلك ، وكانت الأوراق قد خلت مما يقطع على وجه اليقين من أن المتهم الماثل هو الشخص المعنى بالاتهام وخلت من أي دليل قبله على إسناد ذلك الاتهام في حقه فإنه يتعين القضاء ببراءته مما أسند إليه عملاً بنص المادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة / أولاً : بعدم قبول الطعن المقدم من المحكوم عليه / ...... شكلاً . ثانياً : بقبول الطعن المقدم من المحكوم عليه / ...... شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن مما أسند إليه 

الطعن 1 لسنة 2021 ق تمييز دبي هيئة عامة مدني قرارات جلسة 9 / 6 / 2021

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 09-06-2021 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 1 لسنة2021 قرارات الهيئة العامة - التمييز

أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة. 
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الأحكام السابقة الصادرة من محكمة التمييز بشأن الفائدة وسائر الأوراق - تتحصل في أن المكتب الفني لمحكمة التمييز تقدم إلى الأمانة العامة للمحكمة بطلب النظر في أمر العدول عن مبدأ قانوني أقرته محكمة التمييز في أحكام سابقة بشأن احتساب سعر الفائدة على مبلغ الدين المحكوم به بنوعيها القانونية والتأخيرية في حال عدم الاتفاق عليها بنسبة (9%) سنوياً عملاً بالعرف القضائي السائد لدى محاكم دبي، وذلك نظراً لتغير الظروف التي نشأ فيها هذا العرف والتي أفقدته دواعي تطبيقه في المستقبل، وعملا بنص الفقرة الرابعة من البند (أ) من المادة (20) من القانون رقم (13) لسنة 2016 بشأن السلطة القضائية في إمارة دبي، فقد رؤي إحالة تلك المسألة للعرض على الهيئة العامة لمحكمة التمييز للنظر. 
وحيث إنه لما كان تغير سعر الفائدة ارتفاعاً وانخفاضاً إنما يدور وجوداً وعدماً مع الظروف الإقتصادية والإجتماعية السائدة في البلاد، وكان العرف القضائي الذي سارت عليه محكمة التمييز بشأن تحديد سعر الفائدة بنوعيها القانونية والتأخيرية في حال عدم الاتفاق عليها بنسبة 9% سنويا لم يعد مناسباً للظروف الحالية للبلاد والأسعار السائدة لفوائد البنوك العاملة فيها، مما يقتضي إعادة النظر في تحديد سعر الفائدة بما يلائم هذه الظروف ويؤدى إلى تنشيط السوق وتحقيق العدالة في التعاملات للأفراد والمؤسسات. 
وحيث إنه بدراسة تلك المتغيرات وأثرها على تحديد سعر الفائدة إرتأت الهيئة العامة لمحكمة التمييز بإجماع الآراء تخفيض سعر الفائدة بنوعيها القانونية والتأخيرية في حال عدم الاتفاق عليها إلى نسبة (5%) سنويا حتى تمام السداد. 
فلهذه الأسباب 
قررت الهيئة العامة لمحكمة التمييز بإجماع الآراء العدول عما سارت عليه المحكمة في أحكام سابقة من احتساب سعر الفائدة على الدين المحكوم به بنوعيها القانونية والتأخيرية في حال عدم الاتفاق عليها بنسبة (9%) سنويا بجعلها بنسبة (5%) سنويا حتى تمام السداد.

الطعن 2205 لسنة 31 ق جلسة 12 / 5 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 126 ص 1212

جلسة 12 من مايو سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فؤاد عبد العزيز رجب - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ حسن حسنين علي حسنين ومحمد يسري زين العابدين والطنطاوي محمد الطنطاوي وفريد نزيه حكيم تناغو - المستشارين.

------------------

(126)

الطعن رقم 2205 لسنة 31 القضائية

(أ) دعوى الإلغاء - قبولها - ميعاد الستين يوماً.
دعاوى التسوية تقوم بالنظر إلى المصدر الذي يستمد العامل منه حقه - إذا كان الحق مستمد أصلاً من قاعدة تنظيمية حددت أصل الحق وشروطه وتاريخه والآثار المالية المترتبة عليه وتاريخ استحقاقها وكانت القرارات الصادرة من الجهة الإدارية في هذا الشأن كاشفة عن هذا الحق ولا تعدو أن تكون مجرد إجراءات تنفيذية تهدف بها الإدارة إلى مجرد تطبيق أحكام القاعدة التنظيمية على حالة العامل تكون الدعوى طعناً على هذه القرارات من دعاوى التسوية التي لا تتقيد بالميعاد - إذا كان الحق مع توافر شروطه لا يصل إلى صاحبه إلا بالقرار الصادر من السلطة المختصة والمنشئ لهذا الحق فإن الدعوى تكون في هذه الحالة من دعاوى الإلغاء التي تتقيد بالضرورة بالمواعيد المقررة قانوناً - إذا كان طلب إرجاع الأقدمية في الدرجة الأولى مصدره قرار الترقية الذي فات اختصاصه عن طريق إجراءات دعوى الإلغاء المقررة قانوناً فإن طلب إرجاع الأقدمية إلى تاريخ هذا القرار يمثل في حقيقته طعناً على القرار الذي لم يتم اختصامه في المواعيد المقررة قانوناً - الحكم بعدم قبول الدعوى - تطبيق.
(ب) دعوى - دعوى التعويض.
الحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعه بعد الميعاد لا يمنع من فحص مشروعيته بالنسبة لطلب التعويض عن ذات القرار - أساس ذلك: وجوب الوقوف على مدى توافر ركن الخطأ الموجب للمسئولية من عدمه لبحث توافر أركان المسئولية أساس التعويض - تطبيق.
(جـ) عاملون مدنيون بالدولة - ترقية - ترقية بالاختيار - ضوابط الترقية بالاختيار.
المادة 37 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 - أجاز القانون للسلطة المختصة بناء على اقتراح لجنة شئون العاملين إضافة بعض الضوابط للترقية بالاختيار بحسب ظروف وطبيعة نشاط كل وحده - شروط مشروعية الضوابط الإضافية - يشترط في الضوابط الإضافية أن تلتزم حدود الحق إذا ما توافرت مقوماته بحيث لا تنقلب ستاراً يطوي الحق ويهدده بحيث تضحى مانعاً من موانع الترقية.
(د) دعوى التعويض - تقدير التعويض.
توافر أركان مسئولية الإدارة - التعويض عن القرار الخاطئ - ركن الضرر المادي يتحدد فيما فات على المدعي من فروق مالية مقررة - لا وجه للتعويض عن الضرر الأدبي ما دام المدعي كان في وسعه أن يتوقاه لو أقام دعواه بالطعن على قرار الترقية الخاطئ في المواعيد المقررة قانوناً - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 16/ 5/ 1985 أودع الأستاذ بكري أحمد بكري المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 2205 لسنة 31 قضائية وطلب في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم قبول طلب إرجاع أقدمية الطاعن في الدرجة الأولى إلى تاريخ القرار المطعون فيه شكلاً لرفعه بعد الميعاد والحكم بقبول هذا الطلب شكلاً وإرجاع أقدميته في الدرجة الأولى إلى 8/ 8/ 1981، وتعديل الحكم فيما قضى به من تعويض الطاعن إلى مبلغ عشرين ألف جنيه مع إلزام المطعون ضده بصفته المصروفات وأتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وبتاريخ 29/ 6/ 1985 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن وزير التعليم العالي قلم كتاب المحكمة الإدارة العليا تقرير طعن برقم 2744 لسنة 31 قضائية عليا عن ذات الحكم المطعون فيه - الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 802 لسنة 37 قضائية بجلسة 2/ 5/ 1985 - وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه حتى يفصل في موضوع الطعن، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلزام المدعى عليه بصفته بأن يدفع للمدعي تعويضاً قدره ألفان من الجنيهات ورفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرين بالرأي القانوني أولهما عن الطعن رقم 2205 لسنة 31 قضائية عليا ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفض طلب الطاعن إرجاع أقدميته إلى 8/ 8/ 1981، وبتعديل الحكم المطعون فيه بالنسبة لشق التعويض، وبتعويض الطاعن عن الضرر المادي الذي أصابه من تخطيه في الترقية بمقدار الفرق بين ما تقاضاه من رواتب وما كان يجب أن يتقاضاه منها في المدة من 8/ 8/ 1981 وحتى 30/ 11/ 1982 بحد أقصى عشرين ألف جنيه.
وثانيهما عن الطعن رقم 2744 لسنة 31 قضائية عليا وارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
ونظر الطعنان أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة على النحو الثابت بالمحاضر حيث قررت الدائرة ضم الطعنين رقمي 2744 لسنة 31 قضائية عليا ورقم 2205 لسنة 31 قضائية عليا ليصدر فيهما حكم واحد وبجلسة 11/ 2/ 1991 قررت إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) لنظرهما بجلسة 24/ 3/ 1991، وقد نظرت الطعنان بهذه الجلسة، وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن عناصر المنازعة تخلص في أن الطاعن/....... بتاريخ 30/ 11/ 1982 أقام دعوى أمام محكمة القضاء الإداري - دائرة الجزاءات والترقيات قيدت برقم 802 لسنة 37 قضائية طالباً في ختامها الحكم بإلغاء قرار وزير التعليم العالي الصادر بتاريخ 8/ 8/ 1981 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الأولى التخصصية وترقيته إلى تلك الدرجة اعتباراً من تاريخ صدور القرار المذكور مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدي له مبلغ عشرين ألفاً من الجنيهات كتعويض عما لحقه من أضرار مادية وأدبية نتيجة تخطيه في الترقية المذكورة وإلزام المدعى عليه بصفته المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال شرحاً لدعواه إنه تخرج في كلية التربية عام 1958 وعين بوزارة التعليم العالي وتدرج في وظائفها إلى أن نقل للعمل ملحقاً ثقافياً بالمكتب الثقافي بسفارة جمهورية مصر العربية بباريس بموجب القرار رقم 299 لسنة 78 وفي 8/ 8/ 1981 أصدرت وزارة التعليم العالي حركة ترقيات للدرجة الأولى شملت من هم أحدث منه وأنه لم يخطر رسمياً بهذا القرار ولكنه علم فيما بعد أن عدم ترقيته كان بسبب انتدابه ندباً كاملاً طبقاً للضوابط التي أقرتها لجنة شئون العاملين المعتمدة من الوزير في 8/ 8/ 1981 ومنها استبعاد المعارين والمنتدبين ندباً كاملاً من الترقية بالاختيار، وهي ضوابط مخالفة للقانون باعتبار أن العمل بالمكاتب الثقافية عمل أصيل من اختصاصات وزارة التعليم العالي، وأن تخطيه في الترقية غير صحيح وأضاف المدعي أنه ترتب على القرار المطعون فيه أضرار مادية حيث إن ترقيته للدرجة الأولى كان يترتب عليه تعديل مرتبه في الخارج وبدلات التمثيل المقررة للدرجة حيث يستحق المرقى للدرجة الأولى بدل مستشار طبقاً للائحة وزارة الخارجية المطبقة على العاملين بالمكاتب الفنية، فضلاً عن الأضرار الأدبية، ويقدر المدعي تعويضه بمبلغ عشرين ألف جنيه، وقد طلب المدعي إرجاع أقدميته إلى الدرجة الأولى التخصصية التي رقي إليها بالقرار رقم 888 في 8/ 9/ 1983 إلى تاريخ تخطيه في 8/ 8/ 1981 وبجلسة 2/ 5/ 1985 حكمت المحكمة أولاً: بعدم قبول طلب إرجاع أقدمية المدعي في الدرجة الأولى إلى تاريخ القرار المطعون فيه شكلاً لرفعه بعد الميعاد وألزمت المدعي مصروفات هذا الطلب. ثانياً: بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يدفع للمدعي تعويضا قدره 2000 جنيه ألفان من الجنيهات وألزمت المدعي والمدعى عليه المصروفات المناسبة.
وقد أقامت المحكمة قضاءها - على أن طلب المدعي بإرجاع أقدميته في الدرجة الأولى التخصصية إلى 8/ 8/ 1981 هو طعن على القرار الصادر في هذا التاريخ، وحيث إن المدعي تقدم بعدة تظلمات منه أولها بتاريخ 9/ 9/ 1981 وتراخى في إقامة دعواه حتى 30/ 11/ 1982 الأمر الذي تكون معه دعواه قد أقيمت بعد الميعاد المقرر قانوناً. وعن طلب التعويض أقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت أن سبب عدم ترقية المدعي يرجع إلى انتدابه ندباً كاملاً بالمكتب الثقافي بباريس طبقاً للضوابط التي وضعتها لجنة شئون العاملين المعتمد من الوزير في 8/ 8/ 1981 - وعلى ذلك تكون قد صدرت بعد أن كان المدعي قد ندب عام 1978 ومن ثم لا يكون معمولاً بها عند صدور قرار الندب ومن ثم لا يعمل بها بشأنه، وبذلك يكون تخطيه في الترقية استناداً إلى هذه الضوابط مخالفاً للقانون وهو ما يكون ركن الخطأ في جانب الجهة الإدارية، أما ركن الضرر فيتمثل فيما فات المدعي من فروق في الراتب والبدلات بين ما يستحق للدرجة التي يشغلها والدرجة الأولى التي تخطى في الترقية إليها وذلك على مدى عامين وشهر، فضلاً عن الأضرار الأدبية الناتجة عن تخلفه عن أقرانه ومن هم أحدث منه. وقدرت المحكمة التعويض بمبلغ القيمة من الجنيهات.
ويقوم الطعن الأول على الحكم (المقام من المدعي) على أن الحكم المطعون فيه قد خالف أحكام القانون وأخطأ في تطبيقه حيث قضى بعدم قبول طلب إرجاع الأقدمية في الدرجة الأولى إلى 8/ 8/ 1981 وهو طلب تسوية وليس من قبيل طلبات الإلغاء، وعن التعويض فإن الأضرار التي لحقته تفوق عشرة أضعاف المبلغ المحكوم به وفقاً للمعاملة المالية للملحقين الثقافيين.
ويقوم الطعن الثاني على الحكم (المقام من وزير التعليم العالي) على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله حيث أن المادة 37 من القانون 47 لسنة 1978 قد أجازت لجهة الإدارة وضع ضوابط وشروط ومعايير للترقية بحسب ظروف وطبيعة نشاط كل وحدة وأن ما وضعته الوزارة من ضوابط منها استبعاد المعارين والمنتدبين ندباً كاملاً من الترقية بالاختيار متفق مع أحكام القانون ومعتمد من السلطة المختصة ومن ثم يكون القرار المطعون فيه متفق مع حكم القانون وهو ما ينفي ركن الخطأ الموجب لمسئولية الإدارة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية أصدرت القرار رقم 891 لسنة 1981 بتاريخ 19/ 8/ 1981 بترقية بعض العاملين بالوزارة إلى الدرجة الأولى اعتباراً من 8/ 8/ 1981 ولم يشمل القرار/ ......... (الطاعن) حيث تظلم من هذا القرار في 9/ 9/ 1981 ثم اتبع هذا التظلم بتظلمات أخرى آخرها في 21/ 1/ 1982، وأنه لم يتلق رداً من الجهة الإدارية على تظلمه الأول المقدم في 9/ 9/ 1981 فإنه وفقاً لحكم المادة 24 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 كان يتعين عليه أن يعتبر مرور ستين يوماً على تاريخ تقديمه للتظلم الأول بمثابة رفض ضمني لتظلمه وأن ينشط لإقامة دعواه خلال الستين يوماً التالية لتاريخ الرفض الضمني، إلا أنه لم يقم دعواه إلا في 30/ 11/ 1982 ومن ثم تكون قد أقيمت بعد الميعاد المقرر قانوناً.
ولا يغير من ذلك ما ذكره الطاعن من أنه قام بتعديل طلباته لتكون إرجاع أقدميته في الدرجة الأولى إلى 8/ 8/ 1981 بعد أن رقي فعلاً إلى هذه الدرجة، وأن هذا الطلب يعتبر من قبيل طلبات التسوية التي لا يتقيد رافعها بمواعيد دعوى الإلغاء، ذلك أن دعوى التسوية تقوم بالنظر إلى المصدر الذي يستمد العامل منه حقه، فإذا كان الحق مستمد أصلاً من قاعدة تنظيمية حددت أصل الحق وشروطه وقدره وتاريخه والآثار المالية المترتبة عليه وتاريخ استحقاقها، وكانت القرارات الصادرة عن الجهة الإدارية في هذا الشأن كاشفة عن هذا الحق، ولا تعدو أن تكون مجرد إجراءات تنفيذية تهدف بها الإدارة إلى مجرد تطبيق أحكام القاعدة التنظيمية على حال العامل، فإنه في هذه الحالة تكون الدعوى من دعاوى التسويات التي لا تتقيد بميعاد دعوى الإلغاء، أما إذا كان الحق حتى مع توافر شروطه لا يصل إلى صاحبه إلا بالقرار الصادر من السلطة المختصة والمنشئ لهذا الحق، فإن الدعوى في هذه الحالة تكون من قبل دعاوى الإلغاء التي تتقيد بالضرورة المواعيد المقررة لها. وحيث إن حق الطاعن في إرجاع أقدميته في الدرجة الأول التخصصية إلى 8/ 8/ 1981 مصدره قرار الترقية الصادر من السلطة المختصة في هذا التاريخ، وهو القرار الذي كان يتعين اختصامه عن طريق إجراءات دعوى الإلغاء المقررة قانوناً، وطلب إرجاع الأقدمية إلى تاريخ هذا القرار يمثل في حقيقته طعناً على القرار المذكور وهو ما لم يتم في المواعيد المقررة لهذا الطعن، ومن ثم يكون هذا الوجه من الطعن غير قائم على أساس من القانون.
ومن حيث إنه ولئن قد قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى شكلاً بالنسبة لطلب تعديل أقدمية الطاعن إلى 8/ 8/ 1981 في الدرجة الأول التخصصية - لرفعه بعد الميعاد، إلا أنه للقضاء في طلب التعويض عن القرار المطعون عليه فإن الأمر يقتضي بالضرورة التعرض لمدى مشروعية القرار المذكور فيما تضمنه من تخطي الطاعن في الترقية، وذلك للوقوف على مدى توافر ركني الخطأ الموجب للمسئولية من عدمه.
ومن حيث إن الجهة الإدارية أفصحت عن أسباب تخطي المدعى وحددتها في أنها إعمالاً للمادة 37 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة وضعت ضوابط ومعايير الترقية بالاختيار ومنها استبعاد المعارين والمنتدبين ندباً كاملاً واشتراط الممارسة الفعلية للوظيفة بأحد أجهزة الوزارة بالداخل لاستحقاق هذه الترقية وأن المدعى لم يستوف هذا الضابط - ومن ثم فإن هذا السبب هو الذي يخضع لرقابة المشروعية التي يسلطها القضاء الإداري على القرارات الإدارية، وله في سبيل ذلك إعمال رقابته للتحقق من مدى مطابقة هذا الضابط أو عدم مطابقته للقانون وأثر ذلك في النتيجة التي وصل إليها القرار المطعون عليه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه ولئن كانت المادة 37 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بعد أن حددت الشروط القانونية للترقية بالاختيار، أجازت للسلطة المختصة بناء على اقتراح لجنة شئون العاملين إضافة بعض الضوابط للترقية بالاختيار بحسب ظروف وطبيعة نشاط كل وحدة إلا أن مناط مشروعية هذه الضوابط يتوقف على (1) ألا يكون من شأن هذه الضوابط الإخلال بالشروط القانونية للترقية بالاختيار التي أوردها المشروع صراحة بالنص سواء أكانت شروط صلاحية أو شروط تفضيل. (2) أن تكون هذه الضوابط من العموم والتجريد بحيث لا تقتصر على فئة أو فئات من العاملين دون غيرهم (3) ألا يكون من شأن الضابط المضاف إضافة مانع من موانع الترقية إلى الموانع الواردة على سبيل الحصر في القانون (4) أن تكون معلومة لدى أصحاب الشأن ليحددوا مراكزهم القانونية في ضوئها (5) أن يتفق الضابط المضاف مع ظروف وطبيعة نشاط كل وحده ويتغاير بين الوحدات تبعاً لذلك. ذلك أن الضوابط الإضافية للترقية بالاختيار ينبغي أن تلتزم حدود الحق إذا ما توافرت مقوماته بحيث لا تنقلب ستار يطوي الحق ويهدده.
ومن حيث إن ضوابط الترقية التي وضعتها لجنة شئون العاملين بوزارة التعليم العالي واعتمدت من الوزير وقام على أساسها قرار الترقية المطعون عليه والتي تقضي باستبعاد المعارين والمنتدبين ندباً كاملاً ويوجب القيام الفعلي بأعباء الوظيفة بأحد أجهزة الوزارة في الداخل إنما استهدف عدم ترقية المعارين والمنتدبين ندباً كاملاً وهو أمر غير جائز على إطلاقه من الناحية القانونية ذلك أن قضاء هذه المحكمة جرى على أن الإعارة أو الإجازة الخاصة بدون مرتب أو الندب كل الوقت لا تصلح سبباً في تبرير التخطي في الترقية بالاختيار ذلك أن الممارسة الفعلية للوظيفة المرقى منها أو إليها العامل ليست هي مناط الصلاحية لاستحقاق العامل للترقية. وعندما يريد المشرع الخروج على هذا الأصل يخرج بالنص الصريح، حيث ورد النص بالقانون رقم 108 لسنة 1981 على عدم جواز ترقية العامل المعار أو الممنوح إجازة خاصة بدون مرتب إلا بعد العودة من الإعارة أو الإجازة بالنسبة للترقية إلى الوظائف العليا ما لم تكن الإعارة لمصلحة قومية، أما بالنسبة لباقي الوظائف فإن الإعارة أو الإجازة الخاصة بدون مرتب لا تصلح سبباً للتخطي للترقية إلا بالنسبة للإعارات أو الإجازات التي تزيد مدتها على أربع سنوات عملاً بالتعديل الوارد في هذا الشأن بالقانون رقم 115 لسنة 1983، ومتى كان ذلك فإن الحرمان من الترقية بسبب عدم الممارسة الفعلية للوظيفة يعتبر مانعاً من موانع الترقية ولا تملك السلطة المختصة إضافته.
ومن حيث إنه متى كان ذلك يكون تخطى الطاعن في الترقية وقد قام على أحد الضوابط التي وضعتها السلطة المختصة - وهو ندبه ندباً كاملاً كملحق ثقافي بسفارة جمهورية مصر العربية بباريس - وقد ثبت عدم مشروعيته فإن قرار تخطيه في الترقية يوصف بعدم المشروعية ويتوافر من ثم ركن الخطأ في جانب جهة الإدارة.
ومن حيث إنه عن ركن الضرر المادي فإنه يتحدد فيما فاته من فروق مالية عن المدة من 8/ 8/ 1981 وحتى تاريخ ترقيته إلى وظيفة من الدرجة الأولى بالقرار رقم 888 لسنة 1983 الصادر في 8/ 9/ 1983 وتتمثل في الفرق بين المعاملة المالية المقررة للملحقين الثقافيين شاغلي الدرجة الثانية وما يتقاضاه الملحقون الثقافيون شاغلو الدرجة الأولى حيث يتم المغايرة في المعاملة ارتباطاً بالدرجة المالية التي يشغلها الملحق، أما في الضرر الأدبي فإن الطاعن كان يمكن أن يتوقاه ولو سعى إلى إقامة دعواه خلال المواعيد المقررة وتقدر المحكمة التعويض الذي يستحقه المدعي بمبلغ خمسة آلاف جنيه.
ومن حيث إن الحكم المطعون عليه قد ذهب هذا المذهب في تقرير مبدأ التعويض إلا أنه قضى بتعويض المدعى بمبلغ ألفين من الجنيهات فإنه يتعين تعديل الحكم بالنسبة لقدر التعويض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون أولاً: بعدم قبول طلب إرجاع أقدمية المدعي في الدرجة الأولى إلى 8/ 8/ 1981 شكلاً لرفعه بعد الميعاد.
ثانياً: إلزام المدعى عليه بصفته بأن يدفع للمدعي تعويضاً مقداره خمسة آلاف جنيه. وألزمت كل طاعن مصروفات طعنه.

الطعن 292 لسنة 27 ق جلسة 10 / 1 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 8 ص 89

جلسة 10 من يناير سنة 1963

برياسة السيد المستشار الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد الحميد السكري، ولطفي علي، وحافظ محمد بدوي.

------------------

( 8 )
الطعن رقم 292 لسنة 27 القضائية

حكم. "حجية الحكم". "قضاء قطعي". إثبات. "إجراءات الإثبات". "حجية الأمر المقضي".
قضاء الحكم في منطوقة وأسبابه بأن الأساس الذي يقوم عليه تقدير أجرة الحكر هو قاعدة النسبة بين الحكم القديم وثمن الأرض وقت التحكير. قضاء قطعي لا يجوز العدول عنه بحكم آخر يقرر أساساً مغايراً. نطاق تطبيق المادة 165 مرافعات مقصور على الأحكام الصادرة بإجراء من إجراءات الإثبات ولا تتضمن قضاء قطعياً.

-----------------
متى كان الحكم قد قطع في منطوقة وأسبابه بأن لأساس الذي يجب أن يقام عليه تقدير أجرة الحكر هو قاعدة النسبة بين الحكر القديم وثمن الأرض وقت التحكير ومن ثم فإن قضاءه في هذا الخصوص يعد قضاء قطعياً لا يجوز العدول عنه بحكم آخر يقرر أساساً مغايراً. ولا مجال للتحدي - في هذا الشأن - بنص المادة 165 من قانون المرافعات إذ أن نطاق تطبيقها مقصور على الأحكام الصادرة بإجراء من إجراءات الإثبات ولا تتضمن قضاء قطعياً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل في أن وزارة الأوقاف (المطعون عليها) رفعت على الطاعنين الدعوى رقم 982 سنة 1951 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية طالبة الحكم أولاً - بجعل الحكر السنوي 1403.691 جنيهات ابتداء من مارس سنة 1950 - وإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعوا لها ما يستجد حتى الإخلاء والتسلم والإزالة. ثانياً - بفسخ عقد الحكر في ظرف خمسة عشر يوماً من تاريخ الحكم مع إلزام الطاعنين بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة قائلة في تبيان دعواها إن لوقف سيدي جابر الخير قطعة أرض مساحتها 9357.94 ذراعاً مربعاً كائنة بشارع تانيس برمل الإسكندرية وأن هذه الأرض محكرة للطاعنين بأجرة سنوية قدرها 10.750 جنيهات ولما كان الحكر يتغير بتغير الصقع والزمان والمكان فقد قدر قومسيون الوزارة بقراره الصادر في 6/ 10/ 1949 الأجرة السنوية للحكر 1403.961 جنيهات ولما كان الطاعنون لم يستغلوا الأرض المحكرة منذ مدة طويلة مما يخلوها حق الفسخ فقد رفعت هذه الدعوى للحكم بالطلبات السابقة - دفع الطاعنون الدعوى بعدم قبولها تأسيساً على أنه بتاريخ 12/ 1/ 1945 قضت المحكمة الابتدائية المختلطة برفع أجرة الحكر من 1.380 جنيه إلى 10.750 جنيهات وتأيد هذا الحكم استئنافياً وأن حجية هذا الحكم تحول دون معاودة رفع هذه الدعوى وبتاريخ 5/ 5/ 1952 أصدرت محكمة الإسكندرية الابتدائية حكماً قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبرفض طلب الوزارة الخاص بالفسخ والتسلم وبندب مكتب الخبراء لتقدير قيمة الحكر ابتداء من 10 مايو سنة 1951 على أساس أجر المثل وقد قدم مكتب الخبراء تقريره إلا أنه إزاء المطاعن التي وجهت إلى هذا التقرير وعلى وجه الخصوص عدم أخذه في تقرير أجرة الحكر بقاعدة النسبة بين أجرة الحكر وقيمة الأرض عند التحكير عند تقدير أجرة الحكر وقت التصقيع فقد رأت المحكمة إطراح تقدير الخبير وأصدرت حكماً في 28 من يونيو سنة 1953 بندب خبير لتقدير قيمة الأرض المحكرة قياساً على أجر المثل ثم تحديد الحكر طبقاً للنسبة التي روعيت في تقديره عند التحكير وقد قدم الخبير تقريره مقدراً ثمن الأرض موضوع النزاع بمبلغ 53896.006 جنيهاً وتحديد أجرة الحكر على أساس النسبة بين قيمة الأرض سنة 1282 هـ وأجرة حكرها في ذلك التاريخ بمبلغ 1293.504 جنيهاً سنوياً وعلى أساس أجرة المثل بمبلغ 1684.429 جنيهاً وقد قضت المحكمة الابتدائية في 23 من يناير سنة 1955 بجعل الحكر السنوي لقطعة الأرض التابعة لوقف سيدي جابر الأنصاري هو مبلغ 1403 جنيهات و690 مليماً اعتباراً من مايو سنة 1951 وذلك على أساس أجرة المثل في حدود طلبات الوزارة مقررة في أسباب حكمها عدولها عن الأساس الذي أمرت الهيئة السابقة الخبير بمراعاته بالحكم الصادر في 28 من يونيو سنة 1953 وذلك إعمالاً للحق المخول لها بموجب المادة 165 من قانون المرافعات رفع الطاعنون استئنافاً عن هذا الحكم قيد برقم 311 سنة 11 ق مدني وكان من بين أسباب استئنافهم أنه ما كان يجوز للمحكمة الابتدائية أن تعدل عن القاعدة التي رسمها الحكم الصادر بتاريخ 28/ 6/ 1953 وهي قاعدة النسبة المنوه عنها في هذا الحكم ومحكمة استئناف الإسكندرية قضت في 21 من فبراير سنة 1957 بتأييد الحكم المستأنف فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى الدائرة المدنية وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على طلب نقض الحكم السابق إبداؤه بمذكرتها.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ذلك أن المحكمة الابتدائية قضت في 28 من يونيو سنة 1953 قبل الفصل في الموضوع بندب مكتب الخبراء لتقدير قيمة الحكر على أساس مراعاة قاعدة النسبة بين الحكر القديم وثمن الأرض وقت التحكير إلا أنها عادت في 23 من يونيو سنة 1955 وقضت في الموضوع بتحديد أجرة الحكر على أساس القيمة الايجارية مصرحة في أسباب حكمها بعدولها عن الأساس الذي اتخذه الحكم السابق عملاً بنص المادة 165 من قانون المرافعات ويرى الطاعنون أن المادة 165 المشار إليها لا تجيز العدول إلا عن الأحكام الصادرة بإجراءات الإثبات ولم يكن كذلك الحكم الصادر في 28 من يونيو سنة 1953 فيما تضمنه من مراعاة قاعدة النسبة بل كل قضاؤه في هذا الخصوص قضاء قطعياً ولا يجوز العدول عنه.
ومن حيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن المحكمة الابتدائية قضت في 28 من يونيو سنة 1953 قبل الفصل في الموضوع بندب خبير للانتقال إلى العين المحكرة وتقدير حكرها على ضوء الأسس المبينة بأسباب هذا الحكم وقد ورد بتلك الأسباب بعد استعراض أحكام القضاء التي أخذت بقاعدة النسبة "وحيث إنه لذلك تري المحكمة ندب خبير آخر تعهد إليه تقدير قيمة الأرض المحكرة قياساً على أجر المثل الحالي ثم بعد ذلك يحدد الحكر طبقاً للنسبة التي روعيت في تقديره عند التحكير" ويبين من هذا الحكم أنه قطع في منطوقة وأسبابه بأن الأساس الذي يجب أن يقام عليه تقدير أجرة الحكر هو قاعدة النسبة بين الحكر القديم وثمن الأرض وقت التحكير ومن ثم يكون قضاؤه في هذا الخصوص قضاء قطعياً فلا يجوز العدول عنه بحكم آخر يقرر أساساً مغايراً وأما استناد الحكم إلى نص المادة 165 من قانون المرافعات لتبرير هذا العدول فإنه غير سديد ذلك أن المادة 165 من قانون المرافعات المشار إليها قد نصت على أنه "للمحكمة أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات بشرط أن تبين أسباب العدول في المحضر" وظاهر أن مناط أعمالها مقصور على الأحكام الصادرة بإجراء من إجراءات الإثبات والتي لا تتضمن قضاء قطعياً ولما كان الحكم المطعون فيه بتأييده الحكم الابتدائي قد جرى على غير هذا النظر وأقام قضاءه بتحديد أجرة الحكر على أساس آخر مغاير للأساس الذي قطع فيه حكم 28 من يونيو سنة 1953 فإنه يكون مخالفاً للقانون مستوجباً نقضه.

الطعن 847 لسنة 33 ق جلسة 11 / 5 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 125 ص 1199

جلسة 11 من مايو سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمود عبد المنعم موافي وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم ومحمود صفوت عثمان وأحمد شمس الدين خفاجي - المستشارين.

-------------------

(125)

الطعن رقم 847 لسنة 33 القضائية

محال تجارية وصناعية - 

إيقاف إدارة المحل - أسبابه - الخطر الداهم على الأمن العام. المادة (12) من القانون رقم 453 لسنة 1954 في شأن المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة، والمضرة بالصحة والخطرة.

------------------
لجهة الإدارة إيقاف إدارة المحل كلياً أو جزئياً في حالة وجود خطر داهم على الصحة العامة أو على الأمن العام وذلك حماية للمجتمع من هذا الخطر - المقصود بالخطر الداهم على الأمن العام هو الخطر على الأمن بمعناه الواسع الذي لا يقف عند حد الأمن الخاص بحماية الأرض وغيرها من الممتلكات وحياة الفرد وعرضه وماله وحرياته، وحقوقه العامة والخاصة واستقراره وثقته في مجتمعه - الأمن العام يتجاوز ذلك إلى شمول الحماية من الاعتداء غير المشروع على كل ما يتصل بالحياة الاقتصادية والاجتماعية - مثال ذلك: حماية الشباب من استغلال حاجتهم إلى العمل ومنحهم عقود مزورة للعمل بالخارج - قرار إيقاف إدارة المحل ليس إلغاء للترخيص بصفة نهائية وإنما هو إجراء ضبطي مؤقت لحين زوال الخطر الداهم الذي يهدد الصحة العامة أو الأمن العام - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق السابع من فبراير سنة 1987 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن وزير الداخلية ومحافظ الجيزة ورئيس حي شمال الجيزة بصفاتهم قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 847 لسنة 33 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 11 من ديسمبر سنة 1986 في الشق المستعجل من الدعوى رقم 4671 لسنة 40 القضائية المقامة من المطعون ضده ضد الطاعنين والذي قضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنون - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفة مستعجلة، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المذكور مع القضاء برفض طلب وقف التنفيذ وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق.
وقد أودع السيد الأستاذ المستشار علي رضا تقرير هيئة مفوضي الدولة في الطعن رأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام جهة الإدارة المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لهذه المحكمة جلسة 15 من أكتوبر سنة 1990، وبجلسة 18 من مارس سنة 1991 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي نظرته بجلسة 6/ 4/ 1991 والجلسات التالية وفق الثابت بمحاضر الجلسات ثم حددت لإصدار الحكم جلسة اليوم 11 من مايو سنة 1991، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة، والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه في 17 من يوليو سنة 1986 أقام.... الدعوى رقم 4671 لسنة 40 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار إدارة الرخص بحي شمال الجيزة رقم 103 لسنة 1986 الصادر في 26 من يونيه سنة 1986 بغلق مطبعته الكائنة بالعقار رقم 8 شارع السلام. قسم إمبابة بمحافظة الجيزة، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقال المدعي شرحاً لدعواه إنه في 17 من يونيه سنة 1986. وأثناء غيابه عن المطبعة المذكورة - حضر إليها أحد الأشخاص، وطلب من العامل الذي يعمل بها تصوير ألف عقد عمل باسم مؤسسة خاصة بالمملكة العربية السعودية وأعطاه النموذج المطلوب تصويره، كما طلب إليه تجليد هذه العقود في عشرة دفاتر يحوي كل منها مائة عقد، وذلك بمقابل اتفقا عليه. وفي الموعد المحدد للتسليم فوجئ بقوة من الشرطة تقتحم المطبعة واصطحبته مع العامل (.....) إلى مباحث إدارة مكافحة التزييف والتزوير حيث حرر لهما محضراً قامت نيابة قسم إمبابة بتحقيقه وانتهت إلى توجيه تهمة تزوير محرر عرفي قدم إليه - هو عقد العمل الخاص بمؤسسات وشركات أجنبية وتزييف علامات تلك المؤسسات والشركات - وكذلك إدارة المطبعة دون ترخيص، وأفرج عنهما بضمان مالي.
وأضاف المدعي أنه فوجئ في أول يوليو سنة 1986 بصدور القرار رقم (103) لسنة 1986 من إدارة رخص المحلات بحي شمال الجيزة بغلق المطبعة بناء على كتاب الإدارة العامة لمكافحة جرائم التزييف والتزوير رقم 1092 في 25 من يونيو سنة 1986 والذي ورد به أن صاحب المطبعة قد حرر له المحضر رقم (3664) في 25 من يونيو سنة 1986 جنح إمبابة لقيامه باستخدام - المطبعة في تقليد علامات الشركات الأجنبية على عقود العمل.
واستطرد المدعي في دفاعه إلى أن الاتهام المنسوب إليه قد جاء خلواً من أية جريمة يمكن نسبتها إليه خاصة وأن المطبعة برخصة دائمة مستخرجة من حي شمال الجيزة، ومسدد عنها الترخيص حتى العام الأخير.
وردت جهة الإدارة على الدعوى بأنه قد تم ضبط المدعي يستخدم مطبعته في تقليد علامات الشركات الأجنبية على عقود العمل، وقد حرر له محضر عن ذلك، ثم تم غلق المطبعة تنفيذاً لكتاب الإدارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامة، وذلك طبقاً للسلطة المخولة لها في مباشرة وظيفتها ووفقاً لحكم المادة (12) من القانون رقم 453 لسنة 1954، وقد راعى بذلك القرار المطعون فيه المصلحة العامة بالحفاظ على الأمن العام كما راعى مصلحة المدعي باعتبار أن قرار الغلق قرار موقوت حتى يتم التصرف في المحضر الذي حرر له.
وبجلسة 11 من ديسمبر سنة 1986 صدر حكم محكمة القضاء الإداري في الشق المستعجل من الدعوى قاضياً بوقف القرار المطعون فيه، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها على أساس أنه وفقاً لحكم المادة (49) من قانون مجلس الدولة فإن مناط الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه بالإلغاء توافر ركن الجدية والاستعجال وفي مجال بحث الجدية، فإن القرار المطعون فيه - بحسب الظاهر من الأوراق - لم يقم على سند صحيح لأن القانون رقم 453 لسنة 1954 في شأن المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة، ينص في المادة (12) منه على جواز إصدار قرار مسبب بإيقاف إدارة المحل كلياً أو جزئياً في حالة وجود خطر داهم على الصحة العامة أو على الأمن العام ولم يثبت من الوقائع أن المدعي أدار المطبعة على نحو يهدد بخطر داهم أياً من الصحة العامة أو الأمن العام. وفي مجال بحث ركن الاستعجال فقد استظهرت المحكمة أن في إغلاق المطبعة تهديد لمورد رزق المدعي، الأمر الذي يعني توافر الركنين اللازمين للحكم بوقف تنفيذ القرار.
وإذ لم ترتض الجهة الإدارية هذا القضاء، فقد أقامت الطعن الماثل على أساس أنه قد توافر في المطبعة التي صدر القرار الإداري بغلقها الشرط اللازم لصدور هذا القرار وهو التهديد بخطر على الأمن العام لما ينطوي عليه تزييف عقود العمل من أخطار. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإن جهة الإدارة الطاعنة تطلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن وقائع الموضوع تخلص حسبما يبين من الأوراق. وفي مقدمتها حكم محكمة جنح قسم إمبابة الصادر بجلسة 15 من يناير سنة 1987 في قضية النيابة العمومية رقم 3664 لسنة 1986. في أنه قد ثبت من محضر تحريات مؤرخ في 21/ 6/ 1986 بمعرفة أحد ضباط مباحث مكافحة التزييف والتزوير بأنه توالت التحريات السرية الموثوق في صحتها التي تفيد وجود أشخاص يقومون بتقليد علامات الشركات والمؤسسات الأجنبية واستخدامهما في تزوير عقود العمل المزورة واصطناع بعض المستندات المستخدمة في السفر، وقد دلت التحريات على أن السيد/...... (المطعون ضده) والسيد/...... يقومان بإدارة محل طباعة خاص بتقليد علامات المؤسسات والشركات الأجنبية واستخدام تلك العلامات واصطناع عقود العمل وترويجها ولذلك أمرت النيابة العامة بضبط وتفتيش شخصي ومسكن المذكورين وذلك لضبط ما بحوزتهما من عقود عمل مزورة ومن علامات مقلدة للمؤسسات والشركات الأجنبية، وكذلك الأدوات المستخدمة في تلك الطباعة أو أية ممنوعات أخرى تظهر عرضاً أثناء التفتيش. وقد ثبت من محضر الضبط المؤرخ في 21/ 6/ 1986 أن ضابط الشرطة توجه إلى المطبعة وطلب الحصول على العقود التي سبق الاتصال بالمطبعة لشرائها فقام من يدير المطبعة بإعطائه ستة دفاتر، فلما طلب الضابط مائة عقد عمل على العلامة الخاصة بمؤسسة العقيلي بالمملكة العربية السعودية طلب منه من يدير المطبعة (مائة جنيه) وهنا تدخلت القوة المرافقة وتم ضبط عقود العمل التي تحمل العلامة المقلدة لمؤسسة العقيلي بالسعودية وذلك في حضور المطعون ضده......
ومن حيث إنه من المسلمات أن أجهزة الأمن تترخص في تقدير الخطورة الناشئة عن الحالات الواقعية التي تواجهها والتي توجب عليها أن تتدخل لمواجهتها حماية للأمن العام وبالإجراء الضبطي المناسب، ولكن ذلك التقدير الذي لا يكون مشروعاً إلا لو استند إلى حالة واقعية لها وجود حقيقي وتتوافر لها الشروط والأوصاف التي حددها المشرع في القانون لتبرر تدخل الإدارة.
ومن حيث إن حكم محكمة جنح إمبابة المشار إليه لم ينته إلى نفي وقوع ما تقدم من وقائع إلا أنه نفى التكييف القانوني والوصف الجنائي في الحدود التي تضمنها قرار الاتهام عنها حيث ذكر إن جريمة الاستعمال للمحررات لم تتم واعتبر الأفعال والوقائع التي أقر الحكم الجنائي المذكور ثبوتها قبل المتهم (المطعون ضده) تشكل شروعاً في تزوير محررات عرفية وهي ليست من الجنح التي يعاقب على الشروع فيها، وقد انتهى الحكم المشار إليه إلى براءة المتهمين دون أن تنفي صحة الوقائع المنسوبة إليهما بل أنه رجح حقه بما تضمنه من ثبوتها قبلهم وبينهم المطعون ضده.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن جهة الإدارة متمثلة في حي شمال الجيزة إذ أصدرت القرار رقم 103 لسنة 1986 بغلق مطبعة المطعون ضده في 26 من يونيه سنة 1986، فإنها تكون قد أصدرت هذا القرار خلال أسبوع من تاريخ إجراء الضبط الذي تم بناء على إذن النيابة العامة وضبط العقود التي تحمل علامات مقلدة لإحدى المؤسسات الأجنبية الخاصة ومن ثم فإن هذا القرار يكون قد استند إلى واقعة ثابتة في محضر رسمي لم يطعن على ما ورد به بالتزوير ولم ينته القضاء إلى الحكم بعدم صحتها أو عدم سلامتها أو عدم صحة إدانة المطعون ضده بارتكابها.
ومن حيث إن القانون رقم 453 لسنة 1954 في شأن المحال الصناعية والتجارية وغيرها من المحال المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة ينص في المادة (12) على أنه "في حالة وجود خطر داهم على الصحة العامة أو على الأمن العام نتيجة لإدارة محل من المحال التي تسري عليها أحكام هذا القانون، يجوز لمدير عام إدارة الرخص بناء على اقتراح فرع الإدارة الذي يقع في دائرته إصدار قرار مسبب بإيقاف إدارة المحل كلياً أو جزائياً، ويكون هذا القرار واجب النفاذ بالطريق الإداري".
ومن حيث إن مقتضى هذا النص أنه وإن كان من حق صاحب المحل أن يداوم مزاولته لنشاطه فيه تأميناً لكسب رزقه والاستمرار في تحصيل قوته، إلا أنه إذا ما خرج رب المحل على الحدود المشروعة في مباشرته لنشاطه كان من حق جهة الإدارة الأمينة على الصالح العام أن توقف هذا النشاط بقرار إداري يصدر من جانبها بشرط أن يكون هذا الخروج بأفعال يتحقق في شأنها الأوصاف التي حددها نص القانون وهي وجود خطر داهم على الصحة العامة أو على الأمن العام نتيجة لإدارة المحل الخاضع لأحكام القانون رقم 453 لسنة 1954 ومن ثم فإن مقطع النزاع في الطعن الماثل هو مدى توفر الخطر الداهم على الأمن العام بالنسبة لما يثبت من أفعال قبل المطعون ضده.
ومن حيث إن الاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16/ 12/ 1966 وقد وقعت عليها جمهورية مصر العربية بتاريخ 4/ 8/ 1967 وصدر بالموافقة عليها قرار رئيس الجمهورية رقم 537 لسنة 1981. ومن حيث إن هذه الاتفاقية تنص في المادة (6) منها على أن "تقر الدول الأطراف في الاتفاقية الحالية بالحق في العمل الذي يتضمن حق كل فرد في أن تكون أمامه فرصة كسب معيشته عن طريق العمل الذي يختاره أو يقبله بحرية. وتتخذ هذه الدول الخطوات المناسبة لتأمين هذا الحق".
كما تنص في المادة (4) على أن "تقر الدول الأطراف في الاتفاقية الحالية بأنه يجوز للدولة، في مجال التمتع بالحقوق التي تؤمنها تمشياً مع الاتفاقية الحالية، أن تخضع هذه الحقوق للقيود في القانون فقط وإلى المدى الذي يتمشى مع طبيعة هذه الحقوق فقط ولغايات تعزيز الرضاء العام في مجتمع ديمقراطي.
ومن حيث إن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان - الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في العاشر من ديسمبر سنة 1948 ينص في المادة الثالثة والعشرين منه أنه "لكل شخص الحق في العمل، وله حرية اختياره... كما ينص هذا الإعلان العالمي في المادة التاسعة والعشرين منه أنه (1) على كل فرد واجبات نحو المجتمع الذي يتاح فيه وحدة لشخصيته أن تنمو نمواً حراً كاملاً. (2) يخضع الفرد في ممارسة حقوقه وحرياته لتلك القيود التي يقررها القانون فقط، لضمان الاعتراف بحقوق الغير وحرياته واحترامها، ولتحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام والمصلحة العامة والأخلاق في مجتمع ديمقراطي".
ومن حيث إنه يبين من هذه المواثيق الدولية لحقوق الإنسان أنه ليس لأحد الزعم بأن له حقوقاً مطلقة لا تتقيد بحقوق الآخرين في ذات المجتمع ولا تتحدد بما يقتضيه الصالح العام لغيره من الناس، بل إن للدولة أن تضع حقوق وحريات الفرد في إطارها الصحيح بحيث يكون استخدامه لها إضافة الناتج والنشاط والقدرة القومية في توافق مع مصلحة غيره من المواطنين ومع المصلحة القومية العامة، وهذا الإطار يبرر أن يضع بدقة حدوده وشروطه ومداه المشرع الداخلي بمقتضى القانون وليس بأداة أدنى وقد تم التقنين الدستوري لهذه القاعدة المقررة دولياً في دستور جمهورية مصر العربية الذي نص على أن يقوم المجتمع على التضامن الاجتماعي (م 7) وعلى أن يلتزم المجتمع برعاية الأخلاق وحمايتها (م 12) وعلى أن العمل حق وواجب وشرف تكفله الدولة (م 13) وأن تخضع الملكية لرقابة الشعب وتحميها الدولة (م 29) وعلى أن "الملكية الخاصة تتمثل في رأس المال غير المستغل، وينظم القانون أداء وظيفتها الاجتماعية في خدمة الاقتصاد القومي وفي إطار خطة التنمية، دون انحراف أو استغلال، ولا يجوز أن تتعارض في طرق استخدامها مع الخير العام للشعب، وعلى أن الملكية الخاصة مصونة (م 34).
ومن حيث إن مقتضى هذه النصوص جميعاً أن لكل مواطن حق اختيار مجال نشاطه في كسب رزقه وتدبير سبل حياته بواسطة عمله وله حرية ممارسة هذا النشاط أو العمل سواء أكان عملاً بحتاً أو عملاً مع ملكية رأس مال أو استثمار لرأس المال وحده دون تعرض له في ممارسته ودون تقييد حقه في مباشرته إلا في حدود ما ينظمه القانون وبموجب قواعد تضمن عدم تعارض نشاط الملكية الخاصة مع الصالح العام للمجتمع أو مع الخير العام للشعب بل على القانون أن ينظم كيفية حماية هذا الصالح العام والخير العام ورعايته من أي عدوان أو استغلال أو إيذاء للمجتمع أو لأفراده وعلى الجهات الإدارية أن تعمل على تحقيق هذه الغايات في إطار من الشرعية وسيادة القانون.
ومن حيث إنه تطبيقاً لذلك فقد نصت المادة (12) من القانون رقم 453 لسنة 1954 على حق جهة الإدارة في إيقاف إدارة المحل كلياً أو جزئياً في حالة وجود خطر داهم على الصحة العامة أو على الأمن العام وذلك حماية للمجتمع من هذا الخطر المترتب على مباشرة أي مواطن لنشاطه في استغلال محل عام ووقاية للأفراد من استغلالهم أو العدوان على صحتهم أو أمنهم أو استقرارهم بسبب مباشرة أي فرد لهذا لنشاط ومن حيث إنه في ضوء ما سلف جميعه يتحدد ما قصده المشرع بالخطر الداهم الذي يهدد الصحة العامة أو الأمن العام وعلى أساس موضوع يرتبط بنوعية النشاط وبظروف مباشرته سواء من حيث المكان أو الزمان فيما يعد خطراً داهماً يهدد الأمن العام في زمن معين أو في مدينة معينة لا يعد كذلك في زمن آخر أو في مكان آخر في الدولة.
ومن حيث إنه بمراعاة كل ذلك فإن المقصود "بالخطر الداهم على الأمن العام" هو الخطر على الأمن بمعناه الواسع الذي لا يقف عند حد الأمن الخاص بحماية الأرض وغيرها من ممتلكاته وحياته وعرضه من العدوان عليها بالصورة التقليدية وإنما يشمل ذلك الأمن الخاص بحماية الفرد وحياته وعرضه وماله وحرياته وحقوقه العامة والخاصة واستقراره وثقته في مجتمعه وليس فقط في حدود الأمن الذي لا يقف عند حد حماية الفرد من الاعتداء التقليدي غير المشروع على جسده أو حريته، ولكنه يتجاوز ذلك إلى شمول الحماية من الاعتداء غير المشروع على كل ما يتصل بحياة الإنسان الاقتصادية والاجتماعية في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية العامة التي تحوطه ومن أبرزها في مصر الآن ما يعانيه المصريون من أزمة اقتصادية تدفعهم دفعاً إلى البحث باندفاع ولهفة عن عمل تتحسن به أوضاعهم في البلاد العربية وبصفة خاصة في الدول النفطية مما يساعد على سهولة استهوائهم وبخاصة استهواء الشباب منهم واستغلالهم ويوجب على المشرع والإدارة العاملة حمايتهم من كل مستغل انتهازي لظروفهم.
ومن حيث إن واقعة أعداد نسخ مطبوعة من عقود عمل توحي بأنها صادرة من مؤسسات تعمل بالخارج مما يتيح للغير القيام بعمليات تغرير واسعة النطاق براغبي العمل بالخارج من المواطنين الذين يحتاجون في الظروف الاقتصادية الراهنة لكسب الرزق الحلال أينما كان مصدر الرزق خاصة إذا كان الإغراء بالعمل بدولة عربية نفطية توجد بها سوق للعمالة المصرية التي تسهم بعمالها وخبرائها في بنائها مقابل الأجور العالية التي يتحصل عليها لا شك ينطوي على التلاعب بآمال من يعانون من البطالة أو الأزمة الاقتصادية الذين يعانون في هذه الآونة الحرجة من مراحل العمل الوطني في سبيل إصلاح مسار مصر الاقتصادي والخروج من أزمتها الاقتصادية، وهذا التغرير والاستغلال يهدد بلا جدال المغرر بهم وهم ملايين في أمنهم وسلامهم الاجتماعي والاقتصادي بما يترتب عليه من سخط واسع النطاق بقدر عدد الأسر التي تبتلى بعقود عمل مزورة مقابل كل مدخراتها أو معظمها ولا يكتشف العامل أمر التغرير والزيف إلا بعد إنفاق الجهد والمال في سبيل السفر الذي يسفر عن سراب يكتشفه العامل المتعطش إلى الرخاء في العمل في دولة نفطية مغترباً عن بلده وولده فإذا به يرحل خائباً إلى وطنه أو يساق إلى السجون بتهمة الاشتراك في تزوير عقد صادر عن جهة لم تصدره وهو من هذا الاتهام برئ بعد أن يفقد مقابل العقد المزور والأمل المزيف كل أو معظم ما يملكه من مدخرات ومن حيث إنه لا شك في ظل هذه الظروف فإن من شأن الاضطراب العام الذي ينشأ نتيجة استعمال أعداد ضخمة من عقود العمل المزورة بالخارج أن ينشأ خطر داهم على الأمن العام بهذا المفهوم وفي إطار المعيار القانوني الصحيح سالف البيان ومن ثم فإن الشروط التي تطلبها المشرع في المادة (12) من القانون رقم 453 لسنة 1954 سالف الذكر يكون متحققاً في حالة المطعون ضده الذي ثبت في حقه أنه كان يطبع العديد من عقود العمل المزورة بأسماء مؤسسات خاصة سعودية سواء ثبت أنه قد قام بترويجها بنفسه أو يسر ذلك لغيره من الذين يعتمدون عليها في الاحتيال والنصب لاستغلال آمال المواطنين وسلبهم مدخراتهم مقابل تقديم عقود مزورة بفرص عمل زائفة يحددها المطعون ضده لهذا الغرض.
"ولا يفوت المحكمة أن تثبت أنها إذ تزن الحكم والقرار الطعين بميزان الشرعية وسيادة القانون - فإن هذا القرار الذي صدر استناداً إلى المادة (12) من القانون رقم 453 لسنة 1954 بشأن المحال الصناعية والتجارية ليس عقوبة جنائية أصلية أو تبعية أو تكميلية، وإنما هو إجراء ضبطي مصدره وسنده أحكام المادة (12) من القانون المذكور وهذا القرار بحسب طبيعته والأسباب المبررة لصدوره والغاية منه ليس إلغاء للترخيص بصفة نهائية، وإنما هو إجراء ضبطي مؤقت بإيقاف إدارة النشاط بالمحل كلياً أو جزئياً لحين زوال الخطر الداهم الذي يهدد الصحة العامة أو الأمن العام أو كليهما إذ ترتبط شرعية القرار ووجوده وزواله بوجود الحالة الواقعية التي يتحقق معها توقع هذا الخطر الداهم وفقاً للتقدير الموضوعي والمنطقي للأمور، ولا شك أن هذا القرار بوقف إدارة النشاط بالمحل يفقد شرعيته بزوال التهديد بالخطر الداهم للصحة العامة أو الأمن العام نتيجة لتغير الظروف التي يباشر خلالها النشاط بحيث يتحقق لدى الجهة الإدارية أن تغير الظروف يترتب عليه أن العودة إلى مباشرة النشاط بالمحل في الحدود المشروعة لن يرتبط بالحتم والضرورة بإيجاد حالة واقعية يعيبها بحسب طبائع الأمور نشوء خطر داهم للأمن العام أو الصحة العامة أو استمرار وجوده وكما أنه من الواجب على الإدارة إعمالاً للمشروعية وإعلاء للصالح العام أن تتدخل لوقف أي نشاط مرخص به لتهديد الأمن العام والصحة العامة فإن عليها أيضاً أن تتدخل لإزالة هذا الوقف فور أن تزول الأسباب الموجهة له ويزول التهديد بالخطر الداهم للأمن العام أو الصحة العامة احتراماً لحصانة الملكية الفردية وحرية النشاط الفردي وحق كل مواطن في العمل المشروع للإسهام على حسب ما يستطيع في مجال الإنتاج والخدمات في إطار الشرعية والمشروعية.
ومن حيث إن مؤدى ما سلف بيانه أن القرار الإداري الطعين الصادر بوقف إدارة المطبعة قد صدر وفقاً لما يبين من ظاهر الأوراق صحيحاً وموافقاً لصحيح حكم القانون.
ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه وقد صدر بوقف تنفيذه يكون قد صدر دون سند صحيح من أحكام الدستور والقانون متعين الإلغاء.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون عليه، وألزمت المطعون ضده بالمصروفات.