جلسة أول ديسمبر سنة 1952
برياسة حضرة رئيس المحكمة أحمد محمد حسن، وبحضور حضرات المستشارين إبراهيم خليل ومحمد أحمد غنيم وإسماعيل مجدى ومصطفى حسن.
-------------
(75)
القضية رقم 998 سنة 22 القضائية
تفتيش.
الخطأ في ذكر اسم المطلوب تفتيشه في الإذن. لا يبطل التفتيش.
الوقائع
اتهمت النيابة العمومية الطاعنتين بأنهما: أحرزتا جواهر مخدرة (أفيونا) في غير الأحوال المصرح بها قانونا, وطلبت عقابهما بالمواد 1و2و35/ 6ب و40و41و42و45 من القانون رقم 21 لسنة 1928. سمعت محكمة المخدرات الجزئية الدعوى, وأمامها دفعت المتهمتان ببطلان إذن التفتيش لتأسيسه على تحريات غير جدية, فأنهت سماع الدعوى, ثم قضت حضوريا أولا - برفض الدفع ببطلان التفتيش وبصحته. وثانيا - بحبس المتهمة الأولى ستة شهور مع الشغل والنفاذ وتغريمها ثلاثين جنيها والمصادرة عملا بالمواد 1 و2 و36 و40 و41 و45 من القانون رقم 21 لسنة 1928 وثالثا - بحبس المتهمة الثانية سنة واحدة مع الشغل والنفاذ وتغريمها مائتي جنيه والمصادرة وذلك عملا بالمواد المذكورة مع استبدال المادة 35/ 6ب بالمادة 36 من القانون رقم 21 لسنة 1928, فاستأنفتا هذا الحكم وطلبتا إلغاءه وبراءتهما مما هو منسوب إليهما, كما استأنفته النيابة طالبة تشديد العقوبة عليهما. ومحكمة مصر الابتدائية قضت برفضهما وتأييد الحكم المستأنف فطعنت المحكوم عليهما في الحكم الأخير بطريق النقض... الخ.
المحكمة
وحيث إن الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون: فبالنسبة إلى الطاعنة الأولى كان القبض عليها باطلا وكذلك التفتيش الذي تلاه: ذلك أن إذن النيابة إنما صدر بتفتيش منزل الطاعنة الثانية ودكانها ومن يوجد أثناء التفتيش, والطاعنة الأولى لم تكن بداخل الدكان وإنما كانت بالشارع فقبض عليها الضابط وأدخلها الدكان, أما بالنسبة إلى الطاعنة الثانية فقد كان إذن النيابة بالتفتيش باطلا: ذلك أنه صدر بتفتيش لواحظ عبد الرحمن في حين أن حقيقة اسم الطاعنة هو لواحظ أحمد البنداري مما مفاده قيام الإذن على تحريات غير جدية هذا إلى قصور الحكم في الأسباب؛ فقد دان الطاعنة الثانية بإحراز المخدر بناء على أنها صاحبة الدكان, وذلك دون أن يقيم دليلا على صلتها بالمخدر, وكان كل ما قاله أنها مالكة للدكان الذي وجد المخدر به, وهذا وحده لا يؤدي حتما إلى أنها صاحبة المخدر, خصوصا وأن الطاعنة الأولى كانت بالدكان وضبط معها مخدر ملفوف في ورق شفاف قال المحقق إنه مطابق لما ضبطه في الدكان مما لا يمكن معه القول بأن ملكية الدكان تستتبع حتما ملكية المخدر. ومما يؤيد قصور الحكم في هذا الاستدلال, أن السكين التي ضبطت بالدكان جاءت خلوا من المخدر, مما يقطع بأن المخدر كان دخيلا على الدكان. وتضيف الطاعنتان أن المحكمة الاستئنافية قد أخلت بحقهما في الدفاع, فقد نظرت الدعوى أمامها بجلسة 10 من أبريل سنة 1952, وكان محاميهما مشغولا أمام دائرة أخرى, فحضر عنه زميل وطلب التأجيل لحضوره, فلما رفضت المحكمة التأجيل, طلب الزميل حجز القضية للحكم مع التصريح بمذكرات, فقضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف دون أن تسأل المتهمتين عن التهمة أو تقول إنها رفضت طلب حجز القضية للحكم, أو تأمر بالمرافعة في الدعوى حتى يترافع الحاضر عن محامي الطاعنتين.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتحقق به جميع العناصر القانونية لجريمة إحراز المخدر التي دان الطاعنتين بها, واستند في ذلك إلى الأدلة والاعتبارات التي أوردها والتي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها, وتعرض لدفاع الطاعنتين ببطلان القبض والتفتيش والإذن الصادر بهما, ورد عليه بقوله: "إنه ثبت أن التفتيش وقع على نفس المقصود به إذ ثابت من طلب التفتيش تحديد المحل ونوع التجارة بالنسبة للمتهمة الثانية وثبت من شهادة الضابط سليمان نجيب أمام محكمة أول درجة تقديم المتهمة الأولى المخدر عندما أفهمها أنه سيقوم بتفتيشها" ولما كان ذلك, وكان إذن التفتيش كما هو ثابت بالحكم قد صدر بتفتيش الطاعنة الثانية وتفتيش مسكنها ومحل عملها ومن يوجد وقت التفتيش, كما كان الثابت من بيان الحكم للواقعة: "أن الضابط الذي قام بتنفيذ الإذن قد وجد بالمحل المأذون بتفتيشه الطاعنة الأولى وهى والدة الطاعنة الثانية جالسة على بابه فسألها عن ابنتها وعن المخدرات فأنكرت, ولما عرفت أن النية متجهة إلى تفتيشها أخرجت من صدرها لفافة من الورق الشفاف بها قطعة من الأفيون وأبدت أنها اشترتها بسبب مرضها" مما يجعل الطاعنة الأولى التي وجدها الضابط جالسة على باب الدكان وقت تفتيشه مشمولة بعبارة "من يوجد وقت التفتيش" ويكون تخليها عن المخدر واعترافها بحيازته لاستعمالها الشخصي نتيجة إجراء مشروع, ولما كان من المقرر أن الخطأ في اسم المطلوب تفتيشه لا يبطل التفتيش ما دام الحكم قد استظهر أن الذي حصل تفتيشه في الواقع هو بذاته المقصود بالإذن بالتفتيش - لما كان كل ذلك, وكان استخلاص الحكم المطعون فيه أن الطاعنة الثانية هى المحرزة للمادة المخدرة التي عثر عليها بدكانها عند التفتيش هو استخلاص سائغ تبرره الاعتبارات التي أوردها - فإن ما تنعاه الطاعنتان على الحكم من الخطأ في تطبيق القانون ومن القصور في التسبيب لا يكون في واقعة إلا جدلا في الموضوع ومناقشة في أدلة الدعوى مما لا يقبل أمام محكمة النقض. أما دعوى إخلال المحكمة بحقها في الدفاع, فإنها مردودة بما أورده الحكم من أن المحكمة قد أعطت الدفاع عنهما كامل حقه في المرافعة, فلم يستعمل هذا الحق بأن طلب مهلة جديدة بحجة حضور المحامي الأصلي, وأن المحكمة رأت في ذلك محاولة لتعطيل الفصل في الدعوى, فلم تجبه إليه. ولما كان محضر الجلسة لا يبين منه أن المحكمة قد حالت بين الطاعنتين أو الحاضر عن محاميهما وبين الدفاع في موضوع الدعوى, فإن ما تثيره الطاعنتان في هذا الخصوص لا يكون له في واقعه محل.
وحيث إنه من أجل ذلك يتعين الحكم برفض هذا الطعن موضوعا.