الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 29 نوفمبر 2022

الطعنان 565 ، 570 لسنة 43 ق جلسة 30 / 3 / 1977 مكتب فني 28 ج 1 ق 151 ص 865

جلسة 30 من مارس سنة 1977

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد أسعد محمود، وعضوية السادة المستشارين محمد محمد المهدي؛ ود عبد الرحمن عياد، ومحمد الباجوري، وصلاح نصار.

---------------

(151)

الطعنان 565 ، 570 لسنة 43 ق

(1 ، 2) إيجار " إيجار الأماكن". نقض " المصلحة في الطعن ".

(1) وجوب توافر المصلحة في الطعن بالنقض . مناط المصلحة أن يكون الحكم المطعون فيه قد أضر بالطاعن . العبرة بوقت صدور الحكم .

(2) صدور الحكم المطعون فيه بإجابة المدعى إلى طلبه بتمكينه من احدي شقتي النزاع . الطعن بالنقض المرفوع منه في أثر طعن خصمه علي هذا الحكم غير مقبول . علة ذلك.

(3) حكم " تسبيب الحكم". نقض " أسباب الطعن ". إيجار .

عدم تمسك الواعد أمام محكمة الموضوع في صيغة صريحة جازمة بتنازل الموعود له عن حقه في الوعد بالإيجار التفات المحكمة عن هذا الدفاع . لا خطأ . أثر ذلك . عدم قبول التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض .

(4 ، 5) إيجار " إيجار الأماكن". عقد.

(4) الوعد بالإيجار . ماهيته . وجوب اشتماله علي العناصر الجوهرية لعقد الإيجار . جواز أن يكون الاتفاق علي المدة الواجب إتمام الإيجار خلالها .

(5) الوعد بالإيجار من العقود غير المسماة . اختلافه عن عقد الإيجار . تحديد محكمة الموضوع مدة نفاذ الوعد بأكثر من خمس سنوات المحددة لسقوط الحق في الأجرة بالتقادم . لا خطأ .

(6) التزام . تعويض . نقض " أسباب الطعن ".

لقاضي الموضوع الزام المدين بالتعويض بدلا من تنفيذ التزامه عينا شرطه أن يكون العقد مرهقا له ولا يلحق بالدائن ضررا جسيما . عدم جواز إثارة المدين لهذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض .

(7) نقض " أسباب الطعن ". إيجار " إيجار الأماكن".

النعي بأن الطاعن أسبق من المطعون ضده في وضع يده على العين المؤجرة . واقع لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .

----------------

1 - قاعدة المصلحة مناط الدعوى وفق المادة الثالثة من قانون المرافعات تطبق حين الطعن بالنقض كما تطبق في الدعوى حال رفعها وعند استئناف الحكم الذى يصدر فيها ، ومعيار المصلحة الحقة سواء كانت حالة أو محتملة إنما هو كون الحكم المطعون فيه قد أضر بالطاعن حين قضى برفض طلباته كلها أو قضى له ببعضها دون البعض الآخر ، فلا مصلحة للطاعن فيما يكون قد صدر به الحكم وفق طلباته أو محققاً لمقصوده منها ، والعبرة في قيام المصلحة وعدم قيامها بوقت صدور الحكم محل الطعن بالنقض ، وبالنظر وقتئذ إلى جميع وقائع الدعوى وظروفها الثابتة بالحكم وتقدير ما إذا كان ما يمكن النعي عليه من خطأ في القانون أضر بالطاعن أو لم يضر به بصرف النظر عما قد يطرأ بعد ذلك ، وتعليل ذلك أن محكمة النقض إنما تنظر في الطعن بالحالة التي كان عليها عند صدور الحكم المطعون فيه بحيث لا يكون لأية ظروف طارئة أي أثر في الطعن ولا في مراكز أطراف الخصومة .

2 - إذ كان الثابت أن الطاعن أقام دعواه بتمكينه من إحدى الشقتين رقم 8 أو رقم 12 تأسيساً على أنه يستمد حقه في هذا الطلب من وعد بالإيجار توافرت شروط تنفيذه بالنسبة لأى واحدة من هاتين الشقتين ، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بتمكينه من الشقة رقم 12 وقطع في أسبابه بعدم أحقيته في المطالبة بتمكينه من الشقة رقم 8 ، فانه يكون قد قضى للطاعن بكل مطلوبه وحقق مقصوده من مدعاة بتمكينه من إحدى الشقتين وفق تحديده لطلباته التي أقام على أساسها دعواه وأصر عليها طيلة مراحل التقاضي أمام المحكمتين الابتدائية والاستئنافية ، لما كان ما تقدم وكان الطاعن حسبما يبين من صحيفة طعنة أرتضى ذلك القضاء من الحكم المطعون فيه لأنه يستوى عنده الحكم له بأى من الشقتين ، وكان لا مصلحة له بهذه المثابة وقت صدور الحكم المطعون فيه ، وكان الطاعن لم يشر لرفع طعنه إلا عندما أقام المحكوم عليهما - المطعون عليها الأول والرابع - طعناً على الحكم من جانبهما ، فإنه لا يسوغ له القول بأن مصلحته المحتملة تستند إلى هذا الظرف الذى جاء لاحقا لصدور الحكم المطعون فيه ، إذ أنه إنما يحتاط خشية نقض الحكم في الطعن الآخر ، لأنه طالما أنتقت المصلحة في الطعن وقت صدور الحكم فليس من شأن أى ظرف لاحق أن يبعثها إلى الوجود .

3 - إذ كان الطاعنان لم يقدما ما يدل على تمسكهما أمام محكمة الموضوع بانقضاء عقد الوعد بالإيجار بالتقايل عنه أثر تنازل بات من المطعون عليه الأول الموعود له - عن التمسك به ، وكل ما ساقه الطاعن الأول على ما جاء بأسباب الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه أنه عرض الشقق الأربعة على المطعون عليه الأول شفاهة لاستئجارها فلم يقبل بينما نفى المطعون عليه الأول هذا الادعاء وإذ كان لا يكفى لاعتبار الدفاع متضمناً هذا النعي مجرد الإشارة فيه إلى عدم قبول المطعون عليه الأول استئجار تلك الشقق بل يجب أن يبديه في صيغة صريحه جازمة تدل على تمسك صاحبة بأن عقد الوعد بالإيجار قد أنقضى بما لا يجوز معه للمطعون عليه الأول التمسك به بعد ذلك ، إقامة دعواه تأسيساً عليه ، فإنه لا تثريب على الحكم المطعون فيه أن هو لم يعتبر دفاع الطاعن الأول متضمناً انقضاء الوعد وبالتالي لم يرد عليه ، وطالما إنه لم يتمسك به أمام محكمة الموضوع فإنه لا يقبل منه التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض .

4 - إذ كان الوعد بالإيجار الملزم لجانب واحد هو عقد بمقتضاه يتعهد صاحب العين بأن يؤجرها لآخر إذا رغب في استئجارها، وكان هذا العقد وفقاً للمادة 101 من القانون المدني لكي يعتبر ملزما لمن صدر منه الشرط أن تبين فيه العناصر الجوهرية لعقد الإيجار وأن تحدد فيه المدة التي يجوز فيها إلزام الواعد بإتمام الإيجار خلالها، وكان الاتفاق على تحديد هذه المدة لا يشترط أن يكون صريحاً بل يجوز أن يكون ضمنياً فيحق أن يستخلص من ظروف الاتفاق المدة المعقولة التي يقدرها لنفاذ الوعد بالإيجار، لما كان ذلك، وكان الوعد بالإيجار مثار النزاع قد خلا من تقرير المدة التي يجوز فيها إلزام الطاعن الأول بإبرام عقد الإيجار الموعود به للمطعون عليه الأول فإنه لا تثريب على محكمة الموضوع إن هي قدرت المدة التي اعتبرتها معقولة - تسع سنوات - في نطاق ما تستقل به من سلطة تقديرية وفق مقصود العاقدين، وكان هذا التقدير لا ينطوي على مخالفة لأية قاعدة آمرة نصت عليها القوانين الاستثنائية لإيجار الأماكن، فان النعي - على تحديد هذه المدة - يكون على غير أساس.

5 - الوعد بالإيجار ليس بإيجار بل يدخل في طائفة العقود غير المسماة ، باعتباره يقتصر على إلزام الواعد بأن يبرم عقد إيجار إذا طلب الطرف الآخر منه ذلك خلال مدة معينة ولا ينشئ في ذمة الواعد أو الموعود له أياً من الالتزامات التبادلية بين المؤجر والمستأجر المترتبة على عقد الإيجار وبالتالي - فإنه لا مساغ للنعي على المدة التي قدرتها المحكمة لنفاذ الوعد - تسع سنوات - بمجاوزتها مدة السنوات الخمس المحددة لسقوط الأجرة بالتقادم في عقد الإيجار لاختلاف مجال كل من العقدين .

6 - أنه وإن كان الأصل أن للدائن طلب تنفيذ التزام مدينه عيناً، وكان يرد على هذا الأصل استثناء من حق القاضي إعماله تقضي به الفقرة الثانية من المادة 203 من القانون المدني أساسه ألا يكون هذا التنفيذ مرهقاً للمدين فيجوز في هذه الحالة أن يقتصر على دفع تعويض نقدي متى كان ذلك لا يلحق بالدائن ضرراً جسيماً، إلا أنه لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه لم يتضمن ما يفيد أن الطاعن الأول دفع الدعوى بأن تنفيذ الوعد بالإيجار عيناً ينطوي على رهق له وأبدى استعداده للتنفيذ بمقابل، وكان الطاعنان لم يقدما ما يدل على تمسكهما بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع، وهو أمر يخالطه عناصر واقعية ويقتضي تحقيق اعتبارات موضوعية، فإنه لا يجوز لهما إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، ويكون النعي غير مقبول.

7 - قول الطاعنين إن الطاعن الثاني وأخوته سبقوا المطعون عليه الأول في وضع اليد على شقة النزاع فيفضلون عليه ، دفاع يقوم على واقع لم يسبق طرحه أمام محكمة الموضوع لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض .

--------------

الوقائع

حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن المطعون عليه الأول في الطعن رقم 565 سنة 43ق – الطاعن في الطعن رقم 570 لسنة 43ق – أقام الدعوى رقم 188 لسنة 1969 مدني أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد الطاعنين والمطعون عليه الثاني – المطعون عليهم الأول والثالث والرابع في الطعن الآخر وآخر – المطعون عليه الثاني – في الطعن الأخير بطلب الحكم بتمكينه من إحدى الشقتين رقم 8 أو رقم 12 من العقار المبين بالصحيفة وبتسليمها له خالية. وقال بياناً لدعواه أنه بموجب عقد مؤرخ 22/5/1960 استأجر من الطاعن الأول الشقة ....... ونظراً لضيق الشقة فقد تعهد المؤجر في العقد بأن يؤجر له إحدى الشقق التي تخلو ويكون لها مزايا أفضل وأن يعرضها عليه لعله يرغب في استئجارها وإذ أخليت الشقة رقم 12 في شهر أبريل سنة 1968 من مستأجرها وزعم المؤجر أن ابنه الطاعن الثاني يشغلها، وخلت الشقة رقم 8 من شاغلتها في أغسطس سنة 1968، ومع ذلك أجرها شريك المؤجر في ملكية العقار – المطعون عليه الثاني – في 21/9/1968 إلى آخر – المطعون عليه الثاني – في الطعن الآخر – رغم مبادرته بإخطار المؤجر له في 21/8/1968 فقد أقام دعواه بطلباته سالفة البيان. وبتاريخ 9/6/1971 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف المستأجر المطعون عليه الأول في الطعن رقم 565 سنة 43ق هذا الحكم طالباً إلغاءه والقضاء له بطلباته وقيد استئنافه برقم 3521 لسنة 88ق القاهرة، وبتاريخ 2/4/1973 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف، وبإلزام الطاعن الأول في الطعن رقم 565 لسنة 43ق بتمكين المطعون عليه الأول من الشقة رقم 12 وتسليمها له خالية. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنهما برقم 565 سنة 43ق، كما طعن فيه المستأجر وقيد طعنه برقم 750 لسنة 43ق. دفع المطعون عليه الثاني في هذا الطعن بعدم قبوله، وقدمت النيابة العامة مذكرة في كل طعن أبدت فيها الرأي برفض الدفع المبدى في الطعن الثاني وفي الموضوع برفض الطعنين، وعرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأتهما جديرين بالنظر، وبالجلسة المحددة أمرت المحكمة بضم ثاني الطعنين لأولهما والتزمت النيابة رأيهما.

---------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار والمقرر والمرافعة وبعد المداولة.

أولا: الطعن رقم 750 لسنة 43 ق:
حيث إن مبنى الدفع بعدم القبول المبدى من المطعون عليه الثاني بانتفاء مصلحة الطاعن فيه، على سند من أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتمكين الطاعن من أحدى الشقين اللتين طالب، بتمكينه من أحداهما فيكون قد قضى له بكل طلباته وليس بجدية قوله أن له مصلحة محتملة احتياطيا لما عسى أن يحكم به ضده في الطعن رقم 565 لسنة 34 ق المرفوع من المطعون عليه الأول عن شق الحكم الخاص الشقة رقم 12 وأنه قد يترتب عليه في حالة سكوته عن إقامة طعنه الماثل بشأن الشقة رقم 8 عودة النزاع إلى محكمة الإحالة فيما يتعلق بالشقة الأخرى وحدها، لأن الطاعن لم يعد له حق يتعلق بالشقة الأولى، بما ينبني عليه عدم قبول الطعن.
وحيث إن الدفع في محله، ذلك أنه لما كانت قاعدة المصلحة مناط الدعوى وفق المادة الثالثة من قانون المرافعات تطبق حين الطعن بالنقض كما تطبق في الدعوى حال رفعها وعند استئناف الحكم الذى يصدر فيها. ومعيار المصلحة الحقة سواء كانت حالة أو محتملة إنما هو كون الحكم المطعون فيه قد أضر بالطاعن حين قضى برفض طلباته كلها أو قضى له ببعضها دون البعض الآخر فلا مصلحة للطاعن فيما يكون قد صدر به الحكم وفق طلباته أو محققا لمقصوده منها، والعبرة في قيام المصلحة وعدم قيامها بوقت صدور الحكم محل الطعن بالنقض، وبالنظر وقتئذ إلى جميع وقائع الدعوى وظروفها الثابتة بالحكم وتقدير ما إذا كان ما يمكن النعي عليه من خطأ في القانون أضر بالطاعن أو لم يضر به، بصرف النظر عما قد يطرأ بعد ذلك وتعليل ذلك أن محكمة النقض إنما تنظر في الطعن بالحالة التي كان عليها عند صدور الحكم المطعون فيه بحيث لا يكون لأية ظروف طارئة أثر في الطعن ولا في مراكز أطراف الخصومة، لما كان ذلك وكان الثابت أن الطاعن أقام دعواه بتمكينه من احدى الشقتين رقم 8، ورقم 12 تأسيسا على أنه يستمد حقه في هذا الطلب من وعد بالإيجار توافرت شروط تنفيذه بالنسبة لأى واحدة أن هاتين الشقتين، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بتمكين من الشقة رقم 12، وقطع في أسبابه بعدم أحقيته في المطالبة بتمكينه من الشقة رقم 8، فإنه يكون قد قضى للطاعن بكل مطلوبه وحقق مقصوده من مدعاة بتمكينه من إحدى الشقتين وفق تحديده لطلباته التي أقام على أساسها دعواه وأصر عليها طيلة مراحل التقاضي أمام المحكمتين الابتدائية والاستئنافية، لما كان ما تقدم وكان الطاعن حسبما يبين من صحيفة طعنه ارتضى ذلك القضاء من الحكم المطعون فيه لأنه يستوى عنده الحكم له بأى من الشقتين، وكان لا مصلحة له بهذه المثابة وقت صدور الحكم المطعون فيه، وكان الطاعن لم ينبر لرفع طعنه إلا عندما أقام المحكوم عليهما - المطعون عليها الأول والرابع - طعنا على الحكم من جانبهما وأن لا يسوغ له القول بأن مصلحته المحتملة تستند إلى هذا الطرف الذى جاء لاحقا لصدور الحكم المطعون فيه، أو أنه إنما يحتاط خشية نقض الحكم في الطعن الآخر لأنه طالما انتفت المصلحة في الطعن وقت صدور الحكم فليس من شأن أي ظرف لاحق أن يبعثها إلى الوجود، ويكون الدفع على أساس.
ولما تقدم يتعين القضاء بعدم قبول الطعن.

ثانيا: عن الطعن رقم 565 لسنة 43 ق:
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، ينعى الطاعنان بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفى بيان ذلك يقولان أن الطاعن الأول تمسك أمام محكمة الموضوع بأن أربع شقق خلت بالعمارة قبل شقتي النزاع وتتوافر فيها شروط الوعد بالإيجار، وأنه عرضها على المطعون عليه الأول شفاهة فرفض استئجارها، فيعد من ثم تنازلا عن حقه المستمد من الوعد مما يجيز للطاعن الأول بالتالي التحلل منه، وقدم تدليلا على دفاعه عقود هذه الشقق تحمل تواريخ لاحقه لتاريخ الوعد، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع الجوهري فأنه يكون معيبا بالقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن الطاعنين لم يقدما ما يدل على تمسكهما أمام محكمة الموضوع بانقضاء عقد الوعد بالإيجار بالتقايل عنه أثر تنازل بات من المطعون عليه الأول عن التمسك به، وكل ما ساقه الطاعن الأول - على ما جاء بأسباب الحكم الابتدائي والحكم المطعون عليه فيه أنه عرض الشقق الأربعة على المطعون عليه الأول شفاهة لاستئجارها فلم يقبل بينما نفى المطعون عليه الأول هذا الادعاء وإذ كان لا يكتفى لاعتبار الدفاع متضمنا هذا النعى مجرد الإشارة فيه إلى عدم قبول المطعون عليه الأول استئجار تلك الشق بل يجب أن يبديه في صيغة صريحة جازمة تدل على تمسك صاحبه بأن عقد الوعد بالإيجار قد انقضى بما لا يجوز معه للمطعون عليه الأول التمسك به بعد ذلك، وإقامة دعواه تأسيسا عليه، فإنه لا تثريب على الحكم المطعون فيه إن هو لم يعتبر دفاع الطاعن الأول متضمنا انقضاء الوعد وبالتالي لم يرد عليه، وطالما أنه لم يتمسك به أمام محكمة الموضوع فإنه لا يقبل منه التحدي به الأول مرة أمام النقض، ويكون النعي غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفى بيان ذلك يقولان إن الحكم الابتدائي وسايره في ذلك الحكم المطعون فيه حدد مدة الوعد بالإيجار بتسع سنوات تبدأ من تاريخ عقد الإيجار الصادر للمطعون عليه الأول في 22/ 5/ 1968 الأمر الذى لا يتفق مع المعنى الظاهر لعبارة العقد ويتعارض ومقصود العاقدين إذ أن نية المؤجر أو المستأجر لا يمكن أن تتصرف إلى الالتزام بقيد الوعد أو ترقب نفاذه هذه المدة الطويلة، هذا إلى أن الوعد بالإيجار ليس إلا عقد إيجار وبهذه المثابة يتعارض وأحكام عقد الإيجار الذى يسقط حق المستأجر في التمسك بالحقوق الناشئة عنه بانقضاء خمس سنوات على إبرامه، بالإضافة إلى أن تحديد مدة تسع سنوات لنفاذ الوعد ينطوي على خروج على قواعد قوانين إيجار الأماكن التي تؤثر من لا يجد مأوى على من يستقر في مسكن ويبحث عن غيره، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان الوعد بالإيجار الملزم لجانب واحد هو عقد بمقتضاه يتعهد صاحب العين بأن يؤجرها لآخر إذا رغب في استئجارها، وكان هذا العقد وفقا للمادة 101 من القانون المدني يعتبر ملزما لمن صدر منه بشرط أن تبين فيه العناصر الجوهرية لعقد الإيجار، وأن تحدد فيه المدة التي يجوز فيها إلزام الواعد بإتمام الإيجار خلالها، وكان الاتفاق على تحديد هذه المدة لا يشترط أن يكون صريحا بل يجوز أن يكون ضمنا فيحق للقاضي أن يستخلص من ظروف الاتفاق المدة التي يقدرها لنفاذ الوعد بالإيجار، لما كان ذلك وكان الوعد بالإيجار مثار النزاع قد خلا من تقرير المدة التي يجوز فيها إلزام الطاعن الأول بأبرام عقد الإيجار الموعود به للمطعون عليه الأول، فانه لا تثريب على محكمة الموضوع إن هي قدرت المدة التي اعتبرتها معقولة في نطاق ما تستقل به من سلطة تقديرية وفق مقصود العاقدين، لما كان ما تقدم وكان الوعد بالإيجار ليس بإيجار بل يدخل في طائفة العقود المسماة، باعتباره يقتصر على إلزام الواعد بأن يبرم عقد إيجار إذا طلب الطرف الآخر منه ذلك خلال مدة معينة ولا ينشئ في ذمة الواعد أو الموعود له أيا من الالتزامات التبادلية بين المؤجر والمستأجر المترتبة على عقد الإيجار فإنه لا مساع للنعي على المدة التي قدرتها المحكمة لنفاذ الوعد بالإيجار بمجاوزتها مدة السنوات الخمس المحددة لسقوط الأجرة بالتقادم في عقد الإيجار لاختلاف محال كل من العقدين، لما كان ما سلف وكان هذا التقدير لا ينطوي على مخالفة لأية قاعدة آمره نصت عليها القوانين والاستثنائية لإيجار الأماكن، فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفى بيان ذلك يقولان أن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه على أن الطاعن الأول أخل بالتزامه الناشئ عن عقد الوعد بالإيجار وأنه يحق من ثم للمطعون عليه الأول أن يطالبه بالتنفيذ العيني ما دام هذا التنفيذ ممكنا، مع أن التنفيذ العيني في هذه إحالة ينطوي على إرهاق ظاهر للطاعن الأول الذى قدم ما يثبت شراءه لمنقولات المستأجر السابق الشقة بمبلغ ألف وخمسمائة جنيه ليتمكن من إخلائها وإعدادها سكنا لأولاده، بما كان يتعين معه على الحكم أعمال الفقرة الثانية من المادة 204 من القانون المدني التي تنص على أنه إذا كان في التنفيذ العيني إرهاق للمدين جاز له أن يقتصر على دفع تعويض وإذ خالف المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك إنه وإن كان الأصل للدائن طلب تنفيذ التزام مدينة عينا، وكان يرد على هذا الأصل استثناء من حق القاضي أعماله تقضى به الفقرة الثانية من المادة 203 من القانون المدني أساسا وهو إلا يكون هذا التنفيذ مرهقا للمدين، فيجوز في هذه الحالة أن يقتصر على دفع تعويض نقدى متى كان ذلك لا يلحق بالدائن ضررا جسيما، إلا أنه لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه لم يتضمن ما يفيد أن الطاعن الأول دفع الدعوى بأن تنفيذ الوعد بالإيجار عينا ينطوي على رهق له، وأبدى استعداده للتنفيذ بمقابل، وكان الطاعنان لم يقدما ما يدل على تمسكهما بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع، وهو أمر تخالفه عناصر واقعية ويقتضى تحقيق اعتبارات موضوعية، فانه لا يجوز لهما إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، ويكون النعي غير مقبول.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال وفى بيان ذلك يقول الطاعنان أن الحكم استند في قضائه إلى أن الشقة رقم 12 قد خلت من ساكنها، وفى ذلك مخالفة لعبارة الوعد بالإيجار التي تعنى أن يترك أحد المستأجرين بالعمارة شقته بسبب لا دخل لإرادة الطاعن الأول فيه، والطاعن الأول هو الذى تدخل لإخلاء هذه الشقة بشرائه منقولاتها بالثمن الباهظ الذى دفعه وما استخلصه الحكم من أن ترك الطاعن الأول للشقة لأولاده يعنى الاحتفاظ بها لنفسه بعيدا عن فهم الواقع في الدعوى لأنه إنما أتاح لابنه الطاعن الثانى وإخوته استئجارها، وهم يفضلون المطعون عليه الأول لسبقهم في وضع اليد إعمالا لحكم المادة 573 من القانون المدنى، والمخالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فانه يكون مشوبا بالفساد في الاستدلال.

وحيث إن النعى في غير محله، ذلك أن عبارة الوعد بالإيجار جرى نصها كما يلى "يتعهد المؤجر - الطاعن الأول - في حالة خلو شقة على الشارع العمومى بأن يعرضها على المستأجر - المطعون عليه الأول - لعله يرغب في استئجارها، على أنه إذا لم يرد المستأجر برغبته في التأجير والقيام فعلا بتأجيرها في خلال أسبوع من تاريخ اخطاره باستعداد المؤجر لتسليم الشقة اليه يكون العرض لاغيا". ولما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه في هذا الخصوص على "وحيث إنه فيما يتعلق بالشقة رقم 12 فان الثابت من عقد بيع المنقولات المؤرخ 27/ 1/ 1968 المحرر بين كل من..... والمستأنف عليه الأول - الطاعن الأول - أن البائع كان يقيم بالشقة رقم 12 بالدور الثالث بالعمارة..... والمملوكة للمستأنف عليه الأول، وقد عزم المستأجر البائع على السفر خارج القطر واستغنى عن كافة المنقولات الموجودة بالشقة سكنه فباعها للمستأنف عليه الأول لقاء مبلغ 1500 جنيه ونص في البند الرابع من عقد البيع المذكور على أن الطرف الأول البائع يقر بأن عقد الإيجار المحرر بينه وبين الطرف الأول المالك - المستأنف عليه الأول - والخاص بالشقة سكنه والمحرر في 15/ 8/ 1961 قد فسخ وأصبح لاغيا ويحق للطرف الثانى المالك التصرف في الشقة كيف يشاء... الخ ويستفاد من ذلك أن الشقة المذكورة قد خلت من ساكنها وكان يتعين على المستأنف عليه الأول أن يعرضها على المستأنف تنفيذا للوعد بالايجار الوارد بنهاية عقد الايجار المؤرخ 22/ 5/ 1970، فان هو لم يفعل واحتفظ بالمنقولات التي اشتراها من المستأجر السابق في الشقة وتركها لأولاده على حد قوله أى احتفظ بالشقة لنفسه - فانه يكون قد أخل بالتزامه الوارد في الوعد بالإيجار، ويحق للمستأنف أن يطالبه بالتنفيذ العينى..." فان ما قرره الحكم لا فساد في استدلاله، ذلك أنه استمد من صيغة الوعد بالايجار ومن عبارات عقد بيع المنقولات المبرم من الطاعن الأول وبين المستأجر السابق أن ذلك الأخير أنهى علاقته الايجارية واسترد الطاعن الأول حريته في التصرف، ملتزما فيما خلص اليه المعنى الظاهر منها، ولما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تفسير المستندات المقدمة إليها بما لا يخرج عن عباراتها الواضحة وكان استخلاص الحكم المطعون فيه استخلاصا موضوعيا سائغا، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التي انتهى اليها الحكم.

لما كان ما تقدم وكان قول الطاعنين إن الطاعن الثانى واخوته سبقوا المطعون عليه الأول في وضع اليد على شقة النزاع فيفضلون عليه دفاع يقوم على واقع لم يسبق طرحه الموضوع، فانه لا يجوز التحدى به لأول مرة أمام محكمة النقض، ويكون النعى على غير أساس.

ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 1051 لسنة 45 ق جلسة 28 / 1 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 ق 64 ص 318

جلسة 28 من يناير سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى الفقي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: د. سعيد عبد الماجد، عاصم المراغي، محمد فتح الله وسيد عبد الباقي.

-----------------

(64)

الطعن 1051 لسنة 45 ق

(1) دعوى " الخصوم فيها ". نقض .

الخصومة لا تنعقد إلا بين الأحياء ثبوت أن أحد المطعون عليه قد توفي قبل رفع الطعن بالنقض أثره . اعتبار الخصومة في الطعن بالنسبة له منعدمة.

(2) بيع " الثمن".

الثمن ركن أساسي في عقد البيع لا يشترط أن يكون معينا بالفعل في العقد كفاية أن يكون قابلا للتعيين باتفاق الطرفين صراحة أو ضمنا.

---------------

1 - من المقرر أن الخصومة لا تنعقد إلا بين أشخاص موجودين على قيد الحياة و من ثم فإنها في مواجهة الخصم المتوفى تكون معدومة و لا ترتب أثراً . وكان الثابت من ورقة إعلان المطعون ضده الأول بصحيفة الطعن أنه قد توفى بتاريخ 1975/8/8 قبل رفع الطعن بالنقض فإنه يتعين الحكم باعتبار الخصومة في الطعن بالنسبة له معدومة .

2 - الثمن وإن كان يعتبر ركناً أساسياً في عقود البيع إلا أنه وعلى ما يستفاد من نص المادتين 423، 424 من القانون المدني - لا يشترط أن يكون الثمن معيناً بالفعل في عقد البيع بل يكفي أن يكون قابلاً للتعيين باتفاق المتعاقدين صراحة أو ضمناً على الأسس التي يحدد بمقتضاها فيما بعد.

------------

الوقائع

حيث أن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول...... استصدر أمر الحجز رقم 135 سنة 1968 تجاري كلي القاهرة بتاريخ 3 /9 /1968 بتوقيع الحجز على أموال الطاعن تنحت يد المطعون ضده الثالث وفاء لمبلغ 14006 ج تأسيسا على أنه كان قد تعاقد مع المطعون ضده الأول بمقتضى أربعة عقود على أن يبيعه الطاعن بضائع مستوردة من الخارج بموجب تراخيص استيراد صادرة له نظير ريع صافي بنسبة معينة وقد عجل له المطعون ضده الأول مبالغ نفاذا لهذه العقود وقبل أن يقوم الطاعن بتنفيذ تلك العقود فرضت الحراسة على أمواله فتقدم المطعون ضده الأول للحراسة ببيان بشأن معاملاته مع وطلب تسليمه المبالغ المستحقة له قبل الطاعن إلا أنه قبل تمام التسوية صدر القرار الجمهوري رقم 143 سنة 1968 - باستثناء أموال الطاعن من أحكام القانون رقم 150 سنة 1964 وعدم أيلولتها للدولة وردها إليه. ولرفض الحارس العام صرف المبالغ المستحقة له قبل الطاعن فقد استصدر أمر الحجز سالف الذكر وبعد أن تم توقيع الحجز تحددت جلسة لنظر الموضوع للحكم له بالمبلغ الصادر به الأمر وبصحة الحجز الموقع حيث قيدت الدعوى برقم 587 سنة 1968 تجاري كلي القاهرة، وبتاريخ 19 /2 /1969 قضت محكمة القاهرة الابتدائية بندب خبير في الدعوى لبيان ما إذا كانت البضاعة التي تضمنتها العقود المبرمة بين الطرفين قد دخلت البلاد بمقتضى أذون الاستيراد الخاصة بالطاعن وقيمة ما تسلمه منها المطعون ضده الأول - وما تكون الدولة قد استملته وتصفية الحساب بين الطرفين، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة بجلسة 22 /4 /1972 بإلزام الطاعن بأن يدفع مبلغ 640 و 10348 ج للمطعون ضده الأول أخذا بما انتهى إليه الخبير في تقريره. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 213 لسنة 86 ق وبتاريخ 30 /6 /1975 قضت محكمة استئناف القاهرة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بانعدام الخصومة بالنسبة للمطعون ضده الأول وقبول الطعن بالنسبة لباقي المطعون ضدهم ورفضه موضوعا. وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

---------------

الحكم

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث أنه لما كان المقرر أن الخصومة لا تنعقد إلا بين أشخاص موجودين على قيد الحياة ومن ثم فإنها في مواجهة الخصم المتوفى تكون معدومة ولا ترتب أثرا. وكان الثابت من ورقة إعلان المطعون ضده الأول بصحيفة الطعن أنه قد توفي بتاريخ 8 /8 /1975 قبل رفع الطعن بالنقض فإنه يتعين الحكم باعتبار الخصومة في الطعن بالنسبة له معدومة.
وحيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة لمن عدا المطعون ضده الأول ويتعين الحكم بقبوله شكلا بالنسبة لهم.
وحيث أن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق. وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه كيف العقود المحررة بينه وبين المطعون ضده الأول بأنها عقود بيع حالة أن محلها المكنة الاستيرادية التي تتيحها تراخيص الاستيراد الخاصة به والتي أراد المطعون ضده الأول الانتفاع بها فتعاقد بشأنها معه وأن التكييف القانوني الصحيح لهذه العقود أنها ضرب من العقود غير المسماة وليست عقود بيع لتخلف ركن الثمن فيها ولو تنبه الحكم المطعون فيه لهذا التكييف الصحيح لاتضح له أن التزام الطاعن ينحصر في تمكين المطعون ضده الأول من استعمال هذه التراخيص لقاء ربح متفق على قبضه منه وأن هذا الالتزام قد تنفذ وانقضى باستيراد البضاعة بمقتضى تلك التراخيص ووصولها بالفعل"، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى اعتبار هذه العقود بيعا وأنها تضمنت ثمنا متفقا عليه بين الطرفين فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وخالف الثابت في الأوراق وشابه القصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.

وحيث أن هذا النعي غير سديد ذلك أنه وإن كان تكييف العقود وإنزال حكم القانون عليها يخضع لرقابة محكمة النقض، إلا أن مناط هذا التكييف هو الوقوف على حقيقة ما عناه العاقدون فيها وتعرف ذلك يدخل في سلطة محكمة الموضوع، متى استظهرت قصد المتعاقدين وردته إلى شواهد وأسانيد تؤدي إليه عقلا ثم كيفت العقد تكييفا صحيحا ينطبق على المعنى الظاهر لعباراته ويتفق مع قصد المتعاقدين الذي استظهرته فإنه لا يقبل من أيهم أن يناقش في هذا العقد ويرتب على ذلك أن المحكمة أخطأت في تكييفه ليتوصل إلى نقض حكمها، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص من عبارات العقود المبرمة بين الطرفين وظروف تعاقدهما أن تلك العقود تضمنت بيع الطاعن إلى المطعون ضده الأول (مورث باقي المطعون ضدهم) البضاعة المستوردة مقابل ثمن أضيف إليه بنسبة ربح بواقع 28% من ثمن البضاعة سيف، وكان هذا الاستخلاص سائغا ولا خروج فيه على المعنى الظاهر لتلك العقود، ولا يؤثر في صحته خلو العقد موضوع التداعي من تعيين لمقدار الثمن المتفق عليه بين الطرفين ذلك أنه وإن كان الثمن يعتبر ركنا أساسيا في عقود البيع إلا أنه - وعلى ما يستفاد من نص المادتين 423 424 من القانون المدني - لا يشترط أن يكون الثمن معينا بالفعل في عقد البيع بل يكفي أن يكون قابلا للتعيين باتفاق المتعاقدين صراحة أو ضمنا على الأسس التي يحدد بمقتضاها فيما بعد، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص من عبارات العقود المحررة بين الطرفين أنها تضمنت اتفاقا على أسس تحديد الثمن بإضافة نسبة قدرها 28% من ثمن البضاعة المستوردة سيف، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تكييف العقود موضوع التداعي بأنها عقود بيع وليست عقودا غير مسماة محلها الاستفادة بالمكنة الاستيرادية يكون نعيا في غير محله.

وحيث أن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك في صحيفة الاستئناف بأن الخبير أخطأ فيما أثبته بتقريره من أن المطعون عليه الأول (مورث باقي المطعون ضدهم) لم يستلم شيئا من البضائع المتعاقد عليها بموجب العقود الأربعة فيما عدا العقد الأول فقط رغم أنه ثابت من الرسالة التي بعث بها المطعون ضده إلى الحراسة العامة بتاريخ 18 /7 /1963 - والمقدم أصلها لمحكمة أول درجة - اعترافه بأنه تسلم من بضائع العقد الثاني المؤرخ 13 /2 /1963 ما قيمته 3057 جنيه إسترليني إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لها الدفاع الجوهري بالرد فجاء مشوبا بالقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.

وحيث أن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى أبدى الخصم أمام محكمة الموضوع دفاعا جوهريا مما يجوز أن يترتب عليه تغيير وجه الرأي في الدعوى وقدم مستندات تمسك بدلالتها على تأييد هذا الدفاع، فإنه يتعين على تلك المحكمة أن تتناول بالفحص والتمحيص تلك المستندات وأن تعرض بالبحث لهذا الدفاع وترد عليه بأسباب كافية وسائغة، ولما كان البين من الصورة الرسمية المقدمة من حكم محكمة أول درجة الصاد بجلسة 19 /2 /1969 بندب خبير في الدعوى أن الطاعن ضمن حافظة مستنداته تحت رقم 11 صورة من الخطاب المرسل من المطعون ضده الأول (مورث باقي المطعون ضدهم) إلى الحارس العام على أموال الطاعن بتاريخ 18 /7 /1963 والبين من الصورة الرسمية المقدمة من حكم تلك المحكمة الصادر بجلسة 22 /4 /1972 أن الطاعن نعى على تقرير الخبير ما أثبته من أن المطعون ضده الأول لم يتسلم أي شيء من البضائع التي تضمنها العقد الثاني المؤرخ 13 /2 /1963 في حين أن المذكور اعترف صراحة بأنه تسلم من بضائع ذلك العقد ما قيمته 7 /3 /3057 جنيه إسترليني، والبين من الصورة الرسمية لصحيفة الاستئناف أن الطاعن ردد في السبب الثاني من أسباب الطعن دفاعه المشار إليه، وكان البين من مدونات كل من الحكمين الابتدائي والمطعون فيه أنهما لم يعرضا بالبحث لهذا الدفاع الجوهري كما لم يتناولا بالفحص الإخطار المرسل من المطعون ضده الأول إلى الحراسة العامة للوقوف على ما قد يكون له من دلالة مؤثرة على نتيجة الدعوى واكتفى الحكم المطعون فيه بقوله "أنه عن السبب الثاني من أسباب الاستئناف فهو مردود بأن الخبير باشر المأمورية في الحدود المرسومة له وقد قام تقريره على أسس سائغة تكفي لحمل النتيجة التي انتهى إليها بعد تصفية الحساب بين الطرفين"، وكان هذا الذي أورده الحكم لا ينهض ردا كافيا أو سائغا على الدفاع الذي تمسك به الطاعن وردده أمام درجتي التقاضي، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد شابه القصور في التسبيب بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الاثنين، 28 نوفمبر 2022

الطعن 600 لسنة 43 ق جلسة 14 / 10 / 1973 مكتب فني 24 ج 3 ق 172 ص 829

جلسة 14 من اكتوبر سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ جمال صادق المرصفاوي رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: سعد الدين عطية، وحسن أبو الفتوح الشربيني، وعبد الحميد محمد الشربيني، وحسن علي المغربي.

---------------

(172)

الطعن 600 لسنة 43 ق

(1) نقض " التقرير بالطعن . ميعاده".

ثبوت أن الطاعن كان حبيسا في اليوم الذي صدر فيه الحكم المطعون . ميعاد الطعن فيه لا يبدأ إلا من يوم العلم رسميا بصدوره.

(2) إجراءات " إجراءات المحاكمة". حكم " بطلانه". بطلان .

عدم إطلاع المحكمة على الحرز المشتمل على العقد المطعون علبيه بالتزوير يعيب إجراءات المحاكم.

(3) نقض " الحكم في الطعن".

اتصال وجه الطعن - المقدم من الطاعن الأول - الذي بني عليه النقض والإحالة بالطاعن الثاني الذي قرر بالطعن بعد الميعاد القانوني . وجوب نقض الحكم بالإحالة بالنسبة للأخير أيضا.

--------------

1 - متى كان يبين من المفردات المضمومة أن الطاعن كان حبيساً في اليوم الذي صدر فيه الحكم المطعون فيه على ذمة إحدى الدعاوى، وكانت علة احتساب ميعاد الطعن في الحكم على أساس أن يوم صدوره يعد مبدأ له هي افتراض علمه به في اليوم الذي صدر فيه، فإنه إذا ما انتفت هذه العلة بثبوت وجود المتهم في السجن في اليوم المذكور فلا يبدأ الميعاد إلا من يوم العلم رسمياً بصدور الحكم، وكان لا يبين من الأوراق أن هذا الطاعن قد أعلن بالحكم أو علم به رسمياً قبل اليوم الذي جرى فيه التقرير بالطعن بالنقض وإيداع الأسباب، فإن ميعاد الطعن لا ينفتح إلا من ذلك اليوم، ومن ثم يتعين قبول طعنه شكلاً.

2 - متى كان في سلامة الأختام الموضوعية على الظرف المشتمل على العقد المطعون عليه بالتزوير وذكر وضعها على ذلك الظرف ما يقطع بأن المحكمة الاستئنافية لم تطلع على السند المطعون عليه أثناء نظر الدعوى، وكان هذا السند المضبوط هو من أدلة الجريمة التي يجب عرضها على بساط البحث والمناقشة الشفهية بالجلسة فإن عدم إطلاع المحكمة عليه يعيب إجراءات المحاكمة ويستوجب نقض الحكم والإحالة.

3 - متى كان الوجه الذي بني عليه النقض والإحالة بالنسبة إلى الطاعن الأول يتصل بالطاعن الثاني الذي قرر بالطعن بعد الميعاد القانوني، فإنه يتعين كذلك نقض الحكم والإحالة بالنسبة إليه وذلك عملاً بالمادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.

--------------

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في يوم 17 سبتمبر سنة 1956 بدائرة بندر سوهاج محافظتها: ارتكبا تزويرا في محرر عرفي هو عقد البيع المؤرخ 5 يناير سنة 1953 بأن اصطنعا عقد البيع سالف الذكر ووقعا عليه بإمضاء مزور نسبا صدوره إلى .. ... وقدماه إلى محكمة سوهاج الكلية في القضية رقم 672 سنة 1956 كلي سوهاج وتمسكا به مع علمهما بتزويره. وطلبت عقابهما بالمادة 315 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح بندر سوهاج الجزئية قضت حضوريا اعتباريا بتاريخ 17 أبريل سنة 1967 عملا بالمواد 211 و215 و232 من قانون العقوبات بحبس كل من المتهمين سنة واحدة مع الشغل وكفالة عشرين جنيها لوقف التنفيذ. فاستأنفا هذا الحكم، ومحكمة سوهاج الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابيا بتاريخ 3 فبراير سنة 1970 بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض المتهمان وقضي بتاريخ 25 أبريل سنة 1972 بقبول المعارضة شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه فيما قضى به عن التهمة الأولى وبانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة لها بمضي المدة وبتعديل الحكم المعارض فيه فيما قضى به بالنسبة للمتهمة الثانية والاكتفاء بحبس كل من المتهمين ثلاثة أشهر مع الشغل. فطعن وكيل المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.

--------------

المحكمة

من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر في 25 من أبريل سنة 1972. وقرر محامي الطاعن الأول بالطعن فيه بطريق النقض بتاريخ 28 من يونيه سنة 1972 وأودع أسباب الطعن في اليوم ذاته قائلاً إن الطاعن لم يحضر بالجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بسبب عذر قهري هو أنه كان سجيناً من 24 من فبراير سنة 1972 حتى 24 من مايو سنة 1972 ولم يعلم بصدور الحكم إلا يوم التقرير بالطعن فيه بالنقض مما ينفتح معه ميعاد الطعن.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن هذا الطاعن قرر بالمعارضة في الحكم الغيابي الصادر ضده وحضر بجلسة 14 مارس سنة 1972 حيث طلب محاميه حجز الدعوى للحكم فقررت المحكمة إصدار حكمها بجلسة 11 من أبريل سنة 1972 وفيها لم يحضر الطاعن وقررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 25 من أبريل سنة 1972 حيث صدر الحكم المطعون فيه، ولما كان يبين من المفردات المضمومة أن الطاعن كان حبيساً من 24 من فبراير سنة 1972 حتى 24 من مايو سنة 1972 على ذمة قضية الجنحة المستأنفة رقم 2949 سنة 1970 سوهاج وكانت علة احتساب ميعاد الطعن في الحكم على أساس أن يوم صدوره يعد مبدأ له هي افتراض علم الطاعن به في اليوم الذي صدر فيه، فإنه إذا ما انتفت هذه العلة بثبوت وجود المتهم في السجن في اليوم المذكور فلا يبدأ الميعاد إلا من يوم العلم رسمياً بصدور الحكم. لما كان ذلك، وكان لا يبين من الأوراق أن هذا الطاعن قد أعلن بالحكم أو علم به رسمياً قبل اليوم الذي جرى فيه التقرير بالطعن بالنقض وإيداع الأسباب، فإن ميعاد الطعن لا ينفتح إلا من ذلك اليوم، ومن ثم يتعين قبول طعنه شكلاً.
وحيث إن مما ينعاه ذلك الطاعن على الحكم المطعون فيه، أنه إذ دانه بجريمة استعمال محرر عرفي مزور مع العلم بتزويره قد انطوى على بطلان في الإجراءات أثر فيه ذلك أن المحكمة الاستئنافية لم تفض الظرف المحتوي على عقد البيع مثار الاتهام وتثبت اطلاعها عليه مما يعيب حكمها ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من المفردات أن الظرف المشتمل على ذلك العقد مغلق ومختوم بخمسة أختام سليمة بالشمع الأسود باسم السيد كاتب الجلسة وعليه ما يفيد تحريزه في 19 من أبريل سنة 1967 وإن ظرفاً آخر كان به العقد المذكور قد فض بجلسة 17 من أبريل سنة 1967 وهي الجلسة الأخيرة التي سمعت فيها الدعوى أمام محكمة أول درجة ثم أمرت المحكمة بإعادة تحريزه فتم ذلك في مظروف ثان ووضعت على المظروف الأختام المذكورة، لما كان ذلك، وكان في سلامة هذه الأختام وذكر تاريخ وضعها على الظرف ما يقطع بأن المحكمة الاستئنافية لم تطلع على السند المطعون فيه أثناء نظر الدعوى، وكان هذا السند المضبوط هو من أدلة الجريمة التي يجب عرضها على بساط البحث والمناقشة الشفهية بالجلسة، فإن عدم إطلاع المحكمة عليه يعيب إجراءات المحاكمة ويستوجب نقض الحكم والإحالة بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن. لما كان ذلك، وكان هذا الوجه الذي بني عليه النقض والإحالة بالنسبة إلى الطاعن الأول يتصل بالطاعن الثاني الذي قرر بالطعن بعد الميعاد القانوني، فإنه يتعين كذلك نقض الحكم والإحالة بالنسبة إليه وذلك عملاً بالمادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.

الطعن 5329 لسنة 80 ق جلسة 28 / 2 / 2018 مكتب فني 69 ق 46 ص 362

جلسة 28 من فبراير سنة 2018
برئاسة السيد القاضي/ إسماعيل عبد السميع نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ حسام قرني، سمير سعد، طارق تميرك وعادل فتحي نواب رئيس المحكمة.
-------------

(46)
الطعن رقم 5329 لسنة 80 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن: الأسباب المتعلقة بالنظام العام".
أسباب الطعن المتعلقة بالنظام العام. لمحكمة النقض وللنيابة العامة وللخصوم إثارتها ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن. شرطه. توافر عناصر الفصل فيها من الأوراق وورودها على الجزء المطعون فيه من الحكم.

(2 - 4) تأمينات اجتماعية "طبيعة أحكامه: تعلق قانون التأمينات الاجتماعية بالنظام العام" "التعويض الإضافي: التعويض عن التأخير في صرف مستحقات المؤمن عليه".
(2) أحكام قانون التأمين الاجتماعي. تعلقها بالنظام العام.

(3) الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي. التزامها بالتعويض عن التأخر في صرف المستحقات التأمينية للمؤمن عليهم أو المستفيدين. مصدره. قانون التأمين الاجتماعي 79 لسنة 1975. عدم جواز مطالبتها بالتعويض عن التأخر طبقا للقواعد العامة في المسئولية أو أي قانون آخر. م 141 من ذات القانون.

(4) حق المؤمن عليهم أو المستحقين في التعويض الإضافي بواقع 1 % شهريا عن تأخير الهيئة في صرف مستحقاتهم. م 141 ق 79 لسنة 1975. قاصر على تأخر الهيئة في تقدير المعاشات وصرفها لهم عند خروجهم نهائيا عن نطاق تطبيق قانون التأمين الاجتماعي لا بما يستجد من منازعات بينهم وبين الهيئة بعد ربط المعاش. قضاء الحكم المطعون فيه بالتعويض للمطعون ضدهما لتأخر الهيئة الطاعنة في تسوية معاشهما استنادا لقواعد المسئولية التقصيرية وفقا للمادة 163 مدني. مخالفة للقانون وخطأ.

---------------

1 - مفاد نص المادة 253 من قانون المرافعات أنه يجوز لمحكمة النقض كما هو الشأن بالنسبة للنيابة العامة والخصوم إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله الطعن.

2 - إذ كانت أحكام قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 - وعلى ما جرى عليه قضاء محكمة النقض - من النظام العام.

3 - مؤدى النص في المادة 141 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 على أن التزام الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي بالتعويض عن التأخر في صرف المستحقات التأمينية للمؤمن عليهم أو المستفيدين مصدره قانون التأمين الاجتماعي سالف الذكر في الحدود المنصوص عليها بهذا القانون ومن ثم فلا يجوز للمؤمن عليهم أو المستفيدين مطالبة الهيئة بالتعويض عن التأخر في صرف مستحقاتهم طبقا لأي قانون آخر أو وفقا للقواعد العامة في المسئولية.

4 - إذ كان حق المؤمن عليه أو المستحقين في التعويض الإضافي المنصوص عليه بالمادة 141 سالفة البيان قاصر على تأخر الهيئة في تقدير المعاشات وصرفها لهم لدى خروج المؤمن عليهم نهائيا عن نطاق تطبيق قانون التأمين الاجتماعي لا بما يستجد من منازعات بين الهيئة وأولئك بعد ربط المعاش. لما كان ذلك، فإن دعوى المطعون ضدهما بمطالبة الهيئة الطاعنة بالتعويض عن تأخرها في إعادة تسوية المعاش المستحق لكل منهما عن الأجر المتغير على أساس أحكام المسئولية التقصيرية وبالجزاء المالي المنصوص عليه بالمادة 141 المشار إليها تكون فاقدة لسندها القانوني، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعنة بأن تؤدي لكل واحد من المطعون ضدهما تعويضا ماديا وأدبيا مقداره أربعة آلاف جنيه لتأخرها في إعادة تسوية معاش الأجر المتغير المستحق لكل منهما بعد ربطه ابتداء استنادا إلى قواعد المسئولية التقصيرية وفقا للمادة 163 من القانون المدني فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.

-------------

الوقائع

وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما أقاما على الطاعنة "الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي" الدعوى رقم ... لسنة 2003 عمال الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي إلى كل منهما مبلغ مائة ألف جنيه تعويضا عن الضرر المادي والأدبي وسداد فوائد التأخير طبقا للمادة 141 من قانون التأمين الاجتماعي 79 لسنة 1975 من تاريخ إقامة الدعوى رقم ... لسنة 1998 عمال الإسكندرية الابتدائية، وقالا بيانا لها إن الهيئة الطاعنة سوت معاشهما دون إضافة العلاوات الخاضعة للأجر المتغير عن السنوات من 1987 حتى 1991، فأقاما الدعوى رقم ... لسنة 1998 عمال الإسكندرية الابتدائية وقضى فيها نهائيا بأحقيتهما في ضم هذه العلاوات، وإذ لحقهما أضرار مادية وأدبية من جراء تأخر الطاعنة في إعادة تسوية معاشهما وفقا للأسس الصحيحة، فقد أقاما الدعوى بطلباتهما سالفة البيان، أحالت المحكمة الدعوى للتحقيق، وندبت خبيرا فيها وبعد أن قدم تقريريه الأصلي والتكميلي حكمت في 30/ 5/ 2009 بإلزام الطاعنة بأن تؤدي إلى كل واحد من المطعون ضدهما مبلغ 4000 جنيها تعويضا ماديا وأدبيا، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 65 ق الإسكندرية كما استأنفته الطاعنة بالاستئناف رقم ... لسنة 65 ق الإسكندرية، وبتاريخ 26/ 1/ 2010 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف في خصوص ما قضى به من تعويض وإلغائه في خصوص ما قضى به من إلزام الطاعنة بالمصروفات، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.

--------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مفاد نص المادة 253 من قانون المرافعات "أنه يجوز لمحكمة النقض كما هو الشأن بالنسبة للنيابة العامة والخصوم إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله الطعن"، ولما كانت أحكام قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - من النظام العام، وكان النص في المادة 141 من هذا القانون على أنه "على الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي أن تتخذ من الوسائل ما يكفل تقدير المعاشات والتعويضات وصرفها خلال أربعة أسابيع من تاريخ تقديم المؤمن عليه أو المستحقين طلبا بذلك مشفوعا بكافة المستندات المطلوبة ....، فإذا تأخر صرف المبالغ المستحقة عن المواعيد المقررة لها التزمت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي بناء على طلب صاحب الشأن بدفعها مضافا إليها 1 % من قيمتها عن كل شهر يتأخر فيه الصرف عن الميعاد المحدد بما لا يجاوز قيمة أصل المستحقات وذلك من تاريخ استيفاء المؤمن عليه أو المستفيدين المستندات المطلوبة منهم ..."، يدل على أن التزام الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي بالتعويض عن التأخر في صرف المستحقات التأمينية للمؤمن عليهم أو المستفيدين مصدره قانون التأمين الاجتماعي سالف الذكر في الحدود المنصوص عليها بهذا القانون، ومن ثم فلا يجوز للمؤمن عليهم أو المستفيدين مطالبة الهيئة بالتعويض عن التأخر في صرف مستحقاتهم طبقا لأي قانون آخر أو وفقا للقواعد العامة في المسئولية كما أن حق المؤمن عليه أو المستحقين في التعويض الإضافي المنصوص عليه بالمادة 141 سالفة البيان قاصر على تأخر الهيئة في تقدير المعاشات وصرفها لهم لدى خروج المؤمن عليهم نهائيا عن نطاق تطبيق قانون التأمين الاجتماعي لا بما يستجد من منازعات بين الهيئة وأولئك بعد ربط المعاش. لما كان ذلك، فإن دعوى المطعون ضدهما بمطالبة الهيئة الطاعنة بالتعويض عن تأخرها في إعادة تسوية المعاش المستحق لكل منهما عن الأجر المتغير على أساس أحكام المسئولية التقصيرية وبالجزاء المالي المنصوص عليه بالمادة 141 المشار إليها تكون فاقدة لسندها القانوني، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعنة بأن تؤدي لكل واحد من المطعون ضدهما تعويضا ماديا وأدبيا مقداره أربعة آلاف جنيه لتأخرها في إعادة تسوية معاش الأجر المتغير المستحق لكل منهما بعد ربطه ابتداء استنادا إلى قواعد المسئولية التقصيرية وفقا للمادة 163 من القانون المدني فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين الحكم في الاستئناف رقم ... لسنة 65 ق الإسكندرية بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى.