الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 12 يوليو 2020

الطعن 1941 لسنة 12 ق جلسة 25 / 1 / 1943 مج عمر ج 6 ق 81 ص 113


جلسة 25 يناير سنة 1943
برياسة حضرة صاحب العزة سيد مصطفى بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد كامل مرسي بك ومنصور إسماعيل بك وأحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك المستشارين.
----------------
(81)
القضية رقم 1941 سنة 12 القضائية

حكم. 
وجوب تحريره والتوقيع عليه في مدّة ثلاثين يوماً من صدوره. حكم لم يختم في هذه المدة. الطعن فيه بطريق النقض. إثبات أنه لم يختم في ظرف الثمانية الأيام بشهادة من قلم الكتاب قدّمت في بحر الثمانية عشر يوماً. إثبات أنه لم يتم التوقيع عليه في مدّة الثلاثين يوماً بشهادة من قلم الكتاب. نقض الحكم.
(المادة 231 تحقيق)

----------------
الأحكام الجنائية كافة يجب تحريرها ووضع أسبابها والتوقيع عليها في مدة ثلاثين يوماً من صدورها وإلا كانت باطلة. وإذن فلصاحب الشأن متى كان قد قرّر بالطعن في الحكم في الميعاد الوارد بالمادة 231 من قانون تحقيق الجنايات، وهو ثمانية عشر يوماً كاملة، وكان قد بيّن في هذا الميعاد أيضاً أن الحكم لم يوقع عليه في مدّة ثمانية الأيام الواردة في المادة المذكورة وأيد دعواه بشهادة من قلم كتاب المحكمة، أن يطلب نقض الحكم إذا كان بعد انقضاء ثلاثين يوماً من صدوره لم يتم التوقيع عليه. وعليه في هذه الحالة أن يدعم طلبه بشهادة أخرى من قلم الكتاب.


المحكمة
وحيث إن الوجه الأوّل من وجهي الطعن يتحصل في أنه حتى انقضاء أكثر من ثلاثة أشهر من تاريخ النطق بالحكم المطعون فيه لم يكن قد وضعت له أسباب ولا حصل التوقيع عليه مما يستدل منه على أن واضعه إما أن يكون اعتمد على ذاكرته وهي لا يصح أن تكون محل اعتماد لطول المدة، أو على محضر الجلسة وهو لا يثبت فيه كل ما يقال فيها، أو على التحقيقات الابتدائية وهي لا يجوز الاكتفاء بها. وإذن فهذا التأخير في كتابة أسباب الحكم والتوقيع عليه يعيبه ويستوجب بطلانه.
وحيث إنه وإن كان قد ورد في قانون الجنايات نصوص توجب تحرير الأحكام والتوقيع عليها في مدد معينة إلا أن القضاء قد استقرّ على أن الشارع إنما قصد بما أورده من ذلك إنجاز الأحكام في أقرب وقت ممكن. وهذا صواب إذ القانون ليس فيه نص يوجب أن تكون أسباب الحكم قد حررت عند النطق به، والمصلحة العامة تقضي بأن يكون للقضاة فسحة من الوقت كافية لتوفية الأحكام حقها من تدقيق وتحقيق بلا إرهاق لهم ولا مشقة عليهم، والمدد التي حدّدها القانون وإن كانت كافية في غالب القضايا إلا أنها في بعضها قد تكون غير كافية. لكن هذا ليس معناه أن الشارع قد أطلق للقاضي العنان في إنجاز الأحكام فلا يحرّر أسبابها ولا يوقع عليها إلا عند ما يطيب له ذلك مهما طال المدى على النطق بها. ذلك لأن لأصحاب الشأن في الأحكام حقوقاً تستوجب أن يكون لفسحة القاضي في تحريرها حدّ. فإنهم يجب لهم في أقرب فرصة أن يمكنوا من الوقوف على الأسباب التي من أجلها قضي لهم أو عليهم، وأن يحصلوا على صور الأحكام لتنفيذها أو لاستعمال ما خوّلهم القانون من حق الطعن فيها. وذلك يكون مستحيلاً عليهم ما دام الحكم لم يكتب ولم يوقع عليه. فالتواني في كتابة الأحكام إلى ما يزيد على الوقت اللازم فيه إضرار ظاهر بمصالح المتقاضين؛ ولاسيما الأحكام المشمولة بالنفاذ المعجل فهذه قد يظهر الطعن فيها أن التنفيذ المؤقت وقع على بريء، وهو أمر يؤذي العدالة وتتأذى منه الجماعة. لهذا يتحتم القول بأن الشارع لابد أن يكون قد قصد أن يجعل للفسحة الممنوحة للقاضي حدّاً يجب أن تقف عنده، وأن يمكن أصحاب الشأن في سبيل تمتعهم بحقوقهم من مطالبة القاضي بأن لا يتخطى هذا الحدّ. والوسيلة الميسورة لذلك هي التظلم من التسويف في إنجاز الأحكام إلى المحكمة الموكول إليها الفصل في التظلم من الأحكام. ولا سبيل لهذه المحكمة هي الأخرى إلا أن تقضي ببطلان الحكم كما نطق به على أساس أنه لم يبين فيه ما يجب بيانه في الأحكام كافة وإلا كانت باطلة.
وحيث إنه متى كان ذلك وجب تعرّف الحدّ الذي يتحتم عدم تخطيه في تحرير الأحكام والتوقيع عليها.
وحيث إنه لما كانت محاكم الجنايات بمقتضى المادة 50 من قانون تشكيلها تنعقد بحسب الأصل كل شهر، ومفاد ذلك أن الشارع رأى أن هذا القدر من الوقت هو أقصى مدة تكفي المحكمة للنظر في قضايا الدور وتحرير الأحكام والتوقيع عليها قبل أن تستأنف العمل في الدور التالي. ولما كانت المادة 183 من قانون تحقيق الجنايات قد نصت على أنه في مدة ثلاثين يوماً يجب تقديم الاستئناف إلى المحكمة الاستئنافية لتفصل فيه، ومفاد ذلك بداهة أن الشارع قدّر أن ثلاثين يوماً هي أقصى مدّة لتحرير الأحكام في مواد المخالفات والجنح والتوقيع عليها حتى تعرض على المحكمة الاستئنافية. ولما كان يجب بالقياس على المادة 183 المذكورة أن يقدّم الطعن أيضاً في مدّة ثلاثين يوماً إلى محكمة النقض لتفصل فيه - لما كان كل ذلك، كان القول بأن الأحكام الجنائية كافة يجب تحريرها ووضع أسبابها والتوقيع عليها في مدّة ثلاثين يوماً من صدورها وإلا كانت باطلة قولاً لا يتجافى مع القانون ولا هو غريب عنه، بل هو مستمد من ذات أحكامه. ولذلك يجب اعتبار هذه المدّة حدّاً أقصى لا يمكن تجاوزه في كتابة الحكم والتوقيع عليه. فإنه متى قدّمت الدعوى إلى محكمة النقض لنظر الطعن المرفوع فيها على أساس أن الحكم لم يختم في مدى ثمانية الأيام من النطق به، وكان الحكم لم يتم تحريره حتى يوم الجلسة، وتمسك الطاعن بطلب نقضه لهذا السبب فليس من سبيل أمام محكمة النقض إلا أن تجيب الطاعن إلى طلبه وتنقض له الحكم لانعدام أسبابه.
ولا يسوغ في القانون، ولا فيما تواضع عليه رجال القانون، مطالبتها بتأخير الفصل في الطعن إلى غير مدى حتى يقدّر للحكم المطعون فيه أن يحرّر ويوضع. هذا يكفي في تجلية صحة هذا النظر وتعزيز النتيجة التي انتهى إليها.
وحيث إنه بناء على ذلك يكون لصاحب الشأن - متى كان قد قرّر بالطعن في الحكم في الميعاد الوارد بالمادة 231 من قانون تحقيق الجنايات وهو ثمانية عشر يوماً كاملة من صدوره، وكان قد بيّن في هذا الميعاد أيضاً أنه لم يوقع عليه في مدة ثمانية الأيام الواردة في المادة المذكورة وأيد دعواه بشهادة من قلم كتاب المحكمة - أن يطلب نقض الحكم إذا كان بعد انقضاء ثلاثين يوماً لم يتم التوقيع عليه. وعليه في هذه الحالة أن يدعم طلبه بشهادة أخرى من قلم الكتاب دالة على ذلك.
وحيث إنه ما دام الحكم المطعون فيه قد صدر في 21 مارس سنة 1942 وحتى يوم 25 يونيه سنة 1942 لم يكن قد حررت أسبابه ولا حصل التوقيع عليه، كما يبين من الشهادة المقدّمة من الطاعن الصادرة من قلم كتاب المحكمة فإنه يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه. وذلك بلا حاجة إلى النظر في الوجه الآخر من الطعن المبني على أن من وضع أسباب الحكم بعد أن مضت مدة طويلة على النطق به كان قد نسى ما دار بالجلسة فأورد على الإدانة أدلة ينقض بعضها بعضاً وألف حكماً مضطرباً متخاذل الأسباب.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق