باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السابع عشر من ديسمبر سنة 2022م،
الموافق الثالث والعشرين من جمادى الأولى سنة 1444 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف ومحمود محمـــد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد
سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني
نواب رئيس المحكمة وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة
المفوضين وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 52 لسنة 41
قضائية منازعة تنفيذ
المقامة من
السعيد محمود عبدالحميد فرفور
ضــد
1- رئيس الجمهورية 2- وزيـر العــــدل
3- رئيس مجلس النواب 4- محافـــــظ البحيــرة
5- وزير الصحة 6- وكيل وزارة الصحة بالبحيرة
7- مدير إدارة الشئون الصيدلية بمديرية الصحة بالبحيرة
8- محمد أحمد السعدنـي 9- خالـــــد عبدالمعبود ونس
----------------
" الإجراءات "
بتاريخ السادس من أغسطس سنة 2019، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم
كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًــــا الحكم، أولاً: بصفة مستعجلة: وقف تنفيذ
الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالبحيرة في الدعوى رقم 10316 لسنة 17
قضائية. ثانيًا: عدم الاعتداد بذلك الحكم، والاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة
الدستورية العليا الصادر في الدعوى رقم 185 لسنة 35 قضائية دستورية، بأثر رجعي،
وإلغاء القرار الصادر بنقل صيدلية المدعى عليهما الثامن والتاسع إلى جوار صيدلية
المدعي.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وأودع المدعى عليه الثامن مذكرتين، طلب فيهما الحكم أصليًّا: بعدم
قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدَّم المدعي
صورة طبق الأصل من حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 65221 لسنة 65 قضائية
عليا، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
-----------------
" المحكمــة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق -
في أن المدعي كان قد أقام الدعوى رقم 10316 لسنة 17 قضائية، أمام محكمة القضاء
الإداري بالبحيرة، ضد المدعى عليهم من الرابع إلى التاسع، طالبًا الحكم بوقف تنفيذ
ثم إلغاء قرار الجهة الإدارية بنقل صيدلية الدكتور محمد السعدني المملوكة للمدعى
عليهما الثامن والتاسع، إلى جوار صيدليته، دون مراعاة شرط المسافة المقرر قانونًا
بين الصيدليات العامة، وبالمخالفة لحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في الدعوى
رقم 185 لسنة 35 قضائية دستورية، وما يترتب على ذلك من آثار أخصها إلغاء ترخيص تلك
الصيدلية وغلقها. وبجلسة 18/ 3/ 2019، حكمت المحكمة برفض الدعوى، على سند من أن
قرار جهة الإدارة قد صدر إعمالاً لنص البند (3) من المادة (14) من القانون رقم 127
لسنة 1955 بشأن مزاولة مهنة الصيدلة المستبدلة بالقانون رقم 7 لسنة 1956، الذى
يستثني الصيدليات التي يصدر قرار هدم للمبنى الكائنة به من شرط المسافة، وأن قرار
النقل صدر عام 2005، وقـد رتب حقوقًا ومراكز قانونية مكتسبة في تاريخ سابق على
صدور حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، مما لا يجوز معه تطبيق الأثـر
الرجعي لهذا الحكم على القرار المطعون فيه. طعن المدعي على ذلك الحكم أمام المحكمة
الإدارية العليا بالطعن المقيد برقم 65221 لسنة 65 قضائية عليا. وإذ ارتأى المدعي
أن حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في الدعوى رقم 10316 لسنة 17 قضائية، يُعد
عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، فقد أقام الدعوى
المعروضة، دون أن يتربص قضاء المحكمة الإدارية العليـا في الطعـن الآنف ذكره، التي
قضت فيه بجلسة 26/ 3/ 2022، بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددًا بإلغاء
القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وحيث إن منازعة التنفيذ- على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قوامها أن
التنفيذ قد اعترضته عوائق تحول قانونًا - بمضمونها أو أبعادها - دون اكتمال مداه،
وتعطل تبعًا لذلك أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون
نقصان. ومن ثم، تكون عوائق التنفيذ القانونية هي ذاتهــا موضوع منازعة التنفيذ أو
محلها، تلك المنازعة التي تتوخى في ختام مطافها إنهاء الآثار المصاحبة لتلك
العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها
وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان
التنفيذ متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا، بعدم دستورية نص تشريعي،
فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي يضمها، والآثار المتولدة عنها في
سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ
وصورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية
العليا - وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 -
لهدم عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الأشخاص
الاعتباريين والطبيعيين جميعهم، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين
حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق - سواء
بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها - حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها.
ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام، وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم
تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها،
منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعـة التنفيـذ لا تعـد طريقًا للطعـن في
الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى - أيضًا - على أن إعمــال آثــار
الأحكام التي تصدرها في المسائل الدستورية هو من اختصاص محاكم الموضوع، وذلك
ابتناءً على أن محكمة الموضوع هي التي تُنزِل بنفسها على الوقائع المطروحة عليها
قضاء المحكمة الدستورية العليا، باعتباره مفترضًا أوليًّا للفصل في النزاع
الموضوعي الدائر حولها، ومن ثم فهي المنوط بها تطبيق نصوص القانون في ضوء أحكام
المحكمة الدستورية العليا، الأمر الذي يستلزم - كأصل عام - اللجوء إلى تلك المحاكم
ابتداءً، لإعمال آثار الأحكام الصادرة في المسائل الدستورية على الوجه الصحيح،
وليضحى اللجوء إلى المحكمة الدستورية العليا هو الملاذ الأخير لإزاحة عوائق
التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتحول دون جريان آثارها.
متى كان ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق أن المدعي قد أقام دعواه
المعروضة بتاريخ 6/ 8/ 2019، على سند من أن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري
بالبحيرة، بجلسة 18/ 3/ 2019، القاضي برفض الدعـــوى رقم 10316 لسنة 17 قضائية،
يُشكل عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في الدعوى رقم 185 لسنة
35 قضائية دستورية بجلسة 3/ 6/ 2019. وكان حكم محكمة القضاء الإداري المشار إليه،
تم الطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا، بالطعن رقم 65221 لسنة 65 قضائية
عليا، وقد استبق المدعي بإقامة الدعوى المعروضة قبل أن تقول المحكمة الإدارية
العليا كلمتها في شأن إعمال آثار الحكم الصادر في الدعوى الدستورية المشار إليها
على النزاع الموضوعي، باعتبار أن ذلك مفترض أولي للفصل فيه، من خلال التزامها،
كسائر جهات القضاء، بتطبيق نصوص القانون، في ضوء ما انتهى إليه قضاء المحكمة
الدستورية العليا، إعمالاً لنص المادة (195) من الدستور، ونص المادتين (48، 49) من
قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، التي بمقتضاها تكون الأحكام
والقرارات الصادرة منها ملزمة للكافة، وجميع سلطات الدولة، بما فيها جهات القضاء
المختلفة، وتكون لها الحجية المطلقة بالنسبة لهم. متى كان ذلك وكانت المحكمة
الإدارية العليا قد قضت بحكمها الصادر بجلسة 26/ 3/ 2022، في الطعن رقم 65221 لسنة
65 قضائية عليا، بإلغاء الحكم المصور عقبة فى التنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه،
وكان حكمها قد قضى بما يوجبه تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا على وجهه الصحيح،
ومن ثم فإن الدعوى المعروضة تكون فاقدة مقومات قبولها، مما لزامه الحكم بعدم قبول
الدعوى.
وحيث إنه عن طلب المدعي وقف تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري بالبحيرة
في الدعوى رقم 10316 لسنة 17 قضائية، الذي يُعد فرعًا من أصل النزاع في الدعوى
المعروضة، فقد بات غير ذي موضوع، بعد أن انتهت المحكمة إلى القضاء بعدم قبول
الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائتي
جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق