جلسة 23 من ديسمبر سنة 1965
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة،
وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم الجافي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس حلمي عبد
الجواد وسليم راشد أبو زيد.
------------------
(209)
الطعن
رقم 260 لسنة 31 القضائية
(أ) اختصاص "اختصاص اللجنة القضائية". إصلاح زراعي.
اختصاص اللجنة القضائية
بالإصلاح الزراعي بكافة ما يعترض الاستيلاء من منازعات سواء بين جهة الإصلاح
الزراعي والمستولى لديهم أو بينها وبين الغير ممن يدعي ملكية الأرض التي تقرر
الاستيلاء عليها أو تكون عرضة للاستيلاء.
(ب) إصلاح زراعي "اختصاص اللجنة القضائية" اختصاص.
طرح المنازعة حول
الاستيلاء على المحاكم قبل صدور قرار الاستيلاء على الأرض المتنازع عليها لا يحول
دون اختصاص اللجنة القضائية بالإصلاح الزراعي بنظرها ما دام باب المرافعة في
الدعوى لم يقفل. وجوب إحالتها إلى اللجنة القضائية.
(ج) اختصاص "اختصاص ولائي" "اللجنة القضائية
بالإصلاح الزراعي".
اختصاص اللجنة القضائية
بمنازعات الاستيلاء. اختصاص وظيفي. اللجنة القضائية جهة قضائية مستقلة.
------------------
1 - مفاد نص المادة 13 مكررة من القانون رقم 178 لسنة 1952 في شأن
الإصلاح الزراعي وما ورد في اللائحة التنفيذية لهذا القانون وفي المذكرة الإيضاحية
للقانون رقم 225 لسنة 1953 أن اختصاص اللجنة القضائية بالإصلاح الزراعي يتناول
الفصل في كل ما يعترض الاستيلاء من منازعات سواء قامت بين جهة الإصلاح الزراعي
وبين المستولى لديهم بشأن البيانات الواردة في الإقرارات المقدمة منهم وصحة
الاستيلاء على ما تقرر الاستيلاء عليه من أرضهم أو كانت المنازعة بين جهة الإصلاح
الزراعي وبين الغير ممن يدعي ملكية الأرض التي تقرر الاستيلاء عليها أو التي تكون
عرضة للاستيلاء وفقاً للإقرارات المقدمة من الملاك الخاضعين لقانون الإصلاح
الزراعي وذلك كله لتحديد ما يجب الاستيلاء عليه بحسب أحكام هذا القانون وتعيين
أصحاب الحق في التعويض طبقاً لما تقضي به هذه الأحكام.
2 - نصت المادة 13 مكررة من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة
1952 على أن "تحال فوراً جميع القضايا المنظورة حالياً أمام جهات القضاء ما
دام باب المرافعة لم يقفل فيها" - إلى اللجنة القضائية المذكورة مما يفيد أن
طرح المنازعة على المحاكم قبل صدور الاستيلاء على الأرض المتنازع عليها لا يحول
دون اختصاص هذه اللجنة بنظرها ما دام باب المرافعة لم يقفل في الدعوى وأن على
المحكمة في هذه الحالة أن تنفض يدها من المنازعة وتحيلها إلى اللجنة.
3 - إذ خص المشرع اللجنة القضائية بالإصلاح الزراعي بالفصل دون
سواها في منازعات معينة مما كان يدخل في اختصاص المحاكم العادية فإن ذلك يعتبر من
قبيل الاختصاص الوظيفي إذ تعتبر هذه الجهة القضائية المستحدثة جهة قضائية مستقلة
بالنسبة لما خصها المشرع بنظره من تلك المنازعات.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الثاني
أقام على المطعون ضده الأول الدعوى رقم 98 سنة 1955 أمام محكمة الدلنجات الجزئية
وطلب الحكم بثبوت ملكيته إلى فدانين شيوعاً في 297 ف و17 ط و2 س مبينة الحدود
والمعالم بصحيفة تلك الدعوى استناداً إلى أنه يمتلك هذه الأطيان بطريق الشراء من
مصلحة الأملاك الأميرية بموجب عقد مسجل في 3 يناير سنة 1946 وقد وضع يده عليها من
ذلك التاريخ إلى أن اغتصبها منه المطعون ضده الأول في أول مارس سنة 1953 وبتاريخ 4
ديسمبر سنة 1955 قضت محكمة أول درجة بندب خبير للانتقال إلى أرض النزاع وتطبيق
مستندات الطرفين عليها لبيان في أي منها تدخل - وبعد أن باشر الخبير مأموريته قدم
تقريراً انتهى فيه إلى أن المطعون ضده الأول يضع اليد بطريق الغصب - على جزء من
أطيان المطعون ضده الثاني على شكل مثلث مساحته 1 ف و10 س منذ اثني عشر عاماً
تقريباً - فقصر الأخير طلباته على هذا القدر - غير أن المطعون ضده الأول دفع
بتملكه له بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية وتحقيقاً لهذا الدفاع قضت
المحكمة في 6 يناير سنة 1957 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضده الأول
بكافة طرق الإثبات القانونية أنه حاز 1 ف و10 س الموضحة بتقرير الخبير حيازة هادئة
مستوفية شروط التملك بوضع اليد المدة الطويلة على أن يكون للمطعون ضده الثاني
النفي بذات الطرق - وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين حكمت في 17 مارس سنة 1957
بثبوت ملكية المطعون ضده الثاني للفدان والعشرة أسهم المبينة بتقرير الخبير مع
تسليمها إليه - فرفع المطعون ضده الأول عن هذا الحكم الاستئناف رقم 173 سنة 1957
لدى محكمة دمنهور الابتدائية وطلب القضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى
المطعون ضده الثاني - وأثناء نظر الاستئناف قرر هذا الأخير أن أطيان النزاع قد
استولى عليها الإصلاح الزراعي ضمن ما استولى عليه من أطيانه تطبيقاً لقانون
الإصلاح الزراعي فأدخل المطعون ضده الأول مصلحة الأملاك الأميرية وهيئة الإصلاح الزراعي
"الطاعنين" لسماعهما الحكم في مواجهتهما بطلباته السابق ذكرها - دفع
الطاعنان بعم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى إعمالاً لحكم المادة 13 مكرر من
القانون رقم 178 سنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي وبتاريخ 11 يناير سنة 1960 قضت
المحكمة برفض هذا الدفع وقبل الفصل في الموضوع بإعادة المأمورية إلى مكتب خبراء
وزارة العدل لأداء المأمورية المبينة بمنطوق الحكم وإذ كان قد صدر في 9 مايو سنة
1960 قرار إداري من مدير عام الإصلاح الزراعي بطرد المطعون ضده الأول من أرض
النزاع بالتطبيق للقانون رقم 39 سنة 1959 ونفذ هذا القرار فعلاً وطعن عليه المطعون
ضده الأول أمام اللجنة القضائية بالإصلاح الزراعي - فقد أثار الطاعنان للمرة
الثانية الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى تأسيساً على أنها ممنوعة
من التعرض لذلك القرار الإداري بالتأويل أو التفسير أو وقف التنفيذ عملاً بالمادة 15
من القانون رقم 56 لسنة 1959 - وبتاريخ 16 إبريل سنة 1961 - قضت محكمة دمنهور
الابتدائية بهيئة استئنافية بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى المستأنف ضده الأول
"المطعون ضده الثاني" وإلزامه بالمصروفات عن الدرجتين - وفي 14 مايو سنة
1961 طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون
بجلسة 26 ديسمبر سنة 1964 وفيها صممت النيابة على مذكرتها التي انتهت فيها إلى طلب
نقض الحكم وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبعد استيفاء الإجراءات
اللاحقة للإحالة حدد لنظره أمام هذه الدائرة جلسة 16 ديسمبر سنة 1965 وفيها صممت
النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن مبنى الطعن أن
الحكم المطعون فيه قد خالف القانون - ذلك أنه قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحاكم
ولائياً بنظر الدعوى بمقولة إن استيلاء الإصلاح الزراعي على الأرض لا يسلب المحاكم
اختصاصها بنظر دعاوى الملكية المرفوعة أو التي ترفع عن الأرض المستولى عليها وأن
اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي المشكلة وفقاً لما نص عليه في المادة 13 مكررة من
القانون رقم 178 لسنة 1952 لا يلجأ إليها إلا فيما ينشأ عن عملية الاستيلاء من
منازعات، والمنازعة القائمة ليست من هذا القبيل ويقول الطاعنان إن هذا الذي قرره
الحكم غير صحيح ذلك أن المادة 13 مكررة من قانون الإصلاح الزراعي لم تقصر اختصاص
اللجنة القضائية على ما يقوم من نزاع بشأن عملية الاستيلاء ولكنها بسطت اختصاصها
على جميع المنازعات المتعلقة بملكية الأطيان المستولى عليها أو التي تكون محلاً
للاستيلاء وفقاً للإقرارات المقدمة - ومن ثم فإن أية منازعة متعلقة بملكية هذه
الأطيان كما هو الحال في هذه الدعوى - يمتنع على المحاكم النظر فيها فكان لذلك
يتعين على المحكمة الاستئنافية أن تقضي بقبول الدفع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر
الدعوى أو في القليل أن تحكم بإحالتها إلى اللجنة القضائية للإصلاح الزراعي السالف
ذكرها وإذ تنكب الحكم المطعون فيه هذا التطبيق الصحيح للقانون فإنه يكون مخالفاً
له - هذا إلى أن القضاء برفض هذا الدفع ينطوي على قضاء ضمني بإلغاء قرار الهيئة
العامة للإصلاح الزراعي بالاستيلاء على أرض النزاع وهو ما يخرج عن اختصاص المحاكم
العادية.
وحيث إن هذا النعي صحيح
ذلك أن الحكم المطعون فيه رد على الدفع المبدى من الطاعنين بقوله "ومن حيث
إنه عن الدفع بعدم اختصاص القضاء بنظر النزاع فإن هذا الدفع لا يقوم على أساس من
القانون ذلك أن استيلاء الإصلاح الزراعي على الأرض لا يسلب المحاكم اختصاصها في
نظر دعاوى الملكية المرفوعة أو التي ترفع عن الأرض المستولى عليها وأن ما أشارت
إليه المادة 13 من القانون رقم 178 لسنة 1952 إنما هو بشأن ما ينشأ عن عملية
استيلاء من منازعات وهو أمر يغاير النزاع موضوع الدعوى وبعيد عنه كل البعد ومن ثم
فقد تعين رفض هذا الدفع" وهذا الذي قرره الحكم مخالف للقانون ذلك أن المادة
13 مكررة من القانون رقم 178 لسنة 1952 المضافة أصلاً بالقانون رقم 131 لسنة 1953
والمعدلة بالقانون رقم 225 سنة 1953 قد حددت اختصاص اللجنة القضائية بأن تكون مهمتها
في حالة المنازعات تحقيق الإقرارات والديون العقارية وفحص ملكية الأراضي المستولى
عليها وذلك لتحديد ما يجب الاستيلاء عليه طبقاً لأحكام هذا القانون. ثم أضاف
القانون رقم 381 لسنة 1956 اختصاصاً آخر للجنة وهو الفصل في المنازعات الخاصة
بتوزيع الأراضي المستولى عليها - ومفاد نص المادة 13 مكررة المذكورة وما ورد في
المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 225 لسنة 1953 وفي اللائحة التنفيذية لقانون
الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 الصادر في 18 من يونيه سنة 1952 أن اختصاص
اللجنة القضائية يتناول الفصل في كل ما يعترض الاستيلاء من منازعات سواء قامت بين
جهة الإصلاح الزراعي وبين المستولى لديهم بشأن البيانات الواردة في الإقرارات
المقدمة منهم وصحة الاستيلاء على ما تقرر الاستيلاء عليه من أرضهم أو كانت
المنازعة بين جهة الإصلاح الزراعي وبين الغير ممن يدعي ملكيته للأرض التي تقرر
الاستيلاء عليها أو التي تكون عرضة للاستيلاء وفقاً للإقرارات المقدمة من الملاك
الخاضعين لقانون الإصلاح الزراعي - وذلك كله لتحديد ما يجب الاستيلاء عليه بحسب
أحكام هذا القانون وتعيين أصحاب الحق في التعويض طبقاً لما تقضي به هذه الأحكام -
ولما كان الثابت من الوقائع السالف بيانها أن المنازعة في الدعوى كانت تدور بين
جهة الإصلاح الزراعي وبين المطعون ضده الأول على ملكية بعض الأطيان التي تقرر
الاستيلاء عليها لدى المطعون ضده الثاني بالتطبيق لأحكام قانون الإصلاح الزراعي
رقم 178 لسنة 1952 إذ ادعى المطعون ضده الأول ملكيته للقدر المتنازع عليه بينما
تنكر عليه جهة الإصلاح الزراعي والمطعون ضده الثاني هذه الملكية - فإن المنازعة في
هذا الخصوص تكون مما تختص به اللجنة المشار إليها في المادة 13 مكررة من ذلك
القانون ولا وجه لما يثيره المطعون ضده الأول من أن الدعوى قد رفعت قبل الاستيلاء
فعلاً على أرض النزاع ذلك أن هذا لو صح ليس من شأنه أن يسلب اللجنة اختصاصها بنظر
النزاع إذ أن المادة 13 مكررة الآنف ذكرها قد نصت على أن "تحال فوراً جميع
القضايا المنظورة حالياً أمام جهات القضاء ما دام باب المرافعة لم يقفل فيها - إلى
اللجنة القضائية المذكورة - مما يفيد أن طرح المنازعة على المحاكم قبل صدور قرار
الاستيلاء على الأرض المتنازع عليها لا يحول دون اختصاص اللجنة بنظرها ما دام باب
المرافعة لم يقفل في الدعوى وأن على المحكمة في هذه الحالة أن تنفض يدها من
المنازعة وتحيلها إلى اللجنة - كذلك فإنه ليس صحيحاً ما يقوله المطعون ضده الأول
من أن اللجنة قضت في الاعتراض رقم 99 سنة 1960 - المرفوع منه بعدم اختصاصها بالنظر
في النزاع على ملكية الأطيان المستولى عليها إذ يبين من مطالعة هذا القرار أن
اللجنة إنما قضت بعدم اختصاصها بإلغاء قرار الطرد الصادر في 9 من مايو سنة 1960
وصرحت في أسبابها بأن اختصاصها مقصور على المنازعة في ملكية الأطيان المستولى
عليها - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى باختصاص المحاكم بنظر الدعوى
فإنه يكون قد خالف قواعد الاختصاص الوظيفي ذلك أن المشرع إذ خص تلك اللجنة بالفصل
دون سواها في منازعات معينة مما كان يدخل في اختصاص المحاكم العادية فإن ذلك يعتبر
من قبيل الاختصاص الوظيفي إذ تعتبر هذه الجهة القضائية المستحدثة جهة قضائية
مستقلة بالنسبة لما خصها المشرع بنظره من تلك المنازعات - ومن ثم فإن الطعن على
الحكم المطعون فيه يكون جائزاً عملاً بالمادة الثانية من القانون رقم 57 لسنة 1959
بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
وحيث إنه متى كان الطعن
جائزاً وقد استوفى أوضاعه الشكلية فإنه يتعين نقض الحكم في خصوص ما قضى به من رفض
الدفع بعدم الاختصاص الوظيفي - والقضاء بعدم اختصاص المحاكم العادية بنظر الدعوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق