الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 6 أبريل 2020

الطعن 3539 لسنة 59 ق جلسة 11 / 10 / 1989 مكتب فني 40 ق 126 ص 758

جلسة 11 من أكتوبر سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي اسحق وفتحي خليفة نائبي رئيس المحكمة وعلي الصادق عثمان وأحمد عبد الباري.
------------
(126)
الطعن رقم 3539 لسنة 59 القضائية
شيك بدون رصيد. إجراءات "إجراءات المحاكمة". تزوير "الادعاء بالتزوير". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بتزوير الشيك. جوهري. وجوب تحقيقه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه.
التأخير في الإدلاء بالدفاع. لا يدل حتماً على عدم جديته.
استعمال المتهم حقه في الدفاع عن نفسه في مجلس القضاء. لا يصح وصفه بعدم الجدية. علة ذلك؟
مثال لتسبيب معيب للرد على الدفع بتزوير الشيك.
----------------
لما كان البين من محضر الجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أن الطاعن طلب أجلاً للطعن بالتزوير على الشيك محل الاتهام بيد أن المحكمة الاستئنافية قضت بتأييد الحكم المستأنف الذي دان الطاعن وأطرح ما أثاره من دفاع بقوله "وحيث إن المحكمة تلتفت عما قرره المتهم بشأن طلبه أجلاً للطعن بالتزوير على الشيك موضوع الاتهام ذلك أن المحكمة ترى أن هذا الطعن غير جدي ليس من ورائه هدف سوى إطالة أمد النزاع وتعطيل الفصل في الدعوى الجنائية آية ذلك أن المتهم لم يطعن بالتزوير على الشيك طيلة نظر الدعوى الجنائية أمام محكمة أول درجة، إضافة أنه ليس ثمة ما يمنع المتهم من التقرير بهذا الطعن من تلقاء نفسه الأمر الذي لم يفعله" لما كان ذلك وكان الدفع بتزوير الشيك هو دفاع جوهري لتعلقه بتحقيق الدليل المقدم في الدعوى بحيث إذ صح هذا الدفاع لتغير وجه الرأي فيها، فكان على المحكمة أن تحققه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه. فإن هي استغنت عن تحقيق هذا الدليل فعليها أن تبين علة ذلك بشرط الاستدلال السائغ وكان رد الحكم بأن التأخير في الطعن بالتزوير يجعل الدفع به غير جدي لا يصلح رداً على هذا الدفع ولا يسوغ إطراحه لما هو مقرر من أن التأخير في الإدلاء بالدفاع لا يدل حتماً على عدم جديته ما دام منتجاً من شأنه أن تندفع به التهمة أو يتغير به وجه الرأي في الدعوى، كما أن استعمال المتهم حقه المشروع في الدفاع عن نفسه في مجلس القضاء لا يصح البتة أن ينعت بعدم الجدية ولا أن يوصف بأنه جاء متأخراً لأن المحاكمة هي وقته المناسب الذي كفل فيه القانون لكل متهم حقه في أن يدلي بما يعن له من طلبات التحقيق وأوجه الدفاع وإلزام المحكمة النظر فيه تحقيقه ما دام فيه تجلية للحقيقة وهداية إلى الصواب.

الوقائع
أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر ضد الطاعن بوصف أنه أعطى له شيكاً بمبلغ ألف وخمسمائة جنيه مسحوباً على البنك الأهلي - فرع منوف - لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب مع علمه بذلك. وطلب عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يدفع له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل، وكفالة عشرين جنيهاً لإيقاف التنفيذ وبأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت عارض المحكوم عليه، وقضي في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. استأنف ومحكمة شبين الكوم الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض، وقضي في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المعارض فيه بالاكتفاء بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل والنفاذ والتأييد فيما عدا ذلك.
فطعن الأستاذ....... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إعطاء شيك بدون رصيد قد شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الطاعن أثار دفاعاً جوهرياً أمام المحكمة الاستئنافية بتزوير الشيك وطلب التصريح له بالطعن بالتزوير عليه بيد أن المحكمة ردت عليه برد غير سائغ مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من محضر الجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أن الطاعن طلب أجلاً للطعن بالتزوير على الشيك محل الاتهام بيد أن المحكمة الاستئنافية قضت بتأييد الحكم المستأنف الذي دان الطاعن وأطرح ما أثاره من دفاع بقوله "وحيث إن المحكمة تلتفت عما قرره المتهم بشأن طلبه أجلاً للطعن بالتزوير على الشيك موضوع الاتهام ذلك أن المحكمة ترى أن هذا الطعن غير جدي ليس من ورائه هدف سوى إطالة أمد النزاع وتعطيل الفصل في الدعوى الجنائية آية ذلك أن المتهم لم يطعن بالتزوير على الشيك طيلة نظر الدعوى الجنائية أمام محكمة أول درجة، إضافة أنه ليس ثمة ما يمنع المتهم من التقرير بهذا الطعن من تلقاء نفسه الأمر الذي لم يفعله". لما كان ذلك وكان الدفع بتزوير الشيك هو دفاع جوهري لتعلقه بتحقيق الدليل المقدم في الدعوى بحيث إذ صح هذا الدفاع لتغير وجه الرأي فيها، فكان على المحكمة أن تحققه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه. فإن هي استغنت عن تحقيق هذا الدليل فعليها أن تبين علة ذلك بشرط الاستدلال السائغ وكان رد الحكم بأن التأخير في الطعن بالتزوير يجعل الدفع به غير جدي لا يصلح رداً على هذا الدفع ولا يسوغ إطراحه لما هو مقرر من أن التأخير في الإدلاء بالدفع لا يدل حتماً على عدم جديته ما دام منتجاً من شأنه أن تندفع به التهمة أو يتغير به وجه الرأي في الدعوى، كما أن استعمال المتهم حقه المشروع في الدفاع عن نفسه في مجلس القضاء لا يصح البتة أن ينعت بعدم الجدية ولا أن يوصف بأنه جاء متأخراً لأن المحاكمة هي وقته المناسب الذي كفل فيه القانون لكل متهم حقه في أن يدلي بما يعن له من طلبات التحقيق وأوجه الدفاع وإلزام المحكمة النظر فيه وتحقيقه ما دام فيه تجلية للحقيقة وهداية إلى الصواب. لما كان ما تقدم، فإن الحكم يكون معيباً بما يوجب نقضه والإعادة مع إلزام المطعون ضده المدعي بالحقوق المدنية بالمصاريف المدنية بغير حاجة إلى بحث الوجه الآخر من الطعن.

الطعن 1851 لسنة 59 ق جلسة 9 / 10 / 1989 مكتب فني 40 ق 125 ص 751

جلسة 9 من أكتوبر سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى طاهر نائب رئيس المحكمة وحامد عبد الله وفتحي الصباغ ومصطفى كامل.
-------------
(125)
الطعن رقم 1851 لسنة 59 القضائية
 (1)إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في تجزئه أقوال الشاهد. حد ذلك؟.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "اعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
خطأ المحكمة في تسمية أقوال المتهم اعترافاً. لا ينال من سلامة الحكم. طالما أنها لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للاعتراف.
 (3)تزوير "تزوير الأوراق الرسمية". جريمة "أركانها". اشتراك. أحوال شخصية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عقد الزواج وثيقة رسمية. مناط العقاب على التزوير فيها؟.
مثال لتسبيب سائغ لإثبات الاشتراك في تزوير وثيقة الزواج.
 (4)قانون "تفسيره" "سريانه" "الاعتذار بالجهل بالقانون". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". موظفون عموميون. شريعة إسلامية. أحوال شخصية "زواج".
قبول الاعتذار بالجهل لحكم من أحكام قانون غير قانون العقوبات. شرطه؟
نص المادتان 63، 60 من قانون العقوبات. مفاده؟.
دفاع الطاعن بحسن نيته في زواجه ممن تتوافر فيها الموانع الشرعية للزواج لا ينهض بمجرده سنداً للتمسك بالاعتذار بالجهل بحكم من أحكام قانون الأحوال الشخصية.
 (5)تزوير "الأوراق الرسمية". جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القصد الجنائي في جريمة التزوير. مناط تحققه؟.
تحدث الحكم استقلالاً عن توافره، غير لازم.
--------------
1 - من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بأن تورد من أقوال الشاهد إلا ما تقيم عليه قضاءها ولها في سبيل استخلاص الصورة الصحيحة للواقعة أن تجزئ أقوال الشاهد وتأخذ بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه طالما أنها لم تمسخ الشهادة أو تحيلها عن معناها.
2 - من المقرر أنه لا يقدح في سلامة الحكم خطأ المحكمة في تسمية أقوال المتهم اعترافاً طالما أنها لم ترتب عليه وحدة الأثر القانوني للاعتراف - كما هو الحال في الدعوى المعروضة - ومن حقها كذلك أن تستمد اقتناعها من أي دليل له مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى. ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد.
3 - لما كان عقد الزواج وثيقة رسمية يختص بتحريرها موظف عام هو المأذون الشرعي وهذه الورقة قد أسبغ عليها القانون الصفة الرسمية لأن بمقتضاها تقوم الزوجية قانوناً بين المتعاقدين وتكون الآثار المترتبة عليها - فمتى تمت صحيحة - إذا ما جد النزاع بشأنها. ومناط العقاب على التزوير في وثيقة الزواج هو أن يقع تغيير الحقيقة في إثبات خلو أحد المتعاقدين من الموانع الشرعية مع العلم بذلك فكل عبث يرمي إلى إثبات غير الحقيقة في هذا الصدد يعد تزويراً. وكون المحكوم عليها الأولى ابنة لزوجة الطاعن المدخول بها هو من الموانع الشرعية للزواج. وإثبات المأذون على لسان المتعاقدين خلوهما من الموانع الشرعية مع علمهما - بقيام المانع - مما تتحقق به جريمة الاشتراك في تزوير وثيقة الزواج ويكون الحكم إذ انتهى إلى ذلك صحيحاً في حكم القانون ويكون النعي في غير محله ويتعين الالتفات عنه.
4 - من المقرر أنه يشترط لقبول الاعتذار بالجهل بحكم من أحكام قانون آخر غير قانون العقوبات أن يقيم من يدعي هذا الجهل الدليل على أنه تحرى تحرياً كافياً وأن اعتقاده الذي اعتقده بأنه يباشر عملاً مشروعاً له أسباباً معقولة. وهذا هو المعول عليه في القوانين التي أخذ عنها الشارع أسس المسئولية الجنائية وهو المستفاد من مجموع نصوص القانون فإنه مع تقرير قاعدة عدم قبول الاعتذار بعدم العلم بالقانون أوردت المادة 63 من قانون العقوبات أنه لا جريمة إذا وقع الفعل من موظف أميري في الأحوال الآتية: أولاً: إذا ارتكب الفعل تنفيذاً لأمر صادر إليه من رئيس وجبت عليه طاعته أو اعتقد أنها واجبة عليه. ثانياً: إذا حسنت نيته وارتكب فعلاً تنفيذاً لما أمرت به القوانين أو اعتقد أن إجرائه من اختصاصه وعلى كل حال يجب على الموظف أن يثبت أنه لم يرتكب الفعل إلا بعد التثبت والتحري وأنه كان يعتقد مشروعيته وأن اعتقاه كان مبنياً على أسباب معقولة. كما أورد في المادة 60 من قانون العقوبات أن أحكام هذا القانون لا تسري على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملاً بحق مقرر بمقتضى الشريعة. وكان دفاع الطاعن بحسن نيته لا ينهض بمجرده سنداً للتمسك بالاعتذار بعدم العلم بحكم من أحكام قانون الأحوال الشخصية الذي يحرم الجمع بين الزوجة ووالدتها. ما دام لم يقوم الدليل القاطع على أنه تحرى تحرياً كافياً وأن اعتقاده الذي اعتقده بأنه يباشر عملاً مشروعاً كانت له أسباباً معقولة تبرر له هذا الاعتقاد - وهو ما لا يجادل فيه الطاعن إذ أنه لم يقدم إلى محكمة الموضوع الدليل على ذلك - ومن ثم يكون ما ينعاه على الحكم في هذا الخصوص بعيداً عن محجة الصواب.
5 - من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التزوير يتحقق متى تعمد الجاني تغير الحقيقة منه وأنه لا يلزم الحكم أن يتحدث صراحة واستقلالاً عن هذا الركن ما دام أورد من الوقائع ما يشهد بقيامه وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن الطاعن قد اشترك بطريق المساعدة مع موظف عمومي حسن النية في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو وثيقة زواج المحكوم عليها الأولى من الطاعن حال تحريرها المختص بوظيفته وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن أدلى أمامه على خلاف الحقيقة بخلوهما من الموانع الشرعية حال كون الطاعن زوجاً لوالدة المحكوم عليها الأولى وقت زواجه من الأخيرة وقام الموظف بإثبات هذه البيانات بوثيقة الزواج وتمت الجريمة بناء على تلك المساعدة بما يشهد بتوافر القصد الجنائي في حقه. ومن ثم يكون منعاه في هذا الخصوص غير سديد ويكون النعي برمته في غير محله متعيناً رفضه.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 - ....... 2 - ....... (الطاعن) بأنهما: اشتركا بطريق المساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو...... مأذون ناحية...... دائرة مركز الجيزة في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو وثيقة زواج الأولى من الثاني حال تحريرها الموظف المختص بوظيفته وذلك بجعلهما واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهما بتزويرها بأن أدليا أمامه على خلاف الحقيقة بخلوهما من الموانع الشرعية حال كون المتهم الثاني زوجاً لوالدة المتهمة الأولى وقت زواجه من الأخيرة فقام الموظف المذكور بإثبات هذه البيانات بوثيقة الزواج سالفة البيان وتمت الجريمة بناء على تلك المساعدة. وأحالتهما إلى محكمة جنايات الجيزة لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً بالنسبة للمتهمة الأولى وحضورياً بالنسبة للمتهم الثاني (الطاعن) عملاً بالمواد 40/ 3، 41، 211، 213 من قانون العقوبات بمعاقبتهما بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاشتراك بطريق المساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو مأذون ناحية........ في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو وثيقة زواجه من المحكوم عليها الأولى. قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في القانون - ذلك أن الحكم المطعون فيه لم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة كذلك فإنه اجتزأ من أقوال الشاهد الأول ومن أقوال الطاعن التي أسماها اعترافاً على غير سند ما ينفي ارتكاب الجريمة. كذلك أخذ الطاعن بالمواد 40/ 3، 41، 211، 213 عقوبات على الرغم من أن هذه المواد لا تنطبق على واقعة الدعوى. فضلاً عن أن الطاعن دفع بعدم علمه بالقاعدة الشرعية التي تمنعه من الجمع بين الزوجة ووالدتها وبما ينتفي معه القصد الجنائي في جريمة التزوير إلا أن الحكم أطرح هذا الدفع بما لا يسوغه. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بقوله "حيث إن الواقعة حسبما استيقنتها المحكمة من الأوراق وما انطوت عليه من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تخلص في أن المتهم الثاني ..... متزوج من والدة المتهمة الأولى في 3/ 11/ 1953 بوثيقة زواج رقم ...... وعاشرها معاشرة الأزواج. ثم قام بالزواج من المتهمة الأولى ..... - ابنة زوجته - في..... بموجب وثيقة زواج رقم...... مركز الجيزة وأقر المتهمان عند توثيق الزواج أنهما خاليان من الموانع الشرعية". ثم دلل على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعن مما شهد به..... و..... وما هو ثابت بالوثيقتين.....، ..... مركز الجيزة". ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في بيان الواقعة وعدم إيراد مؤدى الأدلة يكون في غير محله - لما كان ذلك وكان من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بأن تورد من أقوال الشاهد إلا ما تقيم عليه قضاءها ولها في سبيل استخلاص الصورة الصحيحة للواقعة أن تجزئ أقوال الشاهد وتأخذ بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه طالما أنها لم تمسخ الشهادة أو تحيلها عن معناها. ومن ثم يكون نعي الطاعن في هذا الخصوص غير سديد، كما وإنه لا يقدح في سلامة الحكم خطأ المحكمة في تسمية أقوال المتهم اعترافاً طالما أنها لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للاعتراف - كما هو الحال في الدعوى المعروضة - ومن حقها كذلك أن تستمد اقتناعها من أي دليل له مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى. ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك وكان عقد الزواج وثيقة رسمية يختص بتحريرها موظف عام هو المأذون الشرعي وهذه الورقة قد أسبغ عليها القانون الصفة الرسمية لأن بمقتضاها تقوم الزوجية قانوناً بين المتعاقدين وتكون الآثار المترتبة عليها - فمتى تمت صحيحة - إذا ما جد النزاع بشأنها. ومناط العقاب على التزوير في وثيقة الزواج هو أن يقع تغيير الحقيقة في إثبات خلو أحد المتعاقدين من الموانع الشرعية مع العلم بذلك فكل عبث يرمي إلى إثبات غير الحقيقة في هذا الصدد يعد تزويراً. وكون المحكوم عليها الأولى ابنة لزوجة الطاعن المدخول بها هو من الموانع الشرعية للزواج. وإثبات المأذون على لسان المتعاقدين خلوهما من الموانع الشرعية مع علمهما - بقيام المانع - مما تتحقق به جريمة الاشتراك في تزوير وثيقة الزواج ويكون الحكم إذ انتهى إلى ذلك صحيحاً في حكم القانون ويكون النعي في غير محله ويتعين الالتفات عنه. لما كان ما تقدم وكان من المقرر أنه يشترط لقبول الاعتذار بالجهل بحكم من أحكام قانون آخر غير قانون العقوبات أن يقيم من يدعي هذا الجهل الدليل على أنه تحرى تحرياً كافياً وأن اعتقاده الذي اعتقده بأنه يباشر عملاً مشروعاً له أسباباً معقولة. وهذا هو المعول عليه في القوانين التي أخذ عنها الشارع أسس المسئولية الجنائية وهو المستفاد من مجموع نصوص القانون فإنه مع تقرير قاعدة عدم قبول الاعتذار بعدم العلم بالقانون أوردت المادة 63 من قانون العقوبات أنه لا جريمة إذا وقع الفعل من موظف أميري في الأحوال الآتية: أولاً: إذا ارتكب الفعل تنفيذاً لأمر صادر إليه من رئيس وجبت عليه طاعته أو اعتقد أنها واجب عليه. ثانياً: إذا حسنت نيته وارتكب فعلاً تنفيذاً لما أمرت به القوانين أو اعتقد أن إجرائه من اختصاصه وعلى كل حال يجب على الموظف أن يثبت أنه لم يرتكب الفعل إلا بعد التثبت والتحري وأنه كان يعتقد مشروعيته وأن اعتقاه كان مبنياً على أسباب معقولة. كما أورد في المادة 60 من قانون العقوبات أن أحكام هذا القانون لا تسري على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملاً بحق مقرر بمقتضى الشريعة. وكان دفاع الطاعن بحسن نيته لا ينهض بمجرده سنداً للتمسك بالاعتذار بعدم العلم بحكم من أحكام قانون الأحوال الشخصية الذي يحرم الجمع بين الزوجة ووالدتها. ما دام لم يقوم الدليل القاطع على أنه تحرى تحرياً كافياً وأن اعتقاده الذي اعتقده بأنه يباشر عملاً مشروعاً كانت له أسباباً معقولة تبرر له هذا الاعتقاد - وهو ما لا يجادل فيه الطاعن إذ أنه لم يقدم إلى محكمة الموضوع الدليل على ذلك - ومن ثم يكون ما ينعاه على الحكم في هذا الخصوص بعيداً عن محجة الصواب. لما كان ذلك وكان القصد الجنائي في جريمة التزوير يتحقق متى تعمد الجاني تغير الحقيقة منه وأنه لا يلزم الحكم أن يتحدث صراحة واستقلالاً عن هذا الركن ما دام أورد من الوقائع ما يشهد بقيامه وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن الطاعن قد اشترك بطريق المساعدة مع موظف عمومي حسن النية في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو وثيقة زواج المحكوم عليها الأولى من الطاعن حال تحريرها المختص بوظيفته وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن أدلى أمامه على خلاف الحقيقة بخلوهما من الموانع الشرعية حال كون الطاعن زوجاً لوالدة المحكوم عليها الأولى وقت زواجه من الأخيرة وقام الموظف بإثبات هذه البيانات بوثيقة الزواج وتمت الجريمة بناء على تلك المساعدة بما يشهد بتوافر القصد الجنائي في حقه. ومن ثم يكون منعاه في هذا الخصوص غير سديد ويكون الطعن برمته في غير محله متعيناً رفضه.

الطعن 2774 لسنة 59 ق جلسة 8 / 10 / 1989 مكتب فني 40 ق 124 ص 742

جلسة 8 من أكتوبر سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ مسعد الساعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عوض جادو وعادل عبد الحميد نائبي رئيس المحكمة وحسين الشافعي والبشري الشوربجي.
------------
(124)
الطعن رقم 2774 لسنة 59 القضائية
 (1)نقض "أسباب الطعن. عدم تقديمها".
التقرير بالطعن في الميعاد دون تقديم الأسباب. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
 (2)تقليد "تقليد عملة". مسئولية جنائية. قصد جنائي. حكم "ما لا يعيبه" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم تحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن علم المتهم بتقليد الأوراق المالية. لا يعيبه. حد ذلك؟
 (3)إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لمحكمة الموضوع الأخذ بأقوال متهم على متهم آخر. ولو وردت في محضر الشرطة. متى اطمأنت إليها. ولو عدل عنها.
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها. إغفالها بعض الوقائع. مفاده. إطراحها.
 (4)استدلالات. إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في التعويل على ما يتضمنه محضر الاستدلالات من اعترافات. وتقدير صحتها وقيمتها في الإثبات. موضوعي. ما دام سائغاً.
 (5)إثبات "شهود". تقليد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الخطأ في الإسناد الذي لا يعيب الحكم. ماهيته؟
 (6)تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". نيابة عامة. استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ الأمر بالتفتيش. موضوعي.
 (7)دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". دفوع. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع الذي تلتزم المحكمة بتحقيقه أو الرد عليه. ماهيته؟
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها. غير جائز أمام النقض.
(8) عقوبة "العقوبة المبررة". تقليد. اتفاق جنائي. نقض "حالات الطعن" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" "المصلحة في الطعن". ارتباط.
انتفاء مصلحة الطاعن في تعييب الحكم في خصوص جريمة الاتفاق الجنائي، ما دام الحكم قد اعتبر الجريمتين المسندتين إليه جريمة واحدة وفق أحكام المادة 32 عقوبات. وأوقع عليه عقوبة الجريمة الأشد وهي حيازة عملة مقلدة بقصد ترويجها.
---------------
1 - لما كان الطاعنين الثاني والثالث ولئن قررا بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنهما لم يودعا أسباباً لطعنهما مما يتعين معه القضاء بعدم قبول طعنهما شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من القانون رقم 57 سنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
2 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم عدم تحدثه صراحة وعلى استقلال عن علم المتهم بتقليد الأوراق المالية التي يتعامل بها ما دامت الوقائع كما أثبتها تعتبر توافر هذا العلم لديه وكان القول بتوافر علم المتهم بالتقليد هو من خصائص محكمة الموضوع تستقل به وتستخلصه من الوقائع والعناصر المطروحة عليها.
3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال متهم على متهم آخر ولو كانت واردة في محضر الشرطة متى اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للواقع ولو عدل عنها في مراحل التحقيق الأخرى وكان وزن أقوال الشهود وتعويل القضاء عليها إنما مرجعه إلى محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض وكانت المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ولا عليها إن هي التفتت عن أي دليل آخر في الأوراق لأن في عدم إيرادها له أو التحدث عنه ما يفيد إطراحه وعدم التعويل عليه.
4 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول على ما تضمنه محضر جمع الاستدلالات من اعترافات ما دامت قد اطمأنت إليها لما هو مقرر أن الاعترافات في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات بغير معقب ما دامت تقيمه على أسباب سائغة ولها سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من التحقيق بما في ذلك محضر ضبط الواقعة متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحق والواقع وطالما أنها استخلصت الإدانة من هذه الاعترافات استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه.
5 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر على عقيدة المحكمة.
6 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ الأمر بالتفتيش هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب.
7 - من المقرر أن الدفع الذي تلتزم المحكمة بتحقيقه والرد عليه هو الذي يبدى صراحة أمامها دون غيره من القول المرسل الذي لم يقصد به سوى مجرد التشكيك فيما اطمأنت إليه من أدلة الثبوت فليس للطاعن من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثره أمامها ولا يقبل منه التحدي بذلك الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض.
8 - لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وفق أحكام المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات بعد إعمال حكم المادة 17 من قانون العقوبات وهي العقوبة المقررة لجريمة حيازة العملة المقلدة بقصد الترويج فإنه لا مصلحة للطاعن فيما يثيره بشأن جريمة الاتفاق الجنائي على حيازة العملة المقلدة وترويجها ما دامت المحكمة قد دانته بجريمة حيازة العملة المقلدة بقصد ترويجها وأوقعت عليه العقوبة بوصف أنها الجريمة الأشد بالنسبة إلى جريمة الاتفاق الجنائي في شقيه.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 - ..... 2 - ..... (طاعن) 3 - ..... (طاعن) 4 - ..... 5 - ..... (طاعن) 6 - ...... 7 - ..... 8 - ....... 9 - ..... بأنهم.... (أولاً) المتهمين الثاني والثالث 1 - حازا وآخر مجهول بقصد الترويج عملة ورقية متداولة قانوناً في الخارج هي ثلاثين ورقة مالية من فئة المائة دولار أمريكي المضبوطة والمقلدة على غرار الأوراق المالية الصحيحة على النحو المبين بتقرير قسم أباحث التزييف والتزوير مع علمهم بأمر تقليدها ثانياً: شرعا في ترويج الأوراق المالية المضبوطة المقلدة سالف البيان بأن دفعا بها إلى التداول على النحو الموضح بالأوراق وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه وهو ضبطهما - والجريمة متلبساً بها (ثانياً) المتهم الخامس: حاز بقصد الترويج عملة ورقية متداولة قانوناً في الخارج هي سبعين ورقة مالية من فئة المائة دولار أمريكي المضبوطة والمقلدة على غرار الأوراق المالية الصحيحة على النحو المبين بتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير مع علمه بأمر تقليدها (رابعاً) المتهمين من الأول حتى الرابع: اتفقوا وآخر مجهول فيما بينهم اتفاقاً جنائياً الغرض منه ارتكاب جناية ترويج عملة ورقية متداولة قانوناً في الخارج هي الأوراق المالية المضبوطة والمقلدة على غرار الأوراق المالية الصحيحة من فئة المائة دولار أمريكي واتحدت إرادتهم جميعاً على ذلك بأن اتفقوا مع المتهمين الخامس والسادس على إحضار الأوراق المالية المضبوطة المقلدة لترويجها داخل البلاد (خامساًً) المتهمين من الخامس إلى التاسع: اشتركوا في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب جناية ترويج الأوراق المالية المضبوطة والمقلدة من فئة المائة دولار أمريكي المتداولة قانوناً في الخارج بأن اتحدت إرادتهم على ترويج العملة الورقية المقلدة على النحو المبين بالتحقيقات وأحالتهم إلى محكمة جنايات (الجيزة) لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للثاني والثالث والخامس وغيابياً للباقين عملاً بالمواد 45، 46/ 3، 48/ 1، 2، 202، 203 من قانون العقوبات مع تطبيق المادتين 32، 17 من ذات القانون. بمعاقبة كل من المتهمين الثاني والثالث والخامس بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما هو منسوب إليهم وبمعاقبة باقي المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة سنتين عما هو منسوب إليهم مع مصادرة العملة المقلدة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهم الثاني والثالث والخامس في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
من حيث إن الطاعنين الثاني والثالث ولئن قررا بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنهما لم يودعا أسباباً لطعنهما مما يتعين معه القضاء بعدم قبول طعنهما شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من القانون رقم 57 سنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
ومن حيث إن الطعن بالنسبة للطاعن الأول قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه دانه بجرائم حيازة أوراق عملة متداولة بالخارج مقلدة بقصد ترويجها والاتفاق الجنائي بغرض ارتكاب جناية ترويج العملة المقلدة مع الشروع في الترويج قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على خطأ في الإسناد وفي تطبيق القانون ذلك بأن الحكم دانه بجريمة حيازة أوراق العملة المقلدة بقصد ترويجها رغم انتفاء علمه بتقليدها وأسقط من أقوال الشهود ما ينفي صلة الطاعن بباقي المتهمين أو علمه بتقليد العملة كما التفت الحكم عن أقوال الطاعن والمتهمين بتحقيقات النيابة العامة رغم اختلافها عما عول عليه من أقوالهم بمحضر الضبط وحصل الحكم بأقوال المتهم الثالث من أن الطاعن ذهب إلى مدينة الإسماعيلية لإحضار العملات المضبوطة على خلاف الثابت بالأوراق كما أطرح دفع الطاعن ببطلان الضبط والتفتيش لعدم جدية التحريات بما لا يسوغه والتفت عن دفعه ببطلان اعترافه بمحضر ضبط الواقعة لصدوره تحت تأثير الإكراه الواقع عليه ودان الحكم الطاعن بجريمة الاتفاق الجنائي رغم عدم توافر أركانها في حقه. كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها مستمدة من أقوال الشهود واعتراف الطاعن بمحضر الضبط وما ثبت من تقرير فحص الأوراق المالية بمعرفة قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي، عرض لدفاع الطاعن الذي أشار إليه في أسباب طعنه في قوله "وحيث إن دفاع المتهم الثاني على لسان محاميه بني على الدفع ببطلان إذن الضبط والتفتيش لعدم جدية التحريات الأمر الذي يبطل ما ترتب على تنفيذ الإذن من إجراءات ومنها ضبط العملات المزيفة وما نسب إليه من إقرار محضر الضبط باعتبارها أثر مباشر من آثار القبض والتفتيش الباطلين. أما دفاعه الموضوعي فقد بني على عدم علمه بأن التعامل انصب على عملات مزيفة وأنه كان يعتقد أنها عملات صحيحة وأنه ذهب مع المتهم الثالث بناء على طلبه لتوصيل الدولارات إلى الشخص السعودي وإحضار مبلغ ألف وخمسمائة جنيه يداينه بها وكان ذهابه للإسماعيلية ومقابلته للمتهم الثالث باعتباره تابعاً للمتهم الثالث ولا دخل له بالصفقة التي عقدت. لما كان ذلك وكان لا يعيب الحكم عدم تحدثه صراحة وعلى استقلال عن علم المتهم بتقليد الأوراق المالية التي يتعامل بها ما دامت الوقائع كما أثبتها تعتبر توافر هذا العلم لديه وكان القول بتوافر علم المتهم بالتقليد هو من خصائص محكمة الموضوع تستقل به وتستخلصه من الوقائع والعناصر المطروحة عليها وإذ كان الحكم المطعون فيه قد عرض لعلم الطاعن بتقليد العملات محل الاتهام وأثبت توافره في حقه في قوله "وحيث إنه عن علم المتهمين بأن العملة المضبوطة مزيفة فإنه ثابت مما أقر به المتهمون الثاني والثالث والخامس أنهم على علم تام بتزييفها وأن تداولها بينهم كان على هذا الأساس ولذا تم تقيمها بأقل من ربع القيمة الفعلية للدولارات الأمريكية الصحيحة وجرى تداولها بهذه القيمة المنخفضة وأيد ذلك أنهم جميعاً يتداولون كثيراً هذا النوع من العملة بحكم طبيعة أعمالهم سواء في عمليات الاستيراد والتصدير أو تبادل العملات الأجنبية ومثلهم لا ينخدع في العملة المزيفة المضبوطة ويقبلها في التداول على أنها عملة صحيحة كما وأن هذا العلم عززه ما جاء بمحضر التحريات التي اطمأنت المحكمة إلى جديتها" وكان ما أورده الحكم على النحو المتقدم سائغ وسديد ويتوافر به العلم بالتقليد فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال متهم على متهم آخر ولو كانت واردة في محضر الشرطة متى اطمأنت إلى صدقها ومطابقتها للواقع ولو عدل عنها في مراحل التحقيق الأخرى وكان وزن أقوال الشهود وتعويل القضاء عليها إنما مرجعه إلى محكمة الموضوع دون رقابة عليها من محكمة النقض وكانت المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ولا عليها إن هي التفتت عن أي دليل آخر في الأوراق لأن في عدم إيرادها له أو التحدث عنه ما يفيد إطراحه وعدم التعويل عليه فإن ما يثيره الطاعن في شأن أقوال باقي المتهمين التي عول عليها الحكم ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تعول على ما تضمنه محضر جمع الاستدلالات من اعترافات ما دامت قد اطمأنت إليها لما هو مقرر أن الاعترافات في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات بغير معقب ما دامت تقيمه على أسباب سائغة ولها سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في أي دور من التحقيق بما في ذلك محضر ضبط الواقعة متى اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للحق والواقع وطالما إنها استخلصت الإدانة من هذه الاعترافات استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ومن ثم فإنه لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم في قضائه بالإدانة على أقوال المتهمين بمحضر الضبط بدعوى تناقضها ولا يعدو ما يثيره الطاعن من فساد استدلال الحكم أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر على عقيدة المحكمة وكان البين من الحكم المطعون فيه أن ما ينعاه الطاعن من خطئه في الإسناد فيما نقله عن المتهم الثالث بخصوص ذهاب الطاعن لمدينة الإسماعيلية لإحضار العملات المضبوطة - على فرض وجوده لم يكن له أثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ الأمر بالتفتيش هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح الدفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية بأسباب سائغة في قوله "حيث إنه عن الدفع ببطلان إذن التفتيش الصادر من النيابة العامة لعدم جدية التحريات السابقة على إصداره فإنه مردود بأن هذه المحكمة تشارك النيابة العامة اطمئناناً إلى جدية هذه التحريات وكفايتها للتدليل على اقتران المتهمين المأذون بتفتيشهم في الجناية الصادر بشأنها الإذن "فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان البين من مراجعة محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يدفع ببطلان الاعتراف المعزو إليه للإكراه الواقع عليه وقصارى ما قرره المدافع عنه بمحضر جلسة 28/ 3/ 1988" إنه يدفع ببطلان التحريات لعدم جديتها وبطلان الاعتراف المنسوب للمتهم في محضر الضبط" وهو ما لا يشكل دفعاً صريحاً ببطلان الاعتراف للإكراه. وكان من المقرر أن الدفع الذي تلتزم المحكمة بتحقيقه والرد عليه هو الذي يبدى صراحة أمامها دون غيره من القول المرسل الذي لم يقصد به سوى مجرد التشكيك فيما اطمأنت إليه من أدلة الثبوت فليس للطاعن من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثره أمامها ولا يقبل منه التحدي بذلك الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض ويضحى نعي الطاعن في هذا الصدد ولا محل له. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وفق أحكام المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات بعد إعمال حكم المادة 17 من قانون العقوبات وهي العقوبة المقررة لجريمة حيازة العملة المقلدة بقصد الترويج فإنه لا مصلحة للطاعن فيما يثيره بشأن جريمة الاتفاق الجنائي على حيازة العملة المقلدة وترويجها ما دامت المحكمة قد دانته بجريمة حيازة العملة المقلدة بقصد ترويجها وأوقعت عليه العقوبة بوصف أنها الجريمة الأشد بالنسبة إلى جريمة الاتفاق الجنائي في شقيه ويكون منعاه في غير محله لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين بذلك رفضه موضوعاً.

الطعن 5520 لسنة 59 ق جلسة 2 / 10 / 1989 مكتب فني 40 ق 122 ص 726

جلسة 2 من أكتوبر سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى طاهر ومقبل شاكر نائبي رئيس المحكمة وحامد عبد الله وفتحي الصباغ.
------------
(122)
الطعن رقم 5520 لسنة 59 القضائية
 (1)إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم. موضوعي.
عدم التزام المحكمة بأن تورد روايات الشاهد المتعددة. حقها الأخذ بقوله في أي مرحلة دون بيان علة ذلك أو موضعه. ما دام له أصله في الأوراق.
 (2)إثبات "شهود". إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق المحكمة أن تحيل في إيراد أقوال الشهود إلى أقوال شاهد معين. ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
 (3)إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالتحدث إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها. لها أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة.
 (4)قصد جنائي. ضرب "ضرب بسيط". جريمة "أركانها".
كفاية توافر القصد الجنائي العام لتحقق جريمة إحداث الجروح عمداً.
تحدث الحكم عن هذا القصد استقلالاً. غير لازم كفاية أن يكون مستفاداً من وقائع الدعوى.
 (5)إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي.
 (6)أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". دفاع شرعي. دفوع "الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي".
الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي. موضوعي. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام النقض. ما لم تكن مدونات الحكم تظاهره.
 (7)محكمة الموضوع "حقها في تعديل وصف التهمة". وصف التهمة. شروع. ضرب "ضرب بسيط".
عدم تقيد المحكمة بالوصف القانوني الذي ترفع به الدعوى الجنائية على المتهم. حقها في تعديله متى رأت أن ترد الواقعة إلى الوصف القانوني السليم.
-----------------
1 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه وهي لا تلتزم بأن تورد في حكمها من أقوال الشهود إلا ما تقيم قضاءها عليه ولها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها.
2 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده في أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
3 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، ومن المقرر أيضاً - أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية، وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها مع باقي الأدلة القائمة في الدعوى.
4 - لما كانت جريمة إحداث الجروح عمداً لا تتطلب غير القصد الجنائي العام، وهو يتوفر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته وكانت المحكمة لا تلتزم بأن تتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في هذه الجرائم بل يكفي أن يكون القصد مستفاداً من وقائع الدعوى.
5 - لما كان ما أورده الحكم على نحو ما تقدم تتوافر به جنحة إحداث الجرح العمد التي آخذ الطاعن بها، وكان النعي بأن الواقعة جنحة إصابة خطأ لأن الطاعن كان يطلق النار لتفريق الأهالي لدى تعرضهم لرجال الشرطة لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب.
6 - الأصل في الدفاع الشرعي أنه من الدفوع الموضوعية التي يجب التمسك بها لدى محكمة الموضوع ولا يجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض إلا إذا كانت الوقائع الثابتة بالحكم دالة بذاتها على تحقق حالة الدفاع الشرعي كما هي معرفة به في القانون أو ترشح لقيامها، ولما كانت الواقعة كما أثبتها الحكم المطعون فيه لا تتوافر فيها تلك الحالة أو ترشح لقيامها وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يتمسك بقيام حالة الدفاع الشرعي، فإنه لا يقبل منه إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض.
7 - الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي ترفع به الدعوى الجنائية قبل المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته، وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني الصحيح الذي ترى انطباقه على الواقعة.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه شرع في قتل..... عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً من مسدس كان يحمله قاصداً من ذلك قتله وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج، وإحالته إلى محكم جنايات الزقازيق لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ 101 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 241/ 1 من قانون العقوبات بحبس المتهم سنة واحدة مع الشغل وإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المختصة باعتباره مرتكباً جنحة الضرب البسيط.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الضرب المنصوص عليها في المادة 241/ 1 من قانون العقوبات قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على خطأ في تطبيق القانون وإخلال بحق الدفاع ذلك بأن أورد جزء من شهادة الشاهد الأول فقط وأحال إليه في شأن باقي الشهود دون أن يوضح فحوى شهادتهم ومؤدى الدليل المستمد منها، ولم يورد مؤدى محضر التحريات الذي استدل الطاعن به على عدم وجوده بمكان الحادث ولم يورد مؤدى تقرير المعمل الجنائي بشأن الطبنجة ويعرض له بما يرفع التناقض بينه وبين تقرير الطبيب الشرعي، ولم يستظهر القصد الجنائي وهو قصد الإيذاء، كما أن تحصيل الحكم لواقعة الدعوى بما مفاده أن الطاعن أطلق أعيرة نارية لتفريق الأهالي لدى تعرضهم للشرطة يجعل التكييف الصحيح للواقعة هي جريمة الإصابة الخطأ المؤثمة بالمادة 244/ 1 من قانون العقوبات، كما لم يعرض الحكم لحالة الدفاع الشرعي التي رشحت لقيامها أقوال المجني عليه، هذا إلى أن المحكمة غيرت وصف التهمة من جناية شروع في قتل عمد إلى جنحة الضرب دون تنبيه الطاعن إلى هذا التعديل. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة لها معينها الصحيح في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال شهود الإثبات والتقرير الطبي الشرعي. لما كان ذلك وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه وهي لا تلتزم بأن تورد في حكمها من أقوال الشهود إلا ما تقيم قضاءها عليه ولها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها. كما أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده في أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ولما كان الطاعن لا ينازع في أن ما أورده الحكم من أقوال الشاهد الأول التي أحال إليها الحكم لها معينها الصحيح في الأوراق، فإن نعيه في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، ومن المقرر أيضاً - أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية، وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها مع باقي الأدلة القائمة في الدعوى، ومن ثم فحسب المحكمة أن أقامت الأدلة على مقارفة الطاعن للجريمة التي دين بها بما يحمل قضاءها وهو ما يفيد ضمناً أنها لم تأخذ بدفاعه، فإنه لا يعيب الحكم عدم إيراد مؤدى محضر التحريات وتقرير المعمل الجنائي بشأن الطبنجة، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك وكانت جريمة إحداث الجروح عمداً لا تتطلب غير القصد الجنائي العام، وهو يتوفر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته وكانت المحكمة لا تلتزم بأن تتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في هذه الجرائم بل يكفي أن يكون القصد مستفاداً من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم - وهو ما تحقق في واقعة الدعوى - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم على نحو ما تقدم تتوافر به جنحة إحداث الجرح العمد التي آخذ الطاعن بها وكان النعي بأن الواقعة جنحة إصابة خطأ لأن الطاعن كان يطلق النار لتفريق الأهالي لدى تعرضهم لرجال الشرطة لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب، فضلاً على أنه لا يجدي الطاعن ما يثيره بصدد التكييف الصحيح للواقعة لأن العقوبة التي قضى بها الحكم تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة الإصابة الخطأ المؤثمة بالفقرة الأولى من المادة 244 من قانون العقوبات، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يضحى ولا محل له. لما كان ذلك وكان الأصل في الدفاع الشرعي أنه من الدفوع الموضوعية التي يجب التمسك بها لدى محكمة الموضوع ولا يجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض إلا إذا كانت الوقائع الثابتة بالحكم دالة بذاتها على تحقق حالة الدفاع الشرعي كما هي معرفة به في القانون أو ترشح لقيامها ولما كانت الواقعة كما أثبتها الحكم المطعون فيه لا تتوافر فيها تلك الحالة أو ترشح لقيامها وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يتمسك بقيام حالة الدفاع الشرعي فإنه لا يقبل منه إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه، أن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعن بوصف الشروع في القتل العمد فعدلت المحكمة هذا الوصف إلى وصف الضرب المنصوص عليه في المادة 241/ 1 من قانون العقوبات، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي ترفع به الدعوى الجنائية قبل المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته، وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني الصحيح الذي ترى انطباقه على الواقعة، وإذ كانت الواقعة المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة وهي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن على أساسه، وكان مرد هذا التعديل - على ما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه - هو عدم قيام الدليل على أن الطاعن حين اعتدى على المجني عليه قد انتوى قتله، ولم يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر تختلف عن الواقعة الأولى، فإن المحكمة لا تلتزم في مثل هذه الحالة بتنبيه المتهم أو المدافع عنه إلى ما أجرته من تعديل في الوصف اقتصر على استبعاد أحد عناصر الجريمة التي رفعت بها الدعوى ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة الإخلال بحق الدفاع. لما كان ذلك. فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 5268 لسنة 59 ق جلسة 5 / 11 / 1989 مكتب فني 40 ق 144 ص 875


جلسة 5 من نوفمبر سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي محمد وعادل عبد الحميد نائبي رئيس المحكمة وحسين الشافعي والبشري الشوربجي.
-------------
(144)
الطعن رقم 5268 لسنة 59 القضائية

(1) حكم "بياناته" "تسبيبه. تسبيب معيب".
وجوب اشتمال حكم الإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة. والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة. المادة 310 إجراءات.
(2) إيجار الأماكن. خلو رجل. قانون "تفسيره". عقوبة "تطبيقها"
مناط تأثيم اقتضاء مبالغ إضافية بسبب تحرير عقد الإيجار أو خارج نطاقه زيادة عن التأمين والأجرة المنصوص عليها في العقد. هو صفة المؤجر ومناسبة تحرير عقد الإيجار. أساس ذلك؟
(3) خلو رجل. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حكم الإدانة في جريمة خلو الرجل. ما يلزم لتسبيبه؟

---------------
1 -  إن قانون الإجراءات الجنائية قد أوجب في المادة 310 منه أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة صحة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وإلا كان قاصراً.
2 - من المقرر أن الشارع - في القانون رقم 49 لسنة 1977 والقانون رقم 136 لسنة 1981 - إنما يؤثم أن يتقاضى المؤجر من المستأجر أية مبالغ إضافية بسبب تحرير عقد الإيجار أو خارج نطاقه "زيادة عن التأمين والأجرة المنصوص عليهما في العقد وفي حدود ما نص عليه القانون" فإن مناط تأثيم اقتضاء تلك المبالغ الإضافية هو صفة المؤجر فضلاً عن سببية أو مناسبة تحرير عقد الإيجار.
3 - من المقرر أنه يجب لسلامة الحكم بالإدانة في جريمة تقاضي مبالغ إضافية - خلو رجل - أن تبين المحكمة في حكمها بالإدانة مضمون عقد الإيجار المبرم بين طرفي العلاقة وما نص عليه من أجرة وتأمين وتاريخ تحريره وبدء الالتزام به، تحديداً لنطاق العقد المذكور، وبياناً له في الحكم بوصفه من الظروف التي وقعت فيها الجريمة والأدلة التي استخلصت منها الإدانة.


الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه تقاضى المبلغ المبين بالمحضر خارج نطاق عقد الإيجار على سبيل خلو الرجل. وطلبت عقابه بالمواد 1، 26/ 1، 27 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1981. ومحكمة أمن الدولة الجزئية بالإسكندرية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة مائة جنيه وتغريمه عشرة آلاف جنيه وإلزامه برد مبلغ خمسة آلاف جنيه من.... فاستأنف ومحكمة الإسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض وقضي في معارضته باعتبارها كأن لم تكن. فطعنت الأستاذة ..... نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.

المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تقاضي مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار "خلو رجل" قد شابه القصور في التسبيب، ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة بأركانها وظروفها والأدلة التي استند إليها في قضائه بالإدانة مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم الابتدائي - المؤيد استئنافياً لأسبابه بالحكم المطعون فيه - قد اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى على قوله "وحيث إن واقعة الدعوى تتحصل فيما أبلغ به..... من تقاضي المتهم لمبلغ خمسة آلاف جنيه منه كخلو رجل لتأجير شقة بالعقار المبين بالأوراق وقدم صورة من عقد الإيجار - وبسؤال المتهم بكل من محضر الضبط وتحقيقات النيابة أنكر ما نسب إليه وقرر بتقاضيه مبلغ ألف وخمسمائة جنيه فقط من المجني عليه على أن يتم خصمه من الإيجار" ثم أقام قضاءه بإدانة المتهم (الطاعن) على قوله "وحيث إن التهمة المسندة للمتهم ثابتة قبله ثبوتاً كافياً لإدانته بما قرره المجني عليه بمحضر الضبط ومن عقد الإيجار المرفقة صورته بالأوراق وعدم دفع المتهم لها بدفع أو دفاع مقبول فضلاً عما أقر به على النحو السالف بيانه ومن ثم يتعين عقابه طبقاً لمواد الاتهام عملاً بالمادة 304/ 2 أ. ج" لما كان ذلك، وكان قانون الإجراءات الجنائية قد أوجب في المادة 310 منه أن يشتمل كل حكم بالإدانة على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة حتى يتضح وجه استدلاله بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة صحة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وإلا كان قاصراً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الشارع - في القانون رقم 49 لسنة 1977 والقانون رقم 136 لسنة 1981 - إنما يؤثم أن يتقاضى المؤجر من المستأجر أية مبالغ إضافية بسبب تحرير عقد الإيجار أو خارج نطاقه "زيادة عن التأمين والأجرة المنصوص عليهما في العقد وفي حدود ما نص عليه القانون" فإن مناط تأثيم اقتضاء تلك المبالغ الإضافية هو صفة المؤجر فضلاً عن سببية أو مناسبة تحرير عقد الإيجار، لما كان ذلك فإنه يجب لسلامة الحكم بالإدانة في جريمة تقاضي مبالغ إضافية - خلو رجل - أن تبين المحكمة في حكمها بالإدانة مضمون عقد الإيجار المبرم بين طرفي العلاقة وما نص فيه من أجرة وتأمين وتاريخ تحريره وبدء الالتزام به، تحديداً لنطاق العقد المذكور، وبياناً له في الحكم بوصفه من الظروف التي وقعت فيها الجريمة والأدلة التي استخلصت منها الإدانة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اقتصر على الإشارة إلى صورة عقد الإيجار المقدمة من المجني عليه وعول عليها في قضائه بالإدانة دون بيان أركان هذا العقد ومقدار الأجرة والتأمين المنصوص عليهما فيه... فإنه يكون قد جاء مجهلاً في هذا الخصوص مما يعجز هذه المحكمة عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم وهو ما يعيبه بالقصور ويوجب نقضه والإعادة، دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.