الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 1 مايو 2023

الطعنان 545 ، 550 لسنة 44 ق جلسة 25 / 4 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 216 ص 1101

جلسة 25 من إبريل سنة 1978

برياسة السيد المستشار صلاح الدين حبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: زكي الصاوي صالح، جمال الدين عبد اللطيف، وجلال الدين رافع، ومحمد طه سنجر.

-------------

(216)
الطعنان رقما 545، 550 لسنة 44 القضائية

(1) قرار إداري "قرارات الاتحاد الاشتراكي". اختصاص "اختصاص ولائي".
الاتحاد الاشتراكي. ماهيته. تنظيم سياسي وليس سلطة عامة. قراراته لا تعد قرارات إدارية أو عملاً من أعمال السيادة. اختصاص المحاكم العادية بنظر المنازعات التي تثور بشأنها.
(2، 3) إدارة قضايا الحكومة. وكالة. بطلان. نقض.
(2) إدارة قضايا الحكومة نيابتها عن الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية. م 6 ق 75 لسنة 1963. الاتحاد الاشتراكي لا تنوب عنه هذه الإدارة. التوقيع على صحيفة الطعن بالنقض من أحد محامي إدارة القضايا. أثره. بطلان الطعن. م 253 مرافعات.
(3) تكييف العمل بأنه من أعمال السيادة من عدمه. خضوعه لرقابة محكمة النقض.

--------------
1 - النص في المادة الخامسة من دستور سنة 1971 على أن "الاتحاد الاشتراكي العربي هو التنظيم السياسي الذي يمثل تنظيماته القائمة على أساس من الديمقراطية وتحالف قوى الشعب العاملة..." وتحديده في الفصول الثاني والثالث والرابع من الباب الخامس السلطات الثلاث للدولة وهي السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية، يدل على أن الاتحاد الاشتراكي العربي ليس سلطة عامة جديدة تقف إلى جانب هذه السلطات الثلاث وإنما هو تنظيم سياسي يضم قوى الشعب العاملة فلا تعد قراراته قرارات إدارية أو عمل من أعمال السيادة، وإذ كانت المحاكم المدنية طبقاً للمادة 15 من قانون السلطة القضائية هي صاحبة الولاية العامة في الفصل في كافة المنازعات عدا ما استثنى بنص خاص وكان الطاعن قد طلب الحكم بانعدام القرار المطعون فيه لصدوره على غير محل استناداً لصدوره بفصله من عضوية الاتحاد حال أنه لم يكن عضواً به فإن النزاع على هذه الصورة يدخل في ولاية المحاكم المدنية.
2 - تنص المادة 253 من قانون المرافعات على أن "يرفع الطعن بصحيفة تودع قلم كتاب محكمة النقض أو المحكمة التي أصدرت الحكم الطعون فيه ويوقعها محام مقبول أمام محكمة النقض..... فإذا لم يحمل الطعن على هذا الوجه كان باطلاً وتحكم من تلقاء نفسها ببطلانه" وتنص المادة السادسة من القانون رقم 75 لسنة 1963 في شأن تنظيم إدارة قضايا الحكومة على أن "تنوب هذه الإدارة عن الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ولدى الجهات الأخرى التي خولها القانون اختصاصاً قضائياً "وإذ كان الاتحاد الاشتراكي هو تنظيم سياسي يضم قوى الشعب العاملة فإنه لا يندرج ضمن من عددتهم المادة السادسة السالف ذكرها ومن ثم فلا تنوب عنه إدارة قضايا الحكومة أمام القضاء ويكون توقيعها على صحيفة هذا الطعن عن الاتحاد الاشتراكي لا يتحقق به الشرط الذي تتطلبه المادة 253 من قانون المرافعات ويكون الطعن بذلك باطلاً.
3 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المحاكم هي المختصة بتقرير الوصف القانوني للعمل الصادر عن السلطات العامة وما إذا كان يعد من أعمال السيادة وحينئذ لا يكون لها أي اختصاص بالنظر فيه وأن محكمة الموضوع تخضع في تكييفها في هذا الخصوص لرقابة محكمة النقض، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خلص صحيحاً إلى أن الاتحاد الاشتراكي العربي ليس سلطة عامة من سلطات الدولة، فإن القرار المطعون فيه لا يكون بذلك عملاً من أعمال السيادة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المهندس....... - باعتباره عضواً في مجلس نقابة المهندسين ووكيل مجلس شعبة المناجم والبترول بها - أقام الدعوى 3587 لسنة 1973 مدني جنوب القاهرة الابتدائية ضد الاتحاد الاشتراكي العربي - رئيس الاتحاد الاشتراكي العربي بصفته ورئيس لجنة النظام وأمين شئون التنظيم وأمين أول اللجنة المركزية - ونقيب المهندسين بصفته ووزير الري بصفته، طلب فيها الحكم بانعدام قرار لجنة النظام بالاتحاد الاشتراكي العربي الصادر في 3/ 2/ 1973 بفصله من عضوية الاتحاد واعتبار هذا القرار كأن لم يكن بكل ما ترتب عليه من آثار وأهمها وقف عضويته في مجلس نقابة المهندسين ومجلس شعبة المناجم والبترول بها، وقال شرحاً للدعوى إن لجنة النظام بالاتحاد الاشتراكي العربي أصدرت القرار سالف الذكر بدعوى وقوع انحرافات منه وإذ لم يكن هو أصلاً عضواً بالاتحاد الاشتراكي العربي، وقد خلا القرار المطعون فيه من بيان الانحراف المنسوب إليه ودليله، وكانت مهمة تلك اللجنة مقصورة على محاسبة أعضاء الاتحاد الاشتراكي فإن قرارها بفصله يكون معدوماً لصدوره بلا سبب وعلى غير محل، ولما كان مجلس نقابة المهندسين قد قرر بتاريخ 24/ 3/ 1973 وقف عضويته في مجلس النقابة ومجلس شعبة المناجم والبترول بها حتى يفصل في تظلمه المقدم إلى لجنة النظام بالاتحاد الاشتراكي، فقد أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان. دفع المدعى عليهم بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى. وبتاريخ 30/ 9/ 1973 حكمت المحكمة برفض هذا الدفع وأجابت المدعي إلى طلباته. استأنف نقيب المهندسين بصفته هذا الحكم كما استأنفه باقي المدعى عليهم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئنافان برقمي 5649 و5682 سنة 90 ق على التوالي، وبعد أن قررت المحكمة ضم الاستئناف الثاني إلى الأول حكمت بتاريخ 21/ 3/ 1974 بتأييد الحكم المستأنف. طعن نقيب المهندسين بصفته في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 545 سنة 44 ق كما طعن فيه الاتحاد الاشتراكي العربي ووزير الري بصفته بالطعن رقم 550 سنة 44 ق. دفع المطعون عليه في الطعن الثاني ببطلانه بالنسبة للاتحاد الاشتراكي وبعدم قبوله بالنسبة إلى وزير الري بصفته وقدمت النيابة مذكرة في كل من الطعنين طلبت في الثانية عدم قبول الطعن بالنسبة إلى وزير الري ورفض الدفع بالبطلان بالنسبة إلى الاتحاد الاشتراكي، وأبدت الرأي في الموضوع برفض الطعنين. عرض الطعنان على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنهما جديران بالنظر وحددت جلسة لنظرهما وفيها التزمت النيابة رأيها، وقررت المحكمة ضم الطعن الثاني إلى الطعن الأول للارتباط ليصدر فيهما حكم واحد.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بني على سببين ينعى الطاعن بالأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول، إنه أعلن بتأجيل الدعوى إدارياً لجلسة 6/ 10/ 1973 أمام محكمة أول درجة ثم تبين أن تلك المحكمة عجلت نظر الدعوى لجلسة 29/ 9/ 1973 بناء على طلب المطعون عليه الأول وحجزتها للحكم لجلسة 30/ 9/ 1973 وفيها صدر الحكم الابتدائي، ولما كان لم يعلن بتعجيل الدعوى فإن هذا الحكم يكون باطلاً لابتنائه على إجراء باطل، وقد تمسك بهذا البطلان أمام محكمة الاستئناف إلا أنها رفضته استناداً إلى ما قررته من أن الطاعن لم يحضر أمام محكمة أول درجة ولم يتمسك بالبطلان، ولما كان لم يعلن بتعجيل الدعوى فإن ما قررته المحكمة لا يصلح رداً على دفاعه وهو ما يعيب حكمها بمخالفة القانون والقصور.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه رفض الدفاع الوارد بسبب النعي تأسيساً على قوله إن "الإعلان بتعجيل نظر الدعوى من جلسة 6/ 10/ 1973 إلى جلسة 29/ 9/ 1973 قد تم موافقاً لما رسمه القانون في يوم 20/ 9/ 1973 بالنسبة لهم جميعاً عدا الرابع - الطاعن - الذي حصل بالنسبة له في 25/ 9/ 1973 ولا يؤثر في ذلك قرار التأجيل الإداري وإعلان المدعى عليهم به ما دام أن صحيفة التعجيل قد أعلنت لهم إعلاناً صحيحاً"، ولما كان هذا الذي قرره الحكم له أصله الثابت في الأوراق ويصلح رداً على دفاع الطاعن فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينص بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون بمجاوزته حدود ولاية القضاء العادي وذلك بإخضاعه القرار الصادر من لجنة النظام بالاتحاد الاشتراكي العربي لرقابة القضاء، حالة أن الاتحاد الاشتراكي العربي سلطة مستقلة عن السلطات الدستورية الثلاث وهو هيئة سياسية وقراراته تعتبر قرارات سياسية لا تخضع لأية رقابة قضائية عملاً بمبدأ الفصل بين السلطات، وإذ جانب الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى على خلافه فإنه يكون قد خالف قواعد الاختصاص الولائي.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن دستور سنة 1971 إذ نص في المادة الخامسة منه على أن "الاتحاد الاشتراكي العربي هو التنظيم السياسي الذي يمثل بتنظيماته القائمة على أساس من الديمقراطية تحالف قوى الشعب العاملة..."، وحدد في الفصول الثاني والثالث والرابع من الباب الخامس السلطات الثلاث للدولة وهي السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية، يدل على أن الاتحاد الاشتراكي العربي ليس سلطة عامة جديدة تقف إلى جانب هذه السلطات الثلاث وإنما هو تنظيم سياسي يضم قوى الشعب العاملة فلا تعد قراراته قرارات إدارية أو عملاً من أعمال السيادة، لما كان ذلك وكانت المحاكم المدنية طبقاً للمادة 15 من قانون السلطة القضائية هي صاحبة الولاية العامة في الفصل في كافة المنازعات عدا ما استثنى بنص خاص وكان الطاعن قد طلب الحكم بانعدام القرار المطعون فيه لصدوره على غير محل استناداً لصدوره بفصله من عضوية الاتحاد حال أنه لم يكن عضواً به فإن النزاع على هذه الصورة. يدخل في ولاية المحاكم المدنية، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون عليه ببطلان الطعن من الاتحاد الاشتراكي العربي - الطاعنون الأول والثاني والثالث والخامس - إن إدارة قضايا الحكومة أقامت الطعن بصفتها نائبة عنه مع أنها لا تنوب إلا عن الحكومة والمصالح العامة، وإذ لم يكن الاتحاد الاشتراكي فرعاً من أي منها فإنه تلك الإدارة لا تملك تمثيله ويكون الطعن من ثم باطلاً لعدم التوقيع على صحيفته من محام موكل عن الاتحاد الاشتراكي ومقبول للمرافعة أمام محكمة النقض.
وحيث إن هذا الدفع صحيح، ذلك أنه لما كانت المادة 253 من قانون المرافعات تنص على أن "يرفع الطعن بصحيفة تودع قلم كتاب محكمة النقض أو المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه ويوقعها محام مقبول أمام محكمة النقض... فإذا لم يحصل الطعن على هذا الوجه كان باطلاً وتحكم من تلقاء نفسها ببطلانه."، وكانت المادة السادسة من القانون رقم 75 لسنة 1963 في شأن تنظيم إدارة قضايا الحكومة تنص على أن "تنوب هذه الإدارة عن الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ولدى الجهات الأخرى التي خولها القانون اختصاصاً قضائياً."، وكان الاتحاد الاشتراكي كما سلف القول هو تنظيم سياسي يضم قوى الشعب العاملة فإنه لا يندرج ضمن من عددتهم المادة السادسة السالف ذكرها ومن ثم فلا تنوب عنه إدارة قضايا الحكومة أمام القضاء ويكون توقيعها على صحيفة هذا الطعن عن الاتحاد الاشتراكي لا يتحقق به الشرط الذي تتطلبه المادة 253 من قانون المرافعات ويكون الطعن بذلك باطلاً.
وحيث إن مبنى الدفع بالنسبة إلى وزير الري بصفته - الطاعن الرابع - أنه ليس خصماً حقيقياً في الحكم المطعون فيه إذا لم يقض عليه بشيء.
وحيث إن هذا الدفع غير صحيح، ذلك أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يجوز الطعن من كل من كان طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه ولم يتخل عن منازعته مع خصمه حتى صدر الحكم ضده سواء كان مستأنفاً أو مستأنفاً عليه خصماً أصيلاً أو ضامناً الخصم أصيل، وإذ كان الطاعن قد اختصمه المطعون عليه أمام المحكمة الابتدائية كمدعى عليه ودفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وكان الحكم الابتدائي قد رفض هذا الدفع وقضى بطلبات المطعون عليه فاستأنفه الطاعن المذكور ولم يتخل عن منازعة خصمه المطعون عليه حتى صدر الحكم المطعون فيه لمصلحته ضده وألزمه بالمصاريف فإنه من ثم يكون خصماً حقيقياً في الحكم المطعون فيه ويكون الدفع بعدم القبول على غير أساس.
وحيث إن الطعن بالنسبة للطاعن الرابع قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بني على سببين ينعى الطاعن بهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول إن القرار الصادر من لجنة النظام بالاتحاد الاشتراكي العربي هو قرار سياسي صادر من سلطة عليا في الدولة ويعد بهذه المثابة من قبيل أعمال السيادة المحظور على المحاكم نظرها، وقد ناط قانون الاتحاد الاشتراكي الصادر في 9/ 5/ 1968 بهيئة النظام بالاتحاد المذكور مهمة الفصل في التظلمات والطعون التي تقدم من الأعضاء الذين توقع عليهم عقوبة الفصل من العضوية العاملة أو من منظمات الاتحاد، وبذلك يكون القرار المطعون فيه خارجاً عن نطاق المنازعات القضائية أمام المحاكم وإذ جانب الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون قد خالف قواعد الاختصاص الولائي.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المحاكم هي المختصة بتقرير الوصف القانوني للعمل الصادر عن السلطات العامة وما إذا كان يعد من أعمال السيادة وحينئذ لا يكون لها أي اختصاص بالنظر فيه، وأن محكمة الموضوع تخضع في تكييفها في هذا الخصوص لرقابة محكمة النقض، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص صحيحاً وعلى ما سلف بيانه في الرد على السبب الثاني في الطعن رقم 545 سنة 44 ق إلى أن الاتحاد الاشتراكي العربي ليس سلطة عامة من سلطات الدولة فإن القرار المطعون فيه لا يكون بذلك عملاً من أعمال السيادة ويكون النعي على الحكم بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إنه لما سلف يتعين رفض الطعن.

الطعن 87 لسنة 13 ق جلسة 20 / 4 / 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 121 ص 326

جلسة 20 إبريل سنة 1944

برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات: نجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك ومحمود فؤاد بك المستشارين.

----------------

(121)
القضية رقم 87 سنة 13 القضائية

موظف:
أ - التعديل في كادر الوظائف. لا شأن للمحاكم به ما دام لم يمس حقاً مكتسباً للموظف ولم يجئ مخالفاً للقوانين واللوائح الموضوعة للموظفين. مثال.
ب - حكم تأديبي. تمسك الموظف ببطلان الحكم التأديبي الصادر ضده لمخالفته للقانون من جهة تشكيل المجلس أو من جهة إجراءات المحاكمة. عدم الأخذ بدفعه هذا. طعنه في الحكم. عدم بيان وجوه المخالفات القانونية في وجه الطعن. لا يقبل.

----------------
1 - إن التعديل في كادر الوظائف ما دام لم يمس حقاً مكتسباً للموظف ولم يخالف القوانين واللوائح الموضوعة للموظفين فلا شأن للمحاكم به ولا دخل لها فيه. فالمهندس الذي كان بحسب كادر معين، في الدرجة الأولى بمرتب ثابت قدره 25 جنيهاً، إذا وضع في كادر جديد في الدرجة الثانية التي جعل مربوطها فيه من 24 ج إلى 28 بعلاوات دورية، لا يقبل منه أن يتظلم من ذلك إلى المحاكم ما دام الكادر الجديد قد جعله أحسن حالاً مما كان.
2 - إذا تمسك الموظف ببطلان الحكم التأديبي الصادر ضده لمخالفته للقانون، سواء من جهة تشكيل المجلس الذي أصدره أو من جهة إجراءات المحاكمة، فلم تقره المحكمة على دعواه، فطعن في حكمها بطريق النقض ولم يبين في تقرير الطعن وجوه المخالفات القانونية التي يدعي وقوعها في محاكمته، فهذا التجهيل، من جانبه، في بيان وجه الطعن يجعله غير مقبول.


الوقائع

تتحصل وقائع الدعوى في أن الطاعن عين مهندساً مساعداً بوزارة الأشغال عقب تخرجه من مدرسة الهندسة في 16 من يوليو سنة 1896 وأنه في سنة 1912 كان مهندساً في الدرجة الأولى براتب قدره 25 جنيهاً غير أن الوزارة وضعته في الدرجة الثانية بنفس الراتب، وحدث في سنة 1917 أن أحيل إلى مجلس التأديب فقضى هذا المجلس بفصله من الخدمة إلا أن المجلس المخصوص عدل هذا القرار واكتفى بتنزيله إلى الدرجة التالية لدرجته بأقصى مربوطها، وفي سنة 1921 عندما عدلت درجات الموظفين جميعاً وضع في الدرجة الخامسة من أول أكتوبر سنة 1910، مع أنه كان يجب اعتبار أقدميته من أول يناير سنة 1907، وبذلك ضاع عليه ثلاثة جنيهات شهرياً من مقدار العلاوة التي كان يستحقها. ولهذا رفع دعواه على المطعون ضدهما أمام محكمة مصر الابتدائية، وشرح في صحيفتها الوقائع السالفة الذكر وطلب فيها إلى المحكمة إلزامهما بمبلغ 3053 جنيهاً تعويضاً عن قيمة فرق الراتب الذي ضاع عليه مع القضاء برفع معاشه إلى 500 مليم و52 جنيهاً من تاريخ تركه الخدمة وصرف المتجمد من فرق المعاش إليه وإلزام المطعون ضدهما بالمصاريف والأتعاب والنفاذ. ثم عدل مبلغ التعويض أخيراً إلى 70 مليماً و3515 جنيهاً مع باقي طلباته الأخرى. وبتاريخ 26 من يناير سنة 1941 قضت المحكمة برفض الدعوى وإلزامه بالمصاريف إلخ.
استأنف الطاعن هذه الحكم أمام محكمة استئناف مصر وقضى فيه بجلسة 25 إبريل سنة 1943 بتأييد الحكم المستأنف إلخ. إلخ.
أعلن هذا الحكم إلى الطاعن في 7 من يونيه سنة 1943 فقرر وكيله الطعن فيه بطريق النقض في 27 من الشهر المذكور إلخ إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق وتأويل القوانين واللوائح الخاصة بالموظفين. وفي بيان ذلك يقول: أولاً إن الحكم قد أخطأ في تطبيق القانون الصادر في سنة 1912 بتعديل الدرجات، فبدلاً من أن ترفع الوزارة راتبه (وكان يشغل وظيفة مهندس من الدرجة الأولى) وضعته في الدرجة الثانية، وفي هذا إخلال بحقه المكتسب وتنزيل له لا يجوز أن يحصل إلا بقرار من مجلس التأديب. وثانياً - إنه بالرغم من تمسكه ببطلان الحكم التأديبي الصادر في سنة 1917 لمخالفته للقانون، سواء في تشكيل المجلس أو إجراءات المحاكمة، فإن الحكم المطعون فيه لم يعر هذه المخالفات التفاتاً، وثالثاً - إن الحكم المطعون فيه لم يقم وزناً لتسليم لجنة تعديل الدرجات في سنة 1921 بوجهة نظر الطاعن إذ اعتبرته لا يزال مهندساً في الدرجة الأولى التي رقي إليها في سنة 1910 رغم حكم المجلس المخصوص القاضي بتنزيله، وكان من الواجب، وقد رأت اللجنة هذا، أن تصرف للطاعن فرق راتبه على هذا الأساس، وهو ما لم يعرض له الحكم المطعون فيه.
وحيث إنه فيما يختص بالخطأ المقول بحصوله في تطبيق قانون سنة 1912 فقد قال الحكم المطعون فيه بصدده ما يأتي: "إن تعديل الدرجات الذي حصل في سنة 1912 هو تعديل عام للدرجات بسبب تعديل في ميزانية تلك السنة ولم ينله منه ضرر ولم يحرمه من أي حق اكتسبه بل هو في الواقع قد استفاد منه ولو أن درجته سميت في الترتيب الجديد درجة ثانية بعد أن كانت أولى، إذ كان مرتبه في الدرجة الأولى القديمة 25 جنيهاً شهرياً، وهو مرتب ثابت، فجعل مرتب الدرجة الثانية التي وضع فيها من 24 جنيهاً إلى 28 جنيهاً بعلاوات دورية، فأصبح بالوضع الجديد عنده المجال للوصول إلى مرتب 28 جنيهاً في هذه الدرجة دون أن يحرم من أمل الترقية إلى باشمهندس". وهذا الذي ذكره الحكم المطعون فيه صحيح، ولا إخلال فيه بما قد يكون للطاعن من حق مكتسب، بل إن الوضع الجديد قد جعله أحسن حالاً إذ رفع الحد الأقصى لراتب الدرجة التي وضع فيها إلى 28 جنيهاً بعد أن كان 25 جنيهاً.
وحيث إنه عن تمسك الطاعن ببطلان الحكم التأديبي لمخالفته للقانون سواء في تشكيل المجلس أو إجراءات المحاكمة فإن الطاعن لم يذكر في تقرير الطعن كيف خولف القانون في تشكيل المجلس ولا في الإجراءات التي تمت أمامه، وما هي المخالفات التي يدعي بحصولها، وهل حصلت أمام مجلس التأديب الابتدائي أو أمام المجلس المخصوص أو أمام كليهما، مما يجعل هذا الوجه غير مقبول. على أن الطاعن أقر صراحة في مذكرته الشارحة لأسباب الطعن بأن مجلس التأديب والمجلس المخصوص كانا مشكلين تشكيلاً صحيحاً، وأن العقوبة التي قضى بها مجلس التأديب أولاً والمجلس المخصوص ثانياً تدخل في نطاق العقوبات التأديبية المقررة في القانون.
وحيث إنه فيما يتعلق بادعاء الطاعن أن الحكم المطعون فيه لم يقم وزناً لتقرير لجنة تعديل الدرجات في سنة 1921 فإن الحكم المطعون فيه قد قال بحق في هذا الخصوص ما يأتي: "إن قبوله الوضع الذي جعل فيه في ترتيب الدرجات الحاصل في سنة 1921 بإقراره المؤرخ 24 إبريل سنة 1923 فضلاً عن أنه يعتبر قبولاً نهائياً له كما ذكرت ذلك محكمة أول درجة فإنه من جهة أخرى يعتبر إقراراً للحالة السابقة عليه، ولا يجوز له بعده التظلم من إجراءات قديمة حصلت في سنة 1912 و1917 خصوصاً وأن الإقرار المذكور قد استعرض حالته من سنة 1896 وما استحقه بعدها من العلاوات والدرجات إلى تاريخ ذلك التعديل". فأمام هذا الإقرار الصريح لا يجوز للطاعن أن يشكو من شيء.

الطعن 35 لسنة 13 ق جلسة 13 / 4 / 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 120 ص 322

جلسة 13 إبريل سنة 1944

برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات: نجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزائرلي بك وأحمد علي علوبة بك المستشارين.

--------------

(120)
القضية رقم 35 سنة 13 القضائية

اختصاص. وقف. 

المحاكم الأهلية هي محاكم القانون العام. المسائل الداخلة في اختصاصها فيما يتعلق بالوقف. قواعد الاختصاص هنا من النظام العام. الاتفاق على ما يخالفها. لا يصح. المحاكم الشرعية. لا اختصاص لها بالنظر في ملكية الواقف لما وقف أو في رد العين الموقوفة إلى جهة الوقف من مغتصبها ولو باتفاق الخصوم. حكمها في ذلك. لا حجية له ولا يجوز تنفيذه.

---------------
من المقرر أن المحاكم الأهلية هي محاكم القانون العام إلا فيما استثني بنص صريح. والمادة 16 من لائحة الترتيب لم تخرج عن اختصاصها، فيما يتعلق بمسائل الوقف، إلا ما كان منها متعلقاً بأصله. ولما كانت قواعد الاختصاص في مثل هذه الحالة من النظام العام، فإنه لا يصح الاتفاق على ما يخالفها. ولما كانت المحاكم الشرعية غير مختصة بالنظر في ملكية الواقف للأعيان الموقوفة أو في ردها إلى الوقف من مغتصبها، فإنه إذا حكمت المحكمة العليا الشرعية - باتفاق الخصوم - في هذا النزاع فحكمها يكون قد صدر خارجاً عن نطاق ولايتها فلا يصح الاحتجاج به ولا يجوز تنفيذه. فإذا كان قد أخذ في تنفيذه كان واجباً إبطال ما تم من إجراءات هذا التنفيذ (1).


الوقائع

تتحصل وقائع هذه الدعوى في أن المطعون ضدهم رفعوا دعوى أمام محكمة الإسكندرية الشرعية على الطاعنين قالوا فيها إن وقفهم يملك طاحونة وتسع دكاكين وقطعة أرض فضاء. وقد اغتصب منهم وقف الطاعنين الطاحونة وقطعة الأرض الفضاء ودكانين من التسعة وطلبوا منع التعرض ورد هذه الأعيان، والمحكمة الابتدائية الشرعية بعد أن عينت خبيراً ثم ثلاثة خبراء لتطبيق حجة كل من الفريقين لمعرفة في أيهما تدخل الأعيان موضوع النزاع قضت برفض الدعوى، فاستأنف المطعون ضدهم الحكم أمام المحكمة العليا الشرعية وأمام تلك المحكمة قصروا طلباتهم على الحكم بجريان الأعيان المطالب بها في وقفهم. وبتاريخ 10 من يناير سنة 1939 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرد هذه الأعيان لوقف إبراهيم عبيد تربانة. رفع نظار وقف الحاجة صالحة تربانة التماساً عن هذا الحكم لأنه قضى بشيء لم يطلبه الخصوم أنفسهم إذ أنهم لم يطلبوا سوى الجريان، والمحكمة قضت بالرد وهذا لا يكون إلا إذا فصلت المحكمة في صحة الوقف من عدمه، فرفضت المحكمة العليا الشرعية الالتماس وقالت في حكمها إنها إذ قضت بالرد لم تتعرض لصحة الوقف.
بعد هذا رأى الطاعنون أن يلجأوا إلى المحاكم الأهلية فرفعوا هذه الدعوى أمام محكمة الإسكندرية الأهلية وقيدت برقم 172 سنة 1939 وشرحوا في صحيفتها المعلنة في 21 من يناير سنة 1939 الوقائع السالفة الذكر وطلبوا تثبيت ملكية الوقف المشمول بنظرهم إلى الأعيان المبينة بصحيفة الدعوى، ثم عدلوا عن طلب تثبيت الملكية إلى طلب الحكم بكف منازعة المطعون ضدهم في هذه الأعيان وبطلان كل إجراء اتخذ بمقتضى حكم المحكمة العليا الشرعية.
وقد رفع المطعون ضدهم دعوى أخرى أمام محكمة الإسكندرية الأهلية على الطاعنين وهي الدعوى رقم 356 سنة 1939 طلبوا فيها الحكم لهم بمبلغ 986 مليماً و3519 جنيهاً قيمة ريع الأعيان المحكوم بردها عن المدة من إبريل سنة 1922 إلى آخر ديسمبر سنة 1939. وقد ضمت هذه الدعوى إلى الدعوى الأخرى سالفة الذكر وفصلت فيهما المحكمة الابتدائية بحكم واحد بتاريخ 5 من مايو سنة 1940 وهو يقضي بكف منازعة المطعون ضدهم بصفتهم نظاراً على وقف إبراهيم عبيد تربانة للطاعنين بصفتهم نظاراً على وقف صالحة إبراهيم تربانة ووالدتها لطفية علي مسلم في وضع يدهم على الأعيان الواردة بصحيفة الدعوى وبطلان كل إجراء اتخذ بناءً على الحكم الشرعي وعدم اعتبار هذا الحكم سنداً واجب النفاذ وبإيقاف دعوى الريع إلى أن يفصل نهائياً في الملكية.
استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر وهذه قضت بتاريخ 26 من يناير سنة 1943 (أولاً) بإلغاء الحكم المستأنف في كل ما قضى به في الدعوى رقم 172 سنة 1939 مدني كلي الإسكندرية ورفضها بجميع أجزائها. (ثانياً) بإلغاء الحكم أيضاً فيما قضى به من وقف الدعوى رقم 356 سنة 1939 مدني كلي الإسكندرية وإعادتها إلى المحكمة الابتدائية لنظرها والفصل فيها مع إلزام الطاعنين بجميع المصاريف عن الدرجتين ومبلغ عشرة جنيهات أتعاب محاماة.
لم يعلن هذا الحكم إلى الطاعنين ولكن وكيلهم قرر الطعن فيه بطريق النقض في 6 من مارس سنة 1943 بتقرير أعلن إلى المطعون ضدهم في 7 و14 من الشهر المذكور إلخ إلخ.


المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون إذ قرر أنه إذا نظرت محكمة شرعية برضاء الخصوم في نزاع مدني متعلق بوقف وفصلت فيه نهائياً فإن حكمها يكتسب حجية الشيء المقضى به.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قال: "إن هذه المحكمة ترى أن المنازعات التي تثار حول ملكية الواقف لما يقفه، وجريان عقار في وقف معين، وتملك أعيان الوقف بالتقادم، كلها منازعات مدنية وليست من أصل الوقف بمعناه الواسع وكلها خارجة عن عقد الوقف في ذاته، فملكية الواقف حالة قانونية سابقة على إنشاء الوقف وجريان أعيانه في حدود كتابه حالة فعلية لا تستلزم إلا عملاً مادياً هو التحقق من انطباق المعالم المدونة في كتاب الوقف على الطبيعة دون مساس بأحكامه وكذلك تملك الوقف بالتقادم هو نتيجة عمل خارجي من شخص أجنبي عن الوقف فلذلك تخضع هذه المنازعات المدنية لأحكام القواعد المدنية الوضعية وتدخل في حدود ولاية المحاكم المدنية. ومعنى هذا أن المحاكم الشرعية غير مختصة بالفصل في شيء مما ذكر. ثم أورد الحكم ما يأتي: "وحيث إنه مع ذلك إذا نظرت محكمة شرعية برضاء الخصوم في نزاع مدني متعلق بوقف وفصلت فيه نهائياً، فإن حكمها يكتسب حجية الشيء المقضى به ولا يجوز تجديد النزاع بعد ذلك، لأن الفصل في هذا النزاع لا يصح اعتباره متجافياً عن طبيعة ولاية المحاكم الشرعية وليس فيه سوى توسع في نطاق اختصاصها في مسائل الأوقاف بناءً على رضاء الخصوم وقبولهم حملاً على نصوص لائحة ترتيب تلك المحاكم". والظاهر أن الحكم وجد أن النظرية التي أثبتها غير متفق عليها فزاد ما يأتي: "وحيث إنه قد يعترض على هذا الرأي بأن الحدود التي تفصل بين ما تختص به المحاكم الشرعية وما تختص به المحاكم المدنية إنما هي حدود ولاية ووظيفة وليست حدود اختصاص فلا قيمة لاتفاق الخصوم في شأنها لتعلقها بالنظام العام لترتيب المحاكم. وحيث إن هذا الاعتراض لا ينصب على حالة المنازعات المدنية المتعلقة بالأوقاف لأن أقضية الأوقاف التي تدخل في ولاية المحاكم الشرعية هي بطبيعتها أقضية مدنية لتعلقها بالمعاملات المالية. ومن ثم تكون وظيفة المحاكم الشرعية بنظرها هي وظيفة قضاء أحوال مالية - قضاء مدني - لا وظيفة قضاء أحوال شخصية. فإن تجاوزت المحاكم الشرعية في قضائها المدني ما رسم لها من حدود فلا تكون متجاوزة حدود ولاية القضاء المدني، وإنما تكون متجاوزة حدود اختصاصها المدني في دائرة ولاية ذلك القضاء" وفي هذا الذي أثبته الحكم مخالفة للقانون، فإنه من المقرر أن المحاكم الأهلية هي محاكم القانون العام إطلاقاً إلا فيما استثني بنص صريح، والمادة 16 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية لم تخرج من اختصاصها فيما يتعلق بمسائل الوقف إلا ما كان منها متعلقاً بأصله، ولما كانت قواعد الاختصاص في مثل هذه الأحوال هي من النظام العام فلا يصح الاتفاق على ما يخالفها، ولذلك يكون هذا الوجه من الطعن مقبولاً ويتعين نقض الحكم من غير حاجة لبحث الأوجه الأخرى.
وحيث إنه فيما يتعلق بالموضوع فإن الدعوى صالحة للحكم فيه.
وحيث إنه متى ثبت أن المحاكم الشرعية غير مختصة بالنظر في ملكية الواقف للأعيان الموقوفة أو في ردها، سواء أكانت في كتاب وقف الطاعنين أم في كتاب وقف المطعون ضدهم، فإن حكم المحكمة العليا الشرعية يكون قد صدر خارجاً عن نطاق ولايتها ولا يجوز تنفيذه، ويكون ما قضى به الحكم الابتدائي الصادر من محكمة الإسكندرية الابتدائية بتاريخ 5 من مايو سنة 1940 في محله ويتعين تأييده.


(1) هذا هو مؤدى ما قضت به محكمة النقض بقضائها في الموضوع بتأييد الحكم الابتدائي الذي قضى ببطلان كل إجراء اتخذ بناءً على الحكم الشرعي.

الطعن 149 لسنة 44 ق جلسة 25 / 4 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 215 ص 1094

جلسة 25 من إبريل سنة 1978

برياسة السيد المستشار صلاح الدين حبيب نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: زكي الصاوي صالح، جمال الدين عبد اللطيف، عبد الحميد المرصفاوي ومحمد طه سنجر.

---------------

(215)
الطعن رقم 149 لسنة 44 القضائية

(1) مسئولية "المسئولية الشيئية" قوة قاهرة.
مسئولية حارس الشيء. أساسها. قيامها على خطأ مفترض لا يقبل إثبات العكس جواز نفيها بإثبات وقوع الضرر بسبب أجنبي. وجوب غيب في الشيء ولو كان خفياً لا يعد سبباً أجنبياً.
(2، 3) حكم "حجية الحكم الجنائي". مسئولية "المسئولية الشيئية. تعويض.
(2) حجية الحكم الجنائي أمام المحكمة المدنية. نطاقها. القضاء ببراءة التابع لانتفاء الخطأ في جانبه لا يمنع المحكمة من إلزام المتبوع بالتعويض على أساس المسئولية الشيئية. علة ذلك
(3) القضاء ببراءة التابع لانتفاء الخطأ في جانبه. تطرق الحكم الجنائي إلى بحث خطأ المجني عليه. تزيد لا يجوز حجيته أمام المحاكم المدنية.

---------------
1 - النص في المادة 178 من القانون المدني على أن "كل من تولى حراسة أشياء تتطلب حراستها عناية خاصة أو حراسة آلات ميكانيكية يكون مسئولاً عما تحدثه هذه الأشياء من ضرر، ما لم يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه"، يدل على أن الحارس الذي يفترض الخطأ في جانبه على مقتضى هذا النص هو ذلك الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي تكون له السيطرة الفعلية على الشيء قصداً واستقلالاً، ولا تنتقل منه إلى تابعه المنوط به رقابته لأنه وأن كان للتابع السيطرة المادية على الشيء إلا أنه إذ يعمل لحساب متبوعة ولمصلحته ويأتمر بأوامره ويتلقى تعليماته فإنه يكون خاضعاً للمتبوع مما يفقده العنصر المعنوي للحراسة ويجعل المتبوع وحده هو الحارس على الشيء، لأن العبرة في قيام الحراسة الموجبة للمسئولية في هذه الحالة هي بسيطرة الشخص على الشيء سيطرة فعلية لحساب نفسه وتقوم المسئولية على أساس خطأ مفترض وقوعه من حارس الشيء افتراضاً لا يقبل إثبات العكس، ومن ثم فإن هذه المسئولية لا تدرأ عن هذا الحارس بإثبات أنه لم يرتكب خطأ ما وأنه قام بما ينبغي من العناية والحيطة حتى لا يقع الضرر من الشيء الذي في حراسته، وإنما ترتفع هذه المسئولية إذا أثبت الحارس أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه بأن يكون الفعل خارجاً عن الشيء فلا يكون متصلاً بداخليته أو تكوينه فإذا كان الضرر راجعاً إلى عيب في الشيء فإنه لا يعتبر ناشئاً عن سبب أجنبي ولو كان هذا العيب خفياً، وهذا السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير.
2 - مفاد نصوص المادتان 456 من قانون الإجراءات الجنائية، 102 من قانون الإثبات - وعلى ما جرى له قضاء هذه المحكمة - أن الحكم الجنائي تكون له حجيته في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تعتبرها وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكي لا يكون حكمها مخالفاً للحكم الجنائي السابق له، ولما كان الثابت من الحكم الصادر في قضية الجنحة رقم 4245 سنة 1970 قصر النيل أن الدعوى أقيمت ضد تابع الطاعنين لأنه تسبب بإهماله في قتل ولد المطعون عليهما بأن تركه يستعمل المصعد رغم ما به من خلل وطلبت النيابة العامة معاقبته بالمادة 238 من قانون العقوبات، وقد حكمت محكمة الجنح ببراءته مما أسند إليه، فإن مؤدى ذلك أن المحكمة الجنائية لم تفصل في الأساس المشترك بين الدعوى المدنية الحالية لأن قوام الأولى خطأ جنائي واجب الإثبات ومنسوب إلى التابع في حين أن قوام الثانية خطأ مفترض في حق الطاعنين باعتبارهم حراساً للمصعد، فمسئوليتهم تتحقق ولو لم يقع منهم أي خطأ لأنها مسئولية ناشئة عن الشيء ذاته وليست ناشئة عن الجريمة.
3 - حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية مقصورة على منطوق الحكم الصادر بالإدانة أو بالبراءة وعلى أسبابه المؤدية إليه بالنسبة لما كان موضع المحاكمة ودون أن تلحق الحجية الأسباب التي لم تكن ضرورية بهذه البراءة أو تلك الإدانة وإذ يبين من الحكم الصادر في قضية الجنحة أنه وقد قضى ببراءة المتهم من تهمة القتل الخطأ لانتفاء الخطأ في جانبه فذلك حسبه ويكون ما تطرق إليه عن خطأ المجني عليه تزيداً لم يكن ضرورياً في قضائه وبالتالي فلا حجية له أمام المحاكم المدنية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهما أقاما الدعوى رقم 3757 لسنة 1971 مدني شمال القاهرة الابتدائية ضد الطاعنة الأولى عن نفسها وبصفتها وصية على ولديها..... قاصري المرحوم....... - الطاعنان الثاني والثالثة اللذان بلغا سن الرشد فيما بعد - طلبا فيها الحكم بإلزامها بأن تدفع لها مبلغ 2000 جنيه، وقالا بياناً للدعوى إن ولدهما المرحوم........ لقي مصرعه في مصعد العمارة المملوكة للطاعنين بسبب خلل في جهاز فصل التيار الكهربائي الخاص به، وحرر عن الحادث محضر الجنحة رقم 4245 لسنة 1970 قصر النيل ضد بواب العمارة وقضى نهائياً ببراءته، وإذ أصابهما بوفاة ولدهما ضرر مادي وأدبي يقدران التعويض عنه بالمبلغ سالف الذكر ويسأل عنه الطاعنون بوصفهم متبوعين وباعتبارهم حراساً للمصعد الذي أحدث الضرر طبقاً للمادة 178 من القانون المدني، فقد أقاما الدعوى بطلباتهما السابقة وبتاريخ 30/ 5/ 1972 حكمت المحكمة بإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعوا للمطعون عليها مبلغ 800 جنيه استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 2457 سنة 89 ق مدني القاهرة وفي 17/ 12/ 1973 حكمت المحكمة بتخفيض التعويض إلى مبلغ 500 جنيه طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في الإسناد والتناقض وفي بيان ذلك يقولون إنهم دفعوا أمام محكمة الموضوع بانتفاء مسئوليتهم عن الحادث لأن الحراسة المصعد الذي أحدث الضرر انتقلت إلى البواب الذي عينوه للعمارة، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفاع وألزمهم بالتعويض على أساس أن المصعد في حراستهم وإنهم أهملوا إصلاحه رغم أن تابعهم أخبرهم بوجود خلل به، وأن النزاع القائم بينهم وبين هذا التابع لا يحول دون مساءلتهم عن الحادث مسئولية مفترضة في حين أن ما ذكره تابعهم في تحقيق النيابة عن إبلاغهم بعطل المصعد هو مجرد ادعاء لا يسانده الواقع ويدحضه وجود نزاع بينهم وبينه انتهى باستصدارهم حكماً بطرده من مسكنه بالعمارة وقد تعذر عليهم بسبب امتناعه عن تنفيذه تعيين بواب آخر بدلاً عنه، هذا إلى أن الحكم لم يأخذ بما قرره التابع المذكور من أنه أبلغ شركة المصاعد بوجود خلل في المصعد، مما يكون معه الحكم معيباً بمخالفة القانون والخطأ في الإسناد والتناقض.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 178 من القانون المدني على أن "كل من تولى حراسة أشياء تتطلب حراستهما عناية خاصة أو حراسة آلات ميكانيكية يكون مسئولاً عما تحدثه هذه الأشياء من ضرر؛ ما لم يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه."؛ يدل على أن الحارس الذي يفترض الخطأ في جانبه على مقتضى هذا النص هو ذلك الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي تكون له السيطرة الفعلية على الشيء قصداً واستغلالاً، ولا تنتقل منه إلى تابعه المنوط به رقابته لأنه وإن كان للتابع السيطرة المادية على الشيء إلا أنه إذ يعمل لحساب متبوعه ولمصلحته ويأتمر بأوامره ويتلقى تعليماته. فإنه يكون خاضعاً للمتبوع مما يفقده العنصر المعنوي للحراسة ويجعل المتبوع وحده هو الحارس على الشيء لأن العبرة في قيام الحراسة الموجبة للمسئولية في هذه الحالة هي بسيطرة الشخص على الشيء سيطرة فعلية لحساب نفسه، وتقوم المسئولية على أساس خطأ مفترض وقوعه من حارس الشيء افتراضاً لا يقبل إثبات العكس، ومن ثم فإن هذه المسئولية لا تدرأ عن هذا الحارس بإثبات أنه لم يرتكب خطأ ما وأنه قام بما ينبغي من العناية والحيطة حتى لا يقع الضرر من الشيء الذي في حراسته، وإنما ترتفع هذه المسئولية إذا أثبت الحارس أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه بأن يكون الفعل خارجاً عن الشيء فلا يكون متصلاً بداخليته أو تكوينه، فإذا كان الضرر راجعاً إلى عيب في الشيء فإنه لا يعتبر ناشئاً عن سبب أجنبي ولو كان هذا العيب خفياً، وهذا السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير، لما كان ذلك وكان الثابت أن المصعد مملوك للطاعنين ووقع الحادث نتيجة خلل به وكان الحكم المطعون فيه بعد أن عرض لدفاع الطاعنين الوارد بسبب النعي أقام قضاءه بإلزامهم بالتعويض على أساس ما استخلصه من أن حراسة المصعد وقت وقوع الحادث كانت معقودة لهم باعتبارهم أصحاب السيطرة الفعلية عليه ولم تنتقل منهم إلى تابعهم، وأن النزاع القائم بينهم وبينه لا يرفع المسئولية المفترضة عن كاهلهم، وكان ما استخلصه الحكم سائغاً ويقوم على أسباب موضوعية قدرها مشتقة من ظروف الدعوى وملابساتها فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولون إن تابعهم وقد قضى ببراءته في قضية الجنحة رقم 4245 سنة 1970 قصر النيل التي اتهم فيها بقتل ولد المطعون عليهما خطأ بأن تركه يستعمل المصعد مع وجود خلل به ونفى الحكم الجنائي الخطأ عن المتهم ونسبه إلى المجني عليه فإن هذا الحكم تكون له قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية في الدعوى المطروحة وتنتفي تبعاً لذلك مسئوليتهم عن الحادث، غير أن الحكم المطعون فيه أهدر هذه الحجية وقضى بإلزامهم بالتعويض استناداً إلى مسئوليتهم المفترضة طبقاًَ للمادة 178 من القانون المدني وهو ما يعيبه بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كانت المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "يكون للحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة أو بالإدانة قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية في الدعاوى التي لم يكن قد فصل فيها نهائياً فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها ويكون للحكم بالبراءة هذه القوة سواء بني على انتفاء التهمة أو على عدم كفاية الأدلة. ولا تكون له هذه القوة إذا كان مبنياً على أن الفعل لا يعاقب عليه القانون." وكانت المادة 102 من قانون الإثبات تنص على أن لا يرتبط القاضي المدني بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضرورياً.، فإن مفاد ذلك وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الحكم الجنائي تكون له حجيته في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما كان قد فصل فضلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تعتبرها وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكي لا يكون حكمها مخالفاً للحكم الجنائي السابق له، ولما كان الثابت من الحكم الصادر في قضية الجنحة رقم 4245 سنة 1970 قصر النيل أن الدعوى أقيمت ضد تابع الطاعنين لأنه تسبب بإهماله في قتل ولد المطعون عليهما بأن تركه يستعمل المصعد رغم ما به من خلل وطلبت النيابة العامة معاقبته بالمادة 238 من قانون العقوبات، وقد حكمت محكمة الجنح ببراءته مما أسند إليه، فإن مؤدى ذلك أن المحكمة الجنائية لم تفصل في الأساس المشترك بين الدعوى الجنائية والدعوى المدنية الحالية لأن قوام الأولى خطأ جنائي واجب الإثبات ومنسوب إلى التابع في حين أن قوام الثانية خطأ مفترض في حق الطاعنين باعتبارهم حراساً للمصعد، فمسئوليتهم تتحقق ولو لم يقع منهم أي خطأ لأنها مسئولية ناشئة عن الشيء ذاته وليست ناشئة عن الجريمة، إذ كان ذلك، وكانت حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية مقصورة على منطوق الحكم الصادر بالإدانة أو بالبراءة وعلى أسبابه المؤدية إليه بالنسبة لما كان موضع المحاكمة ودون أن تلحق الحجية الأسباب التي لم تكن ضرورية للحكم بهذه البراءة أو تلك الإدانة، ولما كان يبين من الحكم الصادر في قضية الجنحة المشار إليها أنه وقد قضى ببراءة المتهم من تهمة القتل الخطأ لانتفاء الخطأ في جانبه فذالك حسبه ويكون ما تطرق إليه عن خطأ المجني عليه تزيداً لم يكن ضرورياً في لقضائه وبالتالي فلا حجية له أمام المحاكم المدنية، وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر ولم يعتد بحجية الحكم الجنائي في هذا الخصوص وناقش مسئولية الطاعنين المفترضة طبقاً للمادة 178 من القانون المدني وانتهى إلى قيامها للأسباب الصحيحة التي أوردها فإن النعي عليه بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث أن تابعهم (الطاعنين) قرر في تحقيق النيابة أن السكان منعوه من إيقاف المصعد حتى يتم إصلاحه وأرغموه على تشغيله مع وجود خلل به، مما مفاده إن السكان ساهموا في وقوع الحادث وهو ما يتحقق به السبب الأجنبي وينفي مسئوليتهم المفترضة طبقاً للمادة 178 من القانون المدني، وإذ غفل الحكم عن ذلك وألزمهم بالتعويض فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول لأنه يتضمن دفاعاً لم يتمسك به الطاعنون أمام محكمة الموضوع فلا يجوز لهم إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لأن تحقيقه يخالطه واقع كان يجب عرضه على محكمة الموضوع.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 102 لسنة 13 ق جلسة 6 / 4 / 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 119 ص 317

جلسة 6 إبريل سنة 1944

برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: نجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك ومحمود فؤاد بك المستشارين.

--------------

(119)
القضية رقم 102 سنة 13 القضائية

أ - بيع. 

عقود البيع غير المسجلة. مشتر بعقد غير مسجل من بائع اشترى هو الآخر بعقد غير مسجل. حق المشتري الأخير في رفع دعوى باسم البائع له على البائع الأول بطلب الحكم بصحة العقد الصادر له منه توطئة للحكم بصحة العقد الصادر له هو.
(المادة 141 مدني)
ب - حكم. تسبيبه. 

صورية تفاسخ البائع الأول والمشتري منه. دفع المشتري الأخير بصورية التفاسخ. وجوب تحدث المحكمة عن الصورية بما يكشف عن حقيقة الواقع. اكتفاء المحكمة في ردها على هذا الدفع بقولها إن أحد العاقدين أقر بصحة التفاسخ. قصور في التسبيب.

------------
1 - إن المادة 141 من القانون المدني خولت الدائن أن يقيم لمصلحته، باسم مدينه، الدعاوى التي تنشأ عن مشارطاته أو عن أي نوع من أنواع التعهدات ما عدا الدعاوى الخاصة بشخصه. وإذن فإنه لما كان من يشتري عقاراً بعقد غير مسجل يعتبر دائناً للبائع في التزامه بنقل الملكية الناشئ عن عقد البيع غير المسجل، كان له الحق قانوناً في أن يرفع باسم البائع له الدعوى على من اشترى منه هذا البائع الأطيان التي باعها بعقد هو أيضاً غير مسجل طالباً إليه تنفيذ التزامه بنقل الملكية أو بعبارة أخرى أن يطلب الحكم بصحة عقد البيع الصادر لهذا البائع توطئة للحكم بصحة عقده هو (1).
2 - إذا كان البائع للبائع قد قرر أنه بعد أن باع له القدر المذكور عاد فرد إليه الثمن، وحصل منه على إقرار بإلغاء البيع، فإن هذا التفاسخ وإن كان يمكن أن يعتبر عائقاً دون تنفيذ العقد الصادر منه إلا أنه إذا كان المشتري الأخير قد تمسك لدى المحكمة بصورية هذا التفاسخ لاصطناعه بعد رفع دعواه للإضرار به، فإنه يكون واجباً على المحكمة أن تتحدث عن هذه الصورية بما يكشف عن حقيقة الأمر وإلا كان حكمها قاصر الأسباب، ولا يعد رداً على الدفع بصورية تعاقد مّا قول المحكمة إن أحد طرفيه قد أقر بصحته.


الوقائع

تتحصل وقائع هذا الطعن في أن الطاعنة رفعت دعوى ضد المطعون ضدهما لدى محكمة المنيا الابتدائية قيدت برقم 304 سنة 1941 وقالت في صحيفتها إنه بمقتضى عقد بيع ابتدائي تاريخه 5 نوفمبر سنة 1938 باع لها المطعون ضده الأول 10 س و8 ط و5 ف شيوعاً في 14 س و15 ط و7 ف مبينة الحدود والمعالم بتلك الصحيفة مقابل ثمن قدره 500 ج وإن هذا القدر المبيع قد آل إلى البائع لها من المطعون ضده الثاني بموجب عقد بيع ابتدائي تاريخه 20 من فبراير سنة 1937. ونظراً لأن المطعون ضده الأول تأخر عن التصديق على عقد البيع فهي تطلب الحكم: أولاً - بصحة التعاقد عن عقد البيع المؤرخ 20 من فبراير سنة 1937 الصادر من المطعون ضده الثاني إلى المطعون ضده الأول عن الـ 10 س و8 ط و5 ف المبينة الحدود والمعالم بالصحيفة، وثانياً - بصحة التعاقد عن عقد البيع المؤرخ 5 من نوفمبر سنة 1938 الصادر من المطعون ضده الأول إلى الطاعنة عن القدر المبيع المذكور. وبتاريخ 23 من مارس سنة 1942 طعن المطعون ضده الأول بالتزوير في عقد البيع الصادر منه للطاعنة فوقفت الدعوى لحين الفصل نهائياً في دعوى التزوير. وفي 31 من مايو سنة 1942حكم بعدم قبول أدلة التزوير، وعجلت الدعوى الأصلية، وقضت المحكمة في 26 من أكتوبر سنة 1942 برفض دعوى الطاعنة وألزمتها بالمصاريف وبمبلغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة للمطعون ضده الثاني.
استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر طالبة الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء لها بطلباتها الأصلية والمبينة بصحيفة افتتاح الدعوى إلخ.
وبتاريخ 24 من مارس سنة 1943 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
لم يعلن هذا الحكم إلى الطاعنة إلا أن وكيلها قرر الطعن فيه بطريق النقض في 26 يوليه سنة 1943 بتقرير أعلن إلى المطعون ضدهما في 28 من ذلك الشهر إلخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى السبب الأول من سببي الطعن أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه إذ اعتبر التفاسخ الحاصل بين المطعون ضدهما في 17 من يونيه سنة 1937 عن البيع الصادر من ثانيهما إلى أولهما في 20 من فبراير سنة 1937 بعقد غير مسجل مانعاً للطاعنة من طلب الحكم بصحة التعاقد الحاصل عن هذا البيع وعن البيع الصادر لها من المطعون ضده الأول في 5 من نوفمبر سنة 1938 (بعقد غير مسجل أيضاً) وذلك بناءً على أن المطعون ضده الأول حين باع للطاعنة لم يكن مالكاً لعدم تسجيل عقده، وأنه مع افتراض حصول التفاسخ بتواطؤ المطعون ضدهما فإنه لا يترتب على ذلك سوى التزامات شخصية لا ترقى إلى درجة إجابة الطاعنة إلى طلب التصديق على العقد الصادر لها من المطعون ضده الأول. ومحصل السبب الآخر أن الحكم جاء قاصر الأسباب لأنه مع تمسك الطاعنة بصورية ذلك التفاسخ الحاصل بين المطعون ضدهما لم تبحث المحكمة هذا الأمر ولم تبت فيه بتاً صحيحاً مكتفية بقولها إن المطعون ضده الأول أقر بصحة فسخ البيع الصادر له وإنه على فرض حصول التواطؤ لا تأثير له كما تقدم.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قال إن عقد تمليك المطعون ضده الأول الصادر له من المطعون ضده الثاني في 20 من فبراير سنة 1937 لم يسجل وإذن تكون الطاعنة قد تعاقدت معه وهي تعلم أنه غير مالك فلا يترتب على العقد الصادر لها منه سوى التزام شخصي، كما قال إن العلاقة القانونية التي كانت بين المطعون ضدهما قد انقطعت بالتفاسخ الحاصل في 17 من يونيه سنة 1937 الذي أقر المطعون ضده الأول بصحته فيكون التزامه الشخصي قد استحال تنفيذه، وإنه على فرض حصول هذا التفاسخ بطريق التواطؤ فإن هذا لا يترتب عليه سوى التزامات شخصية لا ترقى إلى درجة إجابة الطاعنة إلى طلب التصديق على العقد الصادر لها من المطعون ضده الأول بعد أن تبين لها أنه لم يكن مالكاً.
وحيث إنه عن السبب الأول من سببي الطعن فإن الطاعنة تعتبر دائنة للمطعون ضده الأول بموجب التزامه بنقل الملكية الناشئ عن عقد البيع غير المسجل الصادر لها منه، وكذلك المطعون ضده الأول يعتبر دائناً للمطعون ضده الثاني بمقتضى التزامه بنقل الملكية له الناشئ عن عقد البيع الصادر له منه. وبما أن المادة 141 من القانون المدني أعطت الدائن الحق في أن يقيم لمصلحته باسم مدينه الدعاوى التي تنشأ عن مشارطاته أو عن أي نوع من أنواع التعهدات ما عدا الدعاوى الخاصة بشخصه. إذن كانت الطاعنة محقة قانوناً في رفع الدعوى باسم مدينها المطعون ضده الأول على مدينه المطعون ضده الثاني لتنفيذ التزامه، أو بعبارة أخرى لطلب الحكم بصحة عقد البيع الصادر له منه ليمكن تسجيل الحكم ونقل الملكية بمقتضاه تنفيذاً للعقد وتوطئة للحكم لها بصحة عقدها الصادر لها من المطعون ضده الأول ثم تسجيله. ولذلك فالحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدعوى يكون قد خالف القانون.
وحيث إنه عن السبب الآخر فإن التفاسخ الحاصل بين المطعون ضدهما وإن كان يمكن أن يعتبر عائقاً دون تنفيذ العقد الصادر من المطعون ضده الثاني للأول إلا أن الطاعنة قد تمسكت لدى المحكمة بصوريته، وقد أثبت ذلك الحكم المطعون فيه بقوله إنها قالت إن إقرار التفاسخ اصطنع باتفاق الأخوين (المطعون ضدهما) بعد رفع الدعوى للإضرار بحقوقها. ولا يعد رداً على الطعن من الغير بصورية عقد قول الحكم إن أحد العاقدين أقر بصحته. وذلك لأنه طرف فيه. ومما تجب ملاحظته في هذه الدعوى أن المقر بصحة التفاسخ هو المطعون ضده الأول الذي يريد أن يتملص من تنفيذ العقد الصادر منه للطاعنة. ولذلك يكون الحكم المطعون فيه قد جاء قاصر الأسباب في تحدثه عن الصورية.


(1) انظر أيضاً الحكم المنشورة قاعدته برقم 122 من هذه السنة.

الطعن 90 لسنة 13 ق جلسة 6 / 4 / 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 118 ص 313

جلسة 6 إبريل سنة 1944

برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: نجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك ومحمود فؤاد بك المستشارين.

-----------

(118)
القضية رقم 90 سنة 13 القضائية

أ - خبير. 

تكليف الخصوم بالحضور أمامه. عدم مراعاة هذا الإجراء. لا يستوجب حتماً بطلان تقريره. متى يحصل البطلان؟ (المادة 227 مرافعات)
ب - حكم. تسبيبه. 

تحقيق أجرته المحكمة. استخلاصها منه نتيجة لا تتفق وما جاء على ألسنة بعض الشهود. عدم بناء الحكم على ذلك وحده. الأسباب الأخرى المدونة بالحكم تكفي لحمله عليها. لا نقض. (المادة 103 مرافعات)

--------------
1 - إن عدم مراعاة الخبير الإجراءات المنصوص عليها في المادة 227 من قانون المرافعات لا تستوجب حتماً بطلان تقريره، لأن المادة المذكورة ليس فيها نص على البطلان. غير أنه إذا ترتب على عدم تكليف الخصوم بالحضور أمام الخبير إخلال بحق دفاعهم لعدم تمكنهم من إبداء ما يعن لهم من الملاحظات والطلبات في سبيل صيانة مصالحهم، فإن ذلك يكون سبباً موجباً لبطلان تقرير الخبير، وما لم يتوافر ذلك في الدعوى فلا وجه للدفع ببطلان التقرير.
2 - إذا كان ما استخلصته المحكمة من أقوال بعض الشهود في التحقيق الذي أجرته لا يتفق وما جاء على ألسنتهم، ولكن كان حكمها غير مبني على أقوالهم وحدها بل مستنداً أيضاً إلى أقوال شهود آخرين وإلى تقرير الخبير المقدم في الدعوى، فلا يصح نقضه متى كانت الأسباب الأخرى كافية لأن يحمل عليها.


المحكمة

وحيث إن محصل الوجه الأول من وجهي الطعن أن الطاعنين دفعوا ببطلان تقرير الخبير لأنه باشر أعماله من غير أن يكلفهم بالحضور مخالفاً بذلك ما نصت عليه المادة 227 من قانون المرافعات، ولكن المحكمة على الرغم من بطلان تقرير الخبير استندت إليه في حكمها المطعون فيه من غير أن تعرض لما تمسك به الطاعنون. وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن الخبير سمع أقوال الشيخ مصطفى محمد الزواوي وكيل المدعية (مورثة المطعون ضدهما) يوم 7 مايو سنة 1940 في غيبة الطاعنين ومن غير أن يخطرهم بهذا الميعاد ثم حدد يوم 12 مايو سنة 1940 للعمل بموقع النزاع ودون في محضر أعماله أنه سيخطر المدعى عليهم (الطاعنين) ولكنه فتح محضراً في يوم 9 مايو سنة 1940 أي قبل اليوم المحدد وسأل فيه صلاح عبد العزيز أحد الطاعنين، ولما انتقل بعد ذلك في يوم 12 مايو سنة 1940 السابق تحديده لموقع النزاع وعاينه بحضور طرفي الخصومة وأقفل محضره انتقل بغير علمهم ولا إخطارهم - أو على الأقل بغير إخطار الطاعنين - إلى منزل الشاهد محمد عقل وسمع أقواله ثم سمع شاهداً آخر تقدم له، وفي اليوم التالي فتح محضراً دون فيه أن وكيل المدعية أحضر له رخصة سوق وفيها بيان للتعريفة العمومية، وذلك بغير حضور الطاعنين ولا سبق إخطارهم.
وحيث إنه تبين من محاضر أعمال الخبير أنه في يوم 7 مايو سنة 1940 فتح المحضر بمكتبه ودون في صدره حضور وكيل المدعية وعدم حضور أحد من المدعى عليهم، ثم سأل الوكيل المذكور واطلع على ما قدمه له من مستندات، ثم أقفل المحضر وحدد يوم 12 مايو سنة 1940 للانتقال لمحل النزاع وقال إنه سيخطر المدعى عليهم. وبعد ذلك فتح محضراً آخر بتاريخ 9 من مايو سنة 1940 دون في صدره أن صلاح عبد العزيز أفندي حضر عن نفسه وبصفته وكيلاً عن بقية المدعى عليهم (الطاعنين) بتوكيل شرعي رقم 324 سنة 1937 كفر الشيخ وأنه تلا عليه ما ذكره وكيل المدعية ثم أبدى أقواله وقدم له مستنداته ومنها رخصة للسوق تاريخها 31 ديسمبر سنة 1938.
وحيث إنه يظهر من ذلك أن الخبير قد مكن الطاعنين من الرد على ما ذكره وكيل مورثة المطعون ضدهما في غيابهم ومن إبداء ما لديهم من ملاحظات ومن تقديم مستنداتهم، فلم يلحقهم أي ضرر من جراء سماع وكيل المدعية بغير إخطارهم. كما أنه بالرجوع إلى محضر أعمال الخبير يوم 12 مايو سنة 1940 تبين أنه عاين السوق في حضور وكيلي طرفي الخصومة وسمع ملاحظات كل منهما وسألهما عما إذا كانت توجد تعريفة للسوق فأنكر ذلك وكيل الطاعنين وخالفه فيه وكيل مورثة المطعون ضدهما ووعد بتقديمها، ثم سمع الخبير من رأى لزوماً لسماع أقوالهم وأقفل محضره وقرر القيام لكفر الشيخ في حضور الطرفين اللذين وقعا على المحضر فوصلها في اليوم نفسه وسأل شاهدين بها في غير حضور أحد من الخصوم. والمستفاد من ذلك أن سماع هذين الشاهدين كان استمراراً للتحقيق الذي حصل بمحل النزاع في حضور طرفي الخصومة، وإذا كانا لم يرافقا الخبير إلى كفر الشيخ فهذا لا يؤثر في سلامة إجراءاته. على أن أقوال هذين الشاهدين في محضر أعمال الخبير لم يكن لها أثر ما بعد أن أحالت محكمة الاستئناف الدعوى إلى التحقيق وسمعت أقوال شهود الطرفين. وأما ما يعيبه الطاعنون أخيراً على تقرير الخبير ومحاضر أعماله من أنه فتح محضراً في اليوم التالي ودون فيه أن وكيل مورثة المطعون ضدهما أحضر له رخصة فيها بيان للتعريفة العمومية وذلك في غيبتهم ومن غير سبق إخطارهم فلا محل له، لأن وجود تعريفة عمومية برسوم السوق كان محل جدل بين طرفي الخصومة في اليوم السابق كما تقدم بيانه، وقد وعد وكيل مورثة المطعون ضدهما بتقديم رخصة فيها بيان للتعريفة وذلك بحضور خصومه.
وحيث إن عدم مراعاة الخبير للإجراءات المنصوص عليها في المادة 227 من قانون المرافعات لا يستوجب حتماً بطلان تقريره، لأن المادة المذكورة لم تنص على البطلان. غير أنه إذا ترتب على عدم تكليف الخصوم بالحضور أمام الخبير قبل مباشرة أعماله إخلال بحق الدفاع لعدم تمكن أحد الخصوم من إبداء ما يعن له من الملاحظات والطلبات في سبيل صيانة مصالحه كان ذلك سبباً موجباً لبطلان تقرير الخبير، وهذا غير متوافر في الدعوى كما سبق بيانه، ومن ثم فلا وجه للدفع ببطلان تقرير الخبير.
وحيث إن ما جاء في وجه الطعن من أن المحكمة لم تعرض لما دفع به الطاعنون من بطلان تقرير الخبير غير صحيح. إذ جاء في الحكم الابتدائي الذي أخذ بأسبابه حكم محكمة الاستئناف المطعون فيه ما يأتي: "ومن حيث إن المدعى عليهم طعنوا في عمل الخبير وما ضمنه تقريره بأنه باشر العمل في غيبتهم واستمع إلى شهود المدعية دون أن يسمع شهوداً لهم - ودفعوا بأن المعاملة بين المدعية ومورثهم كان قوامها الاتفاق على فائدة للدين تزيد على الفائدة المسموح بها قانوناً وأن المدعية استولت من ريع السوق على مبلغ يزيد على الدين المستحق لها والتمسوا رفض الدعوى - ومن حيث إنه ثابت من الاطلاع على محضر أعمال الخبير ما يؤيد فساد هذا الطعن، إذ أن المدعى عليه الثاني حضر أمامه عن نفسه وبصفته وكيلاً شرعياً عن والدته المدعى عليها الأولى وقد قام الخبير بالعمل في مواجهته وسأل الشهود بحضوره ولم يتقدم هو إليه بشهود لسماعهم حتى يصح الاعتراض بأن الخبير لم يعن بأخذ أقوالهم".
وحيث إن محصل الوجه الثاني هو أن الحكم المطعون فيه قرر أن التحقيق الذي تم في الدعوى لم يسفر عن استيلاء مورثة المطعون ضدهما على فوائد غير قانونية، وهذه الواقعة التي بنى الحكم قضاءه عليها لا تتفق مع ما قرره شهود الإثبات والنفي، فقد شهد السيد علي محمد بأن مورثة المطعون ضدهما كانت تخصم من الإيجار الحقيقي 120 جنيهاً مقابل الفائدة، وشهد علي طوسن بأن إيراد السوق كان يتقارب بين 7 و8 جنيهات في الأسبوع أي 360 جنيهاً في السنة بزيادة قدرها 160 جنيهاً على الإيجار الذي كانت تدفعه، وشهد كل من عبد الدائم القصاص وإبراهيم عبيد المكاوي بأن إيراد السوق الحقيقي في السنة 360 جنيهاً، وشهد كل من الأستاذ عمر ومصطفى بك الزاهد بأن إيجار الأسواق لم ينخفض في المدة الواقعة بين سنتي 1931 - 1934، وأما شاهدا النفي فقد شهد أحدهما بأن انخفاض إيجار الأسواق يرجع إلى المنافسة ولم يشهد الثاني بشيء يتعلق بموضوع النزاع.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أورد في صدد التحقيق الذي باشرته محكمة الاستئناف ما يأتي:
"وحيث إن التحقيق لم يسفر عن إثبات هذه الواقعة (وهي أن المستأنف عليها اتفقت مع مورثهم على أن تستأجر السوق بإيجار بخس واستولت بذلك على فوائد ربوية) بل الذي أمكن للمحكمة أن تستشفه من أقوال شهود الإثبات هو أن مورث المستأنفين كان يبدي مع المستأنف عليها شيئاً من التساهل في تقدير الإيجار نظراً لاعتيادها على استئجار السوق هي وزوجها من قبلها الأمر الذي يتبعه أكثر المؤجرين مع مستأجريهم القدماء إذا كان التعامل معهم مما يدعو إلى الارتياح - على أن شهود النفي قد شهدوا بأن نزول إيجار السوق في مدة تعامل مورث المستأنفين مع المستأنف عليها كان بسبب الأزمة المالية وانهيار الإيجارات انهياراً كبيراً ولا يزال بعض هؤلاء الشهود مستأجراً لأسواق بالإيجار البخس إلى الآن".
وحيث إن ما ذكره الحكم خاصاً بشهادة شهود النفي يتفق مع أقوالهم في التحقيق، خلافاً لما يقوله الطاعنون، أما ما استخلصته المحكمة من أقوال شهود الإثبات فإنه وإن كان غير متفق مع أقوالهم في التحقيق، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يبن قضاءه على شهادة شهود الإثبات وحدها بل استند إلى تقرير الخبير وشهادة شهود النفي وبهما يستقيم الحكم.

الطعن 823 لسنة 47 ق جلسة 24 / 4 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 214 ص 1088

جلسة 24 من إبريل سنة 1978

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة مصطفى الفقي وعضوية السادة المستشارين: حافظ رفقي، جميل الزيني، محمود حسن حسين، محمود حمدي عبد العزيز.

----------------

(214)
الطعن رقم 823 لسنة 47 القضائية

(1) إدارة قضايا الحكومة. إعلان. شركات. وكالة.
إدارة قضايا الحكومة. نيابتها عن الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية والهيئات العامة المادتان 13/ 2 مرافعات، 6 ق 75 لسنة 1963. شركات القطاع العام لا تنوب عنها هذه الإدارة.
(2) إدارة قضايا الحكومة. دعوى "انعقاد الخصومة". إعلان شركات.
انعقاد الخصومة. شرطه. إعلان المدعى عليه بصحيفة الدعوى إعلاناً صحيحاً. الدعوى المرفوعة ضد إحدى شركات القطاع العام. إعلان صحيفتها إلى إدارة قضايا الحكومة. أثره عدم انعقاد الخصومة.
(3) إعلان. بطلان. نظام عام. دعوى.
عدم جواز تمسك الخصم ببطلان الإجراء الذي تسبب فيه نص م 13/ 2 مرافعات قاصر على البطلان غير المتعلق بالنظام العام. مثال بشأن إعلان صحيفة الدعوى.

---------------
1 - النص في الفقرة الثانية من المادة الثالثة عشر من قانون المرافعات على أنه فيما يتعلق بالأشخاص العامة تسلم صورة الإعلان للنائب عنها قانوناً أو لمن يقوم مقامه فيما عدا صحف الدعاوى وصحف الطعون والأحكام فتسلم الصورة إلى إدارة قضايا الحكومة أو فروعها بالأقاليم حسب الاختصاص المحلي لكل منها والنص في المادة السادسة من القانون 75 لسنة 1963 في شأن تنظيم إدارة قضايا الحكومة على أن تنوب هذه الإدارة عن الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ولدى الجهات الأخرى التي يخولها القانون اختصاصاً قضائياً يدل على أن تلك الإدارة إنما تنوب عن الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية وكذلك عن الهيئات العامة التي تباشر مرافق الدولة ولها كيان مستقل وشخصية معنوية معتبرة في القانون العام على أساس أن هذه الهيئات كانت في الأصل مصالح حكومية ثم رأت الدولة إدارتها عن طريق هيئات عامة خروجاً بالمرافق التي تتولى تسييرها عن جمود النظم الحكومة فمنحتها شخصية مستقلة تحقيقاً لغرضها الأساسي وهو أداء خدمة عامة، أما شركات القطاع العام والتي يكون الغرض الأساسي منها هو ممارسة نشاط تجاري أو صناعي أو زراعي أو مالي وتستقل بميزانيات تعد على نمط الميزانية التجارية وتؤول إليها أرباحها بحسب الأصل وتتحمل بالخسارة، فإنها لا تعتبر من الأشخاص العامة التي تنوب عنها إدارة قضايا الحكومة وفقاً لنص المادة السادسة من القانون 75 لسنة 1963 آنف الذكر.
2 - مؤدى نص الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة الثالثة عشرة من قانون المرافعات أن تسلم صورة الإعلان إلى الشركات التجارية أو المدنية في مركز إدارة الشركة فإن تسليم صورة صحيفة افتتاح الدعوى - التي أقامها عليها المطعون ضده - لا يعتبر إعلاناً صحيحاً في القانون ولا تنعقد به الخصومة فيها ذلك أن انعقاد الخصومة مشروط بتمام إعلان الصحيفة إلى المدعى عليه إعلاناً صحيحاً فإذا تخلف هذا الشرط زالت الخصومة كأثر للمطالبة القضائية إذ أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد الفقرة الأولى من المادة 63 من قانون المرافعات أنه وإن كان يلزم لإجراء المطالبة القضائية إيداع صحيفة الدعوى قلم كتاب المحكمة وهو ما ترتب عليها - كأثر إجرائي - بدء الخصومة إلا أن إعلان صحيفة الدعوى إلى المدعى عليه، يبقى كما كان في ظل قانون المرافعات الملغى إجراء لازماً لانعقاد الخصومة بين طرفيها تحقيقاً لمبدأ المواجهة بين الخصوم ويكون وجود الخصومة الذي بدأ بإيداع صحيفة الدعوى قلم الكتاب، معلقاً على شرط إعلانها إلى المدعى عليه إعلاناً صحيحاً، فإن تخلف هذا الشرط حتى صدور الحكم الابتدائي زالت الخصومة كأثر للمطالبة القضائية. لما كان ما تقدم وكان الثابت مما سلف بيانه أن الخصومة في هذه الدعوى لم تنعقد بين طرفيها لعدم إعلان الطاعنة بصحيفة الدعوى إعلاناً صحيحاً وفقاً للقانون ونظرت الدعوى أمام محكمة أول درجة في غيبة الطاعنة إلى أن انتهت بالحكم الذي طعنت فيه الطاعنة بالاستئناف متمسكة بانعدام أثر الإعلان والحكم المترتب عليه فإن الحكم المطعون فيه إذا لم يعتد بهذا الدفاع وقضى في موضوع الدعوى تأسيساً على أن إعلان الطاعنة بإدارة قضايا الحكومة لم يتم إلا بناء على توجيه من موظف الشركة الطاعنة المختص وأنه لا يمكنها أن تفيد من عمل مندوبها وفعله فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
3 - عدم جواز التمسك ببطلان الإجراء من الخصم الذي تسبب فيه - وفقاً لنص المادة 21 من قانون المرافعات - قاصر على حالة بطلان الإجراء غير المتعلق بالنظام العام، أما إذا كان بطلان الإجراء متعلقاً بالنظام العام أو كان الإجراء معدوماً فأنه لا يرتب أثراً ويجوز لهذا الخصم التمسك بانعدام آثاره في جميع الأحوال. ولما كان إعلان صحيفة افتتاح الدعوى الحالية قد وجه إلى إدارة قضايا الحكومة وهي لا تنوب عن الشركة الطاعنة فإن هذا الإعلان يعتبر معدوماً ويكون الحكم الصادر بناء عليه معدوماً هو الآخر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنة الدعوى رقم 3741 سنة 70 مدني كلي جنوب القاهرة بطلب الحكم بإثبات العلاقة التأجيرية عن الجراج بالوحدة رقم 1، 2 والجراج بالوحدة رقم 3، 4 بالعمارة "نموذج 36" بمقر الشركة الطاعنة بالشروط الواردة بصحيفة الدعوى وتمكينه من استلامها والانتفاع بهما تأسيساً على أن الشركة الطاعنة عرضت عليه استئجار الوحدتين المذكورتين لاستعمالها جراجاً لسيارات الأجرة ووافق مجلس إدارة الشركة على هذا التأجير وتحرر عقداً إيجار عنهما وقام بسداد قيمة التأمين والإيجار إلا أن الشركة الطاعنة رفضت رغم ذلك تسليمه الوحدتين المؤجرتين مما اضطره إلى رفع دعواه بطلباته آنفة الذكر. وبتاريخ 18/ 3/ 1973 قضت محكمة أول درجة للمطعون ضده بطلباته. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 4625 سنة 90 ق. وبتاريخ 30/ 3/ 1977 قضت محكمة استئناف القاهرة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف بأن الخصومة في الدعوى لم تنعقد، إذ لم يلتزم المطعون ضده في إعلان صحيفة افتتاحها بالإجراءات التي نصت عليها المواد 10، 11، 13 من قانون المرافعات، بل قام بإدارة قضايا الحكومة، في حين أن المادة السادسة من القانون رقم 75 لسنة 1963 قد حددت الجهات التي تنوب عنها تلك الإدارة في التقاضي وليس من بينها شركات القطاع العام، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعتد بهذا الدفاع بمقولة أن الصحيفة كانت موجهة أصلاً إلى رئيس مجلس إدارة الشركة الطاعنة بمركز إدارتها الرئيسي بالمعادي بيد أنها لم تعلن نظراً لإجابة موظف بها بأن تعلن بإدارة قضايا الحكومة فلا يسوغ للطاعنة أن تستفيد من خطأ موظفها، وهذا الذي أورده الحكم خطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الإجابة المشار إليها لم تصدر من رئيس مجلس الإدارة ولا من ينوب عنه فلا تحاج بها الشركة الطاعنة ولا تبرر مخالفة القواعد والإجراءات التي أوجبها قانون المرافعات في المواد سالفة الذكر ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في الفقرة الثانية من المادة الثالثة عشرة من قانون المرافعات على أنه فيما يتعلق بالأشخاص العامة تسلم صورة الإعلان للنائب عنها قانوناً أو لمن يقوم مقامه فيما عدا صحف الدعاوى وصحف الطعون والأحكام فتسلم الصورة إلى إدارة قضايا الحكومة أو فروعها بالأقاليم حسب الاختصاص المحلي لكل منها والنص في المادة السادسة من القانون 75 لسنة 1963 في شأن تنظيم إدارة قضايا الحكومة على أن تنوب هذه الإدارة عن الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ولدى الجهات الأخرى التي يخولها القانون اختصاصاً قضائياً يدل على أن تلك الإدارة إنما تنوب عن الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية وكذلك عن الهيئات العامة التي تباشر مرافق الدولة ولها كيان مستقل وشخصية معنوية معتبرة في القانون العام على أساس أن هذه الهيئات كانت في الأصل مصالح حكومية ثم رأت الدولة إدارتها عن طريق هيئات عامة خروجاً بالمرافق التي تتولى تسييرهم عن جمود النظم الحكومة فمنحتها شخصية مستقلة تحقيقاً لغرضها الأساسي وهو أداء خدمة عامة، أما شركات القطاع العام والتي يكون الغرض الأساسي منها هو ممارسة نشاط تجاري أو صناعي أو زراعي أو مالي وتستقل بميزانيات تعد على نمط الميزانيات التجارية وتؤول إليها أرباحها بحسب الأصل وتتحمل بالخسارة، فإنها لا تعتبر من الأشخاص العامة التي تنوب عنها إدارة قضايا الحكومة وفقاً لنص المادة السادسة من القانون 75 لسنة 1963 آنف الذكر لما كان ذلك وكانت الشركة الطاعنة من شركات القطاع العام فإن إدارة قضايا الحكومة لا تنوب عنها في الإعلان أو في التقاضي، وكان مؤدى نص الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة الثالثة عشرة من قانون المرافعات أن تسلم صورة الإعلان إلى الشركات التجارية أو المدنية في مركز إدارة الشركة فإن تسليم صورة صحيفة افتتاح الدعوى - التي أقامها عليها المطعون ضده - لا يعتبر إعلاناً صحيحاً في القانون ولا تنعقد به الخصومة فيها ذلك أن انعقاد الخصومة مشروط بتمام إعلان الصحيفة إلى المدعى عليه إعلاناً صحيحاً، فإذا تخلف هذا الشرك زالت الخصومة كأثر للمطالبة القضائية إذ أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد الفقرة الأولى من المادة 63 من قانون المرافعات أنه وإن كان يلزم لإجراء المطالبة القضائية إيداع صحيفة الدعوى قلم كتاب المحكمة وهو ما يترتب عليها - كأثر إجرائي - بدء الخصومة إلا أن إعلان صحيفة الدعوى إلى المدعى عليه يبقى كما كان في ظل قانون المرافعات الملغى إجراء لازماً لانعقاد الخصومة بين طرفيها تحقيقاً لمبدأ المواجهة بين الخصوم ويكون وجود الخصومة الذي بدأ بإيداع صحيفة الدعوى قلم الكتاب، معلقاً على شرط إعلانها إلى المدعى عليه إعلاناً صحيحاً فإن تخلف هذا الشرط حتى صدور الحكم الابتدائي زالت الخصومة كأثر للمطالبة القضائية. لما كان ما تقدم وكان الثابت مما سلف بيانه أن الخصومة في هذه الدعوى لم تنعقد بين طرفيها لعدم إعلان الطاعنة بصحيفة الدعوى إعلاناً صحيحاً وفقاً للقانون ونظرت الدعوى أمام محكمة أول درجة في غيبة الطاعنة إلى أن انتهت بالحكم الذي طعنت فيه الطاعنة بالاستئناف متمسكة بانعدام أثر الإعلان والحكم المترتب عليه فإن الحكم المطعون فيه إذا لم يعتد بهذا الدفاع وقضى في موضوع الدعوى تأسيساً على أن إعلان الطاعنة بإدارة قضايا الحكومة لم يتم إلا بناء على توجيه من موظف الشركة الطاعنة المختص وأنه لا يمكنها أن تفيد من عمل مندوبها وفعله فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن عدم جواز التمسك ببطلان الإجراء من الخصم الذي تسبب فيه - وفقاً لنص المادة 21 من قانون المرافعات قاصر على حالة بطلان الإجراء غير المتعلق بالنظام العام، أما إذا كان بطلان الإجراء متعلقاً بالنظام العام أو كان الإجراء معدوماً فإنه لا يرتب أثراً ويجوز لهذا الخصم التمسك بانعدام آثاره في جميع الأحوال. ولما كان إعلان صحيفة افتتاح الدعوى الحالية قد وجه إلى إدارة قضايا الحكومة وهي لا تنوب عن الشركة الطاعنة فإن هذا الإعلان يعتبر معدوماً ويكون الحكم الصادر بناء عليه معدوماً هو الآخر. ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر الصحيح في القانون فإنه يتعين نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم من الأسباب، فإنه يتعين القضاء بانعدام الحكم المستأنف.

الطعن 187 لسنة 45 ق جلسة 24 / 4 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 213 ص 1083

جلسة 24 من إبريل سنة 1978

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة مصطفى الفقي وعضوية السادة المستشارين حافظ رفقي، جميل الزيني، محمود حسن حسين ومحمود حمدي عبد العزيز.

--------------

(213)
الطعن رقم 187 لسنة 45 القضائية

حكم "حجية الحكم الجنائي". نقض.
حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية. شرطها. القضاء ببراءة الطاعن من جريمة اختلاس سندات الدين استناداً إلى أن الاتهام محل شك. قضاء المحكمة المدنية بالدين استناداً إلى أقوال الشهود أمامها. لا خطأ.

------------
مفاد نص المادتين 456 من قانون الإجراءات الجنائية، 102 من قانون الإثبات أن الحكم الصادر في المواد الجنائية لا تكون له حجية في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية إلا إذا كان قد فصل فضلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، ولما كان الثابت من الحكم الصادر في الجنحة الذي تأيد استئنافياً أنه قضى ببراءة الطاعنين من تهمة اختلاس سندات مديونيتهما للطاعن، تأسيساً على أن هذه التهمة محل شك كبير، ولم يتطرق الحكم الجنائي لبحث واقعة المديونية في ذاتها، وكان الفصل في هذه الواقعة ليس ضرورياً أو لازماً للفصل في الجريمة المسندة إليهما، فإن الحكم المطعون فيه إذ استخلص من أقوال الشهود الذين استمعت إليهم المحكمة المدنية، ثبوت مديونية الطاعنين للمطعون ضده، فإنه لا يكون قد تعارض مع حجية الحكم الجنائي الصادر ببراءة الطاعنين من جريمة اختلاس سندات الدين، ذلك أن حجية هذا الحكم قاصرة على أنهما لم يختلسا تلك السندات ولكنها لا تتعارض أو تنفي ثبوت الدين في ذمتهما، لما كان تقدم، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة قوة الأمر المقضي للحكم الجنائي المشار إليه يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 491 سنة 71 تجاري كلي شمال القاهرة على الطاعنين طالباً الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 1800 جنيه والفوائد وقال شرحاً لدعواه أنه بموجب عقد مؤرخ 4/ 6/ 1965 تمت تصفية المعاملات السابقة بين الطرفين فأظهرت مديونية الطاعنين له في مبلغ ألف جنيه فضلاً عن مديونيتهما له في مبلغ 800 جنيه بموجب سندين إذنيين يستحقان السداد في 30/ 9/ 1965، 30/ 10/ 1965 حرر عنها احتجاج عدم دفع، وقد توسط البعض لإنهاء النزاع بين الطرفين بغية استئناف التعامل بينهما وتحرر بينهما مشروع اتفاق جديد، وأثناء إجراءات التصديق على توقيعات الطاعنين على هذا الاتفاق الجديد بمأمورية الشهر والتوثيق بالمحلة الكبرى، تمكنا بالحيلة من اختلاس أصل الاتفاق السابق إبرامه بتاريخ 4/ 6/ 1965 والسندين الإذنيين سالفي البيان فأقام ضدهما عن هذه الواقعة الجنحة المباشرة رقم 9928 سنة 66 بندر المحلة الكبرى، وإذ قضى فيهما انتهائياً ببراءتهما، فقد أقام الدعوى الحالية بطلباته السابقة، وبتاريخ 12/ 3/ 1972 قضت محكمة شمال القاهرة الابتدائية بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي الدين المطالب به، وبعد أن استمعت إلى أقوال شهود الطرفين قضت بجلسة 11/ 6/ 1972 برفض الدعوى، فاستأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 405 سنة 89 ق القاهرة وبتاريخ 29/ 12/ 1974 قضت محكمة استئناف القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعا للمطعون ضده مبلغ 1800 والفوائد. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنان بالسببين الأولين فيها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولان أن المطعون ضده أقام ضدهما الجنحة المباشرة رقم 9928 لسنة 1966 جنح بندر المحلة؛ يتهمهما باختلاس سندات مديونيتهما، فدفعا هذا الاتهام بأن المطعون ضده قد تخلى عن السندات نتيجة التخالص فقضت المحكمة الجنائية ببراءتهما للشك في الاتهام وعدم كفاية الأدلة وتأيد هذا القضاء استئنافياً، فحاز قوة الأمر المقضي، ولما كانت المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أن يكون للحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية بالبراءة قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية سواء بني على انتفاء التهمة أو على عدم كفاية الأدلة؛ وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام الطاعنين بالدين تأسيساً على أن تخلي المطعون ضده عن السندات لم يكن برضائه نتيجة للتخالص. فإنه يكون قد خالف قوة الأمر المقضي للحكم الجنائي المشار إليه، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي بسببيه مردود ذلك أنه لما كانت المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن "يكون للحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة أو بالإدانة قوة الشيء المحكوم به أمام المحكمة المدنية في الدعاوى التي لم يكن قد فصل فيها نهائياً فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها، ويكون للحكم بالبراءة هذه القوة سواء بني على انتقاء التهمة أو على عدم كفاية الأدلة، ولا تكون له هذه القوة إذا كان مبنياً على أن الفعل لا يعاقب عليه القانون وكانت المادة 102 من قانون الإثبات تنص على أن "لا يرتبط القاضي المدني بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضرورياً" فإن مفاد ذلك أن الحكم الصادر في المواد الجنائية لا تكون له حجية في الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية إلا إذا كان قد فصل فضلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية، وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله ولما كان الثابت من الحكم الصادر في الجنحة رقم 9928 سنة 1966 بندر المحلة الذي تأيد استئنافياً أنه قضى ببراءة الطاعنين من تهمة اختلاس سندات مديونيتهما للطاعن تأسيساً على أن هذه التهمة محل شك كبير، ولم يتطرق الحكم الجنائي لبحث واقعة المديونية في ذاتها وكان الفصل في هذه الواقعة ليس ضرورياً أو لازماً للفصل في الجريمة المسندة إليهما، فإن الحكم المطعون فيه إذ استخلص من أقوال الشهود الذين استمعت إليهم المحكمة المدنية ثبوت مديونية الطاعنين للمطعون ضده فإنه لا يكون قد تعارض مع حجية الحكم الجنائي الصادر ببراءة الطاعنين من جريمة اختلاس الدين ذلك أن حجية هذا الحكم قاصرة على أنهما لم يختلسا تلك السندات ولكنها لا تتعارض أو تنفي ثبوت الدين في ذمتهما، لما كان تقدم إن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة قوة الأمر المقضي للحكم الجنائي المشار إليه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم أقام قضاءه على مجرد التخمين والاستنتاج، إذا انتهى إلى إلزامهما بالمبلغ المطالب به تأسيساً على أنهما لم يقدما السندين الإذنيين مؤشراً عليهما بما يفيد التخالص كما لم يقدما أي دليل على سداد قيمة الأقطان الزائدة التي حصلاً عليها، في حين أنهما قدما المستندات الدالة على سداد الدين ومن بينها مستند يفيد سدادها مبلغ 300 جنيه للمحضر بتاريخ 1/ 12/ 1965 فضلاً عن أقوال الشهود الذين أيدوا دفاعهما، وإذ طرح الحكم المطعون فيه كل هذه الأدلة وأقام قضاءه على مجرد الظن والتخمين فإنه يكون معيباً بالقصور والفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر أن محكمة الموضوع هي صاحبة السلطة التامة في بحث ما يقدم إليها من أدلة ومستندات وتقدير أقوال الشهود وترجيح ما يطمئن وجدانها إلى ترجيحه منها وفي استخلاص ما ترى أنه واقع الدعوى، دون رقابة من محكمة النقض متى كان استخلاصها سائغاً وله أصل ثابت في الأوراق، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإجابة المطعون ضده إلى طلباته على عدة قرائن استخلصتها المحكمة من أوراق الدعوى منها إقرار الطاعنين بسبق توقيعهما على عقد تصفية الحساب في 4/ 6/ 1965 الذي أسفر عن مديونيتهما بألف جنيه وعلى السندين الإذنيين البالغ قيمتهما 800 جنيه وعدم تقديمهما هذه السندات مؤشراً عليها بالسداد رغم زعمهما باستردادها للتخالص وأقوال شاهدي المطعون ضده التي اطمأنت المحكمة إلى صحتها وعدم تحفظ الطاعنين في احتجاجي عدم الدفع المحررين في 11/ 10/ 1965، 3/ 10/ 1965 بحصول سداد كلي أو جزئي وعدم تقديمهما ما يدل على سداد قيمة الأطيان الزائدة التي حصلا عليها بخلاف الحساب الخاص بالأقطان التي حرر عنها السندات الإذنية، ولما كان هذا الاستخلاص سائغاً وله أصل ثابت في الأوراق، فإن ما يثيره بهذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الدليل تنحسر عنه رقابة محكمة النقض، ومن ثم يكون النعي به على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 68 لسنة 13 ق جلسة 6 / 4 / 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 116 ص 305

جلسة 6 إبريل سنة 1944

برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: نجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك ومحمود فؤاد بك المستشارين.

-----------------

(116)
القضية رقم 68 سنة 13 القضائية

محكمة شرعية. 

الأحكام التي تصدرها المحاكم الشرعية. تنفيذها. لا شأن فيه للمحاكم الأهلية. 

(المادتان 349 و350 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية)

--------------
إن الشارع قد نص في المادتين 349 و350 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على الجهة التي تقوم بتنفيذ أحكام تلك المحاكم، كما نص على الإجراءات التي يتخذها صاحب الشأن في حالة امتناع هذه الجهة عن التنفيذ، وجعل مرد الأمر في ذلك إلى وزير العدل. وإذن فالمحاكم الأهلية لا اختصاص لها بالدعوى التي ترفع، وتختصم فيها وزارة العدل، بطلب تنفيذ حكم أصدرته المحاكم الشرعية، على خلاف حكم من المجلس الملي، أمرت وزارة العدل بإيقاف تنفيذه (أي الحكم الشرعي) إلى أن تفصل لجنة تنازع الاختصاص في أي الحكمين يجب له النفاذ (1).


الوقائع

تتحصل وقائع الدعوى في أن الطاعن كان متزوجاً من المطعون ضدها الأولى ولخلاف دب بينهما أصدر المجلس الملي قراراً في 29 أكتوبر سنة 1931 بالتفرقة بينهما، وكانت لهما ابنة صغيرة بقيت في حضانة أمها، غير أن أباها أراد ضمها إليه ورفع الأمر إلى المجلس الملي الذي قرر بتاريخ 23 مايو سنة 1935 استمرار حضانة الأم. فاستأنف الطاعن هذا القرار وقضى بتأييده في 20 أكتوبر سنة 1938، فلم يرق قضاء المجلس الملي في عين الطاعن - وكان في أثناء نظر الاستئناف قد غير مذهبه من قبطي أرثوذكسي إلى رومي كاثوليكي - فلجأ إلى المحاكم الشرعية ورفع الدعوى أمام محكمة المنشية الشرعية وطلب الحكم بتسليم ابنته إليه، وقضت تلك المحكمة له بذلك. فاستأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم، ومحكمة الإسكندرية الشرعية بهيئة استئنافية قضت بتأييد الحكم المستأنف. فأسرعت المطعون ضدها المذكورة بالشكوى إلى وزارة العدل فأرسلت الوزارة بتاريخ 27 يوليو سنة 1939 كتاباً لمحافظة الإسكندرية تطلب إليها فيه عدم تنفيذ الحكم الشرعي القاضي بتسليم البنت إلى الطاعن ريثما تعرض موضوع هذا الإشكال على لجنة تنازع الاختصاص لتفصل في أي الحكمين واجب النفاذ، أحكم المجلس الملي أم حكم المحكمة الشرعية. فرفع الطاعن الدعوى رقم 1809 سنة 1942 أمام قاضي الأمور المستعجلة بمحكمة مصر الابتدائية الأهلية على المطعون ضدهما يطلب فيها القضاء بتنفيذ الحكم الشرعي السالف الذكر، فدفعت المطعون ضدها الأولى بعدم اختصاص المحاكم الأهلية بنظر الدعوى، وقضى باختصاص المحاكم الأهلية وباستمرار تنفيذ الحكم الشرعي. استأنفت المطعون ضدها الأولى ذلك الحكم، فقضت محكمة مصر الابتدائية الأهلية بهيئة استئنافية بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص المحاكم الأهلية بنظر الدعوى.


المحكمة

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه خالف قواعد القانون وتفسيره فيما يتعلق بولاية القضاء إذ اعتبر خطاب وزارة العدل أمراً إدارياً تمنع المحاكم الأهلية - وفقاً للمادة 15 من لائحة ترتيب المحاكم - من تأويله أو إيقاف تنفيذه، وأن وزير العدل عندما أصدر أمره بوقف تنفيذ الحكم الشرعي إنما استعمل حقه المخول له بمقتضى لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، وأنه خالف القانون كذلك إذ قال بأن المادة 16 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية تمنع هذه المحاكم من تأويل الأحكام التي تصدر من الجهات الشرعية، فليس خطاب الوزارة بالأمر الذي عنته المادة 15 ولا وزير العدل استعمل حقاً بمنع المحاكم من نظر الأمر المتنازع عليه، كما أن القضاء بتنفيذ حكم أصدرته محكمة مختصة ليس معناه تأويله.
وحيث إن الطاعن رفع هذه الدعوى طالباً الحكم بتنفيذ حكم صدر من محكمة شرعية في حدود ولايتها. ولما كان الشارع قد نص في المادتين 349 و350 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على الجهة التي تقوم بتنفيذ أحكام هذه المحاكم كما نص على الإجراءات التي يتخذها صاحب الشأن في حالة امتناع هذه الجهة عن التنفيذ، وجعل مرد الأمر في ذلك إلى وزير العدل، فإن المحاكم الأهلية لا تكون مختصة بالحكم بتنفيذ أحكام المحاكم الشرعية، ويكون الحكم المطعون فيه، إذ قضى بعدم اختصاصها، صحيحاً بقطع النظر عما أسس عليه قضاؤه من أسباب أخرى لا محل للتعرض لها متى كان الحكم يستقيم بالسبب الذي تقدم بيانه.


(1) استظهر بعض الشراح (انظر كتاب المرافعات للدكتور محمد حامد فهمي رقم 292) أنه إذا اختلف المحكوم عليه أو المحكوم له مع جهة الإدارة فيما رأته من وجوب تنفيذ حكم صادر من إحدى جهات قضاء الأحوال الشخصية أو وقف تنفيذه كان له رفع الدعوى عليها أمام المحاكم الوطنية أو المختلطة بطلب التعويض عن تصرفها في ذلك باعتباره مخالفاً للقوانين واللوائح فتنظر المحكمة فيما إذا كان الحكم المختلف عليه قد صدر من جهة تملك الاختصاص أو لا تملكه ثم تقضي، على أساس ما يتبين لها من هذا البحث، في دعوى التعويض المرفوعة إليها. ومبنى هذا الرأي أن لجنة تنازع الاختصاص بوزارة العدل ليس لها أي اختصاص مستمد من القانون بالفصل فيما يعرض عليها بل هي لا تعدو أن تكون هيئة إدارية بحتة تعاون وزير العدل. فإذا ما أصدر الوزير قراراً، اعتماداً على رأي هذه اللجنة، فهو قرار إداري بحت يجوز رفع الدعوى بطلب التعويض عنه بحجة مخالفته لقواعد القانون المتعلقة باختصاص جهات القضاء المختلفة. ثم إن المحاكم الوطنية والمحاكم المختلطة، كلتاهما لا تعترف بحجية أحكام محاكم الأحول الشخصية إلا إذا كان الحكم صادراً في حدود ما تختص به المحكمة التي أصدرته، ولا تتقيد المحاكم المدنية في ذلك برأي وزارة العدل.

الطعن 850 لسنة 44 ق جلسة 24 / 4 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 212 ص 1079

جلسة 24 من إبريل سنة 1978

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة مصطفى الفقي رئيساً والسادة المستشارين حافظ رفقي، جميل الزيني، محمود حسن حسين، ومحمود حمدي عبد العزيز.

-------------

(212)
الطعن رقم 850 لسنة 44 القضائية

(1، 2) مسئولية "المسئولية الشيئية". نقض "سبب الطعن".
(1) الحراسة الموجبة لمسئولية حارس الشيء. قيامها على خطأ مفترض. مناطها.
(2) انتقال أعباء تشغيل وصيانة الشبكة الكهربائية إلى مؤسسة الكهرباء. القرارين الجمهوريين 3726 لسنة 65، 2094 لسنة 1969. التزام مجلس المدينة بالتعويض باعتبار أن الشبكة المذكورة في حراسته. عدم بحث الحكم ما إذا كانت الحراسة قد انتقلت بالفعل إلى المؤسسة من عدمه. قصور.

---------------
1 - جرى نص المادة 178 مدني على أن "كل من تولى حراسة أشياء تتطلب حراستها عناية خاصة أو حراسة آلات ميكانيكية يكون مسئولاً عما تحدثه هذه الأشياء من ضرر، ما لم يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه" مما يدل على أن الحراسة الموجبة للمسئولية على أساس الخطأ المفترض طبقاً لهذا النص إنما تتحقق بسيطرة الشخص الطبيعي أو المعنوي على الشيء سيطرة فعلية في الاستعمال والتوجيه والرقابة لحساب نفسه.
2 - إذ كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه إن الطاعن قد تمسك أمام محكمة الاستئناف بعدم قبول الدعوى تأسيساً على أن المؤسسة المصرية العامة للكهرباء هي المنوط بها حراسة الشبكة الكهربائية داخل مدينة طنطا بالتطبيق لأحكام القرارين الجمهوريين رقمي 3726 لسنة 1965، 2094 لسنة 1969، وكانت المادة الثانية من القرار الجمهوري الأول قد نصت على اختصاص المؤسسة المشار إليها بتنفيذ المشروعات الخاصة بإنتاج القوى الكهربائية ونقلها وتوزيعها وإدارة محطات الكهرباء وتشغيلها وصيانتها والنقل وتنظيم حركة الأحمال على الشبكات الرئيسية في أنحاء الجمهورية وتوزيع القوى الكهربائية وبيعها في أنحاء الجمهورية، كما نصت المادة الثانية من القرار الثاني على أن تقوم تلك المؤسسة بأعباء تشغيل وصيانة شبكات توزيع الجهد المنخفض داخل مجالس المدن والقرى، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع على قوله "إن أسلاك الكهرباء كانت في تاريخ الحادث 23/ 11/ 1972 تتبع مجلس مدينة طنطا وأن القانون الذي أتبعها لمؤسسة الكهرباء صدر بعد حادث الوفاة" فإن هذا الذي أورده الحكم ينطوي على خطأ في تطبيق القانون، ذلك أن القرارين الجمهوريين سالفي الذكر قد صدر أولهما في سنة 1965 وثانيهما في سنة 1969 أي قبل وقوع الحادث في 23/ 11/ 1972 وقد أدى هذا الخطأ إلى حجب محكمة الاستئناف عن بحث دفاع الطاعن وتحقيق ما إذا كانت حراسة الشبكة الكهربائية داخل مدينة طنطا قد انتقلت بالفعل إلى المؤسسة المصرية العامة للكهرباء وأصبحت لها السيطرة الفعلية لحساب نفسها على أعمدة وأسلاك الكهرباء من عدمه وهو دفاع جوهري من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهما أقاما على الطاعن الدعوى رقم 3276 لسنة 1973 مدني كلي طنطا بطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع لهما مبلغ 5000 جنيه مناصفة بينهما تأسيساً على أنه بتاريخ 23/ 12/ 1972 سقط سلك كهربائي قديم ومتآكل على ابنهما أثناء سيره بميدان سعد زغلول بطنطا فصعقه وتوفى على أثر ذلك وتحرر عن هذه الواقعة المحضر رقم 1289 لسنة 1972 عوارض قسم أول طنطا وأن وفاة ابنهما نتجت عن إهمال تابعي الطاعن في القيام بصيانة الأسلاك المعلقة على الأعمدة الكهربائية والتفتيش عليها وأنه لما كان الطاعن مسئولاً عن الحادث بصفته الحارس على هذه الأسلاك وإزاء ما لحقهما من أضرار مادية وأدبية نتيجة فقدهما لابنهما الذي كان يعولهما فقد أقاما الدعوى بطلباتهما السابقة. وبتاريخ 24/ 4/ 1974 قضت محكمة أول درجة بإلزام مجلس مدينة طنطا (الطاعن) بأن يدفع للمطعون ضدهما مناصفة بينهما مبلغ 1500 جنيه. استأنف الطاعن عن هذا الحكم بالاستئناف رقم 196 لسنة 24 ق مدني وبتاريخ 23/ 6/ 1973 قضت محكمة استئناف طنطا بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بالدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة استناداً إلى أن المؤسسة المصرية العامة للكهرباء هي التي تقوم على حراسة الشبكة الكهربائية داخل مدينة طنطا عن طريق تشغيلها وصيانتها بالتطبيق لأحكام القرارين الجمهوريين رقمي 3726 لسنة 1965، 2094 لسنة 1969، وأنه لا يوجد لمجلس مدينة طنطا (الطاعن) أية رقابة أو إشراف على الشبكة الكهربائية، إلا أن - الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع تأسيساً على أن أسلاك الكهرباء كانت وقت وقوع الحادث في 23/ 11/ 1973 تتبع الطاعن وأن القانون الذي أتبعها لمؤسسة الكهرباء قد صدر بعد وقوع الحادث، وهذا من الحكم خطأ في القانون ذلك أن القرارين الجمهوريين المشار إليهما صدراً قبل الحادث الذي وقع في وقت كانت فيه الأسلاك الكهربائية تحت السيطرة الفعلية لمؤسسة الكهرباء بوصفها القائمة على تشغيل الشبكة الكهربائية وصيانتها ومن ثم تكون هي الحارسة عليها والمسئولة عنها وفقاً لنص المادة 178 من القانون المدني وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن المادة 178 من القانون المدني إذ جرى نصها على أن "كل من تولى حراسة أشياء تتطلب حراستها عناية خاصة أو حراسة آلات ميكانيكية يكون مسئولاً عما تحدثه هذه الأشياء من ضرر، ما لم يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه" فقد دلت دل على أن الحراسة الموجبة للمسئولية على أساس الخطأ المفترض طبقاً لهذا النص إنما تتحقق بسيطرة الشخص الطبيعي أو المعنوي على الشيء سيطرة فعلية في الاستعمال والتوجيه والرقابة لحساب نفسه، ولما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه إن الطاعن قد تمسك أمام محكمة الاستئناف بعدم قبول الدعوى تأسيساً على أن المؤسسة المصرية العامة للكهرباء هي المنوط بها حراسة الشبكة الكهربائية داخل مدينة طنطا بالتطبيق لأحكام القرارين الجمهوريين رقمي 3726 لسنة 1965، 2094 لسنة 1969، وكانت المادة الثانية من القرار الجمهوري الأول قد نصت على اختصاص المؤسسة المشار إليها بتنفيذ المشروعات الخاصة بإنتاج القوى الكهربائية ونقلها وتوزيعها وإدارة محطات الكهرباء وتشغيلها وصيانتها والنقل تنظيم حركة الأحمال على الشبكات الرئيسية في أنحاء الجمهورية وتوزيع القوى الكهربائية وبيعها في أنحاء الجمهورية كما نصت المادة الثانية من القرار الثاني على أن تقوم تلك المؤسسة بأعباء تشغيل وصيانة شبكات توزيع الجهد المنخفض داخل مجالس المدن والقرى، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع على قوله "أن أسلاك الكهرباء كانت في تاريخ الحادث 23/ 11/ 1972 تتبع مجلس مدينة طنطا وأن القانون الذي أتبعها لمؤسسة الكهرباء صدر بعد حادث الوفاة" فإن هذا الذي أورده الحكم ينطوي على خطأ في تطبيق القانون ذلك أن القرارين الجمهوريين سالفي الذكر قد صدر أولهما في سنة 1965 وثانيهما في سنة 1969 أي قبل وقوع الحادث في 23/ 11/ 1972 وقد أدى هذا الخطأ إلى حجب محكمة الاستئناف عن بحث دفاع الطاعن وتحقيق ما إذا كانت حراسة الشبكة الكهربائية داخل مدينة طنطا قد انتقلت بالفعل إلى المؤسسة المصرية العامة للكهرباء فأصبحت لها السيطرة الفعلية لحساب نفسها على أعمدة وأسلاك الكهرباء من عدمه، وهو دفاع جوهري من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور بما يوجب نقضه والإحالة.

الاستئناف رقم628 لسنة 33 ق س عالى قنا بجلسة 19/9/2017

محكمة استئناف قنا
برئاسة السيد المستشار / عدنان فنجري الرئيس بالمحكمة وعضوية السيد المستشار / محمد مصطفى الرئيس بالمحكمة والمستشار الدكتور / حاتم الارناؤوطي الرئيس بالمحكمة
-------------
بعد سماع المرافعة ومطالعة الأوراق ورأى النيابة والمداولة :-
حيث أن واقعات الدعوى ومستندات الخصوم ودفوعهم وأوجه دفاعهم فيها سبق وأحاط بها الحكم المستأنف في كفاية تغني عن الترديد ، ومن ثم تحيل إليه المحكمة في هذا الشأن منعاً للتكرار ، وتوجز واقعاتها فى أن المدعى قد أقام الدعوى رقم 603 لسنة 2012 بندر قنا ضد المدعى عليها بطلب الحكم : بنفي نسب الصغيرين {.... و .....} له وعدم تعرضها له ، إلزام المدعى عليها بالمصاريف والأتعاب .

وقال شرحاً لدعواه : أنه كان زوجاً للمدعى عليها بصحيح العقد الشرعى المؤرخ 23/2/1996وقام بطلاقها فى 15/8/2015 بائناً على الإبراء وقد أثمرت العلاقة الزوجية عن إنجاب صغيرين هما : (....) المولود بتاريخ 1/10/1999، (....) المولودة بتاريخ 5/4/2001 ، ولما كان المدعى يعانى من ضمور بالخصيتين حسب تقرير الأشعة وعدم وجود حيوانات منوية له حسب التحليل الطبي الأمر الذي يستحيل معه الإنجاب ؛

ما حداه لإقامة دعواه بغية الحكم له بما سلف من طلبات .

وبجلسة 23 / 2/2014 قضت محكمة أول درجة : بنفي نسب الصغيرين {.... و ....} للمدعى (....) وإلغاء ما ترتب على ذلك من آثار ، وألزمت المدعى عليها المصاريف وخمسة وسبعين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة .

على سند مما ثبت من تقرير الطب الشرعي المنتدب في الدعوى والتي اطمأنت إليه المحكمة من أن الصغيرين{.... و ....} ليسا ابنى المدعى ... وأن الدفع المبدى بعدم جواز نظر الدعوى المبتدأة لسبق الفصل فى موضوعها بالحكم النهائي الصادر فى الدعوى رقم 807 لسنة 2011 أسرة بندر قنا قد بُنى على ثبوت نسب الصغيرين لأبيهما بالفراش دون أن يقول كلمته فيما قال به المدعى فى صحيفة دعواه من عدم قدرته على الإنجاب ، طالباً اللجوء لأهل الخبرة في إثبات ذلك ، وأسس قضاءه على عدم طلب المدعى ملاعنة المدعى عليها، فى حين قد ثبت انفصال رابطة الزوجية بينهما بما يحول دون الملاعنة شرعاً ، ومن ثم يكون ذلك الحكم لم ينظر لتلك المسألة – سلامة آلة الإنجاب - ولم يقض فيها قبولاً أو رفضاً وقضى بثبوت النسب بمجرد الفراش وعدم الملاعنة ، رغم سقوط أحد شرائط ذلك - وهو عدم قدرة المدعى على الإنجاب- والذى لم ينظر إليه الحكم المحاج به ولم يفصل فيه ، ومن ثم يكون ذلك المطلب لم يسبق القضاء فيه ، ومن ثم فإن الحكم المحاج به فى تلك المسألة لا يحوز قوة الأمر المقضى به ولا يعد مانعاً من نظر الدعوى الماثلة وعليه يكون الدفع المبدى فى غير محله لم يصادف صحيح القانون .

ولما كان هذا القضاء لم يصادف قبولا ً لدى المستأنفة فقد طعنت عليه بالاستئناف الماثل بموجب صحيفة أودعت قلم الكتاب بتاريخ 2/4/2014 وأعلنت قانونا ً طلبت فى ختامها الحكم : أولا ً: بقبول الاستئناف شكلا ً ..

ثانيا ً: وفى الموضوع : إلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً برفض الدعوى المبتدأة ، مع إلزام المستأنف عليه المصاريف والأتعاب.

لأسباب حاصلها : أولا ً: عدم جواز نظر الدعوى المبتدأة لسبق الفصل فى موضوعها بموجب الحكم النهائى الصادر فى الدعوى رقم 807لسنة 2011 أسرة بندر قنا .

ثانياً : استدعاء الطبيب الشرعي الذى قام بفحص العينات وسؤاله فى ظل اليمين عما إذا كان قد أخذ بنفسه العينات محل الفحص من طرفى الدعوى والصغيرين من عدمه .

ثالثاً : إعادة الدعوى لمصلحة الطب الشرعى لندب لجنة ثلاثية لأخذ عينات جديدة وفحصها .. لكون العينات التى أُخذت لإجراء تحليل الحامض النووى الذى أورى التقرير الطبى الشرعى نتيجته لم تتم بمعرفة الطبيب الشرعى نفسه ، وإنما بمعرفة موظف بالطب الشرعى ؛ مما ولد الشك لدى المستأنفة فى نتيجته التى بُنى عليها الحكم المستأنف بعد اطمئنانه للتقرير ونتيجته .

وحيث أن الاستئناف تداول بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها مثل خلالها طرفا التداعى بشخصيهما وكلٌ بوكيل عنه - محامٍ -حيث قدمت المستأنفة على مدار جلسات المرافعة خمس مذكرات بدفاعها طلبت فيها جميعها ولأسبابها : إلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً برفض الدعوى المبتدأة والتمسك بالدفع المبدى بصحيفة الاستئناف بعدم جواز نظر الدعوى المبتدأة لسبق الفصل فى موضوعها بموجب الحكم الصادر فى الدعوى رقم 807لسنة 2011 أسرة بندر قنا ، وبجلسة 27/1/2015 قضت المحكمة أولاً : بقبول الاستئناف شكلاً ، ثانيا ً : وقبل الفصل فى الموضوع : ندب الطب الشرعى " المعامل المركزية بالقاهرة " لتنفيذ المأمورية المبينة بذلك القضاء والذى تحيل إليه المحكمة الآن فى بيان ذلك تفادياً للتكرار ... ونفاذاً لهذا القضاء باشرت الجهة المنتدبة مأموريتها وأودعت تقريرها الذى خلصت فى نتيجته أن المستأنف عليه يعانى من ضمور بالخصيتين وضعف تدفق الدم لهما مع وجود دوالى بسيطة بالخصية اليسرى ، أما عن قدرته على الإنجاب فهو غير قادر على الإنجاب حالياً .

وبجلسة 25/11/2015 قضت المحكمة وقبل الفصل فى الموضوع بإعادة المأمورية للطب الشرعى لتنفيذ ما هو مبين بمنطوق ذلك الحكم والذى تحيل إليه المحكمة الآن فى بيان ذلك تفادياً للتكرار ..

ونفاذاً لهذا القضاء باشرت الجهة المنتدبة مأموريتها وأودعت تقريرها الذى خلصت فى نتيجته أنه يتعذر الجزم بتحديد قدرة المستأنف عليه على الإنجاب من عدمه فى السنوات السابقة ، نتيجة عيب خلقى أو لحدوث أى طارئ .. وبجلسة 17/1/2017 قضت المحكمة : وقبل الفصل فى موضوع الاستئناف : بندب لجنة ثلاثية من الأطباء الشرعيين المختصين بالإدارة المركزية للمعامل الطبية الشرعية بمصلحة الطب الشرعى بالقاهرة يختارهم السيد الدكتور كبير الأطباء الشرعيين - ليس من بينهم الدكتورة / ....- التى أعدت تقرير الطب الشرعى المعملى بتاريخ 29/9/2013 وذلك لتنفيذ المأمورية المبينة بمنطوق ذلك الحكم والذى تحيل إليه المحكمة الآن فى بيان ذلك تفادياً للتكرار .. ونفاذاً لهذا القضاء باشرت الجهة المنتدبة مأموريتها وأودعت تقريرها الذى خلصت فى نتيجته إلى استحالة كون المستأنف عليه (....) والد الصغيرين { ....و ....} ..

والمحكمة عرضت الصلح ورفض والنيابة فوضت الرأى للمحكمة ، كما سبق وأودعت مذكرة بالرأى فى الاستئناف خلصت لأسبابها لرفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف ، وقررت المحكمة حجز الاستئناف للحكم بجلسة اليوم .

وحيث أنه عن الشكل فى الاستئناف فقد سبق وقضت المحكمة بجلسة 27/1/2015 بقبول الاستئناف شكلاً فإنه يمتنع عليها الخوض فى هذا الغمار مرة أخرى .

وحيث أنه عن الوجه الأول من أوجه الاستئناف المتمثل فى : الدفع بعدم جواز نظر الدعوى المبتدأة لسبق الفصل فى موضوعها بموجب الحكم النهائى الصادر فى الدعوى رقم 807لسنة 2011 أسرة بندر قنا . فإن الحكم المستأنف قد أصاب حين تعرض لهذا الدفع إيراداً ورداً حيث بُنى الحكم سند الدفع بعدم الجواز الرقيم 807 لسنة 2011 أسرة بندر قنا على ثبوت نسب الصغيرين لأبيهما بالفراش دون أن يقول كلمته فيما قال به المدعى فى صحيفة دعواه من عدم قدرته على الإنجاب ، وأسس قضاءه على عدم طلب المدعى ملاعنة المدعى عليها ، فى حين قد ثبت انفصال رابطة الزوجية بينهما ، ومن ثم يكون ذلك الحكم لم ينظر لمسألة عدم سلامة آلة الإنجاب وهى شرط فقهى شرعى يسبق الفراش لثبوت النسب ، كما أنه لم يقض فيها قبولاً أو رفضاً وقضى بثبوت النسب بمجرد الفراش وعدم الملاعنة ، ومن ثم فإن الحكم سند الدفع لا يعد مانعاً من نظر الدعوى المستأنف حكمها ؛ وعليه يكون الدفع المبدى فى غير محله لم يصادف صحيح القانون كما خلص الحكم المستأنف .

وعن باقى أوجه الاستئناف : فمن المقرر أنه يشترط لثبوت النسب مقدرة الزوج على الإنجاب .. فقال الحنفية: سلامة الآلة شرط لثبوت النسب ، وإن كان لا يُنَزِل لا يَثْبُت النسب ..

(راجع : الزيلعى : تبيين الحقائق ج2 صـ 144 ، السرخسى : المبسوط ج5 صـ 104 )

كما يشترط للملاعنة إمكان لحوق نسب الولد بالزوج الملاعن فإن أتت به والزوج صبى أو مجبوب فينتفى عنه يغير لعان (راجع : الكاسانى : بدائع الصنائع ج 5صـ 34 )

أى أنه يشترط لثبوت النسب مقدرة الزوج على الإنجاب فإن تخلفت لا يلزمه نسب الولد وليس بحاجة للعان الشرعى لنفى نسبه ، لكونه لم يثبت أصلاً حتى بنتفى ترتيباً ، ورغم أن النسب يقوم على الاعتبارات النادرة أحياءً للولد إلا أنه يجب ألا يؤدى داعى إحياء الولد إلى إدخال نسب على من هو منه براء .. ، قال تعالى :{ ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ } (سورة ص من الآية 5 )

ووجه الدلالة : هو أقسط عند الله أى أعدل عند الله قولاً وحكماً ( راجع : ابن العربى : أحكام القرآن ج3 صـ 539)

ومن السنة المطهرة : ما روى عن أبى هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله فى شىء ، ولن يدخلها الله جنته ، وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله تعالى منه ، وفضحه على رءوس الأولين والآخرين . "

( أنظر : سنن أبى داود ، ج 3 صـ 575 ، كتاب النكاح ، باب التغليظ فى الانتفاء ، رقم 2263 )

ووجه الدلالة : أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى الآباء عن إنكار نسب الأولاد ، وتوعدهم على ذلك بالعقاب الشديد ، كما نهى المرأة عن أن تنسب إلى زوجها ولداً تعلم أنه ليس منه .

(راجع : دكتور / أحمد فراج حسين : أحكام الأسرة فى الإسلام ، صـ 244 )

ولما كان ذلك وكانت قد تآزرت تقارير الطب الشرعى التى تطمئن إليها المحكمة وتأخذ بها محمولة على أسبابها أولاً : أن المستأنف عليه غير قادر على الإنجاب حالياً ، وأخيراً أن الصغيرين {.... و ....} ليسا من صلبه قولاً جازماً وكانت النتيجتان قد تضافرتا معاً ؛ حيث الركن الركين لثبوت نسب الصغيرين للمستأنف عليه مبنى على : ولادتهما له المقرونة بسلامة آلته أما وقد تخلف هذا ، فصار الصغيران - من ثم- ليسا من صلبه ، وهو ليس بحاجة للعان لنفي نسبهما إليه ؛ حيث شرط اللعان إمكان الولادة له وقد تخلف ذلك الإمكان ..

وحيث أنه لما كانت المحكمة تطمئن إلى سلامة الحكم المستأنف فيما قضى به وبُنى عليه من أسانيد قانونية صحيحة تؤازرها ما أوردته المحكمة الآن من أسباب ؛ ومن ثم يكون الحكم المستأنف قد جاء فى محله مما يتعين معه رفض الاستئناف موضوعا ً وتأييد الحكم المستأنف لأسبابه الصحيحة وما أوردته المحكمة حالاً من أسباب .

وحيث أنه عن المصاريف وأتعاب المحاماة فالمحكمة تلزم بها المستأنفة عملاً بالمادتين 184 /1 ، 240 مرافعات والمادة 56/2 من قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضى الصادر بالقانون رقم (1) لسنة 2000 ، المادة 13 من قانون إنشاء محاكم الأسرة الصادر بالقانون رقم 10لسنة 2004 والمادة 187/1 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17لسنة 1983 المستبدلة بالقانون رقم 10لسنة 2002

فلهذه الأسباب

~~~~~~~~~~~

حكمت المحكمة : فى موضوع الاستئناف : رفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفة المصاريف ومبلغ مائة جنيه أتعاباً للمحاماة .