الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 1 يناير 2024

اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ / مَادَّةُ 92 : أَثَرُ اَلْمَوْتِ وَفَقْدٍ اَلْأَهْلِيَّةِ عَلَى اَلتَّعْبِيرِ عَنْ اَلْإِرَادَةِ

عودة إلى صفحة : اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ


مادة 92  (1)

إذا مات من صدر منه التعبير عن الإرادة أو فقد أهليته قبل أن ينتج التعبير أثره ، فإن ذلك لا يمنع من ترتب هذا الأثر عند اتصال التعبير بعلم من وجه إليه ، هذا ما لم يتبين العكس من التعبير أو من طبيعة التعامل.

التقنين المدني السابق :

لا مقابل لها.

المشروع  التمهيدي :

المادة 126 - " لا يؤثر في صحة التعبير عن الإرادة أن يكون من صدر منه أو من وجه إليه هذا التعبير قد مات أو فقد أهليته ، ما لم يتبين العكس من إرادة الطرفين أو من طبيعة التعامل " . (2)

الشريعة الإسلامية :

يجري المذهب المالكي على هذا الرأي : الزرقاني ج 5 ص 5 ، 6 . أما المذهب الحنفي فهو على خلاف ذلك : انظر البدائع ج 5 ص 228 و ج 6 ص 20 . والهداية ج 5 ص 78 . والأشباه ص 143 . انظر كذلك المجلة م 184 .

مذكرة المشروع التمهيدي :

1 - يقضي النص بأن التعبير عن الإرادة لا يسقط بموت من صدر منه أو بفقد أهليته وهذا الحكم ليس إلا نتيجة منطقية للزوم التعبير عن الإرادة، فالالتزام بالإبقاء على التعبير, أو بعبارة أدق بالارتباط به, يظل قائماً بعد الموت أو فقد الأهلية, شأنه في ذلك شأن أي التزام آخر. فإذا كان التعبير عن الإرادة إيجاباً وفقد الموجب أهليته قبل صدور القبول, وجه القبول بداهة إلى نائبه لا إلى شخصه. ويراعى من ناحية أخرى, أن التعبير عن الإرادة لا يسقط كذلك بوفاة من وجه إليه أو بفقد أهليته قبل القبول, وإنما يكون لورثة المتوفى أو ممثلي فاقد الأهلية, في هذه الحالة, أن يقوموا مقامه في القبول

2 - ووجود التعبير, حتى قبل أن يصبح لازماً, لا يتأثر هو أيضا بالموت أو بفقد الأهلية, سواء أكان من مات أو فقد أهليته هو الطرف الذي صدر منه الإيجاب, أم الطرف الذي وجه إليه. وغني عن البيان, أن حق العدول ينتقل إلى ورثة الشخص أو ممثليه, إذا حدثت الوفاة أو طرأ فقد الأهلية قبل وصول التعبير.

3 – وقد جرى القضاء المصري على ان موت الموجب ، أو فقد أهليته ، قبل القبول ، يستتبع سقوط الإيجاب ( استئناف مصر 9 مارس سنة 1920 ، المحاماة 4 ص 449 ، وطنطا 6 ديسمبر سنة 1930 مج ر 32 ص 305) . وليس مذهب هذا القضاء سوى نتيجة منطقية لمبدأ تجرد الإيجاب من قوة الإلزام في القانون المصري ، ولم يكن بد من أن يؤدي التزام المبدأ نفسه إلى سقوط التعبير عن الإرادة أيضا ، إذا مات من وجه إليه أو فقد أهليته . واستثناء من هذا المبدأ نصت المادة 51 / 72 من القانون المصري على أنه : " يسوغ أن يحصل قبول الهبة من ورثة الموهوب له إذا كان قد توفى قبل القبول وفي حالة الهبة لمن ليس أهلا للقبول يصح قبولها ممن يقوم مقامه ، وترد علة هذا الاستثناء إلى خصائص الهبة ".

المشروع في لجنة المراجعة :

تليت المادة ١٢٦ من المشروع .

وأثيرت المسألة الآتية : هل لو مات من صدر منه التعبير عن الإرادة أو فقد أهليته قبل وصول التعبير إليه يسقط التعبير ؟

فأجاب معالي السنهوري باشا إن التعبير عن الإرادة عند صدوره يكون موجوداً ولكنه لا ينفذ إلا بالعلم به . فإذا صدر تعبير ومات صاحبه أو فقد أهليته قبل نفاذ التعبير وجب أن نقول إن التعبير قد سقط بالموت أو فقد الأهلية . أما إذا كان الموت أو فقد الأهلية قد حدث بعد العلم به فإنه يصبح نافذاً ولا يسقط بالموت أو فقد الأهلية - فينبغي إذن أن يعدل صدر المادة على الوجه الآتي : « لا يؤثر في نفاذ التعبير عن الإرادة » بدلاً من « صحة التعبير »

فسأله أحد الأعضاء : هل ميعاد القبول يبدأ سريانه من وقت وجود التعبير أو من وقت نفاذه ؟ .

فأجاب الرئيس : يبدأ سريانه من وقت النفاذ وهذا هو المعقول لأن الطرف الذي وجه إليه التعبير لم يكن عالماً به إلا من ذلك الوقت .

ثم لاحظ الأستاذ الشوربجي بك أنه لو سلمنا بأن موت من صدر منه التعبير أو فقد أهليته لا ينبغي أن يؤثر في نفاذ التعبير فيحسن ألا نسلم بهذا الحكم بالنسبة لمن وجه إليه التعبير فإذا مات هذا أو فقد أهليته قبل أن يقبل ينبغي أن يسقط التعبير ولا تقوم ورثته مقامه في القبول .

ودارت مناقشة طويلة حول هذه النقطة ، واستقر الرأي في النهاية على أن يؤخذ بوجهة نظر الأستاذ الشوربجي بك وأن تحذف عبارة « من وجه إليه» على أن يكون مفهوماً أنه في حالة الهبة إذا مات من وجه إليه الإيجاب بالهبة أو فقد أهليته قبل أن يصدر منه تصريح بالقبول اعتبر السكوت في هذه الحالة قبولاً تتم به الهبة طبقاً لأحكام المادة ١٤٢ ، ولا يقوم إشكال في هذه المسألة من ناحية جواز قبول الورثة مكان المورث ( راجع المادة ٥١ من القانون المدني الحالي ) .

ثم لاحظ أحد الأعضاء أن عبارة « ما لم يتبين العكس من إرادة الطرفين » في

حاجة إلى تعديل لأن العكس في هذا الفرض لا يمكن استخلاصه إلا من إرادة من صدر منه التعبير لا من إرادة الطرفين معا فالواجب إذن أن يعدل النص بهذا المعنى .

وبعد المناقشة وافقت اللجنة على كل هذه التعديلات وأصبح النص في صيغته النهائية هو الآتي :

« إذا مات من صدر منه التعبير عن الإرادة أو فقد أهليته قبل أن ينتج التعبير أثره فإن ذلك لا يمنع من ترتب هذا الأثر عند اتصال التعبير بعلم من وجه إليه ، هذا ما لم يتبين العكس من التعبير أو من طبيعة التعامل » .

وأصبح رقم المادة ٩٤ في المشروع النهائي .

المشروع في مجلس النواب :

وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 94 .

المشروع في مجلس الشيوخ :

مناقشات لجنة القانون المدني :

محضر الجلسة الثامنة والأربعين

عرضت اللجنة للمادتين ٩٤ و ٩٥ وكانت قد حذفت الفقرة الثانية من المادة ٩٥ ، وقد طلب معالي السنهوري باشا إعادة هذه الفقرة للسبب الذي سبق أن شرحه عند بحث المادة ۹۳ ، ووافقته اللجنة على ذلك . وقد علق معاليه على المادة ٩٤ بقوله أن النظرية الحديثة تفيد أن الإرادة لا تموت ، أو لا تنعدم بوفاة الشخص الذي تصدر عنه بخلاف النظرية القديمة التي تقول أن الإرادة مظهر نفسي تموت بموت الشخص .

قرار اللجنة :

وافقت اللجنة على المادتين ٩٤ و ٩٥ من غير تعديل .

وأصبح رقم المادة ٩٢ .

محضر الجلسة الستين

اقترح سعادة توفيق دوس باشا تعديل المادة ٩٢ إلى النص الآتي :

«ينقضي التعبير عن الإرادة بموت صاحبه أو بفقد أهليته قبل أن يتصل التعبير بعلم من وجه إليه » .

وقال سعادته إن النص المقترح أفضل من نص المشروع الذي يخالف المستقر والمألوف في مصر وفرنسا لأنه قد يفضي إلى الإضرار بورثة المتوفى أو فاقد الأهلية . إذ قد لا يتيسر للورثة أو ممثل فاقد الأهلية الإحاطة في الوقت المناسب بتصرفات من عبر عن الإرادة .

قرار اللجنة :

لم تر اللجنة الأخذ بهذا الاقتراح لأن التعبير عن الإرادة متى صدر صحيحاً ارتبطت به مصالح لا يجوز إهدارها بسبب حادث طارئ هو موت من صدر منه هذا التعبير أو فقده لأهليته ، ولا يبقى بعد ذلك من سند للاقتراح إلا الإبقاء على المألوف الذي لا يستند إلى أساس فقهي أو منطق سليم بل الفقه والمنطق يقضيان بالاعتراف للتعبير عن الإرادة بكيان ذاتي وهذا الوضع أكثر ضماناً لاستقرار المعاملات وحماية المصالح .

محضر الجلسة الثانية والستين

المادة ٩٢ - يقول حضرات مستشاري محكمة النقض والإبرام إن حكم المادة ٩٢ يخالف المستقر والمألوف في مصر وفرنسا فلا يجوز الخروج عليه لمجرد متابعة نظرية الإرادة المنفردة لما يترتب على ذلك من ضرر يلحق ورثة المتوفى أو فاقد الأهلية إذ قد لا يتيسر للورثة أو ممثل فاقد الأهلية الإحاطة في الوقت المناسب بتصرفات من عبر عن الإرادة فأولى أن تبقى القواعد المرعية في هذه المسألة من أن تستبدل بها أوضاع غير مألوفة في مصر يتطلب فهمها الرجوع إلى مصادر أجنبية . ولذلك فحضراتهم يقترحون أن يستبدل بالمادة ٩٢ النص الآتي : « ينقضي أثر التعبير عن الإرادة بموت صاحبه أو بفقد أهليته قبل أن يتصل التعبير بعلم من وجه إليه».

وقد طلب حضرة مندوب الحكومة رفض الاقتراح لأن التعبير عن الإرادة متى صدر صحيحاً ارتبطت به مصالح لا يجوز إهدارها بسبب حادث طارئ هو موت من صدر منه هذا التعبير أو فقده لأهليته وذكر حضرته أنه ليس لهذا الاقتراح من سند إلا الإبقاء على المألوف ولكن هذا المألوف لا يستند إلى أساس فقهي أو منطق سليم ، بل الفقه والمنطق يقضيان بالاعتراف للتعبير عن الإرادة بكيان ذاتي لأن هذا الوضع أكثر ضماناً لاستقرار المعاملات وحماية المصالح .

قرار اللجنة :

عدم الأخذ بالاقتراح .

ملحق تقرير اللجنة :

اقترح الاستعاضة عن المادة ۹۲ بالنص الآتي : « ينقضي التعبير عن الإرادة يموت صاحبه أو بفقد أهليته قبل أن يتصل التعبير بعلم من وجه إليه » لأن نص المشروع في هذه المسألة يخالف المستقر والمألوف في مصر وفرنسا ، ولأنه قد يفضى إلى الإضرار بورثة المتوفى أو فاقد الأهلية ( إذ قد لا يتيسر للورثة أو ممثل فاقد الأهلية الإحاطة في الوقت المناسب بتصرفات من عبر عن الإرادة ) . ولم تر اللجنة الأخذ بهذا الاقتراح لأن التعبير عن الإرادة متى صدر صريحاً ارتبطت به مصالح لا يجوز إهدارها بسبب حادث طارئ هو موت من صدر منه هذا التعبير أو فقده لأهليته ولا يبقى بعد ذلك من سند للاقتراح إلا الإبقاء على المألوف ، ولكن اللجنة راعت أن هذا ( المألوف ) لا يستند إلى أساس فقهى أو منطق سليم . بل الفقه والمنطق يقضيان بالاعتراف للتعبير عن الإرادة بكيان ذاتي ومثل هذا الوضع أكثر ضماناً لاستقرار المعاملات وحماية المصالح .

مناقشات المجلس :

وافق المجلس على المادة كما أقرتها اللجنة .



(1) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 2 ص 28 .

(2) ثلاث مواد محذوفة :

المادة ۱۲۷ - يكون التعبير عن الإرادة باطلاً إذا صدر من شخص وهو في حالة غيبوبة ، أو وهو مصاب باضطراب عقلي ولو كان الاضطراب وقتياً ، بحيث يكون هذا الشخص فاقد التمييز .

الشريعة الإسلامية :

المجلة م ٣٦٢ . والأشباه ص ۱۱۲ . والزرقاني ج 5 ص ۸. وفتاوى ابن تيمية ج ۲ ص ۱۲۳ – ۱۲۷.

مذكرة المشروع التمهيدي :

1 - يقصد من هذا الحكم إلى مواجهة حالات الاضطراب العارض التي لا تكفي لفقد الأهلية بوجه دائم ، وإن استتبعت فقد الإرادة ، ما بقي الاضطراب قائماً ، كما هو الشأن في الغيبوبة والسكر والتنويم المغنطيسي ( انظر التقنين الألماني تعليقات ۱ ص ۱۰۳ )

۲ - ويفرق القانون الإنجليزي ، بين التصرفات التي تنعقد بإرادة منفردة والعقود التي لا تتم إلا بإرادتين ، ويجعل من الاضطراب العقلي والسكر سببا لبطلان الأولى دون الثانية .

والظاهر أن هذه التفرقة ترجع إلى مغالاة هذا القانون في الحرص على استقرار المعاملات ( جنكس م ٦٤ و ٦٩ ، وولنستون 1 ص ۱۱۱)

المشروع في لجنة المراجعة

تليت المادة ۱۲۷ من المشروع ؛ واقترح حذفها لوضوح حكمها ولعدم الحاجة إليها .

فوافقت اللجنة على ذلك .

المادة ۱۲۸ -- لا يكون التعبير عن الإرادة باطلاً لمجرد أن صاحبه قد أضمر غير ما أظهر . ولكنه يكون باطلاً إذا كان من وجه إليه يعلم بهذا التحفظ الذهني .

الشريعة الإسلامية :

البدائع ج ٥ ص ١٧٦ ، وفتاوى ابن تيمية ج ٣ ص ٤٧ ، وابن عابدين ج ٤ ص ٩.

مذكرة المشروع التمهيدي :

1 - يتناول هذا النص مسألة التحفظ الذهني ، وهي تثير من فورها أمر البحث في المفاضلة بين مذهب الإرادة الباطنة ، ومذهب الإرادة الظاهرة ، فإذا لم تطابق الإرادة الظاهرة الإرادة الباطنة فبأيهما يؤخذ ؟ أخذ المشروع بالمذهب الجرماني ، مؤثراً الإرادة الظاهرة . وليس شك في أن هذا المذهب أكفل بتحقيق الاستقرار في نطاق الروابط القانونية وأكثر استجابة لمقتضيات الائتمان . وهو يصادف ، فضلاً عن ذلك ، سنداً قوياً في الشريعة الإسلامية ، إذ هي تعتد اعتداداً بيناً بالإرادة الظاهرة ، متأثرة في ذلك بنزعة مادية واضحة .

2 - فإذا كان من وجه إليه التعبير عالماً بالتحفظ الذهني المتعلق بهذا التعبير ، فلا محل لعدم الأخذ بالإرادة الحقيقية إذ لم يعد في الأخذ بها إخلال بتأمين المعاملات .

3 - وقد ذهب القضاء المصري إلى إيثار المذهب الذي اتبعه المشروع في الفروض النادرة التي طرحت عليه بشأن التحفظ الذهني (استئناف مختلط ، ۲۰ فبراير سنة ١٨٩٦ ب ٨ ص ١٣٢ ) .

المشروع في لجنة المراجعة

تليت المادة ۱۲۸ من المشروع ؛ واقترح حذفها لأن فيها إمعاناً في الدقة لا حاجة لنا به .

فوافقت اللجنة على ذلك .

المادة ١٢٩ – كل من صدر منه إيجاب يلتزم بإيجابه ، ما لم يصرح بأنه غير ملزم ، أو ما لم يتبين من الظروف أو من طبيعة التعامل أنه لم يقصد أن يلتزم بإيجابه .

مذكرة المشروع التمهيدي :

۱ - جرى المذهب الجرماني خلافاً للمذهب اللاتيني ، على أن يكون الإيجاب في الأصل ملزماً ، فلا يجوز العدول عنه إلا استثناء ، كما كان خيار العدول مستفاداً من عبارة الإيجاب، أو من طبيعة التعامل ، أو من ظروف الحال . وقد اتبع المشروع هذا المذهب لأنه ادعى إلى استقرار الروابط القانونية .

أما فيما يتعلق بالأساس الفقهي للزوم الإيجاب ، فهناك آراء كثيرة ، أيسرها هو الذي يرد هذا اللزوم إلى ما للإرادة المنفردة من قوة الإلزام ، ويجعل هذه أصلاً وذاك تطبيقا لها .

٢ - وقد ساير القضاء المصري المذهب التقليدي ، فأنكر على الإيجاب قوته في الإلزام ، وجرى على أنه لا ينشئ التزاما ، ما بقي بمعزل عن القبول . ( استئناف مختلط ٩ يونيه سنة ۱۸۹۸ ب ۱۰ ص ۳۲۲ و ۸ مارس سنة ١٩٠٠ ب ۱۲ ص ١٥٦ ، و ٢١ إبريل سنة ١٩٠٤ به ١٦ ص ۲۱۳ ، و ۲ مارس سنة ١٩٠٤ ب ١٦ ص ١٤٧ ، و ٩ يونية سنة ١٩٣٢ المحاماة ١٣ ص ٥٤٤ ) .

المشروع في لجنة المراجعة

تليت المادة ۱۲۹ من المشروع واقترح حذفها اكتفاء بالنص التالي الذي يشتمل على نفس القاعدة في صورتها العملية .

فوافقت اللجنة على ذلك .

الأحد، 31 ديسمبر 2023

اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ / مَادَّةُ 91 : مَتَى يَنْتِجُ اَلتَّعْبِيرُ عَنْ اَلْإِرَادَةِ أَثَرَهُ

عودة إلى صفحة : اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ


مادة 91 (1)

ينتج التعبير عن الإرادة أثره في الوقت الذي يتصل فيه بعلم من وجه إليه ، ويعتبر وصول التعبير قرينة على العلم به ، ما لم يقم الدليل على عكس ذلك.

التقنين المدني السابق :

لا مقابل لها.

المشروع التمهيدي :

المادة 125 - " 1 ـ ينتج التعبير عن الإرادة أثره في الوقت الذي يصل فيه إلى من وجه إليه بحيث يتمكن هذا من العلم به . ولا يكون له أثر إذا وصل عدول عنه إلى من وجه إليه التعبير عن الإرادة قبل أن يصل إليه هذا التعبير أو في الوقت الذي وصل إليه فيه 2 ـ إذا وصل العدول بعد وصول التعبير عن الإرادة ، وكان قد صدر بحيث كان يصل ، في الظروف المعتادة ، قبل وصول التعبير عن الإرادة أو في الوقت ذاته ، فيجب على من وجه إليه العدول أن يخطر الطرف الأخر فورًا بهذا التأخر ، فإذا تهاون في الإخطار اعتبر وصول العدول في وقت غير متأخر " .

مذكرة المشروع التمهيدي :

تتناول هذه المادة تعيين الوقت الذي يصبح فيه التعبير عن الإرادة نهائياً, لا يجوز العدول عنه، فمن الواجب التمييز بين وجود التعبير, وهذا الوجود يتحقق وقت صدوره إذ يصبح عملاً قانونياً قائماً لا يتأثر وجوده بوفاة من صدر منه أو بفقد أهليته، وبين استكمال هذا التعبير لحكمه, وتوفر صفة اللزوم له تفريعاً على ذلك, وهذا لا يتحقق إلا في الوقت الذي يصل فيه التعبير إلى من وجه إليه. ولم يشترط المشروع لاستكمال التعبير عن الإرادة لحكمه أن يعلم به من وجه إليه فعلاً, بل اكتفى في ذلك بمجرد إمكان العلم أو مجرد البلوغ الحكمي، ولعل هذا النظر أشد إمعاناً في الاستجابة لما تقتضيه حاجة العمل, من حيث تيسير الإثبات من ناحية, والتغلب على ما قد يعن لمن وجه إليه التعبير من رغبة في إمساك نفسه عن العلم به من ناحية أخرى.

المشروع في لجنة المراجعة :

تليت المادة 125 من المشروع .

واقترح حذف الجزء الثاني من الفقرة الأولى لعدم الحاجة إليه ، وكذلك الفقرة الثانية جميعها لأنها تقرر حكماً تفصيلياً لا يحسن أن يقرر بنص تشرعي .

فوافقت اللجنة على ذلك .

ثم ناقشت الجزء الباقي من المادة ، واستقر الرأي على أن التعبير عن الإرادة ينتج أثره بالعلم ، ولكن لما كان العلم أمرًا متعذر الإثبات فيحسن أن يؤخذ الوصول قرينة عليه لأنه أكثر انضباطًا . على أن تكون هذه القرينة قابلة لإثبات العكس ، والطرف الذي وجه إليه التعبير عن الإرادة هو الذي يتحمل عبء إثبات العكس .

وأصبحت المادة في صيغتها النهائية كما يأتي : " ينتج التعبير عن الإرادة أثره في الوقت لذي يتصل فيه بعلم من وجه إليه ، ويعتبر وصول التعبير قرينة على العلم به إلا أن يقام الدليل على عكس ذلك " .

وأصبح رقم المادة 93 في المشروع النهائي .

المشروع في مجلس النواب :

وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 93.

المشروع في مجلس الشيوخ :

مناقشات لجنة القانون المدني :

محضر الجلسة الثانية

تليت المادة ٩٣ وهي التي تتكلم عن أثر التعبير عن الإرادة وعن الوقت الذي يصبح فيه التعبير عن الإرادة نهائياً .

واستفسر سعادة الرئيس عن الفائدة من هذه المادة وما هو الخلاف الذي كان قائما بشأنها حتى يورد المشرع نصاً خاصاً بها .

فقال الدكتور بغدادي إن نص المشروع يضع مبدأ عاماً له تطبيقات كثيرة فمن المعلوم مثلاً أن الخلاف بين المحاكم كان يدور حول ما إذا كان العقد يتم بمجرد تصدير الإيجاب وقبول من وجه إليه أو يكفي علم من وجه إليه وكان العلم مثار خلاف أيضاً فهل يكفي فيه وصول ما يفيد تصدير الإيجاب أو يجب علم القابل له . فنص المادة ٩٣ قطع في هذا الموضوع إذ لم يشترط لاستكمال التعبير عن الإرادة لحكمه أن يعلم به من وجه إليه فعلاً بل اكتفى في ذلك بمجرد إمكان العلم أو مجرد البلوغ الحكمي وقد اعتبر النص وصول التعبير قرينة على العلم به إلا إذا قام الدليل على عكس ذلك .

وقد لاحظ سعادة الرئيس أن هذه المادة ستتناقض مع النظرية الجرمانية التي سار عليها مشروع القانون في أحكامه الأخرى ولفت نظر مندوبي الحكومة إلى أن المشروع نص كما هو وارد في المذكرة التفسيرية المفصلة على أنه إذا وصل العدول بعد وصول التعبير عن الإرادة وكان قد صدر بحيث كان يصل في الظروف المعتادة قبل وصول التعبير عن الإرادة أو في الوقت ذاته فيجب على من وجه إليه العدول أن يخطر الطرف الآخر فوراً بهذا التأخير فإذا تهاون في الإخطار اعتبر وصول العدول في وقت غير متأخر .

فأجاب الدكتور بغدادي أن لجنة المراجعة قد ألغت هذه الفقرة من المادة ، وكان محلها في المشروع الأصلي المادة ١٢٥ لأنها رأت من المستحسن ترك هذه التفصيلات لتقدير القضاء .

وأضاف حضرته إلى ذلك أن المشروع قد جعل الإيجاب ملزماً للموجب فلا يجوز العدول عنه إلا استثناء إذ يصبح عملاً قانونياً قائماً بذاته لا يتأثر وجوده بوفاة من صدر منه أو بفقد أهليته .

فاعترض سعادة العشماوي باشا على ذلك ولفت النظر إلى أن الأخذ بنظرية الإيجاب الملزم خروج على القواعد المعمول بها فليس من العدل إلزام الموجب بإيجابه ما لم يصادفه قبول لأن العقد لا يتم إلا بتطابق إرادتين فالموجب حر في العدول عن إيجابه ما لم يقبل .

وقد أيده سعادة الرئيس في اعتراضه وتساءل عن مصدر تلك المادة والمزايا العملية المترتبة على الأخذ بها .

وكذلك أيده سعادة علوبه باشا وأضاف قائلا إنه لا مصلحة في الخروج على القواعد التي ألفناها ولا يفهم كيف يلزم الموجب بإيجابه ويكون الموجه إليه هذا الإيجاب حراً في التعبير عن إرادته في الوقت المناسب الذي يخضع لتقدير القاضي وتساءل سعادته على أي أساس من العدل وضع هذا النص .

فأجاب الدكتور بغدادي على تلك الاعتراضات بأنه يجب التفرقة بين لزوم العقد ولزوم التعبير أو بمعنى آخر يجب التمييز بين وجود التعبير وهذا الوجود يتحقق وقت صدوره وإنه في هذا الوقت يصبح عملاً قانونياً قائماً بذاته لا يتأثر بوفاة من صدر منه أو بفقد أهليته ، وبين استكمال هذا التعبير لحكمه وتوفر صفة اللزوم له تفريعاً على ذلك وهذا لا يتحقق إلا في الوقت الذي يصل فيه التعبير إلى من وجه إليه . فهناك فرق بين قولنا العقد ملزم أي ملزم للطرفين وبين قولنا التعبير عن الإرادة ملزم .

واستطرد حضرته قائلا إن النظرية الجرمانية تقضي بلزوم الإيجاب وعدم العدول عنه إلا استثناء . وقد اتبع المشروع هذه النظرية لأنها أدعى إلى استقرار الروابط القانونية . وفضلاً عن ذلك فإن القضاء المصري قد جرى من عهد غير قريب على أن الإيجاب ملزم بمعنى أن من وجه إيجاباً لا يجوز له أن يعدل عنه بمحض إرادته بدون أن يصبح مسئولاً عن التضمينات وقد سايرت محكمة الاستئناف المختلطة هذا المذهب فقضت بأنه لا يجوز للموجب الرجوع عن إيجابه إذا حدد مدة له وليس ثمة ما يمنع من تعويض الطرف الآخر في حالة العدول بعد تحديد ميعاد وقد يعتبر قيام العقد خير تعويض .

فقيل لحضرته على لسان سعادة الرئيس إن في هذه الحالة الأخيرة يعتبر الإيجاب ملزماً لوجود تعاقد ضمني على المدة المحددة للإيجاب وإنه يجب التفرقة بين الارتباط بالعقد والارتباط بالإرادة . والشراح الذين أخذوا بهذا وبخاصة Pothier الذي أخذ عنه ثلاثة أرباع قانون نابليون في الالتزامات ، يرجعون الالتزام الشخصي إلى واحد من ثلاثة ، العقد ، أو شبه العقد أو القانون - على رأي - أو خمسة على رأي آخر .

والواقع أن النظرية دقيقة ، فأساس الالتزام إذا كان هو العقد لابد فيه من تطابق إرادتين ولا يمكن فصل الإرادة الواحدة عن العقد ، فإذا خرجنا عن مجال هذه المصادر الثلاثة فكأننا ننشئ التزاماً آخر أساسه القانون ، واستمر سعادته في شرح نظرية Pothier وانتهى إلى وجوب التفريق بين الارتباط التعاقدي والارتباط الإرادي .

فقال الدكتور بغدادي إن هذا ما أراده المشروع تمشياً مع تطور التشريع وأستطيع ونحن في القرن العشرين بالرغم من نظرية Pothier أن أقرر إن إجماع الفقه في فرنسا يرد أثر التعبير عن الإرادة من ناحية اللزوم إلى الإرادة المنفردة ويعترف بها مصدراً للالتزام من طريق الاجتهاد ، وكل ما عمله المشرع الوطني أنه تمشى مع ما انتهى إليه الفقه والقضاء في فرنسا من ناحية تحسين الصيغة القانونية فإذا قلنا بلزوم الإيجاب فليس باعتباره عقداً وإنما باعتباره إرادة منفردة لها أثرها القانوني أي أن المشرع أضاف مصدراً جديداً من مصادر الالتزام وهو التعبير عن الإرادة المنفردة على حد قول سعادة الرئيس .

وأضاف إلى ذلك عبده محرم بك رداً على تساؤل بعض حضرات الأعضاء أن من أبرز اتجاهات هذا المشروع استقرار المعاملات فهو لم يفعل أكثر من أن يقنن اتجاه القضاء الذي خرج على النظريات التقليدية .

فقال سعادة الرئيس أي أن المشرع أراد في هذا المشروع الأخذ بالنظرية الجرمانية في هذه الحالة وحالة الاستغلال .

محضر الجلسة الثالثة

المادة ٩٣ - لم تكن اللجنة قد انتهت من بحث المادة ٩٣ في الجلسة الماضية وقد تابعت بحثها في جلسة اليوم فقال الدكتور حسن بغدادي إن البحث في الجلسة الماضية ساقنا إلى الدخول في تفاصيل هي من صميم المواد التالية فالمادة ٩٣ قاصرة على بيان الوقت الذي ينتج فيه التعبير عن الإرادة أثره وقد تكفلت المواد التالية ببيان هذا الأثر .

فقيل له على لسان سعادة العشماوي باشا ومعالي حلمي عيسى باشا إن مدلول المادة غير دقيق وليس لها قيمة ما دامت المواد التالية تبين أثر التعبير عن الإرادة ومادامت المادة السابقة قد نصت على أن التعبير عن الإرادة يكون صريحاً أو ضمنياً .

فأجاب عبده محرم بك بان التعبير عن الإرادة إيجاباً وقبولاً لا ينتج أثره إلا إذا وصل إلى علم من وجه إليه ، والمواد التالية تكفلت ببيان الوقت الذي ينتج فيه أثره وأنه من المستحسن لفهم مدلول المادة ٩٣ تلاوة المواد التالية لها .

فاعترض سعادة العشماوي باشا على ذلك قائلا إنه لا يمكن مناقشة المواد التالية إلا إذا فصلنا في مبدأ المادة ۹۳ . والذي تريد اللجنة تفهمه هو مدلول عبارة « ينتج أثره » الواردة في تلك المادة .

وقال سعادة الرئيس إن المادة ٩٣ مادة أساسية والمواد التالية ما هي إلا تطبيق لها ولأن المادة المذكورة تتضمن مبدأ جديداً فيجب الانتهاء منها أولاً فإذا أقررناها كان من السهل إقرار المواد التالية .

واستطرد سعادته قائلا إنه يذكر أن محرم بك والدكتور بغدادي ردا على اعتراضه على مبدأ المادة ۹۳ بأنها تقرر مبدأ جديداً لم تأخذ به المحاكم ويتبين هذا من مراجعة المذكرة التفسيرية المرافقة لمشروع القانون فقد جاء فيها « ثم إن المشروع قد جعل الإيجاب ملزماً للموجب فلا يجوز العدول عنه إلا استثناء كما إذا كان خيار العدول مستفاداً من عبارة الإيجاب أو من طبيعة التعامل أو من ظروف الحال وقد اتبع المشروع هذا المذهب لأنه أدعى إلى استقرار الروابط القانونية ولم ير متابعة القضاء المصري في مسايرة المذهب التقليدي.

فأجاب عبده محرم بك بأن المادة ۱۲۹ من المشروع الأصلي كانت تقضي بلزوم .

الإيجاب أخذا بالنظرية الجرمانية فرأت لجنة المراجعة حذف هذا النص والاقتصار على مبدأ لزوم الإيجاب في حالة تحديد أجل للقبول .

فقال سعادة الرئيس إن نص المادة ٩٣ يفيد العموم وأن ما قرأته ورد في المذكرة التفسيرية المرافقة لمشروع القانون المعروض وليس من المذكرة التفسيرية للمشروع الأصلي .

فرد الدكتور بغدادي على ذلك بأن مدلول المادة ٩٣ تفسره المواد التالية التي تبين الأحوال التي يكون فيها الإيجاب لازماً والأحوال التي يكون فيها غير لازم . ومسألة لزوم الإيجاب مسألة مستقلة عن إحداث الأثر المترتب على التعبير عن الإرادة لأن التعبير قد يكون إيجاباً وقد يكون قبولاً وقد يكون منشئاً لتصرف يتم بإرادة واحدة.

فقال معالى حلمي عيسى باشا وسايره بعض حضرات الأعضاء إنه لا يفهم معنى لهذا النص ما دام العقد في النهاية لا يتم إلا بتطابق الإرادتين .

فأجاب عبده محرم بك بأن هناك فرقاً بين تطابق الإرادتين اللازم لإتمام العقد وبين لزوم الإيجاب إذا كان ملزماً والوقت الذي ينتج فيه التعبير أثره .

فعقب سعادة الرئيس على ذلك بأن هذا القول يختلف عما قيل على لسان ممثلي الوزارة في الجلسة الماضية فقد جاء في كلامهما أن الوزارة أخذت بمبدأ لزوم الإيجاب بالذات استثناء من القاعدة العامة وأن مصدر هذا اللزوم هو القانون .

وقد وجه عبده محرم بك النظر إلى أن المادة ۹۳ تتكلم عن التعبير عن الإرادة إذا كان ملزماً ينتج أثره ومعنى ينتج أثره ليس لزوم الإيجاب وإنما تحديد الوقت الذي يكون فيه ملزماً بمعنى أنه يجوز عدول الموجب عن إيجابه قبل وصوله إلى علم من وجه إليه فإذا وصله التزم به الموجب .

فقال سعادة الرئيس إن معنى المادة ۹۳ هو لزوم الإيجاب بوصوله إلى علم من وجه إليه ولو لم يظهر قبوله له وهذا هو المبدأ الجديد الذي استحدثه هذا التشريع .

وأضاف معالى حلمي عيسى باشا إلى ذلك بأنه بحسب هذه المادة لا يمكن للموجب الرجوع عن إيجابه ما دام قد وصل إلى علم من وجه إليه .

فاعترض عبده محرم بك قائلاً إن الموجب يستطيع العدول عن إيجابه ولو وصل إلى علم من وجه إليه .

فقال سعادة العشماوي باشا إن المفهوم من عبارة « ينتج أثره » الواردة في المادة ٩٣ هو لزوم التعبير عن الإرادة إيجاباً وقبولاً إلى أن يلتقي بالإرادة الأخرى فيتم العقد .

فأجاب الدكتور بغدادي أنه فيما يختص بجوهر الموضوع لا نزاع في الحلول التي انتهينا إليها فكل الصور والأمثلة التي عرضت لم تتأثر بعبارة ينتج أثره التي لا تفيد لزوم الإيجاب كما هو المفهوم وقد جاء في المذكرة التفسيرية للمادة ١٢٥ من المشروع الأصلي المقابلة للمادة ٩٣ ما يأتي « تتناول هذه المادة تعيين الوقت الذي يصبح فيه التعبير عن الإرادة نهائياً لا يجوز العدول عنه فمن الواجب التمييز بين وجود التعبير وهذا الوجود يتحقق وقت صدوره إذ يصبح عملاً قانونياً قائماً لا يتأثر وجوده بوفاة من صدر منه أو بفقد أهليته وبين استكمال هذا التعبير لحكمه وتوفر صفة اللزوم له تفريعاً على ذلك وهذا لا يتحقق إلا في الوقت الذي يصل فيه التعبير إلى من وجه إليه » .

واستطرد قائلا إنه يقرأ هذا الشرح ليبين الفرق بين أثر التعبير عن الإرادة واستكمال هذا الأثر لحكمه وقد رفضت لجنة المراجعة إقرار ذلك فعدلت المواد بما يوافق ما قرره القضاء .

واستمرت المساجلة على هذا المنوال في المناقشة بين النظريتين نظرية إبقاء المادة وتؤيدها الحكومة ونظرية إلغائها وتؤيدها أغلبية اللجنة وفي جانبها الرئيس .

وأخيرا تساءل سعادة الرئيس هل يمكن الاستغناء عن المادتين ٩4 ، ٩5 بالمادة ٩٣ وهل يجوز العكس وهل للمادة ٩٣ نظير في التشريع الحالي .

فأجابه الدكتور بغدادي بالنفي لأن المادة ۹۳ تقرر قاعدة أساسية والمادتين ٩٤ و ٩٥ ما هما إلا استثناء منها وتطبيقاً لها . فالأصل في العقد أن يتم بتطابق إرادتين الإيجاب والقبول فإذا مات الموجب قبل تلاقي الإرادة الأخرى فإن الإيجاب يسقط طبقاً للقواعد المعمول بها الآن فخالف المشروع ذلك وقرر عدم سقوطه .

قرار اللجنة :

ولما استنار الموضوع أُخذ الرأي على المادة فوافقت الأغلبية على حذفها على أن يكون معلوماً أن كل ما تقرره اللجنة من هذا القبيل سيكون محل مراجعة فيما بعد .

محضر الجلسة الثامنة والأربعين

عرضت اللجنة لبعض المواد المتروكة تحت البحث فتليت المادة ٩٣ وهي خاصة بالوقت الذي ينتج فيه التعبير عن الإرادة أثره .

فقال معالى السنهوري باشا إن مؤدى هذا النص أن الإرادة أصبح لها وجود مادي بمجرد صدورها . ولكن لا يكون لها وجود قانوني إلا بوصولها إلى علم من وجهت إليه بمعنى أنه يجوز العدول عن الإيجاب أو القبول قبل أن يصل كل منها إلى علم من وجه إليه ، فالإيجاب وكذلك القبول بعد وصوله إلى علم من وجه إليه يصبح له وجود قانوني غير ملزم إلا إذا اقترن بميعاد وهذا الوضع الجديد يتفق مع نزعة القضاء في المسائل المدنية إذ أنه أخذ بنظرية العلم وهي نزعة القوانين الحديثة .

وقد عارض معالى حلمي عيسى باشا هذه النظرية واقترح الأخذ بنظرية الإعلان أي أن الإرادة يكون لها وجود قانوني بمجرد إعلانها وصلت أو لم تصل إلى علم من وجهت إليه وعلى ذلك يجوز للموجب أن يعدل عن إيجابه إلى أن يصادف هذا الإيجاب قبولاً ، ولكنه لا يجوز له أن يعدل عن إيجابه إذا صادفه قبول لأنه في هذه الحالة تتطابق الإرادتان فيتم العقد ، وأساس ذلك التراضي وليس العلم .

ثم قال معاليه إن الأخذ بنظرية العلم فيه اضطراب للمعاملات وضرب لذلك مثلاً بشخص عرض صفقة على آخر عن طريق المراسلة ، وقبل هذا الأخير العرض ، وأرسل إليه ينبئه بقبوله ، وفي هذه الأثناء ترتفع الأسعار، فيعدل الموجب عن

إيجابه قبل أن يصله القبول .

وتساءل عن موقف القابل في هذا المثل الذي يكون قد رتب أموره على هذه الصفقة ، والذي يكون قد رفض غيرها .

فأجابه معالى السنهوري باشا بأن الفقرة الثانية من المادة ٩٥ التي كانت اللجنة قد حذفتها تحل هذا الإشكال ولذلك فهو يطلب إعادتها ، لأنها تعطي للقاضي سلطة تقدير الوقت الذي يلتزم فيه الموجب البقاء على إيجابه - من ظروف الحال أو من طبيعة المعاملة - إذا كان كل من الموجب والقابل في نواحي متعددة بعيدة . بمعنى أنه يجب أن يلتزم الموجب بإيجابه مدة تكفي لوصول إيجابه والرد عليه . فإذا أرسل الموجب خطاباً ضمنه إيجابه وهذا الخطاب يحتاج عادة لوصوله خمسة أيام ، فيجب عليه أن ينتظر هذه المدة ومثلها ، حتى يجوز له العدول عن الإيجاب.

قرار اللجنة :

وبعد مناقشة طويلة حول الأخذ بأي للنظريتين ، وبعد استعراض التشريعات الأجنبية ، وافقت أغلبية اللجنة على الأخذ بنظرية العلم، وعلى تعديل نص المادة ٩٣ كالآتي: « ينتج التعبير عن الإرادة أثره في الوقت الذي يتصل فيه بعلم من وجه إليه ويعتبر وصول التعبير قرينة على العلم به ، مالم يقم الدليل على عكس ذلك » .

وأصبح رقم المادة ٩١ .

مناقشات المجلس :

وافق المجلس على المادة كما أقرتها اللجنة



(1) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 2 ص 19 .

اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ / مَادَّةُ 90 : اَلتَّعْبِيرُ اَلصَّرِيحُ وَالضِّمْنِيُّ عَنْ اَلْإِرَادَةِ

عودة إلى صفحة : اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ


مادة 90 (1)

1 - التعبير عن الإرادة يكون باللفظ والكتابة وبالإشارة المتداولة عرفاً ، كما يكون باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود.

2 - ويجوز أن يكون التعبير عن الإرادة ضمنياً ، إذا لم ينص القانون أو يتفق الطرفان على أن يكون صريحاً.

التقنين المدني السابق :

لا مقابل لها.

المشروع كما قدم للبرلمان :

المادة 124 - " 1 – يجوز التعبير عن الإرادة بالألفاظ وبالكتابة وبالإشارة المتداولة عرفاً ، كما يجوز ذلك أيضًا باتخاذ موقف يكون من شأنه تعبا للظروف ألا يدع شكاً فيما يشتمل عليه هذا التعبير . 2 – ويجوز أن يكون التعبير عن الإرادة ضمنياً إذا لم يقض القانون أو ينفق الطرفان على أن يكون صريحًا " .

الشريعة الإسلامية :

مرشد الحيران م 345 و 346 فقرة 1 و 347 ، والمجلة م 168 و 173 و 174 و 175 ، والمبسوط ج 12 ص 108 – 109 . البدائع ج 5 ص 133 – 135 . وبداية المجتهد ج 2 ص 141 . والمغني ج 4 ص 4 ، 5 . وانظر فيما يتعلق بقبول الإشارة من غير الأخرس الزرقاني ج 5 ص 4 .

مذكرة المشروع التمهيدي

1 – ضمنت الفقرة الأولى من المادة 124 نص المادة 29 من التقنين البولوني ، مع إضافة الكتابة كطريقة للتعبير عن الإرادة . فمن الميسور التعبير عن الإرادة بالكتابة مباشرة ، سواء أهيئت الكتابة لتكون وسيلة للإثبات أم لم تهيأ لهذه الغاية .

2 – أما الفقرة الثانية من المادة 124 ، فقد أخذت عن المادة 1079 من التفننين البرازيلي . وهي تتناول مسألة التفرقة بين التعبير الصريح والتعبير الضمني عن الإرادة. وهذه التفرقة ليست بمجردة من الأهمية العملية فقد يستلزم القانون أحيانا, وقد يشترط المتعاقدون أنفسهم في بعض الفروض، وجوب التعبير الصريح عن الإرادة لإبراز أهمية التصرف القانوني الذي يراد عقده، وبين مختلف المعايير التي تداولها الفقه في هذا الصدد يوجد معياران هما أكثر هذه المعايير ذيوعا أولهما: يحتكم إلى فكرة المألوف وغير المألوف في أسلوب التعبير أو طريقته. ويرى أصحاب هذا المعيار أن التعبير يكون صورياً إذا كان أسلوب الإفصاح عن الإرادة من الأساليب المألوفة ، ويكون علي النقيض من ذلك ضمنياً ، إذا لم يكن أسلوب الإفصاح من بين الأساليب التي ألف استعمالها في هذا الشأن ، بحيث لا يتاح استخلاص دلالة التعبير في الصورة الأخيرة إلا من طريق الاستنتاج. أما المعيار الثاني: فيرى أصحابه أن التعبير يكون صريحاً أو ضمنياً ، تبعاً لما إذا كان مباشراً أو غير مباشر . ويراعى أن الفارق العملي بين هذين المعيارين ضئيل إن لم يكن معدوماً فالأسلوب المألوف في التعبير عن الإرادة هو في الوقت ذاته الأسلوب المباشر ، في حين أن الأسلوب غير المباشر ليس - في الغالب - الأسلوب المألوف ، ومهما يكن من أمر ، فقد آثر المشروع ألا يفصل في المسألة بنص تشريعي ، تاركاً أمر البحث عن المعيار السليم لاجتهاد الفقه والقضاء . ومع ذلك ، فمن المحقق أن اتخاذ موقف معين, أو التزام سلوك بالذات, للإفصاح عن الإرادة لا يستتبع حتماً أن تكون هذه الإرادة ضمنية, فمن صور السلوك في بعض الفروض ما قد يعتبر أسلوباً مباشراً مألوفاً في الإفصاح عن الإرادة, ويكون بهذه المثابة تعبيراً صريحاً .

3 - وقد جرى القضاء في مصر على الاعتداد بالتعبير الضمني عن الإرادة كما يعتد بالتعبير الصريح  . (استئناف مختلط 12 مارس سنة 1930 ب 42 ص 352 و 13 فبراير سنة 1896 ب 8 ص 118) . وذهب كذلك إلى أن مسلكاً معيناً ، أو ضرباً من ضروب التصرف ، قد يعتبر إفصاحاً عن الإرادة (استئناف مختلط 16 مايو سنة 1929 ب 41 ص 401) .

المشروع في لجنة المراجعة :

تليت المادة 124 من المشروع وبعد مناقشة أدخلت عليها تعديلات لفظية وأصبح النص الذي وافقت عليه اللجنة ما يأتي :

1 - التعبير عن الإرادة يكون باللفظ والكتابة وبالإشارة المتداولة عرفاً ، كما يكون باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود.

2 - ويجوز أن يكون التعبير عن الإرادة ضمنياً، إذا لم ينص القانون أو يتفق الطرفان على أن يكون صريحاً.

وأصبح رقم المادة 92 في المشروع النهائي .

 المشروع في مجلس النواب :

وافق المجلس على المادة دون تعديل تحت رقم 92 .

المشروع في مجلس الشيوخ :

مناقشات لجنة القانون المدني :

محضر الجلسة الثانية

تليت المادة ٩٢ فرأى سعادة العشماوي باشا حذفها لأنها من صميم الشرح والفقه وأيده في ذلك سعادة علوبة باشا قائلا إنه ما دام فيها تقدير لظروف الحال فيجب أن يترك هذا التقدير للقاضي .

فتساءل معالي حلمي عيسى باشا عما إذا كان لهذه المادة مقابل في التشريع الحالي .

فأجاب الدكتور حسن بغدادي بالنفي ولكن لها مقابل في تشريعات أجنبية أخرى .

ثم قال إن العلة في إيراد هذا النص هي أنه بعد أن تكلمت المادة ٩١ عن التعبير عن الإرادة كان من الطبيعي تحديد وسائله في المادة التالية وإيراد الفقرة الأولى منها تمهيد منطقي لما جاء في الفقرة الثانية التي تتكلم عن التعبير الضمني . فالمادة ٩٢

تتناول مسألة التفرقة بين التعبير الصريح والتعبير الضمني عن الإرادة وهذه التفرقة ليست مجردة من الأهمية العملية فقد يستلزم القانون أحياناً ، وقد يشترط المتعاقدون أنفسهم وجوب التعبير الصريح عن الإرادة لإبراز أهمية التصرف القانوني الذي يراد عقده.

ولما كان القضاء في مصر قد جرى على الاعتداد بالتعبير الضمني عن الإرادة وكذلك بالتعبير الصريح وذهب أيضا إلى أن مسلكاً معيناً أو ضرباً من ضروب التصرف قد يعتبر إفصاحاً عن الإرادة فقد رأى المشرع أن يرفع الخلاف الذي كان سائداً في المحاكم على تكييف مظاهر التعبير عن الإرادة واعتبارها تعبيراً صريحاً أو ضمنياً حتى مع اشتراط القانون الحالي أحياناً في بعض العقود التعبير الصريح فأورد النص الحالي وهو المادة ٩٢ بمعنى أنه إذا اتفق الطرفان أو اشترط القانون أن يكون الرضاء صحيحا أو بعبارة أخرى أن يكون التعبير عن الإرادة صريحا فلا يجوز الاعتداد بالرضاء الضمني .

فقال سعادة العشماوي باشا إنه لا يعترض على صحة الأحكام الواردة في المادة وإنما يرى أن هذه الأحكام من خصائص الفقه والقضاء وهما بجمعان على ما جاء فيها وأنها لم تأت بجديد ولم تحسم خلافاً لأنها إذا نصت مثلاً على أن التعبير قد يكون بالإشارة فالأمر في ذلك متروك لتقدير القاضي فيما إذا كانت هذه الإشارة مفهمة أم لا . ثم قال إنه يخشى أن توهم هذه المادة بأن وسائل التعبير عن الإرادة واردة فيها على سبيل الحصر مع أنها غير ذلك فأجاب الدكتور حسن بغدادي بأن المادة حصرت وسائل التعبير عن الإرادة ولكنها لم تحصر الصور .

فاستفسر حضرة الشيخ المحترم الأستاذ إسماعيل حمزه عن الداعي لذكر بعض صور التعبير عن الإرادة مع الوسائل .

فأجابه الدكتور بغدادي بأن المادة شملت بعض صور التعبير عن الإرادة التي يحتمل أن تكون محل خلاف في العمل .

فقال سعادة الرئيس إنه رغم إيراد بعض صور التعبير عن الإرادة سيحدث الخلاف في المنطق لأن هناك مسائل متروكة لتقدير القاضي والخلاف ليس على هذه الصور إنما على التقدير فقط .

فاقترح الأستاذ إسماعيل حمزة الاقتصار على الفقرة الثانية وأيده في ذلك سعادة علوبه باشا بقوله إن اتخاذ موقف ، يدخل في التعبير الضمني عن الإرادة وكذلك يخضع لتقدير القاضي .

فقال عبده محرم بك إن هناك فرقا بين اتخاذ موقف وبين السكوت وضرب مثلاً للتعبير عن الإرادة باتخاذ موقف بمن يعرض منزله للبيع على آخر ثم لا ينتظر القبول وباع المنزل لشخص ثالث فيتصرف الموجه إليه الإيجاب في المنزل بالبيع ففي بيعه المنزل لشخص ثالث تعبير عن إرادته بالقبول وذلك باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته عن حقيقة المقصود.

وأضاف الدكتور بغدادي بأن اتخاذ موقف قد يكون صورة من صور التعبير الصريح وضرب لذلك مثلاً بطريقة عقد الصفقات في بورصة الأوراق المالية في الإسكندرية بطريقة توزيع البطاقات على السماسرة فإذا لم يرد أحدهم بطاقته عندما يصبح السعر غير موافق اعتبر صاحبها موافقاً على الصفقة .

فقال حضرة الشيخ المحترم جمال الدين أباظة بك إن اتخاذ موقف لا مبرر للنص عليه لأنه يدخل سواء في الفقرة الأولى أو الثانية وإن من رأيه حذف هذه الصورة من المادة أي حذف عبارة «كما يكون باتخاذ ... الخ » من الفقرة الأولى .

واستمرت المناقشة بين القائلين بالحذف والقائلين ببقائها وكان الممثلون لوزارة العدل في جانب بقاء المادة لأنه لا ضرر من وجودها ولأنها في نظرهم تحسم خلافا محتملاً ـ وقد اقترحوا التريث في أخذ الرأي على هذه المادة مع المواد الأخرى التي سترى اللجنة حذفها إلى حين الانتهاء من نظر المشروع وإعادة البحث فيه من جديد .

فطمأنهم سعادة الرئيس وأحد حضرات أعضاء اللجنة بأن أخذ الرأي الآن لا يمنعهم من العدول عنه إذا ما اقتنعوا بصواب رأي الحكومة ومع ذلك فإن أسباب الحذف ستبرزها اللجنة في تقريرها .

قرار اللجنة :

ثم أخذ الرأي على هذه المادة فوافقت الأغلبية على حذفها وكان من رأي حضرتي الشيخين المحترمين محمد خيرت راضي بك وأحمد رمزي بك بقاء الفقرة الثانية ومن رأي حضرة الشيخ المحترم جمال الدين أباظة بك بقاء المادة مع حذف عبارة « كما يكون باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود » من الفقرة الأولى منها .

محضر الجلسة الخامسة والأربعين

كانت اللجنة قد أدخلت تعديلاً على تلك المادة بحذف عبارة « كما يكون باتخاذ موقف لا تدعو ظروف الحال شكا في دلالته على حقيقة المقصود » وقد طلب معالي السنهوري باشا إلى اللجنة رفع هذا الحذف لأهمية الحكم الوارد فيها فوافقت اللجنة على ذلك .

وأصبح رقم المادة ٩٠ .

مناقشات المجلس :

وافق المجلس على المادة كما أقرتها اللجنة .



(1) مجموعة الأعمال التحضيرية ج 2 ص 13 .

الطعن 2407 لسنة 37 ق جلسة 6 / 2 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 1 ق 65 ص 625

جلسة 6 من فبراير سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكروري - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأستاذة/ محمد مجدي محمد خليل وعويس عبد الوهاب عويس وعلي عوض محمد صالح وحسني سيد محمد أبو جبل - نواب رئيس مجلس الدولة.

-----------------

(65)

الطعن رقم 2407 لسنة 37 القضائية

(أ) جامعات - جامعة الزقازيق - وظيفة أمين الجامعة - المفاضلة بين المرشحين للترقية إليها. (شروط المؤهل).
العبرة في الترقية بالاشتراطات الواردة ببطاقة وصف الوظيفة - اشتراط مؤهل عال مناسب لا يقيد الإدارة بين المؤهلات العليا القانونية أو التجارية - مؤهل دبلوم المعهد العالي للخدمة الاجتماعية وفقاً لطبيعة المواد العلمية التي تدرس به والخبرات العلمية التي يكتسبها حملته عند التحاقهم بالعمل غير منقطع الصلة بوظيفة أمين الجامعة - تطبيق.
(ب) الترقية لوظيفة أمين الجامعة - شرط الخبرة في مجالات العمل الجامعي.
لا يجوز تفسير هذا الشرط على أساس عمل المرشح بجميع الإدارات بالجامعة لتعذر ذلك عملاً - يتعين تفسير هذا الشرط على أساس عمل المرشح بعد تعيينه بالمؤهل العالي في وظيفة وثيقة الصلة بالنشاط الجامعي - يتحقق هذا الشرط فيمن عمل بالإدارة العامة لرعاية الشباب بالجامعة - تطبيق.
(ج) الترقية لوظيفة أمين الجامعة - موانع الترقية - الإحالة للمحاكمة التأديبية.
تكون إحالة العاملين من غير أعضاء هيئة التدريس إلى مجلس التأديب بقرار من رئيس الجامعة - لا وجه لتطبيق القاعدة المنصوص عليها في المادة (87) من قانون نظام العاملين المدنين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 التي تقضي باعتبار العامل محالاً للمحاكمة التأديبية من تاريخ طلب الجهة الإدارية أو الجهاز المركزي للمحاسبات من النيابة الإدارية إقامة الدعوى التأديبية - أساس ذلك: خضوع العاملين من غير هيئة التدريس بالجامعة لنظام تأديبي خاص - صدور قرار رئيس الجامعة بالإحالة لمجلس التأديب بعد صدور قرار الترقية لا يمثل مانعاً من الترقية - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 15/ 5/ 1991 أودع الأستاذ/ محمود الطوخي المحامي بصفته وكيلاً عن..... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 2407 لسنة 37 ق عليا ضد كل من..... ورئيس مجلس الوزراء ووزير التعليم ورئيس جامعة الزقازيق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بجلسة 16/ 3/ 1991 في الدعوى رقم 1156 لسنة 10 ق المقامة من المطعون ضدها الأولى ضد المطعون عليهم الثاني والثالث والرابع والقاضي بقبول تدخل...... خصماً منضماً للإدارة وبرفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه رقم 1890 لسنة 1987 فيما تضمنه من تخطي المدعية في الترقية لوظيفة أمين جامعة الزقازيق بالدرجة العالية وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء هذا الحكم والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدها الأولى المصروفات عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وتدوول نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا حيث قررت بجلسة 27/ 7/ 1992 إحالة الطعن للمحكمة الإدارية العليا ( الدائرة الثانية) وحددت لنظره جلسة 17/ 11/ 1992 حيث تدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً سماعه من أطراف الطعن قررت إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أنه بتاريخ 19/ 3/ 1988 أقامت المطعون ضدها الأولى الدعوى رقم 1156 لسنة 10 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة ضد المطعون عليهم الثاني والثالث والرابع طالبة الحكم بإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1890 لسنة 1987 فيما تضمنه من تخطي المدعية في الترقية إلى وظيفة أمين عام جامعة الزقازيق بدرجة وكيل وزارة وبأحقية المدعية في الترقية لهذه الوظيفة اعتباراً من تاريخ خلوها وإلزام المطعون ضدهم بالمصروفات، وبجلسة 28/ 3/ 1990 أمام محكمة القضاء الإداري تقدم الطاعن بطلب قبول تدخله خصماً منضماً للجامعة وطلب الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة واحتياطياً برفض الدعوى. وبجلسة 16/ 3/ 1991 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه وأسسته على أن شروط شغل وظيفة أمين الجامعة تتمثل في ثلاثة شروط وردت في القانون العام وشرط خاص وحيد يتعلق بالعمل في الجامعة وورد في قانونها وذلك على الوجه التالي:
1 - الحصول على مؤهل عال مناسب دون تحديد لمؤهل عال معين، ومن ثم لا يسوغ القول بأن مؤهل ليسانس الحقوق الحاصل عليه المطعون على ترقيته أكثر مناسبة من دبلوم المعهد العالي للخدمة الاجتماعية الحاصلة عليه المدعية ما دام المشرع لم ينص على غير ذلك صراحة.
2 - مزاولة العمل في وظائف الدرجة الأولى ( مدير عام) مدة لا تقل عن سنة أياً كانت الوظيفة وأياً كانت مسماها وطبيعة العمل فيها ولا عبرة بتفضيل وظيفة على أخرى داخل درجة مدير عام ما دام القانون لم يقض بذلك فلم يقصر الترشيح لأمين الجامعة على شاغلي وظائف الأمناء المساعدين.
3 - اجتياز المرشح البرامج التدريبية التي تتيحها له الجامعة.
4 - أن يكون المرشح ذا خبرة بالشئون الجامعية وذلك أياً كانت نوعية هذه الخبرة أو مداها أو مدتها أو طبيعة العمل الذي قضيت فيه.
وخلص الحكم إلى أن مفاد ذلك أن من توافرت في شأنه الشروط المشار إليها يجوز ترشيحه أميناً للجامعة وأن من تخلف في حقه أحدها فلا يجوز النظر في ترشيحه، كما أن هذه الشروط يجب توافرها جميعاً ولا يفضل إحداها الآخر ولا يسوغ القول بأن أحد هذه الشروط يعتبر عنصر تفضيل يفوق به أحد المرشحين زملاءه ويتميز عليهم ما دام أن القانون لم ينص على هذا، يؤكد ذلك قيام الجامعة المدعى عليها بترشيح خمسة من شاغلي درجة مدير عام بها للترشيح للوظيفة المطعون على الترقية إليها ثلاثة منهم أمناء مساعدون بالجامعة منهم المطعون على ترقيته واثنان مديران عامان بالجامعة منهما المدعية باعتبار توافر جميع الشروط المتطلبة لشغل هذه الوظيفة منهم، وأنه في ضوء ما سلف وما استقر عليه القضاء الإداري بالنسبة للترقية بالاختيار وبعد المقارنة بين الحالة الوظيفية والشخصية لكل من المدعية والمطعون على ترقيته فإن القدر المتيقن هو تساويهما في مرتبة الكفاية وعناصر الامتياز فلا مناص والحالة هذه من اللجوء للضابط العادل بترقية الأقدم داخل مرتبة الكفاية ما دام الأحدث ليس ظاهر الامتياز عليه لذا كان يتعين على الإدارة اختيار المدعية لهذا المنصب باعتبارها أقدم من المطعون على ترقيته ولا يغير من ذلك ما ساقته الإدارة تبريراً لهذا التخطي من انفراد المطعون على ترقيته بعمل إنشائي ضخم هو إقامة وإدارة فرع جامعة الزقازيق ببنها وفوزه في الاستفتاء الذي أجرته الجامعة بين مديري العموم بها لاختيار أمين الجامعة وفي استطلاع الرأي بين عمداء الكليات بالجامعة لكون المبرر الأول مجرد كلام مرسل دون دليل ولكون المبرر الثاني بدعة غير مسبوقة وإجراءات لا يوجبها قانون كما لا يغير مما تقدم ما ساقته الجامعة من نسبة بعض الاتهامات والمخالفات المالية للمدعية أحيلت بسببها لمجلس التأديب ما دام الثابت أنه انتهى للحكم ببراءتها.
ويقوم الطعن الماثل على أن الحكم المذكور خالف القانون وأخطأ في تطبيقه للأسباب الآتية:
1 - مخالفة القانون بالامتناع عن إعمال حكم المادة 87 من قانون العاملين المدنيين بالدولة في شأن المطعون ضدها رغم ثبوت أنها كانت محالة إلى المحاكمة التأديبية والمحاكمة الجنائية حيث إن الثابت أنها كانت عند صدور قرار الترقية المطعون عليه في 17/ 12/ 1987 محالة إلى المحاكمة الجنائية في جناية التربح والإضرار العمدي بأموال ومصالح الدولة وأنها كانت محالة إلى المحاكمة التأديبية بالتحقيق معها إدارياً في الجامعة ثم أمام النيابة الإدارية بما أسفر عن إحالتها إلى المحاكمة التأديبية في 21/ 2/ 1988 وأنه إذا كان قد صدر قرار مجلس التأديب في 14/ 3/ 1989 ببراءتها من الاتهام المسند إليها فإن هذا لا يؤثر في مشروعية القرار المطعون عليه لأن العبرة في تقدير مدى مشروعيته بالعناصر والأسباب القائمة عند صدوره.
2 - الخطأ في تفسير القانون وفي تطبيقه للأوجه الآتية:
أ) اعتبار مؤهل المدعية مؤهلاً مناسباً لوظيفة أمين الجامعة على أساس أن اشتراط الحصول على مؤهل عال مناسب لشغل هذه الوظيفة جاء مطلقاً غير مقيد ولا محدد بمؤهل معين هذا النظر غير سديد لأن تحديد المناسب من المؤهلات لشغل وظيفة معينة لا يحتاج لنص صريح في القانون يحدد هذا المؤهل وإنما يجرى تحديد ذلك على أساس الإحاطة بنوع أعمال الوظيفة وواجباتها ومسئوليات شاغلها ووزن اتصال التأهيل النظري الحاصل عليه العامل مع هذه الأعمال والواجبات وفي ضوء ذلك وباستعراض مسئوليات أمين الجامعة وبطاقة وصف هذه الوظيفة وأهمها الإشراف على كافة الأعمال والإجراءات المالية والإدارية بالجامعة يكون ليسانس الحقوق أو بكالوريوس التجارة هو المؤهل المناسب لهذه الوظيفة.
ب) تفسير الشرط الخاص بالخبرة في الشئون الجامعية من أنه يكفي أن يكون المرشح للوظيفة قد عمل في أي موقع في الجامعة أياً كان نوع الخبرة المكتسبة من هذا العمل فيه إهدار لصريح نص القانون وبطاقة وصف الوظيفة اللذين استلزما أن تكون الخبرة في أكثر من شأن ومجال من شئون ومجالات العمل بالجامعة وهو ما يتوفر في المطعون على ترقيته دون المدعية التي اقتصرت خبرتها في الجامعة على مجال رعاية الشباب هذا فضلاً عن أنه إذا لم تكن الخبرة الشاملة بالشئون الجامعية المستمدة من العمل في مجالات العمل الجامعي المختلفة إن لم تعتبر شرطاً جوهرياً لا تكتمل الصلاحية لشغل الوظيفة إلا بتوافره فإنها تكون في أدنى الفروض وجهاً من أوجه المفاضلة التي ترجح كفة من تتحقق فيه على من يفتقدها من أقرانه المتزاحمون على الترقية.
ج) رفض اعتماد ما لشاغل وظيفة أمين مساعد الجامعة من وضع وظيفي متميز كوظيفة تعلو سائر الوظائف من درجة مدير عام بالجامعة مما يسوغ رئاسة شاغلها لأقرانه من مديري العموم وإشرافه عليهم من خلال مساعدته لأمين الجامعة في كل أعماله وحلوله محله عند غيابه بما يستتبع اعتبار شغل وظيفة الأمين المساعد وجهاً ويبرر موضوعياً اختيار شاغلها للترقية لوظيفة أمين الجامعة متقدماً لزملائه من شاغلي وظائف مديري العموم بالجامعة ومن ثم كان يتعين على المطعون ضدها الأولى أن تجادل في تعيين الطاعن أميناً مساعداً متقدماً عليها وشاغلاً بذلك موقع الرئاسة والإشراف عليها وهو ما يعد تسليماً منها بأنه أكثر كفاءة وأجدر بتولي هذه الوظيفة.
3 - خطأ الحكم في تطبيق القانون على الواقعة موضوع الدعوى حين رجح أفضلية المطعون ضدها الأولى على الطاعن بأسباب وعناصر لا تتعلق بالوظيفة ولا بأداء العمل فيها مثل كونها شخصية عامة لعضويتها في مجلس شعبي محلي وغيرها رغم أن هذه الأعمال لا تكسب القائم بها أية خبرة تفيده في مجال العمل الجامعي علماً بأن الطاعن أيضاً له نشاط مماثل ومشرف، كما أهمل الحكم الإشارة إلى أن المطعون ضدها الأولى كانت محالة للمحاكمتين الجنائية والتأديبية عند صدور القرار المطعون عليه بما يقيم مانعاً من ترقيتها أو اعتبار ذلك من أوجه المفاضلة بحيث يكون استبعادها من الترقية وتفضيل الطاعن عليها قائماً على أسس موضوعية سليمة.
ومن حيث إن المادة 8 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تنص في فقرتها الثانية على أن "تضع كل وحدة جدولاً للوظائف مرفقاً به بطاقات وصف كل وظيفة وتحدد واجباتها ومسئولياتها والاشتراطات اللازم توافرها فيمن يشغلها...".
وتنص المادة 12 من ذات القانون على أن "يكون شغل الوظائف عن طريق التعيين أو الترقية أو النقل بمراعاة استيفاء الاشتراطات اللازمة".
وتنص المادة 36 على أنه "مع مراعاة استيفاء العامل لاشتراطات شغل الوظيفة المرقى إليها تكون الترقية إليها من الوظيفة التي تسبقها مباشرة في الدرجة والمجموعة النوعية التي تنتمي إليها...".
وتطبيقاً لذلك جرى قضاء هذه المحكمة على أن بطاقة وصف الوظيفة هي وحدها التي تحدد اشتراطات شغلها سواء من حيث التأهيل العلمي أو المدة البينية التي يجب قضاؤها في الوظيفة الأدنى مباشرة أو مدة الخبرة الكلية في مجال العمل.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على بطاقة وصف وظيفة أمين الجامعة بجامعة الزقازيق قبل تعديلها بتاريخ 26/ 1/ 1991 أنها بالدرجة العالية بالمجموعة النوعية لوظائف الإدارة العليا ويتولى شاغلها الإشراف على كافة الأعمال والإجراءات المالية والإدارية بالجامعة في حدود القوانين واللوائح والنظم والقرارات التي تنظم هذه الأعمال ويشترط لشغلها: مؤهل عال مناسب وخبرة طويلة في مجالات العمل الجامعي مع توافر الصفات والقدرات الشخصية والعلمية التي تناسب أعمال هذه الوظيفة مزاولة العمل في وظائف الدرجة الأدنى بالقطاع الجامعي مدة لا تقل عن سنة - اجتياز البرامج التدريبية وحضور الندوات التي تتيحها الجامعة.
ومن حيث إنه لا خلاف بين طرفي الطعن حول مدى توافر هذا الشرط الأخير وإنما ينحصر الخلاف في مدى مناسبة المؤهل الحاصلة عليه المطعون عليها الأولى لشغل هذه الوظيفة وشرط الخبرة.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بمناسبة المؤهل فقد سبق لهذه المحكمة أن قضت بأنه حين تحدد بطاقة وصف الوظيفة التأهيل العلمي اللازم لشغلها في ضوء طبيعتها أو المجموعة التي تنتمي إليها والدرجة المالية المخصصة لها والواجبات والمسئوليات المنوطة بشاغلها لا يخرج هذا التحديد عادة عند تطلب المؤهل العالي عن أحد البدائل الآتية: 1) مؤهل عال. 2) مؤهل عال مناسب. 3) مؤهل عال متخصص (فني/ هندسي/ تجاري/ قانوني وما يماثل ذلك). وتتفاوت السلطة التقديرية لجهة الإدارة عند مفاضلتها بين المرشحين لشغل الوظيفة وفقاً لأي من هذه البدائل فيتسع نطاق هذه السلطة عند تطلب مؤهل عال فقط بحيث يجوز شغل الوظيفة من بين حملة أي مؤهل من المؤهلات التي تعتبر قانوناً من المؤهلات العالية دون أفضلية للمؤهل على آخر، وتضيق هذه السلطة عند تطلب مؤهل عال متخصص إذ تلتزم الإدارة بشغل الوظيفة من بين حملة هذا المؤهل دون أن يكون لها إحلال مؤهل عال آخر لا يوازيه من حيث التخصص محله، وفيما بين هذين الحدين تتمتع الإدارة عند تطلب مؤهل عال مناسب بسلطة الموازنة والتقدير بين المؤهلات التي يمكن اعتبارها مناسبة للوظيفة. وغني عن البيان أن الإدارة تخضع وهي تمارس سلطتها المشار إليها - بصورها المختلفة - لرقابة القضاء الإداري.
ومن حيث إنه تطبيقاً لما تقدم وإذ حددت بطاقة وصف الوظيفة - محل النزاع - التأهيل العلمي اللازم لها بعبارة مؤهل عال مناسب دون عبارة مؤهل عال تجاري أو قانوني فإنها بذلك تفيد عند حصر نطاق الترشيح لشغل هذه الوظيفة من بين حملة المؤهلات العليا التجارية أو القانونية دون غيرهم وإنما تفسخ المجال لحملة أي مؤهل عال ترى الإدارة مناسبته للقيام بأعباء هذه الوظيفة وتحمل مسئولياتها الإدارية والفنية وفقاً لما حددته بطاقة الوصف.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المطعون ضدها الأولى - فضلاً عن حصولها على ليسانس حقوق سنة 1986 - فإن المؤهل الأصلي الحاصلة عليه والذي عينت بداءة بمقتضاه وهو دبلوم المعهد العالي للخدمة الاجتماعية وفقاً لطبيعة المواد العلمية التي تدرس به والخبرات العملية التي يكتسبها حملته عند التحاقهم بالعمل في مجال تخصصهم غير منقطع الصلة بالوظيفة محل النزاع.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بشرط الخبرة في مجالات العمل الجامعي فإنه لا يمكن أن يفسر بوجوب عمل المرشح بجميع الإدارات المختلفة بالجامعة لما في ذلك من تجاوز بحكم المادة 37 من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1975 والتي اكتفت باشتراط أن يكون أمين الجامعة ذا خبرة بالشئون الجامعية ولتعذر ذلك عملاً إذ من مقتضاه أن من يعمل طوال حياته الوظيفية بالجامعة بالإدارة القانونية أو الإدارة المالية بعد حصوله على مؤهل عال قانوني أو مؤهل عال تجاري لا يكون صالحاً للترشيح للوظيفة سالفة الذكر وذلك رغم أن ما يكتسبه أي منهما من عمله بهاتين الإدارتين من خبرات متنوعة أمراً لا يمكن إنكاره، ومن ثم فإنه يتعين تفسير الشرط المذكور بأنه يقصد به أن يعمل المرشح منذ تعيينه بالجامعة بعد حصوله على المؤهل العالي في عمل وثيق الصلة بالنشاط الجامعي على اختلاف أنواعه وتخصصاته ولا شك أن العمل بالإدارة العامة لرعاية الشباب بالجامعة بحكم ما يدخل في اختصاص هذه الإدارة من القيام بنشاط رياضي واجتماعي وثقافي وفني وتطبيق لوائح ونظم محددة واتخاذ إجراءات مالية ومحاسبة متعددة من شأنه أن يكسب القائم بهذا العمل خبرة في مجالات العمل الجامعي بما يتوفر معه هذا الشرط في العاملين بهذه الإدارة عند ترشيحهم لشغل وظيفة أمين الجامعة.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بتفضيل شاغلي وظيفة أمين مساعد الجامعة للترشيح لوظيفة أمين الجامعة على غيرهم من شاغلي وظائف بدرجة مدير عام بالجامعة بحكم الاختصاصات الإشرافية لأمين مساعد الجامعة على باقي مديري العموم بها وحلوله محل الأمين عند غيابه فإنه رغم عدم وجود نص صريح أو ثبوت عرف مستقر يقضي به فإنه لو سلمنا جدلاً بصحة ذلك بصفة عامة فإن هذا الأمر لا يطبق على النزاع محل الطعن باعتبار أن الطاعن كان يشغل عند الترشيح لشغل الوظيفة المتنازع عليها وظيفة أمين مساعد فرع جامعة الزقازيق ببنها وليس من المعقول القول بأنه وهو يشغل هذا الموقع يشرف على مديري العموم بالإدارات العامة للجامعة بمقرها الرئيسي بالزقازيق يؤكد ذلك حكم المادة 39 من قانون تنظيم الجامعات المشار إليه والتي تنص على أن "يعاون أمين الجامعة مساعدان من العاملين ذوي الكفاءة في الجامعة ويقوم أقدمهما مقامة عند غيابه ويجوز في حال إنشاء فرع للجامعة تعيين أمين مساعد يعاون أمين الجامعة في شئون الفرع وتكون له جميع الاختصاصات المخولة للأمينين المساعدين في شئون هذا الفرع.
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم فإنه تتوافر في المطعون ضدها الأولى جميع الشروط اللازمة لشغل وظيفة أمين الجامعة يؤكد ذلك قيام الجامعة ذاتها بترشيحها مع الطاعن وثلاثة آخرين ما بين أمين مساعد ومدير عام بالجامعة لشغل وظيفة أمين الجامعة وذلك بكتاب الجامعة للسيد وزير التعليم بتاريخ 27/ 6/ 1987 تاركة له حرية اختيار من يعين في هذه الوظيفة من بينهم باعتبارهم جميعاً من المستوفين لشروط شغلها طبقاً لبطاقة وصف الوظيفة.
ومن حيث إنه وقد توافرت في شأن المطعون ضدها الأولى شروط شغل وظيفة أمين الجامعة شأنها في ذلك شأن الطاعن وتساوياً في مرتبة الكفاية وعناصر الامتياز بما تعذر معه على الجامعة وهي الجهة الإدارية التي يعملان بها ومن ثم تعتبر أقدر الجهات على الحكم عليهما وتحديد من منهما يفضل الآخر فضلاً عن باقي المرشحين للترشيح لهذه الوظيفة فلا مناص من الرجوع لمعيار الأقدمية وفقاً للمبادئ المستقرة في هذا الشأن والتي تقضي بأنه عند التساوي في مرتبة الكفاية يرقى الأقدم.
ومن حيث إنه متى ثبت أن المطعون ضدها الأولى هي الأقدم من الطاعن في الحصول على درجة مدير عام حيث حصلت عليها بتاريخ 3/ 1/ 1979 في حين حصل عليها الأخير بتاريخ 8/ 1/ 1979 فإنها تكون صاحبة الحق في الترقية لوظيفة أمين الجامعة.
ومن حيث إنه لا يغير مما سبق ما أثاره الطاعن من وجود مانع قانوني من ترقية المطعون ضدها الأولى لإحالتها للمحاكمتين التأديبية والجنائية عند صدور قرار رئيس مجلس الوزراء بتعيين الطاعن في هذه الوظيفة بتاريخ 17/ 12/ 1987 تطبيقاً لحكم المادة 87 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة ذلك أن المادة المذكورة وإن حظرت ترقية عامل محال إلى المحاكمة التأديبية أو الجنائية أو موقوف عن العمل في هذه الإحالة أو الوقف فإنها قد حددت في فقرتها الثانية متى يعتبر العامل محالاً للمحاكمة التأديبية بأنه من تاريخ طلب الجهة الإدارية أو الجهاز المركزي للمحاسبات من النيابة الإدارية إقامة الدعوى التأديبية. ولما كان العاملون بالجامعات من غير أعضاء هيئة التدريس يخضعون لنظام تأديبي خاص ورد بالباب الرابع من قانون تنظيم الجامعات السالف الإشارة إليه والذي تنص المادة 157 منه على أن "تسري أحكام العاملين المدنيين بالدولة على العاملين في الجامعات الخاضعة لهذا القانون من غير أعضاء هيئة التدريس وذلك فيما لم يرد في شأنه نص خاص بهم في القوانين واللوائح الجامعية".
وتنص المادة 164 من ذات القانون على أن "تكون إحالة العاملين من غير أعضاء هيئة التدريس إلى مجلس التأديب بقرار من رئيس الجامعة". وتسري بالنسبة لمحاكمتهم تأديبياً أحكام القانون رقم 147 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية.
ومن حيث إنه تطبيقاً للأحكام المتقدمة فإن العاملين بالجامعات من غير أعضاء هيئة التدريس لا يعتبرون محالين للمحاكمة التأديبية التي تشكل مانعاً قانونياً من النظر في ترقيتهم وفقاً لحكم المادة 87 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة السالف الإشارة إليها إلا من تاريخ صدور قرار من رئيس الجامعة المنتمين إليها بإحالتهم لمجلس التأديب المختص.
ومن حيث إن القرار الصادر من رئيس جامعة الزقازيق بإحالة المطعون ضدها الأولى لمجلس التأديب عن المخالفات المنسوبة إليها والتي كانت محل تحقيق معها عند صدور قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1890 لسنة 1982 بتعيين الطاعن في وظيفة أمين جامعة الزقازيق بتاريخ 17/ 12/ 1987 لم يصدر إلا بتاريخ 21/ 7/ 1988 أي بعد صدور قرار رئيس مجلس الوزراء المشار إليه.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بكون المطعون ضدها الأولى محالة للمحاكمة الجنائية في تاريخ صدور قرار الترقية محل الطعن فإن ما قدمه الطاعن من مستندات لإثبات التحقيق معها إبان هذه الفترة بواسطة النيابة العامة فيما نسب إليها من مخالفات وقعت منها أثناء عضويتها للمجلس الشعبي المحلي إلا أنه لم يقدم ما يفيد إحالتها للمحاكمة الجنائية بسبب هذه المخالفات وفقاً لمفهوم الإحالة للمحاكمة الجنائية الذي سبق لهذه المحكمة أن انتهت إليه إزاء سكوت النص التشريعي عن تحديد هذا المفهوم حيث قضت بأنه "في المحاكمة الجنائية يوجد مدلول قانوني دقيق خاص لاصطلاح - محال إليها - تحدده القواعد الراسخة المستقرة في قانون الإجراءات الجنائية حاصلها أن الإحالة إلى المحاكمة الجنائية تتم بصدور أمر الإحالة من قاضي التحقيق أو مستشار الإحالة أو تتم بتكليف المتهم بالحضور إلى المحكمة المختصة من قبل النيابة العامة أو المدعي بالحق المدني.
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم فإن المطعون ضدها الأولى لم تكن محالة للمحاكمتين التأديبية والجنائية عند صدور قرار الترقية محل الطعن بما يشكل مانعاً قانونياً من ترقيتها بموجبه وإن جازت أن تكون عنصراً لتفضيل غيرها من المتزاحمين على الترقية لوظيفة أمين الجامعة بالنظر للوضع الخاص لهذه الوظيفة باعتبارها - وفقاً لقانون تنظيم الجامعات ولائحته التنفيذية على قمة الهرم الوظيفي للعاملين بالجامعة من غير أعضاء هيئة التدريس ومن ثم فإنه يتعين لشغلها فضلاً عن توافر الشروط المتطلبة قانوناً - ألا تشوب سمعة المرشح أية شائبة تمس أمانته أو نزاهته أو سلوكه الوظيفي أو الشخصي ومن البديهي أن إحالة المرشح للتحقيق بواسطة النيابة الإدارية أو النيابة العامة يلقي ظلالاً من الشك حول شخصه وسلوكه بما يفضل معه غيره من المتزاحمين على شغل هذه الوظيفة عليه إلا أنه إذا ما أسفر التحقيق مع المرشح عن عدم ثبوت ما نسب إليه من مخالفات أو إحالته إلى المحاكمة ثم صدور حكم ببراءته وذلك قبل صدور الحكم في المنازعة الإدارية بالطعن على قرار الترقية فإنه لا تثريب على المحكمة التي تنظر المنازعة الإدارية إن هي اعتدت بنتيجة التحقيق أو بحكم المحكمة الصادر بالبراءة لإجابة الطاعن لطلباته دون أن يعتبر ذلك وزناً للقرار الإداري لأسباب لاحقة على صدوره وذلك بالنظر لأن حكم البراءة لا ينشئ مركزاً قانونياً جديداً للمتهم وإنما هو حكم كاشف يرتد أثره إلى تاريخ اتهامه بالمخالفات التي حقق معه من أجلها أو حوكم بسببها وثبتت براءته منها بحيث تتحقق براءة ساحته من هذه المخالفات اعتباراً من هذا التاريخ بما يعدم أثرها وما ترتب عليها من ترقية غيره بالتخطي له بسببها.
ومن حيث إنه وفقاً لما سلف تكون المطعون ضدها الأولى على حق في الطعن في قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1890 لسنة 1987 والمطالبة بإلغائه فيما تضمنه من تخطيها في التعيين في وظيفة أمين جامعة الزقازيق ويكون الحكم المطعون عليه إذ أجابها إلى طلباتها متفقاً مع صحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه على غير أساس بما يتعين معه رفضه وإلزام الطاعن المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.

الطعن 1856 لسنة 58 ق جلسة 29 / 5 / 1989 مكتب فني 40 ق 99 ص 590

جلسة 29 من مايو سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حامد عبد الله وجاد المتولي علي وفتحي الصباغ ومصطفى كامل.

---------------

(99)
الطعن رقم 1856 لسنة 58 القضائية

(1) جريمة "الإخلال بالآداب العامة" "أركانها".
جريمة الإخلال بالآداب العامة المنصوص عليها في المادة 178 عقوبات. كيفية تحققها؟ تقدير توافرها. موضوعي.
مثال.
(2) إثبات "بوجه عام" "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع غير المنتج في الدعوى. إغفال تحقيقه أو الرد عليه. لا عيب.
(3) إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قرار المحكمة في صدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة. تحضيري. للمحكمة العدول عنه.
(4) جريمة "أركانها". قصد جنائي.
جريمة الإخلال بالآداب العامة. لا تتطلب قصداً خاصاً.
القصد الجنائي في جريمة الإخلال بالآداب العامة. ماهيته؟
(5) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
نفي التهمة. دفاع موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(6) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم. تعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه لا يلزم. مفاد التفاته عنها أنه أطرحها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. إثارته أمام النقض غير جائز.

----------------
1 - لما كان المرجع في تعرف حقيقة موضوع جريمة الإخلال بالآداب العامة المنصوص عليها في المادة 178 من قانون العقوبات هو بما يطمئن إليه القاضي من أنه سواء أكان مطبوعات أم صوراً أم رسوماً، أم غير ذلك مما نصت عليه المادة المذكورة، يتناقض مع القيم الأخلاقية. والاعتبارات الدينية السائدة في المجتمع وكانت صورة المرأة العارية التي أثبت الحكم ضبطها في حيازة الطاعنين بقصد الاتجار تفيد بذاتها منافاتها للآداب العامة، وكان حسب الحكم المطعون فيه الاستناد إلى تلك الصورة في إدانة الطاعنين.
2 - من المقرر أنه إذا كان دفاع المتهم غير منتج في الدعوى فلا تثريب على المحكمة إن هي لم تحققه أو أغفلت الرد عليه.
3 - من المقرر أن القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق.
4 - إن القانون لا يتطلب في جريمة الإخلال بالآداب العامة قصداً خاصاً، بل يكتفي بتوافر القصد العام الذي يتحقق من حيازة المتهم بقصد الاتجار صوراً، وهو عالم بما تنطوي عليه من منافاة للآداب العامة، وهذا العلم مفترض إذا كانت الصور التي ضبطت في حيازته بذاتها منافية للآداب - كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة - فلا موجب للتحدث صراحة واستقلالاً عن ركن العلم لدى الطاعنين، ويكون نعيهما بعدم بيان الحكم ركن العلم في حقهما غير سليم.
5 - من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
6 - بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه، لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم قاموا ببيع وصناعة وحيازة وتوزيع بقصد الاتجار الصور المنقوشة والرسومات الفوتوغرافية والمنافية للآداب العامة وذلك على النحو المبين بالأوراق وطلبت عقابهم بالمادة 178 من قانون العقوبات ومحكمة جنح آداب الإسكندرية قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بتغريم كل منهما خمسين جنيهاً والمصادرة. استأنفا ومحكمة الإسكندرية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ....... المحامي نيابة عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه ضبط صور منافية للآداب من ضمنها صورة لامرأة عارية تماماً من أي ستر مطروحة على الكافة في محل عام يمتلكه الطاعن الأول ويعمل فيه الطاعن الثاني. وأن الحكم أدانهما لحيازتهما بقصد الاتجار هذه الصورة وتلك الصور الأخرى وهي منافية للآداب العامة. لما كان ذلك وكان المرجع في تعرف حقيقة موضوع جريمة الإخلال بالآداب العامة المنصوص عليها في المادة 178 من قانون العقوبات هو بما يطمئن إليه القاضي من أنه - سواء أكان مطبوعات أم صور أم رسوماً، أم غير ذلك مما نصت عليه المادة المذكورة، يتناقض مع القيم الأخلاقية، والاعتبارات الدينية السائدة في المجتمع وكانت صورة المرأة العارية التي أثبت الحكم ضبطها في حيازة الطاعنين بقصد الاتجار تفيد بذاتها منافاتها للآداب العامة، وكان حسب الحكم المطعون فيه الاستناد إلى تلك الصورة في إدانة الطاعنين، فإنه لا يعيبه عدم استجابته إلى طلب استدعاء فنياً من قسم المطبوعات بوزارة الثقافة تحقيقاً لوجهة نظر الطاعنين من أن الصور المضبوطة ليست منافية للآداب العامة، وذلك لما هو مقرر من أنه إذا كان دفاع المتهم غير منتج في الدعوى فلا تثريب على المحكمة إن هي لم تحققه أو أغفلت الرد عليه ولا جناح عليها إذا أصدرت قراراً باستدعاء الموظف المختص بوزارة الثقافة، ثم عدلت عن قرارها إذ أن القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان من دعوى الإخلال بحق الدفاع يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان القانون لا يتطلب في جريمة الإخلال بالآداب العامة قصداً خاصاً، بل يكتفي بتوافر القصد العام الذي يتحقق من حيازة المتهم بقصد الاتجار صوراً، وهو عالم بما تنطوي عليه من منافاة للآداب العامة، وهذا العلم مفترض إذا كانت الصور التي ضبطت في حيازته بذاتها منافية للآداب - كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة - فلا موجب للتحدث صراحة واستقلالاً عن ركن العلم لدى الطاعنين، ويكون نعيهما بعدم بيان الحكم ركن العلم في حقهما غير سليم. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن الثاني بالتفات الحكم عن دفاعه مردوداً بما هو مقرر من أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه، لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون مفصحاً عن عدم قبوله ويتعين التقرير بذلك مع مصادرة الكفالة.