الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 1 فبراير 2018

الطعن 16404 لسنة 64 ق جلسة 11 / 12 / 1996 مكتب فني 47 ق 189 ص 1308

جلسة 11 من ديسمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم عبد المطلب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عبد الباري سليمان ومحمود دياب ومجدي أبو العلا وهاني خليل نواب رئيس المحكمة.

-------------------

(189)
الطعن رقم 16404 لسنة 64 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن والصفة فيه". محاماة. وكالة.
الطعن بالنقض في المواد الجنائية حق شخصي لمن صدر الحكم ضده. مؤدى ذلك؟
الطعن في الأحكام. يستلزم توكيل خاص أو عام ينص فيه على ذلك. لا يغير من ذلك صدور توكيل لاحق استناداً إلى القانون 106 لسنة 1962. علة ذلك؟
ثبوت أن توكيل المحامي المقرر بالطعن بالنقض بتاريخ لاحق على التقرير بالطعن. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) مواد مخدرة. أسباب الإباحة وموانع العقاب. "الإعفاء من العقاب". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
حالتي الإعفاء من العقاب المنصوص عليهما في المادة 48 من القانون 182 لسنة 1960. مناط توافرهما؟
إدلاء الجاني بمعلومات صحيحة تؤدي بذاتها إلى القبض على باقي الجناة. كفايته لتحقيق الإعفاء الوارد في الفقرة الثانية من المادة 48 من القانون 182 لسنة 1960. استلزام الحكم المطعون فيه لتحقيق موجب الإعفاء: صدور الإخبار عن صفقة لم تبرم مع المتهم الآخر وألا تكون في مرحلة التنفيذ وقبل كشف نشاط الطاعن في الاتجار في المواد المخدرة. استحدث شروطاً للإعفاء لم يوجبها القانون.
عدم استظهار الحكم مدى توافر شروط الإعفاء. قصور.
(3) نقض "أثر الطعن".
امتداد أثر الطعن لمتهمين آخرين اتصل بهم وجه الطعن. ولو لم يقدموا طعناً. شرط وأساس ذلك؟
(4) مواد مخدرة. أسباب الإباحة وموانع العقاب "الإعفاء من العقاب".
الإعفاء من العقوبة. مناط تحققه؟
(5) نقض "أثر الطعن".
إسناد تهمة مستقلة للطاعن الأول عن التي دين بها الطاعنين الثاني والثالث. نقض الحكم للأول لا يقتضي نقضه بالنسبة لهما.
(6) مواد مخدرة. قصد جنائي. جريمة "أركانها". إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
إحراز المخدر بقصد الاتجار. واقعة مادية. تقديرها. موضوعي. ما دام سائغاً.
(7) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(8) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الدفع الذي تلتزم المحكمة بتحقيقه أو الرد عليه. ماهيته؟
إثارة الدفع في عبارات مرسلة لا تدل عليه. دفاع موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(9) إجراءات "إجراءات التحقيق". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأصل في الإجراءات الصحة. النعي بإنكار تحرير محضر الضبط وإذن التفتيش وصدوره من المختص لغموض توقيعه عليهما. لا يعيبهما. ما دام وقع على كل منهما فعلاً.
(10) محضر الجلسة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
النعي على المحكمة إغفالها الرد على دفاع ما يثر أمامها. غير سديد.
(11) دفوع "الدفع ببطلان الإجراءات". بطلان. نقض "الصفة في الطعن" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لا صفة لغير من وقع في حقه الإجراء الباطل في أن يدفع ببطلانه. ولو كان يستفيد منه. علة ذلك؟
(12) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
(13) تفتيش "التفتيش بإذن". دفوع "الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات "بوجه عام".
الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط والتفتيش. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن. رداً عليه.
(14) إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه. غير مقبول.
(15) مواد مخدرة. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية انبساط سلطان الشخص على المادة المخدرة كيما يكون حائزاً لها ولو أحرزها مادياً غيره. تحدث الحكم عن هذا الركن استقلالاً. غير لازم. متى أورد من الوقائع ما يدل عليه.
(16) مواد مخدرة. دفوع "الدفع بشيوع التهمة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بشيوع التهمة أو تلفيقها. موضوعي. الرد عليه استقلالاً. غير لازم. استفادة الرد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(17) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إيراد الحكم في مدوناته ما يكفي للدلالة على حيازة الطاعن للمواد المخدرة. النعي عليه بالقصور في التسبيب. غير سديد.
(18) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه. هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه في طلباته الختامية.

-------------------
1 - من المقرر أن الطعن بالنقض في المواد الجنائية حق شخصي لمن صدر الحكم ضده يمارسه أو لا يمارسه حسبما يرى فيه مصلحته وليس لأحد غيره أن ينوب عنه في مباشرة هذا الحق إلا بإذنه، وكان الطعن في الأحكام هو مما يلزم فيه توكيل خاص أو توكيل عام ينص فيه على ذلك، ولا يغير من ذلك صدور توكيل لاحق استناداً إلى القانون رقم 106 لسنة 1962 بتعديل إجراءات الطعن أمام محكمة النقض، ذلك أن التعديل تناول المادة السابعة من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الواردة في باب الطعن بالنقض في شأن المواد المدنية والتجارية والأحوال الشخصية ولم يمتد إلى إجراءات الطعن في المواد الجنائية المنصوص عليها في المادة 34 من القانون ذاته. لما كان ما تقدم، فإن الطعن المقدم من المحكوم عليه الثاني يكون غير مقبول شكلاً.
2 - من المقرر أن القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد فرق في المادة 48 منه بين حالتين للإعفاء تتميز كل منهما بعناصر مستقلة وأفرد لكل حالة فقرة خاصة واشترط في الحالة الأولى فضلاً عن المبادرة بالإخبار أن يصدر الإخبار قبل علم السلطات بالجريمة، أما الحالة الثانية من حالتي الإعفاء فهي لم تستلزم المبادرة بالإخبار بل اشترط القانون في مقابل الفسحة التي منحها للجاني في الإخبار أن يكون إخباره هو الذي مكن السلطات من ضبط باقي الجناة مرتكبي الجريمة. وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مناط الإعفاء الوارد في الفقرة الثانية أن يدلي الجاني بمعلومات صحيحة وجدية تؤدي بذاتها إلى القبض على باقي الجناة فإن الحكم المطعون فيه إذ استلزم - لكي يتحقق موجب الإعفاء - أن يصدر الإخبار عن صفقة لم يتم إبرامها مع المتهم الآخر، وألا تكون في مرحلة تمام التنفيذ، وأن يكون الإخبار قبل كشف نشاط الطاعن في الاتجار في المواد المخدرة، يكون قد استحدث شروطاً للإعفاء لم يوجبها القانون. وإذ أقام قضاءه على ذلك التقرير القانوني الخاطئ وحجبه هذا الخطأ عن أن يستظهر من عناصر الدعوى مدى توافر شروط الإعفاء في حق الطاعن طبقاً للفقرة الثانية المشار إليها. فإن ذلك مما يصمه بالقصور.
3 - لما كانت الفقرة الأخيرة من المادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وإن نصت على نقض الحكم بالنسبة إلى الطاعن وإلى غيره من المتهمين إذا اتصل بهم وجه الطعن ولو لم يقدموا طعناً، إلا أن ذلك مشروط بأن تعين محكمة النقض في حكمها من الذي يتعدى إليه أثر النقض، لأنها هي وحدها التي يكون لها تقدير مدى ما تعرضت له من الحكم المطعون فيه.
4 - من المقرر أن الإعفاء من العقاب ليس إباحة للفعل أو محو للمسئولية الجنائية، بل هو مقرر لمصلحة الجاني الذي تحققت في فعله وفي شخصه عناصر المسئولية الجنائية واستحقاق العقاب، وكان ما للعذر المعفى من العقاب من أثر هو حط العقوبة عن الجاني بعد استقرار إدانته دون أن يمس ذلك قيام الجريمة في ذاتها أو اعتبار المجرم المعفى من العقاب مسئولاً عنها ومستحقاً للعقاب أصلاً.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه قد دان كل من الطاعنين الثاني والثالث بتهمة أسندت إليهما عن واقعة مستقلة عن واقعة التهمة التي أسندت إلى الطاعن الأول، فإن نقض الحكم بالنسبة إليه لا يستوجب نقضه بالنسبة للطاعنين الثاني والثالث.
6 - من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها ما دام استخلاصه سائغاً تؤدي إليه ظروف الواقعة وأدلتها وقرائن الأحوال فيها، وكان ما أورده الحكم في تحصيله للواقعة وسرده لمؤدى أقوال شهود الإثبات ورده على دفوع الطاعن كافياً في إثبات أن حيازة الطاعن الجواهر المخدر كان بقصد الاتجار وفي إظهار اقتناع المحكمة بثبوته من ظروف الواقعة التي أوردتها وأدلتها التي عولت عليها.
7 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها. فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى - كان ذلك محققاً لحكم القانون.
8 - لما كان من المقرر أن الدفع الذي تلتزم المحكمة بتحقيقه أو الرد عليه هو الذي يبدى صراحة أمامها دون غيره من القول المرسل الذي لم يقصد به سوى مجرد التشكيك في مدى ما اطمأنت إليه من أدلة الثبوت، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أنها خلت من دفع صريح من الطاعن ببطلان أقوال المحكوم عليهما الأول والثاني - فيما أسنداه إليه - لأنها كانت وليدة إغراء أو إكراه وقع عليهما من ضابط الشرطة، وإنما جاء حديث الطاعن عن دعوى الوعد والوعيد في عبارات مرسلة بغير ما دليل يظاهرها أو واقع يساندها، ولا ينصرف إلا إلى مجرد التشكيك في الدليل المستمد من تلك الأقوال توصلاً إلى عدم تعويل المحكمة عليه، مما يعد من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بالرد عليها إذ الرد عليها يستفاد من الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أخذت بها.
9 - من المقرر أن الأصل في الإجراءات الصحة، وأن المحقق يباشر أعمال وظيفته في حدود اختصاصه، وكان النعي بإنكار تحرير كل من محضر الضبط وإذن التفتيش وصدوره من المختص لغموض توقيعه عليه وارداً في حقيقته على مجرد شكل التوقيع في حد ذاته، فإنه لا يعيب المحررين - بفرض صحته - ما دام موقعاً على كل منهما فعلاً.
10 - لما كان يبين من محاضر الجلسات أن الطاعن لم يدفع بنفي علمه بكنه المواد المضبوطة، وببطلان ضبط المحكوم عليه الثاني وتفتيشه وما ترتب عليه من أدلة لانتفاء حالة التلبس، فإنه لا يقبل منه النعي على المحكمة بأنها أغفلت الرد على دفوع لم يتمسك بها أمامها، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون غير سديد.
11 - من المقرر أنه لا صفة لغير من وقع في حقه الإجراء أن يدفع ببطلانه ولو كان يستفيد منه لأن تحقق المصلحة في الدفع لاحق لوجود الصفة فيه.
12 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وإذ كانت المحكمة فقد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
13 - من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن، كما هو الحال في الدعوى.
14 - لما كان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة ضم دفتر الأحوال تحقيقاً لدفاعه، فلا يصح له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة لإجرائه، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون لا محل له.
15 - من المقرر أنه لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً للمادة المضبوطة بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادة أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف - كما هو الحال في الدعوى - ما يكفي للدلالة على قيامه.
16 - من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة أو تلفيقها دفع موضوعي لا يستوجب رداً على استقلال ما دام الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
17 - لما كان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته كافياً في الدلالة على حيازة الطاعن للمواد المخدرة المضبوطة ومن ثم ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص بدعوى القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال يكون غير سديد.
18 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بالرد إلا على الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم: - المتهمين الأول والثاني: - أحرز كل منهما بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. المتهم الثالث: - حاز بقصد الاتجار جواهر مخدرة "هيروين - أفيون - حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ 1، 2، 7/ 2، 34/ 1 - 2 بند 6، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند 2 من القسم الأول والبندين 9، 57 من القسم الثاني من الجدول الأول الملحق بمعاقبة كلاً من المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريم كل منهم مائة ألف جنيه ومصادرة جميع المضبوطات.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

أولاً: عن طعن المحكوم عليه الثاني: -
من حيث إن المحاميين..... و..... قررا بتاريخ 4/ 5/ 1994 بالطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه بصفتهما وكيلين عن المحكوم عليه الثاني...... لما كان ذلك، وكان يبين من التوكيل الرسمي العام رقم..... المقدم في الطعن - والذي يخول الوكيلين عن المحكوم عليه حق الطعن بالنقض نيابة عن موكلهما أنه مؤرخ.... أي لاحق على التقرير بالطعن، وإذ كان من المقرر أن الطعن بالنقض في المواد الجنائية حق شخصي لمن صدر الحكم ضده يمارسه أو لا يمارسه حسبما يرى فيه مصلحته وليس لأحد غيره أن ينوب عنه في مباشرة هذا الحق إلا بإذنه، وكان الطعن في الأحكام هو مما يلزم فيه توكيل خاص أو توكيل عام ينص فيه على ذلك، ولا يعير من ذلك صدور توكيل لاحق استناداً إلى القانون رقم 106 لسنة 1962 بتعديل إجراءات الطعن أمام محكمة النقض، ذلك أن التعديل تناول المادة السابعة من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الواردة في باب الطعن بالنقض في شأن المواد المدنية والتجارية والأحوال الشخصية ولم يمتد إلى إجراءات الطعن في المواد الجنائية المنصوص عليها في المادة 34 من القانون ذاته. لما كان ما تقدم، فإن الطعن المقدم من المحكوم عليه الثاني يكون غير مقبول شكلاً، وهو ما يتعين القضاء به.


ثانياً: عن طعن المحكوم عليه الأول: -
من حيث إن مما ينعاه الطاعن "الأول" على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر - هيروين - بقصد الاتجار وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه تمسك بحقه في الإعفاء المقرر بالفقرة الثانية من المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 استناداً إلى أنه أدلى بمعلومات أدت بذاتها إلى ضبط المتهم الثاني، إلا أن الحكم رد على هذا الدفاع بما لا يتفق وصحيح القانون، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله أنها "تخلص في أنه بناء على تحريات جدية أجراها الرائد...... الضابط بقسم مكافحة المخدرات عن المتهم...... من أنه يتجر في المواد المخدرة فاستصدر إذناً من النيابة العامة لضبطه وتفتيشه في المكان الذي تيقن وجوده به أمام فندق.....، وتوجه على رأس قوة لتنفيذ الإذن في يوم...... وأعد ثلاث أكمنة وفي حوالي الساعة 1.15 م تمكن من ضبط المتهم أثناء وقوفه بجوار سيارته بذات المكان المحدد بالتحريات وبتفتيشه عثر بالجيب الأيمن للبنطال الذي يرتديه على ورقة الألومنيوم تحوى كيساً شفافاً من النايلون بداخله كمية من مسحوق الهيروين المخدر وبمواجهته له بها أقر بإحرازها بقصد الاتجار كما تم ضبط مبلغ خمسون جنيهاً أقر أنه متحصل من الاتجار في المواد المخدرة ويشاركه في ذلك المتهم الثاني..... وعلى موعد معه في ذات اليوم الساعة 3.15 أمام فندق..... لإتمام صفقة أخرى من المواد المخدرة، وفي الزمان والمكان المحددين حضر المتهم الثاني بسيارته وسلمه علبتين من السجائر سقطت إحداهما أرضاً وبرز منها جزء من لفافة شفافة لمخدر الهيروين وبضبطه أقر بحيازته لها بقصد الاتجار...... إلخ". وعرض الحكم للدفع المبدى من الطاعن بأحقيته في الإعفاء المقرر بالمادة 48/ 2 من القانون رقم 182 لسنة 1960 وخلص إلى رفضه تأسيساً على أن المتهم أقر عن صفقة كان قد تم إبرامها مع المتهم الثاني وبصدد تمام التنفيذ فيها مع شريكه في نشاطه المؤثم بعد أن كشف أمره ونشاطه في الاتجار في المواد المخدرة. لما كان ذلك، وكان القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد فرق في المادة 48 منه بين حالتين للإعفاء تتميز كل منهما بعناصر مستقلة وأفرد لكل حالة فقرة خاصة واشترط في الحالة الأولى فضلاً عن المبادرة بالإخبار أن يصدر الإخبار قبل علم السلطات بالجريمة، أما الحالة الثانية من حالتي الإعفاء فهي لم تستلزم المبادرة بالإخبار بل اشترط القانون في مقابل الفسحة التي منحها للجاني في الإخبار أن يكون إخباره هو الذي مكن السلطات من ضبط باقي الجناة مرتكبي الجريمة. وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مناط الإعفاء الوارد في الفقرة الثانية أن يدلي الجاني بمعلومات صحيحة وجدية تؤدي بذاتها إلى القبض على باقي الجناة فإن الحكم المطعون فيه إذ استلزم - لكي يتحقق موجب الإعفاء - أن يصدر الإخبار عن صفقة لم يتم إبرامها مع المتهم الآخر، وألا تكون في مرحلة تمام التنفيذ، وأن يكون الإخبار قبل كشف نشاط الطاعن في الاتجار في المواد المخدرة، يكون قد استحدث شروطاً للإعفاء لم يوجبها القانون. وإذ أقام قضاءه على ذلك التقرير القانوني الخاطئ وحجبه هذا الخطأ عن أن يستظهر من عناصر الدعوى مدى توافر شروط الإعفاء في حق الطاعن طبقاً للفقرة الثانية المشار إليها، فإن ذلك مما يصمه بالقصور الذي يعجز هذه المحكمة من مراقبة صحة تطبيق القانون بما يوجب نقضه والإعادة بالنسبة إلى الطاعن الأول دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن المقدمة منه.
ومن حيث إنه لما كانت الفقرة الأخيرة من المادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وإن نصت على نقض الحكم بالنسبة إلى الطاعن وإلى غيره من المتهمين إذا اتصل بهم وجه الطعن ولو لم يقدموا طعناً، إلا أن ذلك مشروط بأن تعين محكمة النقض في حكمها من الذي يتعدى إليه أثر النقض، لأنها هي وحدها التي يكون لها تقدير مدى ما تعرضت له من الحكم المطعون فيه. وكان وجه الطعن الذي بني عليه نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للطاعن الأول - على نحو ما سلف بيانه - لا يتصل بالطاعنين الثاني والثالث، ذلك أن الإعفاء من العقاب ليس إباحة للفعل أو محواً للمسئولية الجنائية، بل هو مقرر لمصلحة الجاني الذي تحققت في فعله وفي شخصه عناصر المسئولية الجنائية واستحقاق العقاب، وكان ما للعذر المعفى من العقاب من أثر هو حط العقوبة عن الجاني بعد استقرار إدانته دون أن يمس ذلك قيام الجريمة في ذاتها أو اعتبار المجرم المعفى من العقاب مسئولاً عنها ومستحقاً للعقاب أصلاً. وكان الحكم المطعون فيه قد دان كل من الطاعنين الثاني والثالث بتهمة أسندت إليهما عن واقعة مستقلة عن واقعة التهمة التي أسندت إلى الطاعن الأول، فإن نقض الحكم بالنسبة إليه لا يستوجب نقضه بالنسبة للطاعنين الثاني والثالث.


ثالثاً: عن طعن المحكوم عليه الثالث:
ومن حيث إن الطاعن "الثالث" ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة جواهر مخدرة - هيروين وأفيون وحشيش - بقصد الاتجار وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه جاء قاصر البيان في استظهار قصد الاتجار لديه، وأغفل الحكم الرد على ما أثاره الطاعن من دفع ببطلان أقوال المحكوم عليهما الأول والثاني - فيما أسنداه إليه - لأنها كانت وليدة إكراه وإغراء، وإنكار تحرير محضر الضبط وإذن التفتيش وصدور كل منهما من المختص بذلك لغموض التوقيع الممهور به، ونفى علم الطاعن بكنه المواد المضبوطة، وببطلان ضبط المحكوم عليه الثاني وتفتيشه وما ترتب عليه من أدلة لانتفاء حالة التلبس، ورد الحكم بما لا يصلح رداً على دفوع الطاعن ببطلان إذن النيابة بالتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية، وبأن ضبط الطاعن وتفتيش مسكنه تما قبل صدور الإذن بذلك، ولم تحقق المحكمة مبنى هذا الدفع بضم دفتر أحوال مكتب مكافحة المخدرات، وبعدم سيطرة الطاعن على الحقيبة - التي ضبط المخدر بها - والمسكن، وبشيوع التهمة، ولم تستجب المحكمة لطلب الطاعن سؤال الرائد/......... - برغم أنه شاهد واقعة مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستقاة من أقوال الشهود الرائد/..... والرائد/..... والرائد/...... ومن تقرير المعامل الكيماوية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته أن الرائد...... شهد - من بين ما شهد به - أنه إذ واجه المتهم الثاني بما ضبط من هيروين أقر بإحرازه بقصد الاتجار وأنه يتعاون في هذا النشاط مع المتهم الثالث......، وأسفر تفتيش مسكن هذا الأخير - المأذون به - عن ضبط جواهر الهيروين والحشيش والأفيون ومبلغ ستة آلاف وثلاثمائة جنيه فضلاً عن ميزان وسنج ثبت من تقرير التحليل أن أولها به آثار هيروين والباقي ثلاث قطع وزنية فئة الجرام والخمسة والعشرة جرامات تحوى غسالتها مادة الهيروين. كما أورد الحكم - في معرض إطراحه لدفوع من الطاعن – أن ما أقر به المتهمين الأول والثاني بصدد تعاونهم مع الثالث في الاتجار بالمواد المخدرة أكدته التحريات بأسباب رشحت إصدار النيابة العامة الإذن بضبطه.. وابتنى الحكم على أقوال الشهود وما تضمنه تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي. ثبوت تهمة حيازة الطاعن الجواهر المخدرة بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها ما دام استخلاصه سائغاً تؤدي إليه ظروف الواقعة وأدلتها وقرائن الأحوال فيها، وكان ما أورده الحكم في تحصيله للواقعة وسرده لمؤدى أقوال شهود الإثبات ورده على دفاع الطاعن كافياً في إثبات أن حيازة الطاعن الجواهر المخدرة كان بقصد الاتجار وفي إظهار اقتناع المحكمة بثبوته من ظروف الواقعة التي أوردتها وأدلتها التي عولت عليها، ولا ينال من ذلك أن الحكم لم يتحدث عن قصد الاتجار على استقلال لما هو مقرر من أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها. فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى - كان ذلك محققاً لحكم القانون، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع الذي تلتزم المحكمة بتحقيقه أو الرد عليه هو الذي يبدى صراحة أمامها دون غيره من القول المرسل الذي لم يقصد به سوى مجرد التشكيك في مدى ما اطمأنت إليه من أدلة الثبوت، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أنها خلت من دفع صريح من الطاعن ببطلان أقوال المحكوم عليهما الأول والثاني - فيما أسنداه إليه - لأنها كانت وليدة إغراء أو إكراه وقع عليهما من ضابط الشرطة، وإنما جاء حديث الطاعن عن دعوى الوعد والوعيد في عبارات مرسلة بغير ما دليل يظاهرها أو واقع يساندها، ولا ينصرف إلا إلى مجرد التشكيك في الدليل المستمد من تلك الأقوال توصلاً إلى عدم تعويل المحكمة عليه، مما يعد من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تلتزم المحكمة بالرد عليها إذ الرد عليها يستفاد من الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أخذت بها. لما كان ذلك، وكان الأصل في الإجراءات الصحة، وأن المحقق يباشر أعمال وظيفته في حدود اختصاصه، وكان النعي بإنكار تحرير كل من محضر الضبط وإذن التفتيش وصدوره من المختص لغموض توقيعه عليه، وارداً في حقيقته على مجرد شكل التوقيع في حد ذاته، فإنه لا يعيب المحررين - بفرض صحته – ما دام موقعاً على كل منهما فعلاً - وهو ما لا يماري فيه الطاعن في تقرير الأسباب - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص - بفرض التمسك به - لا يستأهل رداً. هذا إلى أنه لما كان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ابتداء ببطلان إذن التفتيش لغموض التوقيع عليه من مصدره، كما لم يدفع ببطلان محضر الضبط - للسبب ذاته - الذي يتحدث عنه في وجه طعنه، فإنه لا يقبل منه إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه في حقيقته دفع موضوعي أساسه المنازعة في سلامة الأدلة التي كونت منها المحكمة عقيدتها والتي اطمأنت منها إلى صحة إجراءات الضبط والتفتيش. لما كان ذلك، وكان يبين أيضاً من محاضر الجلسات أن الطاعن لم يدفع بنفي علمه بكنه المواد المضبوطة، وببطلان ضبط المحكوم عليه الثاني وتفتيشه وما ترتب عليه من أدلة لانتفاء حالة التلبس، فإنه لا يقبل منه النعي على المحكمة بأنها أغفلت الرد على دفوع لم يتمسك بها أمامها، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون غير سديد فضلاً عن أنه لا صفة للطاعن الثالث في الدفع ببطلان ضبط الطاعن الثاني وتفتيشه، لما هو مقرر من إنه لا صفة لغير من وقع في حقه الإجراء أن يدفع ببطلانه ولو كان يستفيد منه لأن تحقق المصلحة في الدفع لاحق لوجود الصفة فيه. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية وأطرحه بقوله: "وحيث إنه عن دفاع المتهم الثالث من بطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية وبطلان ما تلاه من إجراءات فمردود عليه سلفاً فيما نعاه المتهم الأول والثاني وآية ذلك أن ما أقر به المتهمين الأول والثاني بصدد تعاونهما مع الثالث في الاتجار بالمواد المخدرة وقد أكدت التحريات ذلك الأمر بأسباب رشحته للنيابة العامة لإصدار إذن بضبط المتهم المذكور وعليه فإنه ينحسر عن هذا الإجراء قالة البطلان ويكون ما تلاه من إجراءات تتفق وصحيح القانون نفاذاً لإذن النيابة العامة" وكان الحكم قد أطرح الدفع المماثل للمتهم الأول - فيما أحال إليه - بقوله: "وحيث إنه عن الدفع بعدم جدية التحريات وبطلان القبض على المتهم الأول فمردود عليه باطمئنان المحكمة إلى صحة التحريات لابتنائها على أسس سليمة ترشح للنيابة العامة إصدار الإذن بموجبها إعمالاً لصحيح القانون وبالتالي يكون القبض والتفتيش إذ تم بموجب ما سبقه من إجراءات صحيحة يكون قد تم منتجاً أثره قانوناً وتلتفت المحكمة عن هذا الدفع". وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وإذ كانت المحكمة فقد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون ولا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن، كما هو الحال في الدعوى، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة ضم دفتر الأحوال تحقيقاً لدفاعه المتقدم، فلا يصح له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة لإجرائه، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون لا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً للمادة المضبوطة بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف - كما هو الحال في الدعوى - ما يكفي للدلالة على قيامه وكان الدفع بشيوع التهمة أو تلفيقها دفع موضوعي لا يستوجب رداً على استقلال ما دام الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، وذلك فضلاً عن أن المحكمة قد عرضت لما يثيره الطاعن في هذا الشأن وأطرحته في منطق سائغ بقولها: "وحيث إنه عن الدفع بانعدام السيطرة المادية للمتهم على المخدرات المضبوطة فمردود على ذلك أن المضبوطات ضبطت بحقيبة مغلقة للمتهم واتضح ذلك بحضور ضابطي الشرطة العسكرية وبعض أقارب المتهم فضلاً عن أنه حقيبة الضبط تحوى أوراق تخصه من بطاقته الشخصية والعسكرية وبعض صوره وأوراقه فضلاً عن إقراره بملكيته للمبلغ المضبوط بها والبالغ قدره ستة آلاف وثلاثمائة جنيه الأمر الذي يستفاد منه يقيناً أنها تخصه وحده دون غيره هذا فضلاً عن أنه لم يعلل سبباً لما تم اتخاذه من إجراءات قبله من رجال الضبط أو غيرهم ومن ثم يغدو دفاع هذا المتهم على غير سند من صحيح القانون جديراً بالرفض". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته كافياً في الدلالة على حيازة الطاعن للمواد المخدرة المضبوطة من ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الخصوص بدعوى القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن الدفاع عن الطاعن اختتم مرافعته طالباً الحكم ببراءته مما أسند إليه دون أن يتمسك بسماع الرائد....، فإن المحكمة لا تكون مخطئة إذا لم تسمع هذا الشاهد أو ترد على طلب سماعه، لما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم بالرد إلا على الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية. لما كان ما تقدم جميعه، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 13362 لسنة 64 ق جلسة 9 / 12 / 1996 مكتب فني 47 ق 188 ص 1293

جلسة 9 من ديسمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي منتصر وحسن حمزه وحامد عبد الله ومحمد عبد العزيز نواب رئيس المحكمة.

------------------

(188)
الطعن رقم 13362 لسنة 64 القضائية

(1) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". نيابة عامة.
صحة إذن التفتيش الذي تجريه النيابة العامة أو تأذن في إجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه. شرطه؟
(2) إجراءات "إجراءات التحقيق". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". نيابة عامة.
جواز إصدار أمر التفتيش من سلطة التحقيق قبل أن يكون قد سبقه تحقيق أجرته. حد ذلك؟
(3) استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير التحريات". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
(4) إثبات "شهود". تفتيش "التفتيش بإذن". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش" "الدفع ببطلان القبض والتفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
أخذ المحكمة بأقوال شاهد الإثبات. مفاده؟
مثال لتسبيب سائغ في الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لتجاوز حدود الإذن، والدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن.
(5) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(6) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال الشهود. مفاده؟
(7) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تناقض أقوال الشهود في بعض تفاصيلها واختلاف روايتهم. لا يعيب الحكم. ما دام قد استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه.
الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة. غير جائز أمام النقض.
(8) فاعل أصلي. مساهمة جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مساهمة الشخص بفعل من الأفعال المكونة للجريمة. كفايته لاعتباره فاعلاً أصلياً فيها. إذا صحت لديه نية التدخل فيها.
مثال.
(9) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المنازعة في الصورة التي اعتنقها الحكم للواقعة والجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها. غير جائز أمام النقض.
(10) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
انحسار الخطأ في الإسناد عن الحكم. متى أقيم على ماله أصله الثابت في الأوراق.
(11) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالرد على كل دفاع موضوعي. كفاية إيراد الحكم الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه.
تعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم. مفاد التفاتها عنها. إطراحها.
(12) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". إثبات "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بتلفيق التهمة. والتشكيك في أقوال شهود الإثبات. جدل موضوعي في وزن عناصر الدعوى. غير جائز أمام النقض.
(13) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره. بياناته". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إذن التفتيش لم يشترط القانون له شكلاً معيناً.
ما يتطلبه القانون لإصدار إذن التفتيش؟
خلو الإذن من خاتم النيابة التابع لها مصدره. لا يعيبه.
(14) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه. وأن تعول على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالف قوله في جلسة المحاكمة. ما دام له مأخذه من الأوراق.
(15) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ليس للطاعن النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها.
(16) إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". دفوع "الدفع ببطلان الشهادة". إكراه. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بصدور أقوال شاهد نتيجة إكراه. لا يقبل لأول مرة أمام النقض. علة ذلك؟
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفع لم يثر أمامها. غير مقبول.
(17) إثبات "اعتراف". دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". إكراه. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم قبول الدفع بحصول الاعتراف نتيجة إكراه لأول مرة أمام النقض. علة ذلك؟
مثال لعبارة لا تشكل دفعاً ببطلان الاعتراف للإكراه.
(18) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
(19) محضر الجلسة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خلو محضر الجلسة من إثبات الدفاع كاملاً. لا يعيب الحكم. ما دام لم يتمسك بإثباته في محضر الجلسة. عدم قبول ادعاء الطاعن بمصادرة المحكمة حقه في ذلك. ما دام لم يسجل عليها المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم.

-----------------
1 - من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة العامة أو تأذن في إجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون مأمور الضبط قد علم من تحرياته السرية واستدلالاته أن جريمة معينة جناية أو جنحة قد وقعت من شخص معين وأن تكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض المحقق لحريته أو لحرمه مسكنه في سبيل كشف مبلغ اتصاله بتلك الجريمة.
2 - من المقرر أنه لا يشترط لصحة الأمر بالتفتيش أن يكون قد سبقه تحقيق أجرته السلطة التي ناط بها القانون إجراءه بل يجوز لهذه السلطة أن تصدره إذا ما رأت أن الدلائل المقدمة إليها في محضر الاستدلال كافية ويعد حينئذ أمرها بالتفتيش إجراء متمماً للتحقيق.
3 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن هو من المسائل الموضوعية التي يوكل فيها الأمر إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وأنه متى اقتنعت بجديه الاستدلالات التي بني عليها الأمر وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن - كما هو الحال في الدعوى المعروضة - فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش لتجاوز حدود الإذن وكذلك للدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن وردهما بقوله "أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها المحكمة والتي لها أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ولما كانت المحكمة تطمئن إلى أن القبض على المتهمين الأول والثاني كان بناء على إذن النيابة الصحيح دون تجاوز لحدود الإذن أخذاً بأقوال ضابط الواقعة والتي لم يقم دليل في الأوراق يهدرها ومن ثم تلتفت المحكمة عن هذه الدفوع". لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع قد اطمأنت بما أوردته من أدلة على الضابط والتفتيش كان بناء على الإذن الصادر من النيابة العامة بذلك وأن القائم به لم يتجاوز اختصاصه. وكان من المقرر كذلك أنه متى أخذت المحكمة بأقوال شاهد الإثبات فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع على حملها على عدم الأخذ بها فإن ما أورده الحكم رداً على الدفعين يكون سائغاً ويضحى النعي في خصوصه غير مقبول.
5 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
6 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء عليها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه فهي متى أخذت بشهاداتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع على حملها على عدم الأخذ بها.
7 - من المقرر أن تناقض الشهود واختلاف روايتهم في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم طالما أنه استخلص الحقيقة من أقوالهم بما لا تناقض فيها. ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم في استخلاصه لصورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة أخذاً بأقوال الشهود التي اعتمدت عليهم في قضائها وأن ما يثيره الطاعنون في هذا المقام ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ومما لا يجوز المجادلة في شأنه أمام محكمة النقض.
8 - من المقرر في صحيح القانون أنه يكفي لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يساهم بفعل من الأفعال المكونة لها إذا صحت لديه نية التدخل في ارتكابها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعنين الأول والثاني قيامهما بالاستيلاء على المسروقات بالإكراه وحمل سلاحين مخبأين وأن الطاعنين الثالث والرابع والخامس كانوا معهما بمكان الحادث وظلوا كذلك على مسرح الجريمة يراقبون الطريق ويشدون من أزرهما فإن ذلك يكفي في صحيح القانون لاعتبارهم فاعلين أصليين.
9 - لما كان البين من مدونات الحكم توافر أركان جنايتي السرقة بالإكراه والسرقة مع حمل سلاح بكافة أركانهما القانونية فإن النعي بأن الواقعة لا تخرج عن كونها جنحة سرقة لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقها الحكم للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما لا يجوز المجادلة فيه أمام هذه المحكمة.
10 - لما كان البين من الاطلاع على الأوراق أن ما أسنده الحكم إلى الشاهد الأول من رؤيته للطاعنين الثلاثة الأواخر يقفون خارج الصيدلية لمراقبة الطريق ولشد أزر الطاعنين الأول والثاني عند قيامهما بسرقة الأدوية من داخل الصيدلية وتعرف الشاهد عليهم له معينه الصحيح من أوراق الدعوى فإن النعي بالخطأ في الإسناد يكون لا محل له.
11 - من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم بالرد على كل دفاع موضوعي اكتفاء بأدلة الثبوت التي أوردتها وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها.
12 - من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة والتشكيك في أقوال شهود الإثبات التي اقتنعت المحكمة بصحتها وأقامت قضاءها عليها إنما ينحل إلى جدل موضوعي في وزن عناصر الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
13 - من المقرر أن القانون لم يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش وكل ما يتطلبه القانون في هذا الخصوص أن يكون واضحاً محدداً بالنسبة إلى تعيين الأشخاص والأماكن المراد تفتيشها وأن يكون مصدره مختصاً مكانياً بإصداره وأن يكون مدوناً بخطه وموقعاً عليه بإمضائه - وهو ما لم ينازع فيه أحد - ومن ثم فلا يعيب الإذن خلوه من خاتم النيابة التي ينتمي إليها مصدره.
14 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه وأن تعول على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت ما شهد به في جلسة المحاكمة ما دام له مأخذه الصحيح من الأوراق.
15 - لما كان الثابت بمحاضر الجلسات أن أياً من المدافعين عن الطاعنين لم يطلب من المحكمة مناقشة الشاهد الرابع حين سماع شهادته أمام المحكمة ومن ثم فليس لهم من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها.
16 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن أحداً من الطاعنين لم يثر شيئاً بخصوص صدور أقوال الشاهد الرابع بتحقيقات النيابة تحت وطأة الإكراه فإنه لا يقبل بعد ذلك إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه من تحقيق موضوعي ينحسر عنه وظيفة هذه المحكمة كما لا يقبل في خصوصه النعي على المحكمة بقعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها.
17 - لما كان الثابت من محاضر الجلسات أن الطاعن الثاني أو مدافعه لم يدفعا ببطلان اعترافه بتحقيق النيابة لأنه جاء وليد إكراه أدبي وقصارى ما أشار إليه أن الطاعن قدم حافظة مستندات تحوى واقعة تعذيب لأشخاص في ذات القسم وأن الضابط أحضر شقيقته بالقسم مما دفعه إلى تسليم نفسه لإنقاذها دون أن يبين وجه ما ينعاه على اعترافه وبما لا يمكن معه القول بأن هذه العبارة تشكل دفعاً ببطلان الاعتراف أو تشير إلى الإكراه المبطل له. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عول في قضاء الإدانة على اعترافه بعد أن اطمأن إلى سلامته - وكان لا يقبل من الطاعن إثارته الدفع بالإكراه في خصوصه لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه للفصل فيه إجراء تحقيق تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة.
18 - من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة.
19 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع المتهم كاملاً إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته بالمحضر وأن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في ذلك أن يقدم الدليل ويسجل عليها المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم وإلا لم تجز محاجاتها من بعد ذلك أمام محكمة النقض على أساس من تقصيرها فيما كان يتعين عليها تسجيله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم جميعاً أولاً: سرقوا المبلغ النقدي والأشياء المبينة الوصف والقيمة بالتحقيقات المملوكة لـ........ وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع عليه بأن أشهر الأول سلاحاً نارياً ووضعه على عنقه مهدداً باستعماله وأشهر الثاني سلاحاً أبيض "سنجه" فشلا بذلك مقاومته وتمكن الثاني من الاستيلاء على المسروقات سالفة الذكر بينما راقب باقي المتهمين الطريق لمنع دخول الغير صيدلية المجني عليه ولتمكين الأول والثاني من السرقة فتمكنوا بتلك الوسيلة من الإكراه من إتمام السرقة والفرار بالمسروقات. ثانياً: سرقوا زجاجتي الدواء المبينة الوصف والقيمة بالأوراق المملوكة لـ ..... حال كون الأول والثاني حاملين لسلاحين مخبأين. المتهم الأول: أولاً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخن الماسورة (فرد خرطوش محلي الصنع). ثانياً: أحرز ذخائر "ثلاث طلقات" مما تستعمل في السلاح الناري سالف البيان دون أن يكون مرخصاً له بإحرازه أو حيازته. المتهم الثاني: أحرز سلاحاً أبيضاً "سنجه" دون أن يكون هناك مسوغ حرفي أو شخصي لإحرازه أو حيازته. وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 314/ 1، 316 مكرراً ثالثاً/ 3 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1/ ، 6، 25 مكرراً 1/ 1، 26/ 1 - 5، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين أرقام 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981، 97 لسنة 1992 والبندين 10، 11 من الجدول رقم (1) والجدول رقم (2) الملحقين بالقانون الأول والمستبدلين بالقانون الأخير مع تطبيق المادة 32 عقوبات والمادة 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات عما أسند لكل منهم.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنين الأول والرابع ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجرائم السرقة بإكراه والسرقة مع حمل سلاح وإحراز الأول لسلاح وذخيرة بدون ترخيص قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور والفساد في الاستدلال وأخل بحق الدفاع ذلك أن المدافعين عن الطاعنين دفعا ببطلان إذن النيابة بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية ولتجاوز القائم بالضبط لاختصاصه المكاني ولوقوع الضبط والتفتيش قبل صدور الإذن لقرائن عدداها تدليلاً على صحة ذلك مما كان يجدر بالنيابة أن تجرى تحقيقاً قبل صدور الإذن. إلا أن الحكم أطرح الدفوع بما لا يسوغ. هذا وقد قام دفاع الطاعنين على استحالة حصول الواقعة كما صورها المجني عليهما خاصة بمكان وزمان وقوعها ولتناقض أقوالهما وكذلك لسبق معرفتهما بالطاعن الأول الذي سبق له التعامل معهما بشراء الأدوية المخدرة بأكثر من السعر المقرر لها وأن الواقعة لا تعدو أن تكون جنحه سرقة باعتراف الطاعن الثاني والذي لم يقرر باشتراك أي من الطاعنين الثلاثة الآخرين فيها وإنكار الأول ذلك أصلاً. كما ينعى الطاعنان الثاني والخامس على الحكم قصوره في التسبيب وفساده في الاستدلال إذ دفعا ببطلان الإذن بالقبض والتفتيش لعدم حمله خاتم النيابة التي أصدرته - إلا أن الحكم رد الدفع بما لا يستقيم معه رفضه - كذلك فإن المحكمة لم تسمح لمدافعيهما بمناقشة الشاهد الرابع والتي عولت على أقواله بالتحقيقات رغم عدوله عنها بالجلسة وعلى الرغم من أن ما أدلى به بالتحقيقات - كان وليد إكراه كذلك أعرض الحكم عما دفع به الطاعن الثاني من أن الأقوال التي نسبت إليه بالتحقيقات جاءت وليدة إكراه معنوي لاحتجاز شقيقته وابنتها بقسم الشرطة. كما ينعى الطاعن الثالث على الحكم مخالفته الثابت بالأوراق وفساده في الاستدلال وقصوره في التسبيب وتناقضه فيه وإخلاله بحق الدفاع ذلك أن ما نسبه الحكم إلى الشاهد الأول من وجود الطاعن والطاعنين الرابع والخامس خارج الصيدلية لمراقبة الطريق ولشد أزر الأول والثاني لا أصل له. كما أن أقوال الشاهد الرابع بالتحقيقات جاءت وليدة إكراه ونفى الطاعنين الأول والثاني اشتراكه معهما في الجريمة. واستند الحكم في قضائه إلى أقوال ضابط الواقعة أن الطاعنين أقروا له بمحضر الضبط بارتكابها على الرغم من إثبات الحكم أنه لم يتساند إلى محضر الضبط في قضائه بالإدانة كما وأن ما أثبت بمحضر جلسة المحاكمة لا يمثل حقيقة الدفاع الذي تمسك به المدافع عن الطاعن. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين وقائع الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان بها الطاعنين وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولها أصلها الثابت في أوراق الدعوى. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد الدفع ببطلان أمر القبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية قولاً منه "أنه من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع والمحكمة تطمئن إلى أن التحريات التي أجراها الشاهد الثالث وسطر مضمونها بمحضره كافية لإصدار الإذن". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة العامة أو تأذن في إجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون مأمور الضبط قد علم من تحرياته السرية واستدلالاته أن جريمة معينه جناية أو جنحة قد وقعت من شخص معين وأن تكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض المحقق لحريته أو لحرمة مسكنه في سبيل كشف مبلغ اتصاله بتلك الجريمة. وكان لا يشترط لصحة الأمر بالتفتيش أن يكون قد سبقه تحقيق أجرته السلطة التي ناط بها القانون إجراءه بل يجوز لهذه السلطة أن تصدره إذا ما رأت أن الدلائل المقدمة إليها في محضر الاستدلال كافية ويعد حينئذ أمرها بالتفتيش إجراء متمماً للتحقيق. وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن هو من المسائل الموضوعية التي يوكل فيها الأمر إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وأنه متى اقتنعت بجديه الاستدلالات التي بني عليها الأمر وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن - كما هو الحال في الدعوى المعروضة - فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش لتجاوز حدود الإذن وكذلك للدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن وردهما بقوله "أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها المحكمة والتي لها أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ولما كانت المحكمة تطمئن إلى أن القبض على المتهمين الأول والثاني كان بناء على إذن النيابة الصحيح دون تجاوز لحدود الإذن أخذاً بأقوال ضابط الواقعة والتي لم يقم دليل في الأوراق يهدرها ومن ثم تلتفت المحكمة عن هذه الدفوع". لما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع قد اطمأنت بما أوردته من أدلة على أن الضبط والتفتيش كان بناء على الإذن الصادر من النيابة العامة بذلك وأن القائم به لم يتجاوز اختصاصه. وكان من المقرر كذلك أنه متى أخذت المحكمة بأقوال شاهد الإثبات فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع على حملها على عدم الأخذ بها فإن ما أورده الحكم رداً على الدفعين يكون سائغاً ويضحى النعي في خصوصه غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق. كما وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء عليها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه فهي متى أخذت بشهاداتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع على حملها على عدم الأخذ بها، كما وأن تناقض الشهود واختلاف روايتهم في بعض تفصيلها لا يعيب الحكم طالما أنه استخلص الحقيقة من أقوالهم بما لا تناقض فيها. ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم في استخلاصه لصورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة أخذاً بأقوال الشهود التي اعتمدت عليهم في قضائها وأن ما يثيره الطاعنون في هذا المقام ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الأدلة وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ومما لا يجوز المجادلة في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر في صحيح القانون أنه يكفي لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يساهم بفعل من الأفعال المكونة لها إذا صحت لديه نية التدخل في ارتكابها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعنين الأول والثاني قيامهما بالاستيلاء على المسروقات بالإكراه وحمل سلاحين مخبأين وأن الطاعنين الثالث والرابع والخامس كانوا معهما بمكان الحادث وظلوا كذلك على مسرح الجريمة يراقبون الطريق ويشدون من أزرهما فإن ذلك يكفي في صحيح القانون لاعتبارهم فاعلين أصليين. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم توافر أركان جنايتي السرقة بالإكراه والسرقة مع حمل سلاح بكافة أركانهما القانونية فإن النعي بأن الواقعة لا تخرج عن كونها جنحة سرقة لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقها الحكم للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما لا يجوز المجادلة فيه أمام هذه المحكمة. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على الأوراق أن ما أسنده الحكم إلى الشاهد الأول من رؤيته للطاعنين الثلاثة الأواخر يقفون خارج الصيدلية لمراقبة الطريق ولشد أزر الطاعنين الأول والثاني عند قيامهما بسرقة الأدوية من داخل الصيدلية وتعرف الشاهد عليهم له معينه الصحيح من أوراق الدعوى فإن النعي بالخطأ في الإسناد يكون لا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم بالرد على كل دفاع موضوعي اكتفاء بأدلة الثبوت التي أوردتها وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها. كما وأن الدفع بتلفيق التهمة والتشكيك في أقوال شهود الإثبات التي اقتنعت المحكمة بصحتها وأقامت قضاءها عليها إنما ينحل إلى جدل موضوعي في وزن عناصر الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش لخلوه من الخاتم الرسمي للنيابة التي أصدرته ورده بقوله "أنه لا يشترط وجود بصمة خاتم رسمي على الإذن الصادر من النيابة بضبط وتفتيش متهم بل يشترط فحسب أن يكون الإذن مكتوباً وموقعاً عليه ممن أصدره وهو ما لم يجادل فيه الدفاع". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش وكل ما يتطلبه القانون في هذا الخصوص أن يكون واضحاً محدداً بالنسبة إلى تعيين الأشخاص والأماكن المراد تفتيشها وأن يكون مصدره مختصاً مكانياً بإصداره وأن يكون مدوناً بخطه وموقعاً عليه بإمضائه - وهو ما لم ينازع فيه أحد - ومن ثم فلا يعيب الإذن خلوه من خاتم النيابة التي ينتمي إليها مصدره ويكون ما رد به الحكم دفعه سائغاً بما يضحى النعي في خصوصه غير سديد. لما كان ما تقدم, وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه وأن تعول على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت ما شهد به في جلسة المحاكمة ما دام له مأخذه الصحيح من الأوراق. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحاضر الجلسات أن أياً من المدافعين عن الطاعنين لم يطلب من المحكمة مناقشة الشاهد الرابع حين سماع شهادته أمام المحكمة ومن ثم فليس لهم من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن أحداً من الطاعنين لم يثر شيئاً بخصوص صدور أقوال الشاهد الرابع بتحقيقات النيابة تحت وطأة الإكراه فإنه لا يقبل بعد ذلك إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه من تحقيق موضوعي تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة - كما لا يقبل في خصوصه النعي على المحكمة بقعودها عن الرد على دفع لم يثر أمامها. لما كان ذلك، وكان الثابت من محاضر الجلسات أن الطاعن الثاني أو مدافعه لم يدفعا ببطلان اعترافه بتحقيق النيابة لأنه جاء وليد إكراه أدبي وقصارى ما أشار إليه أن الطاعن قدم حافظة مستندات تحوى واقعة تعذيب لأشخاص في ذات القسم وأن الضابط أحضر شقيقته بالقسم مما دفعه إلى تسليم نفسه لإنقاذها دون أن يبين وجه ما ينعاه على اعترافه وبما لا يمكن معه القول بأن هذه العبارة تشكل دفعاً ببطلان الاعتراف أو تشير إلى الإكراه المبطل له. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عول في قضاء الإدانة على اعترافه بعد أن اطمأن إلى سلامته وكان لا يقبل من الطاعن إثارته الدفع بالإكراه في خصوصه لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه للفصل فيه إجراء تحقيق تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة ومن ثم يكون النعي في خصوصه غير قويم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة وكان لا تناقض فيما أورده الحكم في عدم تعويله على ما جاء بمحضر ضبط الواقعة وبين استناده في قضائه بالإدانة على ما شهد به الضابط بالتحقيقات. بما يكون النعي في خصوص ذلك غير قويم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع المتهم كاملاً إذ كان عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته بالمحضر وأن عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في ذلك أن يقدم الدليل ويسجل عليها المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم وإلا لم تجز محاجاتها من بعد ذلك أمام محكمة النقض على أساس من تقصيرها فيما كان يتعين عليها تسجيله ومن ثم يكون منعاه في هذا الخصوص غير مقبول ويكون الطعن برمته على غير أساس بما يتعين معه رفضه.

الطعن 24758 لسنة 64 ق جلسة 5 / 12 / 1996 مكتب فني 47 ق 187 ص 1283

جلسة 5 من ديسمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ د. عادل قوره نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وعاطف عبد السميع نائبي رئيس المحكمة وأحمد عبد القوي ورضا القاضي.

----------------

(187)
الطعن رقم 24758 لسنة 64 القضائية

(1) مواد مخدرة. وصف التهمة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
حق محكمة الموضوع في تعديل وصف التهمة دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الأولى.
مثال في جريمة إحراز مواد مخدرة.
(2) حكم "بيانات الديباجة" "بيانات التسبيب".
مواد الاتهام ليست من البيانات التي يجب أن يشتمل عليها ديباجة الحكم.
إيراد الحكم المطعون فيه مواد القانون التي أخذ المتهم بها. كفايته بياناً لمواد القانون التي حكم بمقتضاها.
(3) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". دفوع "الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش. موضوعي. استفادة الرد عليه من اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن.
(4) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة محتملة.
(5) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". استدلالات. دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
تولي رجل الضبط القضائي بنفسه التحريات التي يؤسس عليها طلب الإذن. غير لازم. له الاستعانة بمعانية من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين أو غيرهم.
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات.
(6) استدلالات. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
أخذ المحكمة بتحريات الشرطة سنداً لإذن التفتيش ونسبة المخدر للمتهم. لا يمنع من عدم الأخذ بها في خصوص قصد الاتجار.

---------------
1 - لما كان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم، وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة ودارت حولها المرافعة وهي واقعة إحراز المخدر هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به، وكان مرد التعديل هو عدم قيام الدليل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن واستبعاد هذا القصد باعتباره ظرفاً مشدداً للعقوبة ودون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الأولى فإن الوصف الذي نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت إحراز الطاعن للمخدر مجرداً عن أي قصد إنما هو تطبيق سليم للقانون ومن ثم فلا على المحكمة أن تنبه الدفاع إلى ما أسبغته من وصف قانوني صحيح للواقعة المادية المطروحة عليها، ويضحى النعي عليها بالإخلال بحق الدفاع في هذا الصدد في غير محله.
2 - لما كان من المقرر أن مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها ليست من البيانات التي يجب أن يشتمل عليها محضر الجلسة وديباجة الحكم وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية لم توجب إلا أن يشار في الحكم إلى نص القانون الذي حكم بموجبه، وكانت الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين في ديباجته وصف الجريمة المسندة إلى الطاعن وحصل الواقعة المستوجبة للعقوبة ومؤدى أدلة الثبوت أشار إلى المواد 1/ 1، 2، 38/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 57 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق التي أخذ الطاعن بها بقوله: "بما يستوجب إنزال العقاب المقرر بمقتضى نصوص المواد سالفة الذكر وعملاً بنص المادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية" فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون. ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
3 - من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها وكان ما رد به الحكم على الدفع سالف الذكر سائغاً لإطراحه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان الإذن بالضبط والتفتيش لصدوره عن جريمة محتملة ورد عليه في قوله: "وحيث إنه بخصوص ما يثيره الدفاع من أن الإذن صدر عن جريمة مستقبلة فهو مردود بدوره لأن الثابت بمحضر التحريات أن المعلومات والتحريات التي أكدتها أشارت إلى أن المتهم يحوز ويحرز المواد المخدرة حال تردده على قريتي المركز المبينتين بالمحضر وهو ما يعنى بصريح العبارة أن الجريمة وقعت بالفعل وترجح نسبتها إلى المتهم من خلال الأمارات والدلائل التي انتهت إليها التحريات واطمأنت إليها المحكمة ومن ثم يكون الدفع في غير محله متعيناً رفضه". وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه يكفي لاعتبار الإذن صحيحاً صادراً لضبط جريمة واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشه فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد في غير محله.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه عرض لدفع الطاعن ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات ورد عليه في قوله: "وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية فهو في غير محله إذ الثابت من محضر التحريات الذي سطره الرائد..... أن تحرياته السرية وضباط وحدة مباحث المركز دلته على أن المتهم المقيم بمركز....... يقوم بالتردد على دائرة مركز.... خاصة بلدتي...... و..... مروراً بقرية....... محرزاً المواد المخدرة وأنه تأكد من ذلك بالمراقبة السرية والمستمرة بمداخل هذه القرى ومخارجها من شتى مصادره السرية وقد شمل المحضر على هذا النحو عناصره ومقاوماته الجوهرية بما فيها الاسم الكامل للمتهم ومحل إقامته وأماكن تردده بدائرة المركز ونشاطه في إحراز المواد المخدرة وهو ما تراه المحكمة كافياً ومسوغاً لإصدار الإذن أما التساند إلى خلو دفتر الأحوال من إثبات قيام الضابط للمراقبة فلا ينال من سلامة التحريات لأنه إجراء ليس بلازم ثم أن الضابط أورد بمحضره أنه استعان أيضاً بمصادره السرية وليس شرطاً أن يستعين ضابط المباحث بأحد المراكز بمكتب مخدرات محافظة أخرى يقيم فيها المتهم للتأكد من صدق المعلومات التي تلقاها عنه طالما أنه تأكد هو من صحتها.... فإن الدفع يكون على غير أساس خليقاً بالرفض". وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن، فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون وإذ كان القانون لا يوجب حتماً أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه مراقبة الأشخاص المتحرى عنهم أو أن يكون على معرفة سابقة بهم بل له أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه من معلومات، ولما كان الحكم المطعون فيه قد تناول الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش على نحو يتفق وصحيح القانون فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً.
6 - من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات الشرطة ما يسوغ الإذن بالتفتيش ولا ترى فيها ما يقنعها بأن إحراز المتهم للمخدر كان بقصد الاتجار متى بنت ذلك على اعتبارات سائغة دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها - وهو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وأحالته إلى محكمة جنايات بنها لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ 1، 2، 30، 38/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 57 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر "حشيش" بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي شابه الإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون والبطلان والقصور والتناقض في التسبيب ذلك بأنه نفى عن الطاعن قصد الاتجار وعاقبه عن إحراز المخدر مجرداً من أي قصد دون أن تلفت المحكمة نظر الدفاع إلى تعديل الوصف. وقد خلت محاضر جلسات المحاكمة والحكم المطعون فيه من بيان مواد الاتهام والتي طلبت النيابة العامة تطبيقها. كما دفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور إذن النيابة وبطلان الإذن لصدوره عن جريمة مستقبله ولابتنائه على تحريات غير جدية إلا أن المحكمة ردت على هذه الدفوع بما لا يصلح رداً هذا فضلاً عن أن الحكم انتهى في قضائه إلى عدم الاعتداد بما تضمنته التحريات بشأن قصد الاتجار إلا أنه عول عليها - ضمن ما عول - في إدانة الطاعن. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز جوهر مخدر "حشيش" بغير قصد من القصود الخاصة المسماة في القانون التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولا يماري الطاعن في أن لها معينها الثابت بالأوراق. لما كان ذلك، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة ودارت حولها المرافعة وهي واقعة إحراز المخدر هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به، وكان مرد التعديل هو عدم قيام الدليل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن واستبعاد هذا القصد باعتباره ظرفاً مشدداً للعقوبة، ودون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الأولى فإن الوصف الذي نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت إحراز الطاعن للمخدر مجرداً عن أي قصد إنما هو تطبيق سليم للقانون ومن ثم فلا على المحكمة أن تنبه الدفاع إلى ما أسبغته من وصف قانوني صحيح للواقعة المادية المطروحة عليها، ويضحى النعي عليها بالإخلال بحق الدفاع في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها ليست من البيانات التي يجب أن يشتمل عليها محضر الجلسة وديباجة الحكم وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية لم توجب إلا أن يشار في الحكم إلى نص القانون الذي حكم بموجبه، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين في ديباجته وصف الجريمة المسندة إلى الطاعن وحصل الواقعة المستوجبة للعقوبة ومؤدى أدلة الثبوت أشار إلى المواد 1/ 1، 2، 38/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 57 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق التي أخذ الطاعن بها بقوله: "بما يستوجب إنزال العقاب المقرر بمقتضى نصوص المواد سالفة الذكر وعملاً بنص المادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية" فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون. ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش بقوله: "وحيث إنه بخصوص ما أثاره الدفاع من أن الإذن معدوماً لصدوره بعد القبض على المتهم فهو مردود بأن الثابت من أقوال شاهدي الواقعة التي اطمأنت إليها المحكمة وأخذت بها أن أولهما انتقل لتنفيذ الإذن قرب عصر 17/ 2/ 1994 حيث انضم إليه زميله الثاني من قوة الكمين الثابت بمنطقة مدخل قرية..... الذي كان برئاسة زميله الشاهد الثاني وأنه تم ضبط المتهم حوالي الساعة الخامسة والربع مساء ذات اليوم بل أن المتهم قرر بالتحقيقات أنه ضبط الساعة الثانية بعد ظهر يوم 17/ 2/ 1994 وهو تاريخ لاحق على الإذن الثابت صدوره قبلها في يوم 16/ 2/ 1994 الساعة الثانية والنصف مساء وهو ما يؤكد سلامة الإجراءات وأن الإذن صدر صحيحاً". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها وكان ما رد به الحكم على الدفع سالف الذكر سائغاً لإطراحه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان الإذن بالضبط والتفتيش لصدوره عن جريمة محتملة ورد عليه في قوله: "وحيث إنه بخصوص ما يثيره الدفاع من أن الإذن صدر عن جريمة مستقبلة فهو مردود بدوره لأن للثابت بمحضر التحريات أن المعلومات والتحريات التي أكدتها أشارت إلى أن المتهم يحوز ويحرز المواد المخدرة حال تردده على قريتي المركز المبينتين بالمحضر وهو ما يعنى بصريح العبارة أن الجريمة وقعت بالفعل وترجح نسبتها إلى المتهم من خلال الأمارات والدلائل التي انتهت إليها التحريات واطمأنت إليها المحكمة من ثم يكون الدفع في غير محله متعيناً رفضه". وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه يكفي لاعتبار الإذن صحيحاً صادراً لضبط جريمة واقعة بالفعل ترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشه فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات ورد عليه في قوله: "وحيث إنه عن الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لابتنائه على تحريات غير جدية فهو في غير محله إذ الثابت من محضر التحريات الذي سطره الرائد..... أن تحرياته السرية وضباط وحدة مباحث المركز دلته على إن المتهم المقيم بمركز.... يقوم بالتردد على دائرة مركز.... خاصة بلدتي...... و..... مروراً بقرية...... محرزاً المواد المخدرة وأنه تأكد من ذلك بالمراقبة السرية والمستمرة بمداخل هذه القرى وخارجها من شتى مصادره السرية وقد شمل المحضر على هذا النحو عناصره ومقوماته الجوهرية بما فيها الاسم الكامل للمتهم ومحل إقامته وأماكن تردده بدائرة المركز ونشاطه في إحراز المواد المخدرة وهو ما تراه المحكمة كافياً ومسوغاً لإصدار الإذن أما التساند إلى خلو دفتر الأحوال من إثبات قيام الضابط للمراقبة فلا ينال من سلامة التحريات لأنه إجراء ليس بلازم ثم أن الضابط أورد بمحضره أنه استعان أيضاً بمصادره السرية وليس شرطاً أن يستعين ضابط المباحث بأحد المراكز بمكتب مخدرات محافظة أخرى يقيم فيها المتهم للتأكد من صدق المعلومات التي تلقاها عنه طالما أنه تأكد هو من صحتها.... فإن الدفع يكون على غير أساس خليقاً بالرفض". وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن، فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون وإذ كان القانون لا يوجب حتماً أن يتولى رجل الضبط القضائي بنفسه مراقبة الأشخاص المتحرى عنهم أو أن يكون على معرفة سابقة بهم بل له أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه من معلومات، ولما كان الحكم المطعون فيه قد تناول الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش على نحو يتفق وصحيح القانون فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات الشرطة ما يسوغ الإذن بالتفتيش ولا ترى فيها ما يقنعها بأن إحراز المتهم للمخدر كان بقصد الاتجار متى بنت ذلك على اعتبارات سائغة دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها - وهو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 24427 لسنة 64 ق جلسة 4 / 12 / 1996 مكتب فني 47 ق 186 ص 1270

جلسة 4 من ديسمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم عبد المطلب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عبد الباري سليمان ومحمود دياب وحسين الجيزاوي نواب رئيس المحكمة وأحمد عمر محمدين.

-----------------

(186)
الطعن رقم 24427 لسنة 64 القضائية

(1) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
عدم التزام محكمة الموضوع بسرد روايات الشهود المتعددة والأخذ منها بما تطمئن إلى وإطراح ما عداه.
(2) إثبات "شهود" "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إيراد الحكم ما أثاره الدفاع من تناقض بين الدليلين القولي والفني. غير لازم. ما دام قد أورد ما يتضمن الرد عليه.
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة. استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(3) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بشهادة شاهد. مفاده؟
المجادلة في أدلة الدعوى وصورتها كما ارتسمت في وجدان المحكمة. غير جائزة أمام النقض.
(5) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
(6) حكم "بياناته" "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
محل الواقعة في الحكم الجنائي. متى لا يعتبر من البيانات الجوهرية الواجب ذكرها؟
مثال.
(7) قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل أمر خفي إدراكه بالمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ على توافر نية القتل.
(8) دعوى مدنية. دعوى جنائية. محكمة الموضوع "نظرها الدعوى والحكم فيها". دفوع "الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية. جوهري. إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. غير جائز. علة ذلك؟

-------------------
1 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وكانت من المقرر كذلك أن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
2 - من المقرر أنه ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع عن الطاعنين من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني ما دام ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال ما دام أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
4 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال الشهود واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدوا بها وأيدها تقرير الطبيب الشرعي وأقواله بمحضر جلسة المحاكمة. وكان ما أورده سائغاً في العقل والمنطق ومقبولاً في بيان كيفية وقوع الحادث، وكان الحكم قد أطرح ما جاء بتقرير كبير الأطباء الشرعيين في هذا الشأن ولم يعول عليه، فإن ما يثيره الطاعنون من منازعة في سلامة ما استخلصه الحكم بدعوى الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب في هذا الصدد لا يعدو أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين، تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح، مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
5 - من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها.
6 - من المقرر أن محل الواقعة في الحكم الجنائي لا يعتبر من البيانات الجوهرية الواجب ذكرها إلا إذا رتب الشارع على حدوث الواقعة في محل معين أثراً قانونياً بأن جعل منه ركناً في الجريمة أو ظرفاً مشدداً - أما في غير ذلك فإنه يكفي في بيان مكان الجريمة الإشارة إليه ما دام أن الطاعنين لم يدفعا بعدم اختصاص المحكمة بنظرها. لما كان ذلك، فإنه لا يعيب الحكم أن يذكر أن الواقعة حدثت بناحية..... في حين أن البلدة التي وقع فيها هي..... - بفرض صحة ذلك - فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الوجه من الطعن لا يكون له محل.
7 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأيتها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، ومن ثم فإن استخلاص نية القتل من عناصر الدعوى موكول إلى محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية ما دام تدليلها على توافرها كافياً، وإذ كان الحكم قد دلل على قيام هذه النية - في حق الطاعنين - بما فيه الكفاية بقوله: "وحيث إنه عن نية القتل فثابتة في حق المتهمين بما لا يدع مجالاً للشك فلقد كان لقيام المجني عليهم بمنع حيازتهم للأرض التي كانت تدر عليهم دخلاً في استخدامها كسوق للقرية ما يكفي لإثارة كوامن الشر في نفوسهم والانتقام ممن حرمهم من ذلك الدخل المحقق الوفير فأعدوا لذلك الأمر عدته وتسلحوا بالبنادق الآلية والألمانية واتجهوا إلى المجني عليهم بأرض النزاع لمنعهم من إتمام أعمال البناء فيها حتى لو قضوا على حياتهم وأطلقوا عليهم الأعيرة النارية في مواضع قاتلة حتى أجهزوا عليهم وذلك كله لا يكون إلا لمن ابتغى القتل مقصداً".
8 - من المقرر أن الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية، وإن كان من الدفوع الجوهرية التي يتعين التصدي لها عند إبدائها إلا أنه ليس من قبيل الدفوع المتعلقة بالنظام العام التي يصح إثارتها أمام محكمة النقض لأول مرة. لما كان ذلك، وكان الطاعنون قد سكتوا عن التمسك بهذا الدفع أمام محكمة الموضوع فليس لهم من بعد إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر بأنهم أولاً: قتلوا عمداً مع سبق الإصرار...... و..... و..... و..... بأن صمموا على قتلهم وبيتوا النية على ذلك وأعدوا أسلحة نارية لهذا الغرض وما أن ظفروا بالمجني عليهم حتى أطلقوا عليهم الأعيرة النارية من تلك الأسلحة فأحدثوا بهم الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتهم. ثانياً: المتهمون عدا الثاني أحرز كل منهم بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً "بندقية آلية". ثالثاً: المتهمون عدا الثاني أحرز كل منهم ذخائر مما تستعمل على الأسلحة النارية سالفة الذكر دون ترخيص. رابعاً: المتهم الثالث: أحدث عمداً بـ........ الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً باستعمال أداة (دبشك سلاح ناري). وأحالتهم إلى محكمة جنايات سوهاج لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وأدعى كل من: 1 - ..... أرملة المجني عليه..... 2 - ..... أرملة المجني عليه...... 3 - ..... نجل المجني عليه..... 4 - ...... نجل المجني عليه...... قبل المتهمين بإلزامهم متضامنين بأن يؤدوا إليهم مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المدني المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 231، 242/ 1 - 3 مع إعمال نص المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة وبأن يؤدوا بالتضامن للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت ومصادرة السلاحين الناريين المضبوطين.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار وإحراز أسلحة نارية مششخنة وذخائر بغير ترخيص وضرب وإلزامهم بالتعويض المدني قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخطأ في الإسناد وتناقض ذلك بأنه أحال في بيان أقوال الشاهدين الثاني....... والثالث........ إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول........ رغم اختلافها إذ لم يقرر الشاهدان المذكوران باستقرار ملكية الأرض المتنازع عليها لعائلة المجني عليهم، أو أنهم منعوا حيازة عائلة الطاعنين لها وأعدوا العدة للبناء عليها مما حفزهم للانتقام منهم، كما أن الشاهد الثاني لم يقرر أنه شاهد المتهمين لحظة قدومهم صوب المجني عليهم وبتسلح كل منهم ببندقية كما جاء بأقوال الشاهد الأول بل على النقيض من ذلك قرر أنه لم يشاهدهم إلا عند إطلاقهم النار على المجني عليهم. وعول الحكم في إدانة الطاعنين - ضمن ما عول - على أقوال شهود الإثبات المذكورين وما جاء بتقرير الصفة التشريحية مع ما بينهما من تناقض في شأن موقف الجناة من المجني عليهم واتجاه إطلاق الأعيرة النارية وموضع الإصابات بما يستعصى على التوفيق والملاءمة - على النحو الذي يثيرونه بأسباب طعنهم - وهذا التناقض أيده تقرير كبير الأطباء الشرعيين الذي أكد أن إصابات المجني عليهم لا تحدث وفقاً للتصوير الذي قرره شهود الإثبات، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعن برفع هذا التعارض بين الدليلين القولي والفني، ولم يعرض له إيراداً ورداً، وقام دفاع الطاعنين على المنازعة في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة، وأنها في حقيقتها مشاجرة بين أفراد عائلة المجني عليهم بسبب النزاع على ملكية قطعة الأرض الفضاء، أصيب فيها المجني عليهم بداءة بإصابات بسيطة، كما جاء بتقرير الطبيب الشرعي، وعندما أطلق نفر منهم بعض الأعيرة النارية بقصد تفريق المتشاجرين، أصابت تلك الأعيرة المجني عليهم، وهو ما أيدته التحريات التي أجراها الشاهد الرابع، وما جاء بالمحضر رقم..... لسنة 1986 إداري...... وتقرير كبير الأطباء الشرعيين آنف البيان، إلا أن الحكم لم يعرض لهذا الدفاع إيراداً له أو رداً عليه. كما نازع الطاعنون كذلك في مكان وقوع الحادث، إذ خلت المعاينة التي أجريت من وجود قمائن الطوب التي ورد ذكرها في الحكم والتي قرر شهود الإثبات أنهم تستروا خلفها عند مشاهدتهم للحادث، ومن فوارغ الطلقات التي أطلقت بغزارة وفقاً لأقوال هؤلاء الشهود، إلا أن الحكم أطرح هذا الدفاع بما لا يسوغه، إذ أن وجود آثار دماء أسفل جثث المجني عليهم لا يفيد بذاته أنهم قتلوا في هذا المكان. وأورد الحكم أن الحادث وقع بقرية....... على خلاف الحقيقة إذ أنه وقع بقرية...... هذا إلا أن ما أورده الحكم لاستظهار نية القتل لا يوفرها في حق الطاعنين وأخيراً فقد قضى الحكم بقبول الدعوى المدنية وألزم الطاعنين بالتعويض المدني رغم أن المحكمة لم تتصل بهذه الدعوى ولم تنعقد الخصومة فيها، إذ أقيمت في أول الأمر أمام محكمة أمن الدولة العليا - طوارئ - بالتبعية للدعوى الجنائية، فقضت تلك المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعويين، وإذ أحيلت الدعوى الجنائية إلى محكمة الجنايات التي أصدرت الحكم المطعون فيه فقد كان على المدعين بالحقوق المدنية أن يعيدوا رفع دعواهم المدنية أمام المحكمة الأخيرة وهو ما لم يفعلوه، وذلك كله مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله "إن عائلة المتهمين اعتادت منذ زمن طويل استخدام قطعة أرض فضاء ببلدة....... كسوق تتقاضى من مستغليه أجراً على شغله أثناء انعقاد السوق، وقد شق على المتهمين قيام المجني عليهم بعض أفراد عائلتهم بمنع حيازتهم لهم الأرض والشروع في بنائها قبل يوم سابق على تاريخ الحادث في....... ومنذ ذلك الحين ويتحفز المتهمون للثأر ممن منع عنهم دخل استخدامهم هذه الأرض وعقدوا العزم على القتل ولبثوا في عزمهم في روية وفكر هادئ استطال لفترة طويلة من الزمن حتى كان يوم...... وحال قيام المجني عليهم مع بعض أفراد عائلتهم ومسانديهم من أهل القرية بحفر أساسات بأرض النزاع لبنائها ومنع استخدام المتهمين لها كسوق للقرية تسلح المتهمون عدا الثاني ببنادق آلية وتسلح الثاني ببندقية ألماني مرخص له في إحرازها واتجهوا إلى أرض النزاع وأطلقوا الأعيرة النارية على المجني عليهم في كل موضع قاتل لتنفيذ ما عقدوا عليه العزم من القتل حتى أجهزوا عليهم ولما اتجه....... لمكان الحادث ليستطلع أمر ما حدث لذويه بادره المتهم........ بالضرب على رأسه وذراعه الأيمن وركبته اليمنى بدبشك البندقية الآلي التي كان يتسلح بها ولاذوا بالفرار ونفاذاً لإذن النيابة العامة قام الملازم أول........ بتفتيش مسكن المتهم...... فعثر بداخل إحدى حزم البوص المسقوف بها إحدى حجرات المنزل على بندقية آلي وبتفتيش منزل المتهم...... عثر بحجرة ملحقة بالمنزل داخل حزمة من البوص بسقف الحجرة على بندقية آلي". وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعنين أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومعاينة النيابة العامة لمكان الحادث وضبط الأسلحة وتقرير الصفة التشريحية والتقرير الطبي الابتدائي وما شهد به الطبيب الشرعي بجلسة المحاكمة وما جاء بتقرير كبير الأطباء الشرعيين، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وكان من المقرر كذلك أن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وإذ كان الطاعنون لا يجادلون في أن أقوال الشهود..... و...... و....... متفقة في جملتها مع ما استند إليه الحكم منها في الواقعة الجوهرية المشهود عليها وهي مشاهدتهم الطاعنين حاملين أسلحتهم ويطلقون منها الأعيرة النارية صوب المجني عليهم قاصدين قتلهم وإذ تحقق مقصدهم لاذوا بالفرار فلا يؤثر في سلامة الحكم اختلاف أقوالهم بشأن تفاصيل الخلاف على قطعة الأرض المتنازع عليها بينهما على النحو الذي يثيره الطاعنون بأسباب الطعن، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان مفاد أقوال الشهود..... و...... و...... أنه في يوم الحادث وأثناء قيام المجني عليهم وذويهم بحفر أساسات للبناء في قطعة الأرض محل النزاع، قدم المتهمون يتسلح كل منهم ببندقية وما أن اقتربوا من المجني عليهم حتى أطلقوا عليهم الأعيرة النارية قاصدين من ذلك قتلهم وإذ تحقق لهم ذلك لاذواً بالفرار. ولم يحصل الحكم من أقوال الشهود موقف المتهمين من المجني عليهم وقت إطلاق الأعيرة النارية عليهم وتحديد مسارها وقد نقل الحكم عن تقرير الصفة التشريحية "أن إصابات المجني عليهم نارية حيوية حديثة حدثت كل منها من عيار ناري معمر بمقذوف مفرد يتعذر تحديد نوع كل منها وبالتالي نوع وعيار السلاح أو الأسلحة المستخدمة في إطلاقها - نظراً لعدم استقرار مقذوف أو جزء منه داخل جسم أياً من المجني عليهم وقد أصاب كل من المجني عليهم مقذوف واحد وأطلقت جميعها من مدى جاوز مدى الإطلاق القريب للأسلحة النارية وبالنسبة للمجني عليه..... اخترق هذا المقذوف الرابع الوحشي الأعلى للألية اليمنى وخرج من يسار الجزع وبالنسبة للمجني عليه...... فقد اخترق المقذوف يمين أعلى الرقبة وخرج من يسار الوجنة وبالنسبة للمجني عليه...... فقد اخترق المقذوف يسار البطن وخرج من الخط الإبطي الأيمن وتعزى وفاة المجني عليهم لإصابة كل منهم النارية وما أحدثته من كسور بالعظام وتهتكات بالأحشاء الداخلية وما صاحب ذلك من نزيف داخلي وخارجي غزير أدى إلى صدمة والوفاة. ومضى على وفاة المجني عليهم لحين الكشف والتشريح حوالي يوم". ولما كان الطاعنون لا يجادلون صحة ما حصله الحكم من أقوال الشهود وتقرير الصفة التشريحية، وكانت أقوال هؤلاء الشهود كما أوردها الحكم لا تتعارض بل تتلاءم مع ما نقله عن تقرير الصفة التشريحية الذي أثبت إمكان حدوث كل من إصابة المجني عليهم من عيار واحد ووفق التصوير الوارد بمذكرة النيابة - مما تنتفي معه دعوى قيام التناقض بين الأدلة التي أخذ بها الحكم، وكان ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع عن الطاعنين من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني ما دام ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أطرح تصوير الطاعنين للحادث في قوله: "وحيث إن المحكمة لا تعول على إنكار المتهمين وتراه وسيلة ممسوخة للخلاص من الاتهامات المسندة إليهم بعد أن اطمأنت تمام الاطمئنان للأدلة السابقة والتي تقطع في ارتكابهم الجرائم المسندة إليهم" وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى، ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال الشهود واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدوا بها وأيدها تقرير الطبيب الشرعي وأقواله بمحضر جلسة المحاكمة. وكان ما أورده سائغاً في العقل والمنطق ومقبولاً في بيان كيفية وقوع الحادث، وكان الحكم قد أطرح ما جاء بتقرير كبير الأطباء الشرعيين في هذا الشأن ولم يعول عليه، فإن ما يثيره الطاعنون من منازعة في سلامة ما استخلصه الحكم بدعوى الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب في هذا الصدد لا يعدو أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين، تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح، مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنين القائم على المنازعة في مكان وقوع الحادث وأطرحه في قوله: "وحيث إنه عن المنازعة في مكان الحادث بمقولة إنه لم يعثر به على فارغ لطلقات نارية فمردود بأن الثابت من معاينة النيابة لمكان الحادث وجود آثار دماء بمكان الحادث وأسفل جثث المجني عليهم وأن هذا المكان مشغول بمواد البناء المختلفة وقمائن الطوب وبه أيضاً العديد من الحفر المعدة لإقامة الأساسات وجمعيها عوامل تؤدي إلى عدم ظهور فارع الطلقات أثناء المعاينة ومما يقطع بعدم صحة المنازعة في مكان الحادث وجود آثار دماء بذلك المكان وأسفل جثت المجني عليهم دماء غزيرة وأن الجثث ذاتها ملطخة بالدماء" وهو رد كاف وسائغ من الحكم. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها، وكان ما يثيره الطاعنون من خلو المعاينة من وجود قمائن الطوب بمكان الحادث والتي ورد ذكرها بالحكم - فإنه بفرض وقوع الحكم في هذا الخطأ - فإنه ورد بشأن واقعة لم تكن قوام جوهر الواقعة التي اعتنقها ولا أثر له في منطق الحكم واستدلاله على قيام الطاعنين بإطلاق الأعيرة النارية من أسلحتهم صوب المجني عليهم إبان قيامهم بحفر الأساسات في قطعة الأرض المتنازع عليها فأردوهم قتلى، أو واقعة عدم العثور على فوارغ الطلقات بمكان الحادث لأنه مشغول بمواد البناء المختلفة والعديد من الحفر المعدة لإقامة الأساسات مما ساعد على عدم ظهور فوارغ الطلقات أثناء المعاينة خاصة وأن الطاعنين لا ينازعون في أن مكان الحادث مشغول بباقي الأشياء التي أوردها الحكم، كما أنه لا يتعارض مع الدليل القولي المستمد من أقوال الشهود إذ لم يحصل الحكم من أقوالهم أنها اختبئوا وراء قمائن الطوب أثناء مشاهدتهم للحادث، ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن محل الواقعة في الحكم الجنائي لا يعتبر من البيانات الجوهرية الواجب ذكرها إلا إذا رتب الشارع على حدوث الواقعة في محل معين أثراً قانونياً بأن جعل منه ركناً في الجريمة أو ظرفاً مشدداً - أما في غير ذلك فإنه يكفي في بيان مكان الجريمة الإشارة إليه ما دام أن الطاعنين لم يدفعوا بعدم اختصاص المحكمة بنظرها. لما كان ذلك، فإنه لا يعيب الحكم أن يذكر أن الواقعة حدثت بناحية....... في حين أن البلدة التي وقع فيها هي....... - بفرض صحة ذلك - فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الوجه من الطعن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأيتها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، ومن ثم فإن استخلاص نية القتل من عناصر الدعوى موكول إلى محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية ما دام تدليلها على توافرها كافياً، وإذ كان الحكم قد دلل على قيام هذه النية - في حق الطاعنين - بما فيه الكفاية بقوله: "وحيث إنه عن نية القتل فثابتة في حق المتهمين بما لا يدع مجالاً للشك فلقد كان لقيام المجني عليهم بمنع حيازتهم للأرض التي كانت تدر عليهم دخلاً في استخدامها كسوق للقرية ما يكفي لإثارة كوامن الشر في نفوسهم والانتقام ممن حرمهم من ذلك الدخل المحقق الوفير فأعدوا لذلك الأمر عدته وتسلحوا بالبنادق الآلية والألمانية واتجهوا إلى المجني عليهم بأرض النزاع لمنعهم من إتمام أعمال البناء فيها حتى لو قضوا على حياتهم وأطلقوا عليهم الأعيرة النارية في مواضع قاتلة حتى أجهزوا عليهم وذلك كله لا يكون إلا لمن ابتغى القتل مقصداً". لما كان ذلك، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن المدعين بالحقوق المدنية قد مثل في جميع جلسات المحاكمة التي نظرت فيها الدعوى الجنائية، وبجلسة......... - التي صدر فيها الحكم المطعون فيه - طلب في حضور المتهمين الطاعنين وفي مواجهتهم بإلزامهم بأداء التعويض المطلوب وقدره قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت بعد توقيع العقوبة المقررة، وترافع في دعواه، ولم يعارض الطاعنون في قبول الدعوى المدنية أو يثيروا شيئاً مما جاء بأسباب الطعن. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بعدم قبول الدعوى المدنية، وإن كان من الدفوع الجوهرية التي يتعين التصدي لها عند إبدائها إلا أنه ليس من قبيل الدفوع المتعلقة بالنظام العام التي يصح إثارتها أمام محكمة النقض لأول مرة. لما كان ذلك، وكان الطاعنون قد سكتوا عن التمسك بهذا الدفع أمام محكمة الموضوع فليس لهم من بعد إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع إلزام الطاعنين المصاريف المدنية.

الطعن 26992 لسنة 63 ق جلسة 4 / 12 / 1996 مكتب فني 47 ق 185 ص 1267

جلسة 4 من ديسمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد إسماعيل موسى ومصطفى محمد صادق نائبي رئيس المحكمة ويحيى محمود خليفة ومحمد عيد سالم.

---------------

(185)
الطعن رقم 26992 لسنة 63 القضائية

إجراءات "إجراءات المحاكمة". إعلان. معارضة "نظرها والحكم فيها".
إعلان الطاعن بالجلسة التي نظرت بها معارضته بإعلان غير مقروء الخط. أثره: خلو الأوراق من دليل على صحة هذا الإعلان.

----------------
لما كان البين من ورقة الإعلان الذي وجه إلى الطاعن لإخطاره بالجلسة التي نظرت بها معارضته أنه حرر بخط غير مقروء يتعذر معه الوقوف على مدى استيفائه للشروط المنصوص عليها قانوناً لينتج أثره، الأمر الذي تكون معه الأوراق قد خلت من دليل على إعلان الطاعن إعلاناً صحيحاً بالجلسة التي نظرت فيها معارضته، والتي تغاير تلك المحددة لنظرها في ورقة تقريره بالمعارضة. لما كان ذلك، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح ميت غمر ضد الطاعن بوصف أنه أعطى له شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب مع علمه بذلك وطلب عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ثلاث سنوات مع الشغل وكفالة ثلاثين ألف جنيه لإيقاف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم المعارض فيه. استأنف ومحكمة المنصورة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بسقوط الاستئناف. عارض وقضي في معارضته باعتبارها كأن لم تكن.
فطعن الأستاذ/...... المحامي بصفته وكيلاً عن المتهم في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب قد شابه البطلان والإخلال بحقه في الدفاع ذلك بأن قضى في معارضته باعتبارها كأن لم تكن رغم عدم إعلانه بالجلسة التي نظرت فيها معارضته وصدر فيها الحكم المطعون فيه والتي تغاير تلك التي حددت لنظر المعارضة عند التقرير بها، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من المفردات - التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن - أن الطاعن عارض في الحكم الغيابي الاستئنافي وحددت جلسة 10 من أكتوبر سنة 1993 لنظر معارضته، إلا أن المعارضة لم تنظر بالجلسة المحددة لها وإنما نظرت بجلسة 20 من أكتوبر سنة 1993 التي لم يحضر بها الطاعن فقضت المحكمة باعتبار المعارضة كأن لم تكن. لما كان ذلك، وكان البين من ورقة الإعلان الذي وجه إلى الطاعن لإخطاره بالجلسة التي نظرت بها معارضته أنه حرر بخط غير مقروء يتعذر معه الوقوف على مدى استيفائه للشروط المنصوص عليها قانوناً لينتج أثره، الأمر الذي تكون معه الأوراق قد خلت من دليل على إعلان الطاعن إعلاناً صحيحاً بالجلسة التي نظرت فيها معارضته، والتي تغاير تلك المحددة لنظرها في ورقة تقريره بالمعارضة. لما كان ذلك، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة وذلك دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 24137 لسنة 64 ق جلسة 3 / 12 / 1996 مكتب فني 47 ق 184 ص 1263

جلسة 3 من ديسمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ومصطفى عبد المجيد نائبي رئيس المحكمة وزغلول البلش وعبد الرحمن فهمي.

-----------------

(184)
الطعن رقم 24137 لسنة 64 القضائية

(1) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره".
إذن التفتيش. إجراء من إجراءات التحقيق. شرط صحته؟
(2) دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات. جوهري. يوجب على المحكمة الرد عليه بأسباب سائغة بالقبول أو الرفض. التعويل على ضبط المخدر في حيازة الطاعن كدليل على جدية التحريات. لا يصلح رداً على الدفع. علة ذلك؟

------------------
1 - لما كان الأصل في القانون أن الإذن بالتفتيش هو إجراء من إجراءات التحقيق لا يصح إصداره. إلا لضبط جريمة - جناية أو جنحة - واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى متهم معين وأن هناك من الدلائل ما يكفي للتصدي لحرمة مسكنه أو لحريته الشخصية.
2 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ إصدار الإذن بالتفتيش وإن كان موكولاً لسلطة التحقيق التي أصدرته تحت رقابة محكمة الموضوع إلا أنه إذ كان المتهم قد دفع ببطلان هذا الإجراء فإنه يتعين على المحكمة أن تعرض لهذا الدفع الجوهري وأن ترد عليه - بأسباب سائغة بالقبول أو الرفض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رفض الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات على القول بأن ضبط المخدر في حيازة وإحراز الطاعن دليل على جدية تحريات الشرطة وهو ما لا يصلح رداً على هذا الدفع، ذلك بأن ضبط المخدر إنما هو عنصر جديد في الدعوى لاحق على تحريات الشرطة وعلى إصدار الإذن بالتفتيش بل إنه هو المقصود بذاته بإجراء التفتيش فلا يصح أن يتخذ منه دليلاً على جدية التحريات السابقة عليه، لأن شرط صحة إصدار الإذن أن يكون مسبوقاً بتحريات جدية يرجح معها نسبة الجريمة إلى المأذون بتفتيشه مما كان يقتضي من المحكمة - حتى يستقيم ردها على الدفع - أن تبدي رأيها في عناصر التحريات السابقة على الإذن - دون غيرها من العناصر اللاحقة عليه - وأن تقول كلمتها في كفايتها أو عدم كفايتها لتسويغ إصدار الإذن من سلطة التحقيق, أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً بالقصور والفساد في الاستدلال.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه حاز وأحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وأحالته إلى محكمة جنايات...... لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 36، 38/ 2، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند رقم 103 من الجدول رقم 1 المرفق بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ست سنوات وبتغريمه مائة ألف جنيه عما نسب إليه ومصادرة المخدر المضبوط. باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة وإحراز جوهر مخدر "هيروين" بغير قصد من القصود في قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن الطاعن دفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات التي بني عليها إلا أن الحكم رد على هذا الدفع برد غير سائغ، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن البين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات التي بني عليها الإذن، وقد رد الحكم على هذا الدفع في قوله "بأن هذا الدفع مردود بما هو ثابت بالأوراق من أن الضابط بعد أن علم بقدوم المتهم كمن له حيث تمكن من ضبطه محرزاً وحائزاً لهذا الجوهر المخدر ومن ثم فإن هذه التحريات جدية وتصدق من أجراها بدليل الضبط على هذا النحو، يعزز ذلك ويسانده أن تقدير جدية التحريات هو من إطلاقات هذه المحكمة وأن هذه المحكمة ترى أن هذه التحريات جادة وكافية لتسويغ إصدار الإذن وأن المراقبة لم تكن وهمية عن نحو ما أثاره الدفاع ومن ثم فإن ما ينعاه الدفاع في هذا الصدد يكون غير سديد" ومفاد ما تقدم أن المحكمة أسست اقتناعها بجدية التحريات التي بني عليها الإذن على مجرد ضبط المخدر في حيازة الطاعن أثناء التفتيش. لما كان ذلك، وكان الأصل في القانون أن الإذن بالتفتيش هو إجراء من إجراءات التحقيق لا يصح إصداره. إلا لضبط جريمة - جناية أو جنحة - واقعة بالفعل وترجحت نسبتها إلى متهم معين وأن هناك من الدلائل ما يكفي للتصدي لحرمة مسكنه أو لحريته الشخصية، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ إصدار الإذن بالتفتيش وإن كان موكولاً لسلطة التحقيق التي أصدرته تحت رقابة محكمة الموضوع إلا أنه إذ كان المتهم قد دفع ببطلان هذا الإجراء فإنه يتعين على المحكمة أن تعرض لهذا الدفع الجوهري وأن ترد عليه بأسباب سائغة بالقبول أو الرفض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رفض الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات على القول بأن ضبط المخدر في حيازة وإحراز الطاعن دليل على جدية تحريات الشرطة وهو ما لا يصلح رداً على هذا الدفع، ذلك بأن ضبط المخدر إنما هو عنصر جديد في الدعوى لاحق على تحريات الشرطة وعلى إصدار الإذن بالتفتيش بل إنه هو المقصود بذاته بإجراء التفتيش فلا يصح أن يتخذ منه دليلاً على جدية التحريات السابقة عليه، لأن شرط صحة إصدار الإذن أن يكون مسبوقاً بتحريات جدية يرجح معها نسبة الجريمة إلى المأذون بتفتيشه مما كان يقتضي من المحكمة - حتى يستقيم ردها على الدفع - أن تبدي رأيها في عناصر التحريات السابقة على الإذن - دون غيرها من العناصر اللاحقة عليه - وأن تقول كلمتها في كفايتها أو عدم كفايتها لتسويغ إصدار الإذن من سلطة التحقيق, أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون معيباً بالقصور والفساد في الاستدلال. لما كان ما تقدم, فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 43411 لسنة 59 ق جلسة 27 / 11 / 1996 مكتب فني 47 ق 183 ص 1260

جلسة 27 من نوفمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم عبد المطلب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عبد الباري سليمان ومحمود دياب وحسين الجيزاوي نواب رئيس المحكمة وأحمد عمر محمدين.

-----------------

(183)
الطعن رقم 43411 لسنة 59 القضائية

حكم "بيانات الديباجة" "بطلانه". بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". تبديد.
وجوب صدور الحكم في جلسة علنية ولو نظرت الدعوى في جلسة سرية. أساس ذلك وعلته؟
عدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بأي إجراء جوهري. تبطل الحكم. علة ذلك؟ خلو محضر الجلسة. مما يفيد صدور الحكم في جلسة علنية. أثره: بطلانه.

----------------
لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه خلا من الإشارة إلى أن النطق به كان في جلسة علنية، كما اتضح من محضر جلسة المحاكمة الاستئنافية التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أنه لم يستوف هذا البيان. لما كان ذلك، وكانت المادة 303 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أن "يصدر الحكم في الجلسة العلنية ولو كانت الدعوى نظرت في جلسة سرية"، وكانت علنية النطق بالحكم قاعدة جوهرية يجب مراعاتها تحقيقاً للغاية التي توخاها الشارع من وجوب العلانية في جميع إجراءات المحاكمة إلا ما استثنى بنص صريح - وهي تدعيم الثقة بالقضاء والاطمئنان إليه، وكانت المادة 331 من القانون المذكور ترتب البطلان على عدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بأي إجراء جوهري. لما كان ما تقدم، وكان محضر الجلسة وورقة الحكم هما من أوراق الدعوى التي تكشف عن سير إجراءات المحاكمة حتى صدور الحكم، وكان لا يستفاد منها أن الحكم صدر في جلسة علنية وهو ما يعيب الحكم بالبطلان.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدد المنقولات المبينة الوصف والقيمة بالمحضر والمملوكة والمحجوز عليها إدارياً لصالح بنك التنمية والائتمان الزراعي والتي سلمت إليه على سبيل الوديعة لحراستها وتقديمها في اليوم المحدد للبيع فاختلسها لنفسه إضراراً بالدائن الحاجز. وطلبت عقابه بالمادتين 341، 342 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح مركز جهينة قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم شهراً مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لوقف التنفيذ. استأنف - ومحكمة سوهاج الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض وقضي في معارضته بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه.
فطعن الأستاذ/...... المحامي عن الأستاذ/...... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تبديد، قد شابه بطلان، ذلك بأن المحكمة الاستئنافية نطقت بالحكم في جلسة غير علنية، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الثابت من الحكم المطعون فيه أنه خلا من الإشارة إلى أن النطق به كان في جلسة علنية، كما اتضح من محضر جلسة المحاكمة الاستئنافية التي صدر فيها الحكم المطعون فيه أنه لم يستوف هذا البيان. لما كان ذلك، وكانت المادة 303 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أن "يصدر الحكم في الجلسة العلنية ولو كانت الدعوى نظرت في جلسة سرية". وكانت علنية النطق بالحكم قاعدة جوهرية يجب مراعاتها تحقيقاً للغاية التي توخاها الشارع من وجوب العلانية في جميع إجراءات المحاكمة إلا ما استثني بنص صريح - وهي تدعيم الثقة بالقضاء والاطمئنان إليه، وكانت المادة 331 من القانون المذكور ترتب البطلان على عدم مراعاة أحكام القانون المتعلقة بأي إجراء جوهري. لما كان ما تقدم، وكان محضر الجلسة وورقة الحكم هما من أوراق الدعوى التي تكشف عن سير إجراءات المحاكمة حتى صدور الحكم، وكان لا يستفاد منها أن الحكم صدر في جلسة علنية وهو ما يعيب الحكم بالبطلان ويوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 50609 لسنة 59 ق جلسة 26 / 11 / 1996 مكتب فني 47 ق 182 ص 1256

جلسة 26 من نوفمبر سنة 1996

برئاسة السيد المستشار/ رضوان عبد العليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى عبد المجيد وطه سيد قاسم وسلامه أحمد عبد المجيد نواب رئيس المحكمة وعبد الرحمن فهمي.

-----------------

(182)
الطعن رقم 50609 لسنة 59 القضائية

(1) تبديد. حجز. اختلاس أشياء محجوزة. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
دفاع الطاعن الذي يترتب عليه وقف إجراءات الحجز والبيع الإداريين طبقاً للمادة 27 من القانون 308 لسنة 1955. جوهري. إغفال التعرض له. إخلال بحق الدفاع. علة ذلك؟
(2) اختلاس أشياء محجوزة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
عدم التزام حارس المحجوزات بنقلها إلى مكان آخر عين لبيعها فيه. إغفال الحكم التعرض للدفاع بعدم الالتزام بنقل المحجوزات إلى مكان بيعها. قصور يعيبه.

--------------------
1 - لما كانت المادة 27 من القانون رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز الإداري المعدلة بالقانون رقم 30 لسنة 1972 إذ نصت على أنه: "يترتب على رفع الدعوى بالمنازعة في أصل المبالغ المطلوبة أو في صحة إجراءات الحجز، أو باسترداد الأشياء المحجوزة، وقف إجراءات الحجز والبيع الإداريين وذلك إلى أن يفصل نهائياً في النزاع". فإن دفاع الطاعن بالاستناد إلى نص هذه المادة يعد جوهرياً، لأنه يتجه إلى نفي عنصر أساسي من عناصر الجريمة، وإذ كانت المحكمة لم تحقق هذا الدفاع رغم جوهريته التي قد يتغير بها وجه الرأي في الدعوى فيما لو حقق بلوغاً إلى غاية الأمر فيه ورغم جديته التي تشهد لها الصورة الرسمية من صحيفة الدعوى المقدمة من الطاعن، وأغفلته كلياً فلم تعرض له إيراداً أو رداً بما يسوغ اطراحه، فإن حكمها ينطوي على إخلال بحق الدفاع فضلاً عن القصور.
2 - من المقرر أن الحارس للمحجوزات غير مكلف قانوناً بنقل الأشياء المحجوزة إلى أي مكان آخر يكون قد عين لبيعها فيه، وكان الحكم المطعون فيه لم يعرض لدفاع الطاعن في هذا الشأن وهو دفاع جوهري يترتب على ثبوت صحته أن يتغير وجه الرأي في الحكم، فإنه يكون مشوباً بالقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدد الأشياء الموضحة وصفاً وقيمة بالمحضر والمملوكة له والمحجوز عليها إدارياً لصالح الإصلاح الزراعي والمسلمة إليه على سبيل الوديعة لحراستها وتقديمها في اليوم المحدد للبيع فاختلسها لنفسه أضراراً بالدائن الحاجز وطلبت عقابه بالمادتين 341، 342 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح..... قضت حضورياً في..... عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم شهراً مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ. استأنف ومحكمة...... الابتدائية "بهيئة استئنافية" قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم أسبوعين مع الشغل.
فطعن الأستاذ/..... المحامي عن الأستاذ/..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه والأستاذ/..... المحامي نيابة عنه أيضاً في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

من حيث إنه مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة اختلاس أشياء محجوز عليها إدارياً، فقد شابه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب، ذلك بأن الطاعن دفع بأنه أقام دعوى ضد الدائن الحاجز نازع فيها في أصل الدين المحجوز من أجله وفي صحة إجراءات الحجز، مما يستلزم وقف إجراءات الحجز والبيع الإداريين إلى أن يفصل نهائياً في النزاع عملاً بحكم المادة 27 من القانون رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز الإداري المعدلة بالقانون رقم 30 لسنة 1972، وساند دفاعه بتقديم صورة رسمية من صحيفة الدعوى المذكورة، غير أن المحكمة لم تعن بتحقيق هذا الدفاع رغم جوهريته، كما لم يعن الحكم المطعون فيه بتحصيله أو الرد عليه، كما دفع الطاعن بأن الحجز وقع على ماشيته بناحية الكوم الأخضر مركز حوش عيسى وحدد لبيعها سوق الناحية وأنه لا يلتزم بنقل المحجوزات - وقدم شهادة أمام المحكمة الاستئنافية تأييداً لدفاعه ومع ذلك صدر الحكم المطعون فيه دون أن يعنى بإيراد هذا الدفاع الجوهري أو الرد عليه، مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من المفردات - التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن - أن المدافع عن الطاعن قدم صورة رسمية من صحيفة دعوى مدنية مرفوعة من المدين الطاعن المحجوز عليه ضد الدائن الحاجز ينازع فيها في أصل الدين المحجوز من أجله وفي صحة إجراءات الحجز الذي عين فيه الطاعن حارساً على المحجوزات. لما كان ذلك، وكانت المادة 27 من القانون رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز الإداري المعدلة بالقانون رقم 30 لسنة 1972 إذ نصت على أنه: "يترتب على رفع الدعوى بالمنازعة في أصل المبالغ المطلوبة أو في صحة إجراءات الحجز، أو باسترداد الأشياء المحجوزة، وقف إجراءات الحجز والبيع الإداريين وذلك إلى أن يفصل نهائياً في النزاع". فإن دفاع الطاعن بالاستناد إلى نص هذه المادة يعد جوهرياً، لأنه يتجه إلى نفي عنصر أساسي من عناصر الجريمة، وإذ كانت المحكمة لم تحقق هذا الدفاع رغم جوهريته التي قد يتغير بها وجه الرأي في الدعوى فيما لو حقق بلوغاً إلى غاية الأمر فيه ورغم جديته التي تشهد لها الصورة الرسمية من صحيفة الدعوى المقدمة من الطاعن، وأغفلته كلياً فلم تعرض له إيراداً أو رداً بما يسوغ اطراحه، فإن حكمها ينطوي إخلال بحق الدفاع فضلاً عن القصور. لما كان ذلك، وكان يبين من مذكرة دفاع الطاعن - أمام محكمة أول درجة - أنه طلب الحكم بالبراءة ودفع بأن الحجز توقع بناحية الكوم الأخضر مركز..... وتحدد للبيع سوق ..... الذي يبعد عن محل الحجز ولم يحضر مندوب الحجز بمحل الحجز وأنه غير مكلف بنقل المحجوزات كما قدم الطاعن - أمام المحكمة الاستئنافية - إقراراً من الوحدة المحلية ثابتاً فيه عدم وجود سوق بالناحية المذكورة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الحارس للمحجوزات غير مكلف قانوناً بنقل الأشياء المحجوزة إلى أي مكان آخر يكون قد عين لبيعها فيه، وكان الحكم المطعون فيه لم يعرض لدفاع الطاعن في هذا الشأن وهو دفاع جوهري يترتب على ثبوت صحته أن يتغير وجه الرأي في الحكم، فإنه يكون مشوباً بالقصور. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه والإعادة، بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.