جلسة 28 من يناير سنة 2018
برئاسة السيد القاضي/ عبد الله عمر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة
القضاة/ أحمد فتحي المزين، محمد حسن عبد اللطيف، حاتم أحمد سنوسي ومحمود محمد
توفيق نواب رئيس المحكمة.
----------------
(18)
الطعن رقم 5199 لسنة 86 القضائية
(1 - 3) قضاة "مسئولية القضاة"
"دعوى المخاصمة" "إيداع الكفالة عند التقرير بالمخاصمة".
(1) نيابة النقض ذات طبيعة خاصة وتتبع محكمة
النقض ولا يعد عضو النيابة مبدي الرأي في الطعن بالنقض عضوا في الهيئة التي أصدرت
الحكم فيه. أثره. تسري على أعضائها الإجراءات التي تسري على مخاصمة قضاة محكمة
النقض. مؤداه. وجوب إيداع كفالة مستقلة له عند التقرير بالمخاصمة. علة ذلك. موضوع
المخاصمة بالنسبة له وأعضاء الهيئة المخاصمين قابل للتجزئة. المواد 263/ 2، 494/
1، 495/ 2 مرافعات وم 24 ق 46 لسنة 1972.
(2) دعوى المخاصمة. أساسها
القانوني المسئولية الشخصية للقاضي أو عضو النيابة فيما يتعلق بأعمال وظيفتيهما.
مؤدى ذلك. عدم جواز مساءلة وزير العدل عن أعمال لم تصدر منه شخصيا. علة ذلك. تبعية
القضاة له تبعية إدارية لا تدخل في نطاق التبعية التضمينية التي يسأل فيها المتبوع
عن أعمال تابعه. أثره. عدم اشتراط إيداع كفالة بالنسبة له في دعوى المخاصمة لقبول
اختصامه.
(3) الأصل عدم مسئولية
القاضي عما يصدر منه من تصرفات أثناء عمله. الاستثناء. حالاته. م 494 مرافعات.
الخطأ المهني الجسيم. ماهيته. تحميل القاضي لفهم الواقع في الدعوى وتقديره للأدلة
والمستندات فيها واستنباط الحلول القانونية للمسألة المطروحة عليه ولو بالمخالفة
لأحكام القضاء أو إجماع الفقهاء. خروجه عن دائرة الخطأ.
(4 ، 5) إيجار "تشريعات إيجار الأماكن:
الأجرة في ظل تشريعات إيجار الأماكن: ميعاد استحقاقها" "أسباب الإخلاء:
الإخلاء لتكرار التأخير في الوفاء بالأجرة: الوفاء بطريق العرض والإيداع".
(4) إيداع المستأجر الأجرة المستحقة للمؤجر
خزينة العوائد أو الوحدة المحلية المختصة. وجوب إخطاره المؤجر طبقا للإجراءات
والمواعيد المنصوص عليها في م 27 ق 49 لسنة 1977. حق المستأجر في سلوك طريق العرض
والإيداع المعتاد. العرض الحقيقي. حصوله بإعلان الدائن على يد محضر. م 487/ 1
مرافعات. قبول الدائن للمبلغ المعروض واستلامه إياه. مبرئ لذمته.
(5) الوفاء بالأجرة بعد إقامة الدعوى
اللاحقة. لا يحول دون توافر التكرار. مناطه. أن تكون تلك الدعوى قد أقيمت بعد
انقضاء الموعد المحدد للوفاء بالأجرة الوارد بنص م 27 ق 49 لسنة 1977. أثره.
اعتداد الحكم بإنذار عرض وإيداع الأجرة من أنه مبرئ لذمة المستأجر من دين الأجرة
المتأخرة وفي خلال الميعاد الذي أتاحته المادة 27 ق 47 لسنة 1977 للمستأجر. صحيح.
(6) دعوى "نظر الدعوى أمام المحكمة:
الخصوم في الدعوى: انعقاد الخصومة".
الخصومة لا تنعقد إلا بين الأحياء. مؤداه. انعدامها وعدم ترتيبها أثرا
في مواجهة الخصم المتوفى.
(7) نقض "نظر الطعن أمام محكمة النقض".
الدعوى تعتبر مهيأة للحكم أمام محكمة النقض بعد استيفاء جميع
الإجراءات من إيداع المذكرات وتبادلها بين الطرفين. وفاة الطاعن بعد ذلك. لا أثر
له. (مثال: انعقاد الخصومة صحيحة بإيداع صحيفة الطعن وإعلانها للمخاصمين وإيداعهما
مذكرة بدفاعهما وتهيئ الطعن للفصل فيه قبل وفاة الطاعن).
(8) حكم "بيانات الحكم: أسماء الخصوم
وصفاتهم".
النقص أو الخطأ في أسماء الخصوم وصفاتهم الذي لا يشكك في حقيقة الخصم
واتصاله بالخصومة. لا بطلان. علة ذلك. (مثال بشأن خطأ الحكم بإيراد اسم المخاصم
الثاني في ديباجة الحكم محل المخاصمة).
(9 ، 10) مسئولية "من صور المسئولية
التقصيرية: المسئولية عن إساءة استعمال حق التقاضي".
(9) حق التقاضي والإبلاغ والشكوى. من الحقوق
المباحة. مؤدى ذلك. عدم مسئولية من يلج أبواب القضاء تمسكا بحق أو زودا عنه.
الاستثناء. انحرافه عن الحق المباح إلى اللدد في الخصومة والعنت مع وضوح الحق بقصد
الإضرار. سريانه على المخاصم فيما له من حق في التعويض عن دعوى المخاصمة. م 499/ 1
مرافعات و3، 4 مدني.
(10) مخاصمة الطاعنين المطعون ضدهم بتقرير
ومذكرة دفاع ضمناها أعمالهم في القضية محل المخاصمة اعتقادا منهما ارتكابهم خطأ
مهنيا جسيما في حقهم دون المساس بهيبتهم وكرامتهم. مؤداه. استعمالهما الحق المكفول
في التقاضي. أثره. انتفاء أركان المسئولية التقصيرية الموجبة للتعويض.
--------------------
1 - النص في المادة 24 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972
والمستبدلة بالقانون رقم 35 لسنة 1984، وفي المادتين 263/ 2 و494/ 1 من قانون
المرافعات المعدلة أولاهما بالقانون 76 لسنة 2007 يدل على أن نيابة النقض نيابة
عامة مستقلة ذات طبيعة خاصة بحكم الاختصاصات المخولة لها قانونا، ولا يعد عضو
النيابة الذي أبدى رأيه في الطعن بالنقض - وهذا الرأي غير ملزم للمحكمة - عضوا في
الهيئة التي أصدرت الحكم فيه وتتبع محكمة النقض ويجوز مخاصمة أعضائها، ولئن كان
قانون المرافعات قد نظم إجراءات مخاصمة أعضاء النيابة العامة التابعين للسيد
النائب العام، إلا أنه قد خلا من تنظيم لكيفية مخاصمة أعضاء تلك النيابة،
ولتبعيتها لمحكمة النقض فإنه يسري على أعضائها الإجراءات التي تسري على مخاصمة
السادة قضاة محكمة النقض، وكان النص في المادة 495/ 2 من قانون المرافعات المعدلة
بالقانون رقم 18 لسنة 1999 قد أوجبت على رافع دعوى المخاصمة أن يودع عند التقرير
في قلم الكتاب مبلغ خمسمائة جنيه على سبيل الكفالة، وكان البين من الأوراق أن
المخاصمين لم يودعا سوى كفالة واحدة للمخاصمين من الأول حتى الخامس - السادة أعضاء
الهيئة - وكان يتعين إيداع "كفالة مستقلة بالنسبة للمخاصم السادس - السيد
رئيس نيابة النقض -، وكان موضوع المخاصمة بالنسبة له والسادة أعضاء الهيئة
المخاصمين يقبل التجزئة لاختلاف أسباب المخاصمة لكل منهما، ذلك أن الخطأ المهني
الجسيم المنسوب لعضو النيابة مبدي الرأي في الطعن محل المخاصمة تعلق باستبعاده
لمذكرتي المخاصمين المقدمتين في الطعن لتقديمهما بعد الميعاد حسبما ارتآه، ومن ثم
فإن دعوى المخاصمة بالنسبة له - دون باقي المخاصمين - تكون غير مقبولة.
2 - دعوى المخاصمة تستند في أساسها القانوني
إلى المسئولية الشخصية للقاضي أو عضو النيابة فيما يتعلق بأعمال وظيفتهما، وكان
اختصامه (المخاصم الأخير وزير العدل بصفته) لا يستند إلى وقوعه في خطأ مهني جسيم
بسبب أعمال وظيفته ولكن يدخل في نطاق التبعية التضامنية التي يسأل فيها المتبوع عن
أعمال تابعه، إذ لا تقوم هذه التبعية إلا في جانب الدولة التي يمثلها السيد وزير
العدل باعتباره الرئيس الإداري المسئول عن أعمال الوزارة وعن إداراتها، ومن ثم لا
يشترط لقبول اختصاصه - أيا كان وجه الرأي في اختصامه باعتباره مسئولا بصفته أو غير
مسئول - في دعوى المخاصمة إيداع كفالة وفقا لنص المادة 495/ 2 المشار إليه.
3 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الأصل
هو عدم مسئولية القاضي عما يصدر منه من تصرف أثناء عمله لأنه يستعمل في ذلك حقا
خوله له القانون وترك له سلطة التقدير فيه، ولكن المشرع رأى أن يقرر مسئوليته على
سبيل الاستثناء إذا انحرف عن واجبات وظيفته وأساء استعمالها، فنص في المادة 494 من
قانون المرافعات على أحوال معينة أوردها على سبيل الحصر ومن بينها إذا وقع منه خطأ
مهني جسيم، وهو الخطأ الذي يرتكبه القاضي لوقوعه في غلط فاضح ما كان ليساق إليه لو
اهتم بواجباته الاهتمام العادي أو لإهماله في عمله إهمالا مفرطا مما وصفته المذكرة
الإيضاحية لقانون المرافعات السابق بالخطأ الفاحش الذي لا ينبغي أن يتردى فيه بحيث
لا يفرق هذا الخطأ في جسامته عن الغش سوى كونه أتى بحسن نية، فيخرج عن هذا الخطأ
تحصيل القاضي لفهم الواقع في الدعوى وتقديره للأدلة والمستندات فيها وكل رأي أو
تطبيق قانوني يخلص إليه بعد إمعان النظر والاجتهاد في استنباط الحلول القانونية
للمسألة المطروحة عليه ولو خالف في ذلك أحكام القضاء أو إجماع الفقهاء.
4 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن النص
في المادة 27 من القانون رقم 49 لسنة 1977 قد أتاح للمستأجر قبل مضي خمسة عشر يوما
من تاريخ استحقاق الأجرة أن يخطر المؤجر بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول بأن
يتسلم منه الأجرة خلال أسبوع، فإذا انقضى هذا الأجل ولم يتسلمها، كان له أن يودعها
خلال الأسبوع الثاني ودون رسوم خزانة مأمورية العوائد المختصة أو خزينة الوحدة
المحلية الواقع في دائرتها العقار بالنسبة للمدن والقرى التي لا توجد بها مأموريات
عوائد، وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن المشرع وإن رسم بموجب النص المشار إليه طريقا
ميسرا لقيام المستأجر بسداد الأجرة التي يمتنع المؤجر عن تسلمها، إلا أنه لم يسلب
المستأجر حقه في سلوك سبيل الطريق المعتاد لعرض وإيداع الأجرة متى توافرت شرائطه
المقررة، وكان مفاد نص المادة 487/ 1 من قانون المرافعات أن العرض الحقيقي يحصل
بإعلان الدائن على يد محضر ويشتمل محضر العرض على بيان الشيء المعروض وشروط العرض
وقبول المعروض أو رفضه، فإذا قبل الدائن العرض واستلم المبلغ المعروض، اعتبر ذلك
وفاء مبرئا للذمة من المبلغ المعروض.
5 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه ولئن
كان الوفاء بالأجرة بعد إقامة الدعوى اللاحقة لا يحول دون توافر التكرار، إلا أن
مناط ذلك أن تكون الدعوى قد أقيمت بعد انقضاء الموعد المحدد لسداد الأجرة على
النحو المتقدم بنص المادة 27 من القانون 49 لسنة 1977، فإذا تعجل المؤجر في رفع
دعواه قبل انتهاء هذا الموعد، فلا يجاب إلى طلب الإخلاء متى ثبت قيام المستأجر
بالسداد خلال ذلك الميعاد ولو كان ذلك بعد إقامة الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم
محل المخاصمة قد اعتنق هذا النظر واعتد بإنذار عرض وإيداع الأجرة المؤرخ 15/ 1/
2011 - وبما له من سلطة تقدير هذا الإنذار - من أنه مبرء لذمة المستأجر من دين
الأجرة المتأخرة والمستحقة عليه عن شهر يناير 2011 وفي خلال الميعاد الذي أتاحته
المادة 27 من القانون 49 لسنة 1977 للمستأجر في الوفاء بالأجرة المتأخرة عليه،
فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ويضحى النعي عليه بأوجه النعي على غير أساس.
6 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن
الخصومة لا تنعقد إلا بين أشخاص موجودين على قيد الحياة، ومن ثم فإنها بالنسبة
للخصم المتوفى تكون معدومة ولا ترتب أثرا.
7 - المقرر - في قضاء محكمة النقض – أن وفاة
أحد طرفي الخصومة بعد أن تكون الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها لا يمنع من الحكم
فيه، والدعوى تعتبر مهيأة للحكم أمام محكمة النقض على مقتضى النص في المادة 258
مرافعات بعد استيفاء جميع إجراءات الدعوى من إيداع المذكرات وتبادلها بين الطرفين.
لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن صحيفة الطعن بالنقض رقم ... لسنة 82 قضائية
- محل المخاصمة - أودعت في 1/ 10/ 2012 وأعلن بها المخاصمان في 13/ 10/ 2012
وأودعا في 24/ 10/ 2012 مذكرة بدفاعهما قبل وفاة الطاعن في 21/ 12/ 2012، فإن
الخصومة في الطعن تكون قد انعقدت صحيحة مبرأة من قالة الانعدام، كما أن الطعن قد
تهيأ للفصل فيه قبل حدوث الوفاة، فلا على الهيئة المخاصمة إن هي مضت في السير في نظر
الطعن وأصدرت حكمها فيه، ويضحى النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
8 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن النقص
أو الخطأ في أسماء الخصوم وصفاتهم الذي لا يكون من شأنه التشكيك في حقيقة الخصم
واتصاله بالخصومة المرددة في الدعوى، لا يعتبر نقصا أو خطأ جسيما يترتب عليه
البطلان، وكان الخطأ في اسم المخاصم الثاني في ديباجة الحكم محل المخاصمة على
النحو الوارد بوجه المخاصمة ليس من شأنه التشكيك في حقيقة اتصاله بالخصومة المرددة
في الطعن، ومن ثم فإنه لا يعتبر خطأ جسيما مما قصدت المادة 178 من قانون المرافعات
أن ترتب البطلان عليه، ويضحى النعي بهذا الشق على غير أساس، وكان ما تمسك به
المخاصمان بالشق الثاني من هذا الوجه بشأن إثبات حضورهما بمحاضر الجلسات أمام
الهيئة المخاصمة غير مؤثر في النتيجة التي انتهى إليها الحكم محل المخاصمة، فإنه
وأيا كان وجه الرأي فيه يكون غير منتج.
9 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه وإن
كان المشرع قد خص السادة القضاة وأعضاء النيابة بإجراءات حددها لمخاصمتهم ضمنها
مواد الباب الثاني من الكتاب الثالث من قانون المرافعات، ونص في المادة 499/ 1 منه
على أنه "إذا قضت المحكمة بعدم جواز المخاصمة أو رفضها حكمت على الطالب
بغرامة لا تقل عن ... ولا تزيد على ... وبمصادرة الكفالة مع التعويضات إن كان لها
وجه ..." إلا أنه لم مع يخرج فيما رخصه للمخاصم من حق في التعويض عن تلك
القواعد العامة الواردة في المادتين الرابعة والخامسة من القانون المدني اللتين
قررتا أن من استعمل حقه استعمالا مشروعا لا يكون مسئولا عما ينشأ عن ذلك من ضرر
بالغير، وأن استعمال الحق يكون غير مشروع إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير وهو
ما يتحقق بانتفاء كل مصلحة من استعمال الحق، وأن حق التقاضي وحق الإبلاغ وحق
الشكوى من الحقوق المباحة للأشخاص واستعمالها لا يدعو إلى مساءلة طالما لم ينحرف
به صاحب الحق ابتغاء مضارة للمبلغ ضده، ولا يسأل من يلج أبواب القضاء تمسكا بحق
يدعيه لنفسه أو زودا عن هذا الحق إلا إذا ثبت انحرافه عنه إلى اللدد في الخصومة
والعنت مع وضوح الحق ابتغاء الإضرار بالخصم.
10 - إذ كان الثابت من تقرير المخاصمة
ومذكرتي دفاع المخاصمين أنهما ساقا عباراتهما بما لا يمس هيبة السادة المخاصمين -
بل حرصا عليها بما فيهم السيد رئيس الهيئة المخاصم الأول - أو كرامتهم، وإنما قاما
بسرد تصرفاتهم في الطعن محل المخاصمة على نحو ما اعتقدا أنه يمثل خطأ مهنيا جسيما
في حقهم، ومن ثم يكونا قد استعملا حقهما المكفول في التقاضي بما تنتفي معه أركان
المسئولية التقصيرية الموجبة للتعويض.
------------
الوقائع
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الأوراق - تتحصل في أن المخاصمين
أقاما دعوى المخاصمة المطروحة بتقرير في قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 4/ 4/ 2016
يختصمان فيها الدائرة المدنية والتجارية بمحكمة النقض والمشكلة من السادة القضاة
نواب رئيس المحكمة ... رئيسا، ...، ...، ... والسيد القاضي/ ... أعضاء الذين
أصدروا في 6 أبريل 2013 حكما في الطعن بالنقض رقم ... لسنة 82 قضائية بنقض الحكم
المطعون فيه وفي موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى، وذلك بطلب
الحكم بقبول المخاصمة وبطلان الحكم الصادر في الطعن رقم ... لسنة 82 قضائية وإلزام
السادة المخاصمين بالتساوي فيما بينهم متضامنين مع المخاصم الأخير - بصفته - أن
يؤدوا لهما واحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت، وأرفقا بتقرير المخاصمة
توكيلا خاصا صادرا من المخاصم الثاني للمخاصم الأول - والأخير عن نفسه - وست حوافظ
مستندات، على سند من أنهما أقاما الدعوى رقم ... لسنة 2011 إيجارات شبين الكوم الابتدائية
بطلب الحكم بإخلاء العين المبينة بالصحيفة والتسليم، على سند من أنه بموجب عقد
الإيجار المؤرخ 4/ 10/ 1964 يستأجر ... تلك العين، إلا أنه تأخر في الوفاء بأجرة
شهر يناير 2011 وقد سبق له التأخير في الوفاء بها والثابت بالحكم الصادر في الدعوى
رقم ... لسنة 2008 إيجارات شبين الكوم الابتدائية والذي توقى فيها الحكم بالإخلاء
بالسداد، حكمت المحكمة بالطلبات. استأنف المستأجر هذا الحكم بالاستئناف رقم ...
لسنة 44 قضائية طنطا "مأمورية شبين الكوم"، قضت المحكمة بالتأييد. طعن
في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم ... لسنة 82 قضائية، وبتاريخ 6/ 4/ 2013 نقضت
الهيئة المخاصمة الحكم المطعون فيه وحكمت في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم
المستأنف وبرفض الدعوى، وهذا الحكم هو محل دعوى المخاصمة استنادا إلى وقوع
المخاصمين في خطأ مهني جسيم، أودعت النيابة مذكرة أبدت فيها رأيها برفض الدعوى وتغريم
المخاصمين، عرضت الدعوى على هذه المحكمة فحددت جلسة لنظرها في غرفة مشورة وحضر
المخاصمان والمخاصم الأول والذي ادعى فرعيا بطلب التعويض عما أصابه من أضرار مادية
وأدبية، كما أودع مذكرتين بالرد على أوجه المخاصمة انتهى فيهما إلى طلب الحكم بعدم
جواز المخاصمة وفي الدعوى الفرعية بإلزام المخاصمين بأن يؤديا له تعويضا مؤقتا
مقداره مائة وعشرة ألف جنيه، كما أودع المخاصم الخامس مذكرة بالرد على أوجه
المخاصمة انضم فيها للمخاصم الأول طالبا الحكم بعدم قبول الدعوى، كما قدم
المخاصمان مذكرتي دفاع صمما فيهما على طلباتهما والحكم برفض الدعوى الفرعية،
والتزمت النيابة رأيها.
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي
المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
وحيث إن مبنى الدفع من المخاصم الأول بعدم جواز المخاصمة استنادا إلى
أن المخاصمين خاصما الهيئة مصدرة الحكم محل دعوى المخاصمة وسددا كفالة واحدة - وهي
لا تتعدد بتعدد أعضاء تلك الهيئة - ولكن كان يتعين سداد كفالة مستقلة لكل من السيد
عضو النيابة - المخاصم السادس - والسيد وزير العدل المخاصم الأخير - بصفته -، لا سيما
وأن أسباب المخاصمة بالنسبة لهما تختلف عن أسباب المخاصمة المتعلقة بالسادة أعضاء
الهيئة المخاصمين.
وحيث إن هذا الدفع بالنسبة للمخاصم السادس السيد رئيس نيابة النقض
فيما يخص عدم إيداع كفالة بالنسبة له في محله، ذلك أن النص في المادة 24 من قانون
السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 والمستبدلة بالقانون رقم 35 لسنة 1984 على أنه
"تنشأ لدى محكمة النقض نيابة عامة مستقلة تقوم بأداء وظيفة النيابة العامة
لدى محكمة النقض ويكون لها بناء على طلب المحكمة حضور مداولات الدوائر المدنية
والتجارية والأحوال الشخصية دون أن يكون لممثلها صوت معدود في المداولات
..."، وفي المادة 263/ 2 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون 76 لسنة 2007
على أنه "على النيابة أن تودع مذكرة برأيها في أقرب وقت مراعية في ذلك ترتيب
الطعون في السجل ما لم تر الجمعية العمومية لمحكمة النقض تقديم نظر أنواع من
الطعون قبل دورها" وفي المادة 494/ 1 من قانون المرافعات على أنه "تجوز
مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة في الأحوال الآتية: 1- إذا وقع من القاضي أو عضو
النيابة في عملهما غش أو تدليس أو غدر أو خطأ مهني جسيم" يدل على أن نيابة
النقض نيابة عامة مستقلة ذات طبيعة خاصة بحكم الاختصاصات المخولة لها قانونا، ولا
يعد عضو النيابة الذي أبدى رأيه في الطعن بالنقض - وهذا الرأي غير ملزم للمحكمة -
عضوا في الهيئة التي أصدرت الحكم فيه وتتبع محكمة النقض ويجوز مخاصمة أعضائها،
ولئن كان قانون المرافعات قد نظم إجراءات مخاصمة أعضاء النيابة العامة التابعين
للسيد النائب العام، إلا أنه قد خلا من تنظيم لكيفية مخاصمة أعضاء تلك النيابة،
ولتبعيتها لمحكمة النقض فإنه يسري على أعضائها الإجراءات التي تسري على مخاصمة
السادة قضاة محكمة النقض، وكان النص في المادة 495/ 2 من قانون المرافعات المعدلة
بالقانون رقم 18 لسنة 1999 قد أوجبت على رافع دعوى المخاصمة أن يودع عند التقرير
في قلم الكتاب مبلغ خمسمائة جنيه على سبيل الكفالة، وكان البين من الأوراق أن
المخاصمين لم يودعا سوى كفالة واحدة للمخاصمين من الأول حتى الخامس - السادة أعضاء
الهيئة - وكان يتعين إيداع كفالة مستقلة بالنسبة للمخاصم السادس - السيد رئيس
نيابة النقض -، وكان موضوع المخاصمة بالنسبة له والسادة أعضاء الهيئة المخاصمين
يقبل التجزئة لاختلاف أسباب المخاصمة لكل منهما، ذلك أن الخطأ المهني الجسيم
المنسوب لعضو النيابة مبدي الرأي في الطعن محل المخاصمة تعلق باستبعاده لمذكرتي
المخاصمين المقدمتين في الطعن لتقديمهما بعد الميعاد حسبما ارتآه، ومن ثم فإن دعوى
المخاصمة بالنسبة له - دون باقي المخاصمين - تكون غير مقبولة.
وحيث إنه بالنسبة للمخاصم الأخير السيد وزير العدل - بصفته - فإن
الدفع بعدم جواز مخاصمته لعدم إيداع كفالة بالنسبة له في غير محله، ذلك أن دعوى
المخاصمة تستند في أساسها القانوني إلى المسئولية الشخصية للقاضي أو عضو النيابة
فيما يتعلق بأعمال وظيفتهما، وكان اختصامه لا يستند إلى وقوعه في خطأ مهني جسيم
بسبب أعمال وظيفته ولكن يدخل في نطاق التبعية التضامنية التي يسأل فيها المتبوع عن
أعمال تابعه، إذ لا تقوم هذه التبعية إلا في جانب الدولة التي يمثلها السيد وزير
العدل باعتباره الرئيس الإداري المسئول عن أعمال الوزارة وعن إداراتها، ومن ثم لا
يشترط لقبول اختصامه - أيا كان وجه الرأي في اختصامه باعتباره مسئولا بصفته أو غير
مسئول - في دعوى المخاصمة إيداع كفالة وفقا لنص المادة 495/ 2 المشار إليه.
وحيث إن المخاصمين يستندان في تقرير مخاصمتهما للسادة القضاة الخمسة
الأول على سبب واحد من ستة أوجه ينعيان بها وقوعهم في خطأ مهني جسيم، وفي بيان
الأوجه الثلاثة الأول يقولان: إنهما أقاما الدعوى رقم ... لسنة 2011 إيجارات شبين
الكوم الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء العين المؤجرة لتأخير المستأجر في سداد أجرة
شهر يناير 2011 وقد سبق له التأخير والثابت بحكم نهائي، حكمت المحكمة بالإخلاء
وتأيد هذا الحكم استئنافيا استنادا إلى أن سداد الأجرة المتأخرة لاحق على رفع
الدعوى، إلا أن الحكم الصادر من الهيئة المخاصمة في الطعن رقم ... لسنة 82 قضائية
بتاريخ 6/ 4/ 2013 قد انتهى في قضائه إلى نقض الحكم المطعون فيه وبإلغاء الحكم
المستأنف وبرفض الدعوى تأسيسا على قيام الطاعن بعرض الأجرة المتأخرة على المخاصمين
خلال الميعاد الوارد بالمادة 27 من القانون 49 لسنة 1977 بموجب إنذار عرض بتاريخ
15/ 1/ 2011 وأودع المبلغ خزينة المحكمة في 16/ 11/ 2011 مما يبرئ ذمة الطاعن
وأنهما تعجلا في رفع دعوى الإخلاء مما يمتنع معه القضاء به، وذلك بالمخالفة للحكم
الصادر من الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية في الطعن رقم ... لسنة 75
قضائية والذي أرسى مبدأ أن السداد اللاحق لرفع الدعوى بإيداع صحيفتها قلم الكتاب
موجب للإخلاء في دعوى الإخلاء للتكرار في التأخير في الوفاء بالأجرة، إذ إنهما
أودعا صحيفة دعوى الإخلاء بتاريخ 15/ 1/ 2011 الساعة 9.19 صباحا في حين أن إنذار
عرض الأجرة تم في ذات التاريخ الساعة 2 مساء أي أن السداد تم بعد رفع الدعوى، كما
أنه خالف مبادئ صادرة من دوائر أخرى والتي اشترطت أن يكون السداد المبرئ للذمة في
الأسبوع الأول من الشهر وهو المستفاد من نص المادة 27 آنفة البيان، فضلا عن أن
إجراءات العرض والإيداع للأجرة المتأخرة غير قانونية وغير مبرئة للذمة، مما يشكل
خطأ مهنيا جسيما في جانب السادة المخاصمين.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة
- أن الأصل هو عدم مسئولية القاضي عما يصدر منه من تصرف أثناء عمله لأنه يستعمل في
ذلك حقا خوله له القانون وترك له سلطة التقدير فيه، ولكن المشرع رأى أن يقرر
مسئوليته على سبيل الاستثناء إذا انحرف عن واجبات وظيفته وأساء استعمالها، فنص في
المادة 494 من قانون المرافعات على أحوال معينة أوردها على سبيل الحصر ومن بينها
إذا وقع منه خطأ مهني جسيم، وهو الخطأ الذي يرتكبه القاضي لوقوعه في غلط فاضح ما
كان ليساق إليه لو اهتم بواجباته الاهتمام العادي أو لإهماله في عمله إهمالا مفرطا
مما وصفته المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات السابق بالخطأ الفاحش الذي لا ينبغي
أن يتردى فيه بحيث لا يفرق هذا الخطأ في جسامته عن الغش سوى كونه أتى بحسن نية،
فيخرج عن هذا الخطأ تحصيل القاضي لفهم الواقع في الدعوى وتقديره للأدلة والمستندات
فيها وكل رأي أو تطبيق قانوني يخلص إليه بعد إمعان النظر والاجتهاد في استنباط
الحلول القانونية للمسألة المطروحة عليه ولو خالف في ذلك أحكام القضاء أو إجماع
الفقهاء، كما أنه من المقرر - أيضا - أن النص في المادة 27 من القانون رقم 49 لسنة
1977 قد أتاح للمستأجر قبل مضي خمسة عشر يوما من تاريخ استحقاق الأجرة أن يخطر
المؤجر بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول بأن يتسلم منه الأجرة خلال أسبوع، فإذا
انقضى هذا الأجل ولم يتسلمها، كان له أن يودعها خلال الأسبوع الثاني ودون رسوم
خزانة مأمورية العوائد المختصة أو خزينة الوحدة المحلية الواقع في دائرتها العقار
بالنسبة للمدن والقرى التي لا توجد بها مأموريات عوائد، وقد جرى قضاء هذه المحكمة
على أن المشرع وإن رسم بموجب النص المشار إليه طريقا ميسرا لقيام المستأجر بسداد
الأجرة التي يمتنع المؤجر عن تسلمها، إلا أنه لم يسلب المستأجر حقه في سلوك سبيل
الطريق المعتاد لعرض وإيداع الأجرة متى توافرت شرائطه المقررة، وكان مفاد نص
المادة 487/ 1 من قانون المرافعات أن العرض الحقيقي يحصل بإعلان الدائن على يد
محضر ويشتمل محضر العرض على بيان الشيء المعروض وشروط العرض وقبول المعروض أو
رفضه، فإذا قبل الدائن العرض واستلم المبلغ المعروض، اعتبر ذلك وفاء مبرئا للذمة
من المبلغ المعروض، وأنه ولئن كان الوفاء بالأجرة بعد إقامة الدعوى اللاحقة لا
يحول دون توافر التكرار، إلا أن مناط ذلك أن تكون الدعوى قد أقيمت بعد انقضاء
الموعد المحدد لسداد الأجرة على النحو المقدم بنص المادة 27 من القانون 49 لسنة
1977، فإذا تعجل المؤجر في رفع دعواه قبل انتهاء هذا الموعد، فلا يجاب إلى طلب
الإخلاء متى ثبت قيام المستأجر بالسداد خلال ذلك الميعاد ولو كان ذلك بعد إقامة
الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم محل المخاصمة قد اعتنق هذا النظر واعتد بإنذار
عرض وإيداع الأجرة المؤرخ 15/ 1/ 2011 - وبما له من سلطة تقدير هذا الإنذار - من
أنه مبرء لذمة المستأجر من دين الأجرة المتأخرة والمستحقة عليه عن شهر يناير 2011
وفي خلال الميعاد الذي أتاحته المادة 27 من القانون 49 لسنة 1977 للمستأجر في
الوفاء بالأجرة المتأخرة عليه، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ويضحى النعي عليه
بأوجه النعي على غير أساس.
وحيث إن المخاصمين يستندان بالوجه الرابع من سبب المخاصمة إلى وقوع
الهيئة المخاصمة في خطأ مهني جسيم استنادا إلى أنه أثناء تداول الطعن أمامها
وبجلسة 6/ 4/ 2013 حضر محام عن الطاعن وقرر بوفاته بتاريخ 21/ 12/ 2012 وقدم
الدليل على ذلك وطلب أجلا لتصحيح شكل الطعن، إلا أن الهيئة استمرت في نظره وأصدرت
حكمها محل المخاصمة رغم انعدام الخصومة في الطعن والتي يترتب عليه انعدام الحكم
الصادر فيها.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة -
أن الخصومة لا تنعقد إلا بين أشخاص موجودين على قيد الحياة، ومن ثم فإنها بالنسبة
للخصم المتوفى تكون معدومة ولا ترتب أثرا، كما أن المقرر - أيضا - أن وفاة أحد
طرفي الخصومة بعد أن تكون الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها لا يمنع من الحكم فيه،
والدعوى تعتبر مهيأة للحكم أمام محكمة النقض على مقتضى النص في المادة 258 مرافعات
بعد استيفاء جميع إجراءات الدعوى من إيداع المذكرات وتبادلها بين الطرفين. لما كان
ذلك، وكان البين من الأوراق أن صحيفة الطعن بالنقض رقم ... لسنة 82 قضائية - محل
المخاصمة - أودعت في 1/ 10/ 2012 وأعلن بها المخاصمان في 13/ 10/ 2012 وأودعا في
24/ 10/ 2012 مذكرة بدفاعهما قبل وفاة الطاعن في 21/ 12/ 2012، فإن الخصومة في الطعن
تكون قد انعقدت صحيحة مبرأة من قالة الانعدام، كما أن الطعن قد تهيأ للفصل فيه قبل
حدوث الوفاة، فلا على الهيئة المخاصمة إن هي مضت في السير في نظر الطعن وأصدرت
حكمها فيه، ويضحى النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن المخاصمين يستندان في الوجه الخامس من سبب المخاصمة إلى وقوع
الهيئة المخاصمة في خطأ مهني جسيم، وفي بيان ذلك يقولان: إن الثابت من ديباجة
الحكم محل المخاصمة أن اسم المطعون ضده الثاني ... في حين أن صحة اسمه ... حسبما
هو ثابت بجميع الأوراق، كما أنها أخطأت في إثبات حضورهما بمحاضر الجلسات ذلك أنهما
حضرا بمحام عنهما ولم يحضر المخاصم الأول سوى بالجلسة الأخيرة وحضر عن نفسه فقط
لكن أثبت بمحضر الجلسة حضوره عن نفسه وبصفته وكيلا عن المخاصم الثاني.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول غير سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء
هذه المحكمة - أن النقص أو الخطأ في أسماء الخصوم وصفاتهم الذي لا يكون من شأنه
التشكيك في حقيقة الخصم واتصاله بالخصومة المرددة في الدعوى، لا يعتبر نقصا أو خطأ
جسيما يترتب عليه البطلان، وكان الخطأ في اسم المخاصم الثاني في ديباجة الحكم محل
المخاصمة على النحو الوارد بوجه المخاصمة ليس من شأنه التشكيك في حقيقة اتصاله
بالخصومة المرددة في الطعن، ومن ثم فإنه لا يعتبر خطأ جسيما مما قصدت المادة 178
من قانون المرافعات أن ترتب البطلان عليه، ويضحى النعي بهذا الشق على غير أساس،
وكان ما تمسك به المخاصمان بالشق الثاني من هذا الوجه بشأن إثبات حضورهما بمحاضر
الجلسات أمام الهيئة المخاصمة غير مؤثر في النتيجة التي انتهى إليها الحكم محل
المخاصمة، فإنه وأيا كان وجه الرأي فيه يكون غير منتج.
وحيث إنه عن الوجه السادس من سبب المخاصمة فإنه يتعلق بالسيد رئيس
النيابة المخاصم السادس وقد انتهت المحكمة إلى عدم قبول دعوى المخاصمة بالنسبة له،
فإن ما ورد بهذا الوجه يكون غير مقبول.
ولما تقدم، يتعين القضاء بعدم جواز المخاصمة وبتغريم طالبي المخاصمة
مبلغ أربعة آلاف جنيه عملا بنص المادة 499 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون
رقم 76 لسنة 2007 مع مصادرة الكفالة المنصوص عليها في المادة 495/ 1 من قانون
المرافعات المعدلة بالقانون رقم 18 لسنة 1999، وهو ما يستتبع عدم التعرض لطلباتهم
بشأن التعويض.
وحيث إنه عن دعوى المخاصم الأول الفرعية وقد أقامها بموجب صحيفة أعلنت
للمخاصمين قانونا وقد حضرا بالجلسات أثناء تداول الدعوى في غرفة المشورة، فإنها
تكون مقبولة شكلا.
وحيث إنه وعن موضوعها، فإنه وإن كان المشرع قد خص السادة القضاة
وأعضاء النيابة بإجراءات حددها لمخاصمتهم ضمنها مواد الباب الثاني من الكتاب
الثالث من قانون المرافعات، ونص في المادة 499/ 1 منه على أنه "إذا قضت
المحكمة بعدم جواز المخاصمة أو رفضها حكمت على الطالب بغرامة لا تقل عن ... ولا
تزيد على ... وبمصادرة الكفالة مع التعويضات إن كان لها وجه ... "إلا أنه لم
يخرج فيما رخصه للمخاصم من حق في التعويض عن تلك القواعد العامة الواردة في
المادتين الرابعة والخامسة من القانون المدني اللتين قررتا أن من استعمل حقه
استعمالا مشروعا لا يكون مسئولا عما ينشأ عن ذلك من ضرر بالغير، وأن استعمال الحق
يكون غير مشروع إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير وهو ما يتحقق بانتفاء كل مصلحة
من استعمال الحق، وأن حق التقاضي وحق الإبلاغ وحق الشكوى من الحقوق المباحة
للأشخاص واستعمالها لا يدعون إلى مساءلة طالما لم ينحرف به صاحب الحق ابتغاء مضارة
للمبلغ ضده، ولا يسأل من يلج أبواب القضاء تمسكا بحق يدعيه لنفسه أو زودا عن هذا
الحق إلا إذا ثبت انحرافه عنه إلى اللدد في الخصومة والعنت مع وضوح الحق ابتغاء
الإضرار بالخصم.
وحيث إن الموضوع بالنسبة للدعوى الفرعية صالح للفصل فيه ولما تقدم،
وإذ كان الثابت من تقرير المخاصمة ومذكرتي دفاع المخاصمين أنهما ساقا عباراتهما
بما لا يمس هيبة السادة المخاصمين - بل حرصا عليها بما فيهم السيد رئيس الهيئة
المخاصم الأول - أو كرامتهم، وإنما قاما بسرد تصرفاتهم في الطعن محل المخاصمة على
نحو ما اعتقدا أنه يمثل خطأ مهنيا جسيما في حقهم، ومن ثم يكونا قد استعملا حقهما
المكفول في التقاضي بما تنتفي معه أركان المسئولية التقصيرية الموجبة للتعويض،
الأمر الذي يتعين معه رفض الدعوى الفرعية.