الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 5 فبراير 2023

الطعن 106 لسنة 18 ق جلسة 23 / 2 / 1950 مكتب فني 1 ق 73 ص 276

جلسة 23 من فبراير سنة 1950

برياسة حضرة صاحب العزة أحمد حلمي بك وكيل المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك وعبد المعطي خيال بك وعبد الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك المستشارين.

----------------

( 73 )
القضية رقم 106 سنة 18 القضائية

قسمة

عقد قسمة نهائي وقعه بعض الشركاء. يلزم كل من وقعه. لا يعتبر باطلاً لعدم توقيع جميع الشركاء. للشريك الذي لم يوقعه أن يقره متى شاء ما بقيت حالة الشيوع. هذا الحق يكون لورثته من بعده. حكم برفض صحة ونفاذ عقد قسمة وقعه جميع الشركاء عدا واحداً وقع ورثته على أساس أن أحد موقعي العقد له أن يتحدى بعدم توقيع أحد الشركاء وأن العقد لا يلزمه ما دام هذا الشريك توفى. حكم مخالف للقانون.

-----------------
عقد القسمة النهائية الذي يوقعه بعض الشركاء لا يعتبر باطلاً لعدم توقيعه من جميع الشركاء بل يعتبر ملزماً كل من وقعه ولا يجوز لأحد منهم التحلل من التزامه بحجة تخلف أحد الشركاء عن توقيع العقد، بل يظل العقد قائماً وللشريك الذي لم يوقعه أن يقره متى شاء.
وحق الشريك الذي لم يوقع العقد في إقرار هذا العقد يظل قائماً له ما بقيت حالة الشيوع ويكون لورثته من بعده، إذ عقد القسمة ليس من العقود التي لشخصية عاقديها اعتبار في إبرامها لأنها لو لم تتم بالرضا جاز إجراؤها قضاء. ولا يحول دون مباشرة الورثة هذا الحق كون العقد الذي لم يوقعه أحد الشركاء ممن خص بنصيب مفرز فيه يعتبر بمثابة إيجاب موجه إلى ذلك الشريك فلا خلافة فيه، إذ هو فى قصد من وقعه إيجاب لا لشخص الشريك الآخر بالذات بل لكل من يملك نصيبه، فلا ينقضي بوفاة ذلك الشريك.
فالحكم الذي يقضي برفض دعوى صحة ونفاذ عقد قسمة لم يتخلف عن توقيعه من الشركاء الأصليين سوى واحد فوقعه ورثته، مستنداً في ذلك إلى أن أحد موقعي العقد يحق له أن يتحدى بعدم توقيع أحد الشركاء وأن يعتبر العقد غير ملزم له لوفاة هذا الشريك دون توقيعه ولأن ورثته لا يستطيعون قبول العقد بعد وفاته - هذا الحكم يكون مخالفاً للقانون.


الوقائع

في يوم 9 من يونيه سنة 1948 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر يوم 20 من يناير سنة 1948 في الاستئنافين الأصلي والفرعي رقمي 469 س ق2 و3 س ق3 وذلك بتقرير طلب فيه الطاعنون الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع أصلياً بنقض الحكم المطعون فيه والحكم بالطلبات المدونة بصحيفة الاستئناف المرفوع من الطاعن وتأييد الحكم الابتدائي في الاستئناف المرفوع من المطعون عليها واحتياطياً إحالة القضية على دائرة أخرى للفصل فيها مجدداً مع إلزام المطعون عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي 13 منه أعلنت المطعون عليها بتقرير الطعن - وفي 28 منه أودع الطاعنون أصل ورقة إعلان الخصم بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتهم ولم تقدم المطعون عليها دفاعاً.
وفي 29 من ديسمبر سنة 1949 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة استئناف الإسكندرية للحكم فيها مجدداً من دائرة أخرى الخ الخ.


المحكمة

ومن حيث إن سببي الطعن يتحصلان في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى برفض دعوى صحة ونفاذ عقد القسمة المحرر في 15 من سبتمبر سنة 1941 بين من آلت إليهم تركة المرحومة الست قوت عمر الهنداوي بمقولة إن المطعون عليها وإن كانت وقعت عقد القسمة في 15 من سبتمبر سنة 1941 كما وقعه مورث الطاعنين وشريكتهم الست زاهية إلا أن الشريك الرابع المرحوم عبد المجيد سعد المصري توفى في أغسطس سنة 1941 قبل أن يوقعه فأصبح العقد معدوم الأثر قانوناً ولا يصححه أن يكون ورثة هذا الشريك المتوفي قد وقعوه بعد وفاته، ذلك لأن القسمة تبطل إذا لم يتفق عليها كل الشركاء، وأن عقد القسمة الذي لم يوقعه أحد الشركاء يعتبر إيجابياً موجهاً إلى هذا الشريك يسقط بوفاته ولا يستطيع ورثته أن يقوموا مقامه في القبول لأن الإيجاب يسقط بوفاة الشخص الموجه إليه، ووجه الخطأ فيما بني عليه الحكم قضاءه أن عقد القسمة الذي لم يوقعه أحد الشركاء هو عقد ملزم لمن وقعه، وأن لورثة من لم يوقع الحق في التوقيع على العقد فيصبح العقد بمنأى عن أي طعن.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن تركة المرحومة الست قوت عمر الهنداوي اقتسمها من آلت إليهم بمقتضى عقد قسمة ابتدائي حرر في 15 من سبتمبر سنة 1940 حدد فيه أجل تحرير العقد النهائي ونص فيه على جزاء يوقع على من يتخلف من الشركاء عن التوقيع، وقد وقع العقد مورث الطاعنين والمطعون عليها والست زاهية ولم يتخلف عن التوقيع من الشركاء سوى المرحوم الشيخ عبد المجيد سعد المصري - الذي توفي في أغسطس سنة 1941، فوقع ورثته العقد في تاريخ تقول المطعون عليها - وهو ما رجحه الحكم المطعون فيه أنه في خلال سنة 1945. وقد رفع مورث الطاعنين الحالية طالباً الحكم بصحة ونفاذ عقد القسمة، بعد أن أصبح يحمل توقيع جميع من آلت إليهم تركة الست قوت عمر الهنداوي - فدفعت المطعون عليها الدعوى بأن عقد القسمة رغم توقيعها عليه أصبح مجرداً من أي أثر قانوني لأن أحد الشركاء وهو المرحوم عبد المجيد سعد المصري لم يوقعه - وأن توقيع ورثته في سنة 1945 لا قيمة له.... وقد سايرها في هذا الحكم المطعون فيه وقضى برفض الدعوى.
ومن حيث إن عقد القسمة النهائية الذي يوقعه بعض الشركاء لا يعتبر باطلاً لعدم توقيعه من جميع الشركاء بل يعتبر ملزماً كل من وقعه ولا يجوز لأحد منهم التحلل من التزامه بحجة تخلف أحد الشركاء عن توقيع العقد، بل يظل العقد قائماً وللشريك الذي لم يوقعه أن يقره متى شاء وهو ما سبق لهذه المحكمة أن قضت به في الحكم الصادر في 5 من يونية سنة 1947 بتقريرها أن بطلان عقد القسمة في هذه الحالة هو بطلان نسبي لا يحق التمسك به إلا للشريك الذي لم يكن طرفاً في العقد (الطعن رقم 105/ 133 سنة 16 قضائية).
ومن حيث إن حق الشريك الذي لم يوقع العقد في إقراره يظل قائماً له ما بقيت حالة الشيوع ويكون لورثته من بعده، إذ عقد القسمة ليس من العقود التي لشخصية عاقديها اعتبار في إبرامها لأنها لو لم تتم بالرضا جاز إجراؤها قضاء ولا يحول دون مباشرة الورثة هذا الحق كون العقد الذي لم يوقعه أحد الشركاء ممن خص بنصيب مفرز فيه يعتبر بمثابة إيجاب موجه إلى ذلك الشريك فلا خلافة فيه إذ هو في قصد من وقعه إيجاب لا لشخص الشريك الآخر بالذات بل لكل من يملك نصيبه - فلا ينقضي بوفاة ذلك الشريك.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعوى صحة ونفاذ عقد القسمة المحرر في 15 من سبتمبر سنة 1940 (والمعدل تاريخه إلى سنة 1941) والموقع من المطعون عليها ومورث الطاعنين والست زاهية والذي لم يتخلف عن توقيعه من الشركاء الأصليين سوى المرحوم عبد المجيد سعد المصري فوقعه ورثته، إذ قضى بذلك استناداً إلى أن المطعون عليها يحق لها - رغم توقيعها العقد - أن تتحدى بعدم توقيع المرحوم عبد المجيد سعد المصري، وأن تعتبر العقد غير ملزم لها لوفاته دون توقيعه ولأن ورثته لا يستطيعون قبول العقد بعد وفاته يكون قد خالف القانون ويتعين نقضه.

الطعن 105 لسنة 16 ق جلسة 5 / 6 / 1947 مج عمر المدنية ج 5 ق 212 ص 451

جلسة 5 من يونيه سنة 1947

برياسة حضرة جندى عبد الملك بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد المفتى الجزايرلى بك وأحمد على علوبة بك ومصطفى مرعى بك ومحمد صادق فهمى بك المستشارين.

----------------

(212)
القضيتان رقما 105 و133 سنة 16 القضائية

أ - حكم. تسبيبه. عقد. تفسيره. 

ورقة تنازل من ولد للمرحوم والده ولأخيه عما يملك فى عين. استخلاص المحكمة من هذه الورقة معنى النيابة عن الوالد فى مشترى هذه العين. إقامة ذلك على ما يبرره. النعى على المحكمة فى ذلك.لا محل له.
ب - التخارج. معناه. الاتفاق بين بعض الإخوة على اختصاص كل منهم بعين معينة من التركة. هو اتفاق على قسمة. حجيته على العاقدين ولو لم يسجل.
جـ - قسمة. 

التمسك ببطلانها على أساس عدم تناولها جميع الورثة. لا يجوز إلا لمن لم يوقعها. هذا البطلان نسبى.

---------------
1 - إذا ادعى شخص ملكية عين بموجب حكم مرسى مزاد، ودفع أخوه دعواه بأنه إذا اشترى ما رسا مزاده عليه بموجب الحكم المذكور إنما كان نائباً عن أبيه، ثم أخذت المحكمة بدفاع الأخ بانية ذلك على اعتبارات ذكرتها منها ورقة مقدمة فى الدعوى يتنازل فيها المدعى إلى المرحوم والده وإلى أخيه هذا عما يملك فى تلك العين، فالنعى على المحكمة بأنها أخطأت إذ استخلصت من تلك الورقة معنى النيابة عن الوالد وهى لا تفيده لا يكون له محل، فإن هذه الورقة وإن دل ظاهرها على أن التنازل الذى تضمنته إنما صدر إلى "المرحوم والده" فإنها دالة بالاقتضاء على أن المتنازل إليه هم خلفاء هذا الوالد، لا هذا الوالد نفسه، ضرورة أنه متوفى وأنه بعد وفاته لا يكون أهلاً لأن يصدر إليه تنازل.
2 - التخارج هو أن يتصالح الورثة على إخراج بعضهم من الميراث على شئ معلوم. فإذا تضمنت الورقة اتفاقاً بين الإخوة على اختصاص كل منهم بعين من تركة أبيهم، فهى لا تعتبر تخارجاً، بل هى اتفاق على قسمة. وكل من وقعها فهو محجوج بها وإن لم يسجل عقدها إذ القسمة كاشفة للحق مقررة له، لا ناقلة ولا منشئة له، فتسجيلها غير لازم إلا للاحتجاج بها على غير العاقدين (1).
3 - إذا كانت القسمة قد عابها أنها لم يشترك فيها إلا بعض الشركاء فلا يحق لمن عقدها منهم أن يتمسك ببطلانها المترتب على ذلك، بل الذى يحق له التمسك بهذا البطلان هو من لم يكن طرفاً فيها.


(1) تصرح المادة 10 من قانون تنظيم الشهر العقارى (رقم 114 لسنة 1946) باعتبار القسمة العقارية من التصرفات (أو الأحكام) المقررة للحقوق العينية العقارية التى يترتب على عدم تسجيلها أن هذه الحقوق لا تكون حجة على الغير.

الطعن 120 لسنة 15 ق جلسة 10 / 10 / 1946 مج عمر المدنية ج 5 ق 97 ص 193

جلسة 10 من أكتوبر سنة 1946

برياسة حضرة جندى عبد الملك بك وكيل المحكمة وحضور حضرات: أحمد نشأت بك ومحمد المفتى الجزايرلى بك وسليمان حافظ بك ومصطفى مرعى بك المستشارين.

--------------

(97)
القضية رقم 120 سنة 15 القضائية

ا - إثبات. 

وضع اليد. إثباته بالطرق كافة. القرائن القضائية. سلطة القاضى فى تقديرها. الاعتماد فى إثبات الملكية بالتقادم على القرينة المستفادة من إخفاق المنازع فيها وما ترتب على ذلك من نفى وضع يده. لا مخالفة للقانون.
ب - وضع يد. 

حصة شائعة. حيازتها على وجه التخصيص والانفراد. جائزة. تملكها بالتقادم. جائز.
حـ - حكم. تسبيبه. 

أسباب مؤدية إلى المنطوق. تزيد. الخطأ فيه. لا يستوجب نقض الحكم.
د - وضع يد. 

التنازع عليه. رجوع المحكمة فى تحريه إلى الأوراق المقدمة لها جائز. خطؤها فى تكييف هذه الأوراق. لا يؤثر فى سلامة الحكم.
هـ - حكمه. تسبيبه. 

بحث كل ركن من أركان وضع اليد على استقلال. غير لازم. يكفى أن يظهر من الحكم أنه تحرى هذه الأركان جميعاً وتحقق من قيامها.
و - ضمان. قسمة. 

ضمان المتقاسم. القواعد التى تحكمه هي القواعد التي تحكم ضمان البائع. العلم بخطر الاستحقاق. العبرة بقيمة المستحق وقت القسمة.
ز - حكم. تسبيبه. 

دعوى ضمان استحقاق. عدم بيان كيف أدى تطبيق حكم القانون وحكم العقد إلى المبلغ المحكوم به. قصور.

---------------
1 - إذا تمسك مدعى الملكية بأنه تملك الأطيان المتنازع عليها بالشراء ممن تملكها بالتقادم من مالكها الأصلى، ودفع المدعى عليه بأنه هو الذى تملك بالتقادم، وأمرت المحكمة الابتدائية بإحالة الدعوى على التحقيق لإثبات وضع اليد بشهادة الشهود، وحملت المدعى عليه عبء الإثبات فقبل هذا الحكم التمهيدى ولم يستأنفه، ثم لما أصدرت حكمها القطعى نفت ملكية المدعى عليه وأثبتت فى الوقت نفسه ملكية المدعى وردت هذه الملكية إلى سببها القانونى وهو التقادم، وساقت على هذا التقادم أدلة من شأنها أن تؤدى إليه، فانها لا تكون قد أخطأت فى تطبيق قواعد إثبات الملكية، ولو جعلت فى المقام الأول من الأدلة التى أوردتها على تملك المدعى بالتقادم ما استفادته من إخفاق المدعى عليه فى دفاعه وما ترتب على هذا الإخفاق من انتفاء وضع يده، فذلك حقها الذى لا معقب عليه، إذ أن وضع اليد واقعة تقبل الإثبات بالطرق كافة بما فيها القرائن، والقرائن القضائية من الأدلة التى لم يحدد القانون حجيتها والتى أطلق للقاضى فى الأخذ بنتيجتها وعدم الأخذ بها، كما أطلق له فى أن ينزل كل قرينة منها من حيث الأهمية والتقدير المنزلة التى يراها.
2 - الحصة الشائعة فى عقار كالنصيب المفرز من حيث إن كليهما يصح أن يكون محلا لأن يحوزه حائز على وجه التخصيص والانفراد. ولا فارق بين الاثنين إلا من حيث إن حائز النصيب المفرز تكون يده بريئة من المخالطة، أما حائز الحصة الشائعة فيده بحكم الشيوع تخالط يد غيره من المشتاعين، والمخالطة ليست عيباً فى ذاتها، وإنما العيب فيما ينشأ عنها من غموض وإبهام. فإذا اتفق المشتاعون ووقف كل منهم فى ممارسته لحيازته عند حصته مراعياً حصة غيره، كما لو اغتصب اثنان فأكثر عقاراً وحازوه شائعاً بينهم جاعلين لكل منهم حصة فيه، جاز أن يتملكوه بالتقادم سواء اشتركوا فى حيازته المادية أم ناب فى هذه الحيازة بعضهم عن بعض. هذا إذا لم يكن لمالك العقار يد عليه وخلصت الحيازة لغاصبيه. أما إذا كان للمالك يد على العقار فالفرض أن اجتماع يده مع يد الغير يؤدى إلى مخالطة من شأنها أن تجعل يد هذا الغير غامضة، فضلاً عن إمكان حمل سكوت المالك على محمل التسامح. لكن هذا الفرض ينتفى كما تنتفى مظنة التسامح من جانب المالك إذا كان الغير الذى يزاحمه فى ملكه قد استطاع أن يحوز حصة شائعة فى عقاره حيازة استقرت على مناهضة حق المالك ومناقضته على نحو لا يترك محلاً لشبهة الغموض أو مظنة التسامح، فعندئذ تكون الحيازة صالحة لأن تكون أساساً لتملك الحصة الشائعة المحوزة بالتقادم.
3 - إن قاضى الدعوى إذا ضمن حكمه من الأسباب ما يكفى لبيان الحقيقة التى اقتنع بها وما يقوى على حمل المنطوق الذى انتهى إليه، فإن تزيده بعد ذلك فى البحث، مهما جاء فيه من خطأ، لا يعيب حكمه عيباً يستوجب نقضه.
4 - إذا كان النزاع بين طرفى الخصومة يدور على وضع اليد فهذه واقعة مادية للمحكمة أن ترجع فى تحريها إلى ما بين يديها من عقود وأوراق، وهى إذ تفعل ذلك إنما تفعله لتستمد من هذه العقود والأوراق ما قد تفيده من دلالة على ثبوت وضع اليد أو نفيه، أما وصف هذه العقود وتكييفها التكيف القانونى المؤثر فى حقوق أصحابها، فهو إذ كان غير مطروح على المحكمة للفصل فيه ولا قيمة له فيما هى بصدده فخطؤها فيه لا يقدح فى سلامة الحكم.
5 - إن قاضى الموضوع وإن لزمه أن يبين فى حكمه أركان وضع اليد الذى أقام عليه قضاءه بالتملك بالتقادم، فإنه غير ملزم بأن يورد هذا البيان على نحو خاص، فلا عليه إذا لم يتناول كل ركن من هذه الأركان ببحث مستقل متى بان من مجموع حكمه أنه تحراها وتحقق من وجودها.
6 - القواعد التى تحكم ضمان البائع هى هى التى تحكم ضمان المتقاسم. وعلى ذلك فالمتقاسم الذى يعلم وقت القسمة أن ما اختص به فيها مهدد بخطر الاستحقاق لسبب أحيط به علماً من طريق من تقاسم معه أو من أى طريق آخر لا يسوغ له، فى حالة الاستحقاق، أن يرجع على قسيمه إلا بقيمة ما استحق وقت القسمة، لأن تعيين قيمة الأموال المقتسمة فى عقد القسمة يقابل تعيين الثمن فى عقد البيع، والمقرر فى أحكام عقد البيع، على ما يستفاد من نص المادة 265 من القانون المدنى (1)، أن البائع لا يضمن سوى الثمن متى كان المشترى عالماً وقت الشراء بسبب الاستحقاق، وأنه مع هذا العلم لا حاجة إلى شرط عدم الضمان ليمتنع على المشترى الرجوع على البائع بأى تعويض فى حالة الاستحقاق.
7 - إذا كانت المحكمة، فى دعوى ضمان المتقاسم، قد أحسنت فهم حكم القانون وحكم عقد القسمة وطبقتهما تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى، ولكنها لم تبين كيف أن هذا التطبيق الصحيح قد أدى إلى المبلغ الذى قضت به لطالب الضمان، فإن حكمها يكون قاصر الأسباب باطلاً فى هذا الخصوص.


الوقائع

أقام الأستاذان يوسف عبد اللطيف ومصطفى عبد اللطيف بك المطعون ضدهما الأول والثانى الدعوى رقم 197 سنة 1942 كلى المنصورة على الطاعن إبراهيم بك الطاهرى وطلبا فيها الحكم بثبوت ملكيتهما لحصة قدرها 133 ف و13 ط و15 س شائعة فى حوض الثمانمائة نمرة 3 ومساحته خمسمائة وتسعة وثلاثون فداناً ونصف وضحت حدودها ومعالمها بصحيفة افتتاح الدعوى.
واعتمد المدعيان على ثمانية عقود مسجلة فى سنتى 1934 و1935 تفيد شراءهما من آخرين من بينهم والدهما المرحوم مصطفى عبد اللطيف مقادير شائعة فى حوض الثمانمائة رقم 3 مجموعها 133 ف و13 ط و15 س كما اعتمدا على أوراد مال وكشوف رسمية تفيد أن ما اشترياه كان مثبتاً فى دفاتر التكليف بأسماء بائعيه منذ سنة 1903. كذلك اعتمدا على عقد إيجار ثابت التاريخ فى 29 أكتوبر سنة 1929 يفيد أن والدهما كان قد أجر حصته وقدرها مائة فدان شائعة فى الحوض موضوع الدعوى لمدة سنة تنتهى فى 30 من نوفمبر سنة 1928.
وفى 2 من أبريل سنة 1942 أدخل الطاعن أخاه على بك القريعى المطعون ضده الثالث ضامناً فى الدعوى وطلب الحكم عليه فى حالة الحكم للمدعيين بطلباتهما بأن يدفع له مبلغ 15344 ج منها 13334 ج نصف قيمة الـ 133 ف و13 ط و15 س موضوع الدعوى على أساس أن ثمن الفدان مايتا جنيه والباقى وقدره ألفا جنيه قيمة المنشآت القائمة على الأرض. وبنى الطاعن دعواه بالضمان على أنه فى سنة 1928 اقتسم مع أخيه تركة والدتهما السيدة بمبة القريعى وأدخلا فيما اقتسماه جميع أرض حوض الثمانمائة نمرة 3 التى وقعت فى نصيب الطاعن فصار له الحق فى الرجوع على أخيه بنصف قيمة ما يستحق منها فضلاً عن حقه فى التعويض.
وعند نظر الدعويين دفع الطاعن الدعوى الأصلية بأنه تملك كل أرض حوض الثمانمائة رقم 3 بالتقادم الطويل المدة بما كان من وضع يد مورثته المرحومة السيدة بمبة القريعى على الحوض المذكور ووضع يد ورثتها من بعدها ووضع يده هو من يوم أن اختص بهذا الحوض منذ القسمة التى أبرمت بينه وبين أخيه فى سنة 1928.
وفى 14 من يونيه سنة 1943 حكمت محكمة المنصورة تمهيدياً بإحالة الدعوى على التحقيق ليثبت الطاعن وأخوه المطعون ضده الثالث وضع اليد من جانبهما على الأطيان محل النزاع المدة الطويلة المكسبة للملكية وللمدعيين النفى وهذا وذاك بكل طرق الإثبات بما فيها البينة.
وبعد تمام التحقيق وسماع ملاحظات الخصوم عليه أصدرت محكمة المنصورة فى 27 من ديسمبر سنة 1943 حكمها القطعى قاضياً أولاً فى الدعوى الأصلية بثبوت ملكية المدعيين إلى 133 ف و13 ط و15 س شيوعاً فى الـ 539 ف و12 ط المبينة بصحيفة افتتاح الدعوى مع إلزام المدعى عليه فى الدعوى المذكورة بالمصاريف وألف قرش مقابل أتعاب المحاماة، وثانياً فى الدعوى الفرعية بإلزام على بك القريعى بأن يدفع إلى أخيه إبراهيم بك الطاهرى مبلغ 2420 ج و965 م مع المصاريف المناسبة وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة.
استأنف على بك القريعى هذا الحكم لدى محكمة استئناف مصر وطلب فيه إلغاء الحكم المستأتف بشقيه كما استأنف الحكم نفسه إبراهيم بك الطاهرى باستئناف رفع أمام محكمة استئناف مصر أيضاً وطلب فيه أصلياً إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى الأصلية مع إلزام رافعيها بالمصاريف وأتعاب المحاماة واحتياطياً فى دعوى الضمان تعديل الحكم المستأنف وإلزام على بك القريعى بأن يدفع له مبلغ 15334 جنيهاً مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وبعد أن ضم الاستئنافان قضت محكمة استئناف مصر فيهما معاً فى 6 من يونيه سنة 1943 بقبولهما شكلاً ورفضهما موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف الخ الخ.
وأعلن الطاعن بهذا الحكم فى 9 من يوليه سنة 1945 فطعن فيه بالنقض الخ الخ.


المحكمة

وحيث إن الحكم المطعون فيه فصل فى دعويين إحداهما دعوى أصلية هى دعوى الملكية التى أقامها المطعون ضدهما الأول والثانى على الطاعن، والأخرى دعوى فرعية هى دعوى الضمان التى أقامها الطاعن على أخيه المطعون ضده الثالث.
وحيث إنه فيما يختص بدعوى الملكية فإن الطعن مبناه أن قضاء الموضوع قد أخطأ فى تطبيق قواعد إثبات الملكية العقارية وخالف قواعد التملك بوضع اليد. هذا فضلاً عما عابه من قصور فى التسبيب ومسخ لمستندات الخصوم وشهادات الشهود وتحريف فى الوقائع الثابتة واستناد إلى أدلة وهمية وقرائن غير مقبولة وإغفال لأهم الأدلة المؤيدة لدفاع الطاعن وإهمال لطلب التحقيق بالمعاينة الذى أبداه.
وحيث إن حاصل ما قاله الطاعن بياناً للخطأ فى تطبيق قواعد إثبات الملكية العقارية أن قضاء الموضوع قد جعل ملكية العين موضوع الدعوى للمطعون ضدهما الأول والثانى لا بناءً على سند شهد لهما بهذه الملكية، ولكن بناءً على مجرد عجز الطاعن عن إثبات تملكه بالتقادم الطويل المدة. ذلك فى حين أن الطاعن حين احتج بتملك أرض الحوض المتنازع عليه لم يسلم قط للمطعون ضدهما الأول والثانى بأصل ملكية البائعين لهما، بل أنكر عليهما الملك أصلا. ولم يحتج بالتملك بوضع اليد إلا على سبيل الدفاع فى الدعوى. ومقتضى هذا الوضع وجوب إبقاء العين فى يد صاحب اليد الفعلية عليها وهو الطاعن إلى أن يقوم الدليل الكافى على أن البائعين للمطعون ضدهما الأول والثانى كانوا قد كسبوا الملك بوضع اليد المدة الطويلة. وموجب ذلك أنه كان على محكمة الموضوع أن تحقق وضع يد البائعين للمدعيين ولا تقضى لهما بما طلبا إلا إذا ثبت لها وضع يدهم المكسب للملك. وإن هى رأت أن تبدأ بتحقيق احتجاج المدعى عليه بوضع يده باعتبار ذلك مجرد دفاع فى الدعوى، واستظهرت عدم صحة هذا الدفاع، وجب عليها بعد هذا أن تحقق أصل الدعوى فإن عجز المدعيان بدورهما عن إثبات وضع اليد المكسب للملك قضت برفض دعواهما لاحتمال أن لا يكون أى الطرفين قد كسب الملكية بالتقادم ولوجوب تفضيل المدعى عليه صاحب اليد الفعلية فى هذه الصورة. لكن محكمة الموضوع اتبعت فى حكمها منطقاً آخر غير الذى يوجبه التطبيق الصحيح لقواعد إثبات الملكية العقارية، فأخذت ترد على ما استند إليه المدعى عليه فى إثبات وضع يده المكسبة للملكية حتى تشككت فى أدلته، ثم قضت للمدعيين بما طلباه تأسيساً على مجرد نفى ملكية المدعى عليه لما أدعاه.
وحيث إن المطعون ضدهما عندما أقاما دعواهما بملكية 133 ف و13 ط و15 س شائعة فى جميع حوض الثمانمائة رقم 3 قد بينا سبب ملكيتهما فقالا إنه الشراء بموجب عقود مسجلة قدماها. كذلك بينا سبب ملكية من باعوهما هذا القدر الذى اشترياه فقالا عن هذا السبب إنه التقادم الطويل المدة على القدر المبيع شائعاً فى الحوض المذكور، ولم يشأ الطاعن أن يستعمل حقه فى إنكار دعوى خصمه ليوجب عليهما بهذا الإنكار إثبات ما ادعياه بل دفع الدعوى بأنه تملك حوض الثمانمائة رقم 3 كله بوضع اليد الذى بدأت به مورثته السيدة بمبة القريعى ثم تلاها فيه ورثتها بعد وفاتها وتلاهم الطاعن وحده بعد أن اختص بهذا الحوض فى القسمة التى أبرمت بينه وبين أخيه على بك القريعى فى سنة 1928، وعلى هذا النحو انحصر النزاع بين الطرفين فى وضع اليد ضرورة أن كلا منهما كان يدعى ملكية مملكه بالتقادم على الشيوع بالنسبة للمدعيين وعلى الحوض كله بالنسبة للمدعى عليه. ولم تر محكمة المنصورة فيما قدمه الطرفان من مستندات ما يغنى عن تحقيق وضع اليد فقضت تمهيدياً فى 14 من يونيه سنة 1943 بإحالة الدعوى على التحقيق ليثبت الطاعن وأخوه على بك القريعى تملكهما للأرض موضوع النزاع بالتقادم الطويل المدة وللمدعيين النفى. ورغم أن هذا الحكم قد قلب عبء الإثبات على الطاعن فإنه لم يضق بهذا الوضع بل قبله ولم يستأنف الحكم التمهيدى. وجرى التحقيق على النحو المأمور به. وعلى أساسه أصدرت المحكمة حكمها القطعى قاضياً بثبوت ملكية المطعون ضدهما الأول والثانى للحصة التى ادعياها.
وحيث إن الحكم المذكور - الذى أيدته محكمة الاستئناف معتمدة أسبابه ومضيفة إليها أسباباً أخرى لا تتعارض معها - بدأ فاستعرض أدلة المدعيين على صحة دعواهما فقال إن المدعيين قدما ثمانية عقود مسجلة فى سنتى 1934 و1935 تفيد أنهما اشتريا من آخرين 133 ف و13 ط و15 س شائعة فى حوض الثمانمائة رقم 3 الذى مساحته 539 ف و12 ط. وفى هذه العقود أن البائعين تملكوا ما باعوه بالتقادم الطويل المدة. ثم قال الحكم إن المدعيين استندا بعد هذه العقود إلى أوراد مال وكشوف تكليف تفيد أن ما بيع للمدعيين كان مكلفاً بأسماء من باعوه منذ سنة 1903، وإلى أن الحكومة كانت قد أقامت فى سنة 1924 الدعوى رقم 109 سنة 1924 كلى المنصورة على إبراهيم بك الطاهرى وأخيه وعلى آخرين منهم البائعون للمدعيين، وجاء فى صحيفة افتتاح هذه الدعوى أن الحكومة تملك فى حوض الثمانمائة رقم 3 حصة قدرها 239 ف و12 ط شائعة فى مساحة الحوض المملوك باقيه لمن عدا إبراهيم بك الطاهرى وأخاه من المدعى عليهم، وأن إبراهيم بك الطاهرى نازعها فى ملكية نصيبها فأقامت الدعوى طالبة الحكم عليه بثبوت ملكيتها لحصتها فى مواجهة باقى ملاك الحوض، وأن هذه الدعوى انتهت بصلح فى 30 من يونيه سنة 1929 انعقد بين الحكومة وبين إبراهيم بك الطاهرى حاصله تخلى الحكومة عن حقها فى الـ 239 ف و12 ط موضوع دعواها مقابل ثمن قدره 1197 جنيها و500 مليم، ومما جاء فى عقد هذا الصلح: "أن الثمن المقدر هو عن الأطيان بحسب ما كانت عليه قبل وضع إبراهيم بك الطاهرى أو سواه يده عليها".. "وأن الأطيان المذكورة مكلفة على الشيوع فى 539 ف و12 ط وأن باقى هذا القدر مكلف على آخرين فمن المتفق عليه أن المشترى يكون مسئولا قبل هؤلاء الشركاء فى كل ما عسى أن يدعوه من الحقوق مهما كان نوعها". قالت المحكمة هذا كله بياناً لدعوى المدعيين وشرحاً لأدلتهما، ثم انتقلت منه إلى دفاع الطاعن فبينته واستعرضت أدلته عليه وناقشتها دليلا بعد دليل حتى إذا ما انتهت ختمت حكمها بما يأتى: "وحيث إنه مما يؤيد دعوى المدعيين من جهة وضع يد من تلقيا الملك عنهم ومورثيهم على الحصص الشائعة المبيعة لهما، وينفى وضع يد المدعى عليه الأول ومورثته وباقى شركائه فى الإرث على مقدار من حوض الثمانمائة بما يتعارض مع وضع اليد من الجانب الآخر على الحصص التى آلت للمدعيين، توقيع المدعى عليه بصفته شاهداً على عقد القسمة المبرمة بين ورثة المرحوم محمد بك المكباتى فى 11 أبريل سنة 1932 وما أشير إليه صراحة فى كل من عقد القسمة المبرم بين المدعى عليه نفسه وباقى ورثة المرحومة والدته وعقد الصلح المبرم بينه وبين الحكومة المتضمن شراءه منها الـ 239 ف و12 ط التى كانت تطالب بها من وجود نزاع قائم من جانب الغير مما سبق بيانه تفصيلا، فضلا عما هو مستفاد من كشوف التكليف وأوراد المال الخاصة بالبائعتين للمدعيين أو مورثيهم. وكل ذلك يدل قطعاً على أن مظهر وضع اليد على الأطيان محل النزاع كان لأصحاب التكليف على الشيوع خصوصاً فى الوقت السابق على الاستصلاح الحاصل فى سنة 1933 بحسب ما كان محتملاً فى تلك الحالة من مظاهر وضع اليد المناسبة لحالتها كمراعى ومصايد الأسماك وهو لم تمض عليه لغاية رفع دعوى القسمة من المدعيين فى سنة 1936 سوى ثلاث سنوات تقريباً".
وحيث إن هذا الذى جاء فى أسباب حكم محكمة الموضوع كاف وحده للرد على ما عزاه الطاعن إلى المحكمة المذكورة من خطأ فى تطبيق قواعد إثبات الملكية العقارية. ذلك لأن المحكمة إذ نفت ملكية الطاعن أثبتت فى الوقت نفسه ملكية المطعون ضدهما الأول والثانى، وردت هذه الملكية إلى سببها القانونى وهو التقادم وساقت على هذا التقادم أدلة من شأنها أن تؤدى إليه، وكونها قد جعلت فى المقام الأول من هذه الأدلة ما استفادته من إخفاق الطاعن فى دعواه وما ترتب على هذا الإخفاق من انتفاء وضع يده فذلك حقها الذى لا معقب عليه، متى لوحظ من ناحية أن وضع اليد واقعة تقبل الإثبات بالطرق كافة بما فيها القرائن، ولوحظ من ناحية أخرى أن القرائن القضائية من الأدلة التى لم يحدد القانون حجيتها والتى أطلق للقاضى فى الأخذ بنتيجتها وعدم الأخذ بها، كما أطلق له فى أن ينزل كل قرينة منها من حيث الأهمية والتقدير المنزلة التى يراها.
وحيث إن ما ينعاه الطاعن على قضاء الموضوع من مخالفة لقواعد وضع اليد مبناه أن المطعون ضدهما لم يدعيا أن البائعين لهم تملكوا بالتقادم حوض الثمانمائة رقم 3 كله وإنما ادعيا أن البائعين لهم تملكوا بالتقادم حصصاً شائعة فى الحوض المذكور، وقد أقرهما قضاء الموضوع على دعواهما هذه دون أن يفطن إلى أنه من المستحيل قانوناً أن يكتسب إنسان حصة شائعة فى عقار مملوك لغيره لأن يده فى هذه الحالة تكون مختلطة بيد المالك وهذا ينافى الاستحواذ المطلق الذى بدونه لا تبرأ اليد من عيب الغموض والخفاء وهو عيب إذا شاب وضع اليد حال بينه وبين قيامه سبباً للتملك بالتقادم.
وحيث إن الحصة الشائعة فى عقار كالنصيب المفرز فيه، من حيث إن كليهما يصح أن يكون محلا لأن يحوزه حائزه على وجه التخصص والانفراد، ولا فارق بين الاثنين إلا من حيث إن حائز النصيب المفرز تكون يده بريئة من المخالطة، أما حائز الحصة الشائعة فيده بحكم الشيوع تخالط يده غيره من المشتاعين، والمخالطة ليست عيباً فى ذاتها وإنما العيب فيما ينشأ عنها من غموض وإبهام، فإذا اتفق المشتاعون ووقف كل منهم فى ممارسته لحيازته عند حد حصته مراعياً حصة غيره - كما إذا اغتصب اثنان فأكثر عقاراً وحازوه شائعاً بينهم جاعلين لكل منهم حصة فيه جاز أن يتملكوه بالتقادم سواء اشتركوا فى حيازته المادية أم ناب فى هذه الحيازة بعضهم عن بعض. هذا إذا لم يكن لمالك العقار يد عليه وخلصت الحيازة لغاصبيه، أما إذا كان للمالك يد على عقاره، فالفرض أن اجتماع يده مع يد الغير يؤدى إلى مخالطة من شأنها أن تجعل يد هذا الغير غامضة. فضلاً عن إمكان حمل سكوت المالك على محمل التسامح، لكن هذا الفرض ينتفى، كما تنتفى مظنة التسامح من جانب المالك، إذا كان الغير الذى زحمه فى ملكه قد استطاع أن يحوز حصة شائعة فى عقاره حيازة استقرت على مناهضة حق المالك ومناقضته على نحو لا يترك محلاً لشبهة الغموض أو مظنة التسامح، وعندئذ تكون الحيازة صالحة لأن تكون أساساً لتملك الحصة الشائعة المحوزة بالتقادم.
وحيث إنه متى كان ذلك كذلك فلا مخالفة لقواعد وضع اليد إذا كان الحكم المطعون فيه قد قضى بملكية المطعون ضدهما الأول والثانى لحصة شائعة فى حوض الثمانمائة رقم 3 بناءً على أن البائعين للمطعون ضدهما قد تملكوا هذه الحصة بالتقادم ضد الحكومة التى كانت مالكة للحوض كله، متى كان الثابت مما استظهره الحكم أن البائعين للمطعون ضدهما قد حازوا الحصة المذكورة حيازة استكملت فى وجه الحكومة صفات الظهور والهدوء والاستقرار وخلصت من عيب الغموض والخفاء، وأن مصلحة الأموال المقررة، وهى فرع من فروع الحكومة، قد أقرت لهؤلاء البائعين بحقهم المستفاد من وضع يدهم فأدرجت فى كشوف التكليف لكل منهم القدر الذى كان واضعاً يده عليه شائعاً فى الحوض كله، بل إن مصلحة الأملاك الأميرية، وهى الجهة الحكومية القائمة على إدارة أملاك الدولة، أقرت بدورها حق هؤلاء البائعين عندما أقامت فى سنة 1923 دعوها على الطاعن وأخيه فلم تدع لنفسها فى حوض الثمانمائة رقم 3 إلا حصة شائعة قدرها 239 ف و12 ط مصرحة فى صحيفة دعواها بما يفيد أن باقى الحوض مملوك لآخرين من بينهم البائعون للمطعون ضدهما الأول والثانى.
وحيث إن الطاعن قد عزا إلى قضاء الموضوع مخالفة ثانية لقواعد وضع اليد قال فى بيانها إن هذا القضاء سلم له بوضع يده على أجزاء معينة من حوض الثمانمائة رقم 3، ومع ذلك فإنه قضى للمطعون ضدهما بحصة شائعة فى مساحة الحوض كله بناءً على أن وضع يد الطاعن لم يشمل كل مساحة الحوض وأنه لا يتنافى مع وضع يد البائعين للمطعون ضدهما على مقدار نصيبهم شائعاً. وهذا نظر ينطوى على خطأ فى فهم قواعد التملك بوضع اليد، لأن الطاعن لم يكن شريكاً فى يوم من الأيام للمطعون ضدهما حتى يعتبر وضع يده على حصة شائعة غير متناف مع وضع يد شركائه على حصصهم الشائعة، وإنما كان الطاعن يضع يده بنية الملك الكامل على كل ما وضع يده عليه بحيث يتملكه بغير شريك، وهذا وضع يقتضى إخراج كل ما وضع الطاعن يده عليه وتملكه، مهما يكن صغيراً، من حدود ما يقضى به للمطعون ضدهما الأول والثانى. وعلى هذا يكون الحكم للمطعون ضدهما المذكورين بحصة شائعة فى مساحة الحوض كله بما فيها من أجزاء ثابت تملك الطاعن لها بوضع اليد حكماً مخالفاً للقانون.
وحيث إن التسليم للطاعن بوضع يده على أجزاء معينة من حوض الثمانمائة رقم 3 لا يعنى على وجه اللزوم أنه تملك هذه الأجزاء، لأن وضع اليد لا ينهض بمجرده سبباً للملك، وهو لا يصل أساساً للتقادم إلا إذا كان مقروناً بنية التملك وكان مستمراً هادئاً ظاهراً غير غامض، ولم يرد فى حكمى قضاء الموضوع ما يفيد تحقق هذه الصفات فى وضع يد الطاعن، ومتى كان الأمر كذلك فلا مخالفة للقانون فى أن يسلم قضاء الموضوع للطاعن بوضع يده على أجزاء معينة فى حوض الثمانمائة رقم 3 ويقضى فى الوقت نفسه للمطعون ضدهما الأول والثانى بحصة شائعة فى الحوض كله، هذا إذا صح زعم الطاعن وكان قضاء الموضوع قد سلم له بوضع يده على أجزاء معينة من حوض الثمانمائة رقم 3. لكن الواقع أن هذا القضاء كان حريصاً على نفى وضع يد الطاعن، وقد قرر هذا النفى كحقيقة اقتنع بها وساق الأدلة عليها، حتى إذا ما فرغ من ذلك لم يجد بأساً فى أن يقول إنه إذا صح أن الطاعن كان قد وضع يده على أجزاء من الحوض فإن مساحة هذه الأجزاء تتراوح بين 53 ومائة وستين فداناً فوضع يده عليها لا يتنافى مع إمكان وضع يد البائعين للمطعون ضدهما على ما يوازى حصصهم الشائعة وقدرها 133 ف و13 ط و15 س ما دامت مساحة الحوض تتسع للحيازتين معاً. وعلى ذلك يكون ما جاء فى الحكم مشيراً إلى وضع يد الطاعن على بعض الحوض المتنازع فيه قد جاء مجئ الفرض الجدلى الذى لم يقم الحكم عليه وإنما قام على سواه.
وحيث إن الطاعن عقد فى تقرير طعنه فصلاً حشد فيه أخطاء أخرى نعاها على الحكم المطعون فيه، وحاصل ما جاء فى هذا الفصل أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تكييف عقد الصلح المبرم بين الطاعن وبين الحكومة فى 30 من يوليه سنة 1929 ومسخ معنى هذا العقد كما مسخ عقد القسمة الحاصلة بين الطاعن وبين أخيه ومسخ الخرائط الرسمية والوقائع الإجرائية فى دعوى القسمة التى رفعها المطعون ضدهما الأول والثانى على الطاعن، ومسخ مستندات الطاعن المثبتة لوضع يده وأغفل دلالتها فضلاً عن أنه استند فى قضائه إلى أدلة وهمية أو غير منتجة. وهذا الذى قاله الطاعن مردود كله: أولا - لأنه ينصب على جزء معين من أسباب حكم محكمة الاستئناف، وهذا الجزء لم يرد فى الحكم إلا بعد أن كانت المحكمة قد فرغت من إقامة الأدلة الكافية على ملكية المطعون ضدهما وبعد أن كانت قد فرغت أيضاً من الرد على دفاع الطاعن كما ورد فى صحيفة استئنافه ومذكراته. وهذا هو الذى جعل المحكمة تصدر بحثها الذى انصب عليه هذا القسم من الطعن بقولها "بما أن المحكمة وقد فرغت من الرد على أهم ما وجهه المستأنفان إلى الحكم المستأنف من نقد ترى أن تنوه عن أشياء حقيقة بالاهتمام وجديرة بالعناية". وإذن فلم يجئ هذا البحث فى حكم المحكمة إلا من باب الاستطراد أو التزيد، ومن ثم كان الطعن فيه، مهما تكن أسبابه، طعناً غير منتج، لأن قاضى الدعوى إذا ضمن حكمه من الأسباب ما يكفى لبيان الحقيقة التى اقتنع بها وما يقوى على حمل المنطوق الذى انتهى إليه، فإن تزيده بعد ذلك فى البحث مهما جاء فيه من خطأ لا يعيب حكمه عيباً يستوجب نقضه، ثانياً - إن النزاع بين طرفى الخصومة إنما كان يدور على وضع اليد، ووضع اليد واقعة مادية قد ترجع المحكمة فى تحريها إلى ما بين يديها من عقود وأوراق. وهى إذ تفعل ذلك إنما تفعله لتستمد من هذه العقود والأوراق ما قد تفيده من دلالة على ثبوت وضع اليد أو نفيه. أما وصف هذه العقود وتكييفها التكييف القانونى المؤثر فى حقوق أصحابها فليس مطروحاً على المحكمة للفصل ولا قيمة له فى ذاته فيما هى بصدده، فما يقع من خطأ فى هذا الوصف أو هذا التكييف على فرض وقوعه لا يقدح فى سلامة حكمها. فإذا تحدثت المحكمة عن عقد الصلح الذى أبرم بين الطاعن وبين الحكومة فقالت إنه عقد بيع، ولم يكن هذا العقد بيعاً بل كان صلحاً، فلا بأس على حكمها من هذا الخطأ، لأن النظر فى هذا العقد فى خصوص النزاع مدار البحث لا يتغير بوصف العقد ويستوى فيه أن يكون العقد بيعاً أو صلحاً. ثالثاً - إن الاطلاع على الأوراق قد بان منه أن كل واقعة ساقتها المحكمة لتفيد معنى من المعانى التى قام عليها حكمها لها مصدرها من أوراق الدعوى والتحقيق الذى تم فيها ومن شأنها بحكم طبيعتها أن تفيد المعنى الذى استفادته المحكمة منها. وكذلك كل دليل أوردته المحكمة نافياً لدعوى الطاعن ومؤيداً لحق خصومه مما لا يستقيم معه القول بأن المحكمة قد مسخت أو حرفت أو تعلقت بالوهم إلى مثل ذلك مما حشده الطاعن فى طعنه.
وحيث إن القصور الذى نعاه الطاعن على قضاء الموضوع مبناه أن حكميه لم يبينا أركان وضع اليد المكسب للملك وشرائطه من وجود عقار قابل للتملك بوضع اليد المدة الطويلة فى تصرف واضع اليد تصرف المالك فى ملكه ظاهراً بنفسه بغير منازع ومستمراً بغير انقطاع المدة القانونية المكسبة للملكية، فى حين أن هذه الأركان والشروط وما يلحقها من الخصائص معان قانونية معروفة يجب على قاضى الموضوع التحقق من توافرها فى دعوى التملك بالتقادم وإلا كان حكمه باطلاً.
وحيث إن قاضى الموضوع وإن لزمه أن يبين فى حكمه أركان وضع اليد الذى أقام عليه حكمه المثبت للتملك بالتقادم فإنه غير ملزم بأن يورد هذا البيان على نحو خاص. فلا عليه إذا لم يتناول كل ركن من هذه الأركان ببحث مستقل متى بان من مجموع حكمه أنه تحراها وتحقق من وجودها. وقضاء الموضوع فى الدعوى موضوع النظر قد تحدث فى أسباب حكمه عن وضع يد البائعين للمطعون ضدهما الأول والثانى فقال: "إن مظهر وضع اليد على الأطيان محل النزاع كان لأصحاب التكليف على الشيوع فى الوقت السابق على الاستصلاح الحاصل فى سنة 1933" وإنه كان جارياً على وفق ما كانت تسمح به طبيعة الأرض وقت ذاك فقصر على الاحتشاش والاصطياد، وأشار إلى أن وضع اليد بمظهره هذا يرجع إلى سنة 1903 وقت أن حصرت الأرض فى دفاتر التكليف على هؤلاء البائعين، كل بقدر حصته الشائعة فى الحوض. وأنه ظل مستمراً إلى سنة 1933 على الأقل. وهذا حسب الحكم فى هذا المقام وهو ليس فى حاجة بعده إلى استظهار ما عدا ذلك من شرائط وضع اليد ما دام الطاعن لم ينازع فى تحققها من جانب خصومه كما نازع خصومه فى تحققها من جانبه.
وحيث إنه لم يبق بعد ذلك ما نعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه فيما يتعلق بدعوى الملكية غير قوله إن الحكم المطعون فيه لم يرد على طلبه التحقيق بالانتقال والمعاينة. وهذا قول مردود بأن المحكمة، وقد أقامت حكمها على التحقيق الذى أمرت به، قد دلت بذلك على أنها لم تر ضرورة للتحقيق بالانتقال والمعاينة. وفى هذا رد ضمنى على طلب الطاعن يغنى الحكم عن الرد على هذا الطلب بلفظ مستقل صريح.
وحيث إنه فيما يتعلق بدعوى الضمان فإن الطعن مبناه:
أولا - أن الحكم المطعون فيه إذ رفض إلزام الضامن المطعون ضده الثالث بما لا يزيد على قيمة المقدار المستحق كما قدر وقت إجراء القسمة تأسيساً على أن طالب الضمان كان عالماً بسبب الاستحقاق، قد أخطأ فى تطبيق القانون. لأن العلم بسبب الاستحقاق لا يسقط الحق فى التعويض إلا مع اشتراط عدم الضمان، أما حيث لا يوجد هذا الاشتراط فلا يجدى فى دفع التعويض الاحتجاج بالعلم بسبب الاستحقاق.
ثانياً - لأن قضاء الموضوع بعد أن قرر أن دعوى الضمان صحيحة من أساسها، وبعد أن قرر أن الحكم بالضمان إنما يكون على اعتبار نصف القيمة المتفق على تقديرها فى ملحق عقد القسمة، قضى للطاعن طالب الضمان بمبلغ أقل من نصف تلك القيمة المقدرة. وبذلك يكون قد أخطأ فى تطبيق عقد القسمة الذى اعتمده وقضى فى دعوى الضمان على أساسه.
وحيث إن القواعد التى تحكم ضمان البائع هى بذاتها التى تحكم ضمان المتقاسم، وعلى ذلك فإن المتقاسم الذى يعلم وقت القسمة أن ما اختص به فيها مهدد بخطر الاستحقاق لسبب أحيط به علماً من طريق من تقاسم معه أو من أى طريق آخر، لا يسوغ له فى حالة الاستحقاق أن يرجع على قسيمه إلا بقيمة ما استحق وقت القسمة، لأن تعيين قيمة الأموال المقتسمة فى عقد القسمة يقابل تعيين الثمن فى عقد البيع. والمقرر فى أحكام عقد البيع، على ما يستفاد من نص المادة 265 من القانون المدنى، أن البائع لا يضمن سوى الثمن متى كان المشترى عالماً وقت الشراء بسبب الاستحقاق، وأنه مع هذا العلم لا حاجة إلى شرط عدم الضمان ليمتنع على المشترى الرجوع على البائع بأى تعويض فى حالة الاستحقاق.
وحيث إنه عن الوجه الثانى من وجهى الطعن المنصبين على الحكم فى دعوى الضمان فإن قضاء الموضوع وإن يكن قد أحسن فهم حكم القانون وحكم عقد القسمة وأخذ بهما إذ قال إن الضمان الواجب إنما يكون على نصف القيمة المقدرة فى ملحق عقد القسمة للجزء الذى استحق، غير أنه لم يبين كيف أن تطبيق هذا الحكم الصحيح قد أدى إلى المبلغ الذى قضى به فيكون قاصراً قصوراً يبطله فى هذا الخصوص.


(1) تقابلها فى القانون الجديد المادة 468 الواردة فى الفرع الخاص ببيع ملك الغير ونصها: "إذا حكم للمشترى بإبطال البيع (لصدوره من غير مالك) وكان يجهل أن المبيع غير مملوك للبائع، فله أن يطالب بتعويض ولو كان البائع حسن النية".
وقد استند الحكم إلى المادة 265 (من القانون المدنى) واستغنى بها عن تفسير المواد 301 وما يليها الخاصة بضمان الاستحقاق.
والمادة 302 التى أوردت حكم علم المشترى بسبب الاستحقاق، فى سياق شرط عدم الضمان، تقابلها فى القانون الجديد المادة 446 ونصها: "1 - إذا اتفق على عدم الضمان بقى البائع مع ذلك مسئولا عن أى استحقاق ينشأ من فعله، ويقع باطلا كل اتفاق يقضى بغير ذلك. 2 - أما إذا كان استحقاق المبيع قد نشأ من فعل الغير فان البائع يكون مسئولا عن رد قيمة المبيع وقت الاستحقاق، إلا إذا ثبت أن المشترى كان يعلم وقت البيع سبب الاستحقاق، أو أنه اشترى ساقط الخيار". وقد نصت المادة 443 (المقابلة للمادة 304 من القانون السابق) على أن ضمان الاستحقاق يوجب دفع قيمة المبيع وقت الاستحقاق، فضلا عن غيرها من الفوائد والتضمينات.
أما بالنسبة لضمان المتقاسم فالمادة 844 من القانون الجديد تجعل العبرة فى تقدير الشئ بقيمته وقت القسمة.

السبت، 4 فبراير 2023

الطعن 112 لسنة 14 ق جلسة 7 / 3 / 1946 مج عمر المدنية ج 5 ق 43 ص 113

جلسة 7 من مارس سنة 1946

برياسة حضرة أحمد نشأت بك وحضور حضرات: محمد المفتى الجزايرلى بك وأحمد فهمى إبراهيم بك ومحمد توفيق إبراهيم بك وسليمان حافظ بك المستشارين.

(43)
القضية رقم 112 سنة 14 القضائية

تسجيل:
ا - قسمة. المادة الثانية من القانون رقم 18 لسنة 1923. حكمها يسرى على القسمة العقارية ولو كانت الملكية من طريق الإرث.
ب - عقد ناقل للملكية. تسجيله. سوء النية أو التواطؤ. لا يفسد أثر التسجيل.
جـ - الغير فى حكم المادة الثانية من قانون التسجيل. صاحب التصرف المسجل يعتبر منهم بصرف النظر عن حسن نيته.

-------------
1 - إن المادة الثانية من القانون رقم 18 لسنة 1923 توجب تسجيل "العقود والأحكام المقررة لحقوق الملكية أو الحقوق العينية العقارية الأخرى المشار إليها فى المادة السابقة بما فيها القسمة العقارية"، وإلا فلا تكون حجة على الغير. والنص بإطلاقه على هذه الصورة يسرى على كل قسمة عقارية بصرف النظر عن مصدر ملكية الشركاء، ومن ثم كان سارياً على القسمة فى العقار الآيل بطريق الإرث (1).
2 - إن الشارع فى القانون رقم 18 لسنة 1923 قد رفع تسجيل العقد الناقل للملكية فوق مستوى الدور الذى كان يؤديه من قبل، فجعل له من الأثر ما لم يكن له فى ظل القانون المدنى، إذ اعتبره هو ذاته الناقل للملكية - لا يمنع من ذلك سوء نية المتصرف أو تواطؤه مع المتصرف إليه إضراراً بصاحب عقد آخر ناقل للملكية أو مقرر لها. ولقد أشار فى المذكرة الإيضاحية إلى أنه يريد أن لا يجعل من سوء نية المتصرف إليه أو تواطئه سبباً يفسد عليه تسجيله تأسيساً على حسن النية الواجب توافره فى المعاقدات أو على مقتضيات العدالة، اكتفاءً بحق المتضرر فى الرجوع على من أضر به بالتعويض عن الضرر الذى لحقه.
ومن جهة أخرى يستفاد من المادة الثانية من ذلك القانون أن الشارع وإن كان قد استبقى للعقود المقررة أثرها السابق فى تقرير الملكية، فيما بين المتعاقدين وبالنسبة إلى الغير بالتسجيل، فإنه أبقى تسجيلها أقل خطراً من تسجيل العقود الناقلة، إذ اشترط لكى ينتج التسجيل أثره أن لا يكون العقد المقرر قد لابسه التدليس.
ومن مقتضى هذه التفرقة التى أرادها القانون ين العقود الناقلة للملكية وغيرها من الحقوق العينية وبين العقود المقررة لهذه الحقوق أنه فى مقام المفاضلة بين عقد ناقل وآخر مقرر يفضل العقد الناقل بتسجيله دون اعتبار لسوء نية صاحبه أو تواطئه مع المتصرف (2).
3 - يعتبر من الغير فى حكم المادة الثانية من قانون التسجيل صاحب التصرف المسجل حسنت نيته أم ساءت، وإذن فالقسمة غير المسجلة لا تكون بأى حال حجة على من صدر له تصرف مسجل.


الوقائع

تتحصل وقائع الطعن فى أنه فى 25 و27 من فبراير و2 و11 من مارس سنة 1940 رفع الطاعن الدعوى على المطعون ضدهم أمام محكمة مصر الابتدائية وأورد فى صحيفتها أن المرحوم حنا بك باخوم توفى فى 2 من يوليو سنة 1936 عن ابنة فهيم بك الطاعن وبناته السيدتين إيلين وسيسيل والآنسة روضة المطعون ضدهن والمرحومة السيدة بهجة مورثة طرفى الخصومة، وخلف لهم عقارات منها ما كان قد وقفه فى حياته ومنها ما بقى على ملكه إلى حين وفاته، وأن الورثة قد اتفقوا على قسمة هذه الأعيان وعهدوا إلى أحد المهندسين بتقسيمها بينهم، فقام بمأموريته وأعد مشروعاً للقسمة أقره الورثة جميعاً بمحضر مؤرخ فى 15 من مارس سنة 1937. لكن المرحومة السيدة بهجة لم تلبث حتى تصرفت فى أربعة قراريط وأربعة أخماس من القيراط على الشيوع فى كل عقار من التركة إلى المطعون ضدهما الخامسة والسادسة، وهما بنتا أختها سيسيل. وذلك بموجب عقد مؤرخ فى 31 من أكتوبر سنة 1938 ومسجل فى 21 من نوفمبر سنة 1938 قاصدة بذلك إهدار القسمة السابقة، وطلب الطاعن فى دعواه الحكم أصلياً ببطلان هذا العقد وثبوت ملكيته فى أربعة قراريط وأربعة أخماس من القيراط شائعة فى الأعيان المبينة بصحيفة الدعوى لصوريته المطلقة ومن باب الاحتياط بإلغائه فيما زاد على ثلاثة قراريط وخمس القيراط شائعة فى تلك الأعيان وثبوت ملكيته فى هذا القدر على أساس أن العقد يستر وصية أو أنه صدر من المتصرفة وهى فى مرض الموت. وكان مما أخذه الطاعن على هذا العقد أنه وقع على حصة المتصرفة فى عقارات التركة بعد قسمتها بين الورثة قسمة يحاج بها المتصرف إليهم دون ما حاجة لتسجيلها، وعلى فرض أن تسجيلها واجب فإن تسجيل العقد لابسه من التدليس ما يفسد أثره بالنسبة إلى القسمة السابقة ولو أنها لم تسجل.
وفى 30 من يونيو سنة 1940 قضت محكمة مصر ببطلان ذلك العقد وبثبوت ملكية الطاعن فى أربعة قراريط وخمس من أربعة وعشرين قيراطاً شائعة فى الأعيان المبينة بصحيفة دعواه الخ.
وفى 30 من أبريل سنة 1944 حكمت محكمة استئناف مصر بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعن مع إلزامه بمصروفات درجتى التقاضى وألفى قرش مقابل أتعاب المحاماة عنهما. وقد أعلن بهذا الحكم فطعن فيه بطريق النقض بتقرير أعلن به المطعون ضدهم طالباً نقض الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً ببطلان العقد المؤرخ فى 31 من أكتوبر سنة 1938 والمسجل فى 21 من نوفمبر سنة 1938 ومن باب الاحتياط بإحالة القضية إلى محكمة استئناف مصر لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى الخ.
وقد أودع الطاعن مذكرته ومستنداته فى الميعاد كما أودع المطعون ضدهم مذكرتهم فى الميعاد كذلك وأودعت النيابة مذكرة برأيها. وبجلسة 28 من فبراير سنة 1945 نظر الطعن على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم أرجئ الحكم فيه إلى جلسة اليوم حيث صدر بالآتى:


المحكمة

وحيث إن الطاعن بنى طعنه على سببين:
وحيث إن السبب الأول محصله أن الحكم المطعون فيه أخطأ إذ طبق المادة الثانية من القانون رقم 18 لسنة 1923 على القسمة العقارية بين الورثة خطأ جره إلى القول بوجوب تسجيلها كيما تكون حجة على الغير مع أن هذه القسمة ليست إلا إقراراً وتركيزاً لحق الإرث وهو - تطبيقاً للمادة 610 من القانون المدنى - يثبت فى حق كل إنسان بثبوت الوراثة.
وحيث إن المادة الثانية من القانون رقم 18 لسنة 1923 توجب تسجيل "العقود والأحكام المقررة لحقوق الملكية أو الحقوق العينية العقارية الأخرى المشار إليها فى المادة السابقة بما فيها القسمة العقارية" وإلا فلا تكون حجة على الغير. والنص بإطلاقه على هذه الصورة لا يفرق بين القسمة فى العقار الآيل بطريق الإرث وبينها فى العقار الآيل بغير ذلك من طرق انتقال الملك، ومن ثم يكون سارياً على القسمة العقارية بصرف النظر عن مصدر ملكية الشركاء.
وحيث إنه لا وجه لتخصيص هذا النص بقسمة العقار غير الموروث بزعم أن عبارة "المشار إليها فى المادة السابقة" يجب صرفها إلى "حقوق الملكية أو الحقوق العينية الأخرى" وأن الشارع إنما يقصد بذلك الحقوق التى تؤول بمقتضى العقود الصادرة بين الأحياء - لا وجه لهذا التخصيص لأنه قائم على تفسير للنص غير صحيح. ذلك أن إشارته إلى المادة السابقة أنها تنعطف ولا بد على "العقود والأحكام المقررة..." يريد بذلك تلك التى وصفتها المادة الأولى بقولها "الصادرة بين الأحياء". والقسمة عقد ينطبق عليه هذا الوصف.
وحيث إنه لا يمنع من تطبيق المادة الثانية من القانون رقم 18 لسنة 1923 على القسمة العقارية بين الورثة إبقاء هذا القانون على المادة 610 من القانون المدنى، لأن هذه المادة إنما تقصد ملكية العقار بالحالة التى تكون عليها عند أيلولتها بالإرث، أى ملكية شائعة فى حالة تعدد الورثة، وهذه الملكية الشائعة هى التى تثبت فى حق كل إنسان بثبوت الوراثة دون ما حاجة إلى تسجيل فإن أريد أن تستحيل إلى ملكية مفرزة بالقسمة وجب تسجيل عقد القسمة ليكون حجة على الغير. والقول بأن المادة 610 من القانون المدنى هى وحدها التى يجب أن تنطبق على القسمة العقارية بين الورثة دون ما عداها من قسمة المال الشائع تأسيساً على المادة 457 - التى تعتبر أن المتقاسم لم يكن يملك سوى الملك المفرز الذى اختص به - هذا القول مردود بأنه يؤدى إلى اعتبار القسمة العقارية فى غير المال الموروث، إذا كان سند الشركاء مسجلا، حجة على الغير بدون تسجيل عقدها.
وحيث إن السبب الثانى للطعن مبناه أن الحكم المطعون فيه خالف المادة الثانية من القانون رقم 18 لسنة 1923 لأنه لم يعتبر أن علم المطعون ضدهما الخامسة والسادسة بقسمة العقار الموروثة يفسد عقد التصرف المسجل الصادر إليهما من المرحومة السيدة بهجة ويحفظ للقسمة كل قوتها رغم عدم تسجيلها. ويؤسس الطاعن هذا السبب على أن القانون المشار إليه فرق بين العقود التى تنقل الملكية وغيرها من الحقوق العينية فى العقار وبين العقود التى تقرر تلك الحقوق من ناحية حسن النية وسوئها، فهو إذ جرد النوع الأول من أثره فى نقل الملكية، حتى فيما بين المتعاقدين أنفسهم إذا لم يحصل التسجيل، لم يعد يهمه أن يكون صاحب العقد عالماً بما سبقه من تصرفات أو غير عالم بها، خلافاً لما كان عليه الحال قبل صدور هذا القانون لما كانت العقود الناقلة للملكية وغيرها من الحقوق العينية العقارية - كالعقود المقررة لها - تنتج بذاتها هذا الأثر فيما بين المتعاقدين وبالنسبة إلى غيرهم بطريق علمهم بها العلم الحكمى الذى يفترض بحصول التسجيل أو العلم الحقيقى الذى كان يسمى سوء النية، مما يترتب عليه - وقد زال هذا السلطان الذى كان للعقد الناقل وصار التسجيل هو أداة نقل الملكية - أن يصبح العقد الناقل إذا لم يسجل غير صالح لمواجهة عقد مثله مسجل ولو كان صاحبه سيئ النية. أما العقود المقررة فقد أبقى لها القانون رقم 23 لسنة 1923 أثرها السابق عليه فى تقرير الملكية فيما بين المتعاقدين بمجرد انعقادها وبالنسبة إلى غيرهم بعلمهم بها حكماً أو حقيقة مما ينبنى عليه أن يكون العقد المقرر حجة على الغير - سواء أكان صاحب عقد مثله أم صاحب عقد ناقل - إذا كان سيئ النية نزولاً على حكم القاعدة العامة التى تحول دون المدلس والانتفاع بتدليسه.
وحيث إن المستفاد من نص المادة الأولى من القانون رقم 18 لسنة 1923 على ضوء ما ورد بشأنها فى المذكرة الإيضاحية لهذا القانون أن الشارع وإن كان قد جرد التعاقد من الأثر الذى كان له فى نقل الملكية فقد ارتفع بتسجيل العقد الناقل فوق مستوى الدور الذى كان يؤديه من قبل، وجعل له من الأثر ما لم يكن له فى ظل القانون المدنى إذ اعتبره بنفسه هو الناقل للملكية - لا يمنع من ذلك سوء نية المتصرف أو تواطؤه مع المتصرف إليه إضراراً بصاحب عقد آخر ناقل للملكية أو مقرر لها، مشيراً فى المذكرة الإيضاحية إلى أنه يريد أن لا يجعل من سوء نية المتصرف إليه أو تواطئه سبباً يفسد عليه تسجيله تأسيساً على حسن النية الواجب توافره فى المعاقدات أو على مقتضيات العدالة اكتفاءً بحق المتضرر فى الرجوع على من أضر به بالتعويض عن الضرر الذى لحقه. كما يستفاد من المادة الثانية من القانون المشار إليه أن الشارع وإن كان قد استبقى للعقود المقررة أثرها السابق فى تقرير الملكية فيما بين المتعاقدين وبالنسبة إلى الغير بالتسجيل فإنه أبقى تسجيلها أقل خطراً من تسجيل العقود الناقلة إذ اشترط لكى ينتج أثره ألا يكون العقد المقرر قد لابسه التدليس - تلك هى التفرقة التى أرادها القانون رقم 18 لسنة 1923 بين العقود الناقلة للملكية وغيرها من الحقوق العينية فى العقار وبين العقود المقررة لهذه الحقوق ومن مقتضاها أنه فى مقام المفاضلة بين عقد ناقل وآخر مقرر يفضل العقد الناقل بتسجيله دون اعتبار لسوء نية صاحبه أو تواطئه مع المتصرف، إعمالاً لنص المادة الأولى من هذا القانون، أما العقد المقرر فلا يفضل بالتسجيل إلا إذا كان لم يلابسه التدليس إعمالاً للمادة الثانية.
وحيث إن الحكم المطعون فيه إذ فضل التصرف المسجل على القسمة غير المسجلة لم يخالف المادة الثانية من قانون التسجيل بل عمل بما تقتضيه. ذلك أنها تنص على أن عدم تسجيل العقود والأحكام المقررة لحقوق الملكية أو غيرها من الحقوق العينية العقارية يترتب عليه أنها "لا تكون حجة على الغير" ولا شك أن من الغير - فيما تفيده المادة الثانية (3) - صاحب التصرف المسجل حسنت نيته أم ساءت، ثم إنه ليس صحيحاً قول الطاعن إن كلمة "الغير" فى النص ملحقة بنعت مستتر وجوباً هو حسن النية، لأن إطلاق الاسم دون نعت يقتضى عدم تخصيصه به من جهة، ومن جهة أخرى فإن الشارع لو كان يقصد هذا النعت حقيقة فقد كان حرياً به وقد صاغ المادة الأولى على الصورة التى يستفاد منها أنه جعل التسجيل فى العقود الناقلة للملكية هو الناقل لها بصرف النظر عن نية أصحابها، وقد زاد هذا المعنى بياناً فى مذكرته الإيضاحية - كان حرياً به وقد فعل ذلك أن لا يستر نعت "الغير" فى المادة الثانية بل كان عليه أن يفصح عنه وجوباً.
وحيث إنه لما تقدم يبين أن الحكم المطعون فيه لم يخطئ فى تطبيق نص من نصوص القانون ولا هو خالف حكماً من أحكامه ومن ثم يكون الطعن على غير أساس.


(1) لما استبدل بقانون التسجيل قانون تنظيم الشهر العقارى رقم 114 لسنة 1946 الصادر فى 11 أغسطس سنة 1946 نصت الفقرة الثانية من المادة 10 من هذا القانون (المقابلة للمادة الثانية من القانون القديم) على أن "حكمها يسرى على القسمة العقارية ولو كان محلها أموالا موروثة". وجاء فى المذكرة الإيضاحية (رقم 19) أن هذا النص قد أورد "قطعاً لكل شبهة وحسما لما ثار حول هذه المسألة من خلاف".
(2) حذف الشارع من نص المادة 9 من قانون تنظيم الشهر العقارى ما كانت تنص عليه المادة الثانية من قانون التسجيل على أن العقود والأحكام المقررة لا تكون حجة على الغير - ولو كانت مسجلة - إذا داخلها التدليس.
وقد جاء فى المذكرة الإيضاحية للقانون الجديد أنه لم يُر محل للنص على التدليس، لا بالنسبة إلى التصرفات المقررة للحقوق العينية ولا بالنسبة للتصرفات المنشئة لهذه الحقوق، اكتفاءً بتطبيق القواعد العامة فى هذا الشأن.
وعلى ذلك فإن حجة الحكم المستفادة من عقد المقارنة بين المادتين الأولى والثانية من قانون التسجيل قد أصبحت غير قائمة فى ظل القانون الجديد.
على أن هذا لا ينفى حتما بقاء حكم القانون الجديد موافقاً لحكم القانون السابق فيما خلصت إليه محكمة النقض. وقد سبقت الإشارة إلى هذه المسألة فى التعليق على حكم 3 يونيه سنة 1943 المنشور فى الجزء الرابع من هذه المجموعة تحت رقم 67 صفحة 183 وما يليها.
(3) هكذا وردت فى الحكم وهو خطأ مادى والمقصود بداهة "المادة الثانية".

الطعن 125 لسنة 13 ق جلسة 11 / 1 / 1945 مج عمر المدنية ج 4 ق 182 ص 517

جلسة 11 يناير سنة 1945

برياسة سعادة محمد زكي علي باشا وكيل المحكمة وحضور حضرات: محمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك المستشارين.

--------------

(182)
القضية رقم 125 سنة 13 القضائية

قسمة. 

ورقة وصفها الموقعون عليها بأنها شروط قسمة. اتفاقهم فيها على أن أحد الورثة يختص بمقدار كذا من الأطيان ثم يوزع باقي التركة على الورثة جميعاً بالفريضة الشرعية. تبين المحكمة أن هذا الاتفاق لم يكن ملحوظاً فيه تقسيم التركة بين الورثة. اعتبار الورقة مجرد التزام. التحدي في هذا المقام بالمادة 451 مدني. لا يقبل. انحصار النزاع أمام المحكمة في تعرف سبب الالتزام. إحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت من عليه الالتزام أنه ليس له سبب مشروع. موافق لحكم المادة 94 مدني. القضاء ببطلانه لعدم وجود سبب له بناءً على ما تبينته المحكمة من التحقيق وما استظهرته من الأدلة. موضوعي.

-----------------
إذا اتفق الورثة في ورقة وصفوها بأنها شروط قسمة على أن يختص زيد منهم بمقدار كذا من أطيان التركة ثم يوزع باقي التركة على الورثة جميعاً، وهو منهم، بالفريضة الشرعية، ثم تنازعوا في هذا، وطلب زيد الحكم له بصحة العقد المذكور ونفاذه، فرأت المحكمة أن هذا الاتفاق لم يكن ملحوظاً فيه تقسيم التركة بين الورثة على أساس توزيع الأنصباء بالزيادة والنقصان تبعاً لجودة الأرض وضعفها وغير ذلك من العوامل التي تراعى عادة عند القسمة فاعتبرت الورقة مجرد التزام، فلا يجوز لزيد التحدي في هذا المقام بالمادة 451 مدني، إذ هذه المادة إنما تبين كيفية إجراء القسمة التي من شأنها إنهاء حالة الشيوع، أما الاتفاق على إعطاء أحد الورثة جزءاً من التركة فوق نصيبه الشرعي فلا دخل له في كيفية القسمة. وإذا كانت المحكمة بعد أن انحصر النزاع أمامها في تعرف سبب الالتزام قد أحالت الدعوى إلى التحقيق ليثبت من عليه الالتزام ما ادعاه من أن هذا الالتزام ليس له سبب مشروع فهذا منها سليم ولا غبار عليها فيه، إذ هي قد جرت في ذلك على وفق المادة 94 من القانون المدني التي توجب لصحة الالتزام أن يكون مبنياً على سبب مشروع فإن لم يكن السبب مذكوراً في العقد وادعى المدين أن التزامه ليس له من سبب أو أن سببه غير مشروع كان عليه عبء إثبات ما يدعيه من ذلك. ثم إذا انتهت المحكمة إلى القضاء ببطلان الالتزام لعدم وجود سبب له، بناءً على ما ثبت لديها من التحقيق وما استظهرته من الأدلة التي ذكرتها في حكمها والتي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبته عليها فلا معقب على قضائها.


الوقائع

تتلخص وقائع هذا الطعن - كما يؤخذ من الحكمين الابتدائيين والحكم المطعون فيه وسائر الأوراق المقدمة - في أنه في 27 من أغسطس سنة 1935 حرر ورثة المرحوم تادرس غبريال عقداً وصفوه بأنه "شروط قسمة" وذكروا فيه أنهم اتفقوا على اقتسام تركته التي تبلغ 153 ف و23 ط وأن كل واحد من المقتسمين يختص بنصيبه كالآتي: "أولاً - يختص رمسيس تادرس (الطاعن) بمقدار 11 ف و8 ط شيوعاً في 26 ف و6 ط بناحية منشأة فاروق بمركز الفيوم من تركة المورث ويجب أن يفرز له هذا المقدار من هذه الأطيان عند إتمام عقد القسمة النهائي. ويختص من التركة أيضاً بمقدار 7 ط من 24 ط شيوعاً في جميع أطيان المورث بما فيها جميع الأطيان المكلفة باسم المورث بناحية منشاة فاروق. ثانياً - يختص نصيف تادرس بنصيب مقداره 7 ط من 24 ط من باقي تركة المورث بعد استبعاد الـ 11 ف و8 ط. ثالثاً - تختص كل من السيدتين لبيقة وهانم بنصيب قدره 3 ط و12 س من 24 ط من باقي تركة المورث. وتختص الست أستيرة عبده ميخائيل بثلاثة قراريط من 24 ط من باقي أطيان المورث. رابعاً - يقرر جميع الورثة أنهم تحاسبوا عن إيراد هذه التركة وغلتها لغاية تاريخه، وأخذ كل فريق نصيبه بالكامل، وليس لأحد حق الرجوع على الآخر بشيء من هذا القبيل. خامساً - يقر جميع الورثة بصحة هذا التقسيم واعتماده من الآن فوراً، ويقرون بأن تحديد الأنصبة وما اختص به كل فريق هو نهائي لا رجعة فيه ويتعهد الجميع بإجراء فرز نصيب كل طرف في الوقت المناسب".
فاستناداً إلى هذا العقد أقام الطاعن الدعوى رقم 1008 سنة 1940 أمام محكمة مصر الابتدائية على المطعون ضدهم وقال في صحيفتها إن مورث الطرفين المرحوم تادرس غبريال توفي في سنة 1931 وكان الطاعن قاصراً فعين المطعون ضده الأول وصياً عليه، وبعد بلوغه سن الرشد تحاسب معه لغاية يوليه سنة 1935 فكان ما يستحقه قبله هو 600 م و38 ج تسلمها الطاعن بمقتضى ورقة المحاسبة المؤرخة في 15 من يوليه سنة 1935، وفي 19 من أغسطس سنة 1935 صدر إشهاد شرعي بأن المطعون ضدهم ووالدتهم المرحومة الست أستيرة عبده ميخائيل قد وقفوا 17 س و12 ط و84 ف. وفي 27 من أغسطس سنة 1935 حرر العقد المتقدم ذكره بين الطاعن والمطعون ضدهم ووالدتهم عن اقتسام تركة المرحوم تادرس غبريال، ولكن المطعون ضدهم نازعوه في نصيبه المبين بذلك العقد وتصرفوا في بعض الأطيان للغير إضراراً به. ولذا طلب الحكم أصلياً بصحة ونفاذ العقد المؤرخ في 27 من أغسطس سنة 1935 الشامل لاختصاصه بـ 8 ط و11 ف وتسليمها إليه وذلك فوق حصته في الميراث بنسبة 7/ 14 قيراطاً شيوعاً في جميع أطيان التركة واعتبار كل تصرف صادر من المطعون ضدهم إضراراً بمصلحته وبقصد منع نفاذ هذا التعاقد باطلاً، ومن باب الاحتياط القضاء بصحة ونفاذ العقد فيما يتعلق بمقدار 8 ط و11 ف فوق حصته في الميراث مع إلزام من عدا المطعون ضدها الثالثة (هانم تادرس) بأن يدفعوا له بطريق التضامن 3000 ج وحفظ حقه في إبطال تصرف المطعون ضدهم بدعوى على حدتها مع إلزامهم جميعاً في الحالتين بالمصاريف وأتعاب المحاماة، وبطريق فرعي الحكم بتعيينه حارساً على القدر المذكور لإدارته وإيداع صافي ريعه بخزانة المحكمة حتى يفصل في هذه الدعوى مع حفظ الحق في الريع من تاريخ العقد.
وفي 21 من يناير سنة 1941 قضت المحكمة: أولاً - برفض الطلب الأصلي الخاص بصحة ونفاذ العقد المؤرخ في 27 من أغسطس سنة 1935 وبإلزام الطاعن بمصاريف هذا الطلب. وثانياً - برفض طلب الحراسة. وثالثاً - وقبل الفصل في الطلب الاحتياطي بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضدهم أن سبب الالتزام في الورقة المؤرخة في 27 من أغسطس سنة 1935 هو لمنع أذى الطاعن لهم، وأباحت للطاعن نفي ذلك وأن يثبت أن سبب الالتزام هو المحاسبة على ما كان له من حقوق قبل المطعون ضدهم وقت أن كان قاصراً تحت وصاية المطعون ضده الأول وللمطعون ضدهم نفي ذلك أيضاً.
وبعد أن سمعت المحكمة شهادة الشهود إثباتاً ونفياً ودفاع الطرفين في باقي الطلبات قضت في 30 من مارس سنة 1941 برفض دعوى الطاعن بالنسبة إلى الطلب الاحتياطي أيضاً وإلزامه بالمصاريف و300 قرش مقابل أتعاب المحاماة.
فاستأنف الطاعن الحكمين المتقدمين بالاستئناف رقم 59 سنة 59 القضائية أمام محكمة استئناف مصر.
وفي 12 من يونيه سنة 1942 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكمين المستأنفين وألزمت الطاعن بالمصاريف و500 قرش مقابل أتعاب المحاماة.
وقد أعلن هذا الحكم للطاعن في 22 من أغسطس سنة 1943 فطعن فيه وكيله بطريق النقض في 11 من سبتمبر سنة 1943 إلخ إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه قد أخطأ في القانون وجاء قاصراً في تسبيبه. ذلك: أولاً - بأن عقد الاتفاق الحاصل في 27 من أغسطس سنة 1935 قد تم بينه وبين إخوته المطعون ضدهم على أساس أن يأخذ فوق حصته الميراثية في التركة الـ 11 ف و8 ط موضوع النزاع في مقابل إبراء ذمة أخيه المطعون ضده الأول من حساب مدة الوصاية. وقد حررت مخالصة في هذا الشأن في 11 من يوليه سنة 1935 تمهيداً لتوقيعها عند تحرير عقد الاتفاق المذكور الذي وضع في صورة اتفاق على تعيين مقدار نصيب كل من الورثة في التركة والمادة 451 من القانون المدني صريحة في أنه يجوز للشركاء مباشرة القسمة بالطريقة التي يرضونها. فاتفاق الشركاء على تعيين النصيب أمر في حدود سلطتهم متى قرروه أصبح ملزماً لهم. فهو يكون التزاماً بأيلولة النصيب المعين فيه للطاعن، وقد أصبح بمقتضاه دائناً للمطعون ضدهم فيجب عليهم العمل على نفاذ ذلك الالتزام، وكل عمل يصدر منهم إضراراً بالدائن يصبح باطلاً بناءً على المادة 53 من القانون المدني. وقد أوضح الطاعن ذلك للمحكمة، ولكن الحكم المطعون فيه قد قصر في بحث ضمان الملتزم وفي جواز إبطال الوقف الضار بالدائن، كما استند إلى قاعدة غير صحيحة هي أن مجرد أسبقية الوقف على التصرف الصادر للدائن يعتبر مانعاً من الطعن عليه بالبطلان. ثانياً - بأن المحكمة فيما يتعلق بالطلب الاحتياطي وهو طلب التعويض قد خلطت بين السبب والباعث مع أن الباعث لا تأثير له في وجود العقد على أن تحديد الأنصباء في الشركات المدنية يحمل في نفسه سببه القانوني، وهو التمهيد للخروج من الشيوع. والاتفاق على تحديد الأنصباء في التركة أمر متروك للورثة الذين لهم أن يضعوا دستور القسمة على خلاف أية قاعدة من قواعد الأحوال الشخصية، ومثل هذا الاتفاق نافذ بحكم القانون أياً كان الباعث عليه. ثالثاً - بأنه مع التسليم جدلاً بأن الباعث على التصرف له دخل في كيان العقد فإن إرادة المتعاقدين إنما انعقدت لحسم منازعات كانت متوقعة بسبب تصرف المطعون ضدهم في أموال الطاعن مدة الوصاية عليه. ولذا نص في العقد على أن الورثة تحاسبوا على إيراد التركة وغلتها لغاية تاريخه وأخذ كل فريق نصيبه بالكامل. على أن هذا الباعث ما كان يجوز أن يدور عليه البحث لأن عقد تحديد الأنصباء ملزم بذاته للشركاء. ولما كانت أسباب الحكم قد انصبت على الباعث وهو غير منتج فإنه يكون باطلاً لخلوه من الأسباب ولوقوعه على غير أساس من القانون. رابعاً - بأنه مع التسليم بأن الاتفاق على إعطاء الطاعن 11 ف و8 ط فوق نصيبه في التركة لم يكن صلحاً ولم يكن له مقابل، فإن العقد يصح أن يعتبر هبة موصوفة بصفة عقد آخر أو هبة غير مباشرة. وقد تركت المحكمة البحث في ذلك مع أن الطاعن قد نبهها إلى هذا الفرض.
ومن حيث إن النزاع في الدعوى قد انحصر في بيان سبب الالتزام الوارد في الورقة المؤرخة في 27 من أغسطس سنة 1935 بالنسبة إلى الأحد عشر فداناً وبعض الفدان التي نص في الورقة المذكورة على إعطاء الطاعن إياها فوق حصته في التركة، فقال الطاعن إن تلك الورقة حررت في مقابل ما ظهر في ذمة المطعون ضدهم من حق له أثناء أن كان قاصراً يشرف عليه أخوه الأكبر المطعون ضده الأول ثم قال إن اتفاق الشركاء على تعيين الأنصبة وفقاً للمادة 451 من القانون المدني يجعله دائناً للمطعون ضدهم، وقال المطعون ضدهم إن الالتزام ليس له من سبب وإن تلك الورقة إنما حررت لكف أذى الطاعن الذي كان يهددهم بالقتل. والمحكمة الابتدائية لما تبينت أن ورقة 27 من أغسطس سنة 1935 لا تربطها بورقة المحاسبة المؤرخة في 15 من يوليه سنة 1935 أية رابطة وأنها خلت من ذكر سبب الالتزام، أحالت الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضدهم أن سبب الالتزام هو دفع أذى الطاعن، وأباحت للطاعن نفي ذلك وأن يثبت أن سبب الالتزام هو المحاسبة على ما كان له من حقوق قبل المطعون ضدهم أثناء أن كان قاصراً تحت وصاية المطعون ضده الأول، كما رخصت للمطعون ضدهم في نفي ذلك. وبعد أن تم التحقيق استخلصت منه المحكمة أن المدعي كان يشاغب أمه وإخوته لكي ينزلوا عن حصة من أملاكهم تسوي بينه وبين أخيه المطعون ضده الأول في مقدار الملك. وقالت إنه ثابت من تقرير الخبير المعين من المجلس الحسبي أن الطاعن أقر أمام الخبير في 26 من يونيه سنة 1934 بعد أن بلغ سن الرشد بأنه تسلم كل حقوقه من أخيه ولم يصبح له قبله شيء، وإنه واضح من ورقة المحاسبة المؤرخة في 15 من يوليه سنة 1935 أنها عن حساب تال للإقرار الصادر أمام الخبير، وإن المحاسبة بمقتضاها كانت شاملة وقد حررها الطاعن وهو راشد عن حساب لا علاقة له بالمدة التي كان فيها قاصراً، وقد تبقى له 38 ج و600 م تسلمها من أخيه في 15 من يوليه سنة 1935 بتلك الورقة. وقالت إنه مع هذه الظروف لا يكون هناك من سبب لنزول المطعون ضدهم للطاعن عن 11 ف و8 ط من ملكهم بورقة القسمة، وإن الأمر في ذلك لا يعدو أن يكون وعداً بهبة لم يحرر عقدها النهائي وفقاً للأحكام القانونية فهي باطلة. والحكم الاستئنافي المطعون فيه قال إن ورقة المحاسبة المؤرخة في 15 من يوليه سنة 1935 فضلاً عن أنها سابقة لورقة 27 من أغسطس سنة 1935 لا يمكن ربط سبب تحريرها بسبب تحرير الورقة الثانية للأسباب التي ذكرتها المحكمة الابتدائية والتي تقرها محكمة الاستئناف. ثم أضاف إلى ما تقدم أن قول الطاعن في مذكرته الأخيرة أمام المحكمة الاستئنافية إن عقد 27 من أغسطس سنة 1935 هو عقد قسمة بين الورثة لتحديد أنصبائهم بحسب اتفاقهم فيه تناقض مع دفاعه السابق من أن الأحد عشر فداناً وكسراً هي مقابل لما ضاع عليه من حق. والمقدار المذكور لا يمكن اعتباره مرتبطاً بقسمة أعيان التركة بين الورثة على أساس توزيع الأنصباء بالزيادة والنقصان بحسب الجودة والصقع وغير ذلك من العوامل التي تراعى عادة عند القسمة، لأنه تبين من الاطلاع على ورقة 27 من أغسطس سنة 1935 أن الأحد عشر فداناً وكسراً التي اختص بها الطاعن لم يلحظ فيها تقسيم التركة بين الورثة. ثم قال الحكم المطعون فيه: "إنه واضح من عدم ذكر سبب الالتزام في العقد ومن سقوط حجة المستأنف فيما ادعاه من سبب، وما أثبته التحقيق الذي كلف به المستأنف عليهم - واضح من ذلك كله ما يدل على أن هذا الالتزام لا سبب له أو أنه تبرع تنقصه الرسمية فهو على الحالين باطل".
ومن حيث إنه وفقاً للمادة 94 من القانون المدني يجب لصحة الالتزام أن يكون مبنياً على سبب مشروع. فإن لم يكن السبب مذكوراً في العقد وادعى المدين أن التزامه لا سبب له أو أن سببه غير مشروع فإن عبء الإثبات يقع عليه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً فيما قضى به، فقد استخلصت المحكمة من الأدلة والوقائع التي ذكرتها والتي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبته عليها أنه لا صلة بين الورقة المؤرخة في 27 من أغسطس سنة 1935 وبين ما ادعاه الطاعن من وجود حقوق له سابقة عليها. ولما كانت الورقة خالية من بيان السبب فقد أحالت الدعوى إلى التحقيق مكلفة المطعون ضدهم الذين ادعوا أن لا سبب مشروعاً للالتزام الوارد بتلك الورقة إثبات مدعاهم ثم قضت ببطلان الالتزام لعدم وجود سبب له لما تبينته من التحقيق والأدلة التي ذكرتها.
ومن حيث إن مجادلة الطاعن في هذا الخصوص لا تقبل منه لأنها ترمي إلى البحث من جديد في وقائع الدعوى وأدلتها، وهذا من سلطة محكمة الموضوع وحدها، ولا شأن لمحكمة النقض به.
ومن حيث إنه لا محل لما يستند إليه الطاعن من أن الاتفاق على تحديد الأنصباء وفقاً للمادة 451 من القانون المدني يحمل في ذاته سببه القانوني، لأن المادة المذكورة إنما تبين كيفية إجراء القسمة التي من شأنها إنهاء حالة الشيوع. أما الاتفاق على إعطاء أحد الورثة جزءاً من التركة فوق نصيبه الشرعي فلا دخل له في كيفية القسمة.
ومن حيث إنه متى تقرر ذلك وكانت مديونية المطعون ضدهم للطاعن منتفية، وكان الالتزام من غير سبب مشروع، فإنه لا يكون ثمة محل لما ينعاه الطاعن على المحكمة من أنها قصرت في بحث ضمان الملتزم، وجواز إبطال الوقف الضار بالدائنين.
ومن حيث إنه لا محل أيضاً لما يعيبه الطاعن على الحكم المطعون فيه من أنه اعتبر الالتزام هبة باطلة، ولم يبحث فيما إذا كان يصح اعتباره هبة موصوفة بصفة عقد آخر أو هبة غير مباشرة. ذلك بأنه متى كان الحكم قد قرر براءة ذمة المطعون ضدهم من أي حق للطاعن فلا يكون هناك محل للبحث في افتراض الهبة غير المباشرة، واعتبار الحكم عطاء المطعون ضدهم هبة تنقصها الرسمية معناه أنه لم يجدها مستورة بأي عقد آخر ظاهر.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 39 لسنة 14 ق جلسة 21 / 12 / 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 177 ص 502

جلسة 21 ديسمبر سنة 1944

برياسة حضرة محمد زكي علي بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك المستشارين.

--------------

(177)
القضية رقم 39 سنة 14 القضائية

قسمة. 

تصرف أحد الورثة بالبيع في نصيبه محدداً في الأطيان المخلفة عن المورث. متابعة باقي الورثة إياه في بيع أنصبتهم. تسلم المشترين منهم ما اشتروه ووضعهم اليد عليه، كل على ما اشتراه محدداً. قسمة فعلية بين جميع الورثة تمت بفعلهم جميعاً.

---------------
إذا طلب بعض الورثة تثبيت ملكيته لنصيبه شائعاً، وتبينت المحكمة من تقرير الخبير الذي ندب في الدعوى أنه بعد أن تصرف أحد الورثة في جزء محدود من الأطيان المخلفة عن المورث تصرف سائرهم بالبيع في أنصبتهم محددة كذلك وتسلم المشترون منهم ما اشتروه ووضعوا اليد عليه محدداً، وأصبحوا هم جميعاً لا يملكون شيئاً في هذه الأطيان (1)، ثم رأت أن تصرف سائر الورثة على هذه الصورة فيه إجازة لما تصرف فيه ذلك الوارث وأن هذا التصرف وقع صحيحاً لأنه كان في حدود القدر الذي يملكه بالميراث، ولذلك قضت برفض الدعوى فقضاؤها سليم يمنع من صحة هذا النظر ولا أن يكون تصرف من عدا الوارث. الأول لاحقاً لتصرفه، لأن تصرفه هذا ما كان ليرغمهم على قبوله بل لقد كان لهم حق الاعتراض عليه قانوناً، وما داموا هم قد تابعوه وتصرفوا في أنصبتهم على التحديد كما فعل هو فإن تصرفهم هذا يدل على رضائهم بهذه القسمة الفعلية التي تمت بفعل جميع الورثة على السواء.


(1) ما دامت المحكمة قد تبينت أن الورثة جميعاً قد تصرفوا بالبيع في أنصبتهم وأصبحوا لا يملكون شيئاً أفلا يكون ذلك وحده كافياً لرفض دعوى المدعين لانعدام الصفة أو لانعدام المصلحة القانونية؟.

الطعن 99 لسنة 13 ق جلسة 11 / 5 / 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 133 ص 362

جلسة 11 مايو سنة 1944

برياسة سعادة أمين أنيس باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: أحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك ومحمود فؤاد بك وأحمد علي علوبة بك المستشارين.

---------------

(133)
القضية رقم 99 سنة 13 القضائية

قسمة. 

دعوى طلب بطلانها بناءً على أن الأرض التي اختص بها المدعي بموجب العقد وجدت بعد مساحتها تغاير المقادير الموضحة فيه. رفضها بناءً على أن اختلاف المساحة لا يؤثر في صحة العقد ما دام قد ذكر فيه أن المقادير تقريبية مما ينتفي معه الغلط والتدليس. لا خطأ في ذلك.

---------------
إذا رفضت المحكمة دعوى بطلان القسمة بناءً على أن ما يقوله المدعي من أن الأرض التي اختص بها بموجب العقد وجدت بعد مساحتها تغاير المقادير الموضحة فيه لا يؤثر في صحة القسمة ووجوب احترامها فإنها لا تكون مخطئة في ذلك، لأن اختلاف المساحة لا يؤثر في صحة العقد ما دام قد احتيط فيه بذكر أن المقادير تقريبية، مما ينتفي معه القول بوجود غش أو خطأ في القسمة (1).


(1) المراد التدليس والغلط اللذان يفسدان رضاء العاقد فيبطل العقد تطبيقاً للمواد 133 و134 و136 من القانون المدني.

الطعن 22 لسنة 12 ق جلسة 24 / 12 / 1942 مج عمر المدنية ج 4 ق 9 ص 16

جلسة 24 ديسمبر سنة 1942

برياسة حضرة عبد الفتاح السيد بك رئيس المحكمة وبحضور حضرات: حسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك المستشارين.

----------------

(9)
القضية رقم 22 سنة 12 القضائية

أ - إثبات. 

حكم صادر في خصومة متصلة بالخصومة المعروضة على المحكمة. الاستئناس به في القضاء في الخصومة المعروضة. لا جناح في ذلك ولو مع اختلاف الخصوم.
ب - قسمة. 

استخلاص حصولها بين الورثة من وقائع الدعوى ومن أن كل واحد من الورثة وضع يده على حصة مفرزة من التركة بصفته مالكاً المدة المكسبة للملكية. احترام آثارها في حق الغير ولو أنها ليست بعقد مسجل. لا مانع.

---------------
1 - لا جناح على المحكمة إذا هي استمدت من أسباب حكم صادر في خصومة أخرى متصلة بالخصومة المعروضة عليها دليلاً على واقعة جائز إثباتها بالقرائن (كمثل وضع اليد المكسب للملكية) مؤيداً لوجهة نظرها في الخصومة المعروضة، ولو أن أحد طرفي هذه الخصومة لم يكن طرفاً في الخصومة السابقة. وإذن فلا يصح الطعن في حكمها بمقولة إنه خالف القواعد الخاصة بقوة الشيء المقضى به وجعل للحكم في الخصومة الأولى حجية متعدية إلى غير من كان طرفاً فيها.
2 - إذا كان الحكم قد استظهر مما استعرضه من التصرفات الصادرة من الورثة في أوقات مختلفة، ومما ذكره بعضهم في عقد صادر منه ببيع بعض ما اختص به من أنه يملك القدر المبيع بمضي المدة الطويلة - استظهر من ذلك أن الورثة اقتسموا الأرض المخلفة عن مورثهم، وأن كل واحد منهم وضع يده على حصة مفرزة من التركة بصفته مالكاً المدة المكسبة للملكية، ثم رتب على القسمة التي قال بها، ولو أنها لم تكن بعقد مسجل، نتائجها القانونية في حق الغير، فلم يعول على ما كان من أحد الورثة من رهنه إلى أحد دائنيه أرضاً شائعة لا يملك منها شيئاً بمقتضى القسمة، فإنه لا يكون قد خالف القانون في شيء.


الوقائع

تتحصل وقائع الدعوى في أن الطاعنة تداين المطعون ضده الأخير في مبلغ 3654 ج مضمون برهن 12 ف، 14 ط، 18 س كائنة بمركز ملوى بمقتضى عقد رسمي محرر بقلم العقود الرسمية بمحكمة مصر الابتدائية المختلطة في 23 من إبريل سنة 1929 ومسجل في 14 من فبراير سنة 1931. وقد تعهد المدين في هذا العقد بوفاء الدين على أقساط تنتهي في أول أكتوبر سنة 1933 وأقر في العقد بأن الأطيان المرهونة مملوكة له بطريق الميراث عن والده وأنها خالية من جميع الحقوق العينية ما عدا اختصاصاً لصالح الخواجة كوستى أبو ستوليدى تعهد المدين بالحصول على شطبه لغاية 30 من أغسطس سنة 1930 وإلا أصبح الدين جميعه واجب الأداء حالاً. تأخر المدين عن الوفاء فشرعت المرتهنة في نزع ملكيته من الأطيان، وأعقب ذلك أن رفع المطعون ضدهم الثلاثة الأولون الدعوى الحالية رقم 288 كلي سنة 1940 لدى محكمة المنيا الابتدائية ضد الطاعنة والمطعون ضده الأخير باستحقاقهم للأطيان المنزوعة ملكيتها على أساس أن المدين قد سبق أن نزعت ملكيته من جميع ميراثه أمام القضاء المختلط ورسا مزاده على ورثة كوستى أبو ستوليدى بتاريخ 16 من أكتوبر سنة 1932 وأن الأطيان الباقية من تركة المورث وهي التي نزعت الطاعنة ملكيتها هي ملك مدعي الاستحقاق - الأول والثانية منهم بطريق الميراث عن والدهما والثالث بطريق الشراء من السيدة نفسية عبد الرحيم إحدى الورثة.
دفعت الطاعنة تلك الدعوى بأن ورثة أبو ستوليدى نزعوا ملكية مدينها من 20 ط و9 ف في ثلاث قطع معينة مفرزة محدودة بزمام ناحية نواي في حين أن أطيان المورث ما زالت شائعة بين الورثة في النواحي الخمس الموضحة بعقد الرهن ولم تحصل قسمة بين الورثة لا قبل الحكم برسو المزاد ولا بعده. وقد أقرت محكمة المنيا دفاع الطاعنة وقضت بتاريخ 6 من فبراير سنة 1931 برفض دعوى الاستحقاق.
استأنف المدعون في الاستحقاق هذا الحكم لدى محكمة استئناف مصر. فقضت المحكمة بتاريخ 26 من نوفمبر سنة 1941 بإلغائه وباستحقاق هؤلاء المدعين إلى 10 ف، 6 ط، 18 س وإلغاء ما اتخذته الطاعنة من الإجراءات عليها واعتبارها كأن لم تكن وإلزامها بمصاريف الدرجتين وبمبلغ ألف قرش مقابل أتعاب المحاماة. وبنت محكمة الاستئناف حكمها على أن نصيب المدين في الأطيان المخلفة عن المورث قد أصبح بعد القسمة في ناحية نواي، وقد نزعت ملكيته ورسا مزاده على ورثة كوستى أبو ستوليدى في 30 من نوفمبر سنة 1932 على إثر الاختصاص المسجل قبل قيام دين الطاعنة.
أعلن هذا الحكم للطاعنة في 18 من مارس سنة 1942 فطعنت فيه بطريق النقض في 16 من إبريل سنة 1942 بتقرير أعلن إلى المطعون ضدهم... إلخ إلخ.


المحكمة

وحيث إن الوجه الأول من أوجه الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون. ذلك لأنه أخذ بحكم صادر من جهة القضاء المختلط في دعوى لم تكن الطاعنة طرفاً فيها، وفي هذا مخالفة لقاعدة عدم تعدي حجية الأحكام أطراف الخصومة فيما تفصل فيه من منازعات.
وحيث إنه يبين من مراجعة أسباب الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف استهدفت للفصل في الخصومة الوقوف على ما إذا كانت الأطيان المخلفة عن المورث الأصلي بقيت شائعة بين الورثة، كما تتمسك الطاعنة، أو أنها قسمت بينهم، كما يقول خصومها في الدعوى، وقد أدى بها هذا البحث إلى أن تعرض للنزاع ذاته حين قام لدى القضاء المختلط بمناسبة نزع ملكية علي عبد الرحيم مدين الطاعنة من نصيبه في تركة أبيه مفرزاً بمعرفة دائنه كوستى أبو ستوليدى بناءً على اختصاص مسجل قبل قيام دين الطاعنة. وأشارت في هذا المقام إلى الحكم الصادر من محكمة مصر الابتدائية المختلطة في 12 من مايو سنة 1936 وإلى ما استند إليه في قضائه بحصول قسمة بين الورثة في سنة 1918 اختص بموجبها أولاد كل زوجة من زوجاته بأرض في جهات معينة ووقعت حصة مدين الطاعنة بناحية نواي وهي التي نزع ملكيتها كوستى أبو ستوليدى. ومن هذا يبين أن محكمة الاستئناف لم تعول على حكم القضاء المختلط إلا كسند من أسانيد الدعوى التي طرحت لديها وبنت قضاءها على ما استخلصته منها. ولذا لم يكن حكمها صادراً بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بل على أساس أن القسمة حصلت فعلاً بين الورثة. وإذ كان لا جناح على محكمة الموضوع في أن تستأنس في قضائها بحكم تستمد من أسبابه دليلاً مؤيداً لوجهة نظرها في الخصومة المعروضة عليها لما بين النزاع الذي فصل فيه هذا الحكم وما هو مطروح لديها من رابطة يكون ما أثارته الطاعنة في هذا الصدد مما لا يعول عليه.
أما اعتراض الطاعنة على عدم إدخالها في الخصومة المختلطة رغم أنها كانت وقتئذ صاحبة حق مسجل فإن هذا الاعتراض لا محل له ما دام الحكم المختلط لم يحصل التمسك به ضدها دفعاً لدعواها بعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها كما لو كانت طرفاً في الخصومة المفصول فيها، بل كان الاستناد إليه كدليل من أدلة الدعوى المطروحة على بساط البحث والتقدير. على أن ما أثبته الحكم المطعون فيه هو "أن دين أبو ستوليدى أخذ به حكم في سنة 1925 واختصاص في سنة 1926 "وشرع في نزع الملكية من سنة 1927 ورسا مزادها في 30 نوفمبر سنة 1932 "وأن دين الطاعنة نشأ بعقد رهن رسمي في 22 إبريل سنة 1929 ذكر فيه أسبقية "دين أبو ستوليد. وقد سجل هذا العقد في 14 فبراير سنة 1931 أي أثناء "قيام دعوى نزع الملكية، ولذلك لم يظهر دينها في كشف الشهادات العقارية "في تلك الدعوى...". وفي هذا الذي ذكره الحكم ما يكفي لبيان علة عدم إدخال الطاعنة في الدعوى التي فصل فيها من المحكمة المختلطة بالحكم السابق ذكره.
وحيث إن الوجه الثاني مبناه أن الحكم المطعون فيه جاء مشوباً بقصور في الأسباب، فإنه حين تابع الحكم المختلط في القول بأن المدين اختص بحصته مفرزة في تركة أبيه لم يبين كيف كان هذا الاختصاص، فالقسمة لم تنعقد بين الورثة كتابة ولم يسجل عقدها حتى يصبح سارياً في حق الغير؛ وإذا كانت القسمة قد وقعت فعلاً فهي لا تتحقق إلا بوضع يد كل من الشركاء على نصيب معين محدود ثم استمرار هذه الحالة المدة الطويلة اللازمة للتملك بوضع اليد مع توافر الشروط القانونية، ويجب فوق ذلك أن تتغير صفة وضع اليد. والحكم المطعون فيه ليس فيه ما ينبئ بأن المحكمة الاستئنافية قد تقصت مسألة وضع اليد على هذا الأساس وتحققت من توافره.
وحيث إن الحكم المطعون فيه عني بتمحيص مسألة القسمة التي كانت أساس النزاع بين الخصوم سواء لدى القضاء المختلط أو الأهلي، وخلص من هذا البحث إلى أن الورثة اقتسموا الأرض المخلفة عن مورثهم من زمن يربو على المدة الطويلة للتملك بوضع اليد، وأن نصيب علي عبد الرحيم مدين الطاعنة وقع في جهة معينة هي ناحية نواي، وأن دائنه الأجنبي أخذ اختصاصاً على هذا النصيب، وقد ورد ذكر هذا الحق العيني في عقد الرهن الصادر للطاعنة. وأشار الحكم إلى التصرفات الصادرة من الورثة في أوقات مختلفة تأييداً للقسمة الحاصلة بينهم وإلى ما ذكره بعضهم في تصرفه من أنه يملك ما باع بمضي المدة الطويلة ولم يكن صدور الرهن من علي عبد الرحيم إلى الطاعنة على الشيوع في الأطيان إلا تالياً لذلك كله. وبهذا يكون الحكم المطعون فيه قد استظهر وضع يد مدين الطاعنة على ما اختص به في القسمة بصفته مالكاً المدة الطويلة المكسبة للملكية بشروطها القانونية، وفي هذا ما يغني عن حصول القسمة بعقد مسجل. ومتى تبين ذلك يكون الحكم المطعون فيه لم يخالف القانون في شيء ما إذا هو رتب على هذه القسمة نتائجها القانونية ولم يعول على ما كان من علي عبد الرحيم من رهنه إلى الطاعنة أرضاً شائعة لم يكن يملك شيئاً فيها.

الطعن 34 لسنة 11 ق جلسة 29 / 1 / 1942 مج عمر المدنية ج 3 ق 138 ص 409

جلسة 29 يناير سنة 1942

برياسة حضرة عبد الفتاح السيد بك وبحضور حضرات: علي حيدر حجازي بك وحسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك المستشارين.

-----------------

(138)
القضية رقم 34 سنة 11 القضائية

( أ ) إثبات. 

دعوى شفعة. دفع المدّعى عليه الدعوى بعدم الجوار. استناده في ذلك إلى أوراق قدّمها وطلبه التحقيق على الطبيعة للتثبت من صحة دفعه. عدم كفاية الأوراق في نظر المحكمة. إغفال طلب التحقيق. لا يصح. وجوب التحدّث عنه.
(ب) قسمة. 

عدم تسجيل العقد. لا يمنع غير المتقاسمين من التمسك بحصول القسمة واستقلال أحد الشركاء بجزء من العقار وفقدانه تبعاً لذلك حق طلب الشفعة.

--------------
1 - إذا كان المدّعى عليه في دعوى الشفعة قد دفع بعدم الجوار لأن المدّعي قد اختص بموجب قسمة أجريت بجزء معين من العقار المجاور ولم يعد ملكه مجاوراً للعقار المشفوع فيه، واستند في ذلك إلى أوراق قدّمها، وطلب التحقيق على الطبيعة للتثبت من ذلك، ورأت المحكمة أن الأوراق المقدّمة ليس فيها ما يقنع بأن المدّعي قد خرج من الشيوع، فإنه يكون لزاماً عليها أن تعرض لما طلبه المدّعى عليه من التحقيق وتقول كلمتها فيه ما دام هو قد اتخذه وسيلة لإثبات دعواه في حالة عدم اقتناع المحكمة بكفاية ما قدّمه من أسانيد. فإذا هي لم تفعل، ولم يكن فيما عرضت له في حكمها من البحث ما يفيد الرد صراحة أو ضمناً على هذا الطلب الذي هو مستقل عن الأسانيد الأخرى وله دلالة خاصة مادية لها أثرها في مصير الدعوى، فإن حكمها يكون باطلاً. ولا يصلح رداً على هذا الطلب قول الحكم إن المدّعى عليه لم يقدّم عقد القسمة أو صورة منه ما دام الثابت أن العقد لم يكن لديه لأنه لم يكن طرفاً فيه، وما دام العقد لم يكن قد سجل حتى كان يمكن الحصول على صورة منه.
2 - إن عدم تسجيل عقد القسمة لا يمنع غير المتقاسمين من التمسك بحصول القسمة وخروج أحد الشركاء بمقتضاها من الشيوع واستقلاله بجزء من العقار وفقدانه تبعاً لذلك حق طلب الشفعة. وذلك لأن التسجيل هنا إنما شرع لفائدة الغير صوناً لحقوقهم، فعدم حصوله لا يصح أن يعود بضرر عليهم ولا بنفع على من لم يقم به.

الطعن 48 لسنة 10 ق جلسة 2 / 1 / 1941 مج عمر المدنية ج 3 ق 87 ص 294

جلسة 2 يناير سنة 1941

برياسة حضرة محمد فهمي حسين بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك وعلي حيدر حجازي بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك المستشارين.

--------------

(87)
القضية رقم 48 سنة 10 القضائية

( أ ) بيع. 

دعوى بشأن عقار بعد بيعه. وجوب توجيهها إلى المشتري. مخاصمة البائع وحده فيها. البائع لا يمثل المشتري. الحكم الصادر في هذه الدعوى. لا يكون حجة على المشتري ولو كان عالماً بالخصومة.
(ب) ارتفاق 

مقرّر للأرض المبيعة. التنازل عنه. استخلاص المحكمة أن التنازل كان ملحوظاً عند التعاقد. سلطة محكمة الموضوع في ذلك.
(جـ) قوّة الشيء المحكوم فيه. 

وجوب احترامها. مثال. قسمة. حق ارتفاق.
(المادتان 232 و266 مدني)

-----------------
1 - إن البائع إذ كانت كل حقوقه في العقار المبيع تنتقل بالبيع إلى المشتري فلا وجه لاعتباره ممثلاً للمشتري في أي نزاع مع الغير بشأن العقار المبيع. ولذلك فإن كل دعوى ترفع بشأن المبيع يجب أن توجه إلى المشتري، وإذا خوصم البائع وحده فلا يكون الحكم الصادر عليه حجة على المشتري ولو كان عالماً بالخصومة، لأن القانون لا يوجب عليه التدخل فيها.
2 - إذا كانت المحكمة قد حصّلت في منطق سليم مما أشارت إليه في حكمها من أوراق الدعوى وتصرفات الخصوم المادية أن حق الارتفاق المقرّر للأرض المبيعة كان ملحوظاً التنازل عنه عند التعاقد فلا سبيل للجدل في ذلك لدى محكمة النقض لتعلقه بأمر واقعي قدّرته محكمة الموضوع واستدلت عليه بدليل جائز.
3 - إذا كان القسيمان قد اتفقا بمقتضى عقد القسمة على أن يترك كل منهما ثلاثة أمتار من حصته ليكون بينهما فاصل عرضه ستة أمتار يكون لكل منهما عليه حق ارتفاق، والتزم صاحب الحصة البحرية ألا ينشئ دورة مياه بالجهة القبلية للبناء الذي يحدثه، ثم باع جزءاً من حصته أقام فيه المشتري بناء على الصامت، وفتح نوافذ ومطلات فيه، فرفع عليه دعوى بإلزامه بسدّ هذه الفتحات، فحكم برفض دعواه بناء على أن المشتري قد اكتسب بمقتضى عقد القسمة حق ارتفاق على الثلاثة الأمتار الملاصقة لملكه والمملوكة لبائعه، ثم رفع المشتري دعوى على قسيم البائع له وزوجته التي تملكت حصته بعقد مسجل قبل تاريخ شرائه هو طلب فيها تثبيت ملكيته لحق الارتفاق على الستة الأمتار الفاصلة بين الحصتين مستنداً إلى عقد القسمة وإلى الحكم القاضي برفض طلب البائع له سدّ المطلات والفتحات، فرفضت المحكمة دعواه بناء على أسباب منها أن الحكم المذكور لا يثبت له حق الارتفاق على الثلاثة الأمتار الملاصقة لملكه لأنه ليس بحجة على زوجة القسيم لكونها لم تكن طرفاً فيه، فإن تعرّض المحكمة لحجية الحكم لم يكن له مقتضٍ، لأن زوجة القسيم لم يكن بينها وبين البائع للمدّعي أية علاقة قانونية في هذا الشأن، ثم إنها لا تدّعي حقاً على الثلاثة الأمتار التي كانت مملوكة للبائع وترتب عليها للمشتري منه حق الارتفاق بالحكم المذكور حتى كان يصح التعرّض لحجية الحكم على تلك الصورة. وإذن فقد كان الواجب ألا يهدر هذا الحكم وأن يحترم من جهة ما قضى به من ترتيب حق الارتفاق على الثلاثة الأمتار المجاورة لملك المشتري.

الطعن 39 لسنة 9 ق جلسة 30 / 11 / 1939 مج عمر المدنية ج 3 ق 9 ص 22

جلسة 30 نوفمبر سنة 1939

برياسة سعادة محمد لبيب عطية باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد فهمي حسين بك وعبد الفتاح السيد بك وعلي حيدر حجازي بك وأحمد مختار بك المستشارين.

---------------

(9)
القضية رقم 39 سنة 9 القضائية

بيع. قسمة. شيوع. 

زوال حالة الشيوع بين شريكين. قسمة الأرض بينهما. ظهور عجز فيما باعه أحدهما. لا شأن للآخر به. ضمان البائع. المساحة التي باعها على التحديد في عقد البيع.
(المادة 300 وما بعدها مدني)

----------------
إذا كانت حالة الشيوع بين الشريكين قد زالت بقسمة الأرض بينهما، وأصبح كل منهما وقت أن تصرف في حصته مالكاً لها ملكاً مفرزاً محدّداً، فإن أيهما لا يضمن في هذه الحالة إلا المساحة التي يبيعها على التحديد في عقد البيع. ولا شأن للآخر بأي عجز يظهر في المبيع. وذلك لأن تحميل كل منهما نصيباً من العجز لا يكون إلا مع بقاء حالة الشيوع بينهما. أما بعد القسمة فإن كلاً منهما يتحمل العجز الذي وقع في الحصة التي اختص بها.

الطعن 72 لسنة 7 ق جلسة 5 / 5 / 1938 مج عمر المدنية ج 2 ق 120 ص 335

جلسة 5 مايو سنة 1938

برياسة حضرة محمد فهمي حسين بك المستشار وبحضور حضرات: حامد فهمي بك وعبد الفتاح السيد بك وعلي حيدر حجازي بك وأحمد مختار بك المستشارين.

-------------------

(120)
القضية رقم 72 سنة 7 القضائية

(أ) وقف. قسمة. 

إشهاد القسمة وتقرير الخبير الملحق به. تفسيره وتعرّف مقصود الواقف من ذلك. منزل أقامه الواقف على بعض الموقوف. هل هو وقف أم تركة؟ الفصل في هذا النزاع من اختصاص المحاكم الشرعية. 

(المادة 16 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية)
(ب) نقض وإبرام. 

حكم من المحكمة الابتدائية بإيقاف الدعوى حتى يفصل من المحكمة الشرعية في مسألة تتعلق بأصل الوقف. استئنافه. إلغاؤه رغم صدور حكم المحكمة الشرعية باختصاصها وباعتبار العين المتنازع عليها وقفاً. نقض الحكم مع تأييد حكم الإيقاف. تعجيل الدعوى أمام المحكمة الابتدائية لتحكم في الموضوع الذي قضت بإيقاف الفصل فيه.

-------------------

1 - إن النزاع على تفسير إشهاد قسمة الوقف وتقدير خبير القسمة الملحق بهذا الإشهاد، وتعرّف مقصود الواقف من جميع ذلك للحكم فيما إذا كان المنزل الذي أقامه على بعض الأرض الموقوفة هو وقف يجري مجرى أصله أم هو تركة تؤول بعده إلى ورثائه، إنما هو نزاع يتعلق بأصل الوقف، فيمتنع على المحاكم الأهلية نظره وفقاً للمادة 16 من لائحة الترتيب.
2 - إذا حكمت المحكمة الابتدائية بإيقاف الفصل في الدعوى المرفوعة لها حتى يفصل من المحكمة الشرعية في مسألة من اختصاصها لتعلقها بأصل الوقف، ثم قضت محكمة الاستئناف بإلغاء هذا الحكم وإعادة القضية إلى المحكمة الابتدائية لتحكم في تلك المسألة نفسها على اعتبار أن الفصل فيها من اختصاص المحاكم الأهلية، وذلك رغم صدور حكم من المحكمة العليا الشرعية باختصاصها بها، ورأت محكمة النقض أن قضاء محكمة الاستئناف خاطئ، وتبينت أن المحكمة الشرعية قد فصلت في المسألة باعتبار العين المتنازع عليها وقفاً، فإنها تحكم بنقض الحكم الاستئنافي وتأييد حكم الإيقاف. وعلى من يهمه تعجيل الدعوى أن يسير فيها أمام المحكمة الابتدائية لتحكم في موضوعها الذي أوقف الفصل فيه.


الوقائع

تتضمن وقائع الدعوى - على ما يؤخذ من الحكم المطعون فيه والمستندات والأوراق المقدّمة لهذه المحكمة وكانت مقدّمة من قبل لمحكمة الاستئناف - أن المرحوم إسكندر فهمي باشا مورّث طرفي الخصوم في 21 من فبراير سنة 1929 أشهد على نفسه أمام محكمة مصر الابتدائية الشرعية أنه فيما قبل هذا التاريخ وقف بمقتضى حجة التغيير والوقف الشرعية المحرّرة من هذه المحكمة بتاريخ 6 يوليه سنة 1918 جميع الأطيان التي قدرها 114 فداناً و19 قيراطاً و6 أسهم بناحية زاوية دهشور التابعة لمركز العياط بمديرية الجيزة بالأحواض الآتية... وجميع ما تشتمل عليه تلك الأطيان من المباني المشتملة على منزل كبير لسكن الواقف مركب من دورين وثلاثين منزلاً صغيرة معدّة لسكن المزارعين وخمسة دكاكين مجعولة مخازن وإسطبل وكامل الوابور الكومبيل... والتابوت البحاري والمهمات حسبما ذلك مبين بالحجة المحكي تاريخها، وقفاً أهلياً بالإنشاء والشروط المدوّنة بتلك الحجة وبحجة التغيير الشرعية المحررة من هذه المحكمة في 5 من يناير سنة 1928 التي منها أنه أنشأ وقفه هذا على نفسه مدّة حياته، ثم من بعد وفاته تكون وقفاً على ولديه نجيب فهمي بك وزكي فهمي بك بالسوية بينهما... ... وأنه لما رُئي له بعد ذلك أن من المصلحة عدم الشيوع في الوقف بين ولديه وأولادهما وذرّيتهما لعدم حصول نزاع بينهم في المستقبل أن تكون بعد وفاته وقفاً على ولديه المذكورين مناصفة بينهما بغير شيوع لكل واحد منهما النصف الموقوف عليه مفرزاً على حدته، فلذلك قد انتدب كلاً من إمام شعبان بك وبدروس أبادير أفندي لمعاينة تلك الأطيان وإجراء قسمتها قسمين متعادلين على أن يكون كل قسم منهما يعادل القسم الآخر في القيمة بصرف النظر عما إذا كان يزيد قسم عن الآخر في عدد الأفدنة وغيرها مما بتلك الأطيان من الملحقات عن الآخر... ... وأجريا قسمتها قسمين اثنين بالصفة الآتية: فالقسم الأوّل وهو الذي خصص لنجيب فهمي بك... ... يشتمل على 61 فداناً و11 قيراطاً و14 سهماً من الأطيان الموقوفة بحوض الوطيات رقم 22 ... ... منها 60 فداناً قطعة واحدة كما يأتي... ... و12 قيراطاً و16 سهماً وهي قطعة أرض وما بها من مباني سبعة منازل من الثلاثين منزلاً الصغيرة المعدّة لسكن المزارعين وثلاثة دكاكين من خمسة الدكاكين المجعولة مخازن محدودة... ... وأما القسم الثاني الذي خصص لزكي فهمي بك... ... فهو يشتمل على 88 فداناً و7 قراريط و16 سهماً منها... ... ومنها فدان و4 قراريط قطعة معروفة بالجنينة محدودة... ... ومنها فدان و13 قيراطاً و20 سهماً قطعة بها مباني المنزل الكبير المعدّ لسكن الواقف والثلاثة والعشرون منزلاً الصغيرة المعدّة لسكن المزارعين والدكانان اللذان هما باقي الدكاكين الخمسة المجعولة مخازن... ... ويتبع هذا القسم الثاني كامل المباني التي بالقطعة الأرض البالغ مساحتها فداناً و11 قيراطاً و8 أسهم السابق تحديدها المشتملة تلك المباني على المنزل الكبير المعدّ لسكن الواقف والثلاثة دكاكين المجعولة مخازن المذكورة، وأيضاً كامل ما بأطيان هذا القسم الغير شائعة مع القسم الأول من الأشجار والآلات الزراعية، وأيضاً حصته وهي النصف باقي الوابور الكومبيل ومشتملاته وملحقاته ومنافعه حسبما ذلك جميعه بالتقرير والكشف المرافق لذلك التقرير (ومعبر عنه أنه قائمة) المحررين لمعرفة من انتدبنا لإجراء هذه القسمة السابق ذكرهما بتاريخ 30 يناير سنة 1929 وموقع منهما عليهما... ... وأن سعادة الواقف اطلع على التقرير والكشف المذكورين ووافق على ما جاء بهما ووقع عليهما بما يتضمن موافقته على ما ذكر بهما. إلى آخر الحجة المسجلة 77 جزء ثان وقف سنة 1928 - 1929. وبعد وفاة الواقف وأيلولة الوقف إلى ولديه المذكورين ارتاب الأخوان الموقوف عليهما فيما إذا كان المنزل الجديد الذي أقامه الواقف على القطعة التي مساحتها فدان و4 قراريط المعروفة بالجنينة التي وقعت في قسم زكي فهمي بك يعتبر وقفاً أو يجب اعتباره ملكاً لعدم التصريح عن ذلك بالوقفية، ثم انتهى رأيهما على عدم دخول المنزل المذكور في الوقف. ولذلك باع الإخوة الثلاثة نجيب بك وتوفيق أفندي وميشيل أفندي أنصباءهم فيه إلى أخيهم زكي بك بثمن قدره 800 جنيه دفع منه المشتري 200 جنيه إلى أخيه توفيق أفندي، وتنازل ميشيل أفندي عن حصته لأخويه نجيب بك وزكي بك مناصفة، وحرر المشتري سنداً بباقي الثمن وقدره 300 جنيه إلى نجيب بك وهو قيمة حصته. وحرر بهذا البيع عقد ابتدائي في تاريخ 18 سبتمبر سنة 1931 وعقد نهائي بتاريخ 24 أكتوبر سنة 1931. ونظراً لأنه كان قد نزع جزء من الأرض الموقوفة للمنفعة العامة وأودع ثمنه البالغ قدره 339 جنيهاً و840 مليماً بخزانة محكمة مصر الشرعية تقدّم زكي فهمي بك لهيئة التصرفات بتلك المحكمة للإذن بصرف المبلغ المودع لتسديده لبائعي المنزل المتقدّم الذكر على أن يلحقه بالوقف، فرفضت محكمة مصر الشرعية هذا الطلب في 11 من نوفمبر سنة 1931 بانية قرارها بالرفض على أن هذا المنزل قد أنشأه الواقف بدلاً من المنزل الموقوف الذي تهدم وليستعمل كما كان يستعمل المنزل الأوّل.
لذلك رفع زكي فهمي بك على أخويه نجيب بك وتوفيق أفندي دعوى أمام محكمة مصر الابتدائية الأهلية قيدت بجدولها برقم 845 سنة 1932 كلي طلب فيها الحكم: (أوّلاً) ببطلان البيع الصادر منهما له بالعقد المؤرخ في 24 أكتوبر سنة 1931 المسجل في 4 نوفمبر سنة 1931. (ثانياً) ببطلان الكمبيالة المحررة عليه لأخيه نجيب فهمي بك المدعى عليه الأوّل في ذلك التاريخ بمبلغ 300 جنيه وبراءة ذمته منها. (ثالثاً) إلزام المدعى عليه الثاني توفيق فهمي أفندي بأن يرد للطالب المائتي جنيه السابق دفعها له مع المصاريف والأتعاب والنفاذ بلا كفالة.
فدفع المدعى عليهما بعدم اختصاص المحاكم الأهلية بنظر الدعوى على اعتبار أن النزاع في المنزل المذكور يتعلق بأصل الوقف، ثم بعدم قبول الدعوى، ثم طلبا أخيراً الحكم بإيقافها حتى تفصل المحكمة الشرعية فيما إذا كان المنزل يعتبر وقفاً أو لا يعتبر.
وبتاريخ 11 من إبريل سنة 1932 حكمت محكمة مصر الابتدائية: (أوّلاً) برفض الدفعين الفرعيين بعدم الاختصاص وعدم قبول الدعوى. (ثانياً) بإيقاف الدعوى حتى يفصل من الجهة المختصة فيما يتعلق بوقف المنزل موضوع هذه الدعوى وعلى صاحب المصلحة رفع الدعوى أمام المحكمة الشرعية. وتنفيذاً لحكم الإيقاف رفع زكي فهمي بك أمام محكمة مصر الابتدائية الشرعية دعوى على أخويه المدعى عليهما وقيدت بجدولها برقم 24 كلي سنة 1932 - 1933، وحل فيها محله جورجي جيعه أفندي الذي عينته المحكمة الشرعية ناظر خصومة. وقد ادعى هذا الناظر على المدعى عليهما أن الواقف أنشأ وقفه على نفسه، ثم على ولديه زكي فهمي بك ونجيب فهمي بك مناصفة بينهما على ما جاء بالحجة الصادرة بتاريخ 6 يوليه سنة 1918 وبحجة التغيير الصادرة بتاريخ 5 يناير سنة 1928، ثم قسم أعيان الوقف بين ولديه بمقتضى حجة القسمة الصادرة بتاريخ 21 فبراير سنة 1929 بعد أن ندب لذلك خبيرين قاما بعملية القسمة وقدّما له تقريراً بذلك اعتمده ورتب عليه إشهاد القسمة فجعل لابنه زكي بك القسم الثاني ومنه قطعة الأرض التي مساحتها فدان وأربعة قراريط المعروفة بالجنينة كما جعل له بناء المنزل المقام على بعض هذه القطعة المكوّن من بدروم ودور فوقه، وأن المدعى عليهما يتعرّضان في جريان هذا البناء فيما هو موقوف على زكي بك من والده بغير حق وطلب الحكم له بصفته المبينة بجريان بناء هذا المنزل فيما هو موقوف على زكي بك من والده المشمول بنظره وأمر المدعى عليهما بعدم التعرّض له في ذلك. وقد أجاب المدّعى عليهما على هذه الدعوى الشرعية بإنكار وقف هذا البناء، وقالا إنه لم يرد عليه الوقف لا بمقتضى حجة الوقف الصادرة في سنة 1918 لأنه لم يكن قد وجد، ولا بمقتضى حجة القسمة الصادرة في سنة 1929 لأنه لم يرد فيها ما يفيد وقفه ولا ما يفيد إنشاء وقف جديد به. وبتاريخ 16 يوليه سنة 1934 حكمت المحكمة الشرعية المذكورة بجريان بناء المنزل القائم على بعض قطعة الأرض رقم واحد المعروفة بالجنينة الكائنة بحوض الوطيات بزمام زاوية دهشور مركز العياط المحدودة بالحدود السابقة - جريانه فيما هو موقوف على زكي فهمي بك من قبل والده إسكندر فهمي باشا وأمرنا المدعى عليهما بعدم التعرّض في ذلك حضورياً.
وبتاريخ 18 من أغسطس سنة 1934 استأنف المحكوم عليهما هذا الحكم الشرعي لدى المحكمة العليا الشرعية طالبين إلغاءه ورفض الدعوى. وقيد هذا الاستئناف بجدول تلك المحكمة برقم 160 سنة 1933 - 1934.
وبتاريخ 30 أكتوبر سنة 1934 حكمت المحكمة العليا الشرعية في الاستئناف المذكور بقبوله شكلاً وفي الموضوع بتأييد الحكم المستأنف.
وبإعلان تاريخه 21 إبريل سنة 1935 عجل زكي فهمي بك دعواه الموقوفة أمام محكمة مصر الابتدائية الأهلية. وبإعلان آخر عدّل بعض طلباته. ثم شطبت الدعوى بجلسة 28 أكتوبر سنة 1935 رجاء الصلح. ثم جدّدت لجلسة 4 مايو سنة 1936. وبعد تأجيلها عدّة مرات رفع نجيب بك وأخوه استئنافاً عن حكم الإيقاف الصادر بتاريخ 11 إبريل سنة 1932 طالبين إلغاءه وإعادة القضية إلى المحكمة الابتدائية لتفصل في موضوعها على أنها هي المختصة بالفصل فيما إذا كان بناء المنزل المتنازع فيه ملكاً أو وقفاً. وقيد هذا الاستئناف بجدول محكمة استئناف مصر برقم 245 سنة 54 قضائية. فدفع زكي فهمي بك بعدم قبول هذا الاستئناف أو عدم جوازه واحتياطياً بسقوط الحق في إقامته. فحكمت المحكمة بتاريخ 6 مايو سنة 1937 برفض الدفوع المقدّمة وبجواز الاستئناف وبقبوله شكلاً وحدّدت لنظر موضوعه جلسة 29 مايو سنة 1937 وأبقت الفصل في المصاريف.
وبتاريخ 27 من يونيه سنة 1937 حكمت المحكمة حضورياً في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبإعادة القضية إلى المحكمة الابتدائية لتفصل في موضوعها لأنها هي المختصة بالفصل فيما إذا كان المنزل موضوع النزاع يعتبر وقفاً أم ملكاً وألزمت المستأنف عليه بمصاريف هذا الاستئناف وبخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة عنه للمستأنفين.
وقد أعلن هذا الحكم للطاعن في 4 من يوليه سنة 1937، فطعن فيه وكيله بطريق النقض في 26 من ذلك الشهر بتقرير أعلن إلى المدّعى عليهما فيه في 27 و28 منه الخ.


المحكمة

ومن حيث إن مبنى الطعن أن محكمة الاستئناف قد قضت بإلغاء الحكم المستأنف القاضي بإيقاف الفصل في الدعوى حتى يفصل من الجهة المختصة فيما يتعلق بأصل وقف المنزل موضوع الدعوى، وبنت قضاءها هذا على أن الحكم المستأنف يعتبر في واقع الأمر صادراً بعدم اختصاص المحاكم الأهلية بنظر هذه المسألة التي كان متنازعاً فيها أمام المحكمة الابتدائية مع أنها لا تتعلق بأصل الوقف ما دام الفصل فيها لا يستلزم التعرّض لأي نص من نصوص كتب الوقف، وما دامت هذه النصوص واضحة لا غموض فيها، وما دام كل ما يقتضيه الفصل فيها هو مراجعة هذه الحجج وتطبيقها على الأعيان الموقوفة، ثم تطبيق الحكم الشرعي فيما إذا اتضح أن هذا المنزل قد بناه الواقف بعد إنشاء الوقف دون أن يدخل فيه. ويقول الطاعن إن محكمة الاستئناف قد أخطأت في تصوير ما كان متنازعاً فيه بين طرفي الخصومة فذكرت بصدر حكمها أن النزاع بين الخصوم كان يدور حول معرفة ما إذا كان المنزل يدخل أو لا يدخل في حجة الوقف الصادرة في 6 يوليه سنة 1918 وحجة التغيير الصادرة في 5 يناير سنة 1928 وإشهاد القسمة الصادر في 21 فبراير سنة 1929، وإن كان لا يدخل فيها وإنما بناه الواقف على أرض موقوفة فهل يعتبر وقفاً أم لا؟ ثم جعلت هذا النزاع بعد إيراده على هذه الصورة مما لا يتعلق بأصل الوقف ما دام الفصل فيه لا يفتقر إلا إلى تطبيق نصوص كتب الوقف الواضحة على الطبيعة والأخذ بعد ذلك بحكم الشريعة الإسلامية. ووجه الخطأ أنه كان مسلماً بين الخصوم أن لا حجة 6 يوليه سنة 1918 ولا حجة التغيير المؤرّخة في 5 يناير سنة 1928 دخل في أيهما بناء هذا المنزل الجديد المتنازع في وصفه لوقوع بنائه قبل تحرير إشهاد القسمة على بعض القطعة الموقوفة التي مساحتها فدان و4 قراريط، وإنما كان النزاع منحصراً فيما إذا كان بناء المنزل المذكور تم قبل إشهاد القسمة المؤرخ في 21 فبراير سنة 1929 أو تم بعد ذلك، ثم فيما إذا كان هذا البناء مما هو موقوف على زكي فهمي بك أو ملك لإسكندر باشا تركه ميراثاً عنه. فكان يدعي الطاعن الأمر الأوّل في الموضعين، ويدعي المدّعى عليهما الأمر الثاني. وكان كل طرف يؤيد وجهة نظره بإشهاد القسمة وتقرير الخبيرين وبما قدّمه من الأوراق، وذلك بتفسيرها على الوجه المناسب لمركزه في الدعوى. ويقول الطاعن إنه لا شك في أن النزاع على تفسير إشهاد قسمة الوقف وتقرير الخبيرين الملحق به والمحفوظ بالمحكمة الشرعية مرافقاً له، وتعرّف مقصود الواقف من جميع ذلك للحكم من بعد بجريان بناء المنزل الذي بناه الواقف على بعض وقفه مجرى أصله أو باعتباره ملكاً للواقف تركه لورثته - إن النزاع في ذلك كله يتعلق بأصل الوقف مما المحاكم الأهلية ممنوعة من نظره بمقتضى المادة 16 من لائحة ترتيبها.
وحيث إنه يبين من الوقائع التي عنيت هذه المحكمة بتدوينها بصدر هذا الحكم نقلاً عن حجج الوقف والأحكام الشرعية ومذكرات الخصوم أن النزاع بين الطرفين كان منحصراً حقيقة فيما إذا كان بناء المنزل المذكور تم قبل إشهاد القسمة المؤرّخ في 21 فبراير سنة 1929 أو أنه لم يتم إلا بعد ذلك، ثم فيما إذا كان هذا البناء على موجب إشهاد القسمة وتقرير خبيري القسمة المعتمد من الواقف هو مما هو موقوف على زكي فهمي بك الطاعن أو مما تركه الواقف ميراثاً عنه لورثته. ومثل هذا النزاع لا يفصل فيه إلا على ضوء إشهاد القسمة وتقرير خبيرها المذكورين بعد تعرّف مقصود الواقف من عباراته فيهما وهو ما عنيت المحكمة الشرعية بإبراز ما فيه من حق ومن باطل، وخرجت منه إلى الحكم بجريان بناء المنزل المتنازع عليه فيما هو موقوف على الطاعن.
وحيث إنه ما كان ينبغي لمحكمة الاستئناف بعد وضوح كل ذلك أمامها أن تلغي الحكم المستأنف وتعيد القضية إلى المحكمة الابتدائية لتفصل في نقطة النزاع هذه على اعتبار أنها من اختصاص المحاكم الأهلية. ولذلك يتعين نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بتأييد الحكم المستأنف. ولمن أراد التعجيل في الدعوى أن يقدّمها إلى المحكمة الابتدائية لتحكم في موضوعها الأصلي الذي كانت أوقفت الفصل فيه حتى تحكم المحكمة الشرعية فيما جعلته من اختصاصها لتعلقه بأصل الوقف. وذلك على أساس ما قضت به المحكمة الشرعية المختصة.

الطعن 16 لسنة 1 ق جلسة 17 / 12 / 1931 مج عمر المدنية ج 1 ق 19 ص 32

جلسة 17 ديسمبر سنة 1931

برياسة سعادة عبد الرحمن إبراهيم سيد أحمد باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: مراد وهبة بك وحامد فهمى بك وعبد الفتاح السيد بك وأمين أنيس باشا.

------------------

(19)
القضية رقم 16 سنة 1 القضائية

قسمة. 

حصولها بين ورثة. تسجيل محضر الخبير الذى أجراها. تصرف أحد الورثة فى نصيبه بموجب القسمة. اتفاق الورثة فيما بينهم على قسمة جديدة من غير إشراك المشترين من المتقاسمين. يعتبر بدلا يتعين تسجيله لسريانه على الغير. 

(المواد 457 و611 و615 مدنى)

-------------
إذا أقرّ الورثة القسمة التى أجراها الخبير المنتدب من قبل المحكمة، وصدّقت المحكمة على هذه القسمة وسجل محضر الخبير، ثم تصرف أحد الورثة فى نصيبه المقسوم كله أو بعضه بعقود مسجلة أو ثابتة التاريخ، ثم اتفق الورثة فيما بينهم بعد ذلك على تقسيم جديد لتلك الأطيان لم يدخلوا فيه معهم من تلقى الملكية بطريق الشراء عن أحدهم، فعد الاتفاق الأخير لا يعتبر قسمة جديدة نافذة على أولئك المشترين، وإنما هو عقد بدل بين ملاك، لا يكون حجة على غير المقتسمين إلا إذا سجل. وبدون ذلك لا يمكن الاحتجاج بهذا البدل على الغير الذى اكتسب حقا على الحصة التى اختص بها الوارث البائع له بموجب القسمة الأولى وحَفظ هذا الحق بالتسجيل.