الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 6 أغسطس 2023

الطعن 212 لسنة 3 ق جلسة 25 / 10 / 1958 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 2 ص 12

جلسة 25 من أكتوبر سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

----------------

(2)

القضية رقم 212 لسنة 3 القضائية

إثبات 

- مدة خدمة في التعليم الحر - الشهادات المقدمة من المعاصرين لإثباتها لا تعتبر قرينة قاطعة في إثبات صحة ما تضمنته - تقدير قيمة هذه الشهادات كدليل في الإثبات متروك للإدارة - ليس للقضاء الإداري أن يستأنف النظر بالموازنة والترجيح فيما قام لديها من دلائل في خصوص صحة أو عدم صحة قيام الواقعة المراد التدليل عليها بالشهادات المذكورة.

-----------------
متى كان الثابت أن الوزارة اتبعت - في تحديد المدة التي قضيت بالتعليم الحر - إجراءات تقوم على تحقيق المدة التي قضيت بكل مدرسة, وذلك بوساطة أحد المفتشين الإداريين الذي يعتمد على بحث السجلات والملفات ومستندات الصرف, ولم تعتد بشهادات المعاصرين عن مدد الخدمة التي استبعدتها باعتبار هذه الشهادات دليلاً تقديرياً يحتمل الصدق وعدمه, وانتهت أخيراً بعد التردد في أمرها إلى إطراح الأخذ بها لعدم الثقة فيها وعدم وجود قاعدة تلزمها بحجيتها, وعدم نهوض الشهادات المذكورة قرينة قاطعة في إثبات صحة ما تضمنته.... وما دامت الوزارة صاحبة الرأي في تقدير قيمة الشهادات المقدمة من المدعية لإثبات مدد خدمتها السابقة في التعليم الحر لم تقتنع بصحة هذه الشهادات كدليل صالح لهذا الإثبات فيما يتعلق بالمدة التي قررت الوزارة استبعادها, بعد إذ تطرق إلى وجدانها الارتياب في أمرها - متى كان الثابت هو ما تقدم, فإن قرارها في هذا الشأن (الذي هو متروك لوزنها وتقديرها وعقيدتها) يكون سليماً, وليس للقضاء الإداري أن يستأنف النظر بالموازنة والترجيح فيما قام لديها من دلائل وشواهد وقرائن أحوال إثباتاً أو نفياً في خصوص صحة أو عدم صحة قيام الواقعة المراد التدليل عليها بالشهادات المتقدم ذكرها.


إجراءات الطعن

في 26 من يناير سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 212 لسنة 3 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة "أ") بجلسة 29 من نوفمبر سنة 1956 في الدعوى رقم 5632 لسنة 8 القضائية المقامة من: السيدة لولو فهمي قلدس ضد وزارة التربية والتعليم, القاضي "بقبول الطعن شكلاً, وبرفضه موضوعاً, وتأييد قرار اللجنة القضائية المطعون فيه, وألزمت الطاعنة بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "قبول هذا الطعن شكلاً, وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه وكذا قرار اللجنة القضائية جزئياً فيما قضيا به من رفض طلب المتظلمة لمرتب قدره 16 ج من تاريخ ضمها للحكومة في أول ديسمبر سنة 1950, والقضاء بأحقيتها في هذا الشق من طلباتها, وتسوية حالتها على هذا الأساس, وما يترتب على ذلك من آثار قانونية, وإلزامها المصاريف المناسبة". وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة التربية والتعليم في 16 من فبراير سنة 1957, و إلى المطعون لصالحها في 21 منه, وبعد أن انقضت المواعيد القانونية المقررة دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته عين لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 4 من أكتوبر سنة 1958. وفي أول يوليه سنة 1958 أبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة, ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم, مع الترخيص في تقديم مذكرات خلال عشرة أيام.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفي أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة, حسبما يبين من أوراق الطعن, تتحصل في أن المدعية قدمت إلى اللجنة القضائية لوزارة التربية والتعليم التظلم رقم 3159 لسنة 1 القضائية بعريضة مؤرخة 9 من فبراير سنة 1953 ذكرت فيها أنه حاصلة على شهادة "السرتيفيكا" الفرنسية في 1927 وعلى الصلاحية الفرنسية ثانوي رقم 303, وأنها عينت بالمدارس الحرة ابتداء من 14 من يناير سنة 1929, وتقبلت في وظائفها, حتى أصبحت ناظرة لمدارس التوفيق القبطية للبنات بالفيوم منذ أول أكتوبر سنة 1944, وأنها تتقاضى بموجب العقد المبرم بينها وبين الجمعية المشرفة على مدارس التوفيق مرتباً أساسياً من وزارة التربية والتعليم على بند الإعانات قدره 16 ج شهرياً , وعندما تقرر ضم موظفي التعليم الحر إلى موظفي الدولة بالقانون الصادر في سنة 1950 قدمت جميع المستندات الدالة على مدة خدمتها السابقة, إلا أنها فوجئت بخطاب إذن التسوية رقم 159 الصادر من إدارة التعليم الحر في 27 من يوليه سنة 1952 بتعديل مرتبها من 16 ج إلى 500 م و7 ج شهرياً. ولما كانت هذه التسوية غير عادلة فقد تظلمت منها بشكوى إلى السيد المدير العام للتعليم الحر في 29 من نوفمبر سنة 1952 دون جدوى؛ ولذلك فإنها تطلب من اللجنة النظر في إعادة تسوية مدة خدمتها كاملة بالتعليم الحر ووضعها في الدرجة المستحقة لها مع تطبيق المرسوم بقانون رقم 329 لسنة 1952 الصادر في 18 من ديسمبر سنة 1952 على حالتها. وقد ردت منطقة الفيوم التعليمية على هذا التظلم بأن مرتب المتظلمة كان في أول أكتوبر سنة 1944 ينقسم إلى قسمين: إعانة قدرها 2.5 ج تدفعها الوزارة, وفرق مرتب قدره 13.5 ج تدفعه المدرسة بمقتضى عقد مبرم بينها وبين الجمعية التي تتبعها جمعية التوفيق القبطية. ولما طبقت قواعد المجانية في عام 44/ 1945 صرف لها المرتب جميعه من إعانة وفرق هي وأمثالها من المنطقة. وقد أصدرت الوزارة نشرة مؤرخة 10 من يناير سنة 1945 قررت فيها أن فروق المرتبات الحالية للمدرسين والنظار التي يتضح أنها زائدة عن الحد المقرر بموجب قواعد الإنصاف تخفض إلى الحد المقرر اعتباراً من أول أكتوبر سنة 1945, ثم قضت نشرة الوزارة المؤرخة 30 من أغسطس سنة 1945 بأن تدفع الوزارة عن المدرسة التي قبلت نظام المجانية, ومنها مدرسة التوفيق الابتدائية للبنات بالفيوم, مرتبات موظفيها حسب قواعد الإنصاف المقررة لمدرسي التعليم الحر, فإن زادت على ذلك خصمت هذه الزيادة من إعانة التعويض, وهي الإعانة التي تدفعها الوزارة للمدارس الحرة التي قبلت نظام المجانية تعويضاً لها عن تنفيذ هذا النظام. وقد استمرت المتظلمة تصرف مرتبها من الوزارة كما هو حتى تتم إجراءات التسوية حالته وتقدير مرتبها حسب قواعد الإنصاف. ثم سوت الوزارة مرتبها على أساس القواعد المشار إليها, وذلك بالإذن رقم 159 الصادر في 27 من يوليه سنة 1952 من الإدارة العامة للتعليم الحر, وحدد هذا المرتب - تطبيقاً للقواعد المذكورة - على أساس 7.5 ج شهرياً, ولم تخصم المنطقة الفرق بين 7.5 ج و16 ج من المرتب بل من إعانات المدرسة حتى 30 من نوفمبر سنة 1950, وهو التاريخ الذي بدأ فيه ضم موظفي التعليم الحر لموظفي الدولة, ثم حسب مرتبها من أول ديسمبر سنة 1950 على أساس 7.5ج. وفي 29 من نوفمبر سنة 1953 صدر الإذن رقم 2647 بضمها إلى موظفي الدولة باعتبار أن مدة خدمتها في التعليم الحر بدأت من 29 من سبتمبر سنة 1937, واعتبارها منتدبة لوظيفتها الحالية من أول ديسمبر سنة 1950, وعدل مرتبها إلى 8.5 ج. وبجلسة 30 من ديسمبر سنة 1953 أصدرت اللجنة القضائية قرارها برفض التظلم, وأسسته على أنه يستخلص من قرار مجلس الوزراء الصادر في 5 من مارس سنة 1945 ومن مذكرة اللجنة المالية التي وافق عليها مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 25 من فبراير سنة 1951 أن من عين من مدرسي التعليم الحر بعد أول ديسمبر سنة 1950 يجب أن تسوى حالته أسوة بمن عينوا قبل هذا التاريخ وذلك بالتطبيق لقواعد التعليم الحر أو التعليم العام أيهما أفضل؛ ومعنى أن يضم بحالته التي كان عليها هو أن يضم بالحالة التي يصل إليها بعد التسوية لا الحالة التي كان يحكمها تعاقد خاص بين المدرس وبين ناظر المدرسة؛ لأن العلاقة بين المدرس وبين الحكومة بعد ضمه إليها أصبحت علاقة تنظيمية تحكمها القواعد التي تطبيقها الحكومة على سائر موظفيها. ولما كانت الوزارة قد سوت حالة المتظلمة على أساس قواعد الإنصاف وهي القواعد الأفضل لها فوصل مرتبها إلى 500 م و7 ج شهرياً من أول ديسمبر سنة 1950, فإن هذه التسوية تكون صحيحة مطابقة للقانون ويكون التظلم على غير أساس متعيناً رفضه. وقد طعنت المتظلمة في قرار اللجنة القضائية هذا بالدعوى رقم 5632 لسنة 8 القضائية التي أقامتها أمام محكمة القضاء الإداري بعريضة أودعتها سكرتيرية المحكمة في 22 من مارس سنة 1954 طلبت فيها "الحكم بقبول هذا الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية, والحكم بأحقية الطالبة في أن تكون تسوية حالتها على أساس راتب شهري قدره 16 جنيهاً في الدرجة السابعة بدلاً من 500 م و7 ج في الدرجة الثامنة, مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الوزارة بمصروفات هذا الطعن ومقابل أتعاب المحاماة". وقالت في صحيفة دعواها وفي مذكرتها التي قدمتها بعد ذلك إن حقها في طلباتها التي رفضتها اللجنة القضائية وهي أن يكون ضمها إلى خدمة وزارة التربية والتعليم بالراتب الذي كانت تتقاضاه في التعليم الحر وهو 16 ج شهرياً يستند إلى أحكام القانون رقم 170 لسنة 1950 بفتح اعتماد إضافي لإنشاء عشرة آلاف وظيفة وكسور بميزانية وزارة التربية والتعليم يعين فيها موظفو التعليم الحر, على أن يكون تعيين من يقبل منهم التعيين بحالته التي هو عليها في التعليم الحر, كما يقوم على مقتضى أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 5 من مارس سنة 1945 وكتاب وزارة المالية الدوري المنفذ له فيما جاء منهما خاصاً بحساب كامل مدة خدمة موظفي التعليم الحر في خدمتهم الحكومية من ناحية الأقدمية وتحديد الماهية, وكذلك ما نص عليه قرارا مجلس الوزراء الصادران في 10 من سبتمبر سنة 1950 و25 من فبراير سنة 1951 من أن تسوية حالة موظفي التعليم الحر المنضمين إلى الوزارة فرادي أو مجتمعين تكون على أساس المرتبات التي كانوا يتقاضونها في المدارس الحرة, ويستند أخيراً إلى أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن قواعد ترقية قدامى الموظفين. وموضع الخطأ في قرار اللجنة القضائية أنها اعتبرت التسوية التي أجرتها الوزارة صحيحة على أساس تفسير خاطئ لعبارة "أن تتم التسوية حسب الحالة التي كانوا عليها"؛ إذ رأت أن "الحالة التي كانوا عليها" تفيد معنى "الحالة التي صاروا إليها بعد صدور قرار الوزارة بتسوية حالاتهم", وهذا تفسير غير سليم. وهذا إلى أن التسوية المشار إليها قامت على أسس خاطئة؛ إذ أن الوزارة لم تحسب للمدعية مدة خدمتها بالتعليم الحر كاملة, فقد اعتبرت مبدأ اشتغالها بالتعليم الحر من 29 من سبتمبر سنة 1937, مع أنها تعمل بالفعل من 14 يناير سنة 1929, كما هو ثابت من المستندات التي فحصتها الوزارة؛ وبذلك تكون هذا الأخيرة قد أهدرت ما يقرب من تسع سنوات من أقدمية المدعية وأنقصت راتبها إلى أقل من نصف الراتب الذي كان يصرف لها من خزانة الوزارة من بند التعليم الحر, ويترتب على حساب المدة المذكورة في خدمة المدعية وجوب تعديل راتبها بإضافة العلاوات التي كانت تستحقها خلالها وثبوت حقها في الترقية إلى الدرجة السابعة بموجب قواعد ترقية المنسيين, سواء الصادرة منها في سنة 1943 أو في 18 من ديسمبر سنة 1952؛ لأنها تكون قد أمضت في الدرجة الثامنة خمس عشرة سنة اعتباراً من 14 من يناير سنة 1944 أو على الأقل من 14 من يناير سنة 1949 إذ اعتبرت السنوات الخمس الأولى من اشتغالها بالتعليم الحر بدلاً من المؤهل العلمي المقرر للتعيين في الدرجة الثامنة. وقد رددت وزارة التربية والتعليم دفاعها السابق إبداؤه أمام اللجنة القضائية. وبجلسة 29 من نوفمبر سنة 1956 قضت محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة "أ") "بقبول الطعن شكلاً, وبرفضه موضوعاً, وتأييد قرار اللجنة القضائية المطعون فيه, وألزمت الطاعنة بالمصروفات". وأقامت قضاءها فيما يتعلق بطلب المدعية ضم مدة خدمتها من سنة 1937 على أن هذا الطلب غير مستند إلى أساس سليم لعدم إمكان الوثوق بصحة الشهادات المقدمة من المذكورة وبخاصة في فترة انقطاعها عن الاشتغال بالتعليم الحر. وفيما يختص بطلب تحديد المرتب على أن المستفاد من الكتاب الدوري رقم 78/ 1/ 74 المؤرخ 19 من مايو سنة 1945 والمنفذ لقرار مجلس الوزراء الصادر في 5 من مارس سنة 1945 هو أن تحسب مدة الاشتغال بالتعليم الحر كاملة في الأقدمية في الدرجة إذا كان المدرس حاصلاً من مبدأ اشتغاله بالتعليم على المؤهل الدراسي, فإذا كان قد حصل عليه أثناء ذلك فتحسب الأقدمية من تاريخ حصوله عليه. والمدعية لا تحمل مؤهلاً دراسياً؛ ولذا وضعت في الدرجة الثامنة من بدء خدمتها في 29 من سبتمبر سنة 1937 في التعليم الحر؛ ومن ثم فإن التسوية التي أجريت لها تكون سليمة, ولا سيما أن القانون رقم 170 لسنة 1950 قد ترتب عليه في أحوال كثيرة أن قلت مرتبات المشتغلين بالتعليم الحر المقررة بأذونات التسوية عن تلك التي كانون متعاقدين عليها مع مديري المدارس سابقاً؛ ومن أجل هذا تركت لهم حرية الانخراط في سلك موظفي الدولة بالمرتب الذي يحدد طبقاً للقواعد الواردة في قرار مجلس الوزراء الصادر في 5 من مارس سنة 1945 أو طلب إلغاء قرار التعيين والبقاء على حالتهم الأولى. وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة في 26 من يناير سنة 1957 طلب فيها "قبول هذا الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وكذا قرار اللجنة القضائية جزئياً فيما قضيا به من رفض طلب المتظلمة لمرتب قدره 16 ج من تاريخ ضمها للحكومة في أول ديسمبر سنة 1950, والقضاء بأحقيتها في هذا الشق من طلباتها, وتسوية حالتها على هذا الأساس, وما يترتب على ذلك من آثار قانونية , وإلزامها بالمصاريف المناسبة". واستند في أسباب طعنه إلى أنه لا اعتراض له على ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه إلا فيما يتعلق بالراتب الذي تستحقه المدعية اعتباراً من تاريخ ضمها إلى خدمة الحكومة في أول ديسمبر سنة 1950, فقد كانت تتقاضى بالمدارس الحرة راتباً قدره 16 ج شهرياً بينت الجهة الإدارية أنه كان بمقتضى العقد المبرم بين المدعية والجمعية التي تتبعها في أول أكتوبر سنة 1944, وكانت تدفع الوزارة منه 500 م و2 ج وتدفع المدرسة الباقي وقدره 500 م و13 ج حتى صدرت نشرة 30 من أغسطس سنة 1945 حيث دفعت الوزارة كامل المرتب بعد إذ قبلت المدرسة التي تتبعها المدعية نظام المجانية على أساس قواعد الإنصاف, أما الزيادة فتخصم من إعانة التعويض. وقد أقر الحكم التسوية التي أجرتها الجهة الإدارية للمدعية في شأن المرتب الذي بلغ حسب التدرج الأخير 8 ج شهرياً في أول ديسمبر سنة 1950 و500 م و8 ج في أول مايو سنة 1951؛ وبذلك رفض طعن المدعية وأيد قرار اللجنة القضائية, بيد أنه سبق لهيئة المفوضين أن طعنت في حالة مماثلة مؤيدة أحقية المدعية للمرتب الذي كانت تتقاضاه قبل نقلها, دون نظر إلى المصدر الذي كانت تتلقى منه هذا المرتب سواء أكان هذا المرتب يصرف إلى الموظف من الإعانة التي رصدتها وزارة التربية والتعليم أم من الجهة التي يعمل بها. ولا وجه للقول بأن وضع المدعية في الدرجة الثامنة يتعارض مع منحها مرتباً قدره 16 ج شهرياً, وهو مرتب يعلو أول مربوط الدرجة السادسة؛ ذلك أن منحها هذا المرتب إنما كان وفقاً لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 25 من فبراير سنة 1951, دون نظر إلى وجوب التناسب بين الدرجة والمرتب. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد جاء مخالفاً للقانون متعيناً الطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إن طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة قد اقتصر على ما انتهي إليه الحكم المطعون فيه فيما يتعلق بالراتب الذي تستحقه المدعية اعتباراً من تاريخ ضمها إلى خدمة وزارة التربية والتعليم في أول ديسمبر سنة 1950, بيد أنه لما كانت المذكورة تطلب أيضاً حساب مدة خدمتها في التعليم الحر السابقة على 29 من سبتمبر سنة 1937, وهو التاريخ الذي أقرته التسوية التي أجرتها لها الوزارة كمبدأ لاشتغالها الثابت بالتعليم الحر, فإنه يتعين التصدي لبحث هذا الطلب الذي قضى الحكم المطعون فيه برفضه؛ لما قد يكون ذلك من أثر, لو صحت دعواها في خصوصه, في تحديد المرتب موضوع المنازعة التي أثارها الطعن وفي أقدميتها وترقيتها بالتطبيق لقواعد إنصاف المنسيين وقدامي الموظفين. ذلك أن الطعن يفتح الباب أمام هذه المحكمة لنظر الموضوع برمته متى قام الارتباط بين الطلبات المتعددة المطروحة على المحكمة, كي تنزل حكم القانون فيها جميعاً على الوجه الصحيح, ما دام المرد هو إلى مبدأ المشروعية نزولاً على سيادة القانون في روابط هي من روابط القانون العام تختلف في طبيعتها عن روابط القانون الخاص.
ومن حيث إن المدعية تذهب على أن أول عهدها بالاشتغال بالتعليم الحر يرجع إلى 14 من يناير سنة 1929 في مدرسة النهضة المصرية الابتدائية للبنات بالظاهر, ثم بمدرسة الآباء اليسوعيين بالفجالة, فمدرسة الأقباط الثانوية للبنات بالمنيا, فمدارس التوفيق القبطية للبنات بالفيوم. وقد قدمت للتدليل على ذلك شهادات عرفية حديثة العهد صادرة في أبريل ويوليه وسبتمبر سنة 1952 وفبراير سنة 1946 بتوقيع مدرسين معاصرين؛ لعدم وجود سجلات رسمية بالمدارس التي تزعم أنها كانت تعمل بها في المدد التي حددتها. وقد أثبت التفتيش الإداري بمنطقة القاهرة الشمالية عدم تمكنه من التحقق من صحة ما جاء بهذه الشهادات لعدم وجود سجلات بالمدارس يمكن الرجوع إليها في هذا الشأن. وقامت الوزارة بتسوية حالتها فيما يتعلق بحساب مدد خدمتها السابقة بالتعليم الحر على أساس ضم المدد التي ثبت لديها صحتها واستبعاد فترات الانقطاع, فاعتبرت التاريخ الفرضي لبدء اشتغالها بالتدريس في التعليم الحر راجعاً إلى 29 من سبتمبر سنة 1937, واتبعت في تحديد هذه المدد إجراءات تقوم على تحقيق المدة التي قضيت بكل مدرسة, وذلك بوساطة أحد المفتشين الإداريين الذي يعتمد على بحث السجلات والملفات ومستندات الصرف؛ ولم تعتد بشهادات المعاصرين عن مدد الخدمة التي استبعدتها باعتبار هذه الشهادات دليلاً تقديرياً يحتمل الصدق وعدمه؛ إذ انتهت أخيراً بعد التردد في أمرها إلى إطراح الأخذ بها لعدم الثقة فيها وعدم وجود قاعدة تلزمها بحجيتها وعدم نهوض الشهادات المذكورة قرينة قاطعة في إثبات صحة ما تضمنته, ولا سيما كما تقول الوزارة (منطقة الفيوم التعليمية) في مذكرتها المؤرخة 31 من مايو سنة 1954 "بعد أن ثبت للوزارة أن كثيراً من الشهادات ملفقة", وما دامت الوزارة صاحبة الرأي في تقدير الشهادات المقدمة من المدعية لإثبات مدد خدمتها السابقة في التعليم الحر لم تقتنع بصحة هذه الشهادات كدليل صالح لهذا الإثبات فيما يتعلق بالمدة التي قررت الوزارة استبعادها, بعد إذ تطرق إلى وجدانها الارتياب في أمرها, فإن قرارها في هذا الشأن الذي هو متروك لوزنها وتقديرها وعقيدتها يكون سليماً , وليس للقضاء الإداري أن يستأنف النظر بالموازنة والترجيح فيما قام لديها من دلائل وشواهد وقرائن أحوال إثباتاً أو نفياً في خصوص صحة أو عدم صحة قيام الواقعة المراد التدليل عليها بالشهادات المتقدم ذكرها. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب الحق فيما قضى به من تأييد قرار اللجنة القضائية برفض هذا الطلب لعدم قيامه على أساس سليم من القانون.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بتقدير الراتب الذي تستحقه المدعية اعتباراً من تاريخ ضمها إلى خدمة وزارة التربية والتعليم في أول سبتمبر سنة 1950, وما إذا كانت تستحق ذات الراتب الذي كانت تتقاضاه بمدارس التعليم الحر قبل هذا الضم بمقتضى عقد الاستخدام المبرم بينها وبين مدارس التوفيق القطبية بالفيوم منذ أول أكتوبر سنة 1944 والمجدد بعد ذلك ولو جاوز هذا الراتب أقصى مربوط درجتها أم لا, فإن هذه المحكمة سبق (1) أن قضت بأن ضم مدرسي التعليم الحر إلى وزارة التربية والتعليم قام أساساً على مبدأ مساواتهم بزملائهم مدرسي المدارس الأميرية من حيث تطبيق قواعد الإنصاف عليهم وقرارات ضم مدد الخدمة السابقة, بحيث يعاملون من حيث الدرجة والأقدمية وتحديد الماهية معاملة زملائهم مدرسي المدارس الحكومية. وقد كان هذا هو ما اتبعته الوزارة في شأنهم؛ ذلك أنها كانت قد سوت حالتهم قبل ضمهم إليها على أساس وضعهم في الدرجات المقررة لمؤهلاتهم إن كانوا من حملة المؤهلات الدراسية, وبوضعهم في الدرجة التاسعة إن كانوا من ذوي الصلاحية, كما هو الحال في شأن المدعية التي تقررت صلاحيتها لتدريس اللغة الفرنسية بالمدارس الثانوية وأدرجت في الكشوف الخاصة بذلك تحت رقم 303 ككتاب الوزارة رقم 559 المؤرخ 2 من أكتوبر سنة 1940 على أن يمنحوا الدرجة الثامنة بعد خمس سنوات من اشتغالهم بالتدريس, ثم درجت مرتباتهم بعد ضم هذه الخدمة السابقة طبقاً للقواعد المقررة في شأن موظفي الحكومة؛ وبذلك يتحقق مبدأ المساواة بين جميع الزملاء في الحقوق بعد أن تساووا في الواجبات. فلم يكن المقصود من ضم مدرسي التعليم الحر بحالتهم من حيث الماهية والدرجة والأقدمية إلا أن تسوى حالتهم عند ضمهم إلى الوزارة وفقاً للتسوية التي أجريت لهم قبل الضم على أساس تطبيق قواعد الإنصاف وقرارات ضم مدد الخدمة السابقة. وقد كشفت مذكرة اللجنة المالية التي وافق عليها مجلس الوزراء في 25 من فبراير سنة 1951 عن صحة هذا النظر في وضوح, حيث ورد بها أن وزارة المعارف اتبعت "في تسوية حالة مدرسي مدارس التعليم الحر القواعد التي اتبعتها الوزارة مع مدرسي الحكومة, وذلك بتطبيق قواعد الإنصاف والمنسيين وقراري 5 من مارس سنة 1945 و16 من أكتوبر سنة 1946, مع ضم مدة خدمتهم السابقة كاملة طبقاً للقواعد المقررة. وقد قرر المجلس الأعلى للتعليم الحر اعتبارهم في درجات مماثلة لدرجات الكادر الحكومي واعتبر من لا يحمل مؤهلاً منهم في الدرجة الثامنة بعد مضي خمس سنوات في عمل فني تطبيقاً لكادر سنة 1939, واتبع في ترقياتهم وعلاواتهم أحكام الكادر العام الحكومي وأقرت المالية هذا الإجراء بكتابها رقم م 78 - 1/ 186 م 3 المؤرخ 23 من مارس سنة 1949, والمطلوب بالاحتفاظ لهؤلاء المدرسين بهذه الأقدميات والماهيات في الدرجة والعلاوة, على أن تسري هذه الأحكام على من كان منهم بالتعليم الحر وضم قبل ذلك"؛ يؤكد هذا ما ردده كادر موظفي التعليم الحر في مادته الأولى من إنشاء درجات لموظفي التعليم الحر مماثلة لدرجات الكادر الحكومي ومن النص على أن يعين في الدرجة السادسة الحاصل على مؤهل عال ويمنح المرتب المقرر لمؤهله في الكادر الحكومي, وما نص عليه في المادة الثامنة من أن "يعين في الدرجة المخصصة لمؤهله كل موظف معين بالتعليم الحر", فالمناط في تحديد درجة الموظف بالتعليم الحر هو بالمؤهل الحاصل عليه ثم تتم تسوية حالته بعد ذلك طبقاً للأوضاع المقررة في الكادر الحكومي وفي قرارات ضم مدد الخدمة السابقة؛ ومن ثم فإن التسوية التي أجرتها وزارة التربية والتعليم للمدعية وفقاً لما تقدم على أساس قواعد الإنصاف بالإذن رقم 159 الصادر في 27 من يوليه سنة 1952 من الإدارة العامة للتعليم الحر, والإذن رقم 2647 الصادر في 29 من نوفمبر سنة 1953 بضمها إلى موظفي الدولة باعتبار أن مدة اشتغالها بالتعليم الحر بدأت من 29 من سبتمبر سنة 1937, واعتبارها منتدبة لوظيفتها الحالية من أول ديسمبر سنة 1950 مع تعديل مرتبها في الدرجة الثامنة بمراعاة مؤهلها, وهو الصلاحية, ومدة خدمتها السابقة المحسوبة في التعليم الحر - إن هذه التسوية تكون في الواقع من الأمر صحيحة مطابقة للقانون , وذلك كله مع عدم الإخلال بإفادتها من المادة 40 مكرراً من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة, إن كان لها في ذلك وجه حق. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب الحق فيما قضى به من تأييد قرار اللجنة القضائية الصدر برفض تظلم المدعية, ويكون طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في غير محله متعيناً رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وبرفضه موضوعاً.


(1) راجع السنة الثانية من هذه المجموعة, ص 1263, بند 132.

الطعن 70 لسنة 3 ق جلسة 25 / 10 / 1958 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 1 ص 3

جلسة 25 من أكتوبر سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين

--------------

(1)

القضية رقم 70 لسنة 3 القضائية

(أ) مدة خدمة سابقة 

- قرار مجلس الوزراء الصادر في 11/ 5/ 1947 - كتاب وزارة المالية الدوري رقم 234 - 1/ 68 في 22/ 7/ 1947 بتنفيذه - نصه على تحديد ميعاد لتقديم طلب حساب مدد الخدمة السابقة هو ترديد لما ورد بالقرار المذكور وليس استحداثاً لحكم جديد.
(ب) مدة خدمة سابقة 

- قرار مجلس الوزراء الصادر في 11/ 5/ 1947 - تحديده ميعاداً لتقديم طلب الضم - سريانه على جميع طلبات ضم مدد الخدمة السابقة حتى بالنسبة لمن كان يسري عليهم قرار 30/ 1/ 1944 إذ لم يسبق لهم تقديم طلب قبل صدور القرار الأخير - قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 في شأن حساب مدد العمل السابقة في أقدمية الدرجة وتقدير المرتب - اشتراطه تقديم طلب حساب المدد السابقة على مقتضى أحكامه خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نشره - رفع دعوى قبل صدوره تتضمن طلب ضم هذه المدد يغني عن تقديم طلب جديد طبقاً لهذا القرار ويقوم مقامه.

----------------------
1 - في 11 من مايو سنة 1947 وافق مجلس الوزراء على مذكرة اللجنة المالية رقم 1/ 337 متنوعة 24 بوضع قواعد جديدة خاصة بحساب مدد الخدمة السابقة بدلاً من القواعد السابقة الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944. وقد تضمنت هذه المذكرة القواعد السابقة الصادر بها قرار 30 من يناير سنة 1944 مع بعض تعديلات طفيفة، ونص في المذكرة على أنه "لا تحسب مدة الخدمة السابقة بالشروط المتقدمة إلا إذا طلب حسابها عند التعيين في الحكومة، مع استثناء الموظفين الذين لهم مدد خدمة سابقة، على أن يتقدموا بطلب حسابها في مدة ستة أشهر من تاريخ صدور قرار مجلس الوزراء"، كما نص في ختامها على أن "تسري القواعد الجديدة من تاريخ موافقة مجلس الوزراء مع تطبيقها على من لم يسبق تسوية حالتهم بالقواعد التي أوقف العمل بها". ثم صدر بعد ذلك في 22 من يوليه سنة 1947 كتاب المالية الدوري رقم 234 - 1/ 68 بتنفيذ قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947، ونص فيه على "ألا تحسب مدة الخدمة السابقة بالشروط المتقدمة إلا إذا طلب الموظف حسابها عند التعيين في الحكومة، وللموظفين الحاليين الذين لهم مدة خدمة سابقة أن يتقدموا بطلب حسابها قبل 11 من نوفمبر سنة 1947"، وهو ترديد لما ورد بالمذكرة التي وافق عليها مجلس الوزراء في 11 من مايو سنة 1947، وليس استحداثاً لحكم جديد في هذا الصدد.
2 - لئن كان قرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يناير سنة 1944 بحساب مدد الخدمة السابقة لم يحدد ميعاداً يتعين تقديم طلب حساب مدد الخدمة السابقة على مقتضى أحكامه فيه وإلا كان الطلب غير مقبول، إلا أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947، إذ حدد ميعاداً لتقديم طلب الضم، وهو ستة أشهر من تاريخ صدور قرار مجلس الوزراء وإلا سقط الحق في هذا الطلب، فإن هذا الميعاد يسري في شأن جميع طلبات ضم مدد الخدمة السابقة، حتى بالنسبة لمن كان يسري عليهم قرار 30 من يناير سنة 1944 إذا لم يسبق لهم تقديم طلب قبل صدور القرار الأخير، ويتعين عليهم تقديم الطلب في الميعاد المحدد لذلك - لئن كان ذلك هو كما تقدم، وكان المدعي لم يقدم طلباً لحساب مدد خدمته السابقة في الميعاد المحدد بقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947؛ مما كان ينبغي معه رفض دعواه.... إلا أنه بعد أن صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 في شأن حساب مدد الخدمة السابقة في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة لمن لم يسبق لهم تسوية حالتهم أو الإفادة من القرارات السابقة، وفتح بذلك ميعاداً لطلب حساب المدد السابقة ينتهي بانقضاء ثلاثة أشهر من تاريخ نشر هذا القرار وإلا سقط الحق في حساب هذه المدد، فإن من حق المدعي الإفادة من حساب مدد خدمته السابقة على مقتضى أحكام القرار سالف الذكر، وبالشروط الواردة فيه. ولما كان المدعي قد رفع دعواه من قبل... طالباً ضمن طلباته حساب هذه المدد، فإن هذه الدعوى - فيما تضمنته في هذا الخصوص - تغني عن تقديم طلب جديد طبقاً القرار رئيس الجمهورية المشار إليه وتقوم مقامه، بحيث يصبح تقديم طلب آخر غير ذي موضوع.


إجراءات الطعن

في 27 من ديسمبر سنة 1956 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة) بجلسة أول نوفمبر سنة 1956 في الدعوى رقم 336 سنة 3 ق المرفوعة من زكي عبد الحميد سلام ضد وزارتي التربية والتعليم والحربية، القاضي "أولاً - بأحقية المدعي في أن تضم على مدة خدمته الحالية المدة التي أمضاها في وزارتي المواصلات والتربية والتعليم بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الحكومة بمصروفات هذا الطلب. ثانياً - برفض باقي الطلبات، وإلزام المدعي بمصروفاتها". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - الحكم "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من أحقية المدعي في ضم مدة الخدمة السابقة وفقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947، والقضاء برفض هذا الطلب أيضاً، مع إلزام المدعي بمصروفات الدعوى". وقد أعلن الطعن للحكومة في 5 و17 من مارس سنة 1957، وللمدعي في 28 من فبراير سنة 1957، وعين لنظره جلسة 4 من أكتوبر سنة 1958، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات، وأرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفي أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه بصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 30 من أبريل سنة 1949 أقام المدعي الدعوى رقم 336 سنة 3 ق ضد وزارتي المعارف العمومية والحربية طالباً الحكم "أولاً: بإلزام وزارة الحربية بأن تدفع للطالب مبلغ 500 م و150 ج قيمة مرتبه عن المدة من أول أكتوبر سنة 1939 إلى 17 من مارس سنة 1940. ثانياً: أحقية الطالب في الدرجة الثانية التي يستحقها والحكم بترقيته لها، مع إلزام المعلن إليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وقال في بيان ذلك إنه حصل في سنة 1924 على دبلوم كلية الهندسة قسم الكهرباء وعين في 15 من مارس سنة 1925 مهندساً للمجاري بمجلس بلدي بورسعيد بمرتب شهري قدره عشرون جنيهاً، والتحق في يناير سنة 1926 بمصلحة المواني والمنائر، وأوفد في بعثة إلى باريس، فحصل على دبلوم مدرسة الكهرباء ومدرسة الكهرباء العليا وشهادة تخصص في الإضاءة الكهربائية، وأمضى مدته العملية في شركة طومسون هاوستن الكهربائية، وعاد بعد ذلك إلى مصر. وفي أول أبريل سنة 1935 نقل إلى وزارة المعارف مدرساً بمدرسة الفنون والصناعات واستمر بها إلى أول أكتوبر سنة 1939 حيث ندب للعمل بوزارة الحربية بسلاح الصيانة ومكث بها حتى 15 من مارس سنة 1940 ولم تقم الوزارة بصرف مرتبه عن هذه المدة وقدره 500 م و150 ج بواقع 23 ج شهرياً، ثم عاد إلى وزارة المعارف مدرساً بالمعهد العالي للهندسة. وقد صدر في 30 من يناير سنة 1944 قرار من مجلس الوزراء بشأن حساب مدد الخدمة السابقة في الأقدمية وتحديد الماهية، كما صدر في 10 من أبريل سنة 1946 قرار من مجلس الوزراء بتشكيل لجنة لتنسيق الدرجات في الوزارات والمصالح وصدر القانون رقم 122 لسنة 1947 باعتماد المال اللازم لذلك. وتتحصل الشروط التي اقترحتها اللجنة وأقرها مجلس الوزراء في أن يرقي الموظف إذا كان قد أمضى سنتين في درجته الحالية ولا يقل متوسط الدرجات السابقة عن ست سنوات في كل درجة على الأقل. وبتطبيق الشروط الواردة في قراري مجلس الوزراء سالفي الذكر يتعين ترقية المدعي إلى الدرجة الثانية، وذلك باعتبار ترقيته إلى الدرجة الثالثة بعد مضي 18 سنة من خدمته حسب القرار الأول، ثم ترقيته إلى الدرجة الثانية بعد مضى سنتين من ترقيته إلى الدرجة الثالثة حسب القرار الثاني، وفضلاً عن كل ذلك فقد شهد رؤساء المدعي له بالكفاية الممتازة في جميع مراحل خدمته، وكانت أقدميته وحدها وشهاداته العلمية كفيلة بإعطائه هذه الحقوق، وفي حرمانه من الترقية مع ترقية من هم دونه أقدمية وكفاية إساءة لاستعمال السلطة وتعسف في حق المدعي بغير حق. ومن جهة أخرى صدر قرار من مجلس الوزراء في سنة 1932 يقضي بتثبيت أعضاء البعثات الذين مضى على خدمتهم سبع سنوات أو الذين التحقوا بالخدمة قبل سنة 1935 ولم تطبق الوزارة هذا القرار في شأن المدعي. من أجل ذلك أقام المدعي دعواه. وقد ردت الوزارة على الدعوى بما محصله أن النزاع ينحصر في مسألتين: الأولى، الأجر المدعي به عن مدة انتدابه بوزارة الحربية. والثانية، حق المدعي في الترقية المزعومة إلى الدرجة الثانية. ثم أسهبت الوزارة في شرح وجهة نظرها على ما هو وارد بمذكرتها المؤرخة 2 من فبراير سنة 1950، ثم قدم المدعي مذكرة مؤرخة 31 من مايو سنة 1950 ردد فيها طلباته السابقة، وطالب فيها بضم مدة خدمته السابقة إلى مدة خدمته الحالية. وقد ردت الحكومة على هذا الطلب بمذكرتها المقدمة لجلسة 25 من أكتوبر سنة 1950، فقالت إن مدد خدمة المدعي السابقة تنحصر في الآتي: المدة من 19 من أبريل سنة 1925 إلى 7 من يناير سنة 1926 بمجلس بلدي بورسعيد، المدة من 18 من يناير سنة 1926 إلى 8 من مايو سنة 1935 بوزارة المواصلات، المدة من 9 من مايو سنة 1935 إلى أول أكتوبر سنة 1939 وهو تاريخ فصله من وزارة التربية والتعليم لضعف مستواه العلمي، ثم أعيد للخدمة بوزارة التربية والتعليم في 17 من أبريل سنة 1940؛ ففيما يتعلق بالمدة الأولى فإنه لا يجوز ضمها إلى مدة خدمته الحالية لأنها أقل من الثلاث السنوات التي تكون أول الشروط الستة اللازم توافرها لذلك، وفيما يتعلق بمدة خدمته بالمواصلات والتربية والتعليم فكان من الممكن ضم ثلاثة أرباعها على اعتبار أنها متصلة بمدة خدمته الحالية تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 لو أن المدعي تقدم بطلب حساب هذه المدة في الموعد القانوني الذي حدده القرار سالف الذكر، ونهايته 11 من نوفمبر سنة 1947، للموظفين الموجودين في الخدمة، أما ولم يقدم المدعي طلباً بذلك في الموعد القانوني فإنه لا يجوز ضم المدد المذكورة. وفي 30 من نوفمبر سنة 1951 تقدم المدعي بمذكرة عدل فيها طلباته إلى 13 طلباً، ثم تبادل والحكومة المذكرات في شأن هذا الطلبات. وبجلسة أول نوفمبر سنة 1956 حكمت المحكمة "أولاً: بأحقية المدعي في أن تضم إلى مدة خدمته الحالية المدة التي قضاها في وزارتي المواصلات والتربية والتعليم بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الحكومة بمصروفات هذا الطلب. ثانياً: برفض باقي الطلبات، وألزمت المدعي بمصروفاتها"، وقد أقامت المحكمة قضاءها بالنسبة لما قضت به من أحقية المدعي في ضم مدة خدمته السابقة إلى مدة خدمته الحالية - وهو ما انصب عليه طعن هيئة مفوضي الدولة - على أن "الوزارة في مذكرتها المقدمة لهذه المحكمة لا تنازع في أن للمدعي الحق في ضم هذه المدة لو كان قد طلبها قبل 11 من نوفمبر سنة 1947، وهو آخر تاريخ حدد لتقديم مثل هذه الطلبات تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947، ولما كان هذا الميعاد استحدثه منشور وزارة المالية التنفيذي لقرار مجلس الوزراء المتقدم ذكره، وهي سلطة أدنى من سلطة مجلس الوزراء، فإن الميعاد المحدد فيه غير ملزم؛ فلذلك يكون للمدعي الحق في ضم مدة خدمته السابقة تطبيقاً لهذا القرار وما يترتب على ذلك من آثار قانونية".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الشرط الجديد الذي ورد في قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947، والذي يقضي بضرورة تقديم الموجودين في الخدمة طلباً بضم مدة الخدمة السابقة خلال ستة أشهر من تاريخ صدوره، هو شرط عام يسري من تاريخ صدور هذا القرار، ويلزم جميع الموجودين في الخدمة بالتقدم إلى الجهة الإدارية بطلب ضم مدد الخدمة السابقة، سواء وفقاً للقواعد الواردة بقرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يناير سنة 1944 أو وفقاً للقواعد المعدلة بقرار 11 من مايو سنة 1947، ولا يحاج بأن القرار الأول قد ورد غير معلق على حصول هذا الطلب؛ ذلك لأن قواعد ضم مدد الخدمة السابقة هي قواعد متكاملة، ولم يكن المقصود من وضع هذا القيد إلا تحديد مراكز الموظفين الموجودين في الخدمة ولهم مدد سابقة ليستقر وضعهم فيها بصفة نهائية بانقضاء فترة معينة، وليس مقبولاً أن يغلق الباب في وجه من يطلب تطبيق قرار 11 من مايو سنة 1947 بعد انقضاء ستة أشهر من تاريخ صدوره، وينطلق الحق في المطالبة بتطبيق قرار 30 من يناير سنة 1944 دون تحديد موعد معين لذلك، مع أن قواعد 11 من مايو سنة 1947 ليست إلا قواعد 30 من يناير سنة 1944 معدلة. على أنه يجب التنبيه إلى أنه ليس في تعميم المشرع لشرط المدة للمطالبة بضم مدة الخدمة السابقة أي اعتداء على حق مكتسب بقرار 30 من يناير سنة 1944؛ لأن هذا الشرط لا يعدل في قواعد ضم مدد الخدمة السابقة، وإنما ينظم كيفية المطالبة بها واقتضائها، بعد أن كانت متروكة في قرار 30 من يناير سنة 1944 لاجتهاد الجهة الإدارية، وفرق بين تعديل القواعد بأثر رجعي وبين مجرد تنظيم المطالبة بالحق بالنسبة للمستقبل تنظيماً لا يمس كيان الحق ذاته للمصلحة العامة التي أملت هذا التنظيم. ولما كان الذي لا نزاع فيه بين المدعي وجهة الإدارة هو أن المدعي لم يتقدم بطلب ضم مدة خدمته السابقة إلى خدمته الحالية في وزارة التربية والتعليم من 17 من أبريل سنة 1940 خلال المدة المقررة قانوناً، وبصرف النظر عن توافر شرائط الضم وفقاً لقرار 30 من يناير سنة 1944 أو وفقاً لقرار 11 من مايو سنة 1947، فإن حالة المدعي لا تكون محلاً لنظر الضم وفقاً للقرار الثاني ولا حتى وفقاً للقرار الأول، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إن محكمة القضاء الإداري قد بنت حكمها المطعون فيه على أن ميعاد الستة الأشهر الذي يتعين تقديم طلب حساب المدد السابقة خلاله "قد استحدثه منشور وزارة المالية التنفيذي لقرار مجلس الوزراء المتقدم الذكر، وهي سلطة أدنى من سلطة مجلس الوزراء؛ ومن ثم فإن الميعاد المحدد فيه غير ملزم؛ ولذلك يكون للمدعي الحق في ضم مدة خدمته السابقة تطبيقاً لهذا القرار وما يترتب على ذلك من آثار قانونية".
ومن حيث إنه في 11 من مايو سنة 1947 وافق مجلس الوزراء على مذكرة للجنة المالية رقم 1/ 337 متنوعة 24 بوضع قواعد جديدة خاصة بحساب مدد الخدمة السابقة بدلاً من القواعد السابقة الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944، قد تضمنت هذه المذكرة القواعد السابقة الصادر بها قرار 30 من يناير سنة 1944 مع بعض تعديلات طفيفة، ونص في المذكرة على أنه "لا تحسب مدة الخدمة السابقة بالشروط المتقدمة إلا إذا طلب حسابها عند التعيين في الحكومة، مع استثناء الموظفين الذين لهم مدد خدمة سابقة على أن يتقدموا بطلب حسابها في مدة ستة أشهر من تاريخ صدور قرار مجلس الوزراء"، كما نص في ختامها على أن "تسري القواعد الجديدة من تاريخ موافقة مجلس الوزراء مع تطبيقها على من لم يسبق تسوية حالتهم بالقواعد التي أوقف العمل بها"، ثم صدر بعد ذلك في 22 من يوليه سنة 1947 كتاب المالية الدوري رقم 234 - 1/ 68 بتنفيذ قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947، ونص فيه على ألا "تحسب مدة الخدمة السابقة بالشروط المتقدمة إلا إذا طلب الموظف حسابها عند التعيين في الحكومة، وللموظفين الحاليين الذين لهم مدة خدمة سابقة أن يتقدموا بطلب حسابها قبل 11 من نوفمبر سنة 1947"، وهو ترديد لما ورد بالمذكرة التي وافق عليها مجلس الوزراء في 11 من مايو سنة 1947، وليس استحداثاً لحكم جديد في هذا الصدد؛ ومن ثم يكون ما استند إليه الحكم المطعون فيه في قضائه بضم مدتي خدمة المدعي بوزارتي المواصلات والتربية والتعليم قد جاء غير سليم، مخالفاً للقانون.
ومن حيث إنه ولئن كان قرار مجلس الوزراء الصادر في 30 من يناير سنة 1944 بحساب مدد الخدمة السابقة لم يحدد ميعاداً يتعين تقديم طلب حساب مدد الخدمة السابقة على مقتضى أحكامه فيه وإلا كان الطلب غير مقبول، إلا أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947، إذ حدد ميعاداً لتقديم طلب الضم، وهو ستة أشهر من تاريخ صدور قرار مجلس الوزراء، وإلا سقط الحق في هذا الطلب، فإن هذا الميعاد يسري في شأن جميع طلبات ضم مدد الخدمة السابقة حتى بالنسبة لمن كان يسري عليهم قرار 30 من يناير سنة 1944 إذ كانوا لم يسبق لهم تقديم طلب قبل صدور القرار الأخير، ويتعين عليهم تقديم الطلب في الميعاد المحدد لذلك - لئن كان ذلك هو كما تقدم، وكان المدعي لم يقدم طلباً بحساب مدد خدمته السابقة في الميعاد المحدد بقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 مما كان ينبغي معه رفض دعواه بطلب ضم مدتي خدمته السابقة بوزارتي المواصلات والتربية والتعليم لسقوط الحق في ذلك لعدم تقديم الطلب في الميعاد، إلا أنه بعد أن صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 في شأن حساب مدد العمل السابقة في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة لمن لم يسبق تسوية حالتهم أو الإفادة من القرارات السابقة، وفتح بذلك ميعاداً لطلب حساب المدد السابقة ينتهي بانقضاء ثلاثة أشهر من تاريخ نشر هذا القرار وإلا سقط الحق في حساب هذه المدد، فيكون من حق المدعي الإفادة من حساب مدد خدمته السابقة على مقتضى أحكام القرار سالف الذكر وبالشروط الواردة به. ولما كان المدعي قد رفع دعواه من قبل بعريضة أودعها في 30 من أبريل سنة 1949 على الجهة الإدارية التي يتبعها، طالباً في ضمن طلباته حساب هذه المدد، فإن هذه الدعوى - فيما تضمنته في هذا الخصوص - تغني عن تقديم طلب جديد طبقاً لقرار رئيس الجمهورية المشار إليه وتقوم مقامه بحيث يصبح تقديم طلب آخر غير ذي موضوع؛ ومن ثم يكون السبب الذي أقامت عليه هيئة المفوضين طعنها في الحكم في غير محله، ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما انتهى إليه من حساب مدتي خدمة المدعي بوزارتي المواصلات والتربية والتعليم وللأسباب سالفة الذكر.
ومن حيث إنه لذلك يكون الطعن قد قام على غير أساس سليم من القانون، متعيناً رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.

الطعنان 571 ، 578 لسنة 15 ق جلسة 29 / 12 / 1973 إدارية عليا مكتب فني 19 ق 33 ص 78

جلسة 29 من ديسمبر سنة 1973

برياسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد ثابت عويضة - رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة محمد صلاح الدين السعيد وأبو بكر محمد عطية ومحمود طلعت الغزالي ويوسف شلبي يوسف - المستشارين.

----------------

(33)

القضية رقم 571/ 578 لسنة 15 القضائية

عقد إداري 

- المدرسة الثانوية للبريد - كفالة الطالب في رد نفقات التعليم في حالة الفصل بسبب سوء السيرة - العقد الإداري لا يلزم أن يكون مكتوباً - تقدم الطالب للمدرسة يعني قبوله جميع شروطها.

--------------
إن قرار رئيس الجمهورية رقم 1620 لسنة 1961 بإنشاء المدرسة الثانوية للبريد حدد في المادة (2) منه شروط القبول بالمدرسة المذكورة واشترط فيمن يقبل بالمدرسة عدة شروط منها سابعاً ألا تقل سنه عند بدء الدراسة عن 15 سنة ولا تزيد على 18 سنة ويكون لمجلس إدارة المدرسة التجاوز في حدود سنتين بالنسبة للحد الأقصى عند الضرورة. "ثامناً أن يقدم كفيلاً مقتدراً يتعهد بالتضامن مع الطالب برد نفقات التعليم وقدرها 25 جنيهاً عن كل سنة دراسية وكذلك ثمن الكتب والأدوات التي تصرف للطالب والمكافآت الشهرية والمزايا العينية التي تمنح له وذلك في حالة فصل الطالب بسبب سوء السيرة" ونصت المادة (19) على أن يلزم خريج المدرسة بالعمل في هيئة البريد مدة لا تقل عن خمس سنوات من تاريخ تعيينه وإذا رفض التعيين أو ترك الخدمة أو فصل تأديبياً قبل انقضاء المدة المذكورة ألزم مع كفيله بالتضامن بأداء المبالغ المبينة بالفقرة الثامنة من المادة (2) ونصت المادة (20) على أن تصدر بقرار من وزير المواصلات اللائحة الداخلية للمدرسة الثانوية للبريد وبتاريخ 6 من نوفمبر سنة 1961 أصدر وزير المواصلات القرار رقم 255 لسنة 1961 باللائحة الداخلية للمدرسة الثانوية للبريد وقد تضمن النص في الفقرة (د) من المادة (4) على أن يقدم للطالب طلب الالتحاق بالمدرسة على استمارة خاصة تعدها هيئة البريد بالأوراق الآتية: تعهد من الطالب وكفيله متضامنين بالتزام الطالب بالانتظام في الدراسة والعمل بالهيئة بعد التخرج مدة لا تقل عن خمس سنوات وبأداء المبالغ المبينة في البند الثامن من المادة (2) من قرار رئيس الجمهورية رقم 1620 لسنة 1961 المشار إليه في حالة الإخلال بهذا الالتزام أو فصل الطالب من المدرسة بسبب سوء السيرة.
2 - ومن ثم ولما كان نجل المدعى عليه وقد تقدم للالتحاق بالمدرسة الثانوية للبريد يكون في الواقع قد قبل جميع ما نص عليه كل من قرار رئيس الجمهورية رقم 1620 والقرار الوزاري رقم 255 لسنة 1961 المشار إليهما ويكون بذلك قد نشأ بينه وبين هيئة البريد عقد إداري غير مكتوب إذ لا يشترط في العقد الإداري أن يكون دائماً مكتوباً وبناء على هذا العقد غير المكتوب التزم الطالب المذكور بجميع الالتزامات التي فرضها قرار رئيس الجمهورية رقم 1620 لسنة 1961 وقرار وزير المواصلات رقم 255 لسنة 1961 سالفي الذكر.
3 - متى كان ذلك ما تقدم وكان المدعى عليه قد كفل نجله الطالب بالمدرسة فيما التزم به هذا الأخير قبل المدرسة من عدم الإخلال بواجباته أو الانقطاع عن الدراسة فإن كفالة المدعى عليه على النحو السالف بيانه تكون على سند من القانون إذ يوجد التزام أصلي نابع من العقد غير المكتوب الذي قام بين الطالب والمدرسة، ثم ورد عليه كفالة المدعى عليه.

الطعنان 36 ، 112 لسنة 38 ق جلسة 14 / 5 /1994 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 2 ق 132 ص 1351

جلسة 14 من مايو سنة 1994

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. محمد جودت أحمد الملط - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد مجدي محمد خليل، عويس عبد الوهاب عويس، حسني سيد محمد، محمد عبد الحميد مسعود - نواب رئيس مجلس الدولة.

--------------------

(132)

الطعن رقم 36، 112 لسنة 38 القضائية

(أ) مجلس الدولة - اختصاص المحكمة الإدارية العليا بطلبات أعضائه - (تعويض).
المادة 104 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
اختصاص إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا بالفصل في طلبات التعويض التي يقدمها رجال مجلس الدولة عن القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم جاء من العموم بحيث يشمل كافة طلبات التعويض ما دامت مترتبة على قرار إداري بصرف النظر عن شخص المسئول عنه سواء استوجب مسئولية مجلس الدولة أو مسئولية القائم على إدارته أو مسئوليتهما معاً - أساس ذلك: - أن مناط الاختصاص هو ترتيب التعويض عن قرار إداري ومن ثم تكون العبرة بتوافر المسئولية وليس المسئول - تطبيق.
(ب) مجلس الدولة - أعضاؤه - الإجازات في غير العملة القضائية.
المادة (107) من قانون مجلس الدولة المشار إليه.
الأصل عدم جواز الترخيص لأعضاء المحاكم بإجازات خلال العام القضائي - يستثنى من ذلك من قام منهم بالعمل خلال القضائية متى كانت حالة العمل تسمح بذلك - يجوز الترخيص بإجازات لظروف استثنائية في الحدود التي تقرها النصوص الخاصة بالإجازات الواردة في قانون العاملين المدنيين بالدولة - منح الأعضاء المذكورين إجازة خلال العام القضائي ليس حقاً لهم يتعين إجابتهم وإنما هو رخصة للإدارة لها أن تمنحها لرجال مجلس الدولة أو تمنعها عنهم - استخدام إدارة مجلس الدولة لهذه الرخصة لا تكون إلا بناء على طلب من صاحب الشأن لمنحه الإجازة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 15/ 10/ 1991 أودع السيد الأستاذ/...... المحامي بصفته وكيلاً عن السيد الأستاذ المستشار الدكتور/..... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) تقرير طعن قيد بجدولها برقم 36 لسنة 38 قضائية عليا ضد السيد الأستاذ المستشار رئيس مجلس الدولة طلب في ختامه ولما اشتمل عليه من أسباب الحكم بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يدفع إليه مبلغ 100000 (مائة ألف) جنيه على سبيل التعويض والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي يوم الخميس الموافق 7/ 11/ 1991 أودع السيد الأستاذ/...... المحامي بصفته وكيلاً عن السيد الأستاذ المستشار الدكتور/...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) تقرير طعن قيد بجدولها برقم 112 لسنة 38 قضائية عليا ضد السيد الأستاذ المستشار رئيس مجلس الدولة طلب في ختامه ولما تضمنه من أسباب الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار السيد رئيس مجلس الدولة السلبي بالامتناع عن الترخيص للطاعن بإجازة والإذن له بالسفر إلى الخارج لمدة خمسة أيام في المدة من 13/ 11/ 1991 حتى 17/ 11/ 1991 وما يترتب على ذلك من آثار مع الإذن بتنفيذ الحكم الذي يصدر في الشق العاجل بموجب مسودته وبغير إعلان عملاً بحكم المادة 286 من قانون المرافعات.
وأعلن تقرير تقريراً الطعنين وتحددت جلسة 11/ 11/ 1991 لنظر الشق العاجل من الطعن رقم 112 لسنة 38 ق. ع وبها نظر حيث حضر السيد الأستاذ/..... المحامي عن السيد الأستاذ/....... المحامي عن الطاعن وقرر أنه يترك الخصومة في الطعن المذكور بالنسبة للشق العاجل إذ صدر قرار بالموافقة على سفره وطلب إجازة لتقديم سند الوكالة وبجلسة 16/ 11/ 1991 قرر محامي هيئة قضايا الدولة أنه تمت الموافقة على سفر الطاعن للخارج يوم 7/ 11/ 1991 وسلم الإذن له يوم 9/ 11/ 1991 ومن ثم تعتبر الخصومة منتهية في الطعن رقم 112 لسنة 38. ع لانتفاء المصلحة مع إلزام الطاعن المصروفات وطلب الطاعن أجلاً لتعديل الطلبات وبجلسة 28/ 12/ 1991 أودع وكيل الطاعن صحيفة تعديل طلباته في الطعن رقم 112 لسنة 38 ق. ع بعد إعلانها بتاريخ 23/ 11/ 1991 طالباً في ختامها الحكم بإلزام السيد/ رئيس مجلس الدولة بأن يؤدي للطاعن تعويضاً مقدراه خمسون ألف جنيه.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرين مسببين برأيها القانوني في الطعنين رقمي 36، 112 لسنة 38 ق ع ارتأت فيهما الحكم بقبول الطعنين شكلاً، ورفضهما موضوعاً.
وتدوول نظر الطعنين على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن قررت المحكمة ضم الطعن رقم 112 لسنة 38 ق. ع إلى الطعن رقم 36 لسنة 38 ق. ع ليصدر فيهما حكم واحد بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن الطاعن يطلب في طعنه رقم 36 لسنة 38 ق. ع الحكم بإلزام المطعون ضده بأن يدفع إليه مبلغ 100000 (مائة ألف) جنيه على سبيل التعويض استناداً منه إلى أنه قدم بتاريخ 11/ 6/ 1991 طلباً إلى المطعون ضده لمنحه إذناً بالسفر إلى الخارج لقضاء عطلة عيد الأضحى (من 21 حتى 26/ 6/ 1991) مع أسرته وانتظر أسبوعاً لصدور الإذن ولما لم يصدر قام بلفت نظر المطعون ضده إلى اقتراب ميعاد العطلة الرسمية التي يرغب الطاعن في قضائها بالخارج وارتباطه بالسفر بحجزه تذاكر وترتيبه الحجز في الفنادق، وما يترتب على عدم تمكينه من مباشرة حقه في السفر في إجازة رسمية من ضرر مالي يلحق به، إلا أن الطاعن لم يجد من المطعون ضده سوى إذن صماء وإمساك عن التعرف وكثر تردده عليه يسأله سرعة البت في الأمر ولم يجد إلا وعوداً لم تتحقق وإزاء عدم صدور إذن المغادرة حتى 20/ 6/ 1991 (اليوم السابق على يوم إجازة العيد) اضطر الطاعن إلى إلغاء كل الترتيبات التي اتخذها في هذا الصدد حتى لا يضيع كل ما دفعه لشركة السياحة وترتب على ذلك خسارة الطاعن لنصف ما دفعه أي مبلغ 3500 (ثلاثة آلاف وخمسمائة) جنيه فضلاً عن الأضرار النفسية والأدبية التي لحقته بأن وجد نفسه يحرم من حق طبيعي له بغير مبرر سائغ أو مشروع وساده شعور بالمهانة ألا يستطيع أن يوفي أسرته ما وعدها.. وقد كتب الطاعن إلى المطعون ضده بتاريخ 15/ 7/ 1991 مشيراً إلى ما تسبب فيه سيادته من ضرر مالي جسيم أصابه وقد ظن الطاعن أن تحامل المطعون ضده سيقف عند هذا الحد إلا أنه ظنه سرعان ما خاب لما طرأ ما يقتضي سفره إلى الخارج بعد ذلك فقد عرض أن كلفت وزارة السياحة الطاعن كمستشار قانوني منتدب لها من مجلس الدولة بتمثيلها في مؤتمر عالمي سنوي يتناول الجوانب القانونية في الأعمال السياحية وتشريعاتها المقارنة مقرر انعقاده لمدة أسبوع في الفترة من 7/ 10/ 1991 حتى 14/ 10/ 1991 وإذ تقع هذه المدة في أيام العمل وكان موقع الطاعن لم يتحدد بعد ولا يمكن التكهن به لذلك حرص الطاعن على تقديم طلب للإذن له بالسفر إلى الخارج لحضور المؤتمر المشار إليه في 9/ 9/ 1991 قبل موعده بوقت كاف وأبدى الطاعن شفهياً للمطعون ضده استعداده لتقديم طلب إجازة عن مدة المؤتمر المشار إليه أن كانت هناك حاجة إلى ذلك إن لم يعتبر هذا الإيفاد بمثابة المهمة الرسمية فنفى سيادته ذلك ووعد الطاعن بصدور الإذن في الأيام القليلة التالية وإزاء عدم صدور الإذن قدم الطاعن بتاريخ 18/ 9/ 1991 طالباً نوه فيه إلى أنه تم تحويل قيمة الاشتراك في المؤتمر ويعادل 1300 دولار أمريكي وحجزت تذكرة الطائرة ولما استمر عدم الرد على الطلب كرر الطاعن الطلب بتاريخ 24/ 9/ 1991 حتى كان يوم 1/ 10/ 1991 الذي اتصل فيه السيد الأستاذ المستشار/...... بالمكتب الفني بالطاعن لتقديم طلب إجازة عن المدة المقررة لانعقاد المؤتمر وبالفعل سلم الطاعن للسيد الأستاذ المستشار/...... طلب اعتبار فترة المهمة إجازة والذي سلمه بدوره إلى مكتب المطعون ضده وقد اتصل الطاعن يومياً في الفترة من 2 حتى 5/ 10/ 1991. بالسيد الأستاذ المستشار/....... فكان رده دائماً أن الإذن قد أعد ولدى المطعون ضده ينتظر توقيعه وبانتهاء ساعات العمل يوم 5/ 10/ 1991 بغير صدور الإذن بالسفر أو بإخفائه وبالامتناع عن تسليمه للطاعن تعذر عليه السفر وضاعت عليه فرصة الاشتراك فيه بما يحمله بكامل نفقات الاشتراك فيه وقيمة تذاكر السفر بالطائرة ومصروفات الإقامة المحجوزة فضلاً عن الإساءة الأدبية في الجهة المنتدب إليها. ولما كان تصرف المطعون ضده في الواقعتين يكون قراراً إدارياً سلبياً بالامتناع عن الموافقة على السفر إلى الخارج يشوب أولهما عيب مخالفة القانون ويقتل القرار الثاني بعيب إساءة استعمال السلطة والانحراف بها وأنه قد لحقت به من جراء هذين القرارين السلبيين أضرار مادية وأدبية ونفسية فمن ثم تكون أركان المسئولية قد اجتمعت وهي مسئولية تتعلق بالجهة الإدارية وتقوم في جانبها ولو ظهر أن الخطأ الصادر من أحد العاملين بالجهة يعتبر خطأ شخصياً ذلك لأن ثبوت الصفة الشخصية لهذا الخطأ وأن جعل لجهة الإدارة حق الرجوع على من وقع عنه من العاملين بقيمة التعويض عن الأضرار التي تلزم بها إلا أنه لا يخرجها من مجال المسئولية الإدارية بل وعن نطاق المسئولية المدنية كمتبوع يسأل عن أعمال تابعه.
ويطلب الطاعن في طعنه رقم 112 لسنة 38 ق ع الحكم بإلزام المطعون ضده بأن يؤدي للطاعن تعويضاً مقداره خمسون ألف جنيه استناداً إلى أنه عرض للطاعن ما يقتضيه السفر إلى خارج البلاد لمدة خمسة أيام في الفترة من 13/ 11/ 1991 حتى 17/ 11/ 1991 وإذ لا تتخلل هذه المدة جلسات الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا حيث يعمل الطاعن فقد استأذن السيد الأستاذ المستشار رئيس هذه الدائرة في السفر خلال هذه المدة فأشر سيادته بالموافقة وبتاريخ 29/ 10/ 1991 قدم الطاعن طلباً إلى المطعون ضده لمنحه إذناً بالمغادرة مؤشراً عليه بالموافقة من السيد الأستاذ المستشار رئيس الدائرة وبتاريخ 5/ 11/ 1991 استعجل الطاعن المطعون ضده في إصدار الإذن مقرراً عدم ممانعته في احتساب مدة غيابه من رصيد إجازاته كما أن من حقه الحصول على إجازة للمدة المطلوبة عملاً بحكم المادة (107) من قانون تنظيم مجلس الدولة وإذ أمسك المطعون ضده عن إصدار الإذن رغم قرب حلول الميعاد المضروب للسفر، لذلك أقام الطاعن طعنه رقم 112 لسنة 38 ق. ع وعقب عدة ساعات من إيداع صحيفة الطعن أبلغ بأن الإذن صدر يوم 7/ 11/ 1991 وجاهز للتسليم ولما كان تراخي إدارة المجلس في إصدار الإذن المطلوب لمدة اثني عشر يوماً من تاريخ استلامه طلبه وتعمدها تأخير ذلك إلى قبل الميعاد المحدد للسفر بثلاثة أيام قد أرسخ في اعتقاد الطاعن عن أنها ستكرر عدتها وسابق تصرفها من التسويف في ذلك إلى حين فوات ميعاد السفر مما أضر به وبمصالحه ضرراً بالغاً فإن الطاعن يعدل طلباته في الطعن رقم 112 لسنة 38 ق. ع بطلب الحكم بإلزام المطعون ضده بأن يؤدي إليه تعويضاً مقداره خمسون ألف جنيه جبراً لما أصابه من أضرار.
ثم أودع الطاعن بجلسة 26/ 2/ 1994 مذكرة عقب فيها على تقريري مفوضي الدولة بقوله بأن ما انتهى إليه السيد الأستاذ المستشار مفوضي الدولة رئيس الدائرة الثانية بهيئة مفوضي الدولة من عدم أحقية المدعي في طلبه بالنسبة لواقعة طلب السفر في الفترة من 21/ 6/ 1991 حتى 26/ 6/ 1991 (إجازة عيد الأضحى المبارك) لقضائها في الخارج بمقولة انتفاء ركن الضرر مؤداه التسليم بحصول ضرر إلا أنه حدث بفعل الطاعن إذ تعجل في شراء تذاكر السفر قبل صدور الإذن له به أي أن خطأ الطاعن استغرق خطأ الإدارة مردود عليه أن للسفر والسياحة إجراءات وأوضاع فرعية أهمها هو الحجز المسبق في الطائرات والفنادق ومن ثم لا يمكن القول بأن الطاعن قد أخطأ إذ تعجل حجز تذاكر السفر أو حجز لإقامته وأسرته في البلد الذي يقصده من خلال شركة سياحية متخصصة كما أن من المقرر أن السلطة التقديرية لجهة الإدارة ليست مطلقة وإنما يجب أن تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة وتنأى عن الانحراف بالسلطة أو إساءة استعمالها وواقع الحال بالنسبة لواقعة طلب الطاعن السفر للخارج في مؤتمر دولي موفداً من الجهة المنتدب إليها أن ظروف العمل لم تكن تقتضي منعه من السفر في تلك المهمة ولا يغير من ذلك أن موقع عمله في العام القضائي الجديد لم يكن معلوماً فأياً كان هذا الموقع فما كان هذا يحول دون قيامه بالمهمة الرسمية التي كلفته بها الجهة المنتدب إليها ودليل ذلك ثابت في الطعن رقم 112 لسنة 38 ق. ع إذ كانت المهمة التي تحتاج لسفر الطاعن واقعة خلال العام القضائي الجديد ذاته الذي بقي فيه الطاعن عضواً في عين المحكمة التي كان فيها لما قدم طلب السفر ولم يحل ذلك دون موافقة السيد الأستاذ المستشار رئيس الدائرة على سفره خلال ذلك العام. وهذه الحقيقة ترسخ في اليقين أن مصلحة العمل لم تكن السبب في امتناع المطعون ضده عن الموافقة على طلب الطاعن خاصة أن المطعون ضده أصدر العديد من الموافقات على سفر الكثير من أعضاء المحاكم إلى الخارج لأسباب شخصية تتراوح بين العمرة والسياحة والعلاج بل إنه لم ير بأساً في سفره هو شخصياً أثناء العام القضائي رغم توليه رئاسة الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا هذا إلى أنه كان يجب على الإدارة إذا رأت عدم التصريح للمدعي بالسفر أن تعلنه بذلك في وقت مناسب خاصة أن سفره كان للاشتراك في مؤتمر دولي ولا يخفي أن عدم مراعاة ذلك ترتب عليه عدم اشتراك مصر بممثل عنها وترك هذا بغير شك هو ترك لالتزام قانوني بشكل خطأ موجهاً لمسئوليتها وملزوميتها بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به. وبالنسبة لموضوع الطعن رقم 112 لسنة 38 ق فإنه إذا كان المطعون ضده قد سمح بصدور الإذن المطلوب فإنه لم يصدره إلا في 9/ 11/ 1991 لما علم بإقامة الطعن المذكور وأعطي الإذن ذات تاريخ إقامة الطعن ليوهم أنه غير متحامل على الطاعن ولم تخطر إدارة مجلس الدولة الطاعن بذلك إلا في نهاية يوم 9/ 11/ 1991 بعد إلغائه الاجتماع الذي كان سيسافر من أجله وترتيبات السفر والإقامة بالخارج على ما سلف البيان الأمر الذي يقدم الخطأ غير المشروع الموجب للالتزام بالتعويض المطلوب.
وأودعت الجهة الإدارية مذكرتين بدفاعها طلبت في ختامهما الحكم برفض الطعنين ذلك لأنه بالنسبة لواقعة طلب الإذن بالسفر من 21/ 6/ 1991 حتى 26/ 6/ 1991 فإن الثابت أن الطاعن قد طلبه بتاريخ 11/ 6/ 1991 وعرض على السيد الأستاذ المستشار رئيس مجلس الدولة ووافق عليه وأعدت إدارة شئون الأعضاء إذن السفر الخاص بهذه المدة ووقع من السيد الأستاذ المستشار/........ وسلم إذن السفر إلى الآنسة/....... بسكرتارية رئيس مجلس الدولة لتسليمه إلى الطاعن وذلك كله خلال تسعة أيام ويتضح ذلك من التاريخ المدون على إذن السفر وهو 20/ 6/ 1991 وقبل ميعاد السفر ومن ثم فإن الجهة الإدارية لم تتقاعس عن إجابة الطاعن إلى طلبه وبالتالي ينتفي ركن الخطأ الموجب لمسئولية جهة الإدارة ويكون الطعن بالنسبة لهذا الشق غير قائم على أساس سليم من القانون واجب الرفض خاصة أنه لا يلزم أن تصدر الموافقة على الفور كما أنه كان يتعين على الطاعن أن ينتظر الحصول على الإذن ثم يقوم بشراء تذاكر السفر وبخصوص واقعة طلب السفر في الفترة من 7/ 10/ 1991 حتى 14/ 10/ 1991 فالثابت من الأوراق أن السيد الأستاذ المستشار/...... بالمكتب الفني أشر على الطلب بالإفادة عما إذا كان الطاعن قد حصل على إجازة خلال المدة المذكورة أو قدم طلباً للحصول عليها وما تم في شأن هذا الطلب فأفاد مدير شئون الأعضاء بأن الطاعن لم يقدم طلباً للحصول على إجازة خلال المدة المذكورة ويتضح من ذلك أن الطاعن طلب إذن مغادرة دون أن يقدم طلب إجازة عن المدة المذكورة إذ أن واقعة السفر لحضور المؤتمر الدولي في البرتغال لم تكن رسمية من جانب مجلس الدولة بل من الجهة المنتدب إليها وأن هذا التكليف للطاعن غير ملزم لمجلس الدولة ومن ثم ينتفي كذلك ركن الخطأ كما أن الطاعن لم يثبت أي ضرر مادي قد حاق به أو معنوي لأن مجلس الدولة ليس ملزما بالضرورة أن يجيب طلبات أعضائه دون مناقشة إذ أن ذلك يسلب السلطة المختصة به سلطتها التقديرية أما فيما يتعلق بطلب الطاعن الإذن له بالسفر في الفترة من 13/ 11/ 1991 حتى 17/ 11/ 1991 فإن الثابت أن الطاعن قد طلبه بتاريخ 29/ 10/ 1991 مؤشراً عليه من السيد الأستاذ المستشار رئيس الدائرة الثالثة - حيث يعمل - بالموافقة على السفر خارج البلاد في المدة المذكورة غير أن هذه الواقعة لا تلتزم بالضرورة المطعون ضده إذ أن ذلك متروك لتقديره ومع ذلك فقد وافق بتاريخ 7/ 11/ 1991 على الإذن للطاعن بالسفر وذلك قبل أربعة أيام من الموعد المحدد للسفر وبالتالي فلا يوجد ثمة خطأ من المطعون ضده وتنتفي أي أضرار لحقت الطاعن ويكون طعناه على سند من القانون جديرين بالرفض.
ومن حيث إن المادة (104) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن مختص إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا دون غيرها بالفصل في الطلبات التي يقدمها رجال مجلس الدولة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم متى كان مبنى الطلب عيباً في الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح أو خطأ في تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة. كما تختص الدائرة المذكورة دون غيرها بالفصل في طلبات التعويض عن هذه القرارات...".
ويؤخذ من هذا النص أن اختصاص هذه الدائرة بالفصل في طلبات التعويض التي يقدمها رجال مجلس الدولة عن القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم جاء من العموم بحيث يشمل كافة طلبات التعويض كما تقضي به المادة المذكورة ما دامت مترتبة على قرار إداري بصرف النظر عن شخص المسئول عنه أي سواء ستوجب مسئولية مجلس الدولة أو مسئولية القائم على إدارته أو مسئوليتهما معاً لأن المشرع جعل مناط الاختصاص هو ترتيب التعويض على قرار إداري فمن ثم فيتعين الاختصاص بذلك لا بشخص المسئول ومناط المسئولية عن القرارات التي يصدرها مجلس الدولة بشأن رجاله هو قيام خطأ من جانبه بأن يكون القرار الإداري غير مشروع وأن يلحق بصاحب الشأن ضرر وأن تقوم علاقة سببية بين الخطأ والضرر.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن طلب بتاريخ 1/ 6/ 1991 من شركة كورنيش تورز للسياحة تعريفاً شركة سياحية يوغوسلافية لتنظم له رحلة مع أفراد أسرته إلى مدينة روبروفيك بيوغوسلافيا لمدة خمس ليال في الفترة من 21/ 6/ 1991 حتى 26/ 6/ 1991 وقد اتصلت شركة كورنيش تورز بشركة "ايرلفت" السياحية اليوغوسلافية وعرضت عليها طلب الطاعن فحددت الشركة القيمة بما يعادل مبلغ 7200 جنيه (سبعة آلاف ومائتي جنيه) شاملة قيمة التذاكر لعدد أربعة، ونصف الإقامة بفندق أربع نجوم والانتقال من المطار إلى الفندق والعودة وكذلك رحلتين داخليتين وأخطرت شركة كورنيش تورز الطاعن بما حصلت عليه من معلومات وبعد ذلك تم الاتصال مباشرة بين الشركة اليوغوسلافية وسيادته للاتفاق على ترتيبات السفر والعودة وكيفية سداد القيمة (من كتاب شركة كورنيش تورز للسياحة المؤرخ 2/ 7/ 1991) وبتاريخ 11/ 6/ 1991 قدم الطاعن طلباً إلى السيد الأستاذ المستشار رئيس مجلس الدولة سلمه إلى الآنسة/..... بمكتب سكرتارية السيد الأستاذ المستشار رئيس مجلس الدولة ملتمساً فيه الموافقة على منحه إذن مغادرة لأنه يزمع قضاء الفترة من 21/ 6/ 1991 حتى 26/ 6/ 1991 (إجازة عيد الأضحى المبارك) بالخارج وقدم طلباً آخر مؤرخاً 18/ 6/ 1991 إلى السيد الأستاذ المستشار رئيس مجلس الدولة تسلمته الآنسة/....... السالف ذكرها منوهاً فيه إلى طلبه السابق وأنه استفسر أكثر من مرة إذن السفر وعلم أنه لم يصدر وأن عدم تسليمه الإذن سيضطره إلى إلغاء الرحلة التي تعاقد عليها عن الفترة المذكورة مع شركة سياحية أجنبية وأنه طبقاً للقواعد السياحية السارية فإنه سيفقد نصف القيمة المدفوعة لذلك فإنه يرجو التنبيه فوراً بإرسال إذن السفر على عنوانه وأعدت إدارة شئون الأعضاء بالمجلس إذن السفر ووقعة السيد الأستاذ المستشار/........ وسلم إلى الآنسة/...... بمكتب سكرتارية السيد الأستاذ المستشار رئيس مجلس الدولة لتسليمه إلى الطاعن وذلك يوم 20/ 6/ 1991 أي قبل الميعاد المحدد للسفر بيد أن الطاعن اتصل تليفونياً بتاريخ 20/ 6/ 1991 بشركة كورنيش تورز للسياحة معتذراً عن السفر لعدم إمكانه الحصول على إذن المغادرة من جهة عمله طالباً سرعة الاتصال بالشركة اليوغوسلافية لإبلاغها بالاعتذار فقامت شركة كورنيش تورز فوراً بالاتصال التليفوني بالإبلاغ وإلغاء الحجوزات التي تمت (من كتاب الشركة المؤرخ 2/ 7/ 1991) ثم تقدم بطلب مؤرخ 3/ 7/ 1991 إلى السيد الأستاذ المستشار رئيس مجلس الدولة تسلمته الآنسة/....... جاء به أنه ترتب على عدم إعطائه إذن مغادرة للخارج لقضاء عطلة عيد الأضحى المبارك مع أسرته أن فقد مبلغ 3500 جنيه (ثلاثة آلاف جنيه وخمسمائة جنيه) وهو ما سبق أن نوه عنه بكتابه المؤرخ 18/ 6/ 1991 ثم قدم طلباً آخراً مؤرخاً 15/ 7/ 1991 مرفقاً به صورة ضوئية من كتاب شركة كورنيش تورز للسياحة المؤرخ 2/ 7/ 1991 طالباً تحديد المسئول عن هذا التصرف وتحميله بالمبلغ السالف ذكره وموافاته به وإلا سيضطر إلى رفع دعوى تعويض وستتحدد قيمته ليس بالمبلغ المذكور فقط ولكن سيدخل في تقديره عناصر أخرى بخلافه.
ومن حيث إن البين مما تقدم أنه بتاريخ 20/ 6/ 1991 قد صدر للطاعن إذن بالموافقة على سفره إلى الخارج الفترة من 21 حتى 26/ 6/ 1991 فمن ثم فإنه لا يكون هناك ثمة خطأ يمكن نسبته إلى إدارة مجلس الدولة ولا جناح عليها أنها تأخرت في إصدار الإذن إلى اليوم السابق لليوم المضروب لسفر الطاعن أو أنها لم ترسله إلى عنوان سكنه كطلبه المؤرخ 18/ 6/ 1991 ذلك لأن تأخيرها في إصدار الإذن إلى التاريخ المذكور لا يستوجب مساءلتها بالتعويض ما دام أن القانون لم يستلزم أن تصدر الإذن بالسفر في وقت معين قبل الموعد المحدد للسفر ولم يثبت أنها هدفت من هذا التأخير إلى تفويت فرصة السفر على صاحب الشأن كما أنه لا إلزام عليها أن ترسل إذن المغادرة إلى سكن صاحب الشأن وإنما كان عليه أن يتابع صدور هذا الإذن حتى الموعد المحدد لسفره وبناء على ذلك فإن طلب الطاعن بالتعويض عن عدم منحه إذن مغادرة عن الفترة من 21 حتى 26/ 6/ 1991 يكون قائماً على غير سند من القانون حرياً بالرفض.
ومن حيث إنه عن طلب الطاعن التعويض عن الأضرار التي لحقت به من جراء عدم الإذن بمغادرة البلاد لحضور مؤتمر بالبرتغال ممثلاً لوزارة السياحة لمدة أسبوع اعتباراً من الاثنين الموافق 7/ 10/ 1991 فإن الثابت أن الطاعن قدم إلى السيد الأستاذ المستشار رئيس مجلس الدولة طلباً مؤرخاً 10/ 9/ 1991 راجياً من سيادته الموافقة على منحه الإذن المذكور فتأشر من السيد الأستاذ المستشار رئيس مجلس الدولة لشئون الأعضاء هل توجد سوابق خلال السنة القضائية مع عرض حالة السيد الأستاذ المستشار/....... نائب رئيس مجلس الدولة وإعداد الإذن
إذا كان ثمة سوابق على أن يحدد المهمة والبلد والمدة ويعرض "ثم تأشر على الطلب من السيد المستشار/....... بالمكتب الفني" شئون الأعضاء لبيان ما إذا كان السيد الأستاذ المستشار الدكتور/....... نائب رئيس مجلس الدولة قد حصل سيادته على إجازة خلال المدة من 7/ 10/ 1991 حتى 15/ 10/ 1991 (المدة المطلوبة عنها إذن السفر) أو تقدم بطلب للحصول عليها وما تم في شأن الطلب فأفاد السيد/ مدير شئون الأعضاء بمذكرته المؤرخة 26/ 9/ 1991 بأن السيد الأستاذ المستشار الدكتور/....... نائب رئيس مجلس الدولة لم يتقدم بأي طلب للحصول على إجازة خلال المدة من 7/ 10/ 1991 حتى 15/ 10/ 1991 (المدة المطلوب عنها إذن السفر) وإزاء عدم صدور الإذن قدم الطاعن بتاريخ 18/ 9/ 1991 طلباً نوه فيه إلى أنه تم تحويل قيمة الاشتراك في المؤتمر ويعادل 1300 دولار أمريكي وقطعت تذكرة الطائرة ويرجو مرة أخرى التنبيه إلى إصدار إذن السفر المطلوب ولما استمر عدم الرد على طلبه كرر الطاعن الطلب بتاريخ 24/ 9/ 1991.
ومن حيث إن المادة (107) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن "لا يرخص لأعضاء المحاكم في إجازات في غير العطلة القضائية إلا لمن قام منهم بالعمل خلالها وكانت حالة العمل تسمح بذلك ومع هذا يجوز الترخيص في إجازات لظروف استثنائية في الحدود التي تقررها القوانين واللوائح الخاصة بإجازات العاملين" وواضح من هذا النص أن الأصل عدم جواز الترخيص لأعضاء المحاكم بإجازات في خلال العام القضائي ويستثنى من ذلك من قام منهم بالعمل خلال العطلة القضائية متى كانت حالة العمل تسمح بذلك كما يجوز الترخيص بإجازات لظروف استثنائية في الحدود التي تقرها النصوص الخاصة بالإجازات الواردة في قانون العاملين المدنيين بالدولة ومنح هؤلاء إجازة خلال العام القضائي ليس حقاً لهم يتعين إجابتهم إليه وإنما هي رخصة للإدارة لها أن تمنحها لرجال مجلس الدولة أو تمنعها عنهم ومن المقرر أن استخدام إدارة مجلس الدولة لهذه الرخصة لا تكون إلا بناء على طلب من صاحب الشأن لمنحه الإجازة.
ومن حيث إن المدة من 7 حتى 15/ 10/ 1991 لا تقع في عطلة العام القضائي 91/ 1992 حيث كان الطاعن يعمل بالمحاكم وأن الجهة الإدارية أنكرت في ردها على الطعن ما ذهب إليه الطاعن في صحيفة طعنه رقم 36 لسنة 38 ق. ع من أنه سلم بتاريخ 1/ 10/ 1991 السيد الأستاذ المستشار/...... بالمكتب الفني طلب اعتبار المدة المذكورة إجازة ولم يقدم الطاعن ما يثبت هذا الذي ذهب إليه فمن ثم فإن امتناع إدارة مجلس الدولة عن الإذن للطاعن بالسفر خلال المدة المذكورة استناداً إلى أنها لا تقع في العطلة القضائية وأنه لم يتقدم عنها بطلب إجازة لبحثه في ضوء ما تسمح به ظروف العمل يكون موافقاً صحيح حكم القانون وينتفي بذلك أي خطأ من جانبها ومقتضى ذلك أن طلب الطاعن التعويض عن عدم منحه إذن مغادرة عن المدة المذكورة يغدو بدوره غير قائم على سند من القانون حرياً بالرفض.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بطلب الطاعن تعويضه عن تراخي المطعون ضده في الإذن للطاعن بالسفر إلى الخارج المدة من 13/ 11/ 1991 حتى 17/ 11/ 1991 فإن الثابت أن الطاعن قدم بتاريخ 29/ 10/ 1991 طلباً إلى السيد الأستاذ المستشار رئيس مجلس الدولة ملتمساً الإذن له بالمغادرة لحضور اجتماع بفرنسا لمدة خمسة أيام اعتباراً من الأربعاء 13/ 11/ 1991 حتى الأحد 17/ 11/ 1991 وأن هذه المدة لا تتضمن أي جلسات للمحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) سواء فحص الطعون أو الموضوع وأن السيد الأستاذ المستشار/ رئيس المحكمة قد وافق على طلبه تاريخ تقديم طلبه. ثم قدم الطاعن طلباً آخراً مؤرخاً 5/ 11/ 1991 نوه فيه إلى طلبه السابق وأضاف أنه لا مانع لديه من احتساب المدة المذكورة إجازة اعتيادية تخصم من رصيد إجازاته وأنه يلفت النظر أنه لم يخطر حتى الآن بصدور الإذن لتسلمه رغم اقتراب ميعاد السفر وتمام إجراءات حجز تذاكر الطائرة والفندق بالخارج وبتاريخ 7/ 11/ 1991 صدر الإذن بالسفر المطلوب ومن ثم ينتفي كذلك ركن الخطأ الموجب لمسئولية إدارة مجلس الدولة ولا وجه لمساءلتها عن عدم إصدارها الإذن في الفترة من تاريخ تقديم الطلب حتى 7/ 11/ 1991، ذلك لأن القانون لم يوجب عليها كما سبق القول أن تصدر الإذن بالسفر في وقت معين قبل الموعد المحدد للسفر كما أن الطاعن لم يثبت أنها هدفت من هذا التأخير إلى تفويت فرصة السفر عليه.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن طعني الطاعن يقومان على غير سند من القانون جديرين بالرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً ورفضهما موضوعاً.

الطعن 451 لسنة 13 ق جلسة 29 / 12 / 1973 إدارية عليا مكتب فني 19 ق 32 ص 77

جلسة 29 من ديسمبر سنة 1973

برئاسة السيد الأستاذ المستشار علي محسن مصطفى رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد ثابت عويضة ومحمد صلاح الدين السعيد وأبو بكر محمد عطية ومحمد نور الدين العقاد - المستشارين.

---------------

(32)

القضية رقم 451 لسنة 13 القضائية

عاملون مدنيون - تأديب 

- تحقيق التهمة لا يشترط فيه الكتابة - مادة 85 من القانون رقم 210 لسنة 1951 معدلاً بالقانون رقم 73 لسنة 1957 - لا يشترط سوى أن يثبت مضمون التحقيق الشفوي بالمحضر الذي يحوي الجزاء ولا يشترط أن يحوي كل الوقائع المنسوبة إلى العامل - بيان ذلك.

---------------
إن قانون نظام موظفي الدولة الصادر به القانون رقم 210 لسنة 1951 - الذي يحكم الواقعة - معدلاً بالقانون رقم 73 لسنة 1957، يقضي في الفقرة الأولى من المادة 85 منه بأن يكون "لوكيل الوزارة أو الوكيل المساعد أو لرئيس المصلحة كل في دائرة اختصاصه توقيع عقوبتي الإنذار والخصم من المرتب عن مدة لا تجاوز 45 يوماً في السنة الواحدة بحيث لا تزيد مدة العقوبة الواحدة عن 15 يوماً وذلك بعد سماع أقوال الموظف وتحقيق دفاعه. ويكون قراره مسبباً.." وأردفت هذه المادة في فقرتها الأخيرة أنه "وفي جميع الأحوال يجوز أن يكون الاستجواب والتحقيق شفاهاً على أن يثبت مضمونه بالمحضر الذي يحوي الجزاء". ولما كان الأمر كذلك وكان الثابت من استقراء المذكرة التي حررها السيد عميد كلية الهندسة، أنها تنطوي على شقين أولهما أنه كرر سؤاله عن المدعي وتبين له أنه غير موجود بالكلية ثم جاءه المدعي في الساعة 1.50 مساء وادعى أنه كان موجوداً بجهة ما بالكلية وأثبت السيد العميد أنه قام بالتحقيق مع المدعي في هذا الشأن واتضح له عدم صحة هذا الادعاء. ومفاد هذا أن السيد العميد واجه المدعي بما أسنده إليه من أنه بالسؤال المتكرر عنه خلال ساعات العمل الرسمية تبين أنه ليس موجوداً بالكلية واستمع إلى دفاعه في هذا الشأن والذي يتحصل في أنه كان موجوداً بالكلية ولم يغادرها، ورغماً عن أن السيد العميد كان قد تبين له بادئ الأمر أن المدعي غير موجود بالكلية، إلا أنه أثبت أنه عاد وحقق هذا الدفاع وتبين له عدم صحته. وبالنسبة للشق الثاني من المذكرة التي أثبت فيها السيد العميد أن المدعي لا يباشر الإشراف على أعمال النظافة بالكلية على الوجه المرضي بالرغم من تحذيره مراراً، فإن عبارة هذا الاتهام تنطوي على ما يدل على أن السيد العميد واجه المدعي بأنه لا يشرف على أعمال النظافة المنوطة به على وجه مرضي كما سبق أن واجهه بها من قبل ومحذراً إياه من تقاعسه في أداء واجباته دون أن يتلقى منه دفاعاً في هذا الشأن، وذلك بمراعاة أن التحذير لا يوجه بداهة إلا في أعقاب تحقيق تثبت فيه الإدانة، وأن في اقتران شقي الاتهام المشار إليهما في مذكرة السيد العميد والربط بينهما ما يفيد أن سبب تكرار السؤال عن المدعي في يوم تحرير المذكرة كان لمواجهته بأن أعمال النظافة ليست على وجهها الأكمل، وأن التحذيرات السابقة في هذا الشأن لم تنتج أثرها بما يقطع بأن التحقيق الشفهي قد شمل الواقعة المنسوبة إلى المدعي بشقيها. ومؤدى ذلك كله أن السيد العميد قام باستجواب المدعي والتحقيق معه شفاهاً وأثبت مضمون ذلك بالمحضر الذي يحوي الجزاء ومن ثم فإنه يكون قد استعمل الرخصة التي أشارت إليها الفقرة الأخيرة من المادة 85 من القانون رقم 210 لسنة 1951 سالفة الذكر ذلك لأنه ليس المقصود من إثبات مضمون التحقيق الشفهي بالمحضر الذي يحوي الجزاء، ضرورة سرد ما دار في الموضوع محل الاستجواب بالمحضر تفصيلياً بسرد كل الوقائع المنسوبة إلى العامل وبيان الأصول التي استخلصت منها وذكر ما ورد على ألسنة الشهود بشأنها وترديد دفاع العامل وتقصي كل ما ورد فيه من وقائع وأدلة إثبات ونفي، إذ أن كل ذلك من شأنه أن يقلب التحقيق الشفهي إلى تحقيق كتابي وهو مما يعطل الحكمة من إجازة التحقيق الشفهي وهي تسهيل العمل على ما نصت عليه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 73 لسنة 1957، وإنما المقصود من ذلك إثبات حصول التحقيق والاستجواب وما أسفر عنه هذا التحقيق في شأن ثبوت المخالفة الإدارية قبل العامل على وجه يمكن السلطة القضائية من بسط رقابتها القانونية على صحة قيام الوقائع وصحة تكييفها القانوني.

الطعن 383 لسنة 17 ق جلسة 23 / 12 / 1973 إدارية عليا مكتب فني 19 ق 31 ص 74

جلسة 23 من ديسمبر سنة 1973

برئاسة السيد الأستاذ المستشار حسنين رفعت - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة أحمد فؤاد أبو العيون ومحمد فهمي طاهر وسعد الدين قمحه ويوسف شلبي يوسف - المستشارين.

----------------

(31)

القضية رقم 383 لسنة 17 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - معاشات - حساب مدد العمل السابقة في المعاش.
عدم جواز العدول عن طلب حساب مدد الخدمة السابقة في المعاش بعد أن تقرر ضمها وبدأ استقطاع احتياطي المعاش عنها فعلاً - شروط الإكراه المفسد للرضا في هذه الحالة - مثال.

------------------

يبين من الأوراق أن المدعي قد التحق بخدمة الحكومة في عام 1921 ثم فصل من الخدمة في عام 1944 وتقرر له معاش شهري قدره 9.505 جنيهاً ثم أعيد إلى الخدمة في عام 1953 بالحالة التي كان عليها، وطلب ضم مدة خدمته السابقة في المعاش باعتبار أن خدمته متصلة مع إسقاط مدة الفصل، كما طلب في 16 من يوليه سنة 1953 حساب مدة خدمته أثناء الحرب العالمية الثانية مضاعفة في المعاش وقدرها 6 يوم و7 شهور و2 سنة، ولقد ثار الجدل، أثناء وجوده بالخدمة، حول مدى أحقيته في تسوية معاشه على أساس مجموع مدتي خدمته الفعلية، وكذلك حول مدى أحقيته في حساب مدة خدمته في الحرب مضاعفة في المعاش، وقد كان الرأي في بادئ الأمر هو حساب كل من مدتي الخدمة على حدة، ولم يبت في طلبه الخاص بمدة الحرب، فتقدم في 30 من نوفمبر سنة 1959 بطلب حساب ثلاثة أرباع مدة خدمته الاعتبارية بشركة الأوبرج المساهمة في المعاش وهي 3 يوم و10 شهور و2 سنة، وتقرر ضمها بالقرار رقم 125 لسنة 1960 طبقاً للقانون رقم 250 لسنة 1959 وقدر عنها احتياطي معاش 158.950 جنيهاً وبدئ في استقطاعه من مرتبه على أقساط شهرية ابتداء من أول أغسطس سنة 1960 ثم من معاشه بعد خروجه من الخدمة، وفي 15 من أكتوبر سنة 1962 وافقت إدارة المعاشات بوزارة الخزانة على اعتبار مدتي خدمته متصلتين مع حساب معاشه على هذا الأساس ثم تقدم بعد ذلك لوزارة الحربية بطلب وقف استقطاع أقساط المعاش المستحقة عن مدة العمل السابقة بشركة الأوبرج المساهمة ورد المبالغ السابق استقطاعها من مرتبه، مستنداً في ذلك إلى احتمال حساب مدة خدمته العسكرية أثناء الحرب العالمية مضاعفة، وأنه بحسابها سيزيد مجموع مدد خدمته المحسوبة في المعاش ثلاث سنوات، ومن ثم فهو راغب عن حساب مدة خدمته الاعتبارية في المعاش، لأن حساب مدة خدمة الحرب مضاعفة فيه الغناء، فضلاً عن أن القسط المستحق عليه عن المدة الاعتبارية كبير لا يحتمله، وباستطلاع رأي إدارة الفتوى والتشريع المختصة بمجلس الدولة رأت رفض هذا الطلب في 2 من ديسمبر سنة 1962، ورغم ذلك استمر المدعي يوالي استعجال حساب مدة الحرب مضاعفة في المعاش حتى أجيب إلى طلبه في 30 من مارس سنة 1963، وهذه المدة لا يسدد عنها احتياطي معاش، وقد ترتب على ذلك أن أصبح مجموع مدد خدمته المحسوبة في المعاش 2 يوم و4 شهر و40 سنة وهي تزيد على أقصى مدة تحسب في المعاش وقدرها 37.5 سنة.
ومن حيث إن الفقرة الثانية من المادة الرابعة من القانون رقم 51 لسنة 1962 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 250 لسنة 1959 بحساب مدة العمل السابقة في المعاش تنص على أنه "لا يجوز لمن اشترك عن مدة عمله السابقة وفقاً لأحكام القانون رقم 250 لسنة 1959 المشار إليه أن يعدل عن هذا الاشتراك وإنما يجوز له تعديل رغبته في طريقة الأداء من التقسيط حتى سن الستين إلى الأداء بطريق الاستبدال أو دفعة واحدة نقداً". ولما كان طلب المدعي عدم الاعتداد بحساب مدة خدمته السابقة بشركة الأوبرج ورد الاحتياطي الذي استقطع من مرتبه عنها لا يعدو أن يكون عدولاً عن اشتراكه في هذه المدة، وهو ما لا يجوز لصريح نص المادة المذكورة.
ومن حيث إنه لا وجه لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن المدعي عند تقديمه لطلب ضم مدة خدمته الاعتبارية بشركة الأوبرج كان مكرهاً وذلك أنه فضلاً عن أن القانون كفل للمدعي الوسائل بما فيها الالتجاء إلى القضاء - للحصول على حقه في المدد التي كانت مثاراً للنزاع فإن الإكراه الذي يفسد الرضا - كما سبق أن قضت هذه المحكمة - يجب أن تتوفر عناصره، بأن يقدم الموظف الطلب تحت سلطان رهبة بعثتها الإدارة في نفسه دون حق، وكانت قائمة على أساس، بأن كانت ظروف الحال تصور له أن خطراً جسيماً محدقاً يهدده هو أو غيره في النفس أو الجسم أو الشرف أو المال، ويراعى في تقدير الإكراه جنس من وقع عليه هذا الإكراه وسنه وحالته الاجتماعية والصحية وكل ظرف آخر من شأنه أن يؤثر في جسامته - والثابت أنه لم يصر من جهة الإدارة أي تهديد وقع على المدعي، كما لم تبعث في نفسه رهبة تضغط بها على إرادته فتفسدها بحيث تجعله مسلوب الحرية لا اختيار له فيما أراد، بل إن المدعي قد قدم طلبه بضم المدة المذكورة عن إرادة حرة سليمة ورضا صحيح بقصد تحسين معاشه، وبمجرد أن قدم طلبه هذا لم تمانع جهة الإدارة في تلبيته وإجابته إليه هو وغيره من الزملاء الذين تقدموا بطلبات ضم مدة الخدمة السابقة في المعاش طبقاً لأحكام القانون رقم 250 لسنة 1959، وصدر للجميع القرار رقم 125 لسنة 1960 - وقد اعترف المدعي في مذكرته الأخيرة أن هدفه الحقيقي من العدول عن الاشتراك عن مدة خدمته الاعتبارية التي قضاها بشركة الأوبرج المساهمة - التي يستقطع عنها احتياطي معاش - وهو أن تحل محلها مدة الحرب التي تحسب في المعاش مضاعفة والتي لا يستحق عنها احتياطي معاش، وتصادف أن كانت المدتان متساويتين تقريباً، إذ بحساب مدة الحرب مضاعفة لم تعد له مصلحة في الإبقاء على المدة الاعتبارية، لأن استبعادها لن يؤثر على بلوغ مجموع مدده الأخرى أقصى مدة تحسب في المعاش، ولذلك لم يجد جدوى منها، طالما أنه لا يستفيد منها شيئاً ولن يترتب عليها أية زيادة في المعاش اللهم تحمله عبء الاحتياطي المستحق عنها.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم فإن المدعي وقد تقدم بطلب ضم مدة خدمته بشركة الأوبرج في المعاش، وقررت الإدارة ضمها، وفقاً لقاعدة قانونية معينة، وبدأت فعلاً في استقطاع احتياطي المعاش، فإنه لا يجوز للمدعي بعد ذلك العدول عن الاشتراك عن هذه المدة بناء على مشيئته حتى ولو لم تكن له مصلحة في ضمها وأياً كانت الأسباب والدواعي إلى هذا العدول، وذلك تطبيقاً لصريح نص الفقرة الثانية من المادة (4) من القانون رقم 51 لسنة 1962 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 250 لسنة 1959 المشار إليه، وما دام أن طلبه ضم هذه المدة قد تم بإرادة حرة ورضاء صحيح حسبما سلف البيان.

الطعن 2369 لسنة 34 ق جلسة 8 / 5 /1994 إدارية عليا مكتب فني 39 ج 2 ق 131 ص 1335

جلسة 8 من مايو سنة 1994

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي فواد الخادم - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: محمد معروف محمد، والسيد محمد السيد الطحان، وادوارد غالب سيفين، وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة.

-------------------

(131)

الطعن رقم 2369 لسنة 34 القضائية

(أ) دعوى - الحكم الصادر فيها - طعن الخارج عن الخصومة - التماس إعادة النظر.
المادة (51) من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
المواد من 241 إلى 247 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
ألغى قانون المرافعات الطعن في الأحكام بطريق اعتراض الخارج عن الخصومة - أضاف المشرع إلى أوجه التماس إعادة النظر حالة اعتراض من يعتبر الحكم الصادر في الدعوى حجة عليه ولم يكن قد أدخل أو تدخل فيها - أضيفت هذه الحالة كفقرة ثامنة للمادة (241) من قانون المرافعات - يبدأ الميعاد في هذه الحالة من اليوم الذي ظهر فيه الغش أو التواطؤ أو الإهمال الجسيم - أثر ذلك: إلغاء طريق الطعن في أحكام القضاء الإداري أمام المحكمة الإدارية العليا من قبل الغير ممن لم يكونوا خصوماً في الدعوى التي فيها أو أدخلوا فيها ممن يتعدى أثر هذا الحكم إليهم - أصبح ذلك وجهاً من وجود التماس إعادة النظر في أحكام محكمة القضاء الإداري طبقاً لنص المادة (51) من قانون مجلس الدولة بمراعاة المواعيد والأحوال التي نص عليها قانون المرافعات بما لا يتعارض مع طبيعة المنازعة المنظورة أمام هذه المحكمة - لفظ أدخل أو تدخل الوارد في الفقرة الثامنة من المادة (241) من قانون المرافعات ينصرف إلى شخص ممثلاً في الخصومة وليس من الغير - أساس ذلك: أن الغير هو من لم يكن طرفاً ولا ممثلاً في الخصومة - أثر ذلك: أنه إذا أسس الملتمس التماسه على البند الثامن من المادة (241) سالفة البيان فيجب أن يكون طرفاً أو ممثلاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم الملتمس فيه - إذا كان ذلك لازماً أمام القضاء العادي فإنه ألزم بالنسبة لدعوى الإلغاء - الطبيعة العينية لهذه الدعوى تتأبى على الأخذ بطريق الطعن بالتماس إعادة النظر أمام المحكمة التي أصدرت الحكم من شخص لم يكن ممثلاًَ في تلك الدعوى - تطبيق.
(ب) التماس إعادة النظر - أثر عدم قبوله على الإشكال في التنفيذ المرفوع من الملتمس.
يترتب على الحكم بعدم قبوله التماس إعادة النظر في الدعوى الموضوعية عدم وجود نزاع موضوعي يستهدف وقف تنفيذ الحكم الصادر فيه بالإشكال في التنفيذ - الإشكال في هذه الحالة لا ينصب على إجراء وقتي وإنما طلب الفصل في الموضوع وهو ما لم تشرع من أجله إشكالات التنفيذ - أثر ذلك: رفض الإشكال في التنفيذ - تطبيق (1) .


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 19/ 6/ 1988 أودع الأستاذ/...... وكيلاً عن الطاعنة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها العام برقم 2369 لسنة 34 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 21/ 4/ 1988 في الدعويين رقمي 5548/ 40 ق 5243/ 41 ق والقاضي في الدعوى الأولى بعدم قبول الالتماس وفي الثانية برفض الإشكال وإلزام المدعية المصروفات، وطلبت الطاعنة - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء في الدعوى رقم 5243 لسنة 41 ق بوقف تنفيذ الحكم المستشكل فيه وفي الدعوى رقم 5548 لسنة 40 ق بوقف تنفيذ الحكم الملتمس فيه وإلغائه مع إلزام المطعون ضدها الأول بمصروفات الإشكال والالتماس والطعن، وقد أعلن الطعن إلى المطعون ضدهم.
قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعويين المضمومتين (5548/ 40، 5243/ 41 ق) إلى محكمة القضاء الإداري لتفصل في موضوعهما مجدداً على النحو الوارد بالأسباب وإلزام المطعون ضده الأول المصاريف.
عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 15/ 2/ 1993 وتداولت نظره بالجلسات وبجلسة 16/ 8/ 1993 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) والتي نظرته بجلسة 28/ 11/ 1993 وبجلسة 16/ 1/ 1994 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 13/ 2/ 1994 تم مد أجل النطق بالحكم لجلسة 2/ 4/ 1994 تم لجلسة اليوم 8/ 5/ 94. وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 5548 لسنة 40 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 7/ 9/ 1986 طالبة الحكم بوقف تنفيذ ثم بإلغاء الحكم الملتمس فيه الصادر في الدعوى رقم 5082 لسنة 37 ق والقضاء بعدم قبول هذه الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد مع إلزام رافعها بمصروفاتها ومصروفات الدعوى الماثلة بصحيفة احتياطية بوقف تنفيذ ثم بإلغاء الحكم الملتمس فيه الصادر في الدعوى رقم 5082 لسنة 37 ق والقضاء برفض هذه الدعوى مع إلزام رافعها بمصروفاتها ومصروفات الدعوى الماثلة، وشرحت دعواها قائلة إنها فوجئت بصدور حكم محكمة القضاء الإداري بإلغاء الترخيص الصادر لها برقم 273 لسنة 81 من حي مصر القديمة والمعادي لإقامة وتشغيل مصنع حلوى بالعقار رقم 7 شارع 157 حدائق المعادي واتضح لها صدور ذلك الحكم بجلسة 24/ 4/ 1986 في الدعوى رقم 5082 لسنة 37 ق المرفوعة من المستشار/...... (المطعون ضده الأول) ضد محافظة القاهرة وحي مصر القديمة دون أن يختصمها في هذه الدعوى كما أنها لم تعلم بها حتى تتدخل فيها وإذ يتهددها تنفيذ الحكم المشار إليه بإلغاء الترخيص الصادر لصالحها فإنه يحق لها أن تقيم دعوى بالتماس إعادة النظر طبقاً لنص المادة 241 من قانون المرافعات وقد كان العمل يجرى من قبل على الطعن في ذلك الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بطريق اعتراض الخارج عن الخصومة غير أن المحكمة المذكورة عدلت عن هذا المبدأ وقضت بعدم قبول الطعن في هذه الحالة وعلى صاحب الشأن أن يسلك طريق التماس إعادة النظر تأسيساً على أن قانون المرافعات ألغى طريق اعتراض الخارج عن الخصومة وجعله حالة من حالات التماس إعادة النظر وذكرت بأنها قد حصلت بتاريخ 15/ 12/ 1981 من حي مصر القديمة والمعادي على الترخيص رقم 273 لسنة 1981 لإقامة وتشغيل مصنع حلوى من عجين بالعقار رقم 7 شارع 157 حدائق المعادي بعد موافقة كل من المجلس التنفيذي والمجلس المحلي في 4/ 2/ 81، 24/ 3/ 1981 على التوالي ثم اتضح أن المدعي في الدعوى رقم 5082/ 37 ق أسس طلبه على أن فتح وإدارة المخبز قد ترتب عليها حدوث ضجيج وسخونة وانبعاث روائح والخوف على النفس والمال والصحة وبأن الترخيص صدر بفتح محل في منطقة غير جائز فتحه بها طبقاً لشرائط التقسيم والبناء.
وأقامت المدعية أسباب التماس إعادة النظر على ما يلي: أصلياً: الدعوى رقم 5082/ 37 ق مرفوعة بعد الميعاد إذ أن المدعي فيها تظلم طالباً إلغاء الترخيص في 18/ 5/ 1983 ولم يقم دعواه إلا في 10/ 8/ 1983 أي بعد فوات أكثر من 120 يوماً على تاريخ تقديم التظلم وكان على المحكمة أن تقضي بعدم قبول الدعوى شكلاً غير أن المحكمة حورت طلبات المدعي تحويراً متعسفاً فذهبت إلى أنه يستهدف إلغاء القرار السلبي بامتناع جهة الإدارة عن إلغاء الترخيص رغم أن الأمر يتعلق بالطعن على قرار إداري إيجابي بإصدار الرخصة وأن الحكم قد استقر وفق التكييف بزعم أن جهة الإدارة سلكت مسلكاً إيجابياً في بحث شكواه وغفل الحكم عن أن المحكمة الإدارية العليا قضت في أكثر من حكم بأن بحث التظلم لا يشكل المسلك الإيجابي الذي يبيح لصاحب الشأن عدم رفع الدعوى في الميعاد. احتياطياً: فإن الحكم الطعين لا يستند إلى أساس سليم من القانون إذ أن المنطقة التي تقع بها العمارة رقم 7 شارع 157 بحدائق المعادي لم يعد محظوراً فتح محلات تجارية وصناعية بها يؤكد ذلك موافقة المجلس المحلي والتنفيذي على إصدار الترخيص وطبقاً للقانون رقم 453 لسنة 1954 يتم الإعفاء من بعض الاشتراطات المتعلقة بالموقع عن طريق سلطات الحكم المحلي وليس الوزير وقد غفل الحكم عن تبين أن سلطات الوزير قد آلت إلى الحكم المحلي.
ومن ناحية أخرى فقد سبق للطاعنة أن أقامت الدعوى رقم 2229 لسنة 1986 مستعجلة القاهرة أمام محكمة الأمور المستعجلة بالقاهرة الدائرة الأولى بموجب عريضة مودعة قلم كتاب تلك المحكمة بتاريخ 6/ 8/ 1986 طالبة الحكم بقبول هذا الإشكال شكلاً وفي الموضوع بإيقاف تنفيذ الحكم المستشكل في تنفيذه مع إلزام المستشكل ضدهم بالمصروفات والأتعاب وقضت المحكمة المذكورة بجلسة 20/ 6/ 1987 في مادة تنفيذ وقتية بعدم اختصاصها ولائياً وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة حيث قيدت لدى المحكمة الأخيرة برقم 5243 لسنة 41 ق، وشرحت المدعية تلك الدعوى بأن المستشكل ضده الأول (المطعون ضده الأول) قد استصدر من محكمة القضاء الإداري حكماً في الدعوى رقم 5082/ 37 ق بإلغاء القرار المطعون فيه على النحو السالف بيانه. وذكرت المدعية أنها تضار من تنفيذ هذا الحكم لمساسه بحقوقها المكتسبة مما يحق لها الاستشكال في تنفيذه للأسباب الآتية: أولاً: صدر الحكم المستشكل في تنفيذ دون اختصام المستشكلة وهي صاحبة المصلحة الوحيدة في الدفاع عن القرار المطعون فيه وصدر الحكم في غيبتها ولم تتح لها فرصة الحضور للدفاع عن القرار المطعون فيه ومن ثم فلا حجية للحكم المستشكل في تنفيذه قبل المستشكلة لعدم اختصامها أمام المحكمة التي أصدرته، ثانياً: سبق طرح هذا النزاع على القضاء في الدعوى رقم 2036/ 85 مستعجل القاهرة وقضت فيه محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بجلسة 1/ 4/ 1986 بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الإشكال وإحالته إلى محكمة القضاء الإداري ولم يتم تحديد جلسة لنظره أمامها. ثالثاً: أن الحكم لم يصبح باتاً للطعن عليه من المستشكلة أمام المحكمة الإدارية العليا باعتبارها من الخارجين عن الخصومة وهو ما يحق للمدعية أن تطلب وقف تنفيذه لحين الفصل في الطعن نظراً لما في التنفيذين مساس بحقوقها المكتسبة: رابعاً: أن المصنع المملوك للمستشكلة الصادر بشأنه الحكم المستشكل في تنفيذه قد صدرت بشأنه رخصة وزارة الإسكان رقم 150/ 2/ 463 بتشغيله وذلك في 15/ 12/ 1981 بعد موافقة كل من المجلس التنفيذي بمحافظة القاهرة والمجلس المحلي ووكيل وزارة الإسكان ثم صدر ترخيص الإدارة العامة للمنشآت الفندقية والسياحية بتشغيل هذا المصنع برقم 634 في 21/ 4/ 1982 وصدرت تلك التراخيص بعد استيفاء كافة الشرائط القانونية ومن ثم فإن الترخيص الصادر للموضوع يكون قد صدر وفقاً للإجراءات المقررة قانوناً وبعد توافر الاشتراطات العامة والخاصة المقررة قانوناً ومتى كانت المستشكلة لم تختصم أثناء نظر الطعن الصادر بشأن الحكم المستشكل في تنفيذه، كما أن تنفيذ ذلك الحكم من شأنه المساس بحقوق المستشكلة وأموالها كما وأنه أصبح غير بات بعد الطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا ويترتب على تنفيذه نتائج يتعذر تداركها فإنه يحق لها طلب الحكم بوقف تنفيذ الحكم المستشكل فيه.
وقد نظرت محكمة القضاء الإداري الدعوى رقم 5548/ 40 ق بجلسة 25/ 12/ 1986، كما نظرت الدعوى رقم 5243/ 41 ق بجلسة 3/ 12/ 1987 وقررت بالجلسة الأخيرة ضم الدعوى رقم 5548/ 40 ق إلى الدعوى رقم 5243/ 41 ق ليصدر فيهما حكم واحد بجلسة 21/ 4/ 1988 وبها صدر قاضياً في الدعوى رقم 5548/ 40 ق بعدم قبول الالتماس وفي الدعوى رقم 5243/ 41 ق برفض الإشكال وإلزام المدعية المصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة للدعوى الأولى على أن مفاد نصوص المواد 54 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، 241 و243 من قانون المرافعات المدنية والتجارية أن التماس إعادة النظر هو طريق غير عادي في الأحكام النهائية أمام ذات المحكمة التي أصدرت الحكم لأسباب نص عليها في قانون المرافعات على سبيل الحصر والذي أوجب أن تتضمن صحيفة الالتماس على بيان الحكم الملتمس فيه وتاريخه فضلاً عن أسباب الالتماس التي يجب أن تكون من الأسباب الواردة على سبيل الحصر في المادة 241 سالفة الذكر وإلا كانت صحيفة الالتماس غير مقبولة وينبني على ذلك أن الطاعن يتقدم بما ذكره في صحيفة الالتماس دون أن يكون له الحق في إضافة أسباب جديدة بالمرافعة باعتبار أن التماس إعادة النظر هو طريق طعن غير عادي على الأحكام كذلك فقد أوجب القانون على رافع الالتماس في حالة ما إذا كان قد بني الالتماس على السببين المذكورين في البندين السابع والثامن من المادة 241 سالفة الذكر أن يودع خزانة المحكمة مبلغ عشرة جنيهات على سبيل الكفالة فإذا قدمت صحيفة الالتماس دون إرفاق ما يثبت تمام هذا الإيداع كان على قلم الكتاب عدم قبول صحيفة الالتماس، وباستعراف الأسباب التي عليها المدعية التماسها في صحيفة الدعوى يبين أنها لا تعدو أن تكون طعناً في الحكم الصادر في الدعوى رقم 5082/ 37 ق بجلسة 24/ 4/ 1986 لعلل موضوعية دون أن تتدرج تحت أي من الأسباب المبررة قانوناً لالتماس إعادة النظر في الأحكام كما حددتها المادة 241 من قانون المرافعات ولا وجه للاعتداد بما ذكرته المدعية في مذكراتها بأن الالتماس يؤسس على البند الثامن من المادة 241 سالفة البيان باعتبار أن الحكم الملتمس فيه قد صدر في دعوى لم تختصم فيها وأن المحكمة الإدارية العليا قد اتجهت إلى عدم قبول الطعن بطريق اعتراض الخارج عن الخصومة بعد أن جعله قانون المرافعات حالة من حالات التماس إعادة النظر وبأنه تم الإشارة إلى ذلك في صحيفة الالتماس فذلك مردود بخلو صحيفة الالتماس من بيان السبب الذي تقرر المدعية بأنها تستند إليه في التماس إعادة النظر أو الأسس التي تقوم عليها على نحو ما ورد في البند الثامن من المادة 241 كذلك فإن مجرد الإشارة في صحيفة الدعوى إلى أحقية المدعية في رفع الالتماس بإعادة النظر طبقاً للنص السالف لصدور الحكم الملتمس فيه في خصومة لم تكن ممثلة فيها لا يفيد في تضمين صحيفة الدعوى سبب الالتماس وحتى أنه بفرض التسليم بصحة ما تدعيه من أن صحيفة الدعوى قد تضمنت السبب الثامن الذي تقيم عليه الالتماس بإعادة النظر منذ كان عليها أرفاق ما يفيد إيداع الكفالة المنصوص عليها بالمادة 243 من قانون المرافعات إلى قلم الكتاب عند إيداع صحيفة الدعوى وهو ما خلت من الأوراق، ووفقاً لما تقدم جميعه فإنه وقد خلت صحيفة الالتماس من بيان الأسباب المبررة قانوناً لالتماس إعادة النظر كما حددتها المادة 241 مرافعات فمن ثم يتعين الحكم بعدم قبول الالتماس في الدعوى رقم 5548/ 40 ق وإلزام المدعية مصروفاتها.
وبالنسبة للدعوى رقم 5243/ 41 ق ولما كان المستفاد من نص المادتين 275/ 312 من قانون المرافعات المدنية والتجارية أن المنازعات المتعلقة بالتنفيذ تتعلق بتنفيذ الحكم المستشكل في تنفيذه وما إذا كان ذلك التنفيذ صحيحاً أو باطلاً أو جائزاً أو غير جائز ومن ثم فإن مناط الحكم في هذه المنازعات إنما يبنى على اعتبارات وأسباب تتصل بتوافر الشروط والأوضاع الواجبة قانوناً للتنفيذ أو عدم توافرها والتي يحددها قانون المرافعات ومن ثم فإن الإشكال في تنفيذ الحكم لا جدوى منه إلا إذا كان مبيناً على وقائع لاحقة على صدور الحكم الحاصل التنفيذ بمقتضاه أما إذا كان مبنياً على وقائع سابقة على الحكم، وفصل فيها فإن حجيته تحول دون إعادة طرحها على القضاء إلا بطريق من طرق الطعن في الأحكام التي ينص عليها القانون ومتى كان الواضح من الأوراق أن المدعية تستشكل في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة في الدعوى رقم 5082/ 37 بجلسة 24/ 4/ 1986 ولم يبن الإشكال على وقائع لاحقة على صدوره تتعلق بالتنفيذ أو تخلف الشروط التي يجوز معها التنفيذ أو الاستمرار فيه وبالتالي فليس هناك ما يحول دون تنفيذه أما ما استندت إليه المدعية بأنه لا حجية للحكم المستشكل في تنفيذه قبلها لعدم اختصاصها باعتبارها صاحبة المصلحة الوحيدة في الدفاع عن القرار الطعون فيه فإن ذلك مردود بما هو مستقر عليه بأن أحكام الإلغاء يحتج بها على الكافة وإن هذه الحجية تحول دون طرح النزاع على القضاء إلا بطريق الطعن عليه ومن ثم فإن الدعوى تفتقر إلى الأساس القانوني السليم مما يتعين معه الحكم برفضها وإلزام المدعية المصروفات.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، فقد خالف الحكم الواقع وبالتالي خالف القانون لتجاهله الثابت بصحيفة الالتماس عندما زعم الحكم على خلاف الحقيقة أنها خلت من تحديد إحدى الحالات التي تجيز الالتماس، كما خالف القانون حينما خلط الحكم بين حالة الالتماس وبين أسباب الطعن على الحكم الملتمس فيه. فقد ذكرت المدعية في صحيفة الدعوى ص1 أنها مهددة بتنفيذ حكم بإلغاء الترخيص الصادر لصالحها مع أن هذا الحكم صدر في خصومة لم تكن ممثلة فيها ومن ثم يحق لها أن تقيم دعوى بالتماس إعادة النظر طبقاً لنص المادة 241 من قانون المرافعات...... إلخ وهو ما يندرج تحت الحالة الثامنة التي أوردها قانون المرافعات بالمادة 241 والخاصة بمن كان خارجاً عن الخصومة، وإذا كانت الملتمسة بعد أن أوضحت حالة الالتماس التي تتوافر في أي حقها على ما سلف بيانه فلا تثريب عليها أن هي أوردت دفاعها الموضوعي أي أسباب الطعن في الحكم الملتمس فيه لأن ذلك هو هدف دعوى الالتماس وهو مفاد صراحة من نص المادتين 245، 247 من قانون المرافعات والحكم المطعون فيه قد خلط بين حالة الالتماس وبين أسباب الطعن على الحكم الملتمس فيه، وتجاهل حقيقة راسخة وهي أن صحيفة الالتماس أوضحت الحالة التي تبرر رفع دعوى الالتماس فكان يجب قبول الالتماس ثم التصدي للطلبات الموضوعية.
كما أخطأ في تطبيق القانون وتأويله حين استلزم من الملتمسة دفع الكفالة المنصوص عليها في المادة 243 من قانون المرافعات ولما كانت قد قامت بدفع المبالغ التي قدرها قلم الكتاب ولم يكن من بينها الكفالة المشار إليها فالمحكمة تحمل الملتمسة خطأ قلم الكتاب، فضلاً عن لائحة الرسوم أمام محاكم مجلس الدولة لم يرد بها إشارة إلى الكفالة سالفة الإشارة والإحالة الواردة في المادة 51 من قانون مجلس الدولة رقم 47/ 1972 بمراعاة المواعيد والأحوال المنصوص عليها في قانون المرافعات بالنسبة لالتماس إعادة النظر لا تشمل الكفالة الواردة في المادة 243، كما أن عدم استكمال الرسم ليس جزاءه عدم قبول الدعوى. كما أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ حينما غفل عن أن استشكالات التنفيذ يمكن أن ترفع ممن ينتمي إلى الغير ولو لم تنصب على وقائع لاحقة على الحكم المستشكل فيه فالمعروف فقهاً وقضاء أن إشكالات التنفيذ شرعت لمواجهة ثلاث حالات: ( أ ) إذا كان ثمة وقائع لاحقة على صدور الحكم المستشكل فيه من شأنها تبرير وقف تنفيذ الحكم أو وقف الاستمرار في التنفيذ (ب) حالة انعدام الحكم المستشكل فيه (جـ) غير أنه توجد حالة ثالثة هي حالة ما إذا كان هذا المستشكل شخص لم يكن ممثلاً في الدعوى التي صدر فيها الحكم المراد تنفيذه وكان هذا التنفيذ يمس مصالحة فحينئذ يقضي القاضي بوقف التنفيذ بالنسبة إلى المستشكل لأنه لم يكن طرفاً في الحكم المستشكل فيه. والحالة الثالثة هي التي استندت إليها الطاعنة في إشكالها السالف بيانه، وخلصت الطاعنة إلى طلباتها في الطعن.
ومن حيث إن المادة (51) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 تنص على أنه: "يجوز الطعن في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري..... بطريق التماس إعادة النظر في المواعيد والأحوال المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية أو قانون الإجراءات الجنائية حسب الأحوال وذلك بما لا يتعارض مع طبيعة المنازعة المنظورة أمام هذه المحاكم..." وتنص المادة 241 من قانون المرافعات المدنية والتجارية على أنه للخصوم أن يلتمسوا إعادة النظر في الأحكام الصادرة بصفة نهائية في الأحوال الآتية: 1 -....... 2 -........ 3 -........ 4 -....... 5 -........ 6 -....... 7 -...... 8 - لمن يعتبر الحكم الصادر في الدعوى حجة عليه ولم يكن قد أدخل أو تدخل فيها بشرط إثبات غش من كان يمثله أو تواطئه أو إهماله الجسيم.
ومن حيث إن قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر به القانون رقم 13 لسنة 1968 ألغي طريق الطعن في الأحكام بطريق اعتراض الخارج عن الخصومة الذي نظمه القانون القائم قبله في المادة 450 وأضاف حالة اعتراض من يعتبر الحكم الصادر في الدعوى حجة ولم يكن قد أدخل أو تدخل فيها (مادة 450/ 1) إلى أوجه التماس إعادة النظر لما أورده في مذكرته الإيضاحية من أنها حقيقتها ليست حالة من حالات اعتراض الخارج عن الخصومة وإنما في تظلم من حكم من شخص يعتبر ممثلاً في الخصومة وأن لم يكن خصماً طاهراً فيها فيكون التظلم من الحكم أقرب إلى الالتماس في هذه الحالة منه إلى الاعتراض. وجعل المشرع بدء الميعاد في الحالة الجديدة التي أضيفت كفقرة ثامنة للمادة 124 من اليوم الذي ظهر فيه الغش أو التواطؤ أو الإهمال الجسيم وذلك ليحقق هذا النص حماية المحكوم عليه حماية فعلية (م 242 من المشروع) وبهذا يكون هذا القانون - أي قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1968 - قد ألغى طريق الطعن في أحكام القضاء الإداري أمام المحكمة الإدارية العليا من قبل الغير ممن لم يكونوا خصوماً في الدعوى التي صدر فيها أو دخلوا أو تدخلوا فيها ممن يتعدى أثر هذا الحكم إليهم إذ أن ذلك أصبح وجهاً من وجوه التماس إعادة النظر في أحكام محكمة القضاء الإداري وفقاً لما تنص عليها المادة (51) من قانون مجلس الدولة سالفة البيان في المواعيد والأحوال التي نص عليها قانون المرافعات وبما لا يتعارض مع طبيعة المنازعة المنظورة أمام هذه المحكمة.
ومن حيث إن التماس إعادة النظر كطريق طعن خاص في الأحكام النهائية يرفع إلى نفس المحكمة التي أصدرتها ويرمي إلى معالجة ما يرد في هذه الأحكام من خطأ في تقدير الوقائع إذا كان هذا الخطأ قد أدى إلى التأثير في قرار القاضي بحيث ما كان يصدر على النحو الذي صدر به لو لم يقع في هذا الخطأ ويجب لالتماس إعادة النظر فضلاً عن توافر الخسارة لدى الطاعن، أن يوجد عيب من العيوب التي تنص عليها القانون، ولأن التماس إعادة النظر طريق طعن غير عادي، فهذه العيوب واردة في القانون على سبيل الحصر. وإذا كان البند (8) من المادة (241) سالفة البيان وحسبما توحي ظاهر صياغة عباراته بأنها جاءت غير متفقة مع بعضها البعض حيث بدأت هذه الفقرة بما يوحي أن
الطاعن يجب أن يكون من الغير لأنها اشترطت استبعاد حدود التدخل أو الاختصام في الإجراءات بالنسبة لهذا الشخص وهما نظامان خاصان بالغير وليس بالخصوم. ولكنها بعد ذلك اشترطت إثبات غش ممثل هذا الشخص أو تواطؤه أو إهماله الجسيم وهذا يدل على أن الطاعن طرفاً ممثلاً في الخصومة وليس من الغير وهو ما يوحي بالتناقض، ولكن الحقيقة أن نظام التدخل والاختصام لا يسري على الغير فقط بل أيضاً على من كان طرفاً في الحكم المطعون فيه ذلك أن لفظ التدخل أو الاختصام لا يعني في كل الأحوال أنه يقصر على الغير إلا إذا جاء متبوعاً بكلمة الغير، فيقال اختصام أو تدخل الغير أما إذا جاء دون ذلك فلا يعني اختصام أو تدخل شخص من الغير وإنما يعني إدخال من كان طرفاً في الحكم المطعون فيه كمثال ما ورد بنص المادتين 295 و260 من قانون المرافعات، ومن ثم فإن لفظ أدخل أو تدخل الواردة في الفقرة الثامنة من المادة 241 مرافعات إنما ينصرف إلى شخص كان ممثلاً في الخصومة وليس من الغير لأن الغير هو كل من لم يكن طرفاً ولا ممثلاً في الخصومة وبالتالي فليس هناك ثمة تعارض بين عبارات الفقرة الثامنة سالفة الذكر فالوقع أن التماس إعادة النظر كطريق للطعن في الأحكام يجب ألا يقبل ممن كان طرفاً في الخصومة أو ممثلاً فيها وهو ما تنطق به عبارات البند الثامن من المادة 241 مرافعات، وإذا كان استلزام أن يكون الملتمس أقام التماسه على البند الثامن المشار إليه أن يكون طرفاً أو ممثلاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم المتلمس فيه - إذا كان ذلك لازماً أمام القضاء العادي فإنه ألزم بالنسبة لدعاوى الإلغاء ذلك أن الطبيعة العينية لهذه الدعوى تتأبى على الأخذ بطريق الطعن بالتماس إعادة النظر أمام المحكمة التي أصدرت الحكم من شخص لم يكن ممثلاً في تلك الدعوى وذلك بالنظر إلى أن المادة (52) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن: "تسري في شأن جميع الأحكام القرار الخاصة بقوة الشيء المحكوم فيه على أن الأحكام الصادرة بالإلغاء تكون حجة على الكافة..." ذلك أن الخصومة في دعوى الإلغاء هي خصومة عينية مناطها رقابة شرعية القرار الإداري في ذاته بميزان القانون فإما أن يسفر الفحص عن شرعيته فترفض الدعوى أو تتقرر عدم مشروعيته فيحكم بإلغائه والحكم الحكم الصادر بالإلغاء يعدمه في ذاته فينقضي ذات وجوده ويزول بالنسبة لكل الناس من كان قد صدر لصالحه أو ضده من أفاده ومن أضر به من طعن عليه ومن لم يطعن عليه من كان طرفاً في دعوى مهاجمة القرار ومن لم يكن وأياً كانت الأسباب التي استندت إليها مهاجمته ولهذا كان الحكم بالإلغاء حجة على الكافة لأنه يقوم على تقرير عدم مشروعية القرار من حيث هو في ذاته بغض النظر عن المصالح التي يمسها نفعاً وضرراً فيما أن الحكم الصادر في دعوى غير دعوى الإلغاء يصدر في خصومة ذاتية تتعلق بمصالح أطرافه فتكون له حجية نسبية مقصورة على هذه الأطراف وإذا كان مؤدى الحجية المطلقة لحكم الإلغاء سريانه في مواجهة كافة الناس سواء في ذلك من طعن على القرار المقضي بإلغائه ومن لم يطعن عليه فقصر هذه الحجية على من كان طرفاً في دعوى لها حجته دون من لم يكن طرفاً أو ممثلاً فيها هو حد لإطلاق الحجية لا يجوز إلا استناداً إلى نص صريح في القانون الذي قرر الحجية المطلقة صدوراً عن عينية الطعن فليست العبرة بمصلحة من تمكن أو مكن من الدفاع عن هذه المصلحة بالطعن على القرار أو بطلب رفض الطعن عليه، وإنما العبرة في جوهر الأمر وحقيقته بمطابقة القرار للقانون هذا أمر لا يتأثر فحصه إلا بحكم القانون فهو معياره الوحيد ومناطه الذي لا يختلف باختلاف المصالح المتعارضة في القرار لمن يطبق في شأنهم أو يسري عليهم، فمتى كان محل رقابة القرار فحص مشروعيته ومعيارها مطابقته للقانون فلا عبره بأوجه الدفاع التي تعرض أو تبحث، إذا يقوم عمل القاضي على دقيق تطبيق صحيح القانون تطبيقاً موضوعياً على القرار بحيث لا يتأثر بأي أمر خارج عن ذلك، ويتحتم أمام هذه الحجية المطلقة الناشئة عن عينية الخصومة الالتفات عن أي اعتراض على الحكم الصادر في دعوى الإلغاء ممن لم يكن طرفاً فيها إذ من شأن ذلك جحد هذه الحجية المطلقة وقلبها نسبية بقصرها على أطراف الدعوى وحدهم حين يكون لكل خارج عن الخصومة الأصلية ولم يكن طرفاً أو ممثلاً فيها الطعن على الحكم الصادر فيها أمام محكمة الطعن عند علمه اليقيني الحكم الصادر فيها، خاصة وأن ذلك يتيح تسلسل الطعن إلى غير نهاية تبعد وأصحاب المصالح التي يمسها القرار المطعون فيه إيجاباً أو سلباً، فيضيف إلى فقد الحجية المطلقة عدم الاستقرار المطلق للقرار والاستقرار اعتبار قانوني يقوم على أساسه تنظيم الطعن وتحديد أمده وليس اعتباراً عملياً فقط بل إن هذه التسلسل يتوخى اعتبارات العدالة ذاتها.
ومن حيث إن دعوى الإلغاء يوجهه إلى القرار الإداري ذاته والخصم الحقيقي فيها هو الجهة الإدارية التي أصدرته، أما قبول الخصم الثالث أثناء نظر الدعوى متى توافرت له مصلحة فلا يغير من هذا الموضوع في شيء ولا تزال الجهة الإدارية هي الخصم الحقيقي، والخصم الثالث إنما يتدخل منضماً إليها حتى إذا ما قضى بإلغاء القرار اعتبرت الإدارة هي التي خسرت الدعوى، فتلتزم بالمصروفات. وتكلف بتنفيذ الحكم ولا شأن للخصم الثالث في شيء من ذلك، وإنما يلزم المتدخل في الخصومة بالمصروفات إذا كانت له طلبات مستقلة وحكم بعدم قبول تدخله أو برفض طلباته، ولا يعد كذلك المتدخل في دعوى الإلغاء فليست له طلبات مستقلة ولا يقضي عليه بالمصروفات. ومن جاز له التدخل أثناء نظر الدعوى منضماً للإدارة لا تمثله جهة الإدارة في دعوى الإلغاء بل هي تمثل نفسها باعتبارها صاحبة الشأن فهي وحدها التي أصدرت القرار موضوع الطعن والقول - في الفرض الجدلي المحض - بأن الإدارة تمثل خصماً غير ظاهر يواجه صعوبة عملية تتمثل في كيفية حساب ميعاد تقديم الالتماس والذي يبدأ في البند الثامن المشار إليه من اليوم الذي ظهر فيه الغش أو التواطؤ أو الإهمال الجسيم.
ومن حيث إن مبنى الطعن تأسيس التماس إعادة النظر على البند الثامن من المادة 241 من قانون المرافعات والخاص بمن يعتبر الحكم الصادر في الدعوى حجة عليه ولم يكن قد أدخل أو تدخل فيها بشرط إثبات غش من كان يمثله أو تواطئه أو إهماله الجسيم، وإذ لم تكن الطاعنة طرفاً في دعوى الإلغاء برقم 5082 لسنة 37 ق المطعون بالتماس إعادة النظر في الحكم الصادر فيها ولا تمثها جهة الإدارة في هذه الدعوى ومن ثم يتعين عدم قبول التماس إعادة النظر المقدم منها بالدعوى رقم 5548 لسنة 40 ق وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى ذات النتيجة وإن ارتكن على أسباب أخرى إلا أنه يغدو متفقاً وصحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه في هذا الخصوص غير قائم على سنده من أحكام القانون جديراً بالرفض.
ومن حيث إنه عن وجه الطعن الخاص بأن الحكم أخطأ حينما أغفل أن إشكالات التنفيذ يمكن أن ترفع من شخص لم يكن ممثلاً في الدعوى التي صدر فيها الحكم المراد تنفيذه وكان هذا التنفيذ يمس مصالحة فحينئذ يقضي القاضي بوقف التنفيذ بالنسبة إلى المستشكل لأنه لم يكن طرفاً في الحكم المستشكل فيه وهي الحالة التي استندت إليها الطاعنة في إشكالها السالف بيانه، ولما كانت منازعات التنفيذ الوقتية أو ما يعرف بإشكالات التنفيذ هي الدعوى التي ترفع إلى القضاء ويطلب فيها الحكم بإجراء وقتي إلى حين الفصل في موضوع المنازعة. ذلك أنه إذا انتظر الخصم إلى حين الفصل في موضوع منازعته فقد يصيبه ضرر لا يستطيع تداركه، ويمكن للخصم أن يطلب إجراء وقتياً في كل حالة يكون لديه منازعة موضوعية وإذا كانت عبارة المادة 312 من قانون المرافعات قد أتت بصيغة عامة بما يفيد أن للغير أن يرفع إشكالاً وقتياً إلا أن هذه الحالة تنفيذ كذلك بضرورة أن يكون المطلوب إجراء وقتياً كالحكم بوقف التنفيذ مؤقتاً إلى حين الفصل في موضوع النزاع أو الحكم باستمرار التنفيذ، ولما كان الثابت مما سلف بيانه أن هذه المحكمة قضت بعدم قبول طعن الطاعنة على الحكم الصادر بعدم قبول التماسها إعادة النظر في الدعوى الموضوعية ومن ثم لا يكون ثمة نزاع موضوعي تستهدف الطاعنة وقف تنفيذ الحكم الصادر فيه بالإشكال في التنفيذ ومن ثم فإن إشكال التنفيذ المقام من الطاعنة أمام محكمة القضاء الإداري يغدو قائماً وحده وبالتالي فهو لا ينصب على إجراء وقتي بل يستحيل إلى طلب فصل في موضوع النزاع وهو ما لم تشرع من أجله إشكالاً التنفيذ الوقتية ومن ثم يتعين رفض الإشكال في التنفيذ وهو ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه لأسباب أخرى ومن ثم يغدو الحكم قائماً على صحيح سنده من القانون ويكون الطعن عليه على غير أساس جديراً بالرفض ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعنة المصروفات.


(1) راجع الحكم الصادر بجلسة 19/ 7/ 1992 في الطعن 116 لسنة 34 ق.

الطعن 622 لسنة 16 ق جلسة 23 / 12 / 1973 إدارية عليا مكتب فني 19 ق 30 ص 70

جلسة 23 من ديسمبر سنة 1973

برياسة السيد الأستاذ المستشار حسنين رفعت - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة أحمد فؤاد أبو العيون ومحمد فهمي طاهر وأحمد سعد الدين قمحه ويوسف شلبي يوسف - المستشارين.

----------------

(30)

القضية رقم 622 لسنة 16 القضائية

معاش 

- عدم جواز الجمع بين المعاش والمرتب في الشركات التي تساهم فيها الدولة - القانون رقم 77 لسنة 1962 التكييف القانوني لرؤساء وأعضاء مجالس إدارة الشركات التي تساهم فيها الدولة اعتبارهم من العاملين بهذه الشركات - خضوعهم لقاعدة حظر الجمع بين المعاش والمرتب - صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 1636 لسنة 1965 بتصحيح ما تم صرفه عن الفترة السابقة على أول نوفمبر سنة 1964 - حكمه يقتصر على التجاوز عن استرداد ما صرف للعامل ولا يمتد إلى رد ما سبق تحصيله منه - أساس ذلك - مثال:

-----------------
يبين من استعراض الوقائع المتعلقة بالدعوى الماثلة والنصوص التشريعية أنه صدر في 25 من مارس سنة 1962 القانون رقم 77 لسنة 1962 في شأن عدم جواز الجمع بين مرتب الوظيفة في الشركات التي تساهم فيها الدولة وبين المعاش المستحق قبل التعيين فيها ناصاً في مادته الأولى على "أنه لا يجوز الجمع بين مرتب الوظيفة في الشركات التي تساهم فيها الدولة وبين المعاش المستحق من الحكومة أو المؤسسات العامة قبل التعيين في هذه الشركات ومع ذلك يجوز لمجلس إدارة الشركة - بعد موافقة وزير الخزانة أن يقرر الجمع بين المعاش والمرتب الذي يتقاضاه الموظف عند التعيين في الشركة - فإذا جاوز مجموع المعاش والمرتب ما كان يتقاضاه الموظف عند اعتزاله الخدمة وكان هذا المجموع يزيد على مائة جنيه في الشهر أو كان سن الموظف قد جاوز عند تعيينه في الشركة سن الثانية والستين فيصدر القرار المشار إليه من رئيس الجمهورية......" - ونصت المادة الثانية على أن تسري أحكام هذا القانون على موظفي الشركات الموجودين وقت العمل به.
وقد ثار الخلاف حول تكييف المركز القانوني لرؤساء وأعضاء مجالس إدارة الشركات التي تساهم فيها الدولة وهل يعتبرون من العاملين بالشركة فتسري عليهم قاعدة عدم الجمع بين المعاش والمرتب إلا بموافقة الجهة المختصة أم أنهم ليسوا كذلك فلا تسري عليهم هذه القاعدة وقد جرى العمل على اعتبارهم من غير العاملين بالشركات ومن ثم جمعوا بين معاشاتهم ومرتباتهم دون حاجة إلى ترخيص إلى أن صدر القرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962 بلائحة العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة فعرض الموضوع على الجمعية العمومية للقسم الاستشاري للفتوى والتشريع بمجلس الدولة ورأت أن التعيين في عضوية مجلس الإدارة يقتضي التفرغ الكامل بحيث يكون نشاط العضو خالصاً لمجلس الإدارة والهيئة التي يقوم عليها المجلس وبهذه المثابة يعتبر أعضاء مجالس الإدارة من الموظفين الذين يخضعون لنظام العاملين بالشركات وبناء على هذه الفتوى أوقف صرف معاشاتهم اعتباراً من أول نوفمبر سنة 1964 وقامت الجهات الإدارية بمطالبتهم برد ما حصلوا عليه من معاشات دون وجه حق، ولكن نظراً لأن هذه المعاشات قد صرفت إليهم دون سعي من جانبهم وأن المبالغ الواجب استردادها كانت بالضخامة بحيث ينوء بأعبائها كأهلهم وتؤثر تأثيراً بالغاً في أمور معيشتهم لذلك رفعت وزارة الخزانة إلى رئيس الجمهورية مذكرة مؤرخة 24 من يناير سنة 1965 طلبت فيها للاعتبارات السابقة الموافقة على إقرار ما تم من جمع بين المعاش والمرتب في الفترة السابقة على تاريخ وقف صرف المعاش وصدر القرار الجمهوري رقم 1636 لسنة 1965 في 7 من يونيه سنة 1965 نص في المادة الأولى منه على أن يعتبر صحيحاً ما تم من جمع رؤساء مجالس الإدارة وأعضائها المتفرغين في المؤسسات والهيئات والشركات التي تساهم فيها الحكومة بين مرتب الوظيفة والمعاش المستحق قبل التعيين بها عن الفترات الآتية:
1 - ........ 2 - ........ 3 - عن الفترة السابقة على أول نوفمبر سنة 1964 بالنسبة لأعضاء مجالس الإدارة المتفرغين في المؤسسات والهيئات العامة والشركات التي تساهم فيها الحكومة ونص في المادة الثانية منه على أنه لا تصرف فروق مالية عن الفترة السابقة على تاريخ العمل بهذا القرار".
ومن حيث إن الأصل طبقاً لأحكام القانون رقم 77 لسنة 1962 المشار إليه هو حظر الجمع بين مرتب الوظيفة في الشركات التي تساهم فيها الدولة وبين المعاش المستحق من الحكومة أو المؤسسات العامة قبل التعيين في هذه الشركات إلا أنه يجوز استثناء من هذا الأصل أن تستصدر الشركة ترخيصاً بهذا الجمع من وزير الخزانة إذا كان مجموع المعاش والمرتب لا يزيد على مائة جنيه فإذا زاد على ذلك أو كان سن الموظف قد جاوز عند تعيينه في الشركة الثانية والستين فيصدر هذا الترخيص بقرار من رئيس الجمهورية. ولما كان المدعي قد تقاضى معاشاً من وزارة الحربية عن مدة خدمته السابقة فيها كضابط بالقوات المسلحة ثم عين بعد ذلك عضواً منتدباً بمجلس إدارة شركة مصر لأعمال الاسمنت المسلح التابعة للمؤسسة المصرية العامة لمقاولات الأعمال المدنية في إبريل سنة 1962، ولم يصدر ترخيص له في الجمع بين معاشه والمرتب الذي يتقاضاه من الشركة فإن المبالغ التي حصل عليها كمعاش خلال الفترة من تاريخ تعيينه بالشركة حتى 31 من أكتوبر سنة 1964 تكون قد صرفت إليه دون وجه حق ويتعين لذلك ردها إلى وزارة الحربية، لأن مقتضى عدم الترخيص له في الجمع بين المرتب والمعاش أن يوقف صرف المعاش إليه فوراً وبقوة القانون، ومن ثم فإن ما قامت به الشركة من سداد المبالغ المشار إليها إلى إدارة التأمينات والمعاشات بالقوات المسلحة بالخصم من مستحقات المدعي لدى الشركة يكون تصرفاً سليماً ومطابقاً للقانون.
ومن حيث إنه إذا كان القرار الجمهوري رقم 1636 لسنة 1965 قد نص في مادته الأولى على أن يعتبر صحيحاً ما تم من جمع أعضاء مجالس إدارة الشركات التي تساهم فيها الحكومة بين مرتب الوظيفة والمعاش المستحق لهم قبل التعيين بها عن الفترة السابقة على أول نوفمبر سنة 1964 فإن ما أضفاه هذا القرار من مشروعية على الجمع الذي تم خطأ بالمخالفة لأحكام القانون رقم 77 لسنة 1962، إنما ورد على سبيل الاستثناء وللفترة الواردة به، ومن ثم يكون ما أورده في المادة الثانية منه من قيد هو عدم التزام الجهة الإدارية بصرف فروق مالية عن الفترة السابقة على تاريخ العمل به لا يعني - في التفسير السليم - سوى عدم استرداد ما سبق تحصيله من هؤلاء الأعضاء قبل العمل بهذا القرار، وذلك إعمالاً لمقتضى نص هذه المادة، فضلاً عن أن القرار المذكور إنما صدر في الحقيقة ليواجه المبالغ التي كانت لا تزال في ذمتهم نتيجة لهذا الجمع الخاطئ، وذلك ليرفع عن كاهلهم عبء سدادها مستقبلاً كي يتلافى ما قد يصيبهم من اضطراب في حياتهم المعيشية، وهي الحكمة التي أفصحت عنها مذكرة وزير الخزانة التي على أساسها صدر هذا القرار، أما ما تم تحصيله فعلاً منهم قبل العمل به فإنه لا يجوز رده إليهم لانتفاء هذه الحكمة.
ومن حيث إنه لا وجه بعد ذلك لما أثاره المدعي من أن ما استهدفته المادة الثانية هو الحيلولة دون أن يطالب من لم يجمع بصرف معاش له بعد تصحيح الجمع الخاطئ بالنسبة لمن جمعوا فعلاً - لا وجه لذلك لأن القرار الجمهوري سالف الذكر قد صدر في الحقيقة ليواجه فقط حالة من جمعوا فعلاً وتقاضوا المعاش، وذلك بغية تخفيف العبء عن كاهلهم في حدود ما لم يتم تحصيله منهم، أما من لم يجمعوا فالقرار لا يخاطبهم أو يعنيهم، ومن ثم لا يسري عليهم، إذ لم تتحقق في شأنهم الحكمة التي تغياها المشرع من إصدار هذا القرار - كما أنه ليس صحيحاً استناد المدعي إلى نص المادة 182 من القانون المدني بقوله بأن الالتزام بالرد بعد أن تحقق سببه بالجمع الخاطئ قد زال هذا السبب بإقرار هذا الجمع واعتبره صحيحاً، وبالتالي فإن ما حصل منه أصبح غير مستحق ويكون له الحق في طلب رده إليه - إذ أن القرار الجمهوري حينما نص في المادة الثانية على عدم صرف فروق مالية عن الماضي يكون قد أقر ما سبق تحصيله قبل العمل بهذا القرار واعتبره وفاء صحيحاً قام سببه تنفيذاً لأحكام القانون رقم 77 لسنة 1962 ومن ثم لا يجوز استرداده.
ومن حيث إن الثابت أن الشركة التي يعمل بها المدعي قد قامت بسداد مبلغ 346/ 1430 جنيهاً إلى وزارة الحربية، وهو عبارة عن المعاش الذي سبق أن تقاضاه دون وجه حق، وقد تم هذا السداد في 22 من ديسمبر سنة 1964 و28 من فبراير سنة 1965، أي قبل العمل بالقرار الجمهوري رقم 1636 لسنة 1965 الصادر في 7 من يونيه سنة 1965، وعلى ذلك فإن طلب المدعي رد هذا المبلغ إليه يكون غير قائم على أساس سليم من القانون. وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض دعواه يكون قد صادف الصواب، ويتعين لذلك القضاء برفض الطعن مع إلزام الطاعن بالمصروفات.