الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 12 يوليو 2020

الطعن 278 لسنة 31 ق جلسة 30 / 12 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 218 ص 1393

جلسة 30 من ديسمبر سنة 1965
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم الجافي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس حلمي عبد الجواد، وسليم راشد أبو زيد.
-----------------
(218)
الطعن رقم 278 لسنة 31 القضائية
(أ) نقض. "الخصوم في الطعن". "الصفة في الطعن".
الخصومة في الطعن أمام محكمة النقض لا تكون إلا بين من كانوا خصوماً في النزاع الذي فصل فيه. عدم قبول الطعن إلا ممن كان طرفاً فيه وبصفته التي كان متصفاً بها.
)ب) استئناف. "الخصوم في الاستئناف".
وجوب إعلام ذوي الشأن إعلاماً كافياً بالبيانات المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم. اختصام الطاعن في الدعوى الابتدائية بصفته ولياً شرعياً. توجيه الاستئناف إليه دون ذكر هذه الصفة. إفصاح عريضة الاستئناف عن أن اختصامه فيه كان بتلك الصفة لا بصفته الشخصية. كفاية ذلك.
(ج) دعوى. "انقطاع سير الخصومة". استئناف. نظر، الاستئناف".
مجرد بلوغ الخصم سن الرشد لا يؤدي بذاته إلى انقطاع سير الخصومة. حصول هذا الانقطاع بسبب ما يترتب على البلوغ من زوال صفة من كان يباشر الخصومة نيابة عن القاصر. بلوغ القاصر سن الرشد أثناء سير الاستئناف دون تنبيه المحكمة إلى ذلك التغيير. رضاؤه بقاء والده ممثلاًً له في الخصومة. أساسه نيابة اتفاقية. لا ينقطع في هذه الحالة سير الخصومة.
(د) نقض. "أسباب الطعن". "أسباب موضوعية".
عدم تمسك الطاعن أما محكمة الموضوع بعدم صحة تمثيل والده في الخصومة بعد بلوغه سن الرشد. جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(هـ، و) ارتفاق. "الارتفاق بتخصيص رب الأسرة". مناطه.
علاقة التبعية التي يوجدها المالك بين العقارين لا تشكل ارتفاقاً إلا عندما يصبح العقاران مملوكين لشخصين مختلفين ومنذ هذا الوقت ما لم يوجد شرط صريح خلاف ذلك. المقصود بالشرط الصريح أن يفصح الطرفان أنهما لا يريدان الإبقاء على علاقة التبعية بين العقارين.
---------------------
1 - الخصومة في الطعن أمام محكمة النقض لا تكون إلا بين من كانوا خصوماً في النزاع الذي فصل فيه فلا يقبل الطعن إلا ممن كان طرفاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه وبصفته التي كان متصفاً بها. فإذا كان الثابت أن الطاعن الأول لم يكن مختصماً في النزاع الذي صدر فيه الحكم المطعون فيه بصفته الشخصية وإنما كان مختصماً فيه بصفته ولياً شرعياً على ابنه فإن الطعن وقد رفع منه بصفته الشخصية يكون غير مقبول.
2 - إذا كان البين من مطالعة الأوراق أن الطاعن الأول كان مختصماً في الدعوى الابتدائية بصفته ولياً شرعياً ثم وجه إليه الاستئناف دون ذكر لهذه الصفة. وكان ما جاء بعريضة الاستئناف يفصح عن أن اختصامه فيه كان بتلك الصفة وليس بصفته الشخصية فإن إعلان الاستئناف على هذا الوجه الذي تم به يكون كافياً في الدلالة على أن المقصود بالاختصام هو الطاعن الأول بصفته ولياً شرعياً، ذلك أن المقصود من أحكام القانون في هذا الصدد هو إعلام ذوي الشأن إعلاماً كافياً بالبيانات العامة المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم، فإن كل ما يكفي للدلالة على ذلك يحقق الغاية التي يهدف إليها القانون.
3 - تنص المادة 294 من قانون المرافعات على أن ينقطع سير الخصومة بحكم القانون بوفاة أحد الخصوم أو بفقد أهلية الخصومة أو بزوال صفة من كان يباشر الخصومة عنه من الغائبين ومفاد ذلك أن مجرد وفاة الخصم أو فقده أهلية الخصومة يترتب عليه لذاته انقطاع سير الخصومة. أما بلوغ الخصم سن الرشد فإنه لا يؤدي بذاته إلى انقطاع سير الخصومة وإنما يحصل هذا الانقطاع بسبب ما يترتب على البلوغ من زوال صفة من كان يباشر الخصومة عن القاصر. ومتى كان الثابت أن الطاعن قد اختصم اختصاماً صحيحاً في الاستئناف ممثلاً في والده باعتباره ولياً شرعياً عليه فإن الاستئناف يكون قد رفع صحيحاً ويعتبر الطاعن عالماً به فإذا بلغ سن الرشد أثناء سير الاستئناف ولم ينبه هو ولا والده المحكمة إلى التغيير الذي طرأ على حالته وترك والده يحضر عنه بعد البلوغ إلى أن صدر الحكم في الاستئناف فإن حضور هذا الوالد يكون في هذه الحالة بقبول الابن ورضائه فتظل صفة الوالد قائمة في تمثيل ابنه في الخصومة بعد بلوغه سن الرشد وبالتالي ينتج هذا التمثيل كل آثاره القانونية ولا ينقطع به سير الخصومة لأنه إنما ينقطع بزوال صفة النائب في تمثيل الأصيل وهي لم تزل في هذه الحالة بل تغيرت فقط فبعد أن كانت نيابته عنه قانونية أصبحت اتفاقية.
4 - ما دام الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بعدم صحة تمثيل والده له في الخصومة بعد بلوغه سن الرشد فلا سبيل إلى إثارة هذا الجدل لدى محكمة النقض لتعلقه بأمر موضوعي.
5 - مفاد نص المادة 1017 من التقنين المدني - التي عرفت الارتفاق الذي يترتب بتخصيص من المالك الأصلي - أن علاقة التبعية التي أوجدها المالك بين العقارين لا تشكل ارتفاقاً بالمعنى القانوني إلا عندما يصبح العقاران مملوكين لشخصين مختلفين ومنذ هذا الوقت فقط. أما قبل ذلك فإن هذه العلاقة وإن كانت تقوم فعلاً إلا أنها لا تعتبر ارتفاقاً وذلك لما يتطلبه القانون في الارتفاق من أن يكون مرتباً على عقار لفائدة عقار غيره يملكه شخص آخر (م 1015 مدني).
6 - تقضي المادة 1017 من القانون المدني بأن الارتفاق الذي يترتب بتخصيص المالك الأصلي يعتبر بعد انفصال ملكية العقارين مرتباً بينهما لهما وعليهما ما لم يوجد شرط صريح يخالف ذلك - والمقصود بالشرط الصريح أن يذكر الطرفان صراحة أنهما لا يريدان الإبقاء على علاقة التبعية القائمة بين العقارين ومن ثم فإن تضمين عقد بيع أحد العقارين أن البائع يضمن خلو العقار المبيع من كافة الحقوق العينية أصلية كانت أو تبعية وظاهرة وخفية - هذا النص لا يعتبر شرطاً صريحاً بالمعنى المقصود في المادة 1017 سالفة الذكر.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن الثاني والطاعن الأول بصفته ولياً شرعياً على ابنه الطاعن الثالث أقاما على المطعون ضدهم الدعوى رقم 1043 سنة 1959 كلي أمام محكمة القاهرة الابتدائية وطلبا فيها الحكم على المطعون ضدهم الأربعة الأول - وفي مواجهة الباقين بعدم تحمل العقار رقم 1 شارع مصطفى فهمي المملوك للطاعنين والموضح الحدود والمعالم بصحيفة تلك الدعوى بأي حق من حقوق الارتفاق سواء بالمطل أو بالمرور لمصلحة العقار رقم 40 شارع فيظى المملوك للمطعون ضدهم الأربعة الأول وبمنع منازعته الآخرين في ذلك مع إلزامهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وقالا في بيان دعواهما إن المطعون ضدهم من الخامسة إلى العاشرة كانوا يملكون بطريق الميراث منزلين متجاورين بحلوان أولهما رقم 40 بشارع فيظى والثاني رقم 1 شارع مصطفى فهمي - ويقع المنزل الثاني في الجهة الغربية من المنزل الأول - وقد أنشأ المالك الأصلي هذين المنزلين بحيث جعل المدخل الرئيسي للمنزل رقم 40 شارع فيظى من هذا الشارع أما مدخل المنزل الثاني فجعله من شارع مصطفى فهمي بواسطة ممر خاص شرقي المنزل المذكور فتحت عليه مطلات من الواجهة الخلفية (الغربية) للمنزل الأول ومدت فيه مواسير المياه والمجاري والأسلاك الكهربائية التي تصل إلى هذا المنزل كما تصل إلى المنزل الثاني - وبعقد عرفي تاريخه 26 من يونيه سنة 1957 باع المالكون المذكورون هذين المنزلين معاً إلى الطاعن الأول ونص في هذا العقد على أن البائعين يضمنون خلو المنزلين المبيعين من كافة الحقوق العينية أياً كان نوعها كالرهن والاختصاص والحكر وحقوق الانتفاع والارتفاق ظاهرة أو خفية وقد عدل الطرفان بعد ذلك عن هذا العقد استبدلا به عقداً آخر اقتصر على المنزل الكائن بشارع مصطفى فهمي وحرر هذا العقد في 26 من يوليه سنة 1958 وتم شهره في 5 من أغسطس سنة 1958 وبموجبه اشترى الطاعن الأول بصفته ولياً شرعياً على ولده القاصر في ذلك الوقت "عصام الدين محمد سليم" بالاشتراك مع الطاعن الثاني المنزل المذكور- ونظراً لدخول الممر الفاصل بين المنزلين والذي يقع فيه مدخل المنزل المبيع (رقم 1 شارع مصطفى فهمي) ضمن عقد البيع المذكور فقد اتفق الطرفان على قطع كل صلة قائمة بين المنزلين بأن نصاً في البند الرابع من عقد تمليك الطاعنين المشهر برقم 5799 على أن البائعين يقرون على وجه التضامن والتكافل بخلو العقار المبيع من كافة الحقوق العينية أصلية كانت أو تبعية ظاهرة أو خفية من أي نوع كانت وذلك بالنسبة للحاضر والمستقبل، وفي ذات الوقت حرر الطرفان ورقة بينا فيها كيفية تنفيذ اتفاقهما على فصل المنزلين الأصليين أحدهما عن الآخر وقطع كل صلة بينما - وحدث بعد ذلك أن اشترى المطعون ضدهم الأربعة الأول المنزل الآخر رقم 40 شارع فيظى من نفس البائعين بمقتضى عقد بيع أشهر في 3 من نوفمبر سنة 1958 وعندما رغب الطاعنان في إقامة حائط على الحد الغربي لملك المطعون ضدهم الأربعة الأول لسد المطلات المفتوحة على الممر الداخل في ملك الطاعنين تعرض لهما المطعون ضدهم المذكورون ثم أقاموا دعوى إثبات الحالة رقم 267 لسنة 1959 طلبوا فيها ندب خبير لمعاينة الفضاء الواقع بين المنزلين وبيان النوافذ والأبواب والمنافع الخاصة بمنزلهم وموقعها في هذا الفضاء وقد ندبت فيها المحكمة خبيراً عاين المنزلين وقدم تقريراً بنتيجة معاينته وقد اعتبر الطاعنان أن هذا المسلك من جانب المطعون ضدهم يتضمن ادعاءهم بوجود حق ارتفاق بالمرور والمطل والانتفاع لمنزلهم على عقار الطاعنين ولذا أقاما عليهم دعواهما الحالية بطلب نفي هذا الحق - وبتاريخ 26 من فبراير سنة 1960 قضت محكمة أول درجة بعدم تحمل العقار رقم 1 بشارع مصطفى فهمي المملوك للطاعنين بأي حق من حقوق الارتفاق سواء بالمطل أو بالمرور لمصلحة العقار رقم 40 بشارع فيظى ومنع منازعة المطعون ضدهم الأربعة الأول في ذلك، استأنف هؤلاء المطعون ضدهم هذا الحكم إلى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 565 سنة 77 ق - وبجلسة 23 من إبريل سنة 1961 قضت هذه المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى وبتاريخ 21 من مايو سنة 1961 طعن الطاعن الأول بصفته الشخصية وكذا الطاعنان الثاني والثالث في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للطاعن الأول وطلبت رفضه بالنسبة للباقين وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 2 من مارس سنة 1965 وفيها صممت النيابة على ما ورد بمذكرتها وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الدفع الذي أبدته النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للطاعن الأول تأسيساً على أنه لم يكن خصماً في النزاع الذي فصلت فيه محكمة الاستئناف - هذا الدفع صحيح ذلك أن الخصومة في الطعن أمام محكمة النقض لا تكون إلا بين من كانوا خصوماً في النزاع الذي فصل فيه فلا يقبل الطعن إلا ممن كان طرفاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه وبصفته التي كان متصفاً بها - ولما كان يبين من الأوراق أن الطاعن الأول لم يكن مختصماً في النزاع الذي صدر فيه الحكم المطعون فيه بصفته الشخصية وإنما كان مختصماً فيه بصفته ولياً شرعياً على ابنه القاصر "عصام الدين" الطاعن الثالث - على ما سيأتي عند الرد على السبب الأول - فإن الطعن وقد رفع منه بصفته الشخصية يكون غير مقبول.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للطاعنين الثاني والثالث.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه وقع باطلاً لخلو عريضة الاستئناف من ذكر الصفة التي كان الطاعن الأول مختصماً بها في الدعوى الابتدائية الأمر الذي ترتب عليه توجيه الاستئناف إليه شخصياً في حين أنه لم يكن مختصماً بصفته الشخصية في الدعوى الابتدائية بل كان مختصماً فيها بصفته ولياً شرعياً على ابنه القاصر "عصام الدين" مما كان يتعين معه أن تقضي المحكمة من تلقاء نفسها ببطلان عريضة الاستئناف وبعدم قبول الاستئناف وإذ لم تفعل وقضت بقبول الاستئناف شكلاً فإنها تكون قد خالفت القانون هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قد وقع باطلاً لإغفاله ذكر صفة الطاعن الأول طبقاً لما تقضي به المادة 349 مرافعات.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول مردود بأنه وإن كان يبين من مطالعة الأوراق أن الطاعن الأول كان مختصماً في الدعوى الابتدائية بصفته ولياً شرعياً على ابنه القاصر "عصام الدين" وأن الاستئناف وجه إليه دون ذكر لهذه الصفة إلا أن ما جاء بعريضة الاستئناف يفصح عن أن اختصامه في هذا الاستئناف كان بتلك الصفة وليس بصفته الشخصية إذ أشير في العريضة إلى موضوع النزاع وإلى عقد البيع الصادر من الملاك الأصليين إلى الطاعن الثاني والطاعن الأول بصفته ولياً شرعياً على ابنه القاصر "عصام الدين" كما صرح هذا الأخير أمام محكمة الاستئناف بحضوره في الخصومة بصفته ولياً شرعياً على ابنه عصام على ما هو ثابت من ديباجة الحكم المطعون فيه - ولذلك فإن إعلان الاستئناف على الوجه الذي تم به يكون كافياً في الدلالة على أن المقصود بالاختصام هو الطاعن الأول بصفته ولياً شرعياً على ابنه القاصر عصام الدين وإذ كان المقصود من أحكام القانون في هذا الصدد - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو إعلام ذوي الشأن إعلاماً كافياً بالبيانات العامة المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم فإن كل ما يكفي للدلالة على ذلك يحقق الغاية التي يهدف إليها القانون ومن ثم فإن النعي في هذا الشق يكون في غير محله كما أن النعي في شقه الثاني مردود بأن إغفال الحكم الإشارة إلى الطاعن الأول باعتباره ولياً شرعياً على ابنه القاصر عصام الدين لا يعتبر خطأ جسيماً يختفي به وجه الحق في التعريف بشخص الخصم المذكور ذلك أنه متى كان النقص أو الخطأ في أسماء الخصوم وصفاتهم ليس من شأنه التشكك في حقيقة الخصم واتصاله بالخصومة المرددة في الدعوى فإنه لا يعتبر نقصاً أو خطأ جسيماً مما قصدت المادة 349 مرافعات أن ترتب عليه بطلان الحكم.
وحيث إن محصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه شابه البطلان لصدوره بعد انقطاع سير الخصومة بحكم القانون ببلوغ الطاعن الثالث "عصام الدين" سن الرشد ذلك أن الدعوى الابتدائية رفعت من والده بالنيابة عنه لقصره في ذلك الوقت وقد بلغ رشده في 23 فبراير سنة 1961 أثناء سير الاستئناف وقبل أن يتهيأ للحكم في موضوعه إذ أن محكمة الاستئناف بعد أن حجزت القضية للحكم قررت بجلسة 26 مارس سنة 1961 أي بعد بلوغ هذا الطاعن رشده إعادتها للمرافعة ثم صدر الحكم المطعون فيه بجلسة 22 إبريل سنة 1961 وإذ كان الطاعن لم يوجه إلى الطاعن الثالث بعد بلوغه سن الرشد أي تكليف بالحضور في الاستئناف فإن الاستئناف لا يكون قد استأنف سيره حتى كان يصح الحكم في موضوعه وبالتالي يكون الحكم الذي صدر فيه والخصومة منقطعة باطلاً.
وحيث إن المادة 294 من قانون المرافعات تنص على أن ينقطع سير الخصومة بحكم القانون بوفاة أحد الخصوم أو بفقده أهلية الخصومة أو بزوال صفة من كان يباشر الخصومة عنه من النائبين ومفاد ذلك أن مجرد وفاة الخصم أو فقده أهلية الخصومة يترتب عليه لذاته انقطاع سير الخصومة أما بلوغ الخصم سن الرشد فإنه لا يؤدي بذاته إلى انقطاع سير الخصومة وإنما يحصل هذا الانقطاع بسبب ما يترتب على البلوغ من زوال صفة من كان يباشر الخصومة عن القاصر - ولما كان الثابت أن الطاعن الثالث "عصام الدين" قد اختصم اختصاماً صحيحاً في الاستئناف ممثلاً في والده الطاعن الأول باعتباره ولياً شرعياً عليه فإن الاستئناف يكون قد رفع صحيحاً ويعتبر الطاعن عالماً به فإذا بلغ سن الرشد أثناء سير الاستئناف ولم ينبه هو ولا والده المحكمة إلى التغيير الذي طرأ على حالته وترك والده يحضر عنه بعد البلوغ إلى أن صدر الحكم في الاستئناف فإن حضور هذا الوالد يكون في هذه الحالة بقبول الابن ورضائه فتظل صفة الوالد قائمة في تمثيل ابنه في الخصومة بعد بلوغه سن الرشد وبالتالي ينتج هذا التمثيل كل آثاره القانونية ويكون الحكم الصادر في الاستئناف كما لو كان القاصر قد حضر بنفسه الخصومة بعد بلوغه ولا ينقطع سير الخصومة في هذه الحالة لأنه إنما ينقطع بزوال صفة النائب في تمثيل الأصيل وهي لم تزل هنا بل تغيرت فقط فبعد أن كانت نيابته عنه قانونية أصبحت اتفاقية وما دام الطاعن الثالث لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بعدم صحة تمثيل والده له بعد بلوغه سن الرشد فلا سبيل إلى إثارة هذا الجدل لدى محكمة النقض لتعلقه بأمر موضوعي.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل في أنه من المقرر أن الارتفاق بتخصيص رب الأسرة لا ينشأ قانوناً إلا وقت انتقال أحد العقارين من ملكية المالك الأصلي إلى آخر وبشرط عدم حصول الاتفاق بين المالك الأصلي والمالك الجديد للعقار الذي انفصل أولاً على قطع الصلة بين العقارين وإزالة تخصيص رب الأسرة ومن وقت حصول هذا الاتفاق يتحدد مركز كل من العقارين اللذين انفصل أحدهما عن الآخر من حيث وجود ارتفاق بينهما أو عدمه إلا أن الحكم المطعون فيه قد تضاربت أسبابه في هذا الشأن وشابها الخطأ في القانون وذلك من ثلاثة أوجه (الوجه الأول) إنه بينما يقرر الحكم القاعدة الصحيحة في صدر أسبابه فيقول أنه لا يعتبر الحق قبل تملك العقارين أو جزء في العقار الواحد لمالكين مختلفين حق ارتفاق لأنه لا يجوز أن يكون للإنسان حق ارتفاق على عقاره ولكن إذا تملكهما مالكان اعتبر الحق حق ارتفاق صحيح إذا به يعود فيقرر أن ملكية المالك الأصلي ترجع إلى عقد قسمة تاريخه 15/ 7/ 1951 وكان الارتفاق بين المنزلين قائماً أي أن الحق نشأ في ظل القانون القديم ومؤدى هذا القول الأخير أن الحكم المطعون فيه يرى وعلى خلاف ما قرره في صدر أسبابه أن حق الارتفاق ينشأ قبل انفصال الملكية الذي حصل بالعقد الصادر إلى الطاعنين على المنزل رقم 1 شارع مصطفى فهمي والمشهر في 5 من أغسطس سنة 1958 وقبل عقد القسمة المشار إليه الذي حصل في سنة 1951 بل وقبل تاريخ العمل بالتقنين المدني القائم في 15 من أكتوبر سنة 1949 وبذلك تناقض الحكم مع نفسه علاوة على ما في قوله الأخير من مخالفة القانون (والوجه الثاني) أن الحكم خالف القانون إذ استند في التدليل على قيام حق الارتفاق المدعى بتقريره على العقار المبيع للطاعنين إلى ما استخلصه من عقد آخر تال لعقدهما وهو العقد الصادر ببيع العقار الآخر للمطعون ضدهم الأربعة الأول (الوجه الثالث) أن الحكم قد أخطأ أيضاً فيما ذهب إليه من أن العلة الصحيحة في نشوء حق الارتفاق بتخصيص رب الأسرة إنما ترجع إلى رغبة المشتريين ورضائهما بشراء العقارين بالحالة التي كانا عليها وقت الشراء ذلك لأنه يترتب على هذا القول تأخير تحديد مصير تخصيص رب الأسرة من حيث إنشائه حق ارتفاق قانوني أو عدمه إلى ما بعد التصرف في العقار الثاني وانتقال العقارين إلى مشتريين مختلفين والبحث في نية هذين المشتريين المختلفين باعتبار أحدهما صاحب العقار المرتفق والآخر صاحب العقار المرتفق به في حين أن الصحيح في القانون أن مصير تخصيص رب الأسرة يتحدد نهائياً بمجرد خروج أحد العقارين من ملك المالك الأصلي ويتوقف على إرادة المالك الأصلي والمالك الجديد للعقار الذي بيع أولاً سواء كانت هذه الإرادة مفترضة أو حقيقية - ويتحصل السبب الرابع في أن الحكم المطعون فيه قد مسخ عبارة البند الرابع من عقد الطاعنين إذ اعتبر هذا البند لا يتضمن نصاً صريحاً على نفي حق الارتفاق المدعى به حالة أن قد أقروا في هذا البند بضمانهم خلو العقار المبيع من كافة الحقوق العينية أصلية كانت أو تبعية وظاهرة أو خفية من أي نوع كان وذلك بالنسبة للحاضر والمستقبل - مما يقطع بأن الطرفين ينفون وجود أي حق من حقوق الارتفاق إذ أن وصف الحقوق العينية بأنها ظاهرة وخفية لا يصدق إلا على حقوق الارتفاق. ويتحصل السبب الخامس في أن الحكم المطعون فيه قد عاره البطلان لابتنائه على أسباب متداعية واستخلاص غير سائغ وذلك من الوجوه الآتية (1) في استخلاصه عدم شمول البند الرابع من عقد الطاعنين حقوق الارتفاق من عدم النص فيه على هذه الحقوق مع أنها كانت مذكورة في العقد السابق الذي عدل عنه (2) في استخلاصه قيام حق الارتفاق من نصوص البندين الخامس والسادس من العقد (3) في استناده في نفي الاتفاق على إنهاء الارتفاق إلى القول بأنه يترتب على نفيها أن يصبح الانتفاع بمنزل المطعون ضدهم الأربعة الأول عسيراً. ويتحصل السبب السادس في أن الحكم المطعون فيه قد شابه قصور لتناقض أسبابه وتهاترها فيما قرره خاصاً بالورقة العرفية المحررة بين البائعين الطاعنين والمؤيدة لنص البند الرابع من العقد والمنظمة لكيفية فصل العقارين واستقلالهما أحدهما عن الآخر. ويتحصل السبب السابع في أن الحكم المطعون فيه قد خالف الثابت في الأوراق بنفيه دخول الممر المدعى وجود الارتفاق عليه في عقد الطاعنين واستخلاصه ذلك استخلاصاً غير سائغ من مجرد ذكر حدود العقارين بأنها متلاصقة.
وحيث إن المشرع عرف الارتفاق الذي يترتب بتخصيص من المالك الأصلي في المادة 1017 من التقنين المدني فقال. "ويكون هناك تخصيص من المالك الأصلي إذا ثبت أن مالك عقارين منفصلين قد أقام بينهما علاقة ظاهرة فأنشأ بذلك علاقة تبعية بينهما من شأنها أن تدل على وجود ارتفاق لو أن العقارين كانا مملوكين لملاك مختلفين ففي هذه الحالة إذا انتقل العقاران إلى أيدي ملاك مختلفين دون تغيير في حالتهما عد الارتفاق مرتباً بين العقارين لهما وعليهما". ومفاد هذا النص أن علاقة التبعية التي أوجدها المالك بين العقارين لا تشكل ارتفاقاً بالمعنى القانوني إلا عندما يصبح العقاران مملوكين لشخصين مختلفين ومنذ هذا الوقت فقط أما قبل ذلك فإنه وإن كانت علاقة التبعية تقوم فعلاً إلا أنها لا تعتبر ارتفاقاً وذلك لما يتطلبه القانون في الارتفاق من أن يكون مرتباً على عقار لفائدة عقار غيره يملكه شخص آخر "م 1015 مدني" لما كان ذلك وكانت ملكية العقارين موضوع هذه الدعوى قد انفصلت في 5 أغسطس سنة 1958 تاريخ انتقال ملكية أحدهما إلى الطاعنين فإن حق الارتفاق المتنازع عليه يكون قد نشأ في ظل القانون المدني القائم وبالتالي تكون أحكامه هي الواجبة التطبيق - وإذ كانت المادة 1017 تقضي بأن الارتفاق يعتبر بعد انفصال الملكية مرتباً بين العقارين لهما وعليهما ما لم يوجد ثمة شرط صريح يخالف ذلك وكان المقصود بالشرط الصريح هنا أن يذكر الطرفان صراحة أنهما لا يريدان الإبقاء على علاقة التبعية القائمة بين العقارين، لما كان ذلك وكانت عبارة البند الرابع من عقد الطاعنين تجري كالآتي "يقر أفراد الطرف الأول على وجه التضامن والتكافل فيما بينهم بضمانهم لخلو العقار المبيع من كافة الحقوق العينية أصلية كانت أو تبعية وظاهرة أو خفية من أي نوع كان وذلك بالنسبة للحاضر أو المستقبل" وهذا النص لا يعتبر شرطاً صريحاً بالمعنى المقصود في المادة السابقة إذ أنه ليس قاطعاً في الدلالة على أن المتعاقدين أرادا إنهاء علاقة التبعية التي كانت قائمة فعلاً بين العقار المبيع للطاعنين والعقار الآخر سيما إذا لوحظ أن صيغة البند الرابع المتقدم الذكر هي مما ألف المتعاقدون وضعها في العقود وقد حدث فعلاً كما قرر الحكم المطعون فيه أن البائعين للطاعنين قد وضعوا هذه الصيغة ذاتها في العقد الصادر منهم إلى المطعون ضدهم الأربعة الأول دون أن يكون على العقار المبيع أي حق من حقوق الارتفاق للغير ومتى كان الشرط الذي استند إليه الطاعنان في نفي حق الارتفاق المدعى به لا يعتبر صريحاً في نفس هذا الحق فإنه عملاً بالمادة 1017 من القانون المدني يعد مرتباً على عقار الطاعنين لفائدة عقار المطعون ضدهم الأربعة الأول دون حاجة لاتفاق أو إجراءات ما دام أن هذه العلاقة كانت قائمة بين العقارين بفعل المالك الأصلي قبل بيع أحد المنزلين للطاعنين - لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى أن الشرط الوارد في البند الرابع من عقد بيع الطاعنين لا يكفي في نفي حق الارتفاق وبنى على ذلك قضاءه برفض الدعوى فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة في القانون وما دام أن هذه الدعامة تكفي لحمل الحكم فإن النعي عليه لما ورد في أسبابه الأخرى يكون غير منتج.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق