برئاسة السيد القاضي / محمد عبدالرحمن الجراح– رئيس الدائرة . وعضوية السادة القضاة / رانفي محمد إبراهيم و عبدالحق أحمد يمين.
-------------
(1) محكمة الموضوع "سلطتها التقديرية". مسئولية جنائية. جريمة "أركانها". قتل خطأ. حكم " تسبيب سائغ".
- تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلتها وتقدير الخطأ الموجب لمسئولية مرتكبه وتوافر علاقة السببية بين الخطأ والنتيجة أو عدمه. حق لمحكمة الموضوع. ما دام سائغاً. المجادلة في ذلك أمام المحكمة العليا غير جائزة.
- مثال لتسبيب سائغ لحكم بالإدانة في جريمة قتل خطأ أظهر أركان الجريمة وتوافرها في حق المتهم.
(2) دية. قتل خطأ. مسئولية جنائية. حكم " تسبيب معيب".
-دية المرأة. نصف دية الرجل. أساس ذلك؟
- اشتراك المجني عليه في الخطأ المتسبب في الحادث. اقتضاءه. انقاص الدية بمقدار هذا الخطأ.
- قضاء الحكم المطعون فيه بالزام الطاعن بمبلغ مائة ألف درهم كنصف دية للمرأة لمشاركتها في الخطأ المتسبب في الحادث. خطأ لأحكام الشريعة الإسلامية. علة ذلك؟
- مثال لحكم بالإدانة في جريمة قتل خطأ خالف أحكام الشريعة الإسلامية لإلزامه الطاعن بمبلغ مائة ألف درهم كنصف دية للمرأة المشاركة في الخطأ المرتكب والمتسبب في الحادث. بدلاً من خمسين كنصف للدية المقرر شرعاً.
_____
1- لما كان من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها كما أن تقدير الخطأ الموجب لمسئولية مرتكبة وتوافر علاقة السببية بين الخطأ والنتيجة أو عدم توافره هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام تقديرها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة لها أصلها في الأوراق بما يكفي لحمل قضائها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإدانة الطاعن على ما أورده " وحيث أنه تبين من الأوراق والتقرير الفني والشهود أن المتهم قد أهمل في اتخاذ الحيطة والحذر والانتباه جيدا لمفاجئات الطريق ومراعـاة تلك القواعد والأصول .." وخلص الحكم إلى أن خطأ الطاعن ترتــب عليه- بالإضافة إلى مساهمة المجني عليها – وفاة المجني عليها وأن علاقة السببية قائمة بين خطئه ووفاتها وهي نتيجة مباشرة لهذا الفعل ، وهي أسباب لها أصلها الثابت بالأرواق وتكفي قضاء الحكم ، فإن ما يثيره الطاعن بوجه هذا النعي لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير المحكمة لعناصر المسئولية التقصيرية وتوافر الخطأ والمساهمة في احداث الضرر وهو ما لا يجوز التحدي به أمام هذه المحكمة ويضحى النعي على غير أساس .
2- لما كان من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن دية المرأة نصف دية الرجل أخذا مما أجمع عليه أهل العلم والمبسوط في كتب الفقه، وكان من المقرر أن من شأن اشتراك المجني عليه في الخطأ المستوجب للمسئولية أن يخفف من مسئولية من شاركه فيه وينقص من الدية بمقدار نصيبه في هذا الخطأ ويقضى بباقيها على من شارك في الفعل بخطئه ، ولما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه بعد أن عرض لواقعة الدعوى وأورد إلى أن وفاة المجني عليها كان نتيجة خطأ الطاعن والمجني عليها ذاتها بمقولة " قد أخطأت حال قيامها بعبور الطريـق السريع الذي يفصل بين إمارتين ومحدد السرعة وأربع مسارات ولا توجد عليه أية ألواح أو علامات للعبور أو خطوط مشاه الأمر الذي يعني أن المجني عليها تسببت كذلك في ارتكاب الخطأ من ناحيتها .. مما تنتهى معه هذه المحكمة إلى مساهمة المجني عليها في هلاك نفسها" وخلص إلى تعديل الحكم المستأنف وإلزام الطاعن بنصف الدية مبلغ قدره مائة ألف درهم مخالفا بذلك أحكام الشريعة الإسلامية وما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أن دية المرأة نصف دية الرجل أي مبلغ مائة ألف درهم ومن ثم فإن الطاعن يتحمل نصف ديتها أي مبلغ خمسون ألف درهم الأمر الذي يعيبه.
المحكمة
حيث إن الوقائع –على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن- تتحصل في أن النيابة العامة أحالت الطاعن إلى المحاكمة الجزائية بوصف أنه بتاريخ 10/1/2012 بدائرة الشارقة :- 1-تسبب بخطئة في موت المجني عليها/........... وكان ذلك ناشئا عن إهماله ورعونته وعدم احترازه ومخالفته القانون مما أدى إلى وقوع الحادث وإصابتها بالإصابات الواردة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياتها. 2-لم يلتزم بعلامات السير والمرور وقواعده وآدابه الموضوعة لتنظيم حركة السير بأن قاد المركبة على الطريق العام بدون حذر وانتباه مما نتج عنه وقوع الحادث وعلى النحو المبين بالأوراق. وطلبت النيابة العامة معاقبته طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء والمادتين 342،43/1 من قانون العقوبات والمواد 57،4،2/1 من قانون السير والمرور رقم 21 لسنة 1995 . ومحكمة أول درجة قضت بتاريخ 17/2/2013 بتغريم الطاعن مبلغ الفي درهم عما أسند إليه وإلزامه بأداء مبلغ مائتي ألف درهم دية المجني عليها لورثتها الشرعيين ، وأمرت بوقف العمل بالرخصة لمدة ثلاثة أشهر وصيام شهرين متتابعين . استأنف الطاعن قضاء ذلك الحكم بالاستئناف رقم 683 لسنة 2013 مستأنف جزاء الشارقة، ومحكمة الشارقة الاتحادية الاستئنافية قضت بتاريخ 9/4/2013 بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المستأنف بسداد نصف الديه والبالغة مائة ألـف درهـم لورثة المتوفاة الشرعيين وتأييده فيما عدا ذلك. فأقام الطاعن طعنه المطروح. وقدمت النيابة العامة مذكرة خلصت فيها إلى طلب نقض الحكم المطعون فيه والتصدي بإلزام الطاعن بنصف الديه مبلغ خمسون ألف درهم لأن المتوفاة أمرأه .
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه في سببين حاصل السبب الأول خطأ الحكم المطعون فيه في فهم الواقع والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق حينما أدان الطاعن عن تهمته التسبب في وفاة المجني عليها، ذلك أنه يشترط لقيام هذه الجريمة ثبوت مسؤولية الطاعن عن وفاة المجني عليها بينما الثابت بالأوراق أن وفاة المجني عليها نتيجة خطئها هي ذاتها حينما عبرت الشارع من غير الأماكن المخصصة لعبور المشاة وأمام السيارات دون اكتراث لخطورة المكان مما عرضها للدهس ولم يكن الطاعن إلا وسيلة الدهس لا يمكنه تفادي الحادث ومن ثم فإن خطأ المجني عليها استغرق أفعال الطاعن وإذ لم يفطن الحكم المطعون فيه لواقع الدعوى فضلا عن قصور أسبابه الأمر الذي يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ، ذلك أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها كما أن تقدير الخطأ الموجب لمسئولية مرتكبة وتوافر علاقة السببية بين الخطأ والنتيجة أو عدم توافره هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام تقديرها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة لها أصلها في الأوراق بما يكفي لحمل قضائها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإدانة الطاعن على ما أورده " وحيث أنه تبين من الأوراق والتقرير الفني والشهود أن المتهم قد أهمل في اتخاذ الحيطة والحذر والانتباه جيدا لمفاجئات الطريق ومراعـاة تلك القواعد والأصول .." وخلص الحكم إلى أن خطأ الطاعن ترتــب عليه- بالإضافة إلى مساهمة المجني عليها – وفاة المجني عليها وأن علاقة السببية قائمة بين خطئه ووفاتها وهي نتيجة مباشرة لهذا الفعل ، وهي أسباب لها أصلها الثابت بالأرواق وتكفي قضاء الحكم ، فإن ما يثيره الطاعن بوجه هذا النعي لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير المحكمة لعناصر المسئولية التقصيرية وتوافر الخطأ والمساهمة في احداث الضرر وهو ما لا يجوز التحدي به أمام هذه المحكمة ويضحى النعي على غير أساس .
وحيث إن الطاعن ينعي في السبب الثاني خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية حينما انتهى إلى إلزام الطاعن بنصف الدية مبلغ مائة ألف درهم في حين أن دية المرأة على النصف من دية الرجل وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن خطأ المجني عليها قد ساهم في إحداث وفاتها وأنها تتحصل نصف الدية ومن ثم كان يتعين على الحكم بالزام الطاعن بنصف ديتها أي مبلغ خمسون ألف درهم وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن دية المرأة نصف دية الرجل أخذا مما أجمع عليه أهل العلم والمبسوط في كتب الفقه، وكان من المقرر أن من شأن اشتراك المجني عليه في الخطأ المستوجب للمسئولية أن يخفف من مسئولية من شاركه فيه وينقص من الدية بمقدار نصيبه في هذا الخطأ ويقضى بباقيها على من شارك في الفعل بخطئه ، ولما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه بعد أن عرض لواقعة الدعوى وأورد إلى أن وفاة المجني عليها كان نتيجة خطأ الطاعن والمجني عليها ذاتها بمقولة " قد أخطأت حال قيامها بعبور الطريـق السريع الذي يفصل بين إمارتين ومحدد السرعة وأربع مسارات ولا توجد عليه أية ألواح أو علامات للعبور أو خطوط مشاه الأمر الذي يعني أن المجني عليها تسببت كذلك في ارتكاب الخطأ من ناحيتها .. مما تنتهى معه هذه المحكمة إلى مساهمة المجني عليها في هلاك نفسها" وخلص إلى تعديل الحكم المستأنف وإلزام الطاعن بنصف الدية مبلغ قدره مائة ألف درهم مخالفا بذلك أحكام الشريعة الإسلامية وما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أن دية المرأة نصف دية الرجل أي مبلغ مائة ألف درهم ومن ثم فإن الطاعن يتحمل نصف ديتها أي مبلغ خمسون ألف درهم الأمر الذي يعيبه بما يوجب نقضه نقضا جزئيا .
وحيث إن موضوع الطعن صالح للفصل فيه فإن المحكمة تتصدى للفصل فيه إعمالا لنص المادة 249/2 من قانون الإجراءات الجزائية.