جلسة 16 من مارس سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور
السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، ومحمد
شبل عبد المقصود.
---------------------
(83)
الطعن
رقم 26 لسنة 32 ق "أحوال شخصية"
(أ) وقف "إشهاد الوقف". "تكييفه". "محل
الإشهاد". "شرطه". وصية. محكمة الموضوع.
إشهاد. صيغته. تكييفه.
احتمال معنى الوقف. المنع منه. عرف الواقفين وعمل المحاكم الشرعية. كون الأراضي
محل الإشهاد خراجية. عدم جواز وقفها إلا بإذن من ولي الأمر.
(ب ، ج) حكم. "حجية
الحكم". قوة الأمر المقضي. إثبات. "قوة الأمر المقضي".
ب - إشهاد. الحكم بأنه
إشهاد بوقف. لا يعتبر من الأحكام المقررة للحالة القانونية. عدم سريانه على الكافة.
ج - حجية الفصل في
المسألة الكلية الشاملة. وحدة الموضوع. لا تمنع من نظر الدعوى الثانية عند اختلاف
الخصوم.
-----------------
1 - وإن كانت صيغة الإشهاد المتنازع على تكييفه تحتمل معنى الوقف
في اصطلاح الفقهاء وإطلاق عباراتهم لما انطوت عليه من مظاهر التأييد والتصدق
بالنفقة وصرفها مآلاً إلى جهة بر لا تنقطع هي "قربة الصدقة" وهي من
علامات الوقف وضوابطه، إلا أنه يمنع من هذا الاحتمال كون عرف الواقفين وعمل
المحاكم الشرعية لم يجر على ضبط إشهادات الوقف على هذه الصورة وكون الأطيان محل
الإشهاد من الأراضي "الخراجية السواد" التي لم يكن يجوز وقفها إلا بإذن
من ولي الأمر وإنما تجوز الوصية بها والتنازل عن منفعتها للغير بالشروط والقيود
المقررة في اللوائح التي كان معمولاً بها قبل صدور القانون المدني الملغي.
2 - الحكم بتكييف الإشهاد على أنه وقف لا يعتبر من قبيل الأحكام
التي تقرر الحالة القانونية أو تنقيها والتي منها ما يسري على الكافة.
3 - حجية الفصل في المسألة الكلية الشاملة ووحدة الموضوع لا تمنع -
وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - من نظر الدعوى الثانية متى كان الخصمان في
الدعوى الأولى قد تغير أحدهما أو كلاهما (1) .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الدكتور محمد مدحت
نامق وآخرين أقاموا الدعوى رقم 654 سنة 1954 القاهرة الابتدائية الشرعية ضد
السيدة/ سميرة إسحاق نامق وآخرين يطلبون الحكم باعتبار الإشهاد المؤرخ 13 ربيع آخر
سنة 1296 هجرية وقفاً لا وصية واستحقاقهم لحصة مقدارها أربعة قراريط تعادل 11 ف
و22 ط و8 س من الأطيان الموقوفة بموجب هذا الإشهاد ومنع تعرض المدعى عليهم لهم
فيها مع إلزامهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقالوا شرحاً لها إنه بموجب
هذا الإشهاد وقف المرحوم حسين نامق 857 ف و14 ط أطياناً زراعية موضحة الحدود
والمعالم فيه وأنه أوصى بهذه الأطيان للمذكورين فيه ومنهم عتقاؤه يستوفي كل منهم
منفعة ما أعطي له بالاستغلال أبداً مؤبداً مضافاً إلى ما بعد الموت صدقة منه
وإحساناً وشرط أن من مات من العتقاء عقيماً تعود منفعة ما هو موصى له به إلى
ورثته، وقد توفى الواقف مصراً على وصيته وتوفى عتقاؤه عقماء وبوفاتهم عاد نصيبهم
إلى ورثة الموصى وهن بناته الثلاث زينب ونبيهه وخديجة بحق الثلثين وإخوته زكريا
وإسحق وإبراهيم نامق ومحمد فريد عثمان نامق بحق الثلث، وأن عبارة الإشهاد تدل على
أنه قصد الوقف لا الوصية وصدرت أحكام شرعية بأنها وقف لا وصية وجرى صرف غلتها
باعتبارها كذلك. وردت السيدة سميرة إسحاق نامق بأن الإشهاد المتنازع على تكييفه
انطوى على وصية من المرحوم حسين نامق إلى زوجته وأولاده وبعض عتقائه بمنفعة
الأطيان على أن تعود هذه المنفعة إلى ورثته إذا مات الموصى لهم عقماء، ويؤكد ذلك
أنه بعد وفاة زوجته المرحومة شوفكي هانم أقام ورثتها دعوى أمام محكمة بني سويف
الابتدائية ضد ورثة الموصى يطالبون بملكية الأطيان التي كانت تنتفع بها وحكم برفضها
وتأييد هذا الحكم استئنافياً وطعن ورثتها فيه بطريق النقض - الطعن رقم 81 سنة 3
قضائية - وقضت محكمة النقض بأن الحجة الشرعية المؤرخة 13 ربيع آخر سنة 1296 هجرية
لم تكن إلا وصية بالمنفعة وأن حق الرقبة ملك الموصي وآل إلى ورثته من بعده، وأضافت
السيدة/ سميرة أن المرحوم حسين نامق كان يعرف الفرق بين الوقف والوصية حيث صدر عنه
وقفان آخران والأطيان التي شملها الإشهاد ما كان من الجائز وقفها لأنها أرض خراجية
لم تكن مملوكة له ملكاً تاماً وإنما كان له حق الانتفاع بها، وطبقاً للتشريع
القائم في ذاك الوقت لم يكن يجوز وقفها ولا التصرف فيها وإنما تجوز الوصية
بمنفعتها، وانتهت من دفاعها بأن دفعت بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بالحكم
الصادر من محكمة النقض باعتبار الإشهاد وصية لا وقفاً وطلبت في الموضوع رفض
الدعوى، ولمناسبة إلغاء المحاكم الشرعية أحيلت الدعوى إلى محكمة القاهرة الابتدائية
وقيدت بجدولها تحت رقم 471 سنة 1956 أحوال شخصية. وبتاريخ 27/ 6/ 1960 حكمت
المحكمة حضورياً بالنسبة للمدعى عليها الأولى سميرة إسحاق نامق والمدعى عليها
الثانية سعدية إسحاق نامق وغيابياً بالنسبة لباقي المدعى عليهم (أولاً) برفض ما
دفعت به المدعى عليها الأولى سميرة إسحاق نامق من عدم جواز نظر الدعوى بالقسم
الأول من طلبات المدعين الخاص بأن التصرف الصادر من المرحوم حسين نامق بمقتضى
الإشهاد المؤرخ 13 ربيع آخر سنة 1296 هجرية هو بوقف الأعيان المحددة به وبجواز
نظرها (ثانياً) برفض القسم الأول من طلبات المدعين السالف تحديده (ثالثاً) بعدم
اختصاص دائرة الأحوال الشخصية والوقف بنظر دعوى المدعين باستحقاقهم القدر الذي
حددوه من الأعيان الواردة بالإشهاد السالف ذكره وألزمت المدعين على السوية بينهم
مصروفات الدعوى وعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة يؤدونها للمدعى عليها الأولى سميرة
إسحاق نامق. واستأنف الدكتور محمد مدحت نامق ومن معه هذا الحكم لدى محكمة استئناف
القاهرة طالبين إلغاءه والحكم لهم بطلباتهم وقيد هذا الاستئناف برقم 159 سنة 77 ق
وأثناء نظره تنازل المستأنفون عن مخاصمة المستأنف عليهم عدا الأولى والخامسة
والعاشرة. وبتاريخ 31/ 5/ 1962 حكمت المحكمة حضورياً للمستأنف عليها الأولى
وغيابياً للباقين (أولاً) بقبول الاستئناف شكلاً (ثانياً) وفي الموضوع بإثبات
تنازل المستأنفين عن مخاصمة المستأنف عليهم عدا الأولى والخامسة والعاشرة (ثالثاً)
إلغاء الحكم المستأنف فيما جاء بالبند الثاني منه واعتبار الإشهاد المؤرخ 13 ربيع
آخر سنة 1296 هجرية والصادر من المرحوم حسين نامق وصية بمنفعة (رابعاً) إلغاء
الحكم المستأنف فيما جاء بالبند الثالث منه والقضاء للمستأنفين باستحقاقهم إلى 12
ف و2 ط و13 س شائعة في الأعيان المبينة بهذا الإشهاد (خامساً) إلزام المستأنفين
بنصف المصاريف عن الدرجتين والمستأنف عليها الأولى بالنصف الباقي من المصاريف مع
المقاصة في أتعاب المحاماة (سادساً) بعدم اختصاص هذه الدائرة بنظر باقي الطلبات
وطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين في التقرير وعرض الطعن
على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصر الطاعنون على طلب نقض
الحكم ولم تحضر المطعون عليهن ولم تبدن دفاعاً وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت
فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول
أن الحكم المطعون فيه اعتبر الإشهاد وصية لا وقفاً مستنداً في ذلك إلى أن عبارته
وردت بلفظ الإيصاء وأنه مضاف إلى ما بعد الموت وأن كلاً من الموصى لهم ينتفع بما
أوصى له به مدة حياته ومن بعده ينتقل حق الانتفاع إلى أولاده ومن مات منهم ولم يكن
له ولد عاد نصيبه إلى ورثة الموصي ولم ينص المشهد على أيلولة ما أوصى به إلى جهة
بر لا تنقطع وهذه العبارات تدل على أن المقصود بالإشهاد هو الوصية وهي ليست مؤبدة
بل مؤقتة بحياة الموصى لهم وعقبهم الشرعيين. وقد احتفظ الموصى لنفسه ولورثته من
بعده بحق رقبة الأطيان موضوع الإشهاد وأن عبارة قربة الصدقة الواردة فيه لا يعتد
بها لأنه متى انتقل حق الرقبة وحق الانتفاع إلى الوارث أصبح هو المالك ملكية تامة
لما آل إليه وتكون قربة الصدقة قد خرجت من يد الموصي، وهذا من الحكم مسخ لعبارة
الإشهاد ومعناه وما نص عليه فيه من أن المرحوم حسين نامق أشهد على نفسه أنه
"أوصى بجميع 857 فداناً وثلث وربع من فدان أطياناً سواداً خراجياً بأراضي
النواحي الآتي ذكرها فيه إلى كل من الأشخاص الآتي ذكرهم فيه" وبعد أن ذكر
حدود ومواقع كل قطعة وما يخص كلاً ممن ذكروا بالإشهاد على الوجه المبين به قال
"تكون الأطيان الموضحة بالنواحي أعلاه بحدود ذلك وحقوقه الشرعية وصية شرعية
مخرجة من ثلث ماله حسب اعترافه بذلك". "يستوفي كل واحد منهم منفعة قدر
ما أعطي إليه مما بين أعلاه بالاستغلال أبداً مؤبداً مضافاً ذلك إلى ما بعد الموت
صدقة منه وإحساناً لهؤلاء الأشخاص الموضحة أسماؤهم أعلاه كل منهم القدر المبين له
فيه هذا وقد ذكر حضرة المشهد الموصى إليه بأن يستوفي كل واحد منهم وعقبهم الشرعيين
منفعة ما أعطي إليه من الأطيان المذكورة بالاستغلال في المستقبل أبداً مؤبداً ومن
لا عقب له فيعود الموصى به لورثة حضرة المشهد ثم قربة الصدقة وذلك أن حدث به
حادث" وظاهر من نصوص هذا الإشهاد أن انتفاع الموصى لهم بالمنفعة على التأبيد
وعودتها عند موت الموصى لهم بدون عقب إلى ورثة المشهد وأن استحقاق المنفعة يؤول في
النهاية إلى جهة بر لا تنقطع هي قربة الصدقة وهذا هو عين الوقف، والتصرف بالوقف قد
يتم بطريق الوصية أو عن طريق الإشهاد الصريح به والفرق بينهما أن الوقف الذي يخرج
مخرج الوصية يكون غير لازم ويجوز للموصي العدول عنه حال حياته بحيث إذا مات مصراً
على وصيته أصبحت وقفاً لازماً.
وحيث إن هذا النعي في غير
محله ذلك أنه بالرجوع إلى الإشهاد الصادر بتاريخ 13 من ربيع آخر سنة 1296 هجرية
يبين أن المرحوم حسين نامق أشهد على نفسه بأنه "أوصى بجميع 857 ثمانمائة
وسبعة وخمسون فداناً وثلث وربع من فدان أطياناً سواداً خراجياً أثره بأراضي
النواحي الآتي ذكرهم فيه إلى كل من الأشخاص الآتي ذكرهم فيه حسب البيان الآتي
الجارية في أثره وتصرفه الشرعي بمفرده خاصة إلى تاريخه" "بحدود ذلك وحقوقه
الشرعية وصية شرعية مخرجة من ثلث ماله حسب اعترافه بذلك وشهادة كل من عبد الرحمن
بن علي عبد الرحمن والحاج عبد الله مصطفى الديري كلاهما من بني سويف يستوفي كل
واحد منهم منفعة قدر ما أعطي إليه مما بين أعلاه بالاستغلال أبداً مؤبداً مضاف ذلك
إلى ما بعد الموت صدقة منه وإحساناً لهؤلاء الأشخاص الموضحة أسماءهم أعلاه كل منهم
القدر المبين له فيه - هذا وقد ذكر حضرة المشهد الموصى إليه بأن يستوفي كل واحد
منهم وعقبهم الشرعيين منفعة ما أعطي إليه من الأطيان المذكورة بالاستغلال في
المستقبل أبداً مؤبداً ومن لا عقب له فيعود الموصى به لورثة حضرة المشهد قربة
الصدقة وذلك إن حدث به حادث وقد أعرض عن ذلك للمديرية في 24 ص سنة 1296 بنمرة 284
سايرة وورد شرح من المديرية للمحكمة رقم نمرة جـ1 سنة 96/ 97 مالية بإجراء التسجيل
المقتضى" وصيغة هذا الإشهاد وإن احتملت معنى الوقف في اصطلاح الفقهاء وإطلاق
عباراتهم لما انطوت عليه من مظاهر التأييد والتصدق بالمنفعة وصرفها مآلاً إلى جهة
بر لا تنقطع "قربة الصدقة" وهي من علامات الوقف وضوابطه ومقوماته إلا
أنه يمنع من هذا الاحتمال كون عرف الواقفين وعمل المحاكم الشرعية لم يجر على ضبط
إشهادات الوقف على هذه الصورة وكون الأطيان محل الإشهاد من الأراضي "الخراجية
السواد" التي جرى توزيعها على الأهالي سنة 1813 ولم يكن لهم فيها إلا
"المنفعة" واستمر الحال على ذلك إلى أن جاءت لائحة 23 ذي الحجة سنة 1263
هجرية فأجازت لذي اليد عليها حق جعلها في ورثته والتنازل عنها بموجب حجة أو أمام
شهود، وقضت لائحة 8 جمادى الأولى سنة 1271 هجرية "بوجوب إرجاء كل تنازل عن يد
المديرية بموجب حجة شرعية" ثم جاءت لائحة السعيدية الصادرة في 24 ذي الحجة
سنة 1274 هجرية فمنحت حائزيها بعض الحقوق ومنها أنه "إذا مات شخص من أربابها
فلبيت المال أن يوجهها إلى من يشاء ولكن متى كان للميت ورثة شرعيون فمراعاة
لتعيشهم وعدم حرمانهم من انتفاعهم يكونون أحق وأولى من الغير" وأنه
"يجوز رهن هذه الأطيان بالفاروقة من صاحب الأثر إلى من يريد بشرط أن يكون ذلك
باطلاع المديرية" وأنه "يجوز لصاحب الأثر أن يؤجر لمن يريد بمعرفته إنما
يكون عقد إيجار عن سنة واحدة إلى ثلاث سنين فقط ويجوز تجديدها ولأجل ضبط واعتماد
شروط الإيجارات يتعين أن لا يصير عقد الإيجار أو المشاركة إلا بموجب سند ديواني
يحرر بواسطة المديرية" وأنه "يجوز للمزارعين في الأطيان الخراجية أن
يسقطوا حقوقهم ويفرغونها لغيرهم بموجب حجة شرعية من محكمة الجهة أو النواب
المأذونين بسماع الدعوى الشرعية وكتابة الحجج ويكون ذلك بعد استئذان من المديرية
وصدور الإذن بتحرير الحجة" وبموجب الأمر الصادر في 22 من شعبان سنة 1285
هجرية أذن بالوصية فيها واستبقى لولي الأمر حق التصديق على وقفها لأن وقفها كان
يتعلق بالإرادة الخديوية، وفي 30 من أغسطس سنة 1871 صدرت لائحة المقابلة وقررت أن
من يريد دفع المقابلة - وهي خراج ست سنوات مقدماً - على أطيانه يخفض المال المربوط
عليها إلى النصف وأضافت إلى هذه الميزة ميزات أخرى هي أن أصحاب الأراضي الخراجية
الذين يدفعون المقابلة يجوز لهم التصرف فيها بالهبة والإسقاط والوصية والإرث وحق
أخذ بدل أو ثمن ما يؤخذ منها للمنافع العامة وأوجبت الحصول على أمر عال لوقفها،
وفي سنة 1876 صدر القانون المدني المختلط متضمناً هذه الأحكام وذلك فيما نص عليه
من أن الأموال الخراجية هي التي في ملك الميري وأسقط حق منفعتها للناس بالشروط
والأحوال المقررة في اللوائح (مادة 21) وأنه يجوز أن يكون حق الانتفاع مؤبداً متى
قررته الحكومة على الأراضي الخراجية طبقاً للوائح (مادة 35) وفي هذه الحالة يجوز
إسقاطه كله أو بعضه أو رهنه (مادة 36) وفي 28/ 10/ 1883 صدر القانون المدني الأهلي
ونص في المادة 6 منه على أنه "تسمى ملكاً العقارات التي يكون للناس فيها حق
الملك التام وتعتبر في حكم الملك للأطيان الخراجية التي دفعت عنها المقابلة
اتباعاً للمنصوص باللائحة المقابلة وبالأمر العالي الصادر بتاريخ 6/ 1/ 1880"
وفي 15/ 4/ 1891 صدر أمر عال نص في البند الأول منه على أنه "اعتباراً من هذا
التاريخ يكون لأرباب الأطيان الخراجية التي لم تدفع عنها المقابلة حقوق الملكية
التامة في أطيانهم أسوة بأرباب الأطيان التي دفعت عنها المقابلة بتمامها أو جزء
منها" وفي 3 سبتمبر سنة 1896 صدر أمر آخر بمقتضاه عدلت المادة السادسة من
القانون المدني الأهلي بالكيفية الآتية "يسمى ملكاً العقارات التي يكون للناس
فيها حق الملك التام بما ذلك الأطيان الخراجية" ومن هذا يبين أنه وقت تحرير
الإشهاد في سنة 1296 هجرية لم يكن يجوز للمرحوم حسين نامق وقف الأطيان محل الإشهاد
إلا بإذن من ولي الأمر وليس في الأوراق ما يدل على وجود هذا الإذن وإنما كان يجوز
له الوصية بها والتنازل عن منفعتها للغير بالشروط والقيود المقررة في اللوائح
ومنها "أن يكون التنازل عن المنفعة بمقتضى إذن من المديرية" - هو الإذن
الوارد بذيل الإشهاد - مما لا يتأتى معه القول بأن الإشهاد محل النزاع هو إشهاد
بوقف.
وحيث إن حاصل السبب
الثاني أنه بتاريخ 12/ 2/ 1919 صدر حكم من محكمة بني سويف الابتدائية الشرعية في
القضية رقم 35 سنة 917/ 918 قضى بأن الإشهاد وقف لا وصية وأصبح هذا الحكم نهائياً
بعدم الطعن فيه كما صدرت منها أحكام أخرى لاحقة بنفس المعنى وقد تمسك الطاعنون في
دفاعهم بحجية هذه الأحكام ودفعوا بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها ولم يعول
الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع استناداً إلى أن أحداً من خصوم الدعوى الحالية
لم يكن ماثلاً أو مشتركاً في الدعوى رقم 35 سنة 917/ 918 بني سويف الشرعية
والدعاوى اللاحقة وأن الأحكام الصادرة فيها لا تكون حجة على غير خصومها ولا تسري
على الكافة، وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون من وجوه (أولها) أنه وإن كان الأصل
في الأحكام أن حجيتها قاصرة على أطرافها إلا أن منها ما يسري على الكافة كالأحكام
التي تقرر حالة قانونية والأحكام التي تتناول مسألة كلية شاملة، والحكم الصادر من
محكمة بني سويف الشرعية في القضية رقم 35 سنة 917/ 918 باعتبار أن الإشهاد وقف لا
وصية هو حكم صادر في مسألة كلية شاملة لأنه يقرر وضعاً قانونياً لأعيان الوقف
ويبين التكييف الصحيح للإشهاد وهي مسألة كلية شاملة تتعلق بتفسير حجة الوقف وبيان
وضعها الشرعي (وثانيها) أن طرف الخصومة هو من يكون خصماً فيها مدعياً أو مدعى عليه
بنفسه أو بوكيله أو وليه أو وصيه أو نائبه والأصل في النيابة عند الفقهاء أن
الحاضر ينتصب خصماً عن الغائب إذا كان ما يدعى على الغائب سبباً لما يدعى على
الحاضر وأن الشركاء في الخلافة عن الميت ينتصب أحدهم خصماً عن الباقين وأن أحد
العامة ينوب عن باقيهم فيما يعتبر حقاً عاماً ومنه الوقف ورتبوا على ذلك أن القضاء
فيها يكون قضاء على الكافة (وثالثها ورابعها) أن الوقف يلزم إذا حكم بلزومه حاكم والحكم
الصادر من محكمة بني سويف الشرعية هو بمثابة إشهاد صادر من المحكمة الشرعية يثبت
صفة الوقف للحجة التي ورد بيانها فيه بل هو أقوى من الإشهاد الذي لا يعدو أن يكون
مجرد عمل ولائي (وخامسها) أن الإشهاد اعتبر وقفاً من تاريخ صدوره وتحددت المراكز
القانونية واستقرت المعاملات بشأنه وآلت الملكية فيه بمقتضى قانون إلغاء الوقف على
هذا الاعتبار، وفي القول بأن الإشهاد وصية إخلال بهذه المراكز القانونية المستقرة
ومخالفة لقواعد مضي المدة (وسادسها) أن الطاعنين طلبوا الحكم باعتبار الإشهاد
وقفاً لا وصية وإذ لم تقتنع المحكمة بهذا الطلب كان يتعين عليها أن تحكم برفض
الدعوى وتقف عند هذا الحد لا أن تحكم باعتبار الإشهاد وصية وهو ما لم يطلب منها.
وحيث إن هذا النعي مردود
(أولاً) بما أورده الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص بقوله "ما يزعمه
المستأنفون من أن الحكم الصادر في 12 فبراير سنة 1919 في القضية 35 لسنة 17/ 918
بني سويف قضى باعتبار هذا الإشهاد وقفاً فمردود بأن أحداً من الخصوم في الدعوى
الحالية أو مورثهم كان ماثلاً في تلك الدعوى أو مشتركاً فيها ومن ثم لا يعتبر هذا
الحكم حجة على غير الخصوم في الدعوى وكذلك بالنسبة للأحكام الأخرى التي يقول عنها
المستأنفون ولا يمكن القول بأن هذه الأحكام تسري على جميع الناس لا على الخصوم
لأنها ليست مقررة لحالات قانونية" وهذا الذي أقيم عليه الحكم لا مخالفة فيه
للقانون ذلك أن الحكم في التكييف القانوني الصادر به الإشهاد لا يعتبر من قبيل
الأحكام التي تقرر الحالة القانونية أو تنفيها والتي منها ما يسري على الكافة،
وحجية الفصل في المسألة الكلية الشاملة ووحدة الموضوع لا تمنع - وعلى ما جرى به
قضاء هذه المحكمة - من نظر الدعوى الثانية متى كان الخصمان في الدعوى الأولى قد
تغير أحدهما أو كلاهما، ومردود (ثانياً) بأن النزاع في الدعوى يدور حول ما إذا كان
الإشهاد يتضمن وقفاً أم وصية وقد سبق القول بأنه وصية، ومردود (ثالثاً) بأن
استقرار المعاملات ومضي المدة أمر خارج عن نطاق الخصومة والتكييف القانوني للتصرف
الصادر به الإشهاد وقد عرض الحكم المطعون فيه لهذا التكييف المتنازع عليه بين
أطراف الخصومة وقضى باعتباره وصية.
(1) نقض 11/ 3/ 1964 الطعن رقم 4 لسنة 31 ق أحوال
شخصية السنة 15 ص 335.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق