الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 19 يوليو 2020

الطعن 2387 لسنة 18 ق جلسة 2 / 3 / 1949 مج عمر ج 7 ق 833 ص 787

جلسة 2 من مارس سنة 1949
برياسة سعادة سيد مصطفى باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات: أحمد علي علوبة بك وأحمد فهمي إبراهيم بك وأحمد حسني بك وفهيم عوض بك المستشارين.
--------------------
(833)
القضية رقم 2387 سنة 18 القضائية
أ - زنا.
وجود المتهم بالزنا في المحل المخصص للحريم. دليل مقبول لإثبات الزنا. القول بتطور العادات في هذا الصدد. هو مناقشة في تقدير الدليل لا يجوز التحدي به لدى محكمة النقض.
ب - زنا.
رفع دعوى الزنا صحيحة على الزوجة وعلى الشريك. غياب الزوجة في أثناء المحاكمة لا يترتب عليه تأخير محاكمة الشريك. إدانة الشريك نهائياً جائزة ولو كان الحكم على الزوجة غيابياً.
جـ - زنا.
إبلاغ الزوج عن الزنا مع قيام الزوجية. التطليق بعد ذلك لا يسقط الدعوى ولا يحول دون الحكم على الزوجة.
د - دفاع.
متهم بجنحة. تأجيل الجلسة لحضور محاميه. اعتذار المحامي في الجلسة التالية من عدم الحضور. رفض التأجيل لحضوره. ترافع المتهم عن نفسه. لا إخلال بحق الدفاع.
----------------
1 - القانون صريح في عد وجود المتهم بالزنا في المحل المخصص للحريم من الأدلة التي تقبل في الإثبات عليه، فإذا كانت المحكمة قد استخلصت من وجود المتهم لدى الزوجة بمنزلها وانفراده بها في مخدعها، ومن سائر الأدلة الأخرى المقدمة في الدعوى أنه لا بد زنى بها في المنزل، فإن القول من جانب المتهم بتطور العادات في هذا الصدد لا يكون في الواقع إلا مناقشة في تقدير الأدلة التي اقتنعت بها المحكمة في ثبوت الزنا، فلا يجوز التحدي به لدى محكمة النقض.
2 - متى كانت دعوى الزنا قد رفعت صحيحة على الزوجة وعلى شريكها المتهم طبقاً للأوضاع التي يتطلبها القانون في جريمة الزنا فإن غياب الزوجة أثناء المحاكمة لا يصح أن يترتب عليه تأخير محاكمة المتهم معها. وإذن فإدانة الشريك نهائياً جائزة ولو كان الحكم على الزوجة غيابياً. والقول بأن من حق الشريك الاستفادة من براءة الزوجة أو من تنازل الزوج عن المحاكمة لا يصح إلا عند قيام سبب الاستفادة بالفعل، أما مجرد التقدير والاحتمال فلا يصح أن يحسب له حساب في هذا المقام.
3 - متى كان الزوج قد أبلغ عن الزنا والزوجية قائمة فتطليقه زوجته بعد ذلك لا يسقط الدعوى ولا يحول دون الحكم على الزوجة.
4 - إذا كان الثابت أن المحكمة الاستئنافية أجلت الدعوى حتى يحضر محامي المتهم، وفي الجلسة التالية لم يحضر المحامي ورفضت المحكمة التأجيل فدافع المتهم عن نفسه ولم يتمسك بأنه في حاجة إلى الاستعانة بمحام آخر، فإنه لا يقبل منه أن ينعى على المحكمة أنها رفضت التأجيل في المرة الثانية مع اعتذار محاميه من عدم الحضور باشتغاله بالمرافعة أمام محكمة الجنايات في جهة أخرى، وخصوصاً أن القانون لا يوجب حضور محام عن المتهم في مواد الجنح.

المحكمة
وحيث إن الوجهين الأول والثاني من أوجه الطعن المقدمة من الطاعن الأول يتحصلان في القول بأن الحكم حين دان الطاعن اعتمد على أدلة ليست من الأدلة التي أجاز القانون قبولها في الإثبات ضد الشريك في جريمة الزنا. وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن حالة التلبس غير متوفرة ولا توجد مكاتبات صادرة منه، أما عن وجوده في المحل المخصص للحريم في بيت المجني عليه فإن التغيير الذي طرأ على العادات في مصر يسمح للطاعن بالوجود في غرفة نوم المجني عليها دون أن يكون في ذلك حرج نظراً للصداقة التي بينه وبين زوجها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حين دان الطاعن بالزنا قال فيما قاله بثبوت دخوله لدى الزوجة بمنزلها بمغاغة وانفراده بها في مخدعها. وقد استخلصت المحكمة من ذلك ومن سائر الأدلة المقدمة في الدعوى أنه لا بد زنى بها في المنزل، ومتى كان الأمر كذلك، وكان القانون صريحاً في عد وجود الشريك بالزنا في المحل المخصص للحريم من الأدلة التي تقبل في الإثبات عليه، وكان ما يقول به الطاعن بصدد تطور العادات لا يمكن أن يترتب عليه عدم إعمال نص القانون بل هو لا يعدو في الحقيقة وواقع الأمر أن يكون مناقشة في تقدير الأدلة التي اقتنعت بها المحكمة في ثبوت الزنا، وهذا لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ما دامت محكمة الموضوع قد انتهت إلى أن وجوده بالمنزل إنما كان للزنا.
وحيث إن حاصل الوجه الباقي هو أن المحامي عن الطاعن اعتذر عن عدم الحضور أمام المحكمة الاستئنافية باشتغاله بالمرافعة أمام محكمة الجنايات في جهة أخرى إلا أن المحكمة رفضت التأجيل وقضت في الدعوى, وهذا يعيب الحكم.
وحيث إن الثابت بمحاضر الجلسات أن المحكمة الاستئنافية أجلت الدعوى حتى يحضر محامي الطاعن، وفي الجلسة التالية لم يحضر فرفضت التأجيل، وقد دافع الطاعن عن نفسه ولم يتمسك بأنه في حاجة إلى الاستعانة بمحام آخر. ومتى كان الأمر كذلك، وكان القانون لا يوجب حضور محام عن المتهم في مواد الجنح, فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يكون له مبرر.
وحيث إن الوجه الأول من الأوجه المقدمة من الطاعنين الثاني والثالث يتلخص في أن الدفاع طلب تأجيل نظر الدعوى حتى يفصل نهائياً فيما أسند إلى الزوجة المتهمة مع الطاعنين لأن الحكم الاستئنافي صدر ضدها غيابياً ويحتمل إذا ما عارضت فيه أن يحكم لها بالبراءة أو يتنازل زوجها عن محاكمتها فيستفيد الطاعنان باعتبارهما شريكين لها. ولكن المحكمة أخطأت في ردها على الطلب.
وحيث إن المحكمة ردت على الطلب المشار إليه في قولها إنه: "لا سند له في القانون فإنه ليس في قواعد التحقيقات والجزاءات الجنائية ما يمنع أن تسير إجراءات محاكمة جانٍ في غيبة جانٍ آخر وإنما تسري على كل منهما القواعد التي ينص عليها القانون ثم إن الثابت في هذه الدعوى أن النيابة أقامت دعواها بناءً على طلب الزوج ضد الزوجة وضد باقي المتهمين مستوفية بذلك ما يتطلبه القانون في الفقرة الأولى من المادة 273 من قانون العقوبات، وليس في تخلف الزوجة أو سواها عن المحاكمة ما يكون من شأنه إسقاط الوزر عنهم أو عن أحد آخر أو تأخير النظر في شأنهم. ثم إن عدم مواجهة متهم مفرج عنه إجراءات المحاكمة السائرة ضده غيابياً ليس من شأنه التأثير على تلك المحاكمة التي تسير وفق قواعد القانون حتى يصدر الحكم النهائي فتختص جهة التنفيذ بتنفيذه، وحصول التنفيذ بالفعل أو عدم حصوله أمر خارج عن حجية الحكم الذي يحوز بانتهائيته وحدها قوته بجميع نتائجها القانونية. وإنه ليس في مواد القانون عن جريمة الزنا ما يخرج عن هذه القواعد العامة إذ أن كل ما جاء من خروج على هذه القواعد أن الشارع لم يطلق للنيابة العامة الحرية في المحاكمة وطلب العقاب وعلق المحاكمة على طلب الزوج. وذلك لما يترتب على رفع دعوى الزنا من الاضطراب في نظام الأسرة. وإنه من المقرر قانوناً أنه إذا صدر حكم نهائي مثبت لجريمة الزنا فبمجرد صدور هذا الحكم يصبح حظ الشريك مستقلاً عن حظ الزوجة. وعلى ذلك لا يستفيد الشريك من العفو الذي يمنحه الزوج لزوجه بإيقافه تنفيذ الحكم الصادر عليها بعد صيرورته نهائياً. وإنه متى تقرر ذلك لم يكن للشريك في جريمة الزنا أن يتمسك بضرورة القبض على الزوجة تنفيذاًَ للحكم النهائي الصادر ضدها حتى يمكن أن تسير محاكمته، فإن القبض على المحكوم عليها ليس إلا أثراً من آثار الحكم، ولا رابطة بين الشريك وبين هذه الآثار, إذ أن العلاقة بين الزوجة وبين الشركاء من جهة قيام الدعوى قبلهم تنتهي بصدور الحكم فيها. وليس للشركاء الاستفادة إلا من شيء واحد هو أن تكون الدعوى العمومية خلال سيرها (وقبل انتهائها بصدور الحكم النهائي) قد سقطت أو تنازل عنها الزوج وهذا أمر غير متوفر هنا". ولما كانت الدعوى قد رفعت صحيحة على الزوجة وعلى الطاعنين طبقاً للأوضاع التي يتطلبها القانون في جريمة الزنا فإن غياب الزوجة أثناء المحاكمة لا يمكن أن يترتب عليه تأخير محاكمة باقي المتهمين معاً. وإذن فإدانة الطاعنين نهائياً جائزة مع كون الحكم على الزوجة غيابياً، وحقهما في الاستفادة التي يقولان بها لا يصح أن يكون إلا عند قيام سببها بالفعل، ومجرد التقدير والاحتمال لا يمكن أن يحسب له حساب في هذا المقام.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني هو أن الدفاع عن الطاعنين تمسك بأن الزوج كان متغاضياً عما يقع من زوجته مما ينفي الجريمة عنهما، وأورد الأدلة وقدم الأوراق التي استند إليها في ذلك، وقد أخذت بها المحكمة الابتدائية لكن المحكمة الاستئنافية قد خالفتها بناءً على أسباب لا تبرر قضاءها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد تعرض لهذا لدفاع ولأسباب حكم البراءة ثم قضى بالإدانة بناءً على الأدلة والاعتبارات التي أوردها. ولما كانت هذه الأدلة والاعتبارات من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها وأن تفند الدفاع وترد على أسباب الحكم الابتدائي، فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل.
وحيث إن حاصل الوجه الباقي هو أن الحكم أخطأ إذ لم يأخذ بما تمسك به الدفاع من أن الزوج قد طلق زوجته بعد الحكم الاستئنافي الذي صدر غيابياً بإدانتها إذ أن الطلاق حكمه كالوفاة تنتهي معه الدعوى العمومية.
وحيث إن الحكم إذ رد على الدفاع المشار إليه قال إنه "متفق إجماعاً على أنه إذا أبلغ الزوج والزوجية قائمة ثم طلق زوجته بعد ذلك فإن الطلاق لا يسقط الدعوى ولا يحول دون الحكم على الزوجة، سواء كان رجعياً أو بائناً، وإن الخلاف في الرأي إنما كان فيما إذا كان للزوج الذي زنت زوجته حال الزوجية فطلقها أن يبلغ ضدها عن جريمتها وجريمة شريكها. فاتجه رأي إلى عدم جواز ذلك لانتهاء صفة الزوج بالتطليق قبل التبليغ، واتجه رأي آخر إلى جوازه، لتحقق الجريمة وقت قيام الزوجية, ولأن جريمة الزنا جريمة اجتماعية، ولأنه لا أهمية لحصول الطلاق بعد وقوع الجريمة إذ أن القانون إن كان قد اشترط قيام الزوجية لاعتبار الفعل جريمة غير أنه لم يشترط قيامها للتبليغ عنها، وإنه لا يوجد سبب معقول لسقوط حق الزوج بالطلاق لأنه لا يمحو تأثير الجريمة على الشرف ولا ضررها العائلي بل هو نتيجة أخرى من نتائجها المحزنة فبدل أن يكون مانعاً من الدعوى يجب أن يكون بالعكس باعثاً قوياً على العقاب. وإن الثابت من القسيمة المرفقة بالأوراق أنه بتاريخ 13 نوفمبر سنة 1946 حضر لدى مأذون محكمة الأزبكية الشرعية محمد أفندي رشاد إبراهيم المدعي بالحق المدني وقدم له قسيمة زوجيته بالسيدة فاطمة (الشهيرة بصفوت) عبد ربه محمد شلبي المؤرخة 21 أغسطس سنة 1932 واعترف له بقيام الزوجية بينه وبين زوجته حتى الآن وأوقع الطلاق عليها في غيبتها عن المجلس وعرف أن هذا أول طلاق، وإنه متى ثبت ذلك كان الطلاق قد وقع خلال نظر هذه الدعوى وبعد مرور أكثر من سنة على تاريخ التبليغ عن الجريمة المسندة للمتهمين فيها والتي تنسحب وقائعها إلى ما قبل ذلك. أي أن البلاغ وقع والزوجية قائمة لا شبهة في قيامها, وقد رفعت الدعوى العمومية ضد المتهمين على إثر تحقيق هذا البلاغ حال قيام الزوجية وقبل وقوع الطلاق بزمن طويل. ولذلك يكون القول بسقوط الدعوى العمومية لحصول التطليق قولاً غير مبني على سند من القانون". ولما كان ما قاله الحكم صحيحاً في القانون فإن ما جاء بهذا الوجه لا يكون له مبرر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق