جلسة 12 من يناير سنة 2013
برئاسة السيد القاضي/ محمد ممتاز متولي "رئيس محكمة النقض" وعضوية السادة القضاة/ محمد برهام عجيز، طارق سيد عبد الباقي، أحمد برغش وحاتم عبد الوهاب حمودة "نواب رئيس المحكمة".
-------------------
(14)
الطعن 189 لسنة 72 القضائية
(1) أموال "الأموال العامة للدولة: الترخيص في الانتفاع بالمال العام".
لجنة خدمات المناطق الصناعية وتمويلها لبناء الوحدات السكنية للعاملين بالشركات كيفيته. المواد 110، 111، 112 ق 43 لسنة 1979 بشأن نظام الإدارة المحلية المعدلة بق 50 لسنة 1981، 145 لسنة 1988 و14/ 2 ق 136 لسنة 1981 بشأن الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر. مفادها. قيام الدولة ممثله في لجنة الخدمات بكل منطقة صناعية بتحصيل نسبة من أرباح العاملين بكل شركة لتوفير وحدات سكنية لهم. مؤداه. اقتصار حق الشركات في الارتفاع بها. علة ذلك.
(2) بيع "أركان عقد البيع وشروطه: أركان عقد البيع: الرضا: الإيجاب والقبول".
التعاقد على البيع. لازمه. إيجاب يعبر به المتعاقد عن إرادته في إبرام عقد يلتزم به المتعاقد الآخر بنقل ملكية المبيع إليه مقابل ثمن نقدي مقترنا بقبول مطابق له صادر من الأخير. تمامه. بتوافر الدليل على تلاقي إرادتهما على قيام الالتزام بالبيع ونفاذه. م418 مدني.
(3) أموال "الأموال العامة للدولة: الترخيص في الانتفاع بالمال العام". بيع "بعض أنواع البيوع حق الانتفاع".
المبالغ المسددة من أرباح العاملين بالشركة المطعون ضدها إلى لجنة الخدمات بالمنطقة الصناعية والممثلة للدولة. اعتبارها مقابل انتفاع للوحدات السكنية المقامة من اللجنة للعاملين بتلك الشركة. قضاء الحكم المطعون فيه بعدم أحقية الطاعن بصفته رئيس الوحدة المحلية في مقابل الانتفاع الذي سددته الشركة استنادا إلى تخصيص تلك الوحدات للشركة على سبيل البيع. قصور وخطأ.
--------------
1 - مفاد النص في المادة 110 ، 111، 112 من القانون رقم 43 لسنة 1979 بشأن نظام الحكم المحلى (الإدارة المحلية وفقا للتعديل بالقانون 145 لسنة 1988) المعدلة بالقانون رقم 50 لسنة 1981 والمادة 14 / 2 ق136 لسنة 1981 - بشأن الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر - يدل على أن المشرع أناط إلى لجنة الخدمات بكل منطقة صناعية اختصاص بتحصيل نسبة من أرباح العاملين بالشركات الواقعة في نطاقها يتم تخصيصها في تمويل بناء الوحدات السكنية اللازمة للإسكان الإداري للعاملين بكل شركة أو مجموعة من الشركات المتجاورة، وفي حالة توافر فائض في هذه الأموال يتم أيلولتها لصندوق الإسكان الاقتصادي بالمحافظة وهو ما يدل على أن الغاية من ذلك هو تشجيع إقامة التجمعات الصناعية وتوفير كافة الخدمات لها والعمل على إزالة المعوقات التي تقف حائلاً أمام الشركات لاستمرار النشاط فيها على الوجه الأمثل ، ومن أهم هذه المعوقات هي المشكلة المتعلقة بكيفية توفير وحدات سكنية للعاملين بتلك الشركات ، فتدخل الشارع بالنصوص القانونية المشار إليها وحدد نسبة من حصيلة أرباح العاملين بكل شركة يتم تحصيلها لحساب لجنة الخدمات بالمنطقة لتقوم بتمويل بناء الوحدات السكنية اللازمة للعاملين بهذه الشركة أو للعاملين بالشركات المتجاورة، وهو ما يستلزم أن تكون مملوكة للدولة التي يمثلها قانوناً في هذا الشأن لجنة الخدمات آنفة البيان التي تقوم ببنائها وإدارتها وتخصيصها لإسكان العاملين بالشركات الواقعة بكل منطقة صناعية ، ومن ثم فإنه لا يكون لهذه الشركات سوى حق الانتفاع فقط بتلك الوحدات.
2 - المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن التعاقد على البيع طبقا لنص المادة 418 من القانون المدني يقتضى إيجابا يعبر به المتعاقد الصادر منه على وجه جازم عن إرادته في إبرام عقد يلتزم به المتعاقد الآخر أن ينقل إليه ملكية الشيء المبيع في مقابل ثمن نقدي وأن يقترن به قبول مطابق له يصدر من هذا الأخير, ولا يعتبر هذا التعاقد تاما وملزما إلا بتوافر الدليل على تلاقى إرادة المتعاقدين على قيام الالتزام بالبيع ونفاذه.
3 - إذ كان البين من الأوراق أن الوحدات السكنية محل النزاع مملوكة للدولة - على نحو ما سلف بيانه (حيث شاركت لجنة الخدمات بالمنطقة الصناعية والممثلة للدولة في تمويل بناءها للعاملين بالشركات التي تقع في نطاقها والتي تستقطع نسبة من أرباح العاملين بها تحصلها اللجنة) - وأن ما صدر من لجنة الخدمات بالمنطقة الصناعية من إجراءات بخصوصها لم يكن بيعا لها وإنما هو تخصيص للانتفاع بها لصالح العاملين بالشركة المطعون ضدها, وأن ما سددته الأخيرة من مبالغ نقدية إلى لجنة الخدمات لم يكن سوى حصتها في النسبة المحصلة من أرباح العاملين لديها , على نحو ما ثبت من تقرير الخبير المقدم أمام محكمة أول درجة , فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى بقضائه إلى عدم أحقية الطاعن بصفته في مقابل الانتفاع الذي سددته له الشركة المطعون ضدها على سند من أن تخصيص الوحدات السكنية المتنازع عليها كان على سبيل البيع , فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وهو ما حجبه عن بحث مدى أحقية الطاعن في تحصيل هذا المبلغ من الشركة المطعون ضدها كمقابل انتفاع بالوحدات السكنية طبقا لقرارات لجنة مجلس الخدمات بمنطقة الخانكة المشكلة بقرار رئيس الجمهورية رقم 135 لسنة 1974 والتي من ضمن تشكليها رئيس مجلس إدارة الشركة الأخيرة , مما يعيبه أيضا بالقصور في التسبيب.
------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت على الطاعن بصفته وآخرين - غير مختصمين في الطعن - الدعوى رقم ... لسنة 1996 مدني بنها الابتدائية بطلب الحكم أولا: بثبوت ملكيتها للوحدات السكنية المبينة بالصحيفة. ثانيا: وبإلزام الطاعن بصفته بأن يرد إليها مبلغ 1083.170 جنيها وفوائده وما يستجد حتى تاريخ الفصل في الدعوى، وقالت بيانا لذلك إنها تمتلك ورشا لإصلاح وصيانة معداتها بمنطقة أبو زعبل بالخانكة وقد تقدمت إلى الجهة الإدارية بطلب شراء ثلاثة عقارات - بها عدد 68 وحدة سكنة - من عقارات الإسكان الصناعي التي قامت ببنائها لتسكين العامين إداريا بالشركات الكائنة بهذه المنطقة، وقامت باستلامها فعليا بعد سدادها كامل الثمن البالغ قدرها 391030 جنيه، ونظرا لامتناع الجهة الإدارية عن موافاتها بالمستندات اللازمة لنقل الملكية وقيام الطاعن بصفته بتحصيل المبلغ المطالب به كمقابل انتفاع بتلك الوحدات فقد أقامت الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا فيها، وبعد أن قدم تقريره حكمت بإلزام الطاعن بصفته برد المبلغ آنف البيان وفوائده القانونية ورفضت طلب تثبيت الملكية. استأنف الطاعن بصفته هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا "مأمورية بنها" بالاستئناف رقم 946 لسنة 32ق، ندبت المحكمة خبيرا في الدعوى، وبعد أن قدم تقريره فيها قضت بتاريخ ../ ../ .... بتأييد الحكم المستأنف.
طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على المحكمة - في غرفة مشورة - فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائي بالحكم المطعون فيه قضى بإلزامه برد المبلغ المحصل كمقابل انتفاع بالوحدات السكنية على سند من أن تخصيصها للشركة المطعون ضدها كان على سبيل البيع وليس الإيجار رغم أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بدفاع مؤيد بالمستندات بملكية هذه الوحدات لمجلس خدمات الوحدة المحلية المشكلة بقرار رئيس الجمهورية رقم 135 لسنة 1974 الذي أناط إليه تحديد المشروعات التي يتم تمويلها من نسبة أرباح العاملين بالشركات الواقعة بالمنطقة، وهو ما تأكد صحته من تقرير الخبير الذي انتهى إلى أن المبلغ المسدد تم الحصول عليه من النسبة المخصصة لأرباح العاملين بالشركة المطعون ضدها، ومن فتوى مجلس الدولة برئاسة الجمهورية ومذكرة قطاع الشئون القانونية بالشركة آنفة البيان، فضلا عن تناقضها في تحديد ثمن المبيع وسدادها لجزء منه في تاريخ سابق لتقديم طلب التخصيص، فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر ولم يعن ببحث دفاعه الجوهري المشار إليه ودلالة المستندات المؤيدة له، فإنه يكون معيبة بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة 110 من القانون رقم 43 لسنة 1979 بشأن نظام الحكم المحلي المعدلة بالقانون رقم 50 لسنة 1981 على أن "يجوز بقرار المحافظ بناء على اقتراح المجلس الشعبي المحلي للمحافظة وبعد أخذ رأي وزراء التخطيط والمالية والصناعة والقوى العاملة نطاق المناطق الصناعية بالمحافظة وإنشاء الجان للخدمات بها..."، والنص في المادة 111 من هذا القانون على أن تتولى "لجنة الخدمات بالمنطقة الصناعية ... وكما تتولى بوجه خاص ما يأتي:- (1) ... (2) ... (3) تحديد المشروعات التي يتم الصرف عليها من أرباح الشركات الواقعة في نطاق المنطقة وطبقا للأحكام المقررة في هذا الشأن وذلك من النسبة المخصصة من 10% المخصصة من حصيلة الخدمات الاجتماعية المركزية وكذلك ال 5% المخصصة للخدمات الاجتماعية وخدمات الإسكان (4) ..."، والنص في المادة 112 من ذات القانون على أن "تتولى لجان الخدمات بالمناطق الصناعية مباشرة اختصاصاتها المنصوص عليها في المادة السابقة في حدود الموارد المخصصة لذلك من بين الموارد التالية: (1) ما يخص (من) نصيب العاملين في أرباح الوحدات الصناعية بالمنطقة. (2) ... (3) ... وتدرج حصيلة هذه الموارد في حساب خاص للصرف منها بقرار من لجنة الخدمات بالمنطقة الصناعية في الأغراض المخصصة لها تحت إشراف المجلس الشعبي المحلي المختص" كما تنص الفقرة الثانية من المادة الرابعة عشرة من القانون رقم 136 لسنة 1981 بشأن الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر على أنه "يخصص ثلثا نسبة ال 15% المخصصة للخدمات من أرباح العاملين بشركات القطاع العام لتمويل الوحدات اللازمة الإسكان العاملين بكل شركة أو مجموعة من الشركات المتجاورة ويؤول ما يفيض عن حاجة هؤلاء العاملين إلى صندوق تمويل الإسكان الاقتصادي بالمحافظة" مفاد هذه النصوص جميعا أن المشرع أناط إلى لجنة الخدمات بكل منطقة صناعية اختصاصا بتحصيل نسبة من أرياح العاملين بالشركات الواقعة في نطاقها يتم تخصيصها في تمويل بناء الوحدات السكنية اللازمة للإسكان الإداري للعاملين بكل شركة أو مجموعة من الشركات المتجاورة، وفي حالة توافر فائض في هذه الأموال يتم أيلولتها لصندوق الإسكان الاقتصادي بالمحافظة وهو ما يدل على أن الغاية من ذلك هو تشجيع إقامة التجمعات الصناعية وتوفير كافة الخدمات لها والعمل على إزالة المعوقات التي تقف حائلا أمام الشركات الاستمرار النشاط فيها على الوجه الأمثل، ومن أهم هذه المعوقات هي المشكلة المتعلقة بكيفية توفير وحدات سكنية للعاملين بتلك الشركات، فتدخل الشارع بالنصوص القانونية المشار إليها وحدد نسبة من حصيلة أرباح العاملين بكل شركة يتم تحصيلها لحساب لجنة الخدمات بالمنطقة لتقوم بتمويل بناء الوحدات السكنية اللازمة للعاملين بهذه الشركة أو للعاملين بالشركات المتجاورة، وهو ما يستلزم أن تكون مملوكة للدولة التي يمثلها قانونا في هذا الشأن لجنة الخدمات آنفة البيان التي تقوم ببنائها وإدارتها وتخصيصها لإسكان العاملين بالشركات الواقعة بكل منطقة صناعية، ومن ثم فإنه لا يكون لهذه الشركات سوي حق الانتفاع فقط بتلك الوحدات، ولما كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن التعاقد على البيع طبقا لنص المادة 418 من القانون المدني يقتضي إجابة يعبر به المتعاقد الصادر منه على وجه جازم عن إرادته في إبرام عقد يلتزم به المتعاقد الأخر أن ينقل إليه ملكية الشيء المبيع في مقابل ثمن نقدي وأن يقترن به قبول مطابق له يصدر من هذا الأخير ولا يعتبر هذا التعاقد تامة وملزمة إلا بتوافر الدليل على تلاقى إرادة المتعاقدين على قيام الالتزام بالبيع ونفاذه. لما كان ما تقدم، وكان البين من الأوراق أن الوحدات السكنية محل النزاع مملوكة للدولة - على نحو ما سلف بيانه - وأن ما صدر من لجنة الخدمات بالمنطقة الصناعية من إجراء انت بخصوصها لم يكن بيعة لها وإنما هو تخصيص للانتفاع بها لصالح العاملين بالشركة المطعون ضدها، وأن ما سددته الأخيرة من مبالغ نقدية إلى لجنة الخدمات لم يكن سوى حصتها في النسبة المحصلة من أرباح العاملين لديها - على نحو ما ثبت من تقرير الخبير المقدم أمام محكمة أول درجة - فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى بقضائه إلى عدم أحقية الطاعن بصفته في مقابل الانتفاع الذي سددته له الشركة المطعون ضدها على سند من أن تخصيص الوحدات السكنية المتنازع عليها كان على سبيل البيع، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وهو ما حجبه عن بحث مدى أحقية الطاعن في تحصيل هذا المبلغ من الشركة المطعون ضدها كمقابل انتفاع بالوحدات السكنية طبقا لقرارات لجنة مجلس الخدمات بمنطقة الخانكة المشكلة بقرار رئيس الجمهورية رقم 135 لسنة 1974 والتي من ضمن تشكليها رئيس مجلس إدارة الشركة الأخيرة، مما يعيبه أيضأ بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه.