الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 29 سبتمبر 2022

الطعن 42 لسنة 1 ق جلسة 25 / 1 / 1932 مج عمر ج 2 ق 321 ص 430

جلسة الاثنين 25 يناير سنة 1932

تحت رياسة حضرة صاحب السعادة عبد العزيز فهمى باشا.

--------------

(321)
القضية رقم 42 سنة 1 القضائية

حكم اعتبار المعارضة كأن لم تكن. استئنافه أو الطعن فيه بطريق النقض لا يشمل الحكم الغيابي المعارض فيه. يشمله إذا نص في التقرير على ذلك.
(المادتان 177 و229 تحقيق)

----------------
حكم اعتبار المعارضة كأن لم تكن هو حكم قائم بذاته مختلف اختلافا كليا عن الحكم الغيابي المعارض فيه، إذ هذا الحكم الغيابي إنما يقضى في الموضوع بعد بحثه؛ أما حكم اعتبار المعارضة كأن لم تكن فيصدره القاضي بدون أي بحث في الموضوع بل لمجرّد أن المعارض لم يحضر في الجلسة، فهو في الحقيقة عقاب للمعارض المهمل يحرمه من حقه في نظر معارضته أمام قاضيها، ويؤذن بأن هذا القاضي قد فرغ قضاؤه من جهة موضوع الدعوى والمناقشة فيه، وبأن المعارض إن كانت له ظلامة من جهة الحكم الغيابي السابق صدوره فليرفع أمره بشأنه للسلطة العليا. وحق المعارضة في الحكم الغيابي هو حق عادى أصيل والحكم بالحرمان منه وهو حكم اعتبار المعارضة كأن لم تكن قد يكون خاطئا فيجوز للصادر في حقه هذا الحكم التظلم منه للسلطة العليا بطريق الاستئناف أو النقض بحسب الأحوال. ومتى اتضح خطؤه كان من المتعين إلغاؤه وإعادة القضية لقاضى المعارضة لنظر موضوعها. فإذا اقتصر التقرير المحرّر بقلم الكتاب سواء بالاستئناف أو بالطعن بطريق النقض على حكم اعتبار المعارضة كأن لم تكن فهذا الحكم وحده هو الذي يكون قد استؤنف أو طعن فيه بطريق النقض، ولا يمكن أن يطرح هذا التقرير على المحكمة الاستئنافية أو على محكمة النقض الحكم الغيابي الأصلي الذي حصلت فيه المعارضة لأن طبيعة الحكمين ليست واحدة. وللمحكوم عليه الحق في قصر تظلمه على حكم اعتبار المعارضة كأن لم تكن حتى إذا ما أدلى للمحكمة العليا بخطأ هذا الحكم كان له الحق في إعادة نظر معارضته لدى القاضي الذي حرمه منها. ولا يعترض على هذا الرأي بأن العمل به ربما يفوت على المستأنف أو الطاعن بطريق النقض مواعيد الطعن في الحكم الغيابي. إذ ما على المستأنف أو الطاعن بطريق النقض - إذا أراد الاحتياط لنفسه - سوى أن يذكر في تقرير الاستئناف أو تقرير الطعن بطريق النقض أنه يستأنف الحكم الغيابي الصادر في الموضوع، أو يطعن فيه بطريق النقض، أو أنه يستأنف الحكمين الغيابي والصادر باعتبار المعارضة كأن لم تكن معا، أو أنه يطعن فيهما معا بالنقض (1) .

الطعن المقدّم من عبد الرسول عبد المطلب ضدّ النيابة العامة في دعواها رقم 186 سنة 1931 المقيدة بجدول المحكمة رقم 42 سنة 1 قضائية.


الوقائع

اتهمت النيابة الطاعن المذكور بأنه في يوم 19 يوليه سنة 1926 بدائرة قسم الأزبكية فك ختما موضوعا على خزانة له تنفيذا لأمر حجز قضائي وطلبت عقابه بالمادة 131 من قانون العقوبات.
ومحكمة جنح الأزبكية الجزئية سمعت هذه الدعوى وحكمت فيها غيابيا بتاريخ 16 يناير سنة 1927 عملا بالمادة السابقة بحبس المتهم شهرا واحدا مع الشغل. فعارض فيه المتهم وحكم بتاريخ 14 أبريل سنة 1928 باعتبار المعارضة كأن لم تكن.
فاستأنف المتهم هذا الحكم في 27 مايو سنة 1928.
ومحكمة مصر الابتدائية الأهلية نظرت هذه الدعوى استئنافيا وقضت فيها غيابيا بتاريخ 5 سبتمبر سنة 1928 بقبول الاستئناف شكلا وبرفضه موضوعا وتأييد الحكم المستأنف. فقرر المتهم بالمعارضة فيه وحكم بتاريخ 4 نوفمبر سنة 1930 بالتأييد.
فطعن حضرة المحامي بالتوكيل عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض والإبرام بتاريخ 22 نوفمبر سنة 1930 وقدّم تقريرا بأسباب طعنه في اليوم نفسه.


المحكمة

بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا.
حيث إن الطعن قدّم وبينت أسبابه في الميعاد فهو مقبول شكلا.
وحيث إن مبنى الطعن يتحصل في خلو الحكم من الأسباب من جهة، ومن جهة أخرى في أن المحكمة كلفت النيابة باستحضار محضر إخلاء، وأنه على الرغم من تأجيل الدعوى عدّة جلسات لتنفذ النيابة أمر المحكمة فإنها لم تنفذه وترتب على ذلك أن المتهم الذي كان مصرحا له بإعلان شهود نفى لم يتمكن من استحضارهم جميعا، وقد انتهت المحكمة بأن حكمت بتأييد حكمها الغيابي لأسبابه. ويقول الطاعن إن الحكم شابه عيب الخلو من الأسباب، وعيب الإخلال بحق الدفاع؛ وكلاهما جوهري مبطل له.
وحيث إنه بالاطلاع على الحكم المطعون فيه وجد أنه أيد الحكم الاستئنافي الغيابي لأسبابه؛ وهذا الحكم الاستئنافي الغيابي لا أسباب خاصة فيه، بل هو اقتصر على تأييد الحكم الابتدائي الصادر في المعارضة لأسبابه، وهذا الحكم الأخير صدر باعتبار المعارضة كأن لم تكن، ولا سبب فيه سوى أن المعارض لم يحضر؛ أما الحكم الابتدائي الغيابي المعارض فيه الصادر في 26 يناير سنة 1927 فكل ما به من الأسباب هو أن التهمة ثابتة من التحقيقات.
وحيث إن الحكم المطعون فيه راجع في النهاية بحسب ظاهر عبارته إلى الحكم المستأنف وهو حكم اعتبار المعارضة كأن لم تكن، وقضاؤه بالتأييد راجع في النهاية إليه.
وحيث إن من أوجه الطعن ما يرجع في النهاية إلى الحكم الابتدائي الغيابي الذي اعتبرت المعارضة فيه كأن لم تكن فمن المهم قبل الفصل في هذا الطعن بحث النقطتين الآتيتين:
(1) هل استئناف حكم اعتبار المعارضة كأن لم تكن يستتبع بذاته استئناف الحكم الغيابي المعارض فيه؟
 (2)ماذا يجب على المحكمة القضاء به في هذه الدعوى بخصوصها؟
(1)عن النقطة الأولى:
حيث إن القضاء يتخصص بالطلب، وليس للقاضي أن ينظر في غير ما هو معروض عليه، وإلا كان متجاوزا حدّه.
وحيث إن الطعن بطريق المعارضة أو الاستئناف أو النقض لا يمكن أن يطرح على قاضى هذا الطعن سوى الحكم الذي ورد بالتقرير المحرر بقلم الكتاب أنه هو المطعون فيه.
وحيث إن حكم اعتبار المعارضة كأن لم تكن هو حكم قائم بذاته مختلف اختلافا كليا عن الحكم الغيابي المعارض فيه؛ إذ هذا الحكم الغيابي إنما قضى في الموضوع بعد بحثه. أما حكم اعتبار المعارضة كأن لم تكن فيصدره القاضي بدون أي بحث في الموضوع، بل بمجرّد أن المعارض لم يحضر في الجلسة التي حدّدت لنظر معارضته؛ فهو في الحقيقة عقاب للمعارض المهمل يحرمه من حقه في نظر معارضته أمام قاضيها، ويؤذن بأن هذا القاضي قد فرغ قضاؤه من جهة موضوع الدعوى والمناقشة فيه، وبأن المعارض إن كانت له ظلامة من جهة الحكم الغيابي السابق صدوره فليرفع أمره بشأنه للسلطة العليا.
وحيث إن حق المعارضة في الحكم الغيابي ابتدائيا كان أو استئنافيا هو حق عادى أصيل، والحكم بالحرمان منه وهو حكم اعتبار المعارضة كأن لم تكن قد يكون خاطئا فيجوز للصادر في حقه هذا الحكم التظلم منه للسلطة العليا بطريق الاستئناف أو النقض بحسب الأحوال، ومتى اتضح خطؤه كان من المتعين إلغاؤه وإعادة القضية لقاضى المعارضة للنظر في موضوعها والفصل فيه.
وحيث إنه متى علم ذلك وكان التقرير المحرّر بقلم الكتاب سواء بالاستئناف أو بالطعن بطريق النقض قد اقتصر في بيانه للحكم المطعون فيه على حكم اعتبار المعارضة كأن لم تكن، فهذا الحكم وحده هو الذي يكون قد استؤنف، أو طعن فيه بطريق النقض؛ ولا يمكن أن يطرح هذا التقرير مع نصه الصريح على المحكمة الاستئنافية أو محكمة النقض الحكم الغيابي الأصلي الذي حصلت فيه المعارضة، والذى لم يرد له أى ذكر فيه.
وحيث إن القول بأن استئناف حكم اعتبار المعارضة كأن لم تكن أو الطعن فيه بطريق النقض يشمل حتما وبطبيعة الحال استئناف الحكم الغيابي الذي كان معارضا فيه، أو يشمل الطعن فيه بطريق النقض على اعتبار أن هذا الحكم الأخير اندمج في الأوّل - هذا القول غير منطقي؛ فان طبيعة الحكمين كما تقدّم ليست واحدة، وللمحكوم عليه الحق كل الحق في قصر تظلمه على الأول وهو حكم اعتبار المعارضة كأن لم تكن حتى إذا ما أدلى للمحكمة العليا بخطأ هذا الحكم كان له الحق في إعادة نظر معارضته لدى القاضي الذي حرمه منها.
وحيث إن السير على هذا المنهاج هو الأقرب للمنطق، والأكثر انطباقا على قاعدة عدم اتصال القضاء إلا بما يطرح لديه من الطلبات.
وحيث إنه لا يمكن الاعتراض بأن قصر مدى الطعن في حكم اعتبار المعارضة كأن لم تكن على هذا الحكم وحده، وعدم شموله بطريق اللزوم للطعن في الحكم الغيابي ربما فوّت على المستأنف أو الطاعن بطريق النقض مواعيد الطعن في الحكم الغيابي المذكور - لا يمكن الاعتراض بذلك؛ إذ الواقع أن ميعاد استئناف الحكم الغيابي لا يبدأ إلا من اليوم الذي لا تكون فيه المعارضة مقبولة (177 تحقيق جنايات) فهو إذن يتحد في مبدئه ونهايته مع ميعاد استئناف حكم اعتبار المعارضة كأن لم تكن؛ لأن تاريخ هذا الحكم هو تاريخ تصبح فيه المعارضة غير مقبولة؛ وكذلك الحال فيما يتعلق بميعاد النقض في الحكم الاستئنافي الغيابي؛ إذ تاريخ حكم اعتبار المعارضة كأن لم تكن هو التاريخ الذي يصبح فيه ذلك الحكم الاستئنافي الغيابي نهائيا قابلا للطعن بمقتضى المادة 229 تحقيق جنايات؛ وإذن فما على المستأنف أو الطاعن بطريق النقض - إن كان يريد الاحتياط لنفسه - سوى أن يذكر في تقرير الاستئناف أو في تقرير الطعن بطريق النقض أنه يستأنف الحكم الغيابي الصادر في الموضوع، أو يطعن فيه بطريق النقض، أو أنه يستأنف الحكمين الغيابي والصادر باعتبار المعارضة كأن لم تكن معا، أو أنه يطعن فيهما معا بالنقض. بهذه الوسيلة السهلة يحفظ حقوقه، ثم هو لدى المحكمة الاستئنافية أو محكمة النقض مختار؛ إن شاء ترك استئنافه أو طعنه فيما يتعلق بحكم اعتبار المعارضة كأن لم تكن في صورة ما إذا وجد نفسه عاجزا عن إقامة الدليل على بطلانه - إن شاء تركه وتناول حكم الموضوع الغيابي، وإن شاء تناول الحكمين معا: أوّلهما من طريق أصلى، والثاني هو حكم الموضوع الغيابي من طريق احتياطي؛ والمحكمة تنظر في طلبه، وتحكم بما يقتضيه المقام، أما إذا لم يحتط المستأنف أو الطاعن بطريق النقض بل اقتصر في تقريره المحرّر بقلم الكتاب على استئناف حكم اعتبار المعارضة كأن لم تكن، أو على الطعن فيه بطريق النقض، فليس للمحكمة الاستئنافية أو محكمة النقض أن تنظر إلا فيما يتعلق بصحة حكم اعتبار المعارضة كأن لم تكن أو بطلانه بحيث إذا رفض الاستئناف أو الطعن بالنقض وكان ميعاد استئناف الحكم الغيابي الصادر في الموضوع أو ميعاد الطعن فيه بالنقض قد انقضى فان هذا الحكم يصبح نهائيا؛ والمتهم وحده هو الملوم لتقصيره في حق نفسه.
(2) عن النقطة الثانية:
وحيث إن هذه الدعوى بخصوصها قد سارت فيها المحكمة الاستئنافية على المبدأ الذي كان معمولا به من أن استئناف حكم اعتبار المعارضة كأن لم تكن يندمج فيه استئناف الحكم الغيابي؛ ولذلك سمعت من المستأنف (الطاعن الآن) طلبات له خاصة بالموضوع فصرحت له بإعلان شهود نفي، ثم كلفت النيابة باستحضار أصل محضر إِخلاء، وما زالت الدعوى تتأجل أمامها إلى أن قضت فيها أخيرا بتأييد الحكم المستأنف؛ ولا شك أن حقيقة مرادها بالحكم المستأنف هو حكم الموضوع الغيابي الصادر من المحكمة الجزئية في 26 يناير سنة 1927 المفهوم أنها اعتبرته مندمجا في حكم اعتبار المعارضة كأن لم تكن؛ وإذن فليس من العدل مؤاخذة الطاعن بتفسير للقانون كان العمل سائرا على خلافه، ويكون من الوجوب استماع ظلامته، واعتبار أن الحكم المطعون فيه راجع ما صدر به من التأييد إلى الحكم الغيابي الأوّل الصادر في 26 يناير سنة 1927 كما هو الواقع في الحقيقة، وأن أسباب التأييد هي في النهاية أسباب هذا الحكم الغيابي الأوّل.
وحيث إن كل ما ورد بالحكم الغيابي الابتدائي المذكور من الأسباب هو قول المحكمة "إن التهمة ثابتة من التحقيقات" وهي عبارة مجملة مبهمة لا تصلح سببا للحكم كما يقول الطاعن في الوجه الأوّل من تقريره؛ إذ لا تستطيع معها محكمة النقض مراقبة توافر أركان الجريمة المحكوم فيها على الطاعن، فيتعين إذن نقض الحكم بلا حاجة إلى البحث في المطاعن الأخرى.


 (1) ملحوظة - قرّرت المحكمة أنها في هذه الدعوى بخصوصها لا ترى الأخذ بهذا المبدأ لأن المحكمة الاستئنافية قد سارت فيها على المبدأ الذي كان معمولا به من أن استئناف حكم اعتبار المعارضة كأن لم تكن يندمج فيه استئناف الحكم الغيابي وليس من العدل مؤاخذة الطاعن بتفسير للقانون كان العمل سائرا على خلافه.

الطعن 532 لسنة 2 ق جلسة 15 / 2 / 1932 مج عمر ج 2 ق 328 ص 453

جلسة الاثنين 15 فبراير سنة 1932

تحت رياسة حضرة صاحب السعادة عبد العزيز فهمى باشا.

----------

(328)
القضية رقم 532 سنة 2 القضائية

معارضة:
(أ) الحكم باعتبارها كأن لم تكن. استئنافه أو الطعن فيه بالنقض لا ينسحب على الحكم الغيابي.
(ب) الحكم باعتبارها كأن لم تكن. متى يصح؟
(المادة 133 تحقيق)

-------------
1 - استئناف حكم اعتبار المعارضة كأن لم تكن أو الطعن فيه بطريق النقض لا يطرح أمام المحكمة العليا إلا هذا الحكم بالذات ولا يمكن بأي حال أن ينصرف إلى الحكم الغيابي الصادر قبله في موضوع الدعوى.
2 - إن المادة 133 تحقيق جنايات إذا كانت رتبت الحكم باعتبار المعارضة كأن لم تكن بطريقة مطلقة على المعارض الذي لم يحضر فإن العلة الأساسية في ذلك هي أن الشارع أراد ترتيب جزاء على من لا يهتم لمعارضته ويتتبعها فقضى بحرمانه من أن يعاد فحص قضيته بواسطة المحكمة التي أدانته غيابيا. وتفهم القاعدة على هذا الأساس يجعل حالة المعارض الذي يحضر عدّة جلسات ثم يتخلف في الجلسة الأخيرة محل نظر لا يلتقى مع فكرة الجزاء، بل يتعين معه التمييز بينه وبين المعارض الذي لم يحضر مطلقا، فالمعارض الذي حضر جلسة أو جلسات واستفتح دفاعه وأتمه أو استفتحه ولم يتمه أو لم يستفتحه مطلقا يكون على المحكمة أن تقضى في موضوع دعواه على حالها التي هي بها. إن حكم اعتبار المعارضة كأن لم تكن لا يمكن إصداره إلا في الجلسة الأولى المحدّدة لنظر المعارضة إذ هذا الحكم هو من قبيل الجزاء والأحكام الجزائية لا تحتمل التوسع في تفسير مداها؛ وإذن فالمعارض الذي يتخلف عن حضور الجلسة الأولى هو وحده الذي يحكم باعتبار معارضته كأن لم تكن، إلا إذا أثبت أن قوّة قاهرة حالت دون حضوره تلك الجلسة. ومحل نظر هذا العذر وتقديره يكون عند استئناف حكم اعتبار المعارضة كأنها لم تكن أو عند الطعن فيه بطريق النقض (1).
الطعن المقدّم من روفائيل صموئيل حاسين ضد النيابة العامة في دعواها رقم 1634 سنة 1931 المقيدة بجدول المحكمة رقم 532 سنة 2 قضائية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة محمود محمد الخوالفى وروفائيل صموئيل حاسين بأنهما في يوم 5 ديسمبر سنة 1927 بدائرة قسم العطارين توصلا إلى الاستيلاء على بضائع من الروائح بمبلغ 2340 قرشا من محل الخواجات أجوستو وأدولفو فرانكلى كاكاتش وكان ذلك بطريق الاحتيال بأن أوهما وكيل المحل بأن المتهم الأوّل هو التاجر الشهير "محمود محمد الخوالفة"، وأنهما في الزمن والمكان المذكورين شرعا أيضا في الاستيلاء على شنط حريمي من نفس المحل بمبلغ 3386.5 قرشا وذلك باستعمال نفس الطرق الاحتيالية، وطلبت من محكمة جنح العطارين الجزئية عقابهما بالمادة 293 من قانون العقوبات.
وبعد أن سمعت المحكمة الدعوى حكمت في 10 أبريل سنة 1928 حضوريا للأوّل وغيابيا للثاني (الطاعن) عملا بالمادة السابقة بحبس كل منهما أربعة أشهر مع الشغل فاستأنفته النيابة في 24 أبريل سنة 1928 وعارض فيه الطاعن في 11 نوفمبر سنة 1928 ونظرت المعارضة وحكم فيها في 19 مارس سنة 1929 باعتبارها كأن لم تكن. فاستأنف الطاعن هذا الحكم في 28 مارس سنة 1929.
ومحكمة إسكندرية الابتدائية الأهلية نظرت هذه الدعوى بهيئة استئنافية وقضت فيها غيابيا في 15 يوليه سنة 1929 بقبول الاستئنافين شكلا وبرفضهما موضوعا وتأييد الحكم المستأنف. فقرّر الطاعن بالمعارضة في هذا الحكم وقضى فيها في 7 مايو سنة 1931 باعتبارها كأن لم تكن.
فطعن حضرة المحامي بالتوكيل عن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض في 14 مايو سنة 1931 وقدّم تقريرا بأسباب الطعن في 24 مايو سنة 1931.


المحكمة

بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا.
بما أن الطعن قد قدّم في الميعاد وكذلك أسبابه فهو مقبول شكلا.
وبما أن تقرير الطعن لم يذكر به إلا الحكم الصادر في 7 مايو سنة 1931 من محكمة إسكندرية الابتدائية بصفة استئنافية باعتبار معارضة الطاعن كأنها لم تكن ولكن معظم أسبابه راجعة إلى الحكم الابتدائي الصادر غيابيا من محكمة العطارين الجزئية في 10 أبريل سنة 1928 ضد الطاعن والذى اعتمدت أسبابه على التوالي.
وبما أن قضاء هذه المحكمة استقر على أن استئناف حكم اعتبار المعارضة كأن لم تكن أو الطعن فيه بطريق النقض لا يطرح أمام المحكمة العليا إلا هذا الحكم بالذات ولا يمكن بأي حال أن ينصرف إلى الحكم الغيابي الصادر قبله في موضوع الدعوى. وبما أن اختصاص محكمة النقض في الدعوى الحالية منحصر إذن في الحكم الصادر أخيرا باعتبار المعارضة كأنها لم تكن وهو الحكم المؤرّخ في 7 مايو سنة 1931 والذى لم يذكر الطاعن سواه في تقريره بالطعن بطريق النقض والإبرام، وإذن فكل ما كان من الأوجه الواردة بتقرير الأسباب راجعا إلى حكم 15 يوليه سنة 1929 الصادر غيابيا ضد الطاعن لا محل لنظره.
وبما أن الطاعن قد بنى الوجه الأوّل من تقرير الأسباب على أن محكمة ثاني درجة قد أخلت بحق الدفاع لأنها لم تمكنه من الدفاع عن نفسه بحيث كانت النتيجة أنه حرم من الدفاع في جميع درجات القضاء.
وبما أن هذا الوجه في جملته يشمل التظلم من حكم اعتبار المعارضة كأنها لم تكن ويبيح للمحكمة النظر فيه من حيث صحته وعدم صحته.
وبما أنه يتضح من الاطلاع على محاضر جلسات محكمة ثاني درجة أن الطاعن حضر أمام تلك المحكمة في جلسات 20 فبراير سنة 1930 و15 مايو سنة 1930 و13 أغسطس سنة 1930 و29 أكتوبر سنة 1930 وكانت تؤجل الدعوى لإِثبات رعويته وحضر في جلسة 18 ديسمبر سنة 1930 وأجلت للاستعداد ثم حضر في جلسة 29 فبراير سنة 1931 وأجلت لمرض محاميه وأخيرا تخلف في جلسة 7 مايو سنة 1931 وطلب محاميه التأجيل لمرض المتهم وقدّم شهادة مرضية فلم تأخذ بها المحكمة وأصدرت حكمها باعتبار المعارضة كأنها لم تكن.
وبما أنه قد سبق لهذه المحكمة أن قضت بتاريخ 3 يناير سنة 1929 في القضية رقم 315 سنة 46 قضائية بأنه يتعين الحكم باعتبار المعارضة كأن لم تكن حتى لو كان المعارض المتخلف قد سبق له أن حضر في بعض الجلسات ما دام أنه لم يقدّم دفاعه فعلا في الجلسات التي يكون حضر فيها.
وبما أن هذه المحكمة ترى العدول عن هذا الرأي إلى رأي أكثر ترخصا للمتهمين مستهدية في ذلك بأن الفقرة الثانية من المادة 133 من قانون تحقيق الجنايات إذا كانت رتبت الحكم باعتبار المعارضة كأنها لم تكن بطريقة مطلقة على المعارض الذي لم يحضر وكانت بهذا الإطلاق قد أوسعت وجوه التأويل في مدى انطباق هذه القاعدة إلا أن العلة الأساسية فيها على ما هو ظاهر أن الشارع أراد ترتيب جزاء على من لا يهتم لمعارضته ويتتبعها فقضى بحرمانه من أن يعاد فحص موضوع قضيته بمعرفة المحكمة التي أدانته غيابيا.
وبما أن تفهم القاعدة على هذا الأساس يجعل حالة المعارض الذي يحضر عدّة جلسات أمام محكمة المعارضة ثم يتخلف عن الحضور في الجلسة الأخيرة محل نظر لا يلتقي مع فكرة الجزاء الذي رتبه الشارع ويتعين إذن التمييز بينه وبين حالة المعارض الذي لا يحضر مطلقا بقصر وجوب الحكم باعتبار المعارضة كأنها لم تكن على حالة هذا الأخير. أما المعارض الذي حضر جلسة أو جلسات واستفتح دفاعه وأتمه أو استفتحه ولم يتمه أو لم يستفتحه مطلقا فإن على المحكمة أن تقضي في موضوع دعواه على حالها التي هي بها.
وبما أن هذا النظر يستدعى أيضا التقرير بأن حكم اعتبار المعارضة كأن لم تكن لا يمكن إصداره إلا في الجلسة الأولى المحدّدة لنظر المعارضة وعلة ذلك كون هذا الحكم من قبيل الجزاء والأحكام الجزائية لا تحتمل التوسع في تفسير مداها. وبما أن القانون رتبه على عدم الحضور فلابدّ من قصر ذلك على عدم الحضور بالجلسة التي عينت عند تقرير المعارضة والتي ورد في المادة 133 نفسها ما يفيد وجوب تعيينها لنظر المعارضة فيها. فمن لم يحضر في أوّل جلسة للمعارضة مع ثبوت علمه علما يقينيا بتاريخ تلك الجلسة - لأنه يخبر به عند تقريره بالمعارضة كما هو مقتضى القانون وكما هو الجاري في العمل فعلا - هذا المعارض المتخلف في الجلسة الأولى هو وحده الذي يحكم عند تخلفه في تلك الجلسة الأولى باعتبار معارضته كأن لم تكن. ومثله لا يتسع له وجه العذر إلا إذا أثبت أن قوّة قاهرة حالت دون حضوره؛ ومحل نظر هذا العذر وتقديره يكون عند استئناف حكم اعتبار المعارضة كأنها لم تكن أو عند الطعن فيه بطريق النقض.
وبما أن تطبيق هذه القاعدة على الدعوى الحالية يقتضى نقض الحكم المطعون فيه لأنه صدر باعتبار المعارضة كأنها لم تكن مع أن المعارض كان حضر أمام المحكمة الاستئنافية التي أصدرت هذا الحكم ست دفعات أجلت الدعوى في أربع منها للتثبت من رعويته وفى هذا إخلال بحق الدفاع منشؤه الخطأ في تفسير القانون.


 (1) سبق لمحكمة النقض أن قضت بتاريخ 3 يناير سنة 1929 في القضية رقم 315 سنة 46 القضائية بأنه يتعين الحكم باعتبار المعارضة كأن لم تكن حتى لو كان المعارض المتخلف قد سبق له أن حضر في بعض الجلسات ما دام أنه لم يقدّم دفاعه في الجلسات التي حضر فيها، لكنها رأت العدول عن ذلك الرأي إلى هذا الرأي الذي هو أكثر ترخصا للمتهمين.

الأربعاء، 28 سبتمبر 2022

الطعن 244 سنة 35 ق جلسة 19 / 1 / 1918

برياسة المستر هالتون

الحكم الصادر في 19 يناير سنة 1918: في القضية رقم 244 سنة 35 ق

(الطعن المقدّم من أحمد عبد الله خطاب ضدّ النيابة العامة وآخر).


وقائع الدعوى

رفع المدّعى بالحق المدني هذه الدعوى مباشرة لدى محكمة أجا الجزئية على المتهم المذكور لأنه في يوم 6 مايو سنة 1917 بناحية شبراويش سبه سبا علنا بالألفاظ المذكورة بعريضة الدعوى وطلب الحكم له على المتهم بمبلغ 300 قرش تعويضا. وطلبت النيابة معاقبته بالمادة 265 عقوبات. وحكمت المحكمة المشار إليها في 29 مايو سنة 1917 عملا بالمادة المذكورة غيابيا بتغريم المتهم مائتي قرش وإلزامه بأن يدفع للمدّعى المدني مبلغ 300 قرش تعويضا ومصاريف الدعوى المدنية. فعارض المتهم وحكم باعتبار المعارضة كأن لم تكن وإلزامه بمصاريف المعارضة في 24 يوليه سنة 1917، فاستأنف المتهم هذا الحكم في يوم صدوره، وحكمت محكمة المنصورة الابتدائية الأهلية بهيئة استئنافية في 31 أكتوبر سنة 1917 حضوريا بتأييد الحكم المستأنف وإقالة المتهم من مصاريف الجنحة وفى يوم 14 نوفمبر سنة 1917 قرّر المحكوم عليه بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض والإبرام وقدّم المحامي عنه تقريرا بأسباب طعنه في 17 منه.


المحكمة

بعد سماع طلبات النيابة العمومية والاطلاع على أوراق القضية والمداولة قانونا.
حيث إن طلب النقض صحيح شكلا.
وحيث إن الاستئناف ولو أنه لم يرفع في الشكل إلا عن الحكم الصادر غيابيا في 24 يوليه سنة 1917 باعتبار المعارضة كأنها لم تكن لعدم حضور المعارض إلا أنه ينصرف إلى الحكم الغيابي السابق. ولذا يطرح النزاع من جديد على المحكمة الاستئنافية كما ثبت على ذلك قضاء محكمة النقض المصرية في 4 مايو سنة 1912 (المجموعة الرسمية سنة 1912 عدد 98) ومحكمة النقض الفرنسوية في 4 يونيه سنة 1894 (باندكت 1895 - 1 - 415)؛
وحيث إن الحكم المطعون فيه بحجره على المستأنف أن يناقش في موضوع التهمة ورفضه البحث في الموضوع قد ارتكب بناء على ذلك مخالفة صريحة لنصوص القانون واشتمل على بطلان جوهري.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول النقض وإلغاء الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة المنصورة الابتدائية الأهلية للحكم فيها مجدّدا بصفة استئنافية من دائرة أخرى غير التي حكمت فيها أوّلا.


الطعن 487 سنة 12 ق جلسة 4 / 5 / 1912

برياسة جناب المستر بوند

الحكم الصادر في القضية رقم 487 سنة 12 في 4 مايو سنة 1912

(طعن النيابة العمومية وآخرين ضدّ جورجي أندريا وآخر)

(المجموعة الرسمية سنة 1912 عدد 98) :


وقائع الدعوى

بتاريخ 16 أغسطس سنة 1909 - 30 رجب سنة 1327 رفع ورثة عطية بك الغندور المذكورون دعوى الجنحة هذه مباشرة أمام محكمة الزقازيق الجزئية على كل من جورجي أندريا وغبريال عبد السيد ومحمد حسن وأعلنوهم بالحضور أمام تلك المحكمة بجلستها المنعقدة يوم الخميس 30 سبتمبر سنة 1909 للحكم عليهم بأن يدفعوا لهم مبلغ مائتي جنيه مصري تعويضا ومعاقبتهم بعد سماع طلبات النيابة العمومية بناء على كون المتهم الأوّل زوّر سندا على المرحوم عطية بك الغندور مورث المدّعين بالحق المدني بمبلغ 2506 جنيها واستعمل هذا السند المزوّر أمام محكمة الزقازيق الابتدائية وأمام محكمة الاستئناف الأهلية. وطريقة التزوير هي أن عطية بك الغندور كان اشترى من جورجي أندريا مصاغا بمبلغ 2506 قرشا فاستبدل القروش في السند بالجنيهات واستمضى عطية بك على السند بمنزله بعزبته بزمام هرية رزنه يوم أوّل يناير سنة 1905، وهذا الفعل معاقب عليه بالمادة 183 من قانون العقوبات.
وكذا المتهم غبريال عبد السيد اشترك مع الأوّل في هذا التزوير بأن ساعده على الأعمال المجهزة والمتممة له في المكان والزمان المذكورين مع علمه بالتزوير لأنه هو المحرّر للسند. وما وقع منه معاقب عليه بالمواد 183 و40 و41 عقوبات.
وأيضا المتهم محمد حسن شهد بصحة هذا السند وبأنه كان حاضرا تحريره وكانت شهادته المزوّرة أمام حضرة القاضي المحقق بالزقازيق في يوم 14 مايو سنة 1907. وهذا الفعل معاقب عليه بالمادة 259 عقوبات.
وأمام المحكمة الجزئية دفع المحامون عن المتهمين أوّلا بعدم قبول الدعوى من المدّعين بالحق المدني لسبق الفصل فيها مدنيا لأن عطية بك الغندور كان ادعى في القضية المدنية بالتزوير في السند المرفوعة به الدعوى وحكمت محكمة الاستئناف في 30 مارس سنة 1909 بصحته فلا حق للمدعين بالحق المدني حينئذ في الرجوع بعد ذلك إلى الطعن بالتزوير أمام المحكمة الجنائية. وثانيا بسقوط الحق في إقامة الدعوى العمومية بناء على كون السند المدعى فيه بالتزوير مضى عليه أكثر من ثلاث سنوات لغاية رفع الدعوى فقد سقطت بمضي المدّة الطويلة.
وطلب محاميا المدعين بالحق المدني والنيابة العمومية رفض هذين الدفعين.
ومحكمة الزقازيق الجزئية حكمت بتاريخ 24 نوفمبر سنة 1909 برفض الدفع الفرعي المقدّم من وكلاء المتهمين وبجواز نظر الدعوى وقررّت بالتكلم في الموضوع في جلسة اليوم المذكور.
وبعد صدور هذا الحكم انسحب المتهمون ورفعوا استئنافا عنه في 27 و28 نوفمبر سنة 1909.
ومحكمة الزقازيق الجزئية المذكورة سمعت موضوع الدعوى في غيبة المتهمين وحكمت في 2 ديسمبر سنة 1909، أوّلا بعدم جواز نظر دعوى التزوير الموجهة لجورجي أندريا وغبريال عبد السيد لسقوط حق النيابة في رفع الدعوى العمومية لمضى المدّة الطويلة. وثانيا بحبس جورجي أندريا بسنتين مع الشغل نظير تهمة الاستعمال المنسوبة إليه وألزمته بأن يدفع للمدعين بالحق المدني مائتي جنيه تعويضا ومصاريف القضية بأكملها وقدرت له كفالة خمسة آلاف قرش وبأن يدفع للمدّعين أيضا ألف قرش أتعاب محاماة. وثالثا بحبس محمد حسن النوحي ستة شهور بتشغيل نظير تهمته بأداء شهادة مزوّرة أمام المحكمة المدنية في يوم 14 مايو سنة 1907 وأقالته من المصاريف وقدّرت له كفالة ألف قرش وطبقت الواقعتين على مادتي 183 و259 عقوبات.
فرفع المحكوم عليهما معارضة عن هذا الحكم بتقرير في قلم كتاب المحكمة الجزئية تحرّر يوم 8 ديسمبر سنة 1909.
وبجلسة 14 منه طلب الدفاع عن المتهمين إيقاف نظر الموضوع حتى يفصل في الاستئناف الذي حصل منهما عن حكم الدفع الفرعي.
والمحكمة المشار إليها قرّرت برفض هذا الطلب وأخيرا بجلسة 12 يناير سنة 1910 لم يحضر المتهمان وحكمت المحكمة الجزئية بسقوط المعارضة واعتبارها كأن لم تكن وألزمت المعارض بالمصاريف.
فرفع المتهمان استئنافا عن هذا الحكم بتاريخ 20 يناير سنة 1910.
ومحكمة الزقازيق الابتدائية بصفة استئنافية حكمت بتاريخ 14 مارس سنة 1910 بقبول الاستئناف المقدّم من المتهمين عن الحكم الصادر في 24 نوفمبر سنة 1909 في الدفع الفرعي شكلا وقرّرت في موضوع هذا الدفع أوّلا بقبوله فيما يخص الدعوى المدنية وبعدم قبولها. وثانيا برفض الدفع الفرعي فيما يخص الدعوى العمومية وقبولها. وحدّدت يوم 21 مارس سنة 1910 للمرافعة في الاستئناف المرفوع عن حكم الموضوع الصادر بتاريخ 12 يناير سنة 1910 وفيها حكمت المحكمة المذكورة بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وحبس جورجي أندريا سنة بتشغيل عن تهمة الاستعمال وحبس محمد حسن ثلاثة شهور بتشغيل عن تهمة الشهادة الزور وإلزامهما بالمصاريف الجنائية وإلغاء الحكم المستأنف فيما يخص التعويض ورفض طلبات المدّعين بالحق المدني وإلزامهم بمصاريف الدعوى المدنية.
فرفع المتهمان عن هذين الحكمين نقضا وإبراما في الميعاد القانوني وكذا المدعون بالحق المدني.
ومحكمة النقض والإبرام حكمت بتاريخ 4 يونيه سنة 1910 بقبول النقض والإبرام المرفوع من المتهمين والمدّعين بالحقوق المدنية وإلغاء الحكمين المطعون فيهما وإحالة القضية على محكمة مصر الابتدائية الأهلية للحكم فيها مجدّدا.
ومحكمة مصر المشار إليها حكمت بتاريخ 27 فبراير سنة 1912 عملا بالمواد 172 و177 جنايات حضوريا: أوّلا بقبول شكل الاستئنافين المرفوعين من المتهمين عن حكمي محكمة الزقازيق الجزئية الصادر أوّلهما بتاريخ 24 نوفمبر سنة 1909 وثانيهما بتاريخ 12 يناير سنة 1910، وثانيا برفض الدفعين الفرعيين المرفوعين من المتهمين وبعدم سقوط الحق في إقامة الدعوى العمومية بمضي المدّة الطويلة وبقبول دعوى المدعية بالحق المدني وتأييد الحكم الصادر من المحكمة الجزئية في 24 نوفمبر سنة 1909، وثالثا بإثبات تنازل المتهمين عن الدفع الخاص ببطلان الإجراءات أمام المحكمة الجزئية بالنسبة لطلب ردّ أحد القضاة الذي كان حضر بعض الجلسات. ورابعا رفض الدفع المقدّم من النيابة أمام هذه المحكمة واعتبار الاستئناف المرفوع من المتهمين عن حكم 12 يناير سنة 1910 شاملا للحكم الغيابي الصادر في ديسمبر سنة 1909، وخامسا في الموضوع بإلغاء حكمي 2 ديسمبر سنة 1909 و12 يناير سنة 1910 وبراءة المتهمين مما أسند إليهما وبرفض دعوى المدّعين بالحق المدني وإلزامهم بالمصاريف وألفى قرش أتعاب محاماة للمتهمين.
وفى يوم 16 مارس سنة 1912 قررت النيابة العمومية والمدعيان بالحق المدني بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض والإبرام وقدم أحمد رأفت بك المحامي عن ورثة المدّعين بالحق المدني تقريرا بأسباب طعنهم في التاريخ المذكور وقدم سعادة النائب العمومي تقريرا بأسباب طعنه في 16 مارس سنة 1912.


المحكمة

بعد سماع طلبات النيابة العمومية والمحامين والاطلاع على القضية والمداولة قانونا.
من حيث إن طلب النقض صحيح شكلا لتقديمه في الميعاد القانوني.
وحيث إن الوجهين اللذين تستند عليهما النيابة العمومية في تقريرها موضوعهما البحث في مسألة واحدة بشكلين مختلفين. وهما يمتزجان بالوجه الأوّل من التقرير المقدّم من المدّعين بالحق المدني وتتلخص جميعها كما يقول الدفاع في هذه المسألة الوحيدة وهى: الاستئناف المرفوع عن حكم المعارضة القاضي باعتبار المعارضة كأن لم تكن لعدم حضور المعارض يشمل أيضا الحكم الغيابي أم لا.
وحيث إن المبادئ والأحكام القضائية بعد أن تردّدت قليلا في بادئ الأمر قد ثبتت أخيرا ونهائيا بطريقة لا تقبل الجدل فقضت بهذا المعنى وهو أن الاستئناف المرفوع عن الحكم القاضي بسقوط المعارضة يشمل حتما الحكم الأوّل الصادر غيابيا وبناء على ذلك يكون من شأن المحكمة الاستئنافية النظر في موضوع الدعوى بأكمله (حكم نقض وإبرام فرنسا 14 يونيه سنة 1894 بانديكت سنة 1895 جزء أوّل صحيفة 415).
وحيث إن هذا الحل المطابق للعقل هو في الوقت ذاته مطابق تماما للمبادئ القضائية. لأن الحكم بخلاف ذلك ينبني عليه حصر مفعول الاستئناف وجعله قاصرا على حكم سقوط المعارضة فقط فلا يكون إذًا لرافعه أمام محكمة الاستئناف نفس الحالة التي كانت له أمام المحكمة الابتدائية. وهذا غير جائز القبول.
وحيث إن الوجه الثاني من تقرير المدّعين بالحق المدني مبنى على وجود تناقض في بيان الوقائع المكوّنة للجريمة فهذا الوجه لا تأثير له لأن الطعن مرفوع عن حكم براءة وقد استند الحكم فعلا على هذا التناقض من ضمن الأسباب التي بنى عليها البراءة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض النقض والإبرام المرفوع من النيابة العمومية والمدّعين بالحقوق المدنية والزام المدّعين بالمصاريف وستمائة قرش أتعاب محاماة.

الطعن 304 سنة 46 ق جلسة 17 / 1 / 1929 مج عمر ج 1 ق 114 ص 131

جلسة يوم الخميس 17 يناير سنة 1929

برئاسة حضرة صاحب السعادة عبد العزيز فهمى باشا رئيس المحكمة. وحضور حضرات مسيو سودان وأصحاب العزة محمد لبيب عطيه بك وزكى برزي بك وحامد فهمى بك المستشارين.

--------------

(114)
القضية رقم 304 سنة 46 قضائية 
(عبد الرؤوف يوسف أبو جازية ضد النيابة العامة)

الحكم الغيابي. الحكم باعتبار المعارضة كأن لم تكن. استقلال كل منهما عن الآخر. الطعن فيهما بطريق النقض.
(المواد 132 و133 و177 و229 تحقيق جنايات)

-------------
الحكم الغيابي والحكم الصادر باعتبار المعارضة فيه كأن لم تكن هما حكمان مختلفان تمام الاختلاف في طبيعتهما وآثارهما. فالحكم الثاني هو حكم شكلي نتيجته زوال المعارضة وأثرها وعدم إمكان إجرائها مرة أخرى. والحكم الأوّل حكم موضوعي نتيجته ثبوت التهمة على المتهم واستحقاقه نهائيا لما حكم به عليه. ولئن كانا يستويان في إمكان الطعن فيهما بطريق النقض والإبرام لمخالفة قانونية تكون اعتورتهما إلا أن كلا منهما مستقل عن الآخر ويلزم أن يكون الطعن في كل منهما حاصلا في الميعاد القانوني الخاص به كما يلزم أن تكون أسباب الطعن في أيهما متعلقة به هو دون الآخر. وإذن فلا يصح الطعن في حكم اعتبار المعارضة كان لم تكن إذا كانت أسباب الطعن منصبة على الحكم الغيابي (1)   (2) دونه.


الوقائع

اتهمت النيابة هذا الطاعن بأنه في يوم 18 يونية سنة 1927 بناحية أبى الغر بدد أردبا من القمح محجوزا عليه قضائيا من محكمة طنطا الأهلية بصفته حارسا ومالكا له وطلبت عقابه بالمادتين 296 و297 من قانون العقوبات.
ومحكمة جنح كفر الزيات الجزئية الأهلية حكمت بتاريخ 20 سبتمبر سنة 1927 غيابيا وعملا بالمادتين المتقدمتين بحبسه ثلاثة شهور مع الشغل وكفالة 10 جنيهات فاستأنفته النيابة في 22 سبتمبر سنة 1927 وأما الطاعن فقد عارض فيه قبل إعلانه إليه وذلك في يوم 26 سبتمبر سنة 1927 وقد فصل في المعارضة بتاريخ 27 مارس سنة 1928 باعتبارها كأن لم تكن مع إلزامه بمصاريف المعارضة. ولكنه استأنفه في 4 أبريل سنة 1928.
ومحكمة طنطا الابتدائية الأهلية بهيئة استئنافية قضت بتاريخ 10 سبتمبر سنة 1928 غيابيا بقبول الاستئنافين شكلا ورفضهما موضوعا وتأييد الحكم المستأنف.
فعارض فيه الطاعن حيث قضى في المعارضة بتاريخ 4 نوفمبر سنة 1928 باعتبارها كأن لم تكن. وبعدئذ سلك ملجأه الأخير إذ قرر بالطعن حضرة الأستاذ محمد نجيب محمد المحامي نيابة عن حضرة الأستاذ مصطفى الشوربجي بك الوكيل عن الطاعن وذلك في يوم 11 نوفمبر سنة 1928 وأردفه بتقرير عن وجوه طعنه في نفس اليوم.


المحكمة

بعد سماع المرافعة الشفوية والاطلاع على الأوراق والمداولة قانونا.
حيث إن الأستاذ مصطفى بك الشوربجي المحامي الثابتة وكالته عن المتهم بمقتضى توكيل مصدق عليه من محكمة بندر طنطا في 15 نوفمبر سنة 1928 نمرة 18 سنة 1929 قد قرّر في الميعاد بالطعن بطريق النقض والإبرام في حكم محكمة الجنح الاستئنافية الصادر في 4 نوفمبر سنة 1928 باعتبار المعارضة كأن لم تكن. وكان هذا التقرير بواسطة زميل من المحامين ناب عنه في ذلك ثم قدم تقريرا بأسباب الطعن في الميعاد أيضا فالطعن صحيح شكلا لأن توكيله عن المتهم ثابت رسميا ونيابة زميله عنه ثابتة بتقدمه لقلم الكتاب وبيده ورقة التوكيل المذكور ثم باعتماد الشوربجي بك لهذه الإنابة بما ذكره ضمنا في ديباجة تقرير الأسباب.
وحيث إنه بالرجوع لتقرير الأسباب وجدت موجهة على الحكم الذي كان معارضا فيه وهو الحكم الغيابي الصادر من محكمة الجنح الاستئنافية في 10 سبتمبر سنة 1928.
وحيث إن الحكم الذي حصل التقرير بالطعن فيه هو حكم 4 نوفمبر سنة 1928 القاضي باعتبار المعارضة كأن لم تكن فهو وحده الذي يسوغ لمحكمة النقض أن تنظر في صحته أو بطلانه. وبما أن الأسباب المقدمة غير متعلقة به فهي غير جائزة القبول. وهذا الحكم باق إذن على سلامته منتج لكل آثاره وأخصها أن الحكم الاستئنافي الغيابي الصادر في 10 سبتمبر سنة 1928 أصبح من تاريخ انقضاء ميعاد المعارضة فيه نهائيا غير قابل لأى معارضة أخرى لدى المحكمة الصادر هو منها. وكل ما قد يقبله هو إمكان الطعن فيه بطريق النقض والإبرام لو فرض وكان باب هذا الطعن لا زال مفتوحا لم يستغلق لفوات ميعاده.
وحيث إن المتهم بطعنه على حكم اعتبار المعارضة كأن لم تكن ثم بتقديمه أسبابا لا ترجع إلا للحكم الغيابي الذي كان معارضا فيه يدمج الحكمين أحدهما في الآخر ويعتبرهما كحكم واحد مع أنهما مختلفان تمام الاختلاف في طبيعتهما وآثارهما إذ الأوّل حكم شكلي نتيجته زوال المعارضة وأثرها وعدم إمكان إجرائها مرة أخرى والثاني حكم موضوعي نتيجته ثبوت التهمة على المتهم واستحقاقه نهائيا لما حكم به عليه، ولئن كانا يستويان في إمكان الطعن فيهما بطريق النقض والإبرام لمخالفة قانونية تكون اعتورتهما إلا أن كلا منهما مستقل عن الآخر ويلزم أن يكون الطعن في كل منهما حاصلا في الميعاد القانوني الخاص به الذي يبتدئ بالنسبة للأوّل من تاريخ إعلانه لما أنه من قبيل الأحكام الغيابية الغير الجائز فيها المعارضة وبالنسبة للثاني من تاريخ انقضاء ميعاد المعارضة فيه. كما يلزم أيضا أن تكون أسباب الطعن في أيهما متعلقة به دون الآخر.
وحيث إنه لذلك يتعين عدم قبول الطعن.

فبناء عليه

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبعدم قبوله موضوعا.


 (1) هذا الحكم منصب في الحقيقة على مسألة أسباب الطعن التي كانت هي المسألة الأصلية المطروحة أمام المحكمة. وأما مسألة ميعاد الطعن فالظاهر أن الإشارة إليها جاءت عرضا والمعوّل عليه فيها هو ما انتهت إليه محكمة النقض أخيرا بحكميها الصادرين في 25 يناير سنة 1932 فيالقضية رقم 42 سنة 1 قضائية وفي 15 فبراير سنة 1932 في القضية رقم 532 سنة 2 قضائية فليتنبه.
 (2) انظر عكس ذلك الحكم الصادر من محكمة النقض في 4 مايو سنة 1912 في القضية رقم 487 سنة 12 (طعن النيابة العمومية وآخرين ضدّ جورجي أندريا وآخر) برياسة جناب المستر بوند والحكم الصادرفي 19 يناير سنة 1918 برياسة المستر هالتون في القضية رقم 244 سنة 35 ق (الطعن المقدّم من أحمد عبد الله خطاب ضدّ النيابة العامة وآخر).

الطعن 2425 سنة 46 ق جلسة 14 / 11 / 1929 مج عمر ج 1 ق 329 ص 378

جلسة يوم الخميس 14 نوفمبر سنة 1929

برياسة حضرة صاحب السعادة عبد العزيز فهمى باشا رئيس المحكمة.

--------------

(329)
القضية رقم 2425 سنة 46 قضائية

حكم غيابي. حكم باعتبار المعارضة كأن لم تكن. عدم اندماجهما.
(المواد 132 و133 و177 و229 و231 تحقيق)

---------------
جرى قضاء محكمة النقض على عدم اندماج الحكم الغيابي في الحكم الصادر باعتبار المعارضة فيه كأن لم تكن وبجواز الطعن في كل منهما بطريق النقض في ميعاده على أن يقدّم الطاعن فيما يطعن فيه منهما أوجه الطعن الخاصة به (1).


 (1) انظر المبدأ رقم 114 والتعليق عليه.

الطعن 12205 لسنة 84 ق جلسة 20 / 11 / 2016 مكتب فني 67 ق 128 ص 814

جلسة 20 من نوفمبر سنة 2016
برئاسة السيد القاضي/ سيد عبد الرحيم الشيمي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمد عبد المحسن منصور، شهاوي إسماعيل عبد ربه، هشام عبد الحميد الجميلي ومصطفى حمدان نواب رئيس المحكمة.
----------------

(128)
الطعن رقم 12205 لسنة 84 القضائية

(1) مسئولية "المسئولية التقصيرية: المسئولية عن الأعمال الشخصية: من صور المسئولية التقصيرية: مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة".
علاقة التبعية. قيامها بتوافر الولاية في الرقابة والتوجيه. مناطها. م174/ 2 مدني.

(2 ، 3) مقاولة "عقد المقاولة من الباطن: علاقة التبعية بين المقاول الأصلي والمقاول من الباطن".
(2) عدم تبعية المقاول من الباطن للمقاول الأصلي. علة ذلك.

(3) ثبوت استقلالية الشركة المطعون ضدها بتنفيذ المقاولة دون خضوع لرقابة وإشراف وتوجيه الشركة الطاعنة. مؤداه. عدم تحقق مسئولية الأخيرة عن الحوادث والأضرار التي تقع للممتلكات أو الغير بسبب العمل. علة ذلك. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. مخالفة للثابت بالأوراق وخطأ.

-----------------

1 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن مؤدى نص الفقرة الثانية من المادة 174 من القانون المدني أن علاقة التبعية تقوم كلما توافرت الولاية في الرقابة والتوجيه بحيث يكون للمتبوع سلطة فعلية في إصدار الأوامر إلى التابع في طريقة أداء عمله وفي الرقابة عليه في تنفيذ هذه الأوامر ومحاسبته على الخروج عليها.

2 - المقاول من الباطن غير خاضع لتوجيه المقاول الأصلي أو إشرافه أو رقابته بل يعمل مستقلا عنه ولا يعتبر تابعا له والعلاقة بينهما ينظمها عقد المقاولة من الباطن.

3 - إذ كان الثابت من الأوراق ومما حصله الحكم المطعون فيه أن الشركة الطاعنة - مقاول أصلي - عهدت بموجب عقد مقاولة من الباطن مؤرخ 20/ 12/ 2005 إلى الشركة المطعون ضدها ثالثا بإنشاء صهريج مياه لصالح الشركة المطعون ضدها ثانيا واشترطت عليها في هذا العقد التزامها بمواصفات واشتراطات السلامة الصحية والمهنية المطبقة لدى الشركة الأخيرة ومسئوليتها الكاملة عن الحوادث والأضرار التي تقع للممتلكات أو للغير نتيجة العمل في ظروف غير آمنة، مما مفاده استقلال الشركة المطعون ضدها ثالثا بتنفيذ المقاولة دون خضوع لرقابة وإشراف وتوجيه الشركة الطاعنة، ومن ثم فلا تسأل الأخيرة عنها مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه بل يحكم العلاقة بينهما عقد المقاولة من الباطن الذي رتب المسئولية إلى جانب الشركة المطعون ضدها ثالثا دونها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد خالف الثابت بالأوراق وأخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه نقضا جزئيا فيما قضى به قبل الشركة الطاعنة، ولا يغير من ذلك ما أورده الحكم المطعون فيه بأسبابه من أن محكمة أول درجة خلصت إلى ثبوت الخطأ في جانب الشركة الطاعنة استنادا إلى حجية الحكم الجنائي، إذ الثابت أن حكم أول درجة أورد بأسبابه سقوط الدعوى الجنائية قبل الشركة الطاعنة وأسند إليها الخطأ بقالة تضامنها والمطعون ضدها ثالثا بتوفير وسائل السلامة والصحة المهنية بموقع العمل.

---------------

الوقائع

حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدهم أولا أقاموا على الشركة الطاعنة والمطعون ضدهما ثانيا وثالثا الدعوى رقم ... لسنة 2008 مدني السويس الابتدائية، بطلب الحكم بإلزامهم بالتضامم بأن يؤدوا لهم ثلاثمائة ألف جنيه تعويضا ماديا وأدبيا وموروثا عن الأضرار التي حاقت بهم وبمورثهم، وقالوا بيانا لذلك إنه أثناء عمل مورثهم لدى الشركة المطعون ضدها ثالثا سقط قتيلا من أعلى صهريج مياه كانت قد عهدت الشركة الطاعنة - مقاول أصلي - للشركة الأخيرة "مقاول من الباطن" بتنفيذه لصالح الشركة - المطعون ضدها ثانيا، وإذ حدثت وفاة مورثهم نتيجة عدم توافر وسائل السلامة والصحة المهنية في أماكن العمل، فقد أقاموا الدعوى، والمحكمة أجابتهم إلى التعويض الذي قدرته بحكم استأنفه المطعون ضدهم لدى محكمة استئناف الإسماعيلية - مأمورية السويس - بالاستئناف رقم ... سنة 35 ق، واستأنفته الشركة الطاعنة لدى ذات المحكمة بالاستئناف رقم ... سنة 35 ق، كما استأنفته الشركة المطعون ضدها ثانيا بالاستئناف رقم ... لسنة 35 ق، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافات الثلاثة قضت بتاريخ 29/ 4/ 2014 بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفضه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.

-------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، إذ ألزمها والمطعون ضدهما ثانيا وثالثا بالتعويض الذي فرضه للمطعون ضدهم أولا، في حين أنها أسندت العملية التي نشأ عنها الحادث للمطعون ضدها ثالثا - كمقاول من الباطن - واشترطت عليها في عقد المقاولة من الباطن مسئوليتها وحدها عن جميع الأضرار التي تحدث للعمال والغير والممتلكات أثناء قيامها بتنفيذ العملية وهو ما يرتب مسئولية الأخيرة عن التعويض دونها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأن مؤدى نص الفقرة الثانية من المادة 174 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن علاقة التبعية تقوم كلما توافرت الولاية في الرقابة والتوجيه بحيث يكون للمتبوع سلطة فعلية في إصدار الأوامر إلى التابع في طريقة أداء عمله وفي الرقابة عليه في تنفيذ هذه الأوامر ومحاسبته على الخروج عليها، وأن المقاول من الباطن غير خاضع لتوجيه المقاول الأصلي أو إشرافه أو رقابته بل يعمل مستقلا عنه ولا يعتبر تابعا له والعلاقة بينهما ينظمها عقد المقاولة من الباطن. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق ومما حصله الحكم المطعون فيه أن الشركة الطاعنة - مقاول أصلي - عهدت بموجب عقد مقاولة من الباطن مؤرخ 20/ 12/ 2005 إلى الشركة المطعون ضدها ثالثا بإنشاء صهريج مياه لصالح الشركة المطعون ضدها ثانيا واشترطت عليها في هذا العقد التزامها بمواصفات واشتراطات السلامة الصحية والمهنية المطبقة لدى الشركة الأخيرة ومسئوليتها الكاملة عن الحوادث والأضرار التي تقع للممتلكات أو للغير نتيجة العمل في ظروف غير آمنة، مما مفاده استقلال الشركة المطعون ضدها ثالثا بتنفيذ المقاولة دون خضوع لرقابة وإشراف وتوجيه الشركة الطاعنة، ومن ثم فلا تسأل الأخيرة عنها مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه بل يحكم العلاقة بينهما عقد المقاولة من الباطن الذي رتب المسئولية إلى جانب الشركة المطعون ضدها ثالثا دونها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد خالف الثابت بالأوراق وأخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه نقضا جزئيا فيما قضى به قبل الشركة الطاعنة، ولا يغير من ذلك ما أورده الحكم المطعون فيه بأسبابه من أن محكمة أول درجة خلصت إلى ثبوت الخطأ في جانب الشركة الطاعنة استنادا إلى حجية الحكم الجنائي، إذ الثابت إن حكم أول درجة أورد بأسبابه سقوط الدعوى الجنائية قبل الشركة الطاعنة وأسند إليها الخطأ بقالة تضامنها والمطعون ضدها ثالثا بتوفير وسائل السلامة والصحة المهنية بموقع العمل.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، يتعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به قبل الشركة الطاعنة.