جلسة 21 من نوفمبر سنة 1978
برئاسة السيد المستشار: صلاح الدين حبيب - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد صدقي العصار، زكى الصاوي صالح، حسن النسر ويحيى العموري.
-----------------
(331)
الطعن رقم 524 لسنة 46 القضائية
ملكية "حقوق الارتفاق" تقادم.
كسب حق المطل بالتقادم. أثره. عدم أحقية الجار في البناء على مسافة أقل من متر على طول البناء الذى فتح المطل. م 819 مدني. القضاء بإزالة بناء الجار دون قصر الإزالة على ما بني في مسافة متر بطول البناء. خطأ في القانون.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 780 لسنة 1957 جزئي إسنا ضد الطاعنين السبعة الأول و...... مورثة الطاعنين الأول والثالث والسادس - و...... - مورثة الثامن - قال فيها إنه يملك المنزل المبين بالصحيفة وفتح به منذ بنائه في سنة 1970 نوافذ تطل من الجهة الشرقية على قطعة أرض فضاء، وظل واضعاً يده على هذا المنزل وضع يد مستوف لشرائطه القانونية حتى تعرض له الطاعنون في حيازته بأن وضعوا قطعة من الخشب تمتد من حائط منزله في الجهة الشرقية إلى حائط منزلهم وبنوا تحتها مصطبة - ديواناً -، وقد رفع عليهم الدعوى رقم 703 لسنة 1954 جزئي إسنا فقاموا بإزالة هذا العدوان لكنهم بنوا حائط لسد نوافذ منزله التي تطل على الجهة الشرقية، وإذ يعد هذا تعرضاً له في حيازته لحق الارتفاق بالمطل فقد أقام الدعوى للحكم بأن يمنع هذا التعرض وإزالة تلك الحائط. قررت المحكمة ضم الدعوى رقم 780 لسنة 1957 إلى الدعوى رقم 703 لسنة 1954، ودفع المدعى عليهم - الطاعنون - بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعويين وبسقوط حق المدعى - الطاعن - في رفع دعوى الحيازة لمضى أكثر من سنة على وقوع التعرض. ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن قدم تقريره وملحقاً له حكمت في 13/ 4/ 1969 بعدم اختصاصها بنظر الدعويين وبإحالتهما إلى محكمة قنا الابتدائية فقيدتا بجدولها برقم 476 لسنة 1969 وبصحيفة معلنة في 6/ 12/ 1970 عدل المطعون عليه طلباته إلى الحكم أولاً فى الدعوى رقم 703 لسنة 1954 بترك الخصومة فيها، وثانياً وفى الدعوى رقم 780 لسنة 1957 بإزالة المضيفة المبينة بصحيفة التعديل ومنع تعرض الطاعنين له في ارتفاق المطل، وقال بياناً لذلك أن الطاعنين قاموا أثناء تداول الدعوى بالجلسات بإتمام بناء المضيفة. وبتاريخ 20/ 2/ 1971 حكمت المحكمة في الدعوى رقم 703 لسنة 1954 بإثبات ترك المطعون عليه الخصومة فيها، وفى الدعوى رقم 780 لسنة 1957 جزئي إسنا برفضها. استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 48 لسنة 46 ق مدني أسيوط، وفى 17/ 11/ 1971 انقطع سير الخصومة لوفاة...... وعجل الاستئناف ضد ورثتها، وبتاريخ 16/ 12/ 1974 حكمت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل بقنا لمعاينة منزل المطعون عليه وما به من مطلات في الجهة الشرقية وتاريخ إنشائها ومعاينة المضيفة الخاصة بالمستأنف عليهم - الطاعنين - المبينة بصحيفة تعديل الطلبات وبيان ما إذا كانت تشكل تعرضاً لحق الارتفاق بالمطل. قدم الخبير تقريره وأثبت فيه أن المضيفة المشار إليها مكونة من دور واحد وترتب عليها سد منافذ الدول الأول لمنزل المطعون عليه التي تطل على الجهة الشرقية. وفي 29/ 3/ 1973 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدعوى رقم 780 لسنة 1957 جزئي إسنا وإزالة المضيفة المبينة الحدود والمعالم بصحيفة التعديل المعلنة بتاريخ 16/ 12/ 1970 وتقرير الخبير المؤرخ 25/ 11/ 1975 ومنع تعرض الطاعنين للمطعون عليه في حق المطل بالناحية الشرقية لمنزله. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت إنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت رأيها.
وحيث إن الطعن بنى على ثلاث أسباب حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه وقد قبل دعوى منع التعرض فقد وجب أن يبين في أسبابه وقت حصول التعرض وتاريخ رفع الدعوى حتى يمكن التحقق من أنها رفعت من خلال سنة من وقوع التعرض وإذ خلت أسبابه من هذا البيان فإنه يكون مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان الثابت من تقرير الخبير المقدم في الدعوى رقم 703 لسنة 1954 جزئي إسنا والذى أشار إليه تقرير الخبير المقدم لمحكمة الاستئناف أن "عرق الاتل" الذى كان موضوعاً على جدار منزل المطعون عليه قد أزاله الطاعنون قبل إجراء المعاينة الحاصلة في 9/ 5/ 1975 بثلاثة أسابيع وأقاموا بدلاً منه جدراً ملاصقاً لمنزل المطعون عليه من الجهة الشرقية، وكان الثابت من صورة صحيفة دعوى منع التعرض رقم 780 لسنة 1957 جزئي إسنا أنها أعلنت للطاعنين في 19/ 5/ 1957 مما مؤداه أن الدعوى المذكورة رفعت قبل مضى سنة من تاريخ التعرض الحاصل ببناء الحائط المشار إليه، لما كان ذلك وكان لا يفسد الحكم مجرد القصور في أسبابه القائمة إذ بحسب المحكمة أن يكون حكمها صحيح النتيجة قانوناً ولمحكمة النقض أن تستكمل أسبابه القانونية بما ترى استكمالها به إذا ما شابها خطأ أو قصور. وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى صحيحا إلى قبول دعوى منع التعرض لتوفر شروطها القانونية فإن النعي عليه بالقصور لهذا السبب يكون غير سديد.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة للقانون وفى بيان ذلك يقولون أنه أقام قضاءه على أساس ثبوت حق ارتفاق بالمطل لعقار المطعون عليه من الناحية الشرقية وجعله الأساس الوحيد لقضائه بعدم التعرض والإزالة مع أن هذا محظور على القاضي بنص الفقرة الثالثة من المادة 44 من قانون المرافعات التي تلزم قاضى الحيازة بعدم بناء حكمه على أساس ثبوت الحق أو نفيه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه على أنه قد مضى على وجود المطلات بالجهة الشرقية لمنزل المطعون عليه مدة تزيد على سنة قبل حصول التعرض المطلوب منعه واستخلص من ذلك توفر الشروط القانونية لدعوى منع التعرض، أما ما أورده عن وجود تلك المطلات بمنزل المطعون عليه منذ شرائه في سنة 1938 فإنما كان لمجرد تقرير الواقع وليس بقصد تحرى الفصل في حق الارتفاق.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفى بيان ذلك يقولون إنه مع التسليم جدلا بوجود حق ارتفاق بالمطل لمنزل المطعون عليه على الأرض المملوكة لهم، فإن الحكم إذ قضى بمنع تعرضهم لهذا الحق وبإزالة المضيفة التي بنوها على أرضهم فقد كان يتعين قصر هذه الإزالة على ما بنى على مساحة المتر المواجهة لمنزل المطعون عليه، وإذ جاوز الحكم ذلك وقضى بإزالة المضيفة جميعها فإنه يكون قد خالف القانون واكسب المطعون عليه حق ارتفاق بعدم البناء أو بعدم التعلية.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن مؤدى ما تنص عليه المادة 819 من القانون المدني أنه إذا كسب المطل المواجه بالتقادم فلا يحق للجار أن يبنى على مسافة أقل من متر على طول البناء الذى فتح فيه المطل حتى لا يسد المطل كلياً أو جزئياً، لما كان ذلك وكان الحكم قد قضى بمنع تعرض الطاعنين للمطعون عليه في حيازة حق الارتفاق بالمطل وقضى في نفس الوقت بإزالة المضيفة التي بنوها فإنه يكون قد خالف القانون إذ كان يتعين قصر الإزالة على ما بني في مسافة متر بطول المنزل المفتوح فيه المطل، مما يستوجب نقض الحكم في هذا الخصوص.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين تعديل الحكم المطعون فيه في خصوص قضائه بالإزالة بقصرها على ما بنى في مسافة متر بطول الواجهة الشرقية لمنزل المطعون عليه المفتوح فيها المطل.