باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السابع عشر من ديسمبر سنة 2022م،
الموافق الثالث والعشرين من جمادى الأولى سنة 1444 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف ومحمود محمـــد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد
سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني
نواب رئيس المحكمة وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة
المفوضين وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 23 لسنة 43
قضائية تنازع
المقامة من
ماجدة محمــد السيـــد عامـر
ضد
1- وزير الموارد المائية والري
2- محافظ الدقهليـة
3- مدير الإدارة العامة لري شرق الدقهلية
4- مأمور مركـــز شرطـــة ميت غمر
5- رئيس مباحث مركـز شرطة ميت غمر
6- مصطفى على محمد دبـور
------------------
" الإجراءات "
بتاريخ الحادي والثلاثين من يوليو سنة 2021، أودعت المدعية صحيفة هذه
الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم بتعيين جهة القضاء المختصة
بنظر النزاع المردد بين محكمة القضاء الإداري بالمنصورة، في الدعوى رقم 3871 لسنة
39 قضائية، المعاد قيدها برقم 10109 لسنة 40 قضائية، ومحكمة مركز ميت غمر الجزئية
في الدعوى رقم 711 لسنة 2017، مدني مركز ميت غمر.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم باختصاص جهة القضاء
العادي بنظر النزاع.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة
إصدار الحكم بجلسة اليوم.
----------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق -
في أن المدعية كانت قد أقامت الدعوى رقم 3871 لسنة 39 قضائية، أمام محكمة القضاء
الإداري بالمنصورة، ضد المدعى عليهم، طالبة الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 5
لسنة 2016 الصادر من مدير الإدارة العامة لري شرق الدقهلية، بفتح مروى لأرض المدعى
عليه الأخير. وبجلسة 22/ 5/ 2017، حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائيًّا بنظر
الدعوى، وأمرت بإحالتها إلى محكمة مركز ميت غمر الجزئية للاختصاص. وذلك تأسيسًا
على أن القرار الصادر مؤقتًا بالانتفاع بالمسقاة لا يُعد قرارًا إداريًّا، ويخرج
الطعن عليه عن الاختصاص الولائي لمحاكم مجلس الدولة، وينعقد الاختصاص بنظره لجهة
القضاء العادي. قُيدت الدعوى أمام محكمة مركز ميت غمر الجزئية برقم 711 لسنة 2017
مدني، وبجلسة 26/ 12/ 2017، حكمت المحكمة بعدم اختصاصها ولائيًّا بنظر الدعوى
وأحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بالمنصورة، وذلك تأسيسًا على أن موضوع الدعوى
ينصب على الطعن على القرار الإداري المشار إليه، وليس نزاعًا على المروى موضوع ذلك
القرار، ومن ثم تخرج تلك المنازعة عن الاختصاص الولائي للمحكمة وينعقد الاختصاص
بنظرها لمحكمة القضاء الإداري. أُعيد قيد الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري
بالمنصورة برقم 10109 لسنة 40 قضائية، وبجلسة 18/ 5/ 2021، حكمت المحكمة بوقف
الدعوى تعليقًا لمدة ثلاثة أشهر، وصرحت للمدعية بإقامة دعوى تنازع أمام المحكمة
الدستورية العليا، فأقامت المدعية دعواها المعروضة، طالبة تحديد جهة القضاء
المختصة بنظر النزاع، بعد أن تسلبت جهتا القضاء العادي والإداري عن نظره.
وحيث إن مناط قبول طلب الفصل في تنازع الاختصاص السلبي وفقًا لنص
البند ثانيًا من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون
رقم 48 لسنة 1979، هو أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو
الهيئات ذات الاختصاص القضائي، وأن تتخلى الجهتان كلتاهما عن نظرها؛ وكان الثابت من
الأوراق أن كلاً من جهتي القضاء العادي والإداري قد تخلتا عن نظر موضوع النزاع
ذاته، المعروض عليهما، فإن مناط قبول الطلب الماثل يكون متحققًا.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن تعيين الجهة القضائية
المختصة بنظر النزاع، إنما يتم وفقًا لقواعد توزيع الاختصاص الولائي المعمول بها
وقت الفصل في الطلب. لما كان ذلك، وكانت المادة (20) من قانون الموارد المائية
والري الصادر بالقانون رقـم 147 لسنة 2021، تنص على أنه إذا قدم مالك الأرض أو
حائزها أو مستأجرها شكوى إلى الإدارة العامة المختصة بسبب منعه أو إعاقته بغير حق
من الانتفاع بمسقاة خاصة أو مصرف خاص أو أي طريقة أو نظام للري المتطور أو من دخول
أي من الأراضي اللازمة لتطهير وصيانة تلك المسقاة أو طريقة الري المتطور أو المصرف
أو لترميم أيهم وكان هذا هو طريق ريه أو صرفه الوحيد، جاز للمدير العام المختص إذا
تبين من المعاينة أو بأي طريقة أخـرى أن أرض الشاكي كانت تنتفع بالحـق المدعـى به
فـي السنة السابقة على تقديم الشكوى أن يُصدر قرارًا يتيح له استعمال الحق المدعى
به مع غيره من المنتفعين من استعمال حقوقهم على أن يتضمن القرار القواعد التي تنظم
استعمال هذه الحقوق، ويصدر القرار المشار إليه في مدة لا تتجاوز ثلاثين يومًا من
تاريخ ورود الشكوى إلى المدير العام المختص ويتم تنفيذه بمشاركة مسئولي الإدارة
على نفقة المتسبب في الواقعة ويستمر تنفيذه حتى تفصل المحكمة المختصة في الحقوق
المتنازع عليها.
وحيث إن البين من نص المادة (20) من القانون المشـــار إليه، أن مدير
عـــام الـــري لا يفصل في الحقوق المدعى بها في شأن الانتفاع بمسقاة خاصة سواء
بإثباتها لمدعيها أو بنفيها عنه، وإنما ينظر في الأوضاع السابقة فعلاً على تقديم
الشاكي لشكواه، فإذا دلَّ الواقع على أن الشاكي كان منتفعًا بمسقاة خاصة خلال السنة
السابقة على تقديم شكواه، وأنه أُعيق عن الانتفاع بها أو من المرور في أرض الغير
من أجل تطهيرها أو ترميمها، كان للمدير العام المختص أن يمكن الشاكي وغيره من
المنتفعين من استعمال حقوقهم، بما مؤداه أن القرار الصادر بالتمكين، هو إبقاء
للأوضاع على حالتها الظاهرة قبل صدوره، دون تقصٍ لتوافقها أو تعارضها مع الحقوق
المقررة قانونًا في شأن هذه المسقاة، ليكون بالضرورة قرارًا مؤقتًا، وقلقًا،
ومتوقفًا - مصيرًا - على القضاء الصادر من المحكمة المختصة بالفصل في الحقوق
المذكورة.
وحيث إن من المقرر أن حقوق الانتفاع بمسقاة خاصة تدور أساسًا حول حقي
الشرب والمجرى المنصوص عليهما في المادتين (808 و809) من القانون المدني، سواء
نُظر إلى هذين الحقين بوصفهما من القيود القانونية التي يقتضيها التنظيم العام لحق
الملكية، أم باعتبارهما من حقوق الارتفاق التي تخرج عن إطار هذا التنظيم فلا يألفها،
وكان من المقرر قانونًا أن كل قرار يصدر عن جهة الإدارة، لا يعتبر بالضرورة قرارًا
إداريًّا مما يختص القضاء الإداري بإلغائه أو وقف تنفيذه، بل يتعيـن لتحقق هـذا
الوصف أن يكون القـرار إداريًّا بحكـم موضوعـه. ولا كذلك أن يكون القرار دائرًا
حول مسألة من مسائل القانون الخاص. وترتيبًا على ما تقدم، فإن القرار الصادر من
الجهة الإدارية بتمكين الشاكي - مؤقتًا - من الانتفاع بمسقاة خاصة، وكذلك القضاء
القطعي الصادر من المحكمة المختصة فصلاً في الحقوق المدعى بها في شأن هذا الانتفاع
سواء بإثباتها لمن يدعيها أو لغيره، يتعرضان كلاهما لأوضاع وحقوق تقع جميعها في
دائرة القانون الخاص، وينظمها هذا القانون ابتداءً وانتهاءً، لتعلقهما بمصالح خاصة
لأطرافها، فإن القرار الصــادر مؤقتًا بالانتفــاع بتلك المسقاة لا يكـــون
قــرارًا إداريًّا، ولا يدخـــل إلغاؤه أو التعويض عنه بالتالي في اختصاص جهة
القضاء الإداري، بل تتولى النظر فيه والتعقيب عليه جهة القضاء العادي بحكم ولايتها
العامة، مما يقتضي الحكم باختصاص جهة القضاء العادي بنظر النزاع.
وحيث إن نص المادة (192) من الدستور، والبند ثانيًا من المادة (25) من
قانون هذه المحكمة المشار إليه، قد ناطا بها - دون غيرها - الفصل في تنازع
الاختصاص الولائي، بتعيين الجهة القضائية المختصة، فإن الحكم الصادر عنها بتعيين
هذه الجهة، الذي تثبت له، وفقًا لنص المادة (195) من الدستور، الحجية المطلقة في
مواجهة الكافة وجميع سلطات الدولة، بما فيها جهات القضاء، ويكون ملزمًا بالنسبة
لهم، مؤداه: إسباغ الولاية من جديد على تلك الجهـة، بحيث تلتزم بنظر الدعوى
الموضوعية، غير مقيدة بسبق تخليها عن نظرها، ولو كان حكمها في هذا الشأن قد صار
باتًّا.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة باختصاص جهة القضاء العادي بنظر الدعوى موضوع الطلب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق