جلسة 22 أكتوبر سنة 1936
برياسة سعادة محمد لبيب
عطية باشا وبحضور حضرات: مراد وهبة بك ومحمد فهمى حسين بك وحامد فهمى بك وعلى حيدر
حجازي بك المستشارين.
-------------
(380)
القضية رقم 40 سنة 6
القضائية
حيازة.
دعوى استرداد الحيازة.
شرط قبولها. حق ارتفاق على مسقى في يد المدّعى عليه. لا يكون موضوعا لدعوى استرداد
الحيازة.
------------
إن دعوى استرداد الحيازة
تستلزم بطبيعتها وقوع أعمال عنف وقوّة مادّية تكون قد سلبت حيازة مادّية أيضا. وهي
بهذه المثابة لا يمكن أن يكون موضوعها إعادة مسقى أو مصرف هدمهما المدّعى عليه
ويدّعى المدّعى أن له حق ارتفاق عليهما إذا كان هذا المسقى أو المصرف اللذان هما
محل حق الارتفاق مقطوعا بأنهما في يدّ المدّعى عليه.
الوقائع
تتلخص وقائع هذه الدعوى -
على ما يؤخذ من الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي وسائر مستندات القضية المقدّمة
من الخصوم وكانت من قبل مقدّمة لمحكمة ثاني درجة - في أن طرفي الخصومة كانا
يتنازعان على تطهير الخليج المعروف بخليج صدقي باشا. ويقول المدّعى عليهما في الطعن
إن الطاعنين أقدما على هدم جزء من خليج آخر يروى أطيانهما وأطيان خصميهما وذلك
ابتغاء منع وصول المياه إلى أطيان المدّعى عليهما. فرفع المذكوران دعوى لإثبات حالة
الهدم الذى حصل قيدت تحت رقم 595 محكمة كفر صقر سنة 1934 فعينت المحكمة خبيرا قدّم
لها تقريرا أثبت فيه حصول التعدي. ثم رفعا هذه الدعوى أمام محكمة كفر صقر وقيدت
تحت رقم 1435 سنة 1934 طالبين الحكم بإعادة وضع يدهما على حق الري من الخليج
المبين بعريضة الدعوى وبتقرير الخبير المودع في دعوى إثبات الحالة وبمنع تعرّض
الطاعنين لخصميهما في الانتفاع بالري من هذا الخليج وإلزامهما بإعادة الجزء
المهدوم لأصله في مدى أسبوع من تاريخ الحكم الذي يصدر في القضية بحيث إذا لم يقوما
بذلك يتولى الأمر المدّعى عليهما في الطعن بمصاريف يرجعان بها على الطاعنين مع
إلزام المذكورين أيضا بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. طلب المدّعيان هذه الطلبات
واصفين دعواهما صراحة في عريضتهما بأنها دعوى استرداد حيازة.
نظرت هذه الدعوى أمام
محكمة كفر صقر فدفع محامى الطاعنين بعدم اختصاص المحاكم بنظرها إذ هي من اختصاص
لجان الري طبقا للمادتين 19 و42 من لائحة الترع والجسور السعيدية الصادر بها الأمر
العالي المؤرّخ في 22 فبراير سنة 1894 فضمت المحكمة هذا الدفع إلى الموضوع وأصدرت
حكمها في 24 فبراير سنة 1935 في حضور الخصوم (أوّلا) برفض الدفع الفرعي وباختصاص
المحاكم الأهلية بنظر الدعوى (وثانيا) بإعادة وضع يد المدّعيين (المدعى عليهما في الطعن)
على حق الري من الخليج المبين بعريضة الدعوى وبتقرير الخبير المؤرّخ في 15 أبريل
سنة 1934 والمرفق بالقضية المضمومة برقم 595 مدنى كفر صقر سنة 1934 وبمنع تعرض
المدعى عليهما للمدّعين في الانتفاع من هذا الخليج وبإلزامهما بإعادة الجزء
المهدوم لأصله في ظرف أسبوع من تاريخ النطق بهذا الحكم بحيث إذا لم يقوما بإعادته
يقوم المدعيان بذلك بمصاريف يرجعان بها عليهما مع إلزامهما بالمصاريف وبمائتي قرش
مقابل أتعاب المحاماة.
استأنف الطاعنان هذا
الحكم أمام محكمة الزقازيق الابتدائية ودفعا أمامها بعدم قبول دعوى استرداد
الحيازة لأن المسقى المهدومة مملوكة لهما وداخلة ضمن أطيانهما وأيضا لأن خصميهما
لم يضعا يدهما وضعا ماديا حقيقيا على المسقى المهدومة.
وفى 10 مارس سنة 1936
حكمت محكمة الزقازيق الابتدائية بصفة استئنافية في موضوع الاستئناف الذى كان سبق
لها أن قبلته شكلا برفضه وبتأييد الحكم المستأنف وإلزام الطاعن الأول بصفتيه
بالمصاريف وبمائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة للمدعى عليهما في الطعن ورفضت ما خالف
ذلك من الطلبات.
أعلن هذا الحكم للطاعنين
في 21 مارس سنة 1936 فطعن فيه وكيلهما بطريق النقض في 16 أبريل سنة 1936، وأعلن
تقرير الطعن للمدعى عليهما في 21 و25 من ذلك الشهر، وقدّم لقلم الكتاب في 5 مايو
سنة 1936 مذكرة بشرح الأسباب وحافظة بالمستندات، وقدم المدعى عليهما في 21 مايو
سنة 1936 مذكرة بالرد، وقدّمت النيابة العمومية مذكرة برأيها في 25 يونيه سنة 1936.
وبجلسة اليوم المحدّدة
لنظر هذا الطعن سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة صدر الحكم الآتي:
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع المرافعة الشفوية والمداولة قانونا.
بما أن الطعن قد قدّم
صحيحا في ميعاده واستوفيت الإجراءات القانونية فهو مقبول شكلا.
وبما أن الوجه الأوّل من وجهي
هذا الطعن يتخلص في أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق وتأويل القواعد القانونية
الخاصة بدعاوى استرداد الحيازة. ويتلخص الوجه الثاني في أن الحكم أخطأ أيضا في تطبيق
وتأويل المادة 26 من قانون المرافعات.
ويقول الطاعنان في شرح
الوجه الأوّل إن خصميهما إنما رفعا دعوى استرداد حيازة لا دعوى منع تعرّض، ودعوى
استرداد الحيازة تقتضي وجود حيازة مادّية فعلية لنفس العقار وأن يحصل طرد رافع
الدعوى بوسائل عنف تقع مباشرة على شخصه أو على عقاره بطريق مباشر. وكل هذا لم يحصل
إذ أن ما أسند للطاعنين كان فقط أنهما تصرفا في مسقى لهما بمنع خصميهما من الرى
منها، وهذا لا يعتبر من أعمال العنف التي تقتضيها دعوى استرداد الحيازة. ويقول
الطاعنان في شرح وجه الخطأ في تطبيق وتأويل المادة 26 من قانون المرافعات إنهما
تمسكا أمام محكمتي أوّل وثاني درجة بأن خصميهما يرويان من المسقى محل النزاع بطريق
الاستئجار منهما وهذا يسقط حقهما في رفع دعوى استرداد الحيازة التي وإن جاز رفعها
على الغير إلا أنه قطعا لا يجوز رفعها على نفس المؤجر، ولكن كلا المحكمتين قضت خطأ
بجواز رفع دعوى استرداد الحيازة من المستأجر على المؤجر.
وبما أن ما ساقه الحكم
المطعون فيه وكان موضوع الوجه الأوّل من وجهى الطعن هو ما يأتي:
وحيث إن محامى المستأنفين
دفع بعدم قبول دعوى استرداد الحيازة لأن المسقى المهدومة مملوكة لهما وداخلة ضمن
أطيانهما ولأن المستأنف عليهما لا يضعان اليد وضعا مادّيا حقيقيا على المسقى
المهدومة.
وحيث إنه يجب التفرقة بين
حيازة الشيء المادي وهو العقار وحيازة الحق وهو شيء معنوي فان المستأنف عليهما وإن
كانا لا يملكان الأرض التي تمرّ بها المسقى المهدومة إلا أنهما يتمتعان بحق الري
من المسقى المذكورة وهذا الحق قابل للتملك بوضع اليد ومن ثم يصح أن يكون محلا
للحيازة ولكافة دعاوى وضع اليد بأنواعها الثلاثة. ومن أجل ذلك تكون دعوى الاسترداد
مقبولة ويكون الحكم المستأنف في محله ويتعين تأييده.
وبما أن هذا الذى أخذ به
الحكم لا يتفق مع القواعد الفقهية المستقرة فان دعوى إعادة وضع اليد أو إعادة
الحيازة التي شاء المدّعى عليهما في الطعن وهما المدّعيان أصلا أن يسلكاها في مقاضاة
خصميهما - هذه الدعوى بطبيعتها تفترض قبل كل شيء وقوع أعمال عنف وقوّة مادية سلبت
حيازة مادية أيضا. وهذا ما لا يتصوّر في الدعوى المرفوعة إذ العين التي عليها حق الري
الذى يستمسك به المدّعى عليهما في الطعن ليست في حيازتهما المادّية، أما أن
المدّعى عليهما يقلبان الوضع بالادعاء بحصول سلب قهري لحيازة معنوية لحق الارتفاق
الذى يملكانه فأمر غير سائغ قانونا ما دامت الحيازة المادّية لموضع حق الارتفاق
مقطوعا بأنها في يد الخصم وما دام لا نزاع في أن الدعوى هي دعوى استرداد حيازة.
وبما أنه يبين من هذا أن
الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تأويل القانون حين قضى بتأييد الحكم المستأنف ويتعين
إذن نقضه ولا حاجة بعد هذا لبحث الوجه الثاني من وجهى الطعن. وبما أن الدعوى صالحة
للحكم في موضوعها.
وبما أن دعوى استرداد
الحيازة المرفوعة أصلا غير مقبولة للأسباب التي سبق سردها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق