جلسة 18 من يناير سنة 1978
برئاسة السيد المستشار
محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية المستشارين: الدكتور إبراهيم صالح، محمد
الباجوري ومحمود رمضان وإبراهيم فراج.
---------------
(53)
الطعن رقم 299 لسنة 44 ق
(1) دعوى. إعلان. خبرة.
صحف الدعاوى والطعون
والأحكام المتعلقة بالدولة ومصالحها. وجوب تسليمها لإدارة قضايا الحكومة. أوراق
الإعلان الأخرى. تسلم للوزراء ومديري المصالح والمحافظين أو من يقوم مقامهم. م 13
مرافعات. دعوة الخبير للخصوم المذكورين جواز توجيهها لإدارة قضايا الحكومة. علة ذلك.
(2) حكم. خبرة. إعلان.
إثبات الحكم في مدوناته
اطلاعه على تقرير الخبير وما ورد به من دعوة الخصوم بالبريد المسجل وما أرفق
بالتقرير من إيصال التسجيل. مؤداه تحقق الحكم من دعوة الخبير للخصوم.
---------------
1 - مؤدى نص المادتين 13،
19 من قانون المرافعات، أن المشرع لم يجعل للدولة ومصالحها المختلفة سوى موطن أصلي
واحد بالنسبة للإعلانات الخاصة بصحف الدعاوى وصحف الطعون والأحكام، فأوجب تسليم
صور إعلاناتها إلى إدارة قضايا الحكومة وإلا كان الإعلان باطلاً، بالنظر لما يترتب
على إعلانها من سريان مواعيد يجب اتخاذ إجراءات معينة في غضونها، وإدارة قضايا
الحكومة أقدر على القيام بها، أما غيرها من الأوراق فتعلن للوزراء أو مديري
المصالح المختصة أو المحافظين أو من يقوم مقامهم، ولما كان نطاق تطبيق هذا النص
يقتصر على إعلان إدارة قضايا الحكومة ببعض أوراق المرافعات التي بينها بيان حصر،
وكان نص المادة السادسة من القانون رقم 75 لسنة 1963 في شأن تنظيم إدارة قضايا
الحكومة - المنطبق على واقعة الدعوى يدل على أن المهمة الأصلية لهذه الإدارة هي أن
تنوب عن الجهات الحكومية التي عددها النص فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى
المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ولدى الجهات الأخرى التي خولها القانون
اختصاصاً قضائياً بهدف المحافظة على أموال الدولة ورعاية مصالحها وأن الإشارة إلى
تسليم صور الإعلانات الخاصة بصحف الدعاوى وصحف الطعون والأحكام إنما استهدف - وعلى
ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون - ترداد القاعدة المنصوص عليها في قانون
المرافعات بقصد جريان ما تعلق منها بجهة القضاء الإداري أو هيئة قضائية أخرى مما
مفاده المغايرة بين نطاق الإنابة والوكالة بالخصومة المخول لإدارة قضايا الحكومة
وبين استلزام استلامها صور إعلانات أوراق معينة. لما كان ذلك وكانت دعوة الخبير
للخصوم للحضور أمامه وفق المادة 146 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 إنما تدخل
في نطاق الخصومة المرفوعة وتدور في فلكها بما مفاده أن يستوي إعلانها للدولة ذاتها
أو للنائب عنها وكان لا جدال في أن إدارة قضايا الحكومة تمثل الطاعنين في الخصومة
المعروضة وتنوب عنهم في الحضور والمرافعات عن صوالحهم فإن إخطار الخبير لإدارة
قضايا الحكومة توصلاً لدعوة الطاعنين بصفاتهم للحضور أمامه جائز ولا ينطوي على
مخالفة القانون.
2 - مفاد المادة 146 من
قانون الإثبات إنه يتعين دعوة الخبير للخصوم أياً كان وسيلتها باعتبارها إجراء
جوهرياً قصد به تمكين طرفي النزاع من المثول تبياناً لوجهة نظرهم، فإذا تخلفت تلك
الدعوة كان عمل الخبير باطلاً، وإذ كان البين من الاطلاع على صحيفة الاستئناف أن
الطاعنين تمسكوا ببطلان عمل الخبير لعدم إخطارهم وكان الحكم المطعون فيه قد رد على
هذا الدفاع بأنه ثبت من الاطلاع على تقريره إنه وجه بالبريد المسجل الدعوة
للطاعنين مع إدارة قضايا الحكومة وأرفق بالتقرير وصول الكتب المسجلة فإن مفاد هذا
الذي قرره الحكم أن ثمت دعوة وجهت إلى الطاعنين وأنه تحقق من حصولها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهن الثلاثة
الأول أقمن الدعوى رقم...... والتي قيدت فيما بعد برقم...... مدني كلي شمال
القاهرة ضد الطاعنين الأولى والثالث وزير الصحة ومحافظ السويس بصفتهما - وكل من محافظ
القاهرة ووزير الإسكان ورئيس حي شرق القاهرة بصفاتهم طلبن فيها الحكم بتعديل قرار
لجنة تقدير الإيجارات إلى القدر الذي يتناسب مع تكاليف المبنى الفعلية. وقلن
بياناً لها أنهن يمتلكن العمارة رقم...... وقد استأجر منهن الطاعن الأول شقتين
بالدور الثاني، وإذ قامت لجنة تقدير الإيجارات المختصة بتقدير إيجار الشقة البحرية
بمبلغ ..... والشقة القبلية بمبلغ........، وكان هذا التقدير لا يتناسب مع
التكاليف الفعلية للمبنى فقد أقمن الدعوى. كما أقام المطعون عليه الرابع الدعوى
رقم...... أمام نفس المحكمة ضد الطاعنين الثاني والثالث وزير الشئون الاجتماعية
ومحافظ السويس بصفتهما وكل من محافظ القاهرة ووزير الإسكان ورئيس حي شرق القاهرة
بصفاتهم طالباً الحكم بتعديل قرار لجنة تقدير الإيجارات إلى القدر الذي يتناسب مع
التكاليف الفعلية للمبنى. وقال شرحاً لها أنه يمتلك حصة في نفس العمارة السابقة
وقد استأجر منه الطاعن الثاني شقتين بالدور الأول، وإذ قامت لجنة تقدير الإيجارات
المختصة بتقدير إيجار الشقة البحرية بمبلغ...... والشقة القبلية بمبلغ.......،
وكان هذا التقدير لا يتناسب مع التكاليف الفعلية للمبنى فقد أقام الدعوى. وبعد ضم
الدعويين حكمت المحكمة في 19/ 5/ 1971 بإثبات ترك المطعون عليهم مخاصمة كل من
محافظ القاهرة ووزير الإسكان ورئيس حي شرق القاهرة بصفتهم وبندب أحد الخبراء لأداء
المأمورية المبينة بمنطوق الحكم، وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت وبتاريخ........
فحكمت: أولاً: في الدعوى رقم...... بتحديد القيمة الإيجارية للوحدتين السكنيتين
والمؤجرتين إلى مديرية الصحة بالسويس بمبلغ 13 جنيهاً و850 مليم بالنسبة للشقة
البحرية، 13 جنيهاً و350 مليم بالنسبة للشقة القبلية والتي يتكون منهما الطابق
العلوي من العقار. ثانياً: في الدعوى رقم....... بتحديد القيمة الإيجارية للشقتين
الموجودتين بالطابق الأرضي من العقار والمؤجرتين إلى مديرية الشئون الاجتماعية
بالسويس بمبلغ 13 بالنسبة للشقة البحرية، 12 جنيهاً و500 مليم بالنسبة للشقة
القبيلة. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم....... طالبين إلغاءه وتأييد
قرار لجنة تقدير الإيجارات، وبتاريخ....... حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم
المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة
أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه
جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على
سببين، ينعى الطاعنون بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق
القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم المطعون فيه قد
أيد الحكم الابتدائي الصادر ضدهم في حين أن هذا الحكم صدر باطلاً لصدوره في غير
خصومة قائمة طبقاً للمادة 143 من قانون المرافعات ذلك أن الثابت في محضر جلسة 19/
5/ 1974 أمام محكمة أول درجة أن المطعون عليهم قرروا بترك الخصومة بالنسبة للجهات
الحكومية فحكمت المحكمة بإثبات تركهم لمخاصمة الحكومة، ولكنها رغم ذلك ندبت خبيراً
في الدعوى ثم أصدرت حكمها في الموضوع ضد الطاعنين فاستأنفوا الحكم وتمسكوا في
صحيفة الاستئناف بأن الحكم الابتدائي صدر في غير خصومة لأن المطعون عليهم تنازلوا
عن مخاصمة الحكومة، فينصرف التنازل أيضاً إلى الطاعنين، وإذ التفت الحكم عن هذا
الدفاع وأيد الحكم الابتدائي مقرراً أن ترك الخصومة كان لمن عدا الطاعنين، فهذا
التخصيص ينطوي على مخالفة الثابت بالأوراق بالإضافة إلى الخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك
أنه لما كان الطاعنون لم يقدموا صورة رسمية من حكم إثبات ترك الخصومة المؤيد
لدفاعهم، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد بمدوناته أن ترك الخصومة كان لمن عدا
الطاعنين، وكان في ذلك الرد الكافي على ما أورده الطاعنون في صحيفة الاستئناف من
إشارة إلى التنازل عن مخاصمة الحكومة جملة، فإن النعي يضحى عارياً عن دليله.
وحيث إن الطاعنين ينعون
بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون من وجهين (الأول) استند الحكم
إلى إيصالي بريد الخطابين مرسلين إلى إدارة قضايا الحكومة واعتبرهما دليلاً على أن
ثمة دعوة من الخبير للطاعنين للحضور أمامه لمباشرة المأمورية دون أن تطلع المحكمة
على صورة هذين الخطابين حتى تتأكد من احتوائهما على البيانات اللازمة الخاصة برقم
الدعوى وأسماء الخصوم والجلسة المحددة هذا إلى أنه تبين من الرجوع إلى سجلات إدارة
قضايا الحكومة أن هذين الخطبين لم يردا إليها (الثاني) أنه بفرض حصول الإخطار فإن
إدارة قضايا الحكومة لا تنيب عن الدولة أو الأشخاص العامة طبقاً للمادتين 13/ 1 -
2 من قانون المرافعات، 6 من القانون رقم 75 لسنة 1963 في شأن تنظيم إدارة قضايا
الحكومة إلا في استلام صحف الدعاوى وصحف الطعون والأحكام، وإخطار الخبير لا يعد من
قبيل هذه الأوراق فإخطار إدارة قضايا الحكومة بالحضور أمام الخبير لا يعد إخطاراً
للطاعنين، ويكون التقرير باطلاً وفق المادة 146 من قانون الإثبات.
وحيث إن النعي مردود، ذلك
أنه لما كان النص في المادة 13 من قانون المرافعات على أنه "فيما عدا ما نص
عليه في قوانين خاصة تسلم صورة الإعلان على الوجه الآتي: 1 - ما يتعلق بالدولة
تسلم للوزراء ومديري المصالح المختصة والمحافظين أو لمن يقوم مقامهم فيما عدا صحف
الدعاوى وصحف الطعون والأحكام فتسلم الصورة إلى إدارة قضايا الحكومة أو فروعها
بالأقاليم حسب الاختصاص المحلي لكل منهما....."، وفي المادة 19 منه على أنه
"يترتب البطلان على عدم مراعاة المواعيد والإجراءات المنصوص عليها في
المواد..... و13" يدل على أن المشرع لم يجعل للدولة ومصالحها المختلفة سوى
موطن أصلي واحد بالنسبة للإعلانات الخاصة بصحف الدعاوى وصحف الطعون والأحكام،
فأوجب تسليم صور إعلانها إلى إدارة قضايا الحكومة وإلا كان الإعلان باطلاً، بالنظر
لما يترتب على إعلاناتها من سريان مواعيد يجب اتخاذ إجراءات معينة في غضونها،
وإدارة قضايا الحكومة أقدر على القيام بها، أما غيرها من الأوراق فتعلن للوزراء أو
مديري المصالح المختصة أو المحافظين أو من يقوم مقامهم. ولما كان نطاق تطبيق هذا
النعي يقتصر على إعلان إدارة قضايا الحكومة ببعض أوراق المرافعات التي بينها بيان
حصر على ما سلف بيانه، وكان نص في المادة السادسة من القانون رقم 75 لسنة 1963 في
شأن تنظيم إدارة قضايا الحكومة - المنطبق على واقعة الدعوى - على أنه "تنوب
هذه الإدارة عن الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية فيما يرفع منها أو عليها
من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ولدى الجهات الأخرى التي خولها
القانون اختصاصاً قضائياً وتسلم إليها صور الإعلانات الخاصة بصحف الدعاوى وصحف
الدعاوى وصحف الطعون والأحكام المتعلقة بتلك الجهات ما اتصل منها بجهة القضاء
العادي أو جهة القضاء الإداري أو أية هيئة قضائية أخرى...."، يدل على أن
المهمة الأصلية لهذه الإدارة هي أن تنوب عن الجهات الحكومية التي عددها النص فيما
يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها ولدى الجهات
الأخرى التي خولها القانون اختصاصاً قضائياً بهدف المحافظة على أموالها المودعة
ورعاية مصالحها وأن الإشارة إلى تسليم صور الإعلانات الخاصة بصحف الدعاوى وصحف
الطعون والأحكام إنما استهدف - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون -
ترديد للقاعدة المنصوص عليها في قانون المرافعات بقصد جريانها على ما تعلق منها
بجهة القضاء الإداري أو أية هيئة قضائية أخرى، مما مفاده المغايرة بين نطاق
الإنابة والوكالة بالخصومة المخول لإدارة قضايا الحكومة وبين استلزام استلامها صور
إعلانات أوراق معينة. لما كان ذلك وكانت دعوة الخبير للخصوم للحضور أمامه وفق
المادة 146 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 إنما تدخل في نطاق الخصومة المرفوعة
وتدور في فلكها بما مفاده أن يستوي إعلانها للدولة ذاتها أو للنائب عنها، وكان لا
جدال في أن إدارة قضايا الحكومة تمثل الطاعنين في الخصومة المعروضة وتنوب عنهم في
الحضور والمدافعة عن صوالحهم، فإن إخطار الخبير لإدارة قضايا الحكومة توصلاً لدعوة
الطاعنين بصفاتهم للحضور أمامه جائزاً ولا ينطوي على مخالفة للقانون. لما كان ما
تقدم وكان مفاد المادة 146 آنفة الذكر أنه يتعين دعوة الخبير للخصوم أياً كانت
وسيلتها باعتبارها إجراء جوهرياً قصد به تمكين طرفي النزاع من المثول تبياناً
لوجهة نظرهم فإذا تخلفت تلك الدعوة كان عمل الخبير باطلاً، وكان البين من الاطلاع
على صحيفة الاستئناف أن الطاعنين تمسكوا ببطلان عمل الخبير لعدم إخطارهم وكان
الحكم المطعون فيه قد رد على هذا الدفاع بأنه ثبت من الاطلاع على تقريره أنه وجه
بالبريد المسجل الدعوة للطاعنين على إدارة قضايا الحكومة، وأرفق بالتقرير وصول
الكتب المسجلة، فإن مفاد هذا الذي قرره الحكم أن ثمت دعوة وجهت إلى الطاعنين وأنه
تحقق من حصولها ويكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض
الطعن.