جلسة 8 من إبريل سنة 1963
برياسة السيد/ محمد متولي عتلم نائب رئيس المحكمة،
وبحضور السادة المستشارين: محمود حلمي خاطر، وعبد الحليم البيطاش، ومختار رضوان،
ومحمد صبري.
------------
(60)
الطعن رقم 2755 لسنة 32
القضائية
(أ) تفتيش. دفوع. "الدفع ببطلان التفتيش".
الدفع ببطلان التفتيش
إنما شرع للمحافظة على حرمة المكان. التمسك ببطلان تفتيش المكان لا يقبل من غير
حائزة. إن لم يثره فليس لغيره أن يبديه، ولو كان يستفيد منه، علة ذلك: هذه الفائدة
لا تلحق الغير إلا عن طريق التبعية وحدها. مثال.
(ب) تلبس. قبض. تفتيش.
التلبس حالة تلازم
الجريمة ذاتها لا مرتكبيها. قيام حالة التلبس يبيح القبض على كل من ساهم في
ارتكابها ويجيز تفتيشه. مثال.
)جـ، د، هـ، و) مواد
مخدرة. جريمة. قصد جنائي. حكم. "تسبيبه". "تسبيب غير معيب".
"ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل". محكمة الموضوع. "سلطتها في
تقدير الدليل". نقض. "أسبابه. ما لا يقبل منها".
)جـ) لا يشترط لاعتبار
الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً مادياً لها. يكفى لاعتباره كذلك: أن
يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية، أو كان المحرز للمخدر
شخصاً غيره. مثال.
)د) لا يلزم في القانون أن
يتحدث الحكم استقلالاً عن الركن المادي لجريمة إحراز المخدر. يكفى: أن يكون فيما
أورده من وقائع وظروف، ما يكفى للدلالة على قيامه. استناد الحكم في إدانة الطاعن
على أدلة صحيحة وسائغة استمدها من أقوال شهود الإثبات. النعي عليه بالقصور في التدليل.
لا محل له.
)هـ) إيراد الحكم تفصيلات
لا تتصل بجوهر الواقعة. تزيد: لا تأثير له على سلامته ما دام الطاعن لا ينازع في
صحة ما أورده الحكم بشأنها. وأن لها مأخذها الصحيح من أوراق الدعوى.
)و) لمحكمة الموضوع أن تزن
أقوال الشهود، فتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن
إليه منها في حق متهم آخر. لا يعد هذا تناقضاً يعيب حكمها. ما دام يصح في العقل أن
يكون الشاهد صادقاً في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر آخر منها. وما دام تقدير
الدليل موكول إلى اقتناع المحكمة وحدها. المجادلة في هذا الأمر أمام محكمة النقض.
لا تصح.
----------------
1 - الدفع ببطلان التفتيش
إنما شرع للمحافظة على حرمة المكان، ومن ثم فإن التمسك ببطلان تفتيشه لا يقبل من
غير حائزة، فإن لم يثره فليس لغيره أن يبديه ولو كان يستفيد منه، لأن هذه الفائدة
لا تلحقه إلا عن طريق التبعية وحدها. ولما كان الثابت مما حصله الحكم عن واقعة
الدعوى أن المخدرات ضبطت في سيارة للقوات الجوية كان يقودها سائقها بعلم رياسته
وأن تفتيشاً لم يقع على شخص الطاعن فيسفر عن ضبط مخدر معه، فإنه لا يقبل منه الدفع
ببطلان تفتيش تلك السيارة أو بطلان الإذن الصادر بتفتيشها لأنه لا صفة له في التحدث
عن ذلك.
2 - من المقرر في صحيح
القانون أن التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها لا مرتكبها، وأن قيام حالة التلبس
يبيح القبض على كل من ساهم في ارتكابها ويجيز تفتيشه. وإذا كان الحكم المطعون فيه
قد أثبت أن السائق المبلغ ساير الطاعنين تظاهرا منه وبعلم رياسته وبالاتفاق مع
رجال القوة حتى تم تسليم المخدرات له، فنقلها إلى رجال القوة وتم ضبطها، واستدل
الحكم من ذلك على قيام حالة التلبس بالجريمة التي تجيز القبض على كل من ساهم في
ارتكابها، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.
3 - لا يشترط لاعتبار
الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً مادياً للمادة المضبوطة، بل يكفى
لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان
المحرز للمخدر شخصاً غيره. ولما كان يبين من مدونات الحكم أن الطاعنين اتفقا مع
السائق المبلغ على نقل كمية من المخدرات في سيارته بطريقة وفى موعد معينين ومحددة
تفاصيلها، وأنه تسلم المخدرات على نحو يطابق خطتهما ونقلها إلى منزل الطاعن الثاني
على ما اتفق عليه فأسرع الأخير إلى داخل السيارة وطلب منه التوجه إلى منزل الطاعن
الأول الذي قفز بدوره إلى داخل السيارة وطلبا منه الانطلاق إلى مكان محدد بعلامة
معينة، إلى أن تمكن رجال الشرطة من القبض عليهما وضبط المخدرات، وهو ما يكفى
للدلالة على توافر الركن المادي لجريمة إحراز المخدر في حق الطاعنين وإلى علمهما
بكنه وبحقيقة المادة المضبوطة، بما يتوافر به القصد الجنائي العام في هذه الجريمة.
4 - لا يلزم في القانون
أن يتحدث الحكم استقلالاً عن الركن المادي لجريمة إحراز المخدر، بل يكفى أن يكون
فيما أورده من وقائع وظروف - ما يكفى للدلالة على قيامه. ولما كان الثابت مما
أورده الحكم المطعون فيه أنه استند في إدانة الطاعن إلى أدلة صحيحة وسائغة استمدها
من أقوال شهود الإثبات التي حصل مؤداها تفصيلاً، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على
الحكم بدعوى القصور في التدليل يكون في غير محله.
5 - لا يعيب الحكم أن
يورد تفصيلات لا تتصل بجوهر الواقعة، ما دام الطاعن لا ينازع في صحة ما أورده
الحكم بشأنها، وأن لها مأخذها الصحيح من أوراق الدعوى، لأن ذلك لا يعدو أن يكون
تزيداً لا تأثير له على سلامته.
6 - لمحكمة الموضوع إن
تزن أقوال الشهود، فتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا
تطمئن إليه منها في حق متهم آخر، دون أن يكون هذا تناقضا يعيب حكمها، ما دام يصح
في العقل أن يكون الشاهد صادقاً في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر آخر منها،
وما دام تقدير الدليل موكولاً إلى اقتناعها وحدها، ولا يحق المجادلة في هذا الأمر
أمام محكمة النقض.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين: بأنهم في
يومي 3 و4/ 10/ 1960 بدائرة محافظتي سيناء والإسماعيلية: أولاً - المتهمون جميعاً:
اشتركوا في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب جناية نقل جواهر مخدرة المعاقب عليها
بمقتضى المادة 34/ أ من القانون رقم 182 لسنة 1960 - بشأن مكافحة المخدرات وتنظيم
استعمالها والاتجار فيها - وذلك بأن اتفقوا على نقل المخدرات المبينة الوصف
والمقدار بالأوراق من سيناء إلى صحراء أبى سلطان: ثانياً - المتهمان الأول
والثاني: "أحرزا بقصد الاتجار جواهر مخدرة "حشيشاً وأفيوناً" في
غير الأحوال المصرح بها قانوناً" - ثالثاً - المتهم الرابع "تعدى مع آخر
انقضت الدعوى الجنائية بوفاته - على موظفين عموميين قائمين على تنفيذ القانون رقم
182 لسنة 1960 - بشأن مكافحة المخدرات - وهم خفر السواحل المكلفون بضبطهما حالة
كونهما حاملين سلاحين ناريين "بندقية ومسدس". رابعاً - المتهم الرابع
أيضاً: (أ) أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً "بندقية لي انفيلد"
(ب) أحرز ذخيرة "طلقات" مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن
يكون مرخصاً له في إحرازه أو حيازته. وأحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم
بالمواد 48/ 1 و2 من قانون العقوبات والمواد 1 و34/ 1 و 36 و40/ 1 و42 من القانون
رقم 182 لسنة 1960 والبندين 1 و12 من الجدول رقم 1 الملحق به والمواد 1 و6 و26/ 2
و4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 546 لسنة 1954 و75
لسنة 1958 والجدول رقم 3 المرفق. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة جنايات بورسعيد دفع
الحاضر مع المتهمين الأول والثاني ببطلان إذن التفتيش كما دفع الحاضر مع المتهم
الثالث والرابع ببطلان القبض والتفتيش. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتاريخ 16
سبتمبر سنة 1961 عملاً بالمواد 48/ 1 و2 من قانون العقوبات والمواد 1 و34/ 1 و42
من القانون رقم 182 لسنة 1960 والبندين 1 و12 من الجدول رقم 1 المرفق به مع تطبيق
المادة 34/ أ من القانون المذكور بالنسبة للمتهمين الأول والثاني والمادتين 304/ 1
و381/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية مع المادة 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954
بالنسبة للمتهمين الثالث والرابع: أولاً - بمعاقبة كل من المتهمين الأول والثاني
(الطاعنين) بالأشغال الشاقة المؤبدة وغرامة 3000 جنيه ومصادرة المواد المخدرة
المضبوطة. وثانياً - ببراءة كل من المتهمين الثالث والرابع مما أسند إليهما
وبمصادرة السلاح والذخيرة المضبوطة. وقد ردت المحكمة في أسباب حكمها على الدفوع
التي أثارها الدفاع. قائلة بأنها في غير محلها. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق
النقض.... الخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعن الأول هو
الخطأ في القانون والقصور في البيان والقصور والفساد في التسبيب ذلك أن الدفاع عنه
دفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره إلى ضابطين من قوة السواحل لضبط المتهمين بدائرة
قسمي البستان والضواحي مع أن هاتين الجهتين تخرجان عن اختصاصها المحدد بالمنطقة
الجمركية كما دفع ببطلان القبض والتفتيش لإجرائه بدائرة قسم الضواحي مع أن الإذن
صدر من وكيل نيابة البستان بيد أن الحكم رفض الدفعيين بمقولة إنه لا يقبل إلا من
حائز السيارة التي وقع عليها التفتيش المدعى ببطلانه وبذلك فليس للطاعن صفة في
التحدث عنه مع أن من حقه أن يستغل حق حائز السيارة التي فتشت ما دامت له مصلحة
ثابتة في التمسك ببطلان تفتيشها. ثم إن الحكم خلص إلى أن الجريمة أصبحت - منذ قدم
السائق المخدرات لرجال القوة - في حالة تلبس تجيز الضبط والتفتيش مع أن الطاعن لم
يكن في السيارة في ذلك الوقت حتى يقال إنه كان في حالة تلبس تجيز القبض عليه أو
تفتيشه سواء في ذلك تفتيشه شخصياً أو تفتيش السيارة الموجود بها كما لم يتحدث
الحكم عن علم الطاعن وزميله بأن السيارة التي ضبطا بها، كان بها مخدر. ثم إن الحكم
دان الطاعن بجريمة إحراز المخدر وأوقع عليه العقوبة المقررة لها باعتبارها عقوبة
الجريمة الأشد في جريمة الاتفاق الجنائي المرتبطة بها دون أن يعنى بالتحدث عن ثبوت
الحيازة في حق الطاعن كواقعة مادية تستوجب التدليل عليها خاصة وأن مفاد ما أورده
الحكم عن واقعة الدعوى وما حصله من أقوال شهود الإثبات أن يد الطاعن لم تتصل بالمخدر
المضبوط وأن السيارة التي ضبط بها المخدر كانت في حيازة سائقها. كما استند الحكم
في إدانة الطاعن إلى أقوال شهود الإثبات دون أن يعنى بالرد على المطاعن الموجهة
إليها.
وحيث إن النيابة العامة
اتهمت الطاعنين وآخرين قضى ببراءتهما بأنهم اشتركوا في اتفاق جنائي الغرض منه
ارتكاب جناية نقل جواهر مخدرة بأن اتفقوا على نقلها من سيناء إلى صحراء أبى سلطان
وبأن الطاعنين حازا وأحرزا بقصد الاتجار حشيشاً وأفيوناً في غير الأحوال المصرح
بها قانوناً وحصل الحكم المطعون فيه واقعة الدعوى في أن الطاعنين عرضا على عبد
المنعم زكى عباس السائق بالقوات الجوية أن يعاونهما في نقل كمية من المخدرات من
الضفة الشرقية لقنال السويس إلى الضفة الغربية فتظاهر بالموافقة وأبلغ رئيسه
الرائد جلال الشناوي بذلك فأحاله إلى أركان حرب الشرطة الجوية النقيب سعيد أحمد
لطفي كفافى الذي كلفه بمسايرة الطاعنين وإبلاغه بما يجد من تطورات. ولما تم
الاتفاق على أجر النقل وتحدد مكان التسليم ووسيلة التعرف بكلمات السر أبلغ السائق
تلك المعلومات إلى النقيب سعيد لطفي كفافى الذي أخطر بها قائد المخابرات وقائد قسم
سواحل الإسماعيلية ونظموا جميعاً خطة سير السيارة.... وفى الموعد المحدد قاد
السائق سيارته إلى حيث العلامة المتفق عليها مكاناً لتسليم المخدرات فتوقف بسيارته
حيث أقبل عليه أعرابي تبادل معه كلمات السر ثم أنصرف وعاد إليه بعد بضع دقائق ومعه
أربعة آخرون حاملين أسلحتهم - ومن بينهم الأعرابي الذي حضر الاتفاق بينه وبين
الطاعنين - ويقودون جملاً يحمل كمية من المخدرات قاموا بنقلها إلى داخل السيارة
وأهداه أولهم لفافتين من الأفيون. ثم عاد السائق إلى حيث التقى برجال القوة في
مكمنهم وأطلعهم على ما حدث وسلم الضابط لفافتي الأفيون ثم توجهوا جميعاً إلى قسم
السواحل حيث نقلوا المخدرات وعينت عليها الحراسة الكافية إلا بعضها وضع جزء منها
داخل صندوق ذخيرة بالسيارة ووضع جزء آخر أسفل مقعد السائق ووضعت لفتان من الأفيون
بجواره ثم اتجه بالسيارة - وفى أثره رجال القوة بسيارة أخرى - إلى منزل الطاعن
الثاني المتفق عليه مكاناً للتسليم ونادي السائق عليه فخرج مسرعاً وقفز إلى داخل
السيارة وطلب منه التوجه إلى منزل الطاعن الأول الذي أسرع بدوره إلى داخل السيارة
وطلب منه الانطلاق في طريق الإسماعيلية - السويس الصحراوي وفى الطريق كشفاً له عن
مكان التسليم المحدد بعلامة معينة على يمين الطريق وعندئذ هدأ من سرعة سيارته -
وفقاً لما اتفق عليه مع رجال القوة من تهدئة سرعة السيارة فور علمه بالمكان المحدد
لتسليم المخدرات - فلحقوا به وقبضوا على الطاعنين ونقلوهما إلى السيارة الأخرى ثم
احتل بعضهم أماكن من سيارة نقل المخدرات واتجهوا بها إلى العلامة المحددة حيث أعطى
سائقها إشارة الضوء المتفق عليها فأقبل المتهم الثالث فقبضوا عليه ثم أقبل الرابع
ومعه آخر فألقى إليهما رجال القوة بصندوق المخدرات وما أن هما بحمله حتى هجمت
عليهما القوة فركنا إلى الفرار وأطلقت أعيرة نارية على أفراد القوة فردوا اتجاهها
بالمثل وأصيب الأخير بإصابات أودت بحياته واستند الحكم في إدانة الطاعنين إلى
أقوال الشهود وتقرير التحليل. وعرض الحكم المطعون فيه إلى الدفع ببطلان إذن
التفتيش واطرحه في قول"ومن حيث إن الدفاع عن المتهمين دفع ببطلان إذن التفتيش
أصدرته نيابة البستان لأن الضبط تم في دائرة قسم الضواحي ولأن الإذن أعطى الضابطين
أحمد زكى عبد الحليم وكامل البهنساوى الحق في ضبط وتفتيش المتهمين الأول والثاني -
الطاعنين - في البستان أو الضواحي وكلتا الجهتين تخرجان عن اختصاصهما المحدد
بالمنطقة الجمركية لأنهما من قوة السواحل ولأن الإذن تضمن تفتيش السيارة 2334/ 6
والضبط وقع على السيارة رقم 1093/ 6 وهذا الدفع مردود أولاً بأن الذي يتمسك بالدفع
هو من وقع عليه التفتيش المدعي ببطلانه والسيارة هي التي ضبط المخدر بها وليس
للمتهمين الأول والثاني صفة في التحدث عن حيازة هذه السيارة لأنها كانت في حيازة
السائق وقوة الشرطة وثانياً لأن الجريمة كانت في حالة تلبس منذ أن قدم الشاهد
السائق المخدرات للقوة عند الشط وهذه الحالة تجيز الضبط والتفتيش وثالثاً لأن
المتهمين الأول والثاني لم يفتشا وإنما ضبطا عند وجودهما في السيارة التي كانت
تحوى المخدرات" لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم فيما تقدم صحيحاً في القانون.
ذلك أن الدفع ببطلان التفتيش إنما شرع للمحافظة على حرمة المكان ومن ثم فإن التمسك
ببطلان تفتيشه لا يقبل من غير حائزه، فإن لم يثره فليس لغيره أن يبديه ولو كان
يستفيد منه لأن هذه الفائدة لا تلحقه إلا عن طريق التبعية وحدها، وطالما كان
الثابت مما حصله الحكم عن واقعة الدعوى أن المخدرات ضبطت في سيارة للقوات الجوية
كان يقودها سائقها بعلم رياسته وأن تفتيشاً لم يقع على شخص الطاعنين فيسفر عن ضبط
مخدر معهما، فإنه لا يقبل من الطاعن الدفع ببطلان تفتيش تلك السيارة أو بطلان
الإذن الصادر بتفتيشها لأنه لا صفة له في التحدث عن ذلك. لما كان ذلك، وكان من
المقرر في صحيح القانون أن التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها لا مرتكبيها، وأن قيام
حالة التلبس يبيح القبض على كل من ساهم في ارتكابها ويجيز تفتيشه وإذ كان الحكم
المطعون فيه قد أثبت أن السائق المبلغ ساير الطاعنين تظاهراً منه وبعلم رياسته
وبالاتفاق مع رجال القوة حتى تم تسليم المخدرات له فنقلها إلى رجال القوة وتم
ضبطها واستدل الحكم من ذلك على قيام حالة التلبس بالجريمة التي تجيز القبض على كل
من ساهم في ارتكابها، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً، على أنه لا جدوى
للطاعن من التحدث عن بطلان القبض عليه وتفتيشه لآن تفتيش شخصه لم يسفر عن ضبط شيء
من المخدرات التي دانه الحكم عن إحرازها. لما كان ذلك، وكان يبين من مدونات الحكم
أن الطاعنين اتفقا مع السائق المبلغ على نقل كمية من المخدرات في سيارته بطريقة
وفى موعد معين ومحددة تفاصيلهما، وأنه تسلم المخدرات على نحو يطابق خطتهما ونقلها
إلى منزل الطاعن الثاني على ما اتفق عليه فأسرع الأخير إلى داخل السيارة وطلب منه
التوجه إلى منزل الطاعن الأول الذي قفز بدوره إلى داخل السيارة وطلبا منه الانطلاق
إلى مكان محدد بعلامة معينة في الطريق الصحراوي إلى أن تمكن رجال الشرطة من القبض
عليهما وضبط المخدرات وهو ما يكفى للدلالة على توافر الركن المادي إحراز المخدر في
حق الطاعنين وإلى علمهما بكنه وبحقيقة المادة المضبوطة بما يتوافر به القصد
الجنائي العام في هذه الجريمة، ذلك أنه لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة
مخدرة أن يكون محرزاً مادياً للمادة المضبوطة، بل يكفى لاعتباره كذلك أن يكون
سلطانه مبسوطا عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً
غيره، ولا يلزم في القانون أن يتحدث الحكم استقلالا عن هذا الركن بل يكفى أن يكون
فيما أورده من وقائع وظروف - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ما يكفى للدلالة
على قيامه. لما كان ذلك، وكان الثابت مما أورده الحكم المطعون فيه أنه استند في
إدانة الطاعن إلى أدلة صحيحة وسائغة استمدها من أقوال شهود الإثبات التي حصل
مؤداها تفصيلاً ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى القصور في التدليل
يكون في غير محله - لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للمطاعن التي وجهها الطاعنان
ورد عليها بقوله "وحيث إن المتهمين الأول والثاني طعناً بلسان محاميهما في
صحة أقوال الشهود طعونا غير مجدية فقالا إنهما أخذا من منزليهما بالقوة واستشهدا
بأحد الأهالي واسمه محمد محمد علي خطاب فشهد هذا أمام النيابة في 31/ 10/ 1960
بأنه في ليلة 4/ 10/ 1960 كان يسير في الطريق الساعة 2 صباحاً ووجد عربة جيش واقفة
أمام منزل المتهم الثاني وأن شخصاًً ينادى عليه باسمه "كمال" وأنه عند
عودته وجد شخصاًًً نازلاًً من العربة يرتدى جلباباًًًً أبيضاًًًً وشخصاًً آخر
ممسكاًًً في يده بشيء مثل المسدس يلمع ووضعه في ظهره وأنه كان بينه وبين السيارة
حوالي 40 متراً والمحكمة لا تأخذ بهذا الدفاع لأن هذا الشاهد لو كان صادقاًًً لما
تأخر في الشهادة حوالي شهر ولأن بعد المسافة بينه وبين السيارة كاعترافه لا يسمح
له بالتحقق من الرؤيا والمحكمة تأخذ بأقوال شهود الإثبات وتطمئن إليها كل
الاطمئنان وأما القول بأن الشاهد الأول لم يأخذ شيئاً من أجره مقدماًًً فمردود بأن
هذا غير متحتم من جهة وبأنه كان ينوي التبليغ عن الحادث من جهة أخرى ومن ثم لم يكن
مهتماً بقبض أجره" ولما كانت محكمة الموضوع قد أخذت بشهادة شهود الإثبات فإن
ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها
ولا يجوز الجدل في ذلك أمام محكمة النقض. ومع ذلك فقد رد الحكم على هذه المطاعن
بما يسبغ اطراحه لها، ومن ثم فإن الطعن لا يكون قائماً على أساس سليم ويتعين لذلك
رفضه.
وحيث إن مبنى الطعن
المقدم من الطاعن الثاني هو الفساد والقصور والتناقض في التسبيب والخطأ في القانون
ذلك أن الحكم المطعون فيه جاء في صيغة مبهمة وقام على أسباب مرسلة لا تنهض دليلاً
على ما قضى به فضلاًً عن قصوره في إيراد بعض الوقائع بما لا يتصل بموضوع الدعوى
كواقعة ذهاب السائق الشاهد الأول إلى العريش وعودته منها ثم إنه استند إلى أقوال
شهود الإثبات في إدانة الطاعن ولم يأخذ بشهادتهم بالنسبة للمتهمين الثالث والرابع
اللذين قضى ببراءتهما. ولم يعن الحكم بالتدليل على واقعة حيازة الطاعن للمواد
المخدرة ولم يورد سند ما خلص إليه من اعتبار الطاعن محرزاًًً لها كما لم يعن
أيضاًًًً بالرد على ما أثاره الطاعن في دفاعه من أنه لا يمكن نسبة حيازة المخدر
إليه لانعدام الرقابة على الشاهد الأول ولعدم القبض على الأعرابي الذي قدم
المخدرات إليه للتحقق من مصدرها وصاحبها ولنقل المخدرات إلى قسم الساحل والعبث بها
دون تحرير محضر بما تم فيها ولأن ما حدث من وقائع يخالف ما ادعاه الشاهد الأول من
اتفاق مع الطاعنين ثم إن الطاعن دفع ببطلان القبض عليه وبطلان التفتيش الذي قام به
رجال السواحل خارج دائرة اختصاصهم وبطلان الإذن لصدوره من غير مختص وما أورده
الحكم عن هذا الدفع لا يصلح رداً عليه فضلاً عن قصوره عن الرد على بطلان القبض
وتجاوز رجال السواحل دائرة اختصاصهم.
وحيث عن الحكم المطعون
فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين
الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مردودة إلى أصلها تؤدى إلى ما رتبه
عليها. لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم أن يورد تفصيلات لا تتصل بجوهر الواقعة ما
دام الطاعن لا ينازع في صحة ما أورده الحكم بشأنها وأن لها مأخذها الصحيح من أوراق
الدعوى، ومن ثم فإن ما عرض له الحكم من توجه السائق إلى العريش وعودته منها لا
يعدو أن يكون تزيداً لا تأثير له على سلامته. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن
تزن أقوال الشهود فتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق أحد المتهمين وتطرح ما لا تطمئن
إليه منها في حق متهم آخر، دون أن يعد هذا تناقضاً يعيب حكمها، ما دام يصح في
العقل أن يكون الشاهد صادقاً في ناحية من أقواله وغير صادق في شطر آخر منها، وما
دام تقرير الدليل موكول إلى اقتناعها وحدها، ومن ثم فلا يحق للطاعن المجادلة في
هذا الأمر أمام محكمة النقض لتعلقه بواقعة الدعوى، أما ما ينعاه الطاعن على الحكم
المطعون فيه من اطراحه ما أثاره من مطاعن حول أقوال الشاهد الأول وانعدام الرقابة
عليه وعدم القبض على الأعرابي الذي سلمه المخدرات والعبث بها بقسم السواحل دون
تحريزها، فلا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً مما لا تلتزم محكمة الموضوع بالرد عليه
صراحة في حكمها، ما دام أن الرد على ذلك مستفاد ضمناً من الحكم بالإدانة استناداً
إلى أدلة الإثبات التي أوردها. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من قصور الحكم
في التدليل على حيازة الطاعن للمخدرات ومن اعتباره محرزاً لها وقصوره في الرد على
الدفع ببطلان القبض والتفتيش وبطلان الإذن، قد سبق أن تناولته هذه المحكمة في ردها
على أوجه الطعن المقدمة من الطاعن الأول، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم لا
يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون
الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق