الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الاثنين، 4 أغسطس 2025

الطعن 1705 لسنة 36 ق جلسة 30 / 5 / 1992 إدارية عليا مكتب فني 37 ج 2 ق 166 ص 1517

جلسة 30 من مايو سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد المنعم عبد العظيم جيره - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ رأفت محمد يوسف ومحمد مجدي محمد خليل وجوده عبد المقصود فرحات وأحمد إبراهيم عبد العزيز - نواب رئيس مجلس الدولة.

---------------

(166)

الطعن رقم 1705 لسنة 36 القضائية

لائحة المناقصات والمزايدات - لجنة التثمين - مسئولية أعضائها.
اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 9 لسنة 1983 - تلتزم لجنة التثمين بالاسترشاد بأثمان البيع السابقة وأسعار السوق وتكلفة الحصول على الأصناف من واقع الفواتير أو القيمة التقديرية - مخالفة هذا الالتزام يرتب مسئولية أعضاء اللجنة - يشترك في هذه المخالفة جميع أعضائها بغير استثناء - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 10/ 4/ 1990 أودع الأستاذ إبراهيم محمد إسماعيل المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ ...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1705 لسنة 36 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة الصناعة بجلسة 24/ 2/ 1990 في الدعوى التأديبية رقم 53 لسنة 30 القضائية.
وفي يوم الثلاثاء الموافق 24/ 4/ 1990 أودع الأستاذ حسن مطاوع المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ ...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1938 لسنة 36 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة الصناعة بجلسة 24/ 2/ 1990 في الدعوى رقم 53 لسنة 30 القضائية.
وفي يوم الأحد الموافق 29/ 4/ 1990 أودع الأستاذ غبريال إبراهيم غبريال المحامي بصفته وكيلاً عن.... و.... و.... و.... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1978 لسنة 36 القضائية في حكم المحكمة التأديبية لوزارة الصناعة بجلسة 24/ 2/ 1990 في الدعوى رقم 53 لسنة 30 القضائية.
وقد قضى حكم المحكمة التأديبية المطعون فيه بمجازاة الطاعن الأول بخفض أجره بمقدار علاوة واحدة، ومجازاة الطاعن الثاني بخفض أجره مقدار علاوة واحدة ومجازاة الطاعنين بخصم شهر من راتب كل منهم.
وطلب الطاعنون - للأسباب الواردة بصحف طعنهم - الحكم بقبول الطعون الثلاثة شكلاً، وفي الموضوع، بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بالبراءة عدا الطاعن الثاني...... الذي طلب تعديل الجزاء ليتناسب مع المخالفة المنسوبة إليه.
وقد أعلنت صحف الطعون سالفة الذكر على النحو المبين بالأوراق، وقدمت هيئة مفوضي الدولة ثلاثة تقارير انتهت فيها إلى طلب الحكم بقبول الطعون شكلاً، ورفضها موضوعاً.
ونظرت الطعون سالفة الذكر أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة، التي قررت بجلسة 11/ 12/ 1991 ضم الطعون أرقام 1938، 1987 و1705 لسنة 36 القضائية ليصدر فيها حكم واحد، وبجلسة 26/ 2/ 1992 قررت الدائرة إحالة الطعون إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) وحددت لنظرها جلسة 11/ 4/ 1992 وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن، قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 24/ 2/ 1990 وقدم الطعن الأول في 10/ 4/ 1990 والطعن الثاني في 24/ 4/ 1990 والطعن الثالث في 29/ 4/ 1990 وكانت الفترة من 25/ 4/ 1990 حتى 28/ 4/ 1990 - عطلة عيد الفطر المبارك - ومن ثم فإن الطعون الأربعة قد استوفت سائر أوضاعها الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 21/ 3/ 1988 أودعت النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة التأديبية لوزارة الصناعة تقرير اتهام ضد كل من: -
1 - ...... مدير إدارة المخازن بالإدارة العامة للإمداد والتموين بالهيئة المصرية العامة للطيران المدني.
2 - ....... أمين خزانة ومندوب صرف بالإدارة العامة لصلاحية الطائرات بالهيئة المصرية العامة للطيران المدني.
3 - ...... أمين مخزن بالهيئة المصرية العامة للطيران المدني.
4 - ...... أخصائي أمن بالإدارة العامة لأمن الهيئة المصرية العامة للطيران المدني.
5 - ...... مهندس بالإدارة العامة للتخطيط وإنشاء المطارات بالهيئة المصرية العامة للطيران المدني.
6 - ..... رئيس قسم النجارة بالهيئة المصرية العامة للطيران المدني.
7 - ..... موظف بالإدارة العامة للحسابات بالهيئة المصرية العامة للطيران المدني.
8 - ...... مدير إدارة المخزون السلعي بالهيئة المصرية العامة للطيران المدني.
9 - ...... مدير إدارة المخزون الرئيس الحالي بالإدارة العامة للإمداد والتموين بالهيئة المصرية العامة للطيران المدني.
10 - ...... مدير إدارة المخازن الرئيسية بالهيئة المصرية العامة للطيران المدني.
لأنهم في الفترة من عام 1983 وحتى 29/ 11/ 1986 لم يؤدوا العمل المنوط بهم بدقة وخالفوا القواعد المخزنية والمالية وأتوا ما يرتب عليه الإضرار بمصالح الهيئة المالية بأن: - الأول:
1 - أشرك الثالث بلجنة الفتح والتسليم بدلاً من عضو اللجنة/ ..... رغم أنه يعمل أمين مخزن بالمخالفة للمادة 334 من لائحة المخازن.
2 - لم يخطر أمين المخزن/ ...... بفتح المخزن الموجود به الأخشاب عند تسليم التاجر الأخشاب الموجودة به محل التحقيق بالمخالفة للمادة 39 من لائحة المخازن.
3 - لم يقم بجرد الأخشاب محل التحقيق عند قيامه بالجرد في 30/ 6/ 1986 رغم علمه بوجود الأخشاب ورغم وجود مفتاح المخزن الموجودة به مما ساعد على وجود فرق بين الكمية المعلن عنها والكمية المسلمة للتاجر.
من الأول حتى الرابع: - بوصفهم أعضاء لجنة الفتح والتسليم.
1 - قاموا بالتوقيع على مستند الصرف المؤرخ 3/ 11/ 1986 الذي يتضمن تسليم التاجر كمية 46 طن خشب وحرروا محاضر فتح صورية مبيناً بها كميات مختلفة من الأخشاب في الفترة من 3/ 11/ 1986 وحتى 26/ 11/ 1986 مجموعها 46 طن بما يتفق مع المدون بمستند الصرف وذلك أدى إلى ظهور فرق كبير بين الكمية المعلن عن بيعها وهي مائة طن والكمية المثبتة بمستند الصرف المذكور مما جعل التاجر يطالب بقيمة الفرق وهو 54 طناً التي سبق سداد قيمتها.
2 - لم يقوموا بإجراء وزن فعلي دقيق للخشب عند تسليمه للتاجر مما أدى إلى وجود الفروق السالف الإشارة إليه وحرمان الموازنة من قيمته.
من الخامس وحتى الثامن: بوصفهم أعضاء لجنة التثمين.
قاموا بتقدير قيمة الطن من الأخشاب محل التحقيق - 150 في حين أن القيمة الدفترية له 250 مما أدى إلى وجود فرق السعر مبلغ 100 عن كل طن، وأدى إلى حرمان الموازنة من هذا المبلغ دون مبرر.
التاسع 1 - لم يوقع على مستند تسلم الأخشاب المؤرخ 10/ 12/ 1984 مما أدى إلى عدم إثبات الكمية المدرجة بدفتر العهدة 118 ع. ح ودفتر الشطب، وكذلك أدى إلى عدم إجراء جرد لكمية الأخشاب منذ التاريخ المذكور حتى جلسة المزاد في 22/ 10/ 1986 وترتب على ذلك عدم وجود رقابة وعدم معرفة ما إذا كان هناك تلاعب في صرف هذه الأخشاب من عدمه.
2 - لم يتخذ الإجراءات المخزنية اللازمة نحو قيد كمية الأخشاب محل التحقيق بدفتر العهدة 118 ع. ح والشطب ولم ينبه مندوب الجرد بوجود أخشاب عند جرد عهدته.
3 - لم يقم بإخطار الثاني بصفته مدير إدارة المخزون السلعي باستنزال كمية الأخشاب المنصرفة من الخشب محل التحقيق قبل جلسة المزاد في 22/ 10/ 1986.
العاشر: -
1 - حرر مستند تسلم رقم 208093 في 10/ 12/ 1984 وقدر كمية الأخشاب التي دخلت المخازن - مخزن 2 - بمائة طن دون إجراء وزن فعلي لتحديد كميتها، وقام بالتوقيع على إحدى صور المستند فقط دون الأصل وباقي الصور، ودون أن يوقع أمين المخزن على المستند وصوره، مما أدى إلى عدم إثبات الكمية بدفتر العهدة والشطب.
3 - أهمل في الإشراف على أعمال التاسع ومتابعتها مما أدى إلى عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة نحو وزن الأخشاب واستنزال المنصرف منها، وإجراء جرد لها، مما كان من شأنه عدم تحديد كمية الفعلية للأخشاب، وعدم معرفة العجز على النحو الموضح بالأخشاب.
وطلبت النيابة الإدارية محاكمة المخالفين المذكورين بالمواد 76/ 1 و77/ 3 و4 و80 و82 و88 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 المعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983 والمادتين 14 و26/ 2 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية المعدل بالقانون رقم 171 لسنة 1981، والمادة الأولى من القانون رقم 19 لسنة 1959 بشأن سريان قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية على العاملين بالهيئات العامة المعدل بالقانون رقم 172 لسنة 1981 والمادة 13 من القانون رقم 61 لسنة 1963 بشأن الهيئات العامة، والمادتين 15 و19 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
وبجلسة 24/ 2/ 1990 قضت المحكمة بمجازاة الأول والثاني والثالث والرابع بخفض أجر كل منهم بمقدار علاوة واحدة، ومجازاة الخامس والسادس والسابع والثامن بخصم شهر من راتب كل منهم، ومجازاة التاسع بخصم شهرين من راتبه، وبمجازاة العاشر بغرامة تعادل أجره الشهري الذي كان يتقاضاه عند ترك الخدمة.
وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة لما هو مسند إلى الأول والثاني على أن الثابت من الأوراق والتحقيقات أنهما بوصفهما ضمن أضاء لجنة الفتح والتسليم التي يناط بها فتح المخزن وتسليم مائة طن أخشاب راكدة إلى التاجر الراسي عليه المزاد، قد قاما بالتوقيع على مستند الصرف المؤرخ 3/ 11/ 1986 الذي تضمن تسليم التاجر كمية 46 طن خشب وتحرر عن ذلك محاضر فتح وتسليم صورية تضمنت أن كمية الأخشاب المسلمة 46 طن خشب بما يتفق مع مستند الصرف، مما أدى إلى وجود فارق بين الكمية المعلن عنها والموجودة بالمخازن وهي مائة طن والكمية الثابت تسليمها للتاجر، مما أدى إلى مطالبته برد قيمة 54 طناً لم يتسلمها، في حين أن أعمال التسليم لم تنته إلا في 26/ 11/ 1986 مما يؤكد صورية محاضر الفتح والتسليم.
وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة للمخالفات المنسوبة إلى الخامس والسادس والسابع والثامن على أن الثابت من الأوراق والتحقيقات أنه تم تشكيل لجنة لتقدير ثمن الأخشاب محل التحقيقات برئاسة الثامن وعضوية الباقين، وقد ورد لهذه اللجنة كتاب مدير إدارة رقابة المخزون السلعي المؤرخ 27/ 1/ 1985 متضمناً تقدير سعر كيلو الخشب بمبلغ يتراوح بين 35 و70 قرشاً وحساب السعر الدفتري بمبلغ 300 مليم للكيلو، وقد تأشر على هذا الكتاب من مدير عام الإمداد والتموين باعتبار سعر الكيلو 250 مليماً، إلا أن اللجنة قد تغاضت عن هذا السعر وقامت بتقدير طن الخشب بمبلغ 150 مليماً بالمخالفة للقيمة الدفترية ودون مراجعة المختصين.
وينعى الطاعن الأول (.....) على الحكم المطعون فيه.
أولاً: مخالفة نصوص القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، ذلك أن الدعوى التأديبية كانت قد سقطت بالتقادم قبل الطاعن طبقاً لنص المادة 91 من القانون رقم 47 لسنة 1978، كما أن الحكم ساير النيابة الإدارية في فهمها الخاطئ للواقعة، والزعم بأن ما يدور من الطاعن وباقي المخالفين يشكل جريمة تأديبية استناداً إلى أنهم أضاعوا على الدولة ثمن 54 طناً التي قام التاجر بسداد ثمنها، علماً بأن المخزن لم يكن به سوى 46 طناً.
ثانياً: البطلان والقصور في التسبيب، لأن الطاعن غير مسئول عن الأعمال المخزنية لأنه اشترك في اللجنة كعضو عن الحسابات وأن مأموريته تنحصر في التوقيع على المحاضر دون الأعمال المخزنية، كما أن التوقيع على المحاضر في مكتبه كذنب إداري، لا يتناسب مع الجزاء الذي حكمت به المحكمة.
ويقيم الطاعن الثاني (.....) طعنه على أساس عدم تناسب الجزاء مع الخطأ الإداري.
ويقيم الطاعنون الخامس والسادس والسابع والثامن، طعنهم على أن الحكم أخطأ في استيعاب الواقعة وخالف القانون ذلك أن الأخشاب المباعة ليس لها قيمة دفترية، لأن جهة الإدارة لم تقم أصلاً بشراء هذه الأخشاب حتى تكون لها قيمة دفترية طبقاً للوارد بفواتير الشراء، إنما الأخشاب عبارة عن صناديق كسر وبكرات حيث كانت الهيئة قد اشترت معدات وأجهزة معبأة في صناديق خشبية أو ملفوفة على بكرات وقد تم استعمال المعدات والأجهزة وتخلفت الأخشاب، كما أن لجنة التثمين هي التي تملك وحدها وضع قيمة تقديرية للأخشاب، وقد راعت عند تقدير هذه القيمة أسعار البيوع السابقة وحالة الصنف وتكليف العمالة الملقاة على عاتق المشتري وتحميل الأخشاب ونقلهما وضمان البيع بأكبر حصيلة والتخلص من المخزون الراكد.
ومن حيث إنه بالنسبة لما دفع به الطاعن الأول من سقوط الدعوى التأديبية، فإن المادة 91 من القانون رقم 47 لسنة 1978 تنص على أنه (تسقط الدعوى التأديبية بالنسبة للعامل الموجود بالخدمة بمضي ثلاث سنوات من تاريخ ارتكاب المخالفة.
وتنقطع هذه المدة بأي إجراء من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وتسري المدة من جديد ابتداءً من آخر إجراء....).
ومن حيث إن المخالفة التي تنسب للطاعن هي توقيعه على مستند الصرف المؤرخ في 3/ 11/ 1986 الذي يتضمن تسليم التاجر كمية 46 طن خشب وحرر محاضر فتح وتسليم صورية في المدة من 3/ 11/ 1986 حتى 26/ 11/ 1986، فإن الثابت من الأوراق أن الموضوع أحيل للنيابة الإدارية في 29/ 4/ 1987، وقامت النيابة الإدارية بالتحقيق في 13/ 5/ 1987 أي قبل مضي سنة من تاريخ ارتكاب المخالفة، بالتالي يكون الدفع بسقوط الدعوى التأديبية غير مستند إلى أساس سليم من القانون ويتعين رفضه.
ومن حيث إنه عن السبب الثاني من أسباب الطعن، الذي يذهب إلى أن الطاعن غير مسئول عن الأعمال المخزنية، لأنه اشترك في اللجنة كعضو عن الحسابات، وأن علمه ينحصر في التوقيع على المحاضر دون الأعمال المخزنية، فإن التهم التي حوكم الطاعن من أجلها حسبما وردت في قرار الاتهام أنه بوصفه عضواً بلجنة الفتح والتسليم قام بالتوقيع على مستند الصرف المؤرخ 3/ 11/ 1986 الذي يتضمن تسليم التاجر كمية 46 طن خشب وحررت اللجنة - التي كان عضواً بها - محاضر تسليم صورية، ولم يقوموا بإجراء وزن فعلي دقيق للخشب، وقد دللت النيابة الإدارية على صورية محاضر التسليم بما ثبت لها من توقيع مستند الصرف الذي يتضمن تسليم التاجر 46 طن خشب في 3/ 11/ 1986، في حين أن محاضر الفتح والتسليم لم تنته إلا في 26/ 11/ 1986، وقد أدانت المحكمة التأديبية الطاعن عن التهم الواردة بقرار الاتهام، إذ لم يبد دفاعاً مقبولاً ينفي عن نفسه هذه المخالفات، بل قرر أنه اشترك في اللجنة كعضو من الحسابات، وقام بالتوقيع على المحاضر بمكتبه بعد أن أحضرها له أمين المخزن......، كما قرر أنه لم يحضر عملية فتح المخزن ولم يشاهد الأخشاب، ومن ثم يكون الحكم قد أصاب الحق في قضائه بثبوت المخالفات في حق الطاعن.
ومن حيث إنه عما ورد بهذا الطعن، وبالطعن المقدم من الثالث - عضو لجنة الفتح والتسليم سالفة الذكر - من أن الجزاء الموقع على كل منهما وهو خفض الأجر بمقدار علاوة واحدة لا يتناسب والمخالفات الثابتة في حقهما، فإن ما ثبت في حق الطاعنين هو الإهمال في أعمال اللجنة التي كلفا بعضويتها دون أن يثبت أن ثمة تواطؤاً بينهما وبين التاجر الذي رسا عليه المزاد، كما أن التحقيقات ذاتها أثبتت خطأ المسئولين عن المخازن بعدم إجراء أي جرد للأخشاب من تاريخ ورودها للمخازن حتى جلسة المزاد في 22/ 10/ 1986، وعدم استنزال ما صرف من الأخشاب من عهدة المخزن، ومن ثم فإن ما نسب إليهما ليس على درجة من الجسامة بحيث يستأهل العقوبة التي قضى بها الحكم المطعون فيه وقد استقر قضاء هذه المحكمة على أنه إذا كان للسلطات التأديبية ومن بينها المحاكم التأديبية سلطة تقدير خطورة الذنب الإداري وما يناسبه من جزاء، فإن مناط مشروعية هذه السلطة ألا يشوب استعمالها غلو، ومن صور هذا الغلو عدم الملاءمة الظاهرة بين درجة خطورة هذا الذنب وبين نوع الجزاء ومقداره، ففي هذه الحالة يخرج التقدير من نطاق المشروعية إلى نطاق عدم المشروعية.
ولما كان حكم المحكمة المطعون فيه إذ قضى بمجازاة كل من الثاني والثالث، بخفض أجر كل منهما بمقدار علاوة، قد جاوز - بالنظر للظروف السابق إيضاحها - حد الملاءمة بين الذنب والجزاء، فإنه يتعين إلغاء الحكم فيما قضى به من توقيع عقوبة خفض الأجر بمقدار علاوة، والاكتفاء بمجازاة كل منهما بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه.
ومن حيث إن الطعن المقدم من الخامس والسادس والسابع والثامن يقوم على أن الأخشاب التي تم بيعها ليست لها قيمة دفترية، لأن جهة الإدارة لم تقم بشرائها أصلاً حتى تكون لها قيمة دفترية وأن لجنة التثمين هي التي تملك وحدها وضع القيمة التقديرية للأخشاب.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه في 12/ 6/ 1986 تقدم مدير عام الإمداد والتموين بالهيئة بمذكرة إلى السيد رئيس الإدارة المركزية للشئون الهندسية طلب فيها الموافقة على تصريف المخزون السلعي الراكد من أخشاب الطرود والبكرات عن طريق البيع بالمزاد العلني، وتشكيل لجنة لتتولى عملية التثمين، على أن يراعى في تشكيلها، ما أوصت به وزارة المالية من ضرورة توافر الخبرة والدراية، على أن تسترشد اللجنة عند تقدير الأسعار بالسعر الأساسي للصنف وحالته والأسعار السائدة بالسوق، وقد صدر قرار تشكيل اللجنة برئاسة السيد/ ........ مهندس بالإدارة العامة للتخطيط وإنشاء المطارات وعضوية.
..... رئيس قسم النجارة بالهيئة.
..... مندوب عن إدارة الحسابات.
..... مدير إدارة المخزون السلعي.
ومن حيث إن المادة 107 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 9 لسنة 1983 تنص على أن يصدر رئيس الإدارة المركزية أو رئيس المصلحة المختص قراراً بتشكيل لجنة التثمين برئاسة موظف مسئول وعضوية مدير المخازن أو من ينيبه عنه ومندوب عن إدارة الحسابات وموظف فني أو أكثر من الجهة ذاتها أو من جهات أخرى لها ارتباط وثيق بالأصناف المرغوب بيعها يصاحب اللجنة أمين المخازن لإرشادها إلى الأصناف المراد بيعها دون أن يشترك في عملية التثمين.
وعلى اللجنة أن تسترشد بأثمان البيع السابقة وبحالة السوق مع مراعاة حالة الأصناف وتكلفة الحصول عليها وعمرها الاستعمالي والنسب المقررة لإهلاكها وغيرها من عناصر تقدير الثمن بما يكفل تحقيق المصلحة المالية للدولة.
ويبين من النص المتقدم أن لجنة التثمين تلتزم بالاسترشاد بأثمان البيع السابقة وبأسعار السوق وتكلفة الحصول على الأصناف، فإن هي أغفلت هذه الإجراءات ولم تسترشد بتكلفة الحصول على الأصناف من واقع الفواتير أو القيمة التقديرية، فإنها تكون قد ارتكبت مخالفة تأديبية، ويشترك في هذه المخالفة جميع أعضاء اللجنة بغير استثناء، لأن اللائحة ألقت عبء ذلك على اللجنة بكاملها ولم تقصره على بعض أعضائها دون البعض الآخر.
وإذا كان الثابت من الأوراق أن مدير عام الإمداد والتموين بالهيئة قرر قيمة تقديرية للأخشاب باعتبارها من الأصناف الراكدة ولا توجد لها فواتير شراء - واعتد بهذه القيمة وتضمنها بيان المخزون السلعي الراكد والخردة والكهنة وحددت قيمة الأخشاب على أساس 250 للكيلو ولم تقم لجنة التثمين بالاسترشاد بهذه القيمة، وحددت ثمناً للأخشاب بواقع 150 للكيلو فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب الحق فيما انتهى إليه من ثبوت المخالفة في حق الطاعنين، إلا أنه لما كان التحقيق الذي أجرته النيابة الإدارية لا يثبت منه أن أحداً من أعضاء اللجنة قد قصد الإضرار أو تغيا منفعة ذاتية لنفسه أو لغيره، فإن ما نسب إليهم في ضوء الظروف المتقدمة ليس من الجسامة بحيث يستأهل العقوبة التي قضى بها الحكم المطعون فيه، الأمر الذي ترى معه هذه المحكمة إلغاء الحكم فيما قضى به من توقيع عقوبة خصم شهر من راتب كل منهم، والاكتفاء بمجازاة كل منهم بخصم خمسة أيام من راتبه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، فيما قضى به من مجازاة الثاني والثالث بخفض اجر كل منهما بمقدار علاوة، ومجازاة كل من الخامس والسادس والسابع والثامن بخصم شهر من راتب كل منهم والاكتفاء بمجازاة كل من الثاني والثالث بخصم خمسة عشر يوماً من راتب كل منهما ومجازاة الخامس والسادس والسابع والثامن بخصم خمسة أيام من راتب كل منهم.

الطعن 333 لسنة 36 ق جلسة 26 / 5 / 1992 إدارية عليا مكتب فني 37 ج 2 ق 165 ص 1513

جلسة 26 من مايو سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكروري - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ عويس عبد الوهاب عويس ومحمد أبو الوفا عبد المتعال وأحمد أمين حسان محمد ود. محمد عبد البديع عسران - نواب رئيس مجلس الدولة.

--------------

(165)

الطعن رقم 333 لسنة 36 القضائية

دعوى - الحكم في الدعوى - بطلان الأحكام - ما يبطل الحكم (مرافعات).
المادة 150 من قانون المرافعات المدنية والتجارية - يجوز للقاضي إذا استشعر الحرج من نظر الدعوى لأي سبب أن يعرض أمر تنحيه على المحكمة في غرفة المشورة أو على رئيس المحكمة للنظر في إقراره على التنحي - إذا ثبت بمحضر الجلسة تنحى أحد أعضاء المحكمة عن نظر الدعوى فإنه يكون ممنوعاً من نظرها - حضوره جلسة المرافعة واشتراكه في المداولة وورود اسمه في أصل الحكم ضمن الهيئة التي أصدرته - بطلان الحكم - القضاء بإلغاء الحكم مع إعادة الدعوى التي صدر فيها لنظرها بهيئة أخرى - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 24/ 12/ 1989 أودع الأستاذ السيد المستشار رئيس هيئة مفوضي الدولة تقرير طعن بقلم كتاب هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 333 لسنة 36 ق في حكم محكمة القضاء الإداري بالمنصورة الصادر بجلسة 25/ 10/ 1989 في الاستئناف رقم 582 لسنة 10 ق المرفوع من/ ....... ضد رئيس جامعة المنصورة بصفته.
وطلب الطاعن بصفته الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالمنصورة لتنظره بهيئة أخرى، وذلك لبطلان الحكم للأسباب الواردة بتقرير الطعن.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالمنصورة لتنظره بهيئة أخرى.
وبعد اتخاذ الإجراءات القانونية لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة لنظره بجلسة 30/ 7/ 1991 حيث تدوول أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن قررت حجزه للنطق بالحكم فيه لجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على الأسباب عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص كما يبين من الأوراق في أن السيدة/ ....... أقامت الدعوى رقم 1267 لسنة 13 ق أمام المحكمة الإدارية بالمنصورة في 14/ 4/ 1985 ضد رئيس جامعة المنصورة بصفته تطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن تسليمها عملها بالوحدة الحسابية بالمدينة الجامعية بعد انتهاء إجازتها التي حصلت عليها لمرافقة زوجها بالعراق.
وفي الموضوع بإلغاء القرار وما يترتب على ذلك من آثار ثم عدلت المدعية طلباتها إلى طلب إلغاء القرار الصادر في 7/ 2/ 1982 برقم 173 لسنة 1982 بإنهاء خدمتها للانقطاع والذي تضمن رد الجامعة على الدعوى أنها اتخذته، وأنه صحيح لقيام سببه، وبجلسة 30/ 5/ 1988 قضت المحكمة الإدارية بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد، لما أوردته في أسباب حكمها من أن المدعية علمت بالقرار أثناء نظر الدعوى في 20/ 9/ 1988 من رد الجامعة عليها، ولم تتظلم منه إلا في 20/ 10/ 1986 ولم تطلب إلغاءه إلا في 26/ 11/ 1988 تاريخ تعديلها طلباتها.
وبتاريخ 28/ 7/ 1988 أقامت المدعية أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة الاستئناف رقم 582 لسنة 10 ق طالبة إلغاء الحكم الصادر من المحكمة الإدارية المشار إليها والحكم لها بطلباتها في الدعوى.
وأثناء تحضير الاستئناف لدى هيئة مفوضي الدولة تقدمت في 14/ 2/ 1989 بإقرار موثق لدى الشهر العقاري بالمنصورة بتاريخ 13/ 1/ 1989 تتنازل فيه عن الدعوى لأن الجامعة أبدت موافقتها المبدئية على إعادتها إلى عملها حينما تتنازل عن الدعوى، وعادت في التاريخ ذاته إلى تقديم طلب رغبت فيه إلى حفظ حقها في تجديد الدعوى في حالة عدم موافقة الجامعة على إعادة تعيينها إضافة إلى التنازل، وعند نظر الاستئناف بجلسة 28/ 3/ 1989 قرر الحاضر عن الجامعة أنه لا يمكنها التعهد بذلك ولا العرض على لجنة شئون العاملين إلا بعد صدور حكم.
وبعد أن قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرها نظرت المحكمة الاستئناف بجلسة 11/ 10/ 1989 وأثبتت بمحضر الجلسة تنحى الأستاذ المستشار....... عن نظر الدعوى ثم قضت بجلسة 25/ 10/ 1989 بإثبات ترك الطاعنة للخصومة مع إلزامها بالمصروفات وصدر هذا الحكم من الهيئة المشكلة برياسة السيد المستشار....... وعضوية المستشارين...... و...... ووقع الأخير على مسودة الحكم المشتملة على أسبابه ومنطوقه.
ومن حيث إن الطعن الماثل يقوم على أساس بطلان الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة لثبوت توقيع المستشار...... على مسودة الحكم وصدوره من هيئة اشترك في عضويتها على الرغم من ثبوت تنحى سيادته عن نظر الدعوى وفق ما هو ثابت بمحضر الجلسة.
ومن حيث إن قانون المرافعات المدنية والتجارية واجب التطبيق في إجراءات الدعوى عملاً بنص المادة 3 من قانون مجلس الدولة وما جرى عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا، وقد حددت المادة 146 من قانون المرافعات أحوال عدم صلاحية القاضي لنظر الدعوى ومنعه من سماعها ونصت المادة (147) على أن يقع باطلاً عمل القاضي أو قضاؤه في الأحوال المشار إليها في المادة 146 ولو باتفاق الخصوم كما نصت المادة (150) على أنه "يجوز للقاضي في غير أحوال الرد المذكور إذا استشعر الحرج من نظر الدعوى لأي سبب أن يعرض أمر تنحيه على المحكمة في غرفة المشورة أو على رئيس المحكمة للنظر في إقراره على التنحي.
ومن حيث إنه متى ثبت تنحي القاضي عن نظر الدعوى لأي من هذه الأسباب المشار إليها كان قضاؤه باطلاً.
وإذا كان الثابت بمحضر الجلسة تنحى السيد المستشار..... عن نظر الدعوى فإنه يكون ممنوعاً من نظرها ولا يجوز له الاشتراك في الهيئة التي أصدرت الحكم وإذ فعل ذلك وحضر جلسة المرافعة والمداولة وكان من بين الهيئة التي أصدرت الحكم ووقعت على مسودته ومنطوقه وجاء اسمه تبعاً لذلك في أصل الحكم فإن الحكم يكون باطلاً لعدم صلاحية الهيئة التي أصدرته، ومن ثم يتعين القضاء بإلغائه مع إعادة الدعوى التي صدر فيها إلى محكمة القضاء الإداري بالمنصورة لنظرها بهيئة أخرى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بالمنصورة لنظرها بهيئة أخرى، وأبقت الفصل في المصروفات.

الطعن 5 لسنة 35 ق جلسة 26 / 5 / 1992 إدارية عليا مكتب فني 37 ج 2 ق 164 ص 1507

جلسة 26 من مايو سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكروري - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ عويس عبد الوهاب عويس ومحمد أبو الوفا عبد المتعال وأحمد أمين حسان محمد ود. محمد عبد البديع عسران - نواب رئيس مجلس الدولة.

------------------

(164)

الطعن رقم 5 لسنة 35 القضائية

دعوى - إثبات في الدعوى.
الأصل أن عبء الإثبات يقع على عاتق المدعي - هذه القاعدة لا تستقيم في مجال المنازعات الإدارية - نكول جهة الإدارة عن تقديم سائر الأوراق والمستندات المنتجة في الدعوى يقيم قرينة بصحة ادعاء الطاعن من عدم قيام القرار المطعون فيه على سببه المبرر له الأمر الذي يصم القرار بعيب مخالفة القانون ويتعين الحكم بإلغائه - تسقط القرينة وتستبعد النتيجة المترتبة عليها إذا قدمت الجهة الإدارية الأوراق والمستندات أثناء نظر الطعن - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 4/ 10/ 1988 أودع الأستاذ/ محمد المرصفي بوصفه وكيلاً عن الطاعن بصفته تقرير الطعن الماثل ضد الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية في الطعن رقم 186/ 29 ق المقام من المطعون ضده ضد الشركة الطاعنة والذي قضى بجلسة 6/ 8/ 1988 بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء القرار الصادر بمجازاة الطاعن على الوجه المبين بالأسباب.
وطلب الطاعن بصفته الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طعن المطعون ضده مع إلزامه بالمصروفات والأتعاب عن الدرجتين.
وقد أعلن الطعن للمطعون ضده بتاريخ 8/ 10/ 1988.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة بجلسة 17/ 10/ 1990 حيث حضر الطرفان وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 21/ 11/ 1990، وبهذه الجلسة قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة لنظره بجلسة 25/ 12/ 1990 حيث نظر الطعن لدى المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وقدم الحاضر عن الشركة الطاعنة مذكرة بدفاعه صمم فيها على طلباته، وبجلسة 11/ 2/ 1992 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 14/ 4/ 1992 ثم قررت مد أجل النطق به لجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن وقائع النزاع تخلص في أن المطعون ضده كان طرحه بداءة على المحكمة التأديبية بالإسكندرية بصحيفة أودعها سكرتارية تلك المحكمة بتاريخ 28/ 9/ 1988 طلب في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 110 لسنة 1987 الصادر بتاريخ 19/ 2/ 1987 واعتباره كأن لم يكن وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الشركة المطعون ضدها بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وقال الطاعن شرحاً لطعنه أنه يعمل بالشركة الطاعنة في وظيفة بائع رابع وأسند إليه عمل أمين عهدة مخزن جملة النديم بالإسكندرية اعتباراً من 12/ 12/ 1984 وبتاريخ 26/ 2/ 1987 أبلغ بالقرار الإداري رقم 110/ 1987 المؤرخ 19/ 2/ 1987 متضمناً مجازاته بالآتي: -
1 - خفض أجره بمقدار علاوة (2) لما نسب إليه من البيع بأزيد من التسعير الرسمي.
2 - مجازاته بخصم أجر شهر من راتبه لما نسب إليه من إصدار فاتورة بتاريخ 22/ 7/ 1987 باسم التاجر/ ....... على خلاف الحقيقة.
3 - مجازاته بخصم أجر عشرة أيام من راتبه لما نسب إليه من مخالفة التعليمات الخاصة بصرف المسلى التقليدي المتطور.
4 - إبعاده عن أعمال المخازن والعهد.
ونعى الطاعن على هذه الجزاءات مخالفتها للقانون للأسباب الآتية: -
1 - بالنسبة للجزاء الأول فحقيقة الأمر أن الطاعن قام بلصق طابع دمغة لقيمة الدفعة المستحقة على الفاتورة وقيمتها 515.575 جنيهاً ولكن التاجر الصادرة لصالحه الفاتورة ساومه لكي يصرف له كمية أكبر من المكرونة تزيد على حصته المقررة فرفض طلبه فما كان منه إلا أن قطع الجزء الأسفل من الفاتورة بما عليها من طابع الدمغة الملصق وادعى كذباً بتحصيله على مبالغ زيادة ممثلة في مقابل الدمغة ودليل ذلك صورة الفاتورة الموجودة بالشركة بدون قطع الجزء الأسفل منها وبذلك يكون جزاء خفض راتبه بمقدار علاوة قد صدر على غير أساس.
2 - بالنسبة للجزاء الثاني فالحقيقة أن الأصناف الواردة بالفاتورة المذكورة قد صدرت فعلاً باسم هذا التاجر بدليل توقيعه على البطاقة والإقرار بتسلم البضاعة ويمكن الرجوع إلى إيراد الخزينة في ذلك اليوم للتأكد من توريد قيمة البضاعة في ذات التاريخ.
3 - ما نسب إليه من مخالفة التعليمات الخاصة بصرف المسلى الصناعي بواقع 4 علب مسلى متطور زنة 2.250 كجم عن كل صفيحة مسلى زنة 16.5 كجم حيث قام بصرف 33 علبة مسلى متطور عن كل 13 صفيحة مسلى من هذا الصنف، فإن هذا الاتهام في غير محله لأن الطاعن قام بالصرف على نحو ما كان متبعاً قبل تسليمه العمل أميناً لمخزن سيدي جابر بتاريخ 16/ 7/ 1986 ولم تعترض الشركة على هذا النظام ولم يثبت إبلاغه بأية تعليمات جديدة.
4 - بالنسبة لما تضمنه القرار المطعون فيه من إبعاد الطاعن عن أعمال المخازن والعهد فإن ذلك يعتبر جزاءً إدارياً مقنعاً يتمثل في إبعاد الطاعن عن جهة عمله دون سبب أو مقتض.
وانتهى الطاعن من ذلك إلى الطلبات السابق بيانها.
وبعد أن تدوول الطعن أمام المحكمة التأديبية بالإسكندرية قضت بجلسة 6/ 8/ 1988 بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء القرار الصادر بمجازاة الطاعن على الوجه المبين بالأسباب وقد أقامت المحكمة قضاءها على أساس أنها تداولت نظر الطعن على النحو المبين بمحاضر الجلسات ولم تعقب الشركة المطعون ضدها على الطعن ولم تقدم التحقيقات التي طلبتها المحكمة وقدم الحاضر عن الطاعن بجلسة 24/ 10/ 1987 حافظة مستندات طويت على صورة ضوئية من القرار رقم 651/ 1987 بتاريخ 14/ 9/ 1987 بتعديل القرار المطعون فيه على أن يكون البند الأول منه خصم عشرة أيام من راتب الطاعن والبند الثاني منه خصم عشرة أيام وإلغاء البند الثالث والبند الرابع وعودة الطاعن لأعمال الفروع والعهد وقد ظلت الشركة المطعون ضدها على موقفها من عدم تقديم الرد أو المستندات وإن كان الأصل أن عبء الإثبات يقع على عاتق المدعي الطاعن فإن هذه القاعدة لا تستقيم في مجال المنازعات الإدارية لأن جهة الإدارة المطعون ضدها تلتزم بتقديم سائر الأوراق والمستندات المنتجة في الموضوع إثباتاً ونفياً متى طلبت منها المحكمة ذلك، فإذا نكلت عن تقديم الأوراق المتعلقة بموضوع النزاع فإن ذلك يقيم قرينه بصحة ادعاه من عدم قيام القرار المطعون فيه حتى بعد تعديله على سببه المبرر له الأمر الذي يصم القرار المطعون فيه بعيب مخالفة القانون ويتعين لذلك الحكم بإلغائه وما يترتب على ذلك من آثار.
وإذ لم ترتض الشركة هذا الحكم فقد طعنت عليه بالطعن الماثل مقيمة إياه على سند من أن المحكمة اعتبرت عدم تقديم المستندات قرينة على صحة ما ورد بالطعن، وقد كان عدم تقديم المستندات لسبب أجنبي لا يد للشركة فيه وهو وجود المستندات بالجهاز المركزي للتنظيم والإدارة وقد طلبت الشركة الطاعنة التأجيل لحين ورود المستندات ولم تستجب المحكمة لهذا الطلب الجوهري والمنتج في الدعوى، وحيث وردت المستندات فإن في بحثها ما يغير وجه السير في الدعوى ويجعل قرار الشركة مبنياً على أسس قانونية سليمة. وانتهت الشركة الطاعنة من ذلك إلى الطلبات السابق بيانها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلغاء القرار التأديبي المطعون عليه على أساس قرينة عول عليها الحكم بأن رتب على عدم تقديم الشركة الطاعنة للمستندات اللازمة تسليماً بصحة الادعاء بعدم مشروعية ذلك القرار.
ومن حيث إن تلك القرينة قد سقطت، فقد بات لازماً استبعاد النتيجة المترتبة عليها والأثر الذي تنتجه، حيث قدمت الشركة - الطاعنة - أثناء نظر هذا الطعن الأوراق اللازمة للفصل في موضوع الدعوى التأديبية وفقاً لأوراقها والمستندات المنتجة فيها مما لا وجه معه للتعويل على القرينة المستمدة من عدم تقديم تلك الأوراق والمستندات.
ومن حيث إن الثابت من أوراق التحقيق أن المطعون ضده تقاضى مبلغ 610 مليمات زيادة عن قيمة الفاتورة رقم 4479 في 22/ 7/ 1986 بزعم أن هذا المبلغ عبارة عن 100 مليم دمغة 500 مليم أجرة مشال وهو زعم لا دليل عليه في الأوراق فضلاً عن أنه غير مكلف بتحصيل قيمة المشال لصالح العربة التي قامت بنقل البضاعة وبذلك تكون المخالفة الأولى ثابتة في جانبه ويكون قرار مجازاته عنها بخصم عشرة أيام من راتبه قائماً على سببه المبرر له والثابت من الأوراق أيضاً قيام المطعون ضده باستخراج فاتورة باسم السيد/ ....... بمقدار 2 صندوق صابون تواليت وصندوق بودنج، والثابت أن التاجر المذكور لم يتسلم هذه الكمية من واقع إقراره بذلك وشهادة عامل الفرع/ ....... وبذلك يكون قرار الجزاء المعدل بمعاقبة المطعون ضده بخصم عشرة أيام من راتبه عن هذه المخالفة قد جاء مستنداً إلى سببه الصحيح أما البند الثالث والرابع من قرار الجزاء المطعون فيه رقم 110 لسنة 1987 فقد تقرر إلغاؤهما بالقرار رقم 561/ 1987 الصادر في 14/ 9/ 1987 والذي عدل قرار الجزاء رقم 110/ 1987 المطعون عليه وبذلك يكون الطعن على قرار الجزاء الموقع على المطعون ضده لا سند له من القانون متعين الرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الطعن التأديبي رقم 186 لسنة 29 ق.

الطعن 2514 لسنة 37 ق جلسة 24 / 5 / 1992 إدارية عليا مكتب فني 37 ج 2 ق 163 ص 1493

جلسة 24 من مايو سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ إسماعيل عبد الحميد إبراهيم وعادل محمد زكي فرغلي وفريد نزيه تناغو وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(163)

الطعن رقم 2514 لسنة 37 القضائية

جامعات - طلاب - قرار إعلان النتيجة - الرقابة القضائية عليه.
محاكم مجلس الدولة تباشر الرقابة على مشروعية قرارات السلطة التنفيذية بفروعها وهيئاتها جميعاً إلا أنها لا تحل نفسها محل السلطة التنفيذية في أداء اختصاصاتها وواجباتها ومسئولياتها - رقابة القضاء الإداري على قرار إعلان نتيجة الامتحان للطالب تمتد إلى بحث مشروعية هذا القرار ومدى مطابقته للقانون واللوائح وقيامه على السبب المبرر له قانوناً - لا تمتد الرقابة القضائية إلى تقدير مدى صحة الإجابة في حد ذاتها أو مقدار الدرجة المستحقة عن تلك الإجابة - أساس ذلك: أن هذا التقدير الفني هو من صميم عمل الجامعة وأعضاء هيئة التدريس فيها بما يتمتعون به من تأهيل وصلاحيات علمية وفنية - لا محل للرقابة القضائية على التقدير الفني ما دام لم يشبه عيب إساءة استعمال السلطة - تطبيق.


إجراءات الطعن

أودعت الأستاذة/ نادية عبد المنعم المحامية بصفتها وكيلة عن السيد الدكتور رئيس جامعة القاهرة في يوم الأربعاء الموافق 22/ 5/ 1991 قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 2514 لسنة 37 قضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - دائرة منازعات الأفراد والهيئات بجلسة 7/ 5/ 1991 في الدعوى رقم 7548 لسنة 44 قضائية والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبوقف القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم منح المدعي "الطبيب/ عمرو محمد عبد الفتاح عياد" بكالوريوس الطب والجراحة بتقدير عام "ممتاز مع مرتبة الشرف" وما يترتب على ذلك من آثار وبإلزام جامعة القاهرة بمصروفات هذا الطلب وبتنفيذ الحكم بموجب مسودته بغير إعلان مع إحالة طلب الإلغاء إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيره وإيداع تقرير بالرأي القانوني فيه وطلبت جامعة القاهرة في ختام تقرير الطعن القضاء بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات.
وقد أودع مفوض الدولة السيد الأستاذ المستشار/ علي رضا ملف الطعن تقريراً بالرأي القانوني انتهى فيه إلى أنه يرى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الطلب المستعجل مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا جلسة 17/ 6/ 1991 والجلسات التالية لها على النحو المبين بمحاضرها حيث حضر محامي الجامعة ومحامي المطعون ضده وقدم كل منهما مستنداته وعدة مذكرات بدفاعه كما استمعت الدائرة إلى أقوال السيد الدكتور عميد كلية الطب والسادة الدكاترة أعضاء هيئة التدريس بها الذين قاموا بتصحيح أوراق إجابة المطعون ضده في مادتي الباطنة والجراحة، ثم قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة التي نظرته بجلسة 3/ 11/ 1991 والجلسات التالية على النحو المبين بمحاضرها واستمعت المحكمة إلى مرافعة الدفاع عن جامعة القاهرة والدفاع عن المطعون ضده وقدم كل منهما مستنداته ومذكراته التي صمم فيها على طلباته، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فإن عناصر هذه المنازعة تتلخص في أن المدعي السيد الطبيب/ عمرو محمد عبد الفتاح عياد طبيب الامتياز بكلية طب قصر العيني بجامعة القاهرة أقام دعواه بالصحيفة المودعة بقلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 24/ 9/ 1990 والتي اختصم فيها السيد رئيس جامعة القاهرة والسيد الدكتور عميد كلية الطب بجامعة القاهرة وطلب في ختامها الحكم أولاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن تمكين المدعي من الاطلاع على أوراق الامتحان التحريري في مادتي الباطنة والجراحة، وما يترتب على ذلك من تصحيح الخطأ المادي في تعديل ترتيب الطالب استناداً إلى هذا التقييم والالتزام بمراتب الشرف في تحديد ترتيب الخريجين - ثانياً - في الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجامعة والكلية بالمصروفات.
وأسس المدعي دعواه على أنه التحق بكلية الطب في العام الدراسي 1983 وتخرج فيها في ديسمبر 1989 وكان نجاحه في الامتحان طوال الأعوام السابقة على السنة السادسة بتقدير(ممتاز) إلا أنه حدث تغيير مفاجئ في تقدير السنة السادسة وهي الأخيرة حيث هبط تقديره إلى "جيد جداً" وقد حصل في مادة الباطنة على تقدير "جيد" ويشمل التحريري والشفهي في حين أن تقديره في الشفهي فقط "ممتاز" مما يعني أنه رسب في التحريري في هذه المادة كما أصبح ترتيبه رقم 92 بعد أن كان من الأوائل طيلة السنوات السابقة كما أخطأت الكلية في عدم الاعتداد بمرتبة الشرف في تحديد ترتيبه في الدفعة، ولهذا السبب حاول المدعي الاطلاع على أوراق إجابته في الامتحان التحريري في مادتي الباطنة والجراحة وسدد الرسوم المقررة إلا أن السيد الدكتور عميد الكلية بعد أن وصلته هذه الأوراق رفض اطلاع المدعى عليها الأمر الذي دعاه إلى إنذار الجامعة والكلية بإجابته إلى الاطلاع على هذه الأوراق وما يترتب على ذلك من تغيير ترتيبه في التخرج تبعاً لما يتم من تصحيح الأخطاء المادية في أوراق إجابة مادتي الباطنة والجراحة وكذلك طبقاً لمراتب الشرف التي حصل عليها خلال سنوات الدراسة، ومن ثم انتهى المدعي إلى طلب الحكم بطلباته السالفة وبجلسة 7/ 5/ 1991 قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم منح المدعي بكالوريوس الطب والجراحة بتقدير عام ممتاز مع مرتبة الشرف وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت جامعة القاهرة بمصروفات هذا الطلب وأمرت بتنفيذ الحكم بموجب مسودته وبغير إعلان، وبإحالة طلب الإلغاء إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيره وإيداع تقرير بالرأي القانوني فيه وأسست المحكمة حكمها على أن المدعي يستهدف بدعواه الحكم بقبولها شكلاً وبصفة عاجلة بوقف تنفيذ "القرار السلبي بامتناع كلية الطب بجامعة القاهرة عن منحه درجة البكالوريوس في الطب والجراحة بتقدير عام ممتاز مع مرتبة الشرف وتعديل ترتيبه بين الخريجين على هذا الأساس وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار" وأضافت المحكمة أن الطعن في القرارات السلبية لا يتقيد بميعاد ما دامت حالة الامتناع قائمة ومستمرة ومن ثم تكون الدعوى مقبولة شكلاً. والبادي من الأوراق وبالقدر اللازم للفصل في الطلب العاجل وفي ضوء نكول الجامعة عن الرد على المدعي وعدم تقديمها أية مستندات أن المدعي قد التحق بكلية الطب عام 1983 ونجح في السنوات الأولى والثانية والثالثة والرابعة والخامسة بتقدير عام ممتاز وحصل المدعي في السنة السادسة على تقدير عام جيد جداً، وطلب من الكلية تمكينه من الاطلاع على أوراق إجابته في الامتحان التحريري لمادتي الباطنة والجراحة وسدد الرسم المقرر إلا أن الكلية لم تجبه إلى طلبه، كما لم تقدم الجامعة هذه الأوراق إلى المحكمة على مدى أربع جلسات كما لم تدلل على عدم جدية مزاعم المدعي، وبالتالي فإن القرار الطعين يكون غير قائم على سند من القانون بحسب الظاهر من الأمر. وأضافت المحكمة أن المدعي يذكر أنه حصل على تقدير عام ممتاز في السنوات المشار إليها وأن الكلية أخطأت ومنحته تقدير عام جيد جداً في السنة السادسة ورفضت اطلاعه على أوراق إجابته التحريرية في مادتي الباطنة والجراحة بعد أن اطلع السيد الدكتور عميد الكلية عليها وهو ما يؤكد وقوع خطأ في رصد نتيجته في هاتين المادتين أدى إلى هبوط تقديره من ممتاز إلى جيد جداً، ومتى كان مما يظاهر المدعي في أقواله نكول الجامعة وقعودها عن تقديم أوراق إجابته إلى المحكمة أو الرد على تلك الأقوال عزوفاً عما طلبته المحكمة مما يعد تسليماً منها بطلبات المدعي ومن ثم يغدو قرارها وقد وقع مخالفاً لصحيح حكم القانون وهو ما يوجب الحكم بإلزامها بتعديل درجات المدعي على الوجه الصحيح ومنحه بكالوريوس الطب والجراحة بتقدير عام ممتاز مع مرتبة الشرف وما يترتب على ذلك من آثار وتعديل ترتيب الخريجين ومنحهم مراتب الشرف وفقاً لحكم المادة 85 من اللائحة التنفيذية.
وعلى ذلك انتهت محكمة القضاء الإداري إلى القضاء بحكمها السالف.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله للأسباب الآتية: - أولاً - أن المدعي طلب تمكينه من الاطلاع على أوراق إجابته في مادتي الباطنة والجراحة وتصحيح الخطأ المادي فقط إذا وجد إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بما لم يطلبه الخصوم حينما انتهى إلى منح المدعي تقدير ممتاز مع مرتبة الشرف.
ثانياً: أن نظام العمل يجرى في جميع الكليات على أن الطالب المتظلم يتقدم بتظلمه خلال خمسة عشر يوماً من إعلان النتيجة فيشكل عميد الكلية لجنة من الأساتذة للتأكد من عدم وجود خطأ مادي في رصد الدرجات، وفي حالة وجود هذا الخطأ يصحح ويخطر الطالب بذلك دون أن يتاح له الاطلاع بنفسه على الأوراق وإلا لأصبح الأمر فوضى، وهذا ما حدث بالنسبة لحالة المدعي الذي تظلم فعرض تظلمه على اللجنة المشكلة لبحث تظلمات الطلبة فلم تجد أي خطأ في الأوراق.
ثالثاً - أن الحكم المطعون فيه أخطأ أيضاً حينما نصب نفسه محل الجهة الإدارية المنوط بها تقدير الدرجات التي يستحقها المدعي في الامتحان تقديراً فنياً وهي الجهة المختصة بذلك وهي التي وضعت التقدير الذي يستحقه في الامتحان إلا أن الحكم المطعون فيه أحل نفسه محلها ومنح المدعي التقدير الذي انتهى إليه رغم أن حصول الطالب على تقدير ممتاز في السنوات السابقة على السنة النهائية لا يعني بالضرورة حصوله على ذات التقدير في السنة الأخيرة وإلا لما كانت هناك حاجة لامتحانه فيها.
ومن ثم انتهت الجهة الإدارية الطاعنة إلى طلب الحكم بطلباتها السالفة.
من حيث إن الطعن الماثل ينحصر فيما قضى به الحكم المطعون فيه في الشق المستعجل من الخصومة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وقد استقر قضاء المحكمة الإدارية العليا على أن سلطة وقف تنفيذ القرار الإداري مشتقة من سلطة الإلغاء وفرع منها ومردهما إلى مبدأ سيادة القانون والذي يقوم عليه نظام الحكم في الدولة وتخضع له السلطات الإدارية والذي نصت عليه أحكام المادة (64) والمادة (65) من الدستور كأصل دستوري أساسي انبنى عليه حظر تحصين أي قرار أو تصرف إداري من رقابة القضاء من جهة (م 67) وأقام مجلس الدولة كهيئة قضائية مستقلة تختص بالمنازعات الإدارية بحسب ما قضت به صراحة المادة (172) من الدستور من ناحية أخرى ليتولى بواسطة محاكم المنازعات الإدارية الرقابة القانونية التي تسلطها هذه المحاكم على القرارات الإدارية على أساس وزنها بميزان القانون وزناً مناطه مبدأ المشروعية وسيادة القانون فيجب على القضاء الإداري ألا يحكم بوقف تنفيذ أي قرار إداري إلا إذا تبين له حسب الظاهر من الأوراق أن طلب وقف تنفيذ هذا القرار يقوم على ركنين معاً الأول ركن الاستعجال بأن كان يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه نتائج يتعذر تداركها والثاني ركن الجدية وهو متصل بمبدأ المشروعية بأن يكون ادعاء الطالب بعدم مشروعية القرار قائماً بحسب الظاهر على أسباب جدية وكلا الركنين من الحدود القانونية التي تحد سلطة القاضي الإداري وتخضع لرقابة المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر بمراعاة القواعد الأساسية السالف بيانها وتحقيقاً للشرعية وسيادة القانون على أن الطعن يطرح المنازعة في الحكم المطعون فيه برمتها ويفتح الباب أمام هذه المحكمة لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون والمشروعية وزناً مناطه استظهار ما إذا كانت قد قامت به حالة أو أكثر من الأحوال التي تعيبه مما ينص عليه في قانون مجلس الدولة فتلغيه وتنزل بذلك حكم القانون على المنازعة ما دامت مهيأة للفصل في موضوعها على الوجه الصحيح ما دام المراد هو مبدأ الشرعية نزولاً على سيادة أحكام القانون في روابط القانون الإداري التي تختلف في طبيعتها عن روابط القانونين: المدني والتجاري.
ومن حيث إن المادة 172 من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49/ 1972 تنص على أن "تمنح الجامعات الخاضعة لأحكام هذا القانون بناء على طلب مجالس كلياتها الدرجات العلمية والدبلومات المبينة في اللائحة التنفيذية ولا يمنح تلك الدرجات والدبلومات إلا من أدى بنجاح الامتحانات المقررة للحصول عليها وفق أحكام اللائحة التنفيذية لهذا القانون وأحكام اللائحة الداخلية للكليات والمعاهد ونصت المادة 173 من هذا القانون على أن يشترط لنجاح الطالب في الامتحانات أن ترضى لجنة الامتحانات عن فهمه وتحصيله وفقاً لأحكام اللائحة التنفيذية وأحكام اللوائح الداخلية، وقد نصت المادة 85 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات على أن يقدر نجاح الطالب في درجة الليسانس أو البكالوريوس بأحد القديرات الآتية: ممتاز مع مرتبة الشرف - جيد جداً مع مرتبة الشرف - ممتاز - جيد جداً - جيد - مقبول.
ومن حيث إن قضاء المحكمة قد جرى على أنه طبقاً لأحكام الدستور والقانون فإن رقابة القضاء الإداري على القرارات الإدارية هي رقابة مشروعية يسلطها على القرار المطعون فيه على أساس وزنه بميزان القانون وزناً مناطه مبدأ المشروعية فيلغيها أو يوقف تنفيذها حينما يتبين صدورها بالمخالفة لأحكام القانون أو انحرافها عن الغاية الوحيدة التي حددها الدستور والقانون لسلامة تصرفات جهة الإدارة وهي تحقيق المصلحة العامة ومن المقرر وفق قضاء هذه المحكمة المستقر أن القضاء الإداري وهو يباشر رقابة الإلغاء ووقف التنفيذ على القرارات الإدارية المطعون فيها فإنه لا يحل نفسه محل الجهة الإدارية في أداء اختصاصاتها وواجباتها المنصوص عليها في القانون أو في مباشرة نشاطها في تسيير المرافق العامة المخول لها طبقاً للدستور والقانون، ذلك أن سيادة القانون هي أساس الحكم في الدولة طبقاً للمادة 64 من الدستور كما أنه تخضع الدولة للقانون وتحقيقاً لذلك فقد نص الدستور على أن استقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات طبقاً للمادة 65 منه وقد أناطت المادة 137 من الدستور برئيس الجمهورية رئاسة السلطة التنفيذية وممارستها على الوجه المبين في الدستور، ونظمت المواد (153 - 160) مباشرة الحكومة والوزراء وأعضاء السلطة التنفيذية لواجباتهم واختصاصاتهم في خدمة المصالح العامة للشعب ونصت المادة 165 على أن السلطة القضائية مستقلة تتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها وأكدت المادة 166 من الدستور استقلال القضاء كما نصت المادة 172 على أن مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية.
ومن حيث إنه بالبناء على ما سبق فإن محاكم مجلس الدولة تباشر متمتعة بالاستقلال الكامل الرقابة على مشروعية قرارات السلطة التنفيذية بفروعها وهيئاتها جميعاً إلا أنها لا تحل نفسها محل السلطة التنفيذية في أداء اختصاصاتها وواجباتها ومسئولياتها المحددة في الدستور والقانون، وفي خصوصية الطعن على نتائج امتحانات طلبة الجامعات فإن رقابة القضاء الإداري على قرار إعلان نتيجة الامتحان للطالب تمتد إلى مدى مشروعية هذا القرار ومطابقته للقانون واللوائح وقيامه على السبب المبرر له قانوناً وهو يتمثل في أداء الطالب للامتحان وحقه في أن تصحح كافة إجاباته وأن يعطى عنها الدرجة المقررة لها وأن تكون محصلة هذه الدرجة صحيحة في رصدها وجمعها وأن يكون التقدير النهائي الحاصل عليه الطالب متفقاً مع ما ورد في قوانين تنظيم الجامعات واللوائح التنفيذية والداخلية إلا أن هذه الرقابة القضائية لا تمتد إلى تقدير مدى صحة الإجابة في حد ذاتها أو مقدار الدرجة المستحقة عن تلك الإجابة باعتبار أن هذا التقدير الفني هو من صميم عمل الجامعة وأعضاء هيئة التدريس فيها بما يتمتعون به من تأهيل وصلاحيات علمية وفنية رفيعة المستوى وما لهم من قدر علمي ومركز أدبي رفيع المستوى وبالغ السمو يجعل تقديرهم الفني لما تستحقه إجابة الطالب من درجات هو تقدير فني نهائي يقدره الأستاذ المصحح بضميره العلمي وهو يؤدي رسالته السامية في خدمة وطنه وهذا غير قابل للتعقيب عليه، ما لم يثبت أن هذه السلطة العلمية والفنية التقديرية الواسعة المخولة للأستاذ الجامعي في هذا الشأن قد فقدت الاعتبارات الأساسية التي تقوم عليها بأن شابها عيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها وهو ما يؤدي إلى سقوطها من علوها وقابليتها للإلغاء والإبطال ومن حيث إنه على هدي المبادئ العامة السالف ذكرها وبناء على أن البادي من ظاهر الأوراق والمستندات المودعة بملف الطعن وبالقدر اللازم للفصل في الشق المستعجل من الخصومة والمتعلق بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه أن المدعي قد تخرج في كلية الطب جامعة القاهرة في دور ديسمبر عام 1989 وحصل على بكالوريوس الطب والجراحة بتقدير عام جيد جداً مع مرتبة الشرف بمجموع كلي 1605 درجة من الحد الأقصى ومقداره 1950 درجة ويقدر ذلك طبقاً للقواعد المقررة في الامتحان بكلية الطب جامعة القاهرة بتقدير عام جيد جداً، باعتبار أن تقدير ممتاز يمنح للطالب الحاصل على 85% فأكثر من الحد الأقصى المشار إليه كما نال هذا الطالب مرتبة الشرف كنتيجة لتقديراته في امتحان السنوات السابقة على امتحان البكالوريوس.
ومن حيث إن البادي من ظاهر الأوراق أيضاً وخاصة أصل أوراق إجابة المدعي التحريرية في امتحانات مادتي الباطنة والجراحة التي قدمتها جامعة القاهرة أثناء نظر الطعن أمام هذه المحكمة - أنه قد حصل في مادة الجراحة في الورقة الأولى على 68 درجة من 100 درجة وفي الورقة الثانية على 63 درجة من 100 درجة وفي مادة الباطنة في الورقة الأولى على 46 درجة من 100 درجة وفي الورقة الثانية على 55 درجة من 100 درجة والبادي من أوراق الإجابة التحريرية المشار إليها أن إجابات المدعي كلها قد صححت ومنح عنها الدرجة التي قدرها الأستاذ المصحح وقد لاحظت المحكمة أن إجابة السؤال الثالث في الكراسة الأولى لمادة الجراحة أعطيت عنه الدرجة على غلاف ورقة الإجابة في الجزء المسمى (بالمرآة) مقترنة بتوقيع الأستاذ المصحح دون أن تثبت هذه الدرجة داخل الكراسة بخلاف سائر الإجابات بكراسات المادتين المذكورتين فقد أثبتت الدرجات المعطاة عنها داخل الكراسة وخارجها على الغلاف (بالمرآة) كما لاحظت المحكمة أن بعض الدرجات المعطاة بالكراسة الأولى لمادة الباطنة قد كتبت بالقلم الرصاص داخل الكراسة ثم أثبتت على غلاف الكراسة (بالمرآة) بالقلم الحبر الجاف ومهر الغلاف بتوقيع الأساتذة من أسفل ويبدو بذلك أن جميع الإجابات الواردة بالكراسات قد منح الطالب عنها الدرجات التي قدرها الأساتذة المصححون وأن جميع الدرجات الممنوحة للطالب أثبتت بالقلم الحبر الجاف على غلاف كل كراسة إجابة في المرآة ومهرت جميعها بتوقيع الأساتذة، كما تبين أيضاً أن جمع ورصد كافة الدرجات الحاصل عليها الطالب من إجاباته جاء جمعاً ورصداً صحيحاً.
ومن حيث إن الثابت كذلك أن دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا استدعت بجلستها المعقودة بتاريخ 30/ 9/ 1991 الأساتذة المصححين لإجابات المدعي التحريرية في مادتي الجراحة والباطنة فحضروا جميعهم عدا الأستاذ الدكتور محمد سعد الدين حافظ مصحح إجابة السؤال الخامس والسؤال السادس بالكراسة الثانية لمادة الجراحة والذي أشار عميد الكلية إلى أنه معار للخارج وقد قرر جميع الأساتذة أنهم هم الذين قاموا بتصحيح إجابات المدعي ووضعوا الدرجات المستحقة له الواردة بكراسات الإجابة التحريرية ووقعوا على غلاف كل كراسة بالدرجات المعطاة للطالب والتي رأوا استحقاقه لها.
ومن حيث إنه على مقتضى الأصول العامة السالف بيانها والتي يجب أن تجرى عليها رقابة القضاء الإداري على قرارات إعلان نتيجة امتحانات الطلاب فإن المطاعن التي يوجهها المدعي إلى الدرجات الحاصل عليها في إجاباته التحريرية في مادتي الباطنة والجراحة لا تقوم على سند صحيح من القانون أو الواقع ولا ترقى إلى مرتبة العيوب المؤدية إلى عدم مشروعية القرار المطعون فيه وذلك بحسب الظاهر من الأوراق وبالقدر اللازم للفصل في الشق المستعجل من الدعوى، ودون مساس بأصل الإلغاء وذلك لأنه قد استبان من التحقيق الذي أجرته دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا والذي استوضحت فيه جميع الأساتذة المصححين لإجابات الطالب المذكور عدا أحدهم الموجود في إعارة بخارج البلاد أن هؤلاء الأساتذة هم الذين قاموا بتصحيح ووضع الدرجات المثبتة بأوراق وكراسات الإجابة التحريرية المشار إليها ووقعوا بإمضاءاتهم على غلاف الكراسة قرين الدرجات المعطاة للطالب، ومن ثم يكون بذلك ما آثاره المدعي من حصول عبث بدرجاته بهذه الكراسات هو ادعاء غير صحيح، ويؤكد ذلك ما ذكره هؤلاء الأساتذة من أن تلك هي الدرجات ذاتها الدرجات التي قرروها لإجابات الطالب المذكور دون عبث فيها كما أنه قد اطلعت هذه المحكمة على هذه الكراسات بعد ضمها لملف الطن فلم تجد في ظاهرها ما يؤدي إلى التدليل على ثبوت حصول هذا العبث أو حدوث أي انحراف أو إساءة لاستعمال السلطة في هذا الصدد ومن ثم يكون ما آثاره المدعي من أن تصحيح إجاباته التحريرية مشوب بالانحراف غير مستند أيضاً لأساس صحيح تظاهره الأوراق ومن حيث إنه بالإضافة إلى ما سبق فإن بعض الدرجات الممنوحة في داخل الكراسة بالقلم الرصاص وهي بالتحديد في الكراسة الأولى لمادة الباطنة قد تبين للمحكمة أن المصححين قد أثبتوها ذاتها بالقلم الحبر الجاف بغلاف الكراسة بالمرآة كما مهرت هذه الدرجات بتوقيع الأساتذة عليها وهو الأمر الذي تطمئن إليه المحكمة بحسب ظاهر هذه المستندات على أن الدرجات الواردة بالغلاف هي المقررة فعلاً بواسطة الأساتذة المصححين الأمر الذي يجعل وضع هذه الدرجات بمنأى عن أي مطعن عليها وهذا هو الحال أيضاً بالنسبة للسؤال الثالث في الكراسة الأولى لمادة الجراحة الذي أعطيت عنه الدرجة بغلاف الكراسة بالمرآة دون إثباتها داخل الكراسة فذلك لا يؤدي بذاته وحده إلى بطلان تصحيح هذه الورقة أو بطلان الدرجة المعطاة للطالب فيها ما دام أن الثابت أن الأستاذ المصحح هو الذي قدر هذه الدرجة للطالب فعلاً وهو الذي رصدها له عن إجابته المذكورة، وهو ما أقر به الأستاذ عند سؤاله أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا. كما أنه لا حجة في القول بأن ذلك قد يكون مخالفاً للتعليمات الإدارية المنظمة لتصحيح أوراق الإجابة ذلك أنه مردود على هذا القول بأن قضاء هذه المحكمة قد جرى على التمييز بين الشكليات الجوهرية والشكليات الثانوية في القرارات الإدارية فقواعد الشكل في إصدار القرار الإداري ليست كأصل عام هدفاً في ذاتها أو طقوسها لا مندوحة من اتباعها مما يرتب البطلان الحتمي للقرار والتصرف الإداري وإنما هي إجراءات تستهدف تنظيم العمل وتحقيق الضمانات التي تكفل المصلحة العامة ومصلحة الأفراد على السواء ويتعين حتماً عند أية مخالفة لتلك الإجراءات أن يتم التمييز بين الشكليات الجوهرية التي تنال من تلك المصلحة وغيرها من الشكليات الثانوية فلا يبطل القرار لعيب شكلي إلا إذا نص القانون على البطلان عند إغفال الإجراء أو كان الإجراء جوهرياً في ذاته يترتب على إغفاله تفويت المصلحة التي عني القانون بضمانها وبتأمينها للدولة أو للأفراد على سواء وإذا ما حدث خلل أو مخالفة للإجراءات الشكلية فإنه لا يرتب عيب البطلان إذا ما تحققت رغم مخالفة الغاية والحكمة التي قصد المشرع تحقيقها من الإجراء الشكلي الذي نص عليه وبهذه المثابة فإن المثالب الشكلية التي استند إليها المدعي ليعيب تصحيح إجاباته هي في واقع الأمر من قبيل الشكليات الثانوية التي لا يؤدي إغفالها إلى بطلان عملية التصحيح ذاتها ما دامت أنها لا تؤثر في حقيقة كون أن إجاباته جميعها قد تم تصحيحها وأعطيت عنها الدرجات التي قدر المصححون استحقاقه لها، وتم رصد هذه الدرجات وجمعها على وجه صحيح، وخلت عملية التصحيح بحسب ظاهر الأوراق من أي أمر يدعو للاعتقاد بأنه قد شابها إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها وهو الأمر الذي لا مناص معه من الانتهاء إلى سلامة وصحة عملية التصحيح المشار إليها، وصحة النتيجة التي أعلنتها الجامعة عن امتحان الطالب المذكور ولا يجدي المدعي بعد ذلك مجادلته في صحة تقدير الدرجات التي يستحقها أو بأنه كان يستحق أكثر من الدرجات التي أعطاها له الأساتذة المصححون إذ يدخل تحديد هذه الدرجات في نطاق السلطة التقديرية العلمية والفنية الواسعة المخولة لأعضاء هيئة التدريس في الجامعات بواسطة القوانين المنظمة للجامعات واللوائح التنفيذية التي درجت على النص على أنه يشترط لنجاح الطالب أن ترضى لجنة الامتحان عن فهمه وتحصيله وهو ما نصت عليه المادة 173 من القانون رقم 49/ 1972 بشأن تنظيم الجامعات، ومن ثم فلا يجوز الحلول محل الجامعة وهي الجهة الإدارية المنوط بها تقدير الدرجة المستحقة للطالب في هذا الشأن وفق ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة حسبما سلف البيان.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وكان قد قضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه استناداً إلى نكول الجهة الإدارية عن تقديم دفاعها ومستنداتها وأوراق إجابة الطالب المشار إليها رغم تكليفها بذلك فإنه وقد قدمت الجهة الإدارية للمحكمة كافة المستندات اللازمة للفصل فيه وأبدت دفاعها فيها، فقد انتفت القرينة التي قام عليها.
ومن حيث إن الطعن في هذا الحكم ينقل النزاع برمته إلى هذه المحكمة لتقضي فيه وفق أحكام الدستور والقانون نزولاً على مبدأ سيادة أحكام القانون في رابطة هي من روابط القانون العام: حكم محكمة القضاء الإداري الطعون فيه وأصبح لا مناص من تنحيته وإنزال حكم القانون على الواقعة على وجه صحيح يتفق مع ما هو مستخلص من الأوراق والمستندات المودعة ملف الطعن ومع ما هو مستقر من الأصول العامة والمبادئ القانونية الصحيحة في هذا الشأن ولما كان القرار المطعون فيه والمتمثل في إعلان نتيجة المدعي وحصوله على تقدير عام جيد جداً مع مرتبة الشرف في بكالوريوس الطب والجراحة قد جاء بحسب ظاهر الأوراق مبرءاً من أي عيب من عيوب عدم المشروعية وقد استخلص من أصول ثابتة في الأوراق مؤدية إليه من حيث الواقع والقانون، وكانت المطاعن التي وجهها المدعي إلى هذا القرار توصلاً للحصول على تقدير ممتاز مع مرتبة الشرف غير مستندة لأساس صحيح فإنه لا مناص من القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض وقف تنفيذ هذا القرار لعدم استناد هذا الطلب على أساس قانوني جدي وصحيح مع إلزام المدعي "المطعون ضده" بالمصروفات عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المطعون ضده بالمصروفات.

الطعن 1980 لسنة 52 ق جلسة 21 / 12 / 1987 مكتب فني 38 ج 2 ق 240 ص 1152

جلسة 21 من ديسمبر سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ محمد إبراهيم خليل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد طموم، زكي المصري نائبي رئيس المحكمة، منير توفيق ومحمد السكري.

-----------------

(240)
الطعن رقم 1980 لسنة 52 القضائية

(1) نقل بحري "معاهدة بروكسل".
سند الشحن غير الخاضع لأحكام معاهدة بروكسل. جواز الاتفاق على خضوعه لها بشرط "بارامونت".
(2) نقل بحري. تعويض.
تقدير التعويض عن الهلاك أو التلف الذي يلحق البضاعة بقيمته الفعلية دون التقيد بالحد الأقصى للتعويض المشار إليه بمعاهدة بروكسل. مناطه. أن يكون الشاحن قد دون في سند الشحن بياناً بجنس البضاعة وقيمتها. لا يغني عن ذلك ورود هذا البيان بفاتورة الشراء.
(3) نقل بحري.
النقص في البضاعة المشحونة. يعتبر من قبيل الهلاك الجزئي لها. مؤدى ذلك. اندراجه تحت نص م 4/ 5 من معاهدة بروكسل.
(4) نقل بحري. تعويض.
حدوث العجز في الرسالة أثناء الرحلة البحرية التي انتهت بوصول السفينة الناقلة في 2/ 2/ 1978. التعويض عنه. خضوعه فيما يتصل بحدود مسئولية الناقل البحري لحكم م 4/ 5 من معاهدة بروكسل دون بروتوكول تعديلها الموقع بتاريخ 23/ 2/ 1968. علة ذلك. عدم الموافقة عليه بالعمل به إلا اعتباراً من 30/ 4/ 1983.

-----------------
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يجوز لطرفي عقد النقل إذا كان سند الشحن لا يخضع لمعاهدة بروكسل الدولية لسندات الشحن سنة 1924 طبقاً للشروط التي أوردتها المادة العاشرة منها - أن يتفقا فيه على خضوعه لها وتطبيق أحكامها عليه بتضمينه شرط "بارامونت".
2 - مناط تقدير التعويض عن الهلاك أو التلف الذي يلحق البضاعة بقيمته الفعلية دون التقيد بالحد الأقصى للتعويض المقرر بالمادة 4/ 5 من معاهدة بروكسل الدولية لسندات الشحن - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون الشاحن قد دون في سند الشحن بياناً بجنس البضاعة وقيمتها ولا يغني عن ذلك ورود هذا البيان بفاتورة الشراء.
3 - النقص في البضاعة المشحونة وعلى ما أفصحت عنه الأعمال التحضيرية الخاصة بأحكام معاهدة بروكسل الدولية لسندات الشحن يعتبر من قبيل الهلاك الجزئي لها مما يندرج تحت نص الفقرة الخامسة من المادة الرابعة من المعاهدة المذكورة.
4 - إذ كانت أحكام معاهدة بروكسل الخاصة بتوحيد بعض القواعد المتعلقة بسندات الشحن تعتبر نافذة في مصر ومعمولاً بها اعتباراً من 29/ 5/ 1944 بمقتضى المرسوم بقانون الصادر في 31/ 1/ 1944 إلا أن مصر لم توافق على بروتوكول تعديل هذه المعاهدة الموقع في بروكسل بتاريخ 23/ 2/ 1968 إلا بمقتضى القرار الجمهوري رقم 462 لسنة 1982 الصادر في 22/ 9/ 1982 ولم يعمل به إلا اعتباراً من 30/ 4/ 1983 ولما كان الثابت في الدعوى أن سندي الشحن موضوع النزاع صدرا بتاريخ 24/ 1/ 1978 وأن عملية النقل البحري التي تمت بمقتضاها قد انتهت بوصول السفينة الناقلة إلى الإسكندرية في 2/ 2/ 1978 حيث تم اكتشاف العجز في الرسالة بتاريخ 4/ 4/ 1978 وكان حدوث هذا العجز أثناء الرحلة البحرية أمراً لا خلاف عليه فإن التعويض عنه يخضع فيما يتصل بحدود مسئولية الناقل البحري لحكم الفقرة الخامسة من المادة الرابعة من معاهدة بروكسل المشار إليها دون بروتوكول تعديلها الذي لم يكن مطبقاً في مصر في ذلك التاريخ.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى رقم 1341 لسنة 1978 تجاري كلي الإسكندرية على الشركة المطعون ضدها بطلب الحكم بإلزامها بأن تدفع لها مبلغ 6649 جنيه وقالت بياناً لذلك أنها شحنت على السفينة "جورجي ماسيليف" التابعة للمطعون ضدها من ميناء نوفورسيسك عدد 94 صندوق تحتوي على قطع غيار ماكينات ولدى استلام الرسالة بميناء الإسكندرية تبين وجود عجز خمسة صناديق تقدر قيمتها بالمبلغ المطالب به ولما كان الناقل مسئولاً عن تعويض ما لحق بالرسالة من عجز لوقوعه خلال الرحلة البحرية فقد أقامت الدعوى بطلبها المشار إليه. وبتاريخ 21/ 5/ 1979 ندبت محكمة أول درجة خبيراً في الدعوى وبعد أن قدم تقريره حكمت في 29/ 12/ 1980 بإلزام المطعون ضدها بأن تدفع للطاعنة مبلغ 700.00 جنيه. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 147 لسنة 37 ق س الإسكندرية، كما استأنفته المطعون ضدها بالاستئناف رقم 185 لسنة 37 ق س الإسكندرية وبعد ضم الاستئنافين حكمت المحكمة برفضهما وتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى الطاعنة بالوجه الأول من السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتفسيره والبطلان في الإسناد وفي بيان ذلك تقول أن الحكم خلص إلى تطبيق أحكام معاهدة بروكسل الدولية لسندات الشحن استناداً إلى البند الثاني من سندي الشحن موضوع النزاع وما تضمنه من الاتفاق على تطبيق أحكام المعاهدة في حين أن الترجمة الصحيحة لعباراته لا تؤدي إلى انطباقها بالإضافة إلى أن البند المشار إليه أحال إلى أحكام هذه المعاهدة التي تشترط في مادتها العاشرة لسريان قواعدها أن يكون الشاحن والناقل منتميان لإحدى الدول المنضمة إليها، ولما كان الاتحاد السوفيتي الذي تحمل السفينة الناقلة جنسيته وتحرر سندي الشحن موضوع النزاع فيه لم ينضم إلى معاهدة بروكسل فإن الحكم المطعون فيه إذ طبق أحكامها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تفسيره.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يجوز لطرفي عقد النقل إذا كان سند الشحن لا يخضع لمعاهدة بروكسل الدولية لسندات الشحن سنة 1924 - طبقاً للشروط التي أوردتها المادة العاشرة منها - أن يتفقا فيه على خضوعه لها وتطبيق أحكامها عليه بتضمينه شرط "بارامونت" لما كان ذلك وكان الثابت من سندي الشحن موضوع النزاع تضمنهما شرط بارامونت بما مفاده اتفاق طرفيهما على خضوعهما لأحكام تلك المعاهدة، ومن ثم فإن أحكامها تكون هي الواجبة التطبيق وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون وتفسيره يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثاني من السبب الأول والسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والخطأ في الإسناد والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع إذ أقام قضاءه، بتقدير التعويض عن العجز الذي لحق برسالة النزاع على أن سندي الشحن موضوع النزاع لم يتضمنا بياناً بقيمة البضاعة ورتب على ذلك تطبيق الفقرة الخامسة من المادة الرابعة من معاهدة بروكسل لسندات الشحن والتي تضع حداً أقصى للتعويض، عن هلاك البضاعة أو تلفها يقدر مائة جنية إنجليزي عن كل طرد أو وحدة في حين أن الثابت من سندي الشحن أنهما تضمنا بياناً بحبس البضاعة ويكفي هذا لاستبعاد تطبيق المادة المذكورة وفضلاً عن ذلك فإن فاتورة الشراء المشار إليها بسندي الشحن تضمنت بياناً بقيمة البضاعة الأمر الذي كان يجب معه تقدير التعويض بالكامل طبقاً للقواعد العامة وإذ تقيد الحكم المطعون فيه بالحد الأقصى للتعويض المشار إليه لخلو سندي الشحن من بيان قيمة البضاعة والتفت عما تضمنه دفاع الطاعنة من أنه يكفي لاستبعاد تطبيق المادة آنفة الذكر الاقتصار على بيان جنس البضاعة في سند الشحن فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وفي الإسناد وعابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن مناط تقدير التعويض عن الهلاك أو التلف الذي يلحق البضاعة بقيمته الفعلية دون التقيد بالحد الأقصى للتعويض المقرر بالمادة 4/ 5 من معاهدة بروكسل الدولية لسندات الشحن - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون الشاحن قد دون في سند الشحن بياناً بجنس البضاعة وقيمتها ولا يغني عن وردود هذا البيان بفاتورة الشراء. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وانتهى في قضائه إلى التقيد في تقدير التعويض عن العجز في رسالة النزاع بالتحديد القانوني للمسئولية المنصوص عليها في المادة سالفة الذكر على أساس خلو سندي الشحن موضوع النزاع من بيان قيمة البضاعة وأنه لا يغني عن ذلك ذكر هذا البيان في فاتورة الشراء فإن في ذلك الرد الضمني المسقط لما أثارته الطاعنة من دفاع في هذا الخصوص.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتفسيره والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول أن أحكام التحديد القانوني للمسئولية الواردة بنص المادة 4/ 5 من معاهدة بروكسل لسندات الشحن لا تطبق - بصريح النص - إلا في حالة هلاك البضاعة أو تلفها ومن ثم لا يجوز التوسع في تفسيرها أو القياس عليها. ولما كانت رسالة النزاع قد سلمت بعجز خمسة صناديق وتختلف هذه الحالة عن الهلاك أو التلف وكان الحكم المطعون فيه قد رفض هذا الدفاع الذي تمسكت به الطاعنة أمام محكمة الموضوع على سند من القول بأن عدم تسليم البضاعة ما هو إلا نوع من أنواع الهلاك يندرج تحت نص المادة سالفة الذكر فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن النقص في البضاعة المشحونة - وعلى ما أفصحت عنه الأعمال التحضيرية الخاصة بأحكام معاهدة بروكسل الدولية لسندات الشحن - يعتبر من قبيل الهلاك الجزئي لها مما يندرج تحت نص الفقرة الخامسة من المادة الرابعة من المعاهدة المذكورة.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع إذ قدر الحكم التعويض وفقاً لنص الفقرة الخامسة من المادة الرابعة من معاهدة بروكسل الدولية لسندات الشحن التي حددت مسئولية الناقل البحري عن الهلاك أو تلف البضاعة بما لا يزيد عن مائة جنيه إنجليزي عن كل طرد أو وحدة أو ما يعادل هذه القيمة بنقد عملة أخرى واستبعد تطبيق بروتوكول سنة 1968 الذي عدل هذا النص ورفع التعويض إلى ما يعادل عشرة آلاف فرنك عن كل طرد أو وحدة أو ثلاثين فرنك عن كل كيلو جرام من الوزن القائم للبضاعة الهالكة أو التالفة أيهما أكبر واستند الحكم في ذلك إلى أن مصر لم توافق على البروتوكول المذكور في حين أن انضمامها إلى المعاهدة ابتداء يغني عن الموافقة مرة أخرى على كل تعديل لاحق.
وحيث إن هذا النعي مردود - ذلك أنه لما كانت أحكام معاهدة بروكسل الخاصة بتوحيد بعض القواعد المتعلقة بسندات الشحن تعتبر نافذة في مصر ومعمولاً بها اعتباراً من 29/ 5/ 1944 بمقتضى المرسوم بقانون الصادر في 31/ 1/ 1944 إلا أن مصر لم توافق على بروتوكول تعديل هذه المعاهدة الموقع في بروكسل بتاريخ 23/ 2/ 1968 إلا بمقتضى القرار الجمهوري رقم 462 لسنة 1982 الصادر في 22/ 9/ 1982 ولم يعمل به إلا اعتباراً من 30/ 4/ 1983 ولما كان الثابت في الدعوى أن سندي الشحن موضوع النزاع صدرا بتاريخ 24/ 1/ 1978 وأن عملية النقل البحري التي تمت بمقتضاهما قد انتهت بوصول السفينة الناقلة إلى الإسكندرية في 2/ 2/ 1978 حيث تم اكتشاف العجز في الرسالة بتاريخ 4/ 4/ 1978 - وكان حدوث هذا العجز أثناء الرحلة البحرية أمراً لا خلاف عليه فإن التعويض عنه يخضع فيما يتصل بحدود مسئولية الناقل البحري لحكم الفقرة الخامسة من المادة الرابعة من معاهدة بروكسل المشار إليها دون بروتوكول تعديلها الذي لم يكن مطبقاً في مصر في ذلك التاريخ. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر واستبعد تطبيق أحكام البروتوكول المعدل، فإنه يكون قد خلص إلى نتيجة صحيحة في القانون لا يعيبه ما يكون قد ورد في أسبابه من خطأ في شأن علة استبعاد أحكام بروتوكول سنة 1968 إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذا الخطأ دون أن تنقض الحكم، ومن ثم فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 283 لسنة 34 ق جلسة 23 / 5 / 1992 إدارية عليا مكتب فني 37 ج 2 ق 162 ص 1486

جلسة 23 من مايو سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد المهدي عبد الله مليحي - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد وعبد اللطيف محمد الخطيب ود. علي شحاته وحسني سيد محمد - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(162)

الطعن رقم 283 لسنة 34 القضائية

(أ) الاتحاد الاشتراكي العربي - الندب لعضوية تنظيماته - صرف الحوافز والمكافآت للعاملين المنتدبين إليه خلال فترة الندب والمقررة من جهاتهم الأصلية. (الهيئة العامة للصرف الصحي).
المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 48 لسنة 1968 بشأن تحمل دوائر الحكومة والهيئات العامة والشركات التابعة لها كامل رواتب وتعويضات وأجور ومكافآت وبدلات وكافة المميزات الأخرى للمنتدبين منها لعضوية تنظيمات الاتحاد الاشتراكي أو العمل بها طوال مدة انتدابهم.
العامل الذي يندب للعمل بتنظيمات الاتحاد الاشتراكي العربي السابق من مصالح الحكومة والهيئات والمؤسسات العامة أو الشركات التابعة لها يستحق من الجهة المنتدب منها كامل ما يصدق عليه وصف رواتب أو تعويضات أو أجور أو مكافآت أو بدلات أو أية ميزة وظيفية أخرى وذلك على وجه العموم دون تخصيص في ذلك فيستحق هذه المميزات أياً كان نوعها - لا ينال من هذا الاستحقاق أن الحوافز والمكافآت التي تقررت بقرار رئيس مجلس إدارة هيئة الصرف الصحي رقم 25 لسنة 1974 للعاملين بها اقتصر منحها على العاملين الفعليين بالهيئة دون المنتدبين منها - أساس ذلك: قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة ليس من شأنه تعديل أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 48 لسنة 1968 - تطبيق.
(ب) دعوى - التسليم بطلبات المدعي - مدى الاعتداد به. (مرافعات).
لا يعتد بتسليم الجهة الإدارية بطلبات المدعي بل دفاعها عن وجهة نظره منذ نشوب المنازعة - ما دام لم يتم صرف المبالغ المطالب بها في الدعوى للمدعي فإن المنازعة حولها لم تنته - الحقوق الوظيفية أياً كان نوعها إنما يستمدها العامل من أحكام القوانين واللوائح وليس من مصدر آخر كتسليم الجهة الإدارية بطلباته مثلاً - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 26/ 12/ 1987 أودعت هيئة مفوضي الدولة سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في حكم محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية الصادر بجلسة 19/ 11/ 1987 في الدعوى رقم 1070 لسنة 36 ق والقاضي برفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات، وطلبت في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام الهيئة العامة للصرف الصحي بالإسكندرية بأن تؤدي إلى المدعي قيمة الحوافز والمكافآت المستحقة له عن الفترة من 4/ 2/ 1971 حتى 17/ 1/ 1977 ومقدارها 625.46 جنيهاً وإلزام الإدارة المصروفات.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه لما أبدته من أسباب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بأحقية المدعي في مبلغ 625.46 جنيهاً قيمة الحوافز والمكافآت التي صرفت لزملائه بالهيئة العامة للصرف الصحي بالإسكندرية خلال فترة انتدابه بالاتحاد الاشتراكي العربي من 4/ 2/ 1971 حتى 17/ 1/ 1977 وإلزام جهة الإدارة المصروفات والأتعاب عن درجتي التقاضي.
وقد أعلن الطعن قانوناً إلى طرفي الخصومة.
وحدد لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 28/ 10/ 1991 وبجلسة 10/ 2/ 92 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) لنظره بجلسة 14/ 3/ 1992 وقد تدوول الطعن أمام المحكمة ابتداء من جلسة 14/ 3/ 1992 والجلسات التالية حيث حضر طرفا الخصومة وقرر الحاضر عن الهيئة المطعون ضدها أنه يسلم بطلبات المدعي بأحقيته في الطلبات الواردة بأصل الطعن ورأي هيئة مفوضي الدولة، وقررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية، ومن ثم فهو مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أن السيد/ محمد محمود محمد أقام الدعوى رقم 1070 لسنة 36 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بعريضة أودعها قلم كتاب تلك المحكمة بتاريخ 24/ 6/ 1982 طلب في ختامها الحكم بإلزام الهيئة العامة للصرف الصحي بالإسكندرية المدعى عليها بصرف الحوافز والمكافآت التي صرفت لأقرانه العاملين بالهيئة بمقتضى قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة رقم 25 لسنة 1974 عن مدة انتدابه للعمل بالاتحاد الاشتراكي العربي تطبيقاً لأحكام القرار الجمهوري رقم 48 لسنة 68 وقال في بيان دعواه إنه يعمل بالهيئة المدعى عليها وقد انتدب للعمل بالاتحاد الاشتراكي العربي في المدة من 4/ 2/ 71 حتى 17/ 1/ 1977 وقد تقدم أكثر من مرة لصرف الحوافز والمكافآت التي صرفت لزملائه العاملين بالهيئة بموجب قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة رقم 25 لسنة 74 خلال فترة انتدابه ابتداء من شهر فبراير 1974 وهو تاريخ تطبيق نظام الحوافز الشهرية على العاملين بالهيئة وحتى تاريخ انتهاء ندبه في 17/ 1/ 1977 استناداً إلى أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 48 لسنة 1968 ولما رفضت الهيئة إجابته إلى طلبه أقام هذه الدعوى، وفي رد الجهة الإدارية على الدعوى قدم الحاضر عنها كتاب إدارة الشئون المالية بالهيئة إلى إدارة الشئون القانونية بها متضمناً بياناً بالحوافز والمكافآت التي صرفت لأقران المدعي من المدة من سنة 1972 حتى 1976 ومقدارها 625.46 جنيهاً، كما قدم مذكرة طلب فيها الحكم للمدعي بطلباته.
وبجلسة 19/ 11/ 1987 حكمت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية برفض الدعوى وألزمت المدعي المصروفات، وأقامت قضاءها على أن المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 48 لسنة 1968 تنص على أن تتحمل كل من دوائر الحكومة والهيئات والمؤسسات العامة والشركات التابعة لها كل رواتب وتعويضات وأجور وبدلات وكافة المميزات الأخرى للمنتدبين منها لعضوية تنظيمات الاتحاد الاشتراكي العربي أو للعمل بها طوال مدة انتدابهم، وجاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القرار أنه لا يجوز أن يكون ندب الموظفين لعضوية أو العمل بالاتحاد الاشتراكي العربي سبباً في حرمانهم من أي تعويض أو بدل أو مكافأة أو ميزة كانوا يتقاضونها في جهاتهم الأصلية التي ندبوا منها، وواضح من ذلك أن المقصود من القرار الجمهوري سالف الذكر هو تأكيد حق العامل المنتدب في الحصول على كافة المزايا التي يحصل عليها قبل ندبه للعمل بالاتحاد الاشتراكي العربي حتى لا يضار الموظف من ندبه وإذ كان الثابت في الحالة المعروضة أن الحوافز والمكافآت التي يطالب بها المدعي قررت بعد ندبه للعمل بالاتحاد الاشتراكي العربي وذلك بمقتضى قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة رقم 15 لسنة 1974 اعتباراً من أول فبراير سنة 1974 وعليه فلم تكن هذه الحوافز والمكافآت من المزايا التي كان يحصل عليها المدعي قبل ندبه ومن ثم لا حق له فيها ويكون طلب أحقيته فيها على غير سند صحيح من القانون جديراً بالرفض.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ذلك أن المستفاد من نص المادة الأولى من القرار الجمهوري رقم 48 لسنة 68 أنه أكد أحقية العامل الذي يندب للاتحاد الاشتراكي العربي في تقاضي كافة المرتبات والبدلات والأجور الإضافية وكافة المزايا السارية التي كان يتقاضاها العامل لو بقي في وظيفته الأصلية حرصاً على المساواة بين العامل المنتدب بالاتحاد الاشتراكي العربي وأقرانه الذين يتساوون معه في الوضع الوظيفي والمراكز القانونية وحتى لا يكون الندب سبباً في الانتقاص من المرتبات والمزايا المادية التي يتقاضاها العامل في وظيفته الأصلية، ويكون ما ذهبت إليه محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية من قصر هذه المزايا على تلك التي كانت مقررة قبل الندب متنافياً مع الحكمة من تقرير أحقية العامل في تقاضي كافة المزايا التي تتقرر لأقرانه خلال ندبه للعمل بالاتحاد الاشتراكي العربي قد جانبه الصواب خليقاً بالإلغاء.
ومن حيث إن المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 48 لسنة 1968 بشأن تحمل دوائر الحكومة والهيئات والمؤسسات العامة والشركات التابعة لها كامل رواتب وتعويضات وأجور ومكافآت وبدلات وكافة المميزات الأخرى للمنتدبين منها لعضوية تنظيمات الاتحاد الاشتراكي أو العمل بها طوال مدة انتدابهم تنص على أن: تتحمل كل دوائر الحكومة والهيئات والمؤسسات العامة والشركات التابعة لها كامل رواتب وتعويضات وأجور ومكافآت وبدلات وكافة المميزات الأخرى، للمنتدبين منها لعضوية تنظيمات الاتحاد الاشتراكي العربي أو للعمل بها مدة انتدابهم".
ومفاد هذا النص أن العامل الذي يندب للعمل بتنظيمات الاتحاد الاشتراكي العربي السابق من مصالح الحكومة والهيئات والمؤسسات العامة أو الشركات التابعة لها يستحق من الجهة المنتدب منها كامل ما يصدق عليه وصف رواتب أو تعويضات أو أجور أو مكافآت أو بدلات أو أية ميزة وظيفية أخرى وذلك على وجه العموم دون تخصيص في ذلك فيستحق هذه المميزات أياً كان نوعها وسواء كانت مقررة عند إجراء الندب أو أثناءه ولا ينال من هذا الاستحقاق في الحالة المعروضة أن الحوافز والمكافآت التي تقررت بقرار رئيس مجلس إدارة هيئة الصرف الصحي رقم 25 لسنة 1974 للعاملين بها اقتصر منحها على العاملين الفعليين بالهيئة دون المنتدبين منها لأن قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة المشار إليه ليس من شأنه تعديل أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 48 لسنة 1968 سالف الإشارة.
وإذ كان الثابت من الأوراق أن المدعي كان قد ندب من الهيئة العامة للصرف الصحي للعمل بالاتحاد الاشتراكي العربي السابق في الفترة من 4/ 2/ 1971 حتى 17/ 1/ 1977 وقد استحق نظراؤه من العاملين بالهيئة المشار إليها من هذه الفترة حوافز ومكافآت بلغ مجموعها 625.46 جنيهاً ومن ثم فإن المدعي يستحق هذا المبلغ عملاً بأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 48 لسنة 1968 سالف الإشارة، ومتى كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإنه يكون قد جانبه الصواب حقيقاً بالإلغاء وهو ما يتعين القضاء به ولا محاجة في هذا الصدد بأن الجهة الإدارية على لسان محاميها قد سلمت بطلبات المدعي بل قد دافعت عن وجهة نظره منذ نشوب المنازعة أمام محكمة أول درجة وأمام هذه المحكمة إذ إنه ما دام لم يتم صرف المبالغ المطالب بها في الدعوى للمدعي فإن المنازعة حولها لم تنته هذا فضلاً عن أن الحقوق الوظيفية أياً كان نوعها إنما يستمدها العامل من أحكام القوانين واللوائح وليس من مصدر آخر كتسليم الجهة الإدارية بطلباته مثلاً.
ومن حيث إن المدعي وإن أقام دعواه للمطالبة بهذه المبالغ بتاريخ 24/ 6/ 1982 إلا أنه كان دائم المطالبة بها قبل رفع الدعوى فلا يسمح للتقادم الخمسي أن يزحف إليها فقد تقدم بطلب صرف هذه الحوافز بالطلب المرفق لكتاب أمين الاتحاد الاشتراكي العربي لمحافظة الإسكندرية بتاريخ 2/ 11/ 1974 كما تقدم بمطالبة أخرى بتاريخ 22/ 2/ 1975 كما طالب بصرفها أيضاً بالطلب المقدم بتاريخ 5/ 1/ 1980 ثم أقام دعواه في 24/ 6/ 1982 وبذلك فإن مدة التقادم الخمسي لم تكتمل بالنسبة إلى هذه المبالغ ومن ثم فإنه يتعين القضاء بها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام الهيئة العامة للصرف الصحي بأن تؤدي إلى المدعي مبلغ 625.46 جنيهاً (ستمائة وخمسة وعشرين جنيهاً وستة وأربعين قرشاً) وإلزامها المصروفات.

الطعن 712 لسنة 56 ق جلسة 1 / 10 / 1986 مكتب فني 37 ق 127 ص 670

جلسة أول أكتوبر سنة 1986

برياسة السيد المستشار: محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم حسين رضوان ومحمد ممدوح سالم ومحمد رفيق البسطويسي (نواب رئيس المحكمة) وسري صيام.

------------------

(127)
الطعن رقم 712 لسنة 56 القضائية

(1) إجراءات "إجراءات المحاكمة". وصف التهمة. محكمة الموضوع "سلطتها في تعديل وصف التهمة".
عدم تقيد محكمة الموضوع بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الواقعة. واجبها تمحيصها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها صحيح القانون ولو كان الوصف الصحيح هو الأشد. حد ذلك؟.
(2) توقيع على سند بالإكراه. جريمة "أركانها". إكراه. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ركن القوة أو التهديد في جريمة الإكراه على إمضاء السندات تحققه بكافة صور انعدام الرضا لدى المجني عليه. تمامه بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص من شأنها تعطيل الاختيار أو إعدام قوة المقاومة عندهم تسهيلاً لارتكاب الجريمة.
الإكراه كما يكون مادياً باستعمال القوة. قد يكون أدبياً بطريق التهديد.
تقدير بلوغ التهديد درجة من الشدة تسوغ اعتباره قرين القوة. موضوعي. ما دام سائغاً.
مثال.
(3) إثبات "اعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". توقيع على سند بالإكراه.
عدم التزام المحكمة في أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره. لها تجزئته واستنباط الحقيقة منه كما كشف عنها.
ورود الاعتراف على الواقعة بكافة تفاصيلها. غير لازم. كفاية وروده على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى اقتراف الجاني للجريمة.
(4) شيك بدون رصيد.
توقيع الساحب الشيك على بياض لا ينال من سلامته. أساس ذلك؟
(5) حكم "ما يعيبه في نطاق التدليل".
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
(6) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". وزن أقوال الشهود. موضوعي.
حق محكمة الموضوع التعويل على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيقات. متى اطمأنت إليها.
(7) عقوبة "العقوبة المبررة". قبض بدون وجه حق. توقيع على سند بالإكراه. نقض "المصلحة في الطعن".
عدم جدوى النعي في توافر أركان جريمة القبض والحجز بدون وجه حق متى كانت المحكمة قد عاقبت الطاعن بعقوبة جريمة إكراه المجني عليه على إمضاء شيكات المرتبطة بها بوصفها الأشد.

--------------------
1 - من المقرر أن محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم بل من واجبها أن تمحص الواقعة المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً، ولو كان الوصف الصحيح هو الأشد ما دامت الواقعة المرفوعة بها الدعوى لم تتغير وليس عليها في ذلك إلا مراعاة الضمانات التي نصت عليها المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية وهي تنبيه المتهم ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه إذا طلب ذلك، إذ أنها وهي تفصل في الدعوى لا تتقيد بالواقعة في نطاقها الضيق المرسوم في وصف التهمة المحالة عليها بل إنها مطالبة بالنظر في الواقعة الجنائية على حقيقتها كما تبين من عناصرها المطروحة عليها ومن التحقيق الذي تجريه بالجلسة.
2 - لما كان الحكم قد أثبت في حق الطاعن وباقي المحكوم عليهم - في بيان كاف - إقدامهم على ارتكاب الجريمة متوخين تعطيل إرادة المجني عليه عن طريق تهديدهم له باستعمال السلاح أثناء اقتيادهم له في السيارة وحمله كرهاً إلى منزل أولهم وتهديده وهو في قبضتهم محجوزاً دون وجه حق حتى عصر اليوم التالي مما من شأنه ترويع المجني عليه وانقياده كرهاً عنه إلى التوقيع على الشيكات الثلاثة التي طلبوا منه التوقيع عليها، فإن الحكم يكون قد استظهر بذلك ركن القوة أو التهديد في جريمة الإكراه على إمضاء السندات كما هي معرفة به في نص المادة 325 من قانون العقوبات، إذ يتحقق هذا الركن بكافة صور انعدام الرضا لدى المجني عليه فهو يتم بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص يكون من شأنها تعطيل الاختيار أو إعدام قوة المقاومة عندهم تسهيلاً لارتكاب الجريمة، فكما يصح أن يكون الإكراه مادياً باستعمال القوة فإنه يصح أيضاً أن يكون أدبياً بطريق التهديد ويدخل في هذا المعنى التهديد بخطر جسيم على النفس أو المال، وإذ كان تقدير التهديد الذي يبلغ درجة من الشدة تسوغ اعتباره قرين القوة والذي يرغم المجني عليه على التوقيع على الورقة أو السند، مرجعه إلى محكمة الموضوع تستخلصه من عناصر الدعوى المطروحة أمامها بغير معقب عليها في ذلك ما دام استخلاصها سائغاً ومستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كالحال في الدعوى - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس.
3 - من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة في أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره بل لها أن تجزئه وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشف عنها، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر في قضائه أن اعتراف المتهم الثالث الذي أخذ به الطاعن قد ورد نصاً في الاعتراف بالجريمة واطمأنت المحكمة إلى مطابقته للحقيقة والواقع، فإنه لا يؤثر فيه عدم اشتماله على أنه تم تهديد المجني عليه بالسلاح أثناء تواجده بالسيارة أو على أنه أرغم على التوقيع على الشيكات بمسكن المحكوم عليه الأول، ذلك أنه لا يلزم أن يرد الاعتراف على الواقعة بكل تفاصيلها بل يكفي أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة.
4 - من المقرر أن توقيع الساحب على الشيك على بياض دون أن يدرج القيمة التي يحق للمستفيد تسلمها من المسحوب عليه أو دون إثبات تاريخ به لا يؤثر على صحة الشيك إذ أن إعطاء الشيك بغير إثبات القيمة أو التاريخ يفيد أن مصدره قد فوض المستفيد في وضع هذين البيانين قبل تقديمه للمسحوب عليه، وينحسر عنه بالضرورة عبء إثبات وجود هذا التفويض وطبيعته ومداه، وينقل هذا العبء إلى من يدعي خلاف هذا الظاهر.
5 - من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو، الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة.
6 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولهم من الشبهات، كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وكان من حق المحكمة وهي في سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل التحقيقات ما دامت قد اطمأنت إليها وأن تطرح ما عداها، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من أخذه بشهادة المجني عليه بالجلسة رغم تناقضها مع أقواله بالتحقيقات لا يكون له محل.
7 - لا مصلحة للطاعن فيما يثيره في شأن واقعة القبض والحجز بدون وجه حق - وأياً كان الرأي في الوصف القانوني الذي أسبغته المحكمة عليها - ما دامت المحكمة قد طبقت في حقه المادة 32 من قانون العقوبات وأوقعت عليه عقوبة الجريمة الأولى - وهي إكراه المجني عليه على إمضاء الشيكات - بوصفها الجريمة الأشد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم: (أولاً) شرعوا في إكراه.... على توقيع ثلاث شيكات على بياض بقصد ملء بياناتها بكتابه تثبت لهم حقوقاً قبله بأن حجزوه بدون وجه حق وهددوه بالقتل فقام بالتوقيع عليها بناء على هذا الإكراه. (ثانياً) قبضوا على المجني عليه سالف الذكر وحجزوه بدون وجه حق بغير أمر أحد من الحكام المختصين قانوناً في غير الأحوال المحددة لذلك على النحو المبين بالأوراق. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة جنايات قنا لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم (الطاعن) بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 280 و325 من قانون العقوبات بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وإلزامه بأن يؤدي للمجني عليه مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الإكراه على إمضاء ثلاثة شيكات على بياض والقبض والحجز بدون أمر أحد الحكام المختصين، قد شابه البطلان والخطأ في تطبيق القانون وفي الإسناد والإخلال بحق الدفاع والقصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن المحكمة عدلت الواقعة المرفوعة بها الدعوى من شروع في إكراه على إمضاء ثلاثة شيكات إلى جريمة تامة مع أن تمام الجريمة كان نتيجة وقائع إكراه أخرى لم ترد في أمر الإحالة فلا تملك المحكمة إقامة قضائها عليها إلا باتباع ما نصت عليه المادة الحادية عشرة من قانون الإجراءات الجنائية ويمتنع عليها في هذه الحالة نظر الدعوى برمتها كما أن الحكم لم يبين في صورة الواقعة أو في أدلة الدعوى عناصر الإكراه الذي أدى إلى التوقيع على الشيكات وعول في إدانة الطاعن - من بين ما عول عليه - على اعتراف المتهم... مع أن أقوال ذلك المتهم تناقض الصورة التي اعتنقها الحكم في شأن حصول التهديد في منزل المحكوم عليه الأول إذ أنها لا تفيد إجبار المجني عليه على التوقيع على الشيكات، وبني الحكم اعتقاده بتمام الجريمة على مجرد افتراض انتواء الطاعن وباقي المتهمين تحرير بيانات الشيكات وهو أمر لم يتحقق، ودان الحكم الطاعن طبقاً للمادة 325 من قانون العقوبات رغم أن الشيكات محررة على بياض وليست لها أية قيمة، كما أن الحكم بعد أن أثبت في بيانه لصورة الدعوى أن الطاعن والمتهمين الثالث والرابع طلبوا من المجني عليه التوقيع على الشيكات لصالح المتهم الأول عاد وأثبت أن بيانات الشيكات ستحرر لصالح المتهمين جميعاً، وحصل من أقوال المجني عليه أن الطاعن ومن معه من المتهمين حضروا إليه بمنزله على زعم الاستعانة به في إصلاح سيارة معطلة بالطريق على خلاف ما جاء بأقواله بالجلسة من أنه كان سيقوم بجر السيارة المعطلة، وعول الحكم على شهادة المجني عليه بالجلسة رغم تناقضها مع أقواله بالتحقيقات واعتبر أن المجني عليه لم يكن في مكنته الاستغاثة طوال الطريق رغم طول المسافة التي قطعتها السيارة ومرورها على نقط متعددة وفي شوارع المدينة المزدحمة كما اعتبر الحكم ركن التهديد بالقتل متوافر في جريمة القبض والحبس بغير حق مع أن تصرف الطاعن وباقي المتهمين لا يفيد توافره. وأخيراً فقد خالف الحكم القانون حين ألزم الطاعن المصاريف الجنائية ثم عاد وألزم بها باقي المتهمين. كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية على الطاعن بوصف أنه وثلاثة آخرين شرعوا في إكراه المجني عليه.... على توقيع ثلاثة شيكات على بياض بقصد ملئ بياناتها بكتابة تثبت لهم حقوقاً قبله بأن حجزوه دون وجه حق وهددوه بالقتل فقام بالتوقيع عليها بناء على هذا الإكراه وبأنهم قبضوا على المجني عليه سالف الذكر وحجزوه دون وجه حق بغير أمر من أحد الحكام المختصين بذلك - ولدى نظر الدعوى عدلت المحكمة وصف التهمة الأولى المنسوبة إلى الطاعن وباقي المتهمين من شروع في إكراه على إمضاء ثلاثة شيكات إلى جريمة تامة. وقد حصل الحكم واقعة الدعوى في قوله "إن المتهمين الثلاثة الأخيرين - الطاعن والمتهمين الثالث والرابع - كانوا قد اصطحبوا المجني عليه... في سيارة خاصة بهم عصر يوم 21/ 2/ 1979 برأس غارب زاعمين له أن هناك سيارة معطلة يريدون الاستعانة به في إصلاحها وأنهم إذ كانت السيارة تقلهم جميعاً قاموا بتقييد حريته وشل حركته وتهديده وطلب منه المتهم الثاني... - الطاعن - عنوة أن يوقع على ثلاثة شيكات لم تملأ بياناتها لصالح شقيقه المتهم الأول على سند من القول أن ذلك بهدف تصفية الحساب بينهما وقد أخرج المتهم الثاني مسدساً صوبه نحو جنبه الأيمن بينما أخرج المتهم الثالث مدية صوبها نحو جنبه الأيسر قاصدين إرغامه كرهاً على التوقيع على الشيكات سالفة الذكر إلا أن المجني عليه لم يستجب لمطلبهم ولم يمتثل لتهديدهم وحاول عبثاً الاستغاثة إلا أن أحداً لم يغثه وظل المتهمون الثلاثة على هذا الحال المتقدم ذكره إلى أن اقتادوه للمتهم الأول في منزله بالقاهرة الذي حاول يعاونه في ذلك المتهمون الباقون إرغام المجني عليه على التوقيع له على الشيكات سالفة البيان مهدداً ومتوعداً إياه واستمر ذلك والمجني عليه في قبضتهم حتى قبل عصر اليوم التالي إلى أن عجز المجني عليه عن مقاومة هذا التهديد وذلك الوعيد وأوجس في نفسه خيفة فاستجاب لذلك ووقع مرغماً على هذه الشيكات لصالح المتهم الأول وما أن أعادوه إلى بلدته حتى أسرع يبلغ الشرطة بالحادث وأورد الحكم المطعون فيه على ثبوت الواقعة في حق الطاعن أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال المجني عليه واعتراف المتهم... ومن تحريات الشرطة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم بل من واجبها أن تمحص الواقعة المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً، ولو كان الوصف الصحيح هو الأشد ما دامت الواقعة المرفوعة بها الدعوى لم تتغير وليس عليها في ذلك إلا مراعاة الضمانات التي نصت عليها المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية وهي تنبيه المتهم ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه إذا طلب ذلك، إذ أنها وهي تفصل في الدعوى لا تتقيد بالواقعة في نطاقها الضيق المرسوم في وصف التهمة المحالة عليها بل إنها مطالبة بالنظر في الواقعة الجنائية على حقيقتها كما تبين من عناصرها المطروحة عليها ومن التحقيق الذي تجريه بالجلسة. لما كان ذلك، وكانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً للوصف الذي دان الطاعن به ودارت على أساسه المرافعة، كما أن المحكمة لفتت نظر الدفاع إلى ما أسبغته على الواقعة من وصف قانوني، فإن النعي على حكمها بدعوى البطلان والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع يكون في غير محله، لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت في حق الطاعن وباقي المحكوم عليهم - في بيان كاف - إقدامهم على ارتكاب الجريمة متوخين تعطيل إرادة المجني عليه عن طريق تهديدهم له باستعمال السلاح أثناء اقتيادهم له في السيارة وحمله كرهاً إلى منزل أولهم وتهديده وهو في قبضتهم محجوزاً دون وجه حق حتى عصر اليوم التالي مما من شأنه ترويع المجني عليه وانقياده كرهاً عنه إلى التوقيع على الشيكات الثلاثة التي طلبوا منه التوقيع عليها، فإن الحكم يكون قد استظهر بذلك ركن القوة أو التهديد في جريمة الإكراه على إمضاء السندات كما هي معرفة به في نص المادة 325 من قانون العقوبات، إذ يتحقق هذا الركن بكافة صور انعدام الرضا لدى المجني عليه فهو يتم بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص يكون من شأنها تعطيل الاختيار أو إعدام قوة المقاومة عندهم تسهيلاً لارتكاب الجريمة، فكما يصح أن يكون الإكراه مادياً باستعمال القوة فإنه يصح أيضاً أن يكون أدبياً بطريق التهديد ويدخل في هذا المعنى التهديد بخطر جسيم على النفس أو المال، وإذ كان تقدير التهديد الذي يبلغ درجة من الشدة تسوغ اعتباره قرين القوة، والذي يرغم المجني عليه على التوقيع على الورقة أو السند، مرجعه إلى محكمة الموضوع تستخلصه من عناصر الدعوى المطروحة أمامها بغير معقب عليها في ذلك ما دام استخلاصها سائغاً ومستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق - كالحال في الدعوى - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل اعتراف المحكوم عليه الثالث في قوله وقد اعترف المتهم الثالث... بتحقيقات النيابة أنه والمتهمين.... و.... اصطحبوا المجني عليه في السيارة بتوجيه من المتهم الثاني (الطاعن) زاعمين له بأن هناك سيارة معطلة وفي الطريق على مقربة من نقطة مرور الزعفرانة حاول المجني عليه الاستغاثة حين اكتشف عدم وجود سيارة معطلة ولكن لم يجبه أحد ووضع المتهم الثاني يده على فمه بينما أمسك هو بيده التي كان يحاول بها إيقاف السيارة وقد طلب المتهم الثاني من المجني عليه أن يوقع على ثلاثة شيكات لصالح شقيقة المتهم الأول ولما أن رفض التوقيع اصطحبوه في السيارة عنوة إلى حيث يقيم المتهم الأول الذي أساء استقباله وسبه بمسكنه بمدينة القاهرة وأنهى المتهم اعترافه أنه والمتهمين المرافقين له في السيارة وهم الثاني (الطاعن) والرابع أرغموا المجني عليه وأجبروه على التوجه إلى حيث يقيم المتهم الأول وقد قضى ليلة بهذا المنزل وتم توقيعه على الشيكات الثلاث" وكان من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة في أخذها باعتراف المتهم أن تلتزم نصه وظاهره بل لها أن تجزئه وأن تستنبط منه الحقيقة كما كشف عنها، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر في قضائه أن اعتراف المتهم الثالث الذي أخذ به الطاعن قد ورد نصاً في الاعتراف بالجريمة واطمأنت المحكمة إلى مطابقته للحقيقة والواقع، فإنه لا يؤثر فيه عدم اشتماله على أنه تم تهديد المجني عليه بالسلاح أثناء تواجده بالسيارة أو على أنه أرغم على التوقيع على الشيكات بمسكن المحكوم عليه الأول، ذلك أنه لا يلزم أن يرد الاعتراف على الواقعة بكل تفاصيلها بل يكفي أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة - وهو ما لم يخطئ فيه الحكم، وتكون منازعة الطاعن في هذا الصدد على غير سند. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن توقيع الساحب على الشيك على بياض دون أن يدرج القيمة التي يحق للمستفيد تسلمها من المسحوب عليه أو دون إثبات تاريخ به لا يؤثر على صحة الشيك إذ أن إعطاء الشيك بغير إثبات القيمة أو التاريخ يفيد أن مصدره قد فوض المستفيد في وضع هذين البيانين قبل تقديمه للمسحوب عليه، وينحسر عنه بالضرورة عبء إثبات وجود هذا التفويض وطبيعته ومداه، وينقل هذا العبء إلى من يدعي خلاف هذا الظاهر، وإذ كان الحكم قد استخلص من ظروف الدعوى أن الطاعن وباقي المحكوم عليهم كانوا يبغون من إكراه المجني عليه على إمضاء الشيكات الثلاثة على بياض استيفاء بياناتها بما يثبت حقوقاً لهم قبله، فإن استخلاصه هذا يكون سائغاً يتفق مع العقل والمنطق ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا المعنى على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو، الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة للواقعة حاصلها أن الطاعن والمحكوم عليهم الآخرين أكرهوا المجني عليه على التوقيع على الشيكات على بياض لصالح المحكوم عليه الأول ثم ساق الحكم أدلة الثبوت التي استمد منها عقيدته هذه ومن بينها أقوال المجني عليه واعتراف المحكوم عليه الثالث واللذان تطابقا في هذا المعنى مع ما أورده في بيانه لواقعة الدعوى، فإن ما تناهي إليه الحكم بعد ذلك في معرض وصف التهمة من القول أن الإكراه على إمضاء الشيكات الثلاثة على بياض كان بقصد ملء بياناتها بكتابة تثبت لهم حقوقاً قبله، لا يعدو - في صورة الدعوى - أن يكون خطأ مادياً لا أثر له على النتيجة التي انتهى إليها. لما كان ذلك، وكان الثابت في محضر جلسة المحاكمة أن ما حصله الحكم من أقوال المجني عليه بخصوص واقعة إصلاح السيارة له صداه من أقواله بالتحقيقات، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولهم من الشبهات، كل هذا مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، وكان من حق المحكمة وهي في سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل التحقيقات ما دامت قد اطمأنت إليها وأن تطرح ما عداها، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من أخذه بشهادة المجني عليه بالجلسة رغم تناقضها مع أقواله بالتحقيقات لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكانت الصورة التي استخلصتها المحكمة لواقعة الدعوى لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في عدم قدرة المجني عليه على الاستغاثة طول الطريق لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أسند للطاعن - في التهمة الثانية - جريمة القبض على المجني عليه وحجزه دون وجه حق بغير أمر أحد الحكام المختصين المؤثمة بالمادة 280 من قانون العقوبات - وهي جنحة - ولم يسند إليه الجريمة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 282 من القانون المذكور - وهي جناية - والتي يشترط لقيامها أن يكون القبض مقترناً بالتهديد بالقتل، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد، هذا فضلاً عن أنه لا مصلحة للطاعن فيما يثيره في شأن واقعة القبض والحجز بدون وجه حق - وأياً كان الرأي في الوصف القانوني الذي أسبغته المحكمة عليها - ما دامت المحكمة قد طبقت في حقه المادة 32 من قانون العقوبات وأوقعت عليه عقوبة الجريمة الأولى - وهي إكراه المجني عليه على إمضاء الشيكات - بوصفها الجريمة الأشد. لما كان ذلك، وكانت المادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أن "كل متهم حكم عليه في جريمة يجوز إلزامه بالمصاريف كلها أو بعضها" وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه ومنطوقه أنه انتهى إلى إلزام الطاعن والمحكوم عليهم الآخرين بالمصاريف الجنائية، فإنه لا يكون قد خالف القانون في شيء. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن المصاريف المدنية.

الطعن 3502 لسنة 36 ق جلسة 19 / 5 / 1992 إدارية عليا مكتب فني 37 ج 2 ق 161 ص 1481

جلسة 19 من مايو سنة 1992

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكروري - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ د. أحمد مدحت حسن علي وعويس عبد الوهاب عويس ومحمد أبو الوفا عبد المتعال ود. محمد عبد البديع عسران - نواب رئيس مجلس الدولة.

-------------

(161)

الطعن رقم 3502 لسنة 36 القضائية

عاملون بالقطاع العام - تأديب - الدعوى التأديبية - اختصاص المحكمة (اختصاص).
المادة 18 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة - تكون محاكمة العاملين المنسوبة إليهم مخالفة واحدة أو مخالفات مرتبطة ببعضها أمام المحكمة التي وقعت في دائرة اختصاصها المخالفة أو المخالفات - إذا كانت المخالفات وقعت بالمركز الرئيسي للشركة بالقاهرة فإن المحكمة التأديبية التي يتبعها العامل بالقاهرة هي المختصة بالمحاكمة - لا ينال من ذلك حال كون العامل يعمل بقطاع الشركة بالإسكندرية أو حال شغله وظيفة مدير إدارة بقطاع الإسكندرية - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 28/ 8/ 1990 أودع الأستاذ/ محمد أمين الكردي المحامي سكرتارية المحكمة الطعن الماثل طعناً على الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة الصناعة بجلسة 30/ 6/ 1990 في الطعن رقم 25 لسنة 23 ق المقام من المطعون ضده ضد الطاعن بصفته والذي قضى بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الطعن وإحالته إلى المحكمة التأديبية بالإسكندرية.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء باختصاص المحكمة التأديبية لوزارة الصناعة بالقاهرة وإحالة الطعن إليها لنظر موضوعه مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات والأتعاب.
وقدم مفوض الدولة تقريراً ارتأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص المحكمة التأديبية لوزارة الصناعة بنظر الطعن وبإعادته إليها للفصل فيه بهيئة أخرى.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة حيث قررت بجلسة 6/ 11/ 1991 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 24/ 12/ 1991، حيث تدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية، فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذا النزاع تخلص في أن المطعون ضده أقام الطعن رقم 25 لسنة 23 ق أمام المحكمة التأديبية لوزارة الصناعة بصحيفة أودعها سكرتارية تلك المحكمة بتاريخ 23/ 11/ 1988 طلب في ختامها الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 5 لسنة 1988 فيما تضمنه من مجازاته بخصم ثمانية أيام من راتبه وما يترتب على ذلك من آثار.
وقال المدعي شرحاً لدعواه: إنه بتاريخ 26/ 10/ 1988 صدر قرار مجلس إدارة الشركة الطاعنة رقم 5 لسنة 1988 بمجازاته بخصم ثلاثة أيام من راتبه لاعتدائه على المهندس/ ...... بألفاظ غير لائقة، وبمجازاته بخصم خمسة أيام من راتبه عن واقعتي اعتدائه على المهندس المذكور بالتواطؤ مع أحد المقاولين واعتماده مستخلصات ليست في سلطته، في حين أنه لم يرتكب أية مخالفة تبرر صدور هذا القرار والوقائع التي تضمنها التحقيق ويتم التحقيق فيها بمعرفة النيابة الإدارية في القضية رقم 264/ 1988، وقد سبق أن صدر القرار رقم 71 في 4/ 10/ 1988 بنقله من الإسكندرية إلى القاهرة استناداً للتحقيق رقم 18 لسنة 1988.
وقد قضت المحكمة في ذلك الطعن بجلسة 30/ 6/ 1990 بعدم اختصاصها محلياً بنظر الطعن وإحالته بحالته إلى المحكمة التأديبية بالإسكندرية للاختصاص وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن الوقائع التي نسبت للمدعي هي تعديه على المهندس/ ....... مدير عام الجهد العالي والمتوسط بالإسكندرية وادعاؤه عليه بالتواطؤ مع أحد المقاولون وإصدار مستخلصات ليست من اختصاصه وهذه الوقائع قد ارتكبها المدعي حال شغله وظيفة مدير إدارة مالية بقطاع الإسكندرية بتاريخ 2/ 6/ 1988 وقبل نقله إلى القاهرة، ولما كان المناط في تحديد دائرة اختصاص المحكمة التأديبية هو مكان وقوع المخالفة وليس مكان عمل المخالف، ولما كانت الوقائع المنسوبة إلى المدعي قد نسبت إليه حال عمله بقطاع الشركة بالإسكندرية فإنه يتعين إحالة الطعن للمحكمة التأديبية بمدينة الإسكندرية للاختصاص.
ولم يرتض الطاعن بصفته هذا الحكم فطعن عليه بالطعن الماثل مقيماً إياه على أساس أن قضاء المحكمة بعدم اختصاصها مخالف للقانون حيث تصورت المحكمة أن الواقعة قد حدثت بالإسكندرية محل عمل المطعون ضده في حين أن الواقعة الرئيسية أساس الطعن قد وقعت من المذكور بتاريخ 2/ 6/ 1988 على سلم المركز الرئيسي للشركة الكائن 35 شارع حسن عاصم بالزمالك بالقاهرة ومن ثم فإن الاختصاص ينعقد أصلاً للمحاكم التأديبية بالقاهرة لأنها هي المحاكم التي وقعت بدائرتها المخالفة سبب توقيع الجزاء المطعون فيه. وأضاف الطاعن أن الشكوى - محل الاتهام الثاني - قدمت من المطعون ضده حال وجوده بمبنى الشركة بالقاهرة أثر تعديه على المهندس المذكور.
هذا فضلاً عن أن المنشور الصادر بتاريخ 12/ 4/ 1988 بتحديد اختصاصات المطعون ضده بإدارة الشئون المالية بالإسكندرية - هذا المنشور قد تم سحبه من تاريخ صدوره ومن ثم أصبح كأن لم يكن ولم يعد للمطعون ضده أي اختصاصات بالإسكندرية. وانتهى الطاعن من ذلك إلى الطلبات السابق بيانها.
وقد حضر المطعون ضده أمام المحكمة وطلب الحكم بإحالة الدعوى إلى المحكمة التأديبية لوزارة الصناعة، كما قدم مذكرة بدفاعه أكد فيها أن المخالفات المنسوبة إليه تمت جميعاً بالمقر الرئيسي للشركة بالقاهرة وأن فرع الشركة بالإسكندرية هو مجرد فرع فني لتنفيذ الأعمال الهندسية وليس له أي اختصاص إداري وأن المطعون ضده يتبع رئيس قطاع الشئون المالية بالمركز الرئيسي للشركة بالقاهرة. وانتهى في مذكرة دفاعه إلى طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى. وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 5 لسنة 1988 فيما تضمنه من مجازاته بخصم ثمانية أيام من راتبه وما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن المخالفات المنسوبة للمطعون ضده وهي التعدي على المهندس/ ........ بألفاظ غير لائقة وادعاؤه على هذا المهندس بالتواطؤ مع أحد المقاولين الذين ينفذون أعمال الشركة واعتماد مستخلصات ليست في سلطته، هذه المخالفات قد وقعت جميعاً بالقاهرة، لأن واقعة التعدي باللفظ طبقاً لما هو ثابت بأوراق التحقيق قد وقعت على سلم المركز الرئيسي للشركة بالقاهرة كما أن الادعاء على هذا المهندس بأنه متواطئ مع أحد المقاولين وباعتماد مستخلصات ليست في سلطته قد تم أيضاً بالمركز الرئيسي للشركة بالقاهرة.
ومن حيث إن المادة 18 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة تنص على أن تكون محاكمة العاملين المنسوبة إليهم مخالفة واحدة أو مخالفات مرتبطة ببعضها ومجازاتهم أمام المحكمة التي وقعت في دائرة اختصاصها المخالفة أو المخالفات ومؤدى ذلك أن تكون المحكمة المختصة بمحاكمة المطعون ضده تأديبياً عن المخالفات المنسوبة إليه هي المحكمة التأديبية لوزارة الصناعة بحسبان أن هذه المخالفات قد وقعت بمدينة القاهرة وإذ قضت تلك المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الطعن وإحالته إلى المحكمة التأديبية بالإسكندرية فإنها تكون قد أخطأت ويتعين الحكم بإلغاء قضائها هذا وإعادة الطعن إليها لتفصل فيه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الطعن التأديبي إلى المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة الصناعة للفصل فيه مجدداً من هيئة أخرى.